مقالة في علم نفس /تقدير الذات /
بقلمي د. نجاح باراوي
ليست هناك أحكام تقييمية اكثر اهمية بالنسبة للإنسان من تقدره لذاته واعتداده بها
وليس هناك عامل أهم لتطوره وتوازنه النفسي وحفز دافعيته من ثقته بذاته
إن السعادة كأرقى حاجاتنا وأهدافنا في الحياة
هي عاطفة وجدانية تتحقق عند إنجاز ما يعتبر له قيمة حقيقية لذواتنا
وكذا الإحباط ايضا ينتج عند تخلي الإنسان عن قيمته او عند تعرض تلك القيمة للتداعي والتهدم في زاوية ما
وهذا الانهيار والتهدم لتقدير الذات
لا يحدث بين يوم وليلة او فترة زمنية محدودة
بل نتيجة تراكمية لعدد من الإحباطات وفشل النظم الثابتة المعتمدة لدى الشخصية
او نتيجة الانزلاق في درك المراوغات السلبية او اللاعقلانية
أوسلسلة متاهات وانحرافات في استخدام العقل بتوازن وسوية
ولا يستقر ويترسخ شعورنا بتقدير الذات
إلا عندما نتوافق مع
معطيات تفكيرنا العاقل ومع سلطة المبادئ التي نتبناها
والتي نحسن التعامل معها بأصالة ومرونة وطلاقة تخضعها باستمرار لمقاييس الغربلة وإعادة ترتيبها وتبنيها
لنشقى بذلك ثم نسعد من جديد
بجدلية سيرورة جاذبة آسرة ..
وقد بحث علم النفس في جذور هذه الحاجة الإنسانية الراقية
التي صنفها /ماسلو / في الدرجة الثالثة على سلم الحاجات الإنسانية للفرد ..
وقد ثبت أن حاجة تحقيق وتقدير الذات تقوم على فرضية اننا كائنات عقلانية نسيطر على مصائرنا إلى حد كبير
وأننا إذا تقبلنا ذلك واقتنعنا به وتحملنا مسؤوليته في سلوكاتنا ومسالك حياتنا فإننا سنرى أنفسنا من منظور أرقى وأعمق ..
أما إذا لم نتحمل مسؤوليتنا
عن أفعالنا وحياتنا فإن تقديرنا لذواتنا يبقى متذبذبا مرتكزا على عدة شماعات تجعله عرضة لأخطار متشابكة ..
صحيح أن بعض الحيوانات تمتلك قدرا من التفكير تدرك من خلاله وجود الأشياء بل وتميز ألوانها ..
لكن الإنسان وحده هو الذي يمتلك إطارا تصوريا يرى نفسه من خلاله
ووحده يمتلك التصور التجريدي الرمزي للمفاهيم
وعمليات التصور هذه ليست آلية الفعالية
بل تعتمد الاختيار
عبر عملية تفكير وإدراك تمنحها
القدرة على تشكيل الوعي وتنظيمه بالتحليل والاستقراء وصولا إلى تحقيق المراد
هذا الوعي كلما ترسخ عمقا
ساعدنا في تقدير ذواتنا تقديرا موضوعيا وبما يتناسب مع قدراتنا وإمكاناتنا ..
أما في حال تغييب الوعي او ضعفه
او طغيان السلوك السلبي فإن هذه الملكة تتوقف او تضعف فعاليتها
حيث نخسر القدرة على تقدير ذاته
بل قد نحتقرها ونصبح كارهين لها
وللوقاية من ذلك لا بد من توافر عدة منطلقات أهمها :
- إيجابية التفكير كشرط من شروط تقدير الذات
- النضج النفسي والعقلي كأهم عوامل القدرة على التفكير الإيجابي من منظور المبادئ والقيم
أما عندما تستطيع انفعالات الإنسان السلبية أن تسيطر وتطغى على السلوك وتجعل التفكير غافلا عن الصورة الإيجابية الشاملة للموقف
فيكون قد انزلق إلى التنازل عن مبدئيته لصالح انفعالات لايستطيع أن يبررها عقلانيا ويقع نتيجة ذلك فريسة التنحي والتنازل عن تقديره لذاته
وهكذا نرى اننا لن نتحرر من العجز جراء الشك في قيمة ذواتنا وإمكاناتها وذبذبات التردد في الإقدام والإحجام
الأمر الذي يستوجب عدم السماح لانفعالاتنا السلبية في التمادي
كي لاندع لها فرصة توجيه أفكارنا وسلوكنا وتقديرنا لذواتنا ..
لأننا لن نتمكن من العيش بسعادة بغياب عقلانية إيجابية هي وحدها تساعد الفرد منا على التمتع بالسيطرة على مسالك حياته عندما يستطيع العيش وفقا
لنظم ومبادئ عقله التي تزورها الهواجس زيارة طارئة تقلقها وتربكها قليلا او كثيرا ولكن المهم أنها تستعيد انفاسها لتسعد من جديد بشي من التوازن والاستقرار وهكذا دواليك ..بحركة لولبية دائرية لاتنتهي
.. المهم ان سعادتنا في الحياة تنبع من القيمة التي نعطيها لذواتنا
تلك القيمة التي نختارها عن معرفة ووعي ونطورها بمعرفة ووعي ..
فنشعر بها بل نعيشها كسعادة حقيقية عندما نحقق مانعتبره قضايا هامة في حياتنا
وإن اسوء حالات القلق التي يعيشها الإنسان السوي منا
غالبا ماتقع له عندما لايفكر في مشكلته كما ينبغي فيتجاهلها أو ينكرها
أو يكابر أمامها او يتنصل من المسؤولية حيالها ..
فيبدأ يتنامى لديه صراع داخلي يجعله قلق غير منسجم وغير متوافق مع نفسه وواقعه
وازدياد هذا القلق الداخلي وتداخله وتطوره بعيدا عن حسمه بمواجهة المشكلة بشكل ما ..
يعتبر مؤشرا واضحا على أن الوعي والتفكير لديه في حالة منحرفة عن السوية وغير صحية
وتصحيح ذلك يتطلب منه إعادة تأكيد نفسه كإنسان وإعادة تقييم مالديه من قدرات ومن قيم وربما تطلب الأمر الاستعانة باختصاصي يساعده في ذلك ..
كما قد يتطلب الأمر أحيانا
تبني قيما جديدة كان غافلا عنها لأهميتها لاستعادة الثقة بالنفس والتقدير للذات
.. وعلى العكس تماما
فعندما يتخلى تفكيره عن العقل الواعي لصالح هواجسه وانفعاته وردود أفعاله فإنه يخسر ويفقد الثقة بالنفس والذات والقدرة على الحكم السليم على الأشياء ..
إن الحقائق الموضوعية غالبا ماترتبط بالأشخاص ذوي المستوى العالي من تقدير الذات حيث نرى أن علاقتهم بالواقع جيدة ومتوازنة كما أنهم يحاولون دائما ان يعيشوا حالة صدق
مع ذواتهم الإيجابية ومع الآخرين..
بقلمي د. نجاح باراوي
ليست هناك أحكام تقييمية اكثر اهمية بالنسبة للإنسان من تقدره لذاته واعتداده بها
وليس هناك عامل أهم لتطوره وتوازنه النفسي وحفز دافعيته من ثقته بذاته
إن السعادة كأرقى حاجاتنا وأهدافنا في الحياة
هي عاطفة وجدانية تتحقق عند إنجاز ما يعتبر له قيمة حقيقية لذواتنا
وكذا الإحباط ايضا ينتج عند تخلي الإنسان عن قيمته او عند تعرض تلك القيمة للتداعي والتهدم في زاوية ما
وهذا الانهيار والتهدم لتقدير الذات
لا يحدث بين يوم وليلة او فترة زمنية محدودة
بل نتيجة تراكمية لعدد من الإحباطات وفشل النظم الثابتة المعتمدة لدى الشخصية
او نتيجة الانزلاق في درك المراوغات السلبية او اللاعقلانية
أوسلسلة متاهات وانحرافات في استخدام العقل بتوازن وسوية
ولا يستقر ويترسخ شعورنا بتقدير الذات
إلا عندما نتوافق مع
معطيات تفكيرنا العاقل ومع سلطة المبادئ التي نتبناها
والتي نحسن التعامل معها بأصالة ومرونة وطلاقة تخضعها باستمرار لمقاييس الغربلة وإعادة ترتيبها وتبنيها
لنشقى بذلك ثم نسعد من جديد
بجدلية سيرورة جاذبة آسرة ..
وقد بحث علم النفس في جذور هذه الحاجة الإنسانية الراقية
التي صنفها /ماسلو / في الدرجة الثالثة على سلم الحاجات الإنسانية للفرد ..
وقد ثبت أن حاجة تحقيق وتقدير الذات تقوم على فرضية اننا كائنات عقلانية نسيطر على مصائرنا إلى حد كبير
وأننا إذا تقبلنا ذلك واقتنعنا به وتحملنا مسؤوليته في سلوكاتنا ومسالك حياتنا فإننا سنرى أنفسنا من منظور أرقى وأعمق ..
أما إذا لم نتحمل مسؤوليتنا
عن أفعالنا وحياتنا فإن تقديرنا لذواتنا يبقى متذبذبا مرتكزا على عدة شماعات تجعله عرضة لأخطار متشابكة ..
صحيح أن بعض الحيوانات تمتلك قدرا من التفكير تدرك من خلاله وجود الأشياء بل وتميز ألوانها ..
لكن الإنسان وحده هو الذي يمتلك إطارا تصوريا يرى نفسه من خلاله
ووحده يمتلك التصور التجريدي الرمزي للمفاهيم
وعمليات التصور هذه ليست آلية الفعالية
بل تعتمد الاختيار
عبر عملية تفكير وإدراك تمنحها
القدرة على تشكيل الوعي وتنظيمه بالتحليل والاستقراء وصولا إلى تحقيق المراد
هذا الوعي كلما ترسخ عمقا
ساعدنا في تقدير ذواتنا تقديرا موضوعيا وبما يتناسب مع قدراتنا وإمكاناتنا ..
أما في حال تغييب الوعي او ضعفه
او طغيان السلوك السلبي فإن هذه الملكة تتوقف او تضعف فعاليتها
حيث نخسر القدرة على تقدير ذاته
بل قد نحتقرها ونصبح كارهين لها
وللوقاية من ذلك لا بد من توافر عدة منطلقات أهمها :
- إيجابية التفكير كشرط من شروط تقدير الذات
- النضج النفسي والعقلي كأهم عوامل القدرة على التفكير الإيجابي من منظور المبادئ والقيم
أما عندما تستطيع انفعالات الإنسان السلبية أن تسيطر وتطغى على السلوك وتجعل التفكير غافلا عن الصورة الإيجابية الشاملة للموقف
فيكون قد انزلق إلى التنازل عن مبدئيته لصالح انفعالات لايستطيع أن يبررها عقلانيا ويقع نتيجة ذلك فريسة التنحي والتنازل عن تقديره لذاته
وهكذا نرى اننا لن نتحرر من العجز جراء الشك في قيمة ذواتنا وإمكاناتها وذبذبات التردد في الإقدام والإحجام
الأمر الذي يستوجب عدم السماح لانفعالاتنا السلبية في التمادي
كي لاندع لها فرصة توجيه أفكارنا وسلوكنا وتقديرنا لذواتنا ..
لأننا لن نتمكن من العيش بسعادة بغياب عقلانية إيجابية هي وحدها تساعد الفرد منا على التمتع بالسيطرة على مسالك حياته عندما يستطيع العيش وفقا
لنظم ومبادئ عقله التي تزورها الهواجس زيارة طارئة تقلقها وتربكها قليلا او كثيرا ولكن المهم أنها تستعيد انفاسها لتسعد من جديد بشي من التوازن والاستقرار وهكذا دواليك ..بحركة لولبية دائرية لاتنتهي
.. المهم ان سعادتنا في الحياة تنبع من القيمة التي نعطيها لذواتنا
تلك القيمة التي نختارها عن معرفة ووعي ونطورها بمعرفة ووعي ..
فنشعر بها بل نعيشها كسعادة حقيقية عندما نحقق مانعتبره قضايا هامة في حياتنا
وإن اسوء حالات القلق التي يعيشها الإنسان السوي منا
غالبا ماتقع له عندما لايفكر في مشكلته كما ينبغي فيتجاهلها أو ينكرها
أو يكابر أمامها او يتنصل من المسؤولية حيالها ..
فيبدأ يتنامى لديه صراع داخلي يجعله قلق غير منسجم وغير متوافق مع نفسه وواقعه
وازدياد هذا القلق الداخلي وتداخله وتطوره بعيدا عن حسمه بمواجهة المشكلة بشكل ما ..
يعتبر مؤشرا واضحا على أن الوعي والتفكير لديه في حالة منحرفة عن السوية وغير صحية
وتصحيح ذلك يتطلب منه إعادة تأكيد نفسه كإنسان وإعادة تقييم مالديه من قدرات ومن قيم وربما تطلب الأمر الاستعانة باختصاصي يساعده في ذلك ..
كما قد يتطلب الأمر أحيانا
تبني قيما جديدة كان غافلا عنها لأهميتها لاستعادة الثقة بالنفس والتقدير للذات
.. وعلى العكس تماما
فعندما يتخلى تفكيره عن العقل الواعي لصالح هواجسه وانفعاته وردود أفعاله فإنه يخسر ويفقد الثقة بالنفس والذات والقدرة على الحكم السليم على الأشياء ..
إن الحقائق الموضوعية غالبا ماترتبط بالأشخاص ذوي المستوى العالي من تقدير الذات حيث نرى أن علاقتهم بالواقع جيدة ومتوازنة كما أنهم يحاولون دائما ان يعيشوا حالة صدق
مع ذواتهم الإيجابية ومع الآخرين..
ونقيض ذلك فإننا نرى البعض يعيش حياة ليست حياتهم حقا فيتعايشون مع توقعات الآخرين منهم ويتوافقون مع ظروف وقيم الآخرين ويتظاهرون أمام الناس بأنهم أسوياء مهما كلفهم ذلك ولكنهم في دواخلهم يعيشون حالة ضياع ومعاناة عميقة ولايمتلكون القدرة على تقدير ذواتهم بحق وصدق
هؤلاء هم الميتافيزيقيون الاجتماعيون الذين تدور فلسفة حياتهم حول الآخرين لاحول أنفسهم ويطلق هؤلاء على أساليبهم في الحياة اسم
الأسلوب العملي المرن القادر على التأقلم مع الحالة التي يتعايشون معها على حساب ذواتهم ووجودها..
الأسلوب العملي المرن القادر على التأقلم مع الحالة التي يتعايشون معها على حساب ذواتهم ووجودها..
وكأن التضحية بالذات أمرا مشروعا وعملا اجتماعيا إيجابيا يقومون به
متناسين أن كل خطوة يخطونها في هذا الطريق تبعدهم عن الواقع الحقيقي وعن ذواتهم الحقيقية
وجل أعمالهم تذهب هباء ولن تعرف الخير والإيجابية الحقيقية لالهم ولا للآخرين
ولذلك يكونون أول خاسرين للسعادة
الحقيقية التي تبقى سرابا بالنسبة لهم
إن الحاجة لتقدير الذات حاجة حقيقية ملحة لكل فرد يبحث عن السعادة
ويجب تنميتها لتزداد رسوخا وقوة
الامر الذي يدفع بنا الى اتخاذ القرارات العقلانية الواعية التي تزيد من ثقتنا بأنفسنا وتنمي وترسخ تقديرنا لذواتنا على أرض الواقع
وكلما زادت مشاريع الفرد الوهمية وتسويفات تنفيذها وزادت مبرراته وأعذاره تبخرت معها ثقته بنفسه وذادت إشكالياته مع الآخرين المحيطين به الذين يصبحون شماعة مايقع له من إحباطات وفشل ومايلغي إحساسه بالرضى عن ذاته وما يحرفه عن طريق السعادة كأرقى أهداف وجودنا الإنساني الاجتماعي السليم
متناسين أن كل خطوة يخطونها في هذا الطريق تبعدهم عن الواقع الحقيقي وعن ذواتهم الحقيقية
وجل أعمالهم تذهب هباء ولن تعرف الخير والإيجابية الحقيقية لالهم ولا للآخرين
ولذلك يكونون أول خاسرين للسعادة
الحقيقية التي تبقى سرابا بالنسبة لهم
إن الحاجة لتقدير الذات حاجة حقيقية ملحة لكل فرد يبحث عن السعادة
ويجب تنميتها لتزداد رسوخا وقوة
الامر الذي يدفع بنا الى اتخاذ القرارات العقلانية الواعية التي تزيد من ثقتنا بأنفسنا وتنمي وترسخ تقديرنا لذواتنا على أرض الواقع
وكلما زادت مشاريع الفرد الوهمية وتسويفات تنفيذها وزادت مبرراته وأعذاره تبخرت معها ثقته بنفسه وذادت إشكالياته مع الآخرين المحيطين به الذين يصبحون شماعة مايقع له من إحباطات وفشل ومايلغي إحساسه بالرضى عن ذاته وما يحرفه عن طريق السعادة كأرقى أهداف وجودنا الإنساني الاجتماعي السليم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق