الثلاثاء، 28 فبراير 2017

د.مبارك سيد احمد شاعرية كاملة الادوات قراءة نقدية بقلم / الناقد غازي احمد ابو طبيخ

د.مبارك سيد احمد
شاعرية كاملة الادوات :
****************
يقول بن قتيبة في كتابه( نقد الشعر):(إن البلاغة لاتكون في اللفظ وحده بل تكون فيه وتكون في المعنى ايضا)..
هذا الأس النقدي الأصيل لاينحصر بزمان هذا الناقد الكبير وإنما يمتد في تطبيقاته الى ما لا حد له زمنيا ولا جغرافيا له مكانيا..وليس من لغة في العالم يمكن ان تخرج عنه ابدا..لانه في الواقع ليس منهجا او تنظيرا مقترحا يمكن ان يتبناه المبدعون او لا ,, كلا ..إنه في الواقع كشف لواقع تعبيري وتحصيل لحاصل موجود اصلا وسيستمر الى نهاية الزمان..
ولكننا نعتقد ان ما ذكره بن قتيبة الكبير ينطوي على أشراط آكتناز المبدع بما يمكنه من تحقيق طرفي المعادلة البلاغيه..
وهذا بالتحديد ما عثرنا عليه هنا مع صاحب هذا النص المرفق مع هذه المطالعه ..
فلم يعد في حسبان هذا الشاعر المصري الكبير ادنى قلق من ضغوطات الحرفة بكافة أنواعها :
سواء مايتعلق منها بشؤون اللغة او ما يرتبط بشؤون الموسيقى..فكل ما يمت بصلة الى فنون الشكل , اصبح طيعا مرنا لايختلف عن الجياد المطهمة المروضة على يد فارس متمرس وبارع..
نتحدث عن هذه السمات لفرط ندرتها الآن , حتى بات حضورها كلها في شخص شاعر واحد أمر يبعث على الدهشة والمسرة معا..وما كان قرار الكتابة عنه من خلال احد نصوصه الفارهة الا من قبيل التعبير عن بالغ اعتزازنا وتراصفنا , والا فالزميل المتميز أ.مبارك موضع تقييمنا وتقديرنا قدما..
هذا الامر على وجه التحديد يمنح الشاعر ..بحسب نوع الطاقة ومحورها مستوى الموهبة..اوسع مديات الحرية في اختيار الطراز او النوع واكثرها غزارة في الإنتاج من جهة , كما و يمنحه قدرة وسلاسة في التركيز على غائياته وأهدافه ومراماته ورؤاه ومقاصده التي يروم ايصالها الي المتلقي, بحيث يتحول الشعر عنده الى حلقة وصل سريعة بالمتلقي , والى جسر متحرك للقاء مع الآخر من جهة أخرى..
وليس ما شخصناه من نضج تعبيري عنده يكفي للدلالة على شاعريته الباذخة ابدا, بل إن ما أكده بن قتيبة فيما يخص بلاغة المعنى كانت تجلياته بارزة للعيان في مجمل نصوص شاعرنا ..موضوع المطالعه..ومن الجدير بالذكر أننا لا نجد في مقولة الجاحظ حول (وجود المعاني في الطرقات) مايناسب المقام هنا لأن ما يقدمه الدكتور مبارك من نوادر المضامين وغرر المعاني وطرائف الإشارات والتلميحات والايحاءات ما يوحي عميقا بدلالات كبيرة ومفادات مدهشة حقا..وهو هنا على عكس مقصد الجاحظ يؤكد مقولة التوحيدي( ان مقام المعنى من المبنى كمقام الروح من الجسد)خاصة وقد اتقن المخامرة حد الحلولية الكامله..
ومما يزيد النص الذي بين ايدينا جمالا فضلا عن خياراته الموسيقية ومتبنياته الشكلية التجديدية النزعة هو ميله الى نوع من ( التقية) البالغة الذكاء ..هذه التقية هي التي دفعت الشاعر الى مزيد من الإنزياحات الباهرة والاغراض البلاغية المتنوعة على مستوى الشكل او على مستوى المضمون..بل إن اسلوب التلميح وليس اسلوب التصريح هو الذي منح النص غلالة شفيفة من الغموض الموحي الذي يكاد أن يسفر عن نفسه الا قليلا..وكأني بالقصيدة غادة عذراء اسدلت جفونها وغشاها حرير الخفر الأرجواني الذي يغطي وجه عروس من الجن وليست (عروسا من الزنج )..مع مافيها من احزان ضمير جمعي اوجز اوجاع وطن وشعب وأمة كامله..
شئ آخر تتوجب الإشادة به كثيرا هو محاولات التحديث غير المنقطعة عند الشاعر والتي شملت اصعدة التركيب والصورة والأفكار المتزامنة مع زمن الشاعر حد تقريب الكثير من متبنياته اللغوية الى ما يشبه لغة الصحافة القريبة التناول والمحملة بروح احتجاجية ساخرة دفينه..بما يحمل النص موقفا كاملا من الحياة والماحول الضاغط ..من دون الهبوط الى اي شكل من اشكال العرض التقريري, وعلى العكس من ذلك كانت مباشراته مغلفة بأقنعة من التوريات الاحتجاجية البالغة الجمال والايحاء..
اخي وزميلي د.مبارك سيداحمد..احسنت اولا..ومعذرة عن التأخر عليك ثانيا, وهذا تقديري الكبير, والسلام..
***********************
*نموذج من نصوص الشاعر *
---------------------------------
إِلَــيــكِ:
___
*
إِلَــى تِـلــكَ الّـتِــي يَــغــفـــو
عَـلَـى وِجــدَانِـهَــا الــنَُــوّارْ:
*
أَلَـســنَـا
فِـي مَـبَــانِـي الـحُــزنِ
نَـســكُــنُ آخِـــرَ الأَدوَارْ؟!
*
فَـكَـيـفَ إِذًا يُــزَلـزِلُــهَـا الـبُـكَــاءُ وَنَـحــنُ مَـنْ يَـنــهَــارْ؟!
*
فَـتَـحــتُ
بِــسَــيــفِــيَ الـــوَلَــهِــيِّ
دَولَـــةَ حُــســنِــكِ الـجَــبَّــارْ!
*
وَأَردَفـــتُ انــدِلَاعَ الــشَّــوقِ
خَــلــفَ مَـدَامِــعِـي الــثُّــوَّارْ!
*
وَسِــلــتُ
بِـصَــمــتِــكِ الــحَـجَــرِيِّ
أَنـهَــارًا مِـنَ الأَعــــذَارْ!
*
أَيَــدفَـعُـنَــا غَــلَاءُ الـشَّــهــدِ
نَـحــوَ فَــوَائِــدِ الصَّــبَّــارْ؟!
*
سَـأَفـصِــلُ
جَـبــهَــتِـي كَـيْ لَا
أُيَــمِّـمَـهَــا إلَــى الـدُّولَارْ!
*
وَأَشــطُــرُ
نِـصــفِــيَ الــسُّـفــلِـيَّ
رَفــضًــا لِامــتِـطَــاءِ الــعَــارْ!
*
أَنَــا مِــنْ
قَــريَــةٍ بِـالـدَّهـــرِ!
أَصــغَــرُ مَــنْ بِــهَــا آذَارْ!
*
وَلَــســتُ
مُـبَــالِــغًــا إِنْ قُـلــتُ:
أَهــلِــي كُــلُّـهُــمْ أَحــبَــارْ!
*
لِــذَاكَ وُلِـــدتُ مَـــديُــونًــا:
عَــلَـيَّ لِـكُــلِّ جَـهْــلٍ ثَــارْ!
*
لِـذِكْــرِ جَــفَــاكِ فِـي شِــعــرِي
مُــهِــمَّــةُ عَـنــكَــبُــوتِ الـغَــارْ!
*
فَــرَرْتُ_ وَأَنــتِ بِــي_مِــنَّــا
وَمِــنْ آلَامِــنَــا الـكُــفَّــارْ!
*
لِـنَــبـنِـيَ
عَــالَــمًــا بِـالشِّـعــرِ
كُــلُّ شُــعُــــوبِــهِ أَنــصَــارْ!
*
أَمَــا قَــدَّمــتُ
مَــا يَــكـفِــي؟
لِـنَـبــدَأَ قُــبــلَــةَ الإعــمَــارْ!
*
*
*
*
إِلَـــى تِــلـكَ الـتِــي يَـغــفــُـو
عَــلَـى وِجــدَانِــهَــا الـنُّــوَّارْ!
*
أَحِــبِّـيـــنِـي بِـلَا حَــــذَرٍ
كَــمَـا يَـهــوَى الــفَــرَاشُ الـنَّــارْ!
*
لِأُبــدِعَ
مِـنـكِ شِــعـرًا مَــا
تَـزِيــغُ
بِــنـُـورِهِ الأَقــمَــارْ!
*
وَيُـجــبِـــرُنَــا
صَــــدَاهُ عَـلَـى
تَـــقَــمُّـــصِ
رَعـــشَــةِ الأَوتَــار!
*
فَـيَـعـزِفُــنَـا مَــعًــا
لَــحـنًــا,
تُـجِــيــدُ
غِـنَــاءَهُ الأَمــطَــارْ!
*
وَيَـبـعَـثُــنَــا بِـكُـلِّ الـخَــلـقِ عَـبـرَ تَــوَارُدِ الأَفــكَــارْ!
*
وَيُـرسِــلُـنَــا
غِــنَــاهُ إِلَـــى
لَــيَــالٍ
خَــارِجَ الأَعــمَــارْ!
*
هُـنَـالِـكَ:
سَــوفَ نُــدهِـشُـنَــا!
بِـذَاتِ بَــرَاعَــةِ الْــ
أَقـــدَارْ!
*
سَـنُـورِقُ
دونَ أنْ نَـلــقََــى
رِيَــاحَ جِــرَاحِــنَــا:أَشْــجَــارْ!
*
وَنَــهـمِــي
دونَ حَــاجَــتِــنَــا
إِلَــى الإِذعَــانِ
لِلــتَّــيَّــارْ!
*
سَـأَســكُــتُ
لَــنْ أَبُــوحَ بِــمَـا ادَّخَــرتُ هُـــنَــاكَ مِـنْ أَسْــرَارْ!
*
فَـخَـلـفِــي
أَلــفُ عَــشَّــاقٍ
يُــسَــنِّــدُ كِــذْبَــهُ " الـخِـتــيَــارْ "!
*
وَجَـنـبَــكِ
أَلــفُ مَــاشِــطَــةٍ
بِــدَاخِــلِ نَـفـسِــهَــا " عِــشْــتَــارْ "!
*
*
*
*
*
هُــنَــا:
-مِـنْ غَــيـمَــةِ الـمَـعـنَــى-
أُعَـــــزِّي فِـــطــــرَةَ الأَطــــيَــارْ!
*
بِـمَـــا هُـــوَ لَـــيـــسَ فِــي يَــدِهَــا
مِـــنَ الـتَّـحــلِــيـقِ بِـالأَشْـــعَـــارْ!
*
مبارك سيد أحمد
 
رد مبارك سيد أحمد
مبارك سيد أحمد أستاذنا الشاعر والناقد الإنسان(غازي أحمد أبو طبيخ) أي قلب مُحبٍ ذلك الذي يخفق بك؟ أتبذل كل هذا الجهد في كتابة دراسة باذخة الكرم كهذه ثم تسألني المعذرة,مُعتبرًا أنها جاءت متأخرة؟ لله أنت ..ليت في مقدور كلمة"شكرا جزيلا",إيفاءك حقك,أستاذنا,أكرمك الله كما أكرمت حرفي وأكرمتني
 
تعقيب كريم القاسم
كريم القاسم قبل يومين ، كنت افكر بفائدة نقدية جديدة ، حضرتني وانا اتجول وابحث عن نصوص او ابداع جديد ولو كان شطر في قصيدة ، كي ننشر مايفيد المتلقي ، هذه الفائد كنت اروم تسميتها (الصيد النقدي) كي تندمج ضمن السلسلة ، والذي دعاني الى لفظة (الصيد) هو صعوبة المهنة بترصدها المستمر لمايتحرك من صيد ثمين قي بساتين الادب المثمرة ، فما كان مكتنزا بالابدع والفصاحة والجزل ، لايخرج من شباكنا ، ثم نبدأ ـ بالشرح النقدي والتفصيل والتحليل وتقديم الادلة والبراهين والمعطيات . هذا الجهد الثمين ، هو الذي يضع الكاتب ــ ان كان ناظما او ناثراً ــ امام مائدة واسعة عامرة بما لذّ وطاب من الفوائد والارهاصات في النص ، وقد يعجب الكاتب ويعيد قراءة نصه ،لوجود جماليات او عثرات لم يدركها هو بالذات ..... بعد هذه المحطة المتواضعة ، اجد تفسي في محطةأالم كبيرة جداً ... وكما تفضل الاستاذ مبارك الذي وصف هذا العمل بـ (الجهد) كونه يفهم ماهو النقد ، بل والاكثر من ذلك قال : (أكرمك الله كما أكرمت حرفي وأكرمتني) ... محطة الالم هي ان يأتي هذا الفيض والتجلي النقدي الكبير بكل بحثه وحيثياته ، دون اطلاع من الاقلام التي تأخذ من الكتابة صنعة ، فكيف يرتقي من يبقى منزوياً في صومعته الادبية ــ ان كانت لديه صومعه ــوهو لا يكل نفسه بالمتابعة والاشارة ..... أخي العزيز الاستاذ ابانعمان ، لقد اجدت كعادتك وعرضت من البضاعة ، ماحملت (ماركة مسجل) ... محبتي ايها الغالي
رد مبارك سيد أحمد
مبارك سيد أحمد (محطة الالم هي ان يأتي هذا الفيض والتجلي النقدي الكبير بكل بحثه وحيثياته ، دون اطلاع من الاقلام التي تأخذ من الكتابة صنعة ، فكيف يرتقي من يبقى منزوياً في صومعته الادبية ) فهمت من هذه الجزئية أنك تقصد الأستاذ غازي وما يقدمه من إضاءات نقدية جميلة رغم قلة عدد المتابعين أو القرّاء ..وفي واقع الأمر ,لا أرى أي داعٍ لهذه المحطة أ.كريم,فالكون كله بأدق تفاصيله يؤدي دوره الحتمي في رسم لوحات الجمال البديعة التي تدل على عظمة الخالق غير عابيءٍ بالناظرين إليه أوالنّائين عنه,ومن قبيل حسن الظن بالآخرين فعلينا أن نلتمس لكلٍ عذره.,لحضورك وإدلائك برأيك بالغ تقديري وشكري ,أخي
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
آفاق نقديه انت وفي كل مرة لاتبخل ..وحاشا مثلك ان يفعل ..بالاضافات الثقيلة السحاب ايها الناقد الحميم الحميم ابا عمار الاستاذ كريم القاسم الغالي..حضور مميز كعادتك..خالص الود وبالغ الاعتزاز..والسلام.
 
تعقيب ماهر الامين
ماهر الامين هُــنَــا:
-مِـنْ غَــيـمَــةِ الـمَـعـنَــى-
أُعَـــــزِّي فِـــطــــرَةَ الأَطــــيَــارْ!

*
بِـمَـــا هُـــوَ لَـــيـــسَ فِــي يَــدِهَــا
مِـــنَ الـتَّـحــلِــيـقِ بِـالأَشْـــعَـــارْ!
*قرأت فيما قرأت أن ملكة اللغة تتكون بتكرار المسموعات ...والنطق بالالفاظ الدالة على معانيها...ومما لا شك فيه أن هذه الأسفار النقدية الثر هي التطبيق العملى لهذه المقولة...هذا العروض النقدي لشيخ الأدباء العلامة الاستاذ غازي أبي طبيخ على حده الموجز والمبسط قد أبحر بنا في بحر غص بالدرر للشاعر الأستاذ مبارك سيد احمد...ويا لسعده بذلك...ولكمال هذا السعد تأتيه شباك الناقد الإغر الأروع الأنور ا. كريم القاسم لتلقى على قصيده من قريب...باعتبارها صيد ثمين...فلتقر عينك شاعرنا الراقي ا. مبارك...سحائب العراق غزار...تحية حب...
رد مبارك سيد أحمد
مبارك سيد أحمد سحائب المحبّة ليست بجديدة على فضاء قلوب العراقيين,أسأل الله أن يغيث العراق وأهله الكرام بالسلام والأمان عاجلا غير آجل,شكرا أ.ماهر
رد مبارك سيد أحمد
مبارك سيد أحمد هنّأك الله بكل ما تحبه ويرضاه,شكرا جزيلا أ.صلاح
غسان الآدمي الغواص المحترف يعرف اين يجد الدرر النادرة وانا ارى غواصين محترفين قد اخرجا بضاعةً لا تقدر بثمن فالقصيدة فيها مافيها من الجمال والتي تشبه الغيداء التي تحاول اخفاء جمالها بالخمار والذي يزيدها جاذبية من خلال التوريات التي رسمها الشاعر المبارك وجاءت القراءة النقدية كأكليل الزفاف لهذه الغيداء هذه القراءة التي تختصر الكثير من المعرفة بخلاصة الفائدة النقدية المنتقاة بعناية بالغة ليشرب من سلسبيلها الادباء ..تحياتي لكما ودمتما بخير
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق