الأحد، 23 سبتمبر 2018

جديد الخطاب النقدي،،،ومشروع افاق نقدية /١ بقلم الروائي الناقد جمال قيسي

جديد الخطاب النقدي،،،ومشروع افاق نقدية /١
بعد ان استلمت هديتي الغالية على قلبي ،،من استاذي غازي الموسوي ،،امعنت في قراءة الكتاب وهذا طبعي عندما. اشعر بان هناك رسالة ،،فاسترجعت جملة من الملاحظات السابقة والحاضرة،،لأتبين طبيعة العملية النقدية التي تم التاسيس لها في آفاق نقدية،،وهذا الامر بمعنى خلاصة البحث ستكون في المقال الختامي ،،ولطول الموضوع وحتى لايصيب القارئ الضجر ،،سيكون بحثنا على شكل حلقات ،،
بعيدًا عن المبالغة الأدبية ،،اذا أردنا التكلم عن النقد الأدبي علينا توخي الدقة ، فالنقد هو عملية منهجية ، ليس من باب المعيارية ، فليس هناك مدرسة نقدية بعينها تصلح لان تكون ملمة بكل العملية الأدبية ،،والسبب في غاية الوضوح ،،لان مادة النقد هي العملية الإبداعية المنبثقة من الوعي واللاوعي بطريقة إنزياحية ،،فالمخيال الأدبي يختلف من فرد الى فرد ومن جماعة الى اخرى ،،ومن سياق زمني الى اخر ،،فعليه يجب ان يتخذ المنهج النقدي صفة التحول والحركة ،،وطبعًا هذا. لاينسف المرجعيات من مدارس نقدية عدة سابقة ،،بل ان النص المعاصر او المفتوح. مهما كان اجناسه ،،يحتاج الى كل المرجعيات ،،
ومنها المرجعيات الام ،،وهذه المرجعيات هي التي انبثقت من مشاريع القامات السامقة في تاريخ الوعي البشري والتي على ضوئها اتخذ مسار الوعي. اتجاه اخر وربما غيرت الحياة وجهتها ،،
من هم هذه القامات السامقة ؟
هم من تناول الحراك البشري ،،من جوانبه كل على حدة ،،ولماذا ربطنا العملية الإبداعية ومنها فن الادب بالحراك البشري ؟
يبدو الموضوع معقد ومركب بعض الشيء، لكننا سنتناوله ببساطة مفرطة ، والامر الذي سيجعل من كلامنا هشًا للوهلة الاولى ،،لكنه بالأساس. هو وليد بحث طويل استغرق اكثر من عقدين من الزمن ،،وهذا المقال سيخلو من التعضيد العلمي ،،لان المقام لايسمح بذلك،،لكن ربما ان تم توسعته وهو ما اطمح اليه بالضرورة سأتبع فيه منهج البحث العلمي الدقيق،،
بالعودة الى السؤال المنهجي الذي طرحناه ،،حول الحراك البشري ،،نوضح انه الانسان منذ مغادرته الكهف ،،ومن ثم تخطيه لمرحلة الرعي،،الى المرحلة الزراعية حيث ظهرت بوادر تقسيم العمل،،الامر الذي شكل الجماعات،،ومن ثم المجتمعات والتي تمايزت بالهوية والحفاظ عليها من اجل مصلحة الجماعة ،،رافق كل هذا الامر ،،توالد المخيال للجماعة كجزء من ترسيخ الهوية،،من هنا كان الادب كأحد الفنون الاولية ،،خدمة لترسيخ الهوية ،،من خلال الأشعار المغناة والحركات المصاحبة للطقوس الدينية للجماعة او الأحداث الفارقة في تاريخها وامتد ليشمل مختلف النشاطات الاجتماعية من هنا. اصبح النشاط الأدبي كجزء من الفن. الانساني الذي. كان محايثًا للحراك البشري
وعودة الى القامات السامقة التي أشرنا لهم وإسهامهم في توصيف الدافعية للحراك ،،وهذه القامات هم كل من هيجل وماركس وفرويد ،،وسنذكر فيما يلي إسهاماتهم. في توصيف الدافعية بتبسيط شديد ،،فقد تناول. هيجل التمظهر ( الفينومينولوجيا ) ،،اذا اعتبر ان الانسان يسعى جاهدًا فردًا وجماعة الى التمثل اي الظهور التاريخي وطبيعة هذا السعي هو انتزاع اعتراف الاخر اما ماركس فقد حدد ان مايحرك الانسان عامل من اثنين لاغير اما الايديولوجي او المصلحة ،، اما فرويد فقد حدد الدافعية اول الامر بغريزتي الحفاظ على النوع والبقاء وأضاف. لها لاحقًا غريزتي الحياة والموت لانه اعتبر القلق المتولد من هذه الغريزتين الاخيرتين. هو ما يصنع الحضارة ومع ان هؤلاء المعلمين الكبار ،قد تناولوا. الادب كفعالية محايثة للحراك الا انهم لايمكن عدهم كنقاد فمثلًا تناول هيجل قضية حياة الروح وهو منحى فلسفي. عميق وكذلك ماركس عندما تناول قضية التغريب وفرويد رغم تناوله لبعض النصوص الأدبية بالتحليل إنما كان يدعم نظريته في التحليل النفسي وهناك طبقة ثانية من المراجع لنشوء النقد الأدبي. لاتقل أهمية. في مدها المعرفي ،،وعلى رأسهم شوبنهاور الأب الشرعي للعبث والعدمية وكذلك نيتشة الأب. الشرعي لما بعد الحداثة وسنتناول. بعض من افكارهم ،،بما يعزز وجهة نظرنا وربما سنركز بشكل كبير على فرويد وماركس وكذلك شوبنهاور ونيتشة لما لهم من الاثر البالغ على مجمل العملية الأدبية من خلال جهود طلابهم المباشرين وغير المباشرين ،،
جمال قيسي / بغداد
" يتبع. "


نور السعيدي و ،،سوريالية التجسد ،،،،في العالم المخروطي الشكل ،،حسب انعكاسه بقلم / الروائي الناقد جمال قيسي

نور السعيدي و ،،سوريالية التجسد ،،،،في العالم المخروطي الشكل ،،حسب انعكاسه
ان تكون خارج ،،الحدث ،،،وتشخصه ،،بالإمكان. ان تدرك بعديه ،،وربما تخمن بعده الثالث،،،( الزمان - المكان - الفعل الإنساني الواعي ) ،لكن ان شئت ان تكون مصيباً،،لابد عليك من ان تنهمك في الحدث ،،حتى تتمكن من رؤية النتائج الإجرائية ،،التي تمخض عنها الحدث،،،دخولك او الانهماك ،،ليس بالضرورة ان يكون شرطاً كافياً،،لتحقق الحدث ،،بقدر ما هو شرط أفهامي لاحق ،،كذلك هو حال ،النص النقدي،،،الذي يسلط الضوء،،،ربما على ابعاد ،،لاتظهر للعيان ،،الا ،،بتحقق شرط الأفهام ،،،وهنا ما يجعل النص النقدي عمل إبداعي ،،،متفرد ،،ومتحقق بشروط جديدة،،،كعملية ابستمية ( معرفية ) ،،وهو ماذهب اليه ،،،شيخ النقد المعاصر،،،نورثرب. فراي ،،،بان الناقد. ليس سمساراً،،مروجاً ،،،للعمل الأدبي ،،في عملية تسويقية ،،،وهذا ماتم التأسيس عليه. لاحقاً،،في عملية التناص ،،،وتوسع البعد الدلالي ،،،ومايميز،،،عقل نور السعيدي،،،وعيها العلمي ،،الفطري،،،عندما قرأت خطاب القصيدة لكريم عاشور،،،مباشرة ادركت نقطة الارتكاز في القصيدة ،،،واتجهت اليها،،،بالضبط،،الى النواة،،،التي تتشكل منها المحاور،،او الإنساق ،،وقد حللت الإنساق سيميائياً دون ان تشعر،،( احلام - - حكايات ) ،،وهنا وعي الشاعر الحالم مقابل الحكايات ( الوقائع ) ،،وانثربولوجياً نفسياً،،،دون تقصد ( تجلي،،،تخلي ) والتجليات محاولة التمظهر ،،وإضفاء الهوية ببعدها الأنثربولوجي ،،،وانتكاسة نفسية مبدأها التخلي،،،،ولا اريد ان اسرق من القارىء لذة النص التحليلي ،،،ولكن هناك امر واحد فقط أشير اليه وهو لماذا تصورته عالم سوريالي التجسد مخروطي الشكل ،،،بالضبط عين نور السعيدي في اعلى علم قصيدة كريم عاشور تسلط الضوء على شكل شعاع،،،وفي الأسفل عالم عاشور الذي يمور بأشيائه ،،واغرب وألمع وصف حققته السعيدي عندما وصفت تجصص عين الشاعر،،بنفس الوقت هي تُمارس فعاليتها البصرية،،،عالم الشاعر أفقي دائري حلزوني ،،،ليس بالإمكان مشاهدته،،لولا عين الصقر المحلق ( نور السعيدي )
جمال قيسي
--------------------------------------------------_________________________-------------
،،،،،عاد أستاذنا جمال القيسي والشاعر كريم عاشور بنا صوب نص بحبكةٍ متناهيةٍ ،،،
لا ننتظر من الشاعر كبوة ،، هو يحكم قبضتهُ الأبداعية لنُصغي للأدلة الخاصة بهِ بأطلالة فنارية على مُعضلة كأنها معضلة آيديلوجية ليأخذنا لمساحة متشابكة غير قابلة للأنشطار من خلال منظار محشو بأبعادٍ مشوهة .
سمحتُ لنفسي أن أقرأ النص قراءة معكوسة فكانت قراءتي التالي ،،،
هناك مقصلة ، أحلام ، حكايات ــ كانت قراءة ولا أروع ،،
عدتُ بها من جديد ،، قرأت هناك ( تجلي و،، تَخلي ) ،،،
التجلي ،،، تتجلى الحكايات عندهُ ـ كل نهاية حكاية مُهددةٌ بالأنقراض هي أبتداء عندهُ كألم ، قاصمة قاتمة لها عند شاعرنا صفة التعرية ليقتفي أثر ألمهُ والذي يعتبرهُ حقهُ المشروع من أن يجعل محمولها الشعري والشعوري أشد كثافة وعُتمة مِن الهندسة المجازية والصوت للمفردة عن حاجة لا تُقهر للبحث عن سبيلٍ لحلمهِ الذي أضاعهُ على كومة من النهايات وهو المُحدَّق الصامت ( المخفي ـ المرئي ) يظهر بدرجاتٍ متفاوتة عند ( اعوامنا ) والتي أضحت مِحْنة أنسان يحلم بحلم بلونٍ صَدَفي ــ لكن ،،،،،،،،
هنا أرتجف أيقاع النص ليبرز لنا ال ( التخلي ) .
ما بين المرايا والمقصلة إنفجار درامي وكأنها تَخثر بأوردة النص تتليف خلاياها لتزمجر داخل شرنقة الأيمان المفقود من أنَّ الغَبش لن يجيئ لروحهِ المَتعبة حَدْ الأعياء ( مرايا لا تشية حتى نفسها ) وكأنها إمتصاص لواقع أنفلاتي أُخْتيل بهِ حتى الصوت صوب مقصلتهِ وهنا تدفق صوري واللفظ الضارب جرأةً لينقلنا بذهنية عوالم هو يراها ،،، لنراها كحِبالٍ من الطين تمضغ قلبهُ ( السياب ) ونزعتهُ السوداوية تأبى النزول لكنهُ لم يجترح معجزة للعثور على حلمهُ وأعوامهُ المنفلتة من عِقال غربال حياتهِ .
نص قصم ظهر المألوف مُحاط بضبابية ومكابدة قصوى وهو المتفرج بعيون جِصيَّة لطابور من الدمى تتقدم ليزيد النص توتراً رغم حرصهُ الشديد على صفاء الفكرة ،،، لم أسمع موسيقى للصورة الشعرية وإن وِجدَتْ فهي كجوقة جنائزية لكن الكرة الأرتدادية تبقى تتحرك بمدارات هاجس يُغذي هاجس ليضغط على زِناد المفردة لتنطلق صوب مهمتهُ الأولى أن تبقى عينهُ على ( الأنسان ) الصائر الى الأريحية دون أن يرمش ليرسم خارطة النص
من زاوية رؤياهُ محطماً الغاية الآنية بحراسة مُشددة من عقلهِ ليَكون خليط عجيب من النزعة الأنسانية بمفردة صبورة أخذت من الطبيعة المهولة ( أرى ) أن رمزيتها هي { تَحامل على الواقع أكثر مما هي تشاؤم } من دون التصالح مع واقعه قط لأنسان أدمنَ على الأختزال بداخلهِ حطام مُشبع بالضربات القاصمة ليتركنا الشاعر أمام نص مُنجز من الأنجرار وراء خُطى الدمى السائرة صوب مقصلة ليُثبت لنا أنَّ ( التآكل التدريجي للروح هي جَرَّافة متطورة من صنع الأنسان بسخريات مُرعبة لسقوطٍ مُدَّوي ) .
آسفة جداً على الأطالة أساتذتي جمال القيسي ـ كريم عاشور ، مجرد قراءة / تحياتي ومودتي



قراءة ثانية لقصيدة ها هو ذَا ،،للعراقي الموسوي الزمتنا بها. نور السعيدي بقلم / جمال قيسي


قراءة ثانية لقصيدة ها هو ذَا ،،للعراقي الموسوي الزمتنا بها. نور السعيدي
ها هي نور السعيدي،،،تعود بِنَا الى متاهة جديدة،،،بيد ان ما يبرر ايغالنا معها ،،سحر بلاغتها وأفكارها المدببة والمغلفة ،،بطلاء أخاذ ،،،نص حاد وقراءة تحت ظل السيف،،،لايمكنك مغادرته بسلام،،،انت غير،،،بعد قراءته،،،وهي هنا تنتصر لاهم مقومات الخطاب محققة النقطة الفارقة.( قبل- بعد) ،،،والتي اشدد انا شخصياً عليها في أهمية الخطاب،،،في كل ماتقدم سنناقش خطابها الجامح والصاخب بهدوء،،،ورغم مشقة ذلك يتطلب العودة الى النصوص التي وضعتها السعيدي على طاولة التشريح الظاهرة منها ،،والمضمرة،،،وهذا يعني اعادة قراءة قصيدة ها هو ذَا للعراقي الموسوي،،،وتحليل الأسانيد ،،،وتأويل المعنى وما تمخض منه،،،وكذلك أعادة قراءة نص شاكر الهيتي،،،النقدي لنفس الموضوع،،،ولابد لنا من التحليل الوظيفي والسيميائي،،،وبالمجمل انا اتفق مع نور السعيد في جوانب،،واختلف معها في أخرى،،،وحتى يأخذ ،،ما تقدمنا به مداه لابد ان نعيد قراءة نص العراقي الموسوي
من الناحية السيميائية ( الإشارة،،الرمز،،الشفرة ) ومن ثم مايتمخض على ضوء ذلك السياقات الزمنية،،،والنفسية الانثربولوجية ،،على نهج لاكان،،واحفوريات ،،ميشيل فوكو،،،ان توظيف السيمياء ادبياً،،،قضية في غاية الصعوبة دون الرجوع الى هذه المدارس،،اذ تصبح علماً جامداً،،،لا يتعدى التحقيل،،والخطاطات الهندسية ،،خاصة بعد التطوير الذي حصل على يد جاكبسون في مخططه السداسي في الفعل الاتصالي ،،حيث اصبح بالإمكان ،،تناول نص ادبي على ضوء ذلك،،،وحتى لا يكون كلامنا ،،اشبه بالألغاز ،،والأحجبة ،،،سأبسط مرادي على قدر الإمكان ،،حيث هنا سحبتنا نور السعيدي،،الى هذا الحقل الملغم ،،بالمصطلحات والعسرة،،،
في قصيدة الموسوي نقطة ارتكاز لا يمكن اهمالها،،،بمطلق الاحوال،،وقد حاولت تجنبها في مقالي الاول كسلاً،،،وهروباً ،،من الشبكة المعرفية ومصطلحاتها ،،الصارمة في وظيفتها والمائعة التشكل ،،في التحيّز ( عندما تتخذ موقعها في حيّز ) ،،وهذه نقطة. الارتكاز هي ( المكوث ) ففيها يسمر الموسوي الأبعاد الثلاثة ( الزمان والمكان وذاته ) فالزمان سرمدي وأبدي مطلق،،والمكان في صحراءه اليباب ( عالمه المادي المعيش كما يستشعره ) ،،،وذاته المذبوحة من الوريد الى الوريد،،،،
مافتئت تقضمه على مكث
لاشيءيقلق شعورها بالامان
هذه الثيمة او الفاصلة الزمانية،،،هي ثقل قصيدته ونقطة الارتكاز،،،هو في مكان لايبرحه ،،وقد برع في استخدام المفردة،،،حد الذهول،،،( على مكث ) ،،،ومنها أخذ يكشف عن تعالق ذاته ،،مع الزمان والمكان،،،في نقطة اللانهاية ،،ويبوح عن نسقه النفسي الأنثربولوجي ،،،حال وصف شعوره ،،وهو متشاكل مع هذه الابدية ( على مكث )
اما أنا ،،،
فتكفيني ثمالتي
وكأسي المترعة
أرشف منها خمراً عبيطاً
اكتفى باللامبالاة،،،اشبه بالأنهار ،،الرامبوية بذات القصيدة،،،التي اعتمدها الموسوي كأحد أسانيده ،،،هو يعطي النسق النفسي،،لذاته الغازية لعالم اخر،،،مهزوماً فيه بمطلق الاحوال،،كأس مترعة،،،خادعاً نفسه بالرضا،،،ولكن ليس في عقله الباطن،،هو أُعد ،،لغير هذا العالم ،،لذلك يتداعى بطريقة شرقية ماجدة،،،هنا يتراكب بعده الأنثربولوجي مع النفسي ،،،تأخذه العزة بالاثم،،ولكن في المساحات المهزومة داخل نفسه،،،اما خارجه فهو ثمل حد العبط،،،ممزق الوجدان وفق هذا الوعي المتصارع مع ذاته،،،هذه الصفة الشرقية الماجدة،،،والسابلة،،والثعالب،،،هي سيميائية ،،،على النسق الجاهلي الصعلوكي،،،للشنفرى،،،
ولم يكن ربطنا للموضوع في المقال السابق تعسفياً،،كما ذهبت نور السعيدي،،،هناك فرق شاسع بين المماهاة،،،والمماثلة،،،والإحالة ،،،ان قراءة النص،،بمنظومته الرمزية ( سيميائية النص )،،،وطبيعة نمو المدلولات الناتجة ،،،هي عملية تأويلية قصية بتطرفها،،لذلك هي نسق احالة وفق ( نورثرب فراي ) ،،لذلك لم نذهب في مقالنا الاول الى التشبيه او المماهاة بين الشنفرى،،والموسوي،،،الا في الإحالة الى الأجواء المتخيلة من قبل الموسوي لصناعة حيّز ،،،مقارنة ،،رغم المفارقة الواضحة بين الشاعرين فالأول الشنفرى متمرد،،،على وقائع ومتصالح مع نفسه،،،اما الموسوي متمرد،،،على واقعه ومتخاصم مع نفسه بحكم حيّز الاغتراب ،،ويبدو انه متعايش معه بتلفيق مشاعره،،،يقولها صريحاً ( أرشف منها خمراً عبيطاً ) ،،،اما تماهيه في الاسناد الثاني،،،هي محاولة يائسة للوصول الى أرثر رامبو،،،من حيث الأخير كان مفارقاً،،لحياته وعبثها،،استبدل باريس وانوارها،،،بيباب عدن،،،والصومال،،،ربما مسّه الحس الثوري الذي شحنه جو كومونة باريس،،لكنه كان اكبر من ثائر،،،وربما نستطيع تقريب صفته الى مابعد الحالم،،،اما الموسوي كانت رحلته عكس الاول تماماً،،،هارباً من صحرائه الى باريسه ،،،كالمركب السكران،،،نعم انه مركب وان اختلفت حمولته،،،ولكنه يتحيز لامنياته الموروثة،،،شبقاً حتى في الالم،،،لم يؤمن بما وضعه الآخرين من نواميس،،كذلك فعل رامبو،،غير ان. الأخير كان مؤمناً بما تولد لديه من حكمة وأميناً عليها،،لقد رحل رامبو الى نهاية العالم ،،ورجع الى بدايته ومن ثم ،،نظر تموضعه،،،فترك الشعر ،،لقد بلغ الامر لديه مداه،،،لا شيء آخر ،،،ممكن ان يُستحق،،ان يعاش له،،،على مستوى الشعر،،،والموسوي كذلك مطلع على ماضيه وواقعه،،،لكنه ،،بسبب ما ينوء به ،،من حمولة،،يخشى القفز الى الامام،،،وهنا بالضبط ما اختلفت عليه نور السعيدي مع شاكر الهيتي،،،وانا معها،،،لا وجه للمقارنة بين الاثنين،،،فأرثر رامبو،،،متفوق على كل ثقافات الانسانية،،،في الرؤية والموقف المسؤول،،وانا هنا اشعر بأن الاستاذ الهيتي،،قد ظلم الموسوي في هذه المقارنة،،،،وكذلك اختلف معه،،في تفسيره للمقطع الأخير ،،في شخصنة قضية ،،الالم القديم،،،لقد قايس الاستاذ الهيتي،،القضية بحكم المعرفة الشخصية التي تربط الاثنين،،،ولكن شاعرنا الموسوي،،كان بعيداً جداً عّن ذلك الامر،،،هو يبوح ،،عن انسانه الشرقي المعذب ،، تحت وطئة السرديات الكبرى ،،وتأويلها الاجتماعي والسياسي،،،وأظنه ،،وفق جداً بأستخدام مقطع أعمدة الألوان ،،هو في المحصلة هدف هندي احمر،،لقاتل غربي،،،،او زنجي ابيض،،،
شاعرنا الموسوي،،،فذ،،ومتمكن،،وصانع ماهر،،،يتفرد بما لديه،،لكنه عالق ب( انا من غزية ان غزت ) ،،،بالاضافة ،،الى ملاحظة اختلاف المعطيات الزمانية والمكانية،،،بين الشنفرى،،،والموسوي،،،من التعسف ان تهرق الأنماط الحركية الاجتماعية،،،وتغيرها التاريخي،،،فليس من المعقول ان نهدر أربعة عشر قرناً،،،،لمجرد المقارنة،،،يبقى ان أقول ،،وهو محض رأي،،،لمتذوق ليس الا،،ان نص نور السعيدي،،رغم تحامله،،،من باب الحمية،،،هو نص باهر ومشرق وعميق،،،وشرس،،،فأنا أعده ،،من عيون الادب،،،الحاضر،،،تحياتي الى شاعرنا الكبير العراقي الموسوي،،،والى الناقدة ذات البصيرة النافذة والبليغة السيدة نور السعيدي،،والى الناقد الفذ الاستاذ شاكر الهيتي،،،وأخيراً ،،الى شيخ النقاد ابو نعمان،،،
جمال قيسي


# قِدَم فن الشعر # بقلم الاديبة أ.بلسم الحياة

# قِدَم فن الشعر #
أ.بلسم الحياة
-----------
يُعَّد فن الشعر من أشهر الفنون الادبية وأكثرها انتشاراً ...
وربما كان ذلك لقِدَم عهد البشرية به .
فالشعر هو الصورة التعبيرية الادبية الاولى التي ظهرت في حياة الانسان منذ العصور الاولى ...
وهذه الأقدمية للشعر ...
ترجع الى انه كان في تلك العصور ضرورة بيولوجية ...
انها الطريقة الوحيدة التي اهتدى اليها الانسان ...
بحكم تكوينه البيولوجي والسيكولوجي للتعبير ...
والتنفيس عن انفعالاته ...
ومنذ ذلك الوقت تحددت لذلك الفن خصائص واضحة الظهور
عندما شرع الانسان بالتعبير عن أفكاره وتوجهاته ...
ومن هنا ارتبطت ( الانفعالات ) بالشعر ...
كما ارتبطت ( الأفكار ) بالنثر
- لكن العبث في الإدراك ...
يأتي عادةً من النظر الى ( الانفعالات والأفكار ) ...
على انها أشياء متعارضة او متناقضة ...
وهذا من شانه يجِّر الى اخطاء كثيرة في فهم الشعر والنثر سواء ... مع العلم ليس هناك من تعارض ...
بل هو مجرد اختلاف .
السعي لتعريف الشعر :
***************
برغم قِدَم هذا الفن وانتشاره ...
فانه ليس من السهل وضع تعريف له ...
وقد حاول الكثيرون ان يدرسوا طبيعة الشعر ...
منذ عهد / أرسطو ... حتى الوقت الحاضر
وقد ظهر نتيجة ذلك حشد هائل من التعريفات التي لا تكاد تتفق في امر ما حتى تختلف في أمور اخرى .
وربما كان ذلك يُعزى الى اختلاف الأشخاص والعصور ... التي جرت فيها تلك المحاولات ... لا الى طبيعة الشعر ذاته .
فالشعر كما تقول ( مس شتاين ) هو الشِعر ...
اي ان الشعر في ذاته او طبيعته لم يتغير ...
ولكن الذي يتغير ، هو فهم الافراد والجماعات في البيئات والعصور الزمكانية المختلفة .
وليس كل انسان قادراً على ان يفهم الشعر ...
حيث تختلف الأفهام ... كما تختلف الأذواق ...
كما ان محاولة وضع تعريفاً للشعر ... يعتبر أمراً عسيراً
وغير مجدياً ...
لكن سنحاول ان نوضح طبيعة الشعر ومكانته بين الفنون الاخرى .
- يقص علينا ( بول فاليري ) هذه القصة فيقول :
ان المصور العظيم ( ديجا) كان مغرماً ان يكرِّر لي شيئاً صادقاً كل الصدق ... وبسيطاً كل البساطة .
- كان ( مالارميه ) قد قال له ذات مرة ...
ان من عادة ( ديجا) ان ينظم في المناسبات اشعاراً ...
ترك منها نماذج قليلة ممتعة ...
ولكن كثيراً ما كان يجد صعوبةً في كتابة هذا الفن ...
الذي يأتي بالمرتبة الثانية بعد فن التصوير .
وذات يوم قال الى ( مالارميه ) ماارق وأصعب مهمتك !؟
انني لا استطع ان اعبر عما اريد التعبير عنه ...
رغم ان عقلي يصطخب بالافكار ...
فأجابه / مالارميه / :
ان الشعر يا عزيزي / ديجا / لا يصنع من الأفكار ...
ولكنه يصنع من الالفاظ .!
- هذه القصة الطريفة ، تدلنا على ان الشاعر ...
لا يكفيه ان يحصل على قدراً من الأفكار حتى يتمكن من كتابة الشعر ...
- قد تكون شاعراً بينك وبين نفسك ...
ولكن الناس لن يعترفوا لك بذلك ...
الا عندما تقدم لهم الدليل الملموس على ذلك ...
وليس لك من وسيلة في هذه الحالة الا / الالفاظ
فنحن لا نحكم على الشاعر الا بعد ان نقرا هذه الالفاظ التي دونها
كما ان فهم طبيعة الشعر يبدأ من هذه المرحلة ...
مرحلة استخدام لشاعر / للألفاظ .
طبيعة الشِعر :
**********
ان الالفاظَ ملكُ لعامة الناس ...
وهي تستخدم في كل فن من الفنون الادبية ...
وكل فن يستخدمها بطريقته الخاصة ...
فاللغة في ( الشعر ) الناجح تبدو ( تركيبية ) ...
في حين انها في ( النثر ) تكون ( تحليلية ) ...
ذلك لان ( التركيب )عملية يقتضيها العمل الشعري ...
في حين ان ( التحليل ) تقتضيه الكتابة النثرية
- لماذا يقتضي الشعر / التركيب ؟
ولماذا يقتضي النثر / التحليل ؟
لان الشعر / انفعال
اما النثر فهو/ تفكير
وطبيعة الانفعال ينتقل بالعدوى جملة ....
ولا يثبت للتحليل الا في أيدي الدارس ...
اما التفكير المنظم ، فالتحليل ضروري له
ومنها نستطيع ان نستخدم تعبيرين اخرين عن نفس الفكرة
هما : ان التجربة الشعرية ...
لا تتكون في النفس على نحو ما يتكون التفكير المنطقي المنظم ...
ولا هي تتبع الطريق الذي يسلكه ذلك التفكير ...
حتى يخرج في صورة / لفظية
وقد نقول :
ان هذا معنى شعري ... وذاك منطقي
على أساس اعتبار التجربة الشعرية عند الشاعر
والفكرة المنطقية عند غير الشاعر ...
وهو اختلاف جوهري كما يقول / جان ماريتان
- وينبغي ان ندرك ان اللغة في مجملها ذات طبيعة تحليلية
واغلب اللغات لها هذه الطبيعة ...
في حين ان بعضها كاللغة العربية / تركيبي
وهنا تأتي المفارقة في عمل الشاعر ...
لانه يريد تركيب معين من خلال. اللغة ذات الطبيعة التحليلية
واحداث اثر / تركيبي / من خلال اداة / تحليل ...
يمثل نجاحاً للشاعر ...
والنثر الذي هو طريقة تعبيرية اكثر ميلاً الى التحليل ...
لا يتمثل فيه مثل هذه المفارقة بنفس الدرجة .
يتبع ...
اعداد الاستاذة الاديبةالمغتربةبلسم الحياة الفاضلة

قصيدة الهايكو بقلم الدكتور عبد الهادي الطعان

اللغة اليابانية دون غيرها وعصية على اللغات الأخرى لشيء ما خاص بالثقافة اليابانية ..لا تذكر كلمة هايكو حتى تذكر اليابان؛ ولا تذكر اليابان حتى تذكر كلمة هايكو .. وليس مستبعداً أن تحل يوماً ما محل لفظة اليابان نفسها فيقال بلاد الهايكو عوض اليابان وذلك دون أن يشعر الياباني مهما بلغت وطنيته بأي نوع من التذمر " . قصيدة الهايكو في أصلها نيتة خضراء زاهية في تربتها الأصلية وطنها الأم قد تصفر وتذبل وتفقد رحيقها وتموت حين تنقل إلى بيئة مختلفة ومحيط غريب ؛ وقد سبق لشخينا الجاحظ أن ذكر الاسباب والتحديات التي تحول دون ترجمة الشعر العربي القديم لشيء ما خاص بالشعر العربي نفسه حين قال " والشعر لا يُستطاعُ أن يُترجم ولا يجوز عليه النقل ومتى حُول تقطع نظمه وبطُل وزنه وذهب حسنه وسقط موضع التعجب منه". وعلى الرغم من تلك الاشكالية المعقدة التي واجهت ترجمة الشعر فانها لم تتوقف في جميع أنحاء العالم ذلك لأنّ العالم بلا ترجمات سيظل جاهلاً تماماً وبلا تلاقح شعري بين الشعر والشعراء في العالم ويحرم القارئ ؛خاصة؛ من روائع هذا الفن الشعري وتحفه النادرة من الهايكو . وقد تعرف القراء العرب على الهايكو عن طريق ترجمتها من لغات وسيطة ؛ سيما اللغة الانكليزية والفرنسية والروسية لندرة المترجمين من اللغة اليابانية ومن هنا تأتي ميزة هذا الكتاب الذي ترجمه بالمشاركة مع الشاعرة اليابانية كوتا كاريا المترجم السوري الدكتور محمد عٌضيمة المهتم بالأدب والثقافة اليابانيين وقد سبق له أن ترجم كتاب (كوجيكي؛ الكتاب الياباني المقدس) 2005 .أما كتابه هذا(كتاب الهايكو) فقد ترجم عُضيمة ألف قصيدة وقصيدة من الهايكو من اللغة الأصلية وقدم له بمقدمة ممتازة لا يستغنى عنها بالتعريف بهذا اللون الشعري الذي يكاد لا يعرفه نسبة كبيرة من القراء العرب؛ فقد عاش الرجل بين القوم واتقن لغتهم وخبر ثقافتهم وحضارتهم وخرج بهذا الكتاب الذي بين أيدينا وقد أدرج النص الأصلي بجانب كل قصيدة مترجمة ولعلها التجربة الأولى بهذا المجال .

الزمن المقيد ،،في الساعة الرملية ،،،قراءة أولية في قصيدة ها هو ذَا ،للشاعر غازي احمد الموسوي،،

الزمن المقيد ،،في الساعة الرملية ،،،قراءة أولية في قصيدة ها هو ذَا ،،،للعراقي الموسوي،،

بعيداً عن السياقات الفنية والتحقيل ،،احاول ان أتناول ،،المفارقات ،،العميقة في قصيدة ( ها هو ذَا ) ،،والشباك التي رمانا بها الشاعر العراقي الموسوي،،ولم يترك لنا منفذاً،،من تناول تاثيرات اخطر شاعر في التاريخ ،،الا وهو أرثر رامبو،،،،وكم هي مهمة عسيرة،،ان تتخطى حقول الألغام ،،الرمزية،،،للموسوي،،حتى تستطيع ان تبرر
في نفسك مجمل الإحالات ،،المركبة ،،وسيل المحمولات الكثيف،،،
وأول المناطق التي يتماهى فيها شاعرنا مع رامبو،،،هي منطقة الأحلام ،،،واحلام الشاعر ليست كأي احلام ،،،انه عالم مخلق بصورة غرائبية،،،قائم على تقويض الواقع المعيش،،،اشبه برؤى ،،الأنبياء ،،،غير انه هناك اختلاف جوهري بقضية الإيمان ،،،صحيح ان الأنبياء مؤمنين برسالة،،،وكذلك الشاعر ،،الا ان الأخير ،،رسالته هي من بنات خياله المتصور لهيئة العالم ،،افتراضياً،،،والذي هو في مطلق الاحوال،،غير واقعي،،لذلك كان رامبو ،،قد رأى احلامه كاملة،،،وتكثفت حياته بشكل كامل،،وهو في قمة شبابه،،،حدث له التمثل ،،،والذي نسعى له نحن،،ونموت وهو غير مكتمل،،،،لم تعد الحياة تعني له شيئاً بعد ان رأى احلامه ،،كاملة،،ولم يعد هناك نقطة اخرى ،،ممكن ان يسعى لها،،لذلك اعتزل بسبب نضوب،،،الحكمة،،لقد امتلكها كاملة،،، لقد رأى الحياة دفقة واحدة،،،،ليس هناك شيء. اخر ،،ممكن ان يُشاهد،،،،ولا جديد هناك،،،ففي " رسالة الرائي " لرامبو ،،التي تفوقت. على كل ثقافاتنا،،،يضمنها وصايا الى الشعراء،،،الآتين،،،يؤكد رامبو أن إتباع المبدأ يستلزم " عذاباً أليماً يحتاج الشاعر فيه ،إلى كل قوته الخارقة " وبنفس الوقت ينتصب باعتباره " العاجز العظيم ، اللعين العظيم - والعارف الأعلى !- لأنه يبلغ المجهول ! " إن. الشاعر حين يبلغ المجهول،،،،" ينهي بفقدان كل فهم لرؤاه " ،،من هنا يبلغنا برسالته الحكيمة،،،عن الدور الاصيل للشاعر،،،والتي مفادها،،،مانفع الشاعر إن لم يصل الى رؤيا جديدة للحياة ؟ إن لم يكن مستعداً للتضحية بحياته شاهداً على حقيقة رؤياه وبهائها ؟ ،،،
،،وهنا نعرج على شاعرنا الموسوي في المقطع الأخير ،،،
مستسلماً لشهوة الألم القديم
قدم اول المذبوحين
من الوريد الى الوريد
وفي رحلة اخرى،،يسحبنا الموسوي،،برفقة ،،،الشاعر الصعلوك،،الشنفرى،،،بحوارياته مع الذئب،،في لاميته الشهيرة،،،مع فارق التكنيك الشعري،،،اذ ان لغة الموسوي،،،هي في نسق الإحالة ،،،وهي المرحلة التي تتخطى المجاز،،،بالاضافة الى شبكته السيميائية ،،،التي تعود من اعلى نقطة،،،،الى اخرى في أقصى طرف مقابل،،،يرحل بك من المستقبل نزولاً،،رغم انه،،،المستقبل بصيغة الحاضر،،،الى الأسانيد ،،الأولية ،،،هي قدرة ،،جديدة ،،وغريبة في دهشتها التي تتولد لديك،،،،تشعرك وانت بين صحراء عدن ومناجم الصومال،،،حيث رامبو،،،،والصحراء العربية،،،حيث الشنفرى،،،،لا أظن ،،ان هناك من فلح ،،،في هذه الرؤية،،،والمزج بين عالمين،،مثلما فعل الموسوي،،،رغم ان ذئاب الشنفرى قد تحولت ،،،عند الموسوي الى ثعالب،،،لا أخلاقية،،،،هكذا قلب الزمن من صحراء الحضارة القاحلة،،الى صحراء الشنفرى النابضة بالحياة ،،،وكأنه يتلاعب بساعة رملية،،،
وفي إشارة ،،اخرى،،الى الثمرة التي ترمز الى الخلود،،،والتي احال فيها قلبه الممتلىء بالالوان القزحية،،،لتسفح دمه،،،ثعالب الحضارة،،،وتقتل النور الخالد وجذوة،،،الحياة،،،انها الانسانية الممسوخة،،التي أفرزها الغرب،،،انه الجحيم الابدي،،،بعد يأس الانسان من النعيم،،،،جحيم خلقه الانسان لنفسه،،،،ان الأسانيد الثلاثية،،،رامبو،،،،الشنفرى،،،،والموسوي،،،،،هي شبكة سيميائية ،،،،،،تتفاعل لتظهر الوظيفة الثانية لخطابه الشعري،،،،وفائض المعنى متولد،،،حتى دون المرور بالمعنى،،،تبقى هناك ملاحظة ،،،جدير بِنَا ان نشير اليها،،ان الشاعر في محاكاته الذكية لرامبو،،،اختلف معه في الرؤية ،،فالأخير كانت مجمل رؤيته استشرافية ،نحو كل قادم،،،،اما الموسوي ،،من حيث الرؤية،،فهي إسقاطية ،،،تشريحية على ذاته التي اجاد توزيعها،،،وفق الموروث،،ولكنه انطلق من الحاضر ،،الى الماضي،،وبالعكس،،،،انه نص لا يمكن حصره بمقال،،،،وربما لنا عودة على ذلك،،،على الاقل بعد ان أتحرر ،،،من ،،هذا السحر،،،والوصف المهوال،،،،،

جمال قيسي


الجمعة، 21 سبتمبر 2018

مجرد اغنية على سواحل .. رواية حنبص البغدادي.لجمال القيسي بقلم / غازي احمد الموسوي .

مجرد اغنية على سواحل ..حنبص البغدادي..
...........................
اطال الله في عمرك اخي ابا سرى الحبيب..النص هذا مكهرب ،فيه ما يبكي وفيه ما يمنح فرصا مربكة من الابتسام الشديد الحرج ،وفيه ما يوجب علينا اعادة خلق كل شئ من حولنا،وهنا مكمن الصعوبه !!!
فالدعوة الى اعادة الخلق لاتبقي ولاتذر لانها ستتخطى بضراوة الفيلسوف الحر كل الكوابح والممنوعات غير المقنعة لمفهوم الحياة الحرة الكريمه..
لاشئ يمكن ان يستثنى من المحاكمة ابدا،وليس على طريقة كافكا هذه المره..
التشخيص يعلن عن وجود (مسخ ) ايضا..انما هو مسخ من نوع اخر ايضا..ربما من نوع اكثر خطورة بما لا يقاس..المسخ السوسيولوجي يتحول هذه المرة الى مسخ فكري عام ف( ليس بالخبز وحده يحيا الانسان)! ..كلا..
ليست القضية مدفوعة بمركز نشاط محدود،لكي تكون المحاكمة الروائية محدودة ايضا،فمجهر الروائي جمال قيسي شبيه بالمرصد الفلكي الدوار..
هذا الكاتب العجيب في اخلاصه..
النجيب في انحيازاته..
المنجرح بكل سكاكين الاعوجاج الهائلة التشعب ،قرر الان ان يحمل كل جراحه وسكاكينه المغروسة في جسده ليفضح الواقع كله ،بل ويختصره هنا على طاولة المتنبي العظيم،وسوق السراي المثخن برائحة التاريخ الانثروبولوجي العراقي والعربي والاسلامي والعالمي كله..
سوق السراي والمتنبي اكبر مسجلة سينمية مشهدية بالصوت والصورة والنبض والاحساس والتاريخ بكل امجاده وهزائمه والمجتمع والقيم وانفراط القيم،والنور والظلم ،وكل العراق المختصر المفيد والكلمة الجامعة..هنا..ويالحسن حظك..لا لا..دعنا نقولها بكل شرف..يالحسن اختيارك ايها الطيب الغائر في الاعماق..
لسنا ندرسك الان..كنا نغنيك..ولنا يوم سيبلغ عنا بهذا الخصوص (ماليس يبلغه من نفسه الزمن..)..
ان يستحيل المفكر..المبدع..الوعاة الثقاة المتفردون..الى كائنات مستلبة او ضائعة او لنقل مضيعة ،فهذا امر يستلزم ان يقف العالم في مظاهرة جمعية على اطراف الاصابع،لرؤية مشهد المحاكمة العجيبة الهدوء ،والمدهشة الثوره..
الحدث الثقافي بمجمل حراكه حاضر هنا ،باسماء رديفة ،وفواعل زميلة،بما لم نتوقع حضورها اسما ودلالة وذاكرة..
ادعوه تعالى من كل قلبي ان يمكنني من متابعة هذا الحدث الروائي المهم مجملا،وليس منجما وحسب،فكل وقوفاتنا هنا مجتزئة لاتعدو ان تكون وقفات على ( كورنيش الاعظمية) وليس سباحة في اعماق دجلة الخالد..الاستاذ Jamal Kyse.. اعتزازي الكبير..
************
نص المقطع الروائي للكاتب الكبير الاستاذ جمال قيسي منشور على صفحة جريدة افاق نقدية ل
من اراد مراجعته،مع التقدير..

سرمك يرافق الحطّاب بحثا عن "عشبة جلجامش بقلم الاديب أ.قاسم محمد مجيد

سرمك يرافق الحطّاب بحثا عن "عشبة جلجامش
أ.قاسم محمد مجيد
،،،
حسين سرمك يستمد عنوان كتابه من قصيدة مهمة للشاعر جواد الحطاب وهي "الرحلة الثانية لجلجامش".
الأحد 2018/08/26
إطلالة شعرية شكلت اهتماما نقديا
الحطاب: الشعراء الفاشلون وحدهم من يبحثون عن (جيل) يؤرشفهم ويدوّن أسماءهم في أضابيره
الكتاب "السرمكي" يشكّل إطلالة واعية على منجز الحطاب في الشعر والنثر
من المؤكّد أن القارىء يقدّر مدى صعوبة الإلمام بمقالة محدودة عن كتاب نقدي مهم يرصد شاعرا تمثل تجربته الأدبية مساحة إبداعية وزمنية كبيرة، كونه واحدا من شعراء الجيل الصاخب المتعدد الأصوات والتجارب يقع في قلب الشعرية العراقية والعربية، الجيل السبعيني، على الرغم من النقّاد جميعا قد اتفقوا على أنه هذا الشاعر "عصيّ على التجييل".
إصدار جديد للناقد المبدع الدكتور حسين سرمك عن الشاعر الكبير جواد الحطاب، عن "دار نينوى" اختار له الناقد عنوانا لافتا "أفعى جلجامش، وعشبة الحطاب الجديدة" وقد استمد هذا العنوان من قصيدة مهمة للشاعر الحطاب منشورة في ديوانه الثاني "يوم لإيواء الوقت" ألا وهي "الرحلة الثانية لجلجامش" حيث يقود الحطاب فيها البطل الرافديني "جلجامش" في رحلة جديدة لم يكن الغرض منها البحث عن الخلود عن طريق الـ "عشبة السحرية" لكنه الخلود المتحقق عن طريق الالتحام بالفقراء هذه المرّة، والحطاب والفقراء – كما يعرف المتابعون لشعره - توأمان لا يمكن الفصل بينهما منذ ديوانه الأول "سلاما أيها الفقراء" وحتى آخر ما ينشره من قصائد منتمية للأرض والإنسان.
في مقدمة الكتاب اختار الدكتور سرمك، مقتطفات من أسئلة وجهها للحطاب عن موضوع لا يزال يشغل بال المهتمين بالنقد وكتابة التاريخ الشعري ألا وهو قضية التجييل التي تثير بين الحين والآخر ملاحظات وآراء متباينة مثيرة للجدل.
يقول الحطاب في بعض جوابه عن هذه الإشكالية "الجيلية":
"إن الشعراء الفاشلين وحدهم من يبحثون عن (جيل) يؤرشفهم ويدوّن أسماءهم في أضابيره، أما الشعراء الحقيقيون فكل الأجيال هي جيلهم الذي ينتمون إليه ويرفدونه بنعمة انتسابهم له" (الفصل الخامس).
مثلما يوزن الحطاب مفردات قصائده بعناية ودقه دون إسراف أو مغالاة، منحنا الحوار بينه وبين سرمك آفاقا جديدة عن رؤية الشاعر لكثير من قضايا الشعر والنثر والموت والحرب الحرب
يمكنني القول إن الكتاب "السرمكي" يشكّل إطلالة واعية على منجز الحطاب في الشعر والنثر، وان كان الناقد قد أكّد فيه أنه هو "جزء أول" من رصده لتجربة الشاعر جواد الحطاب، وأن هناك جزءا ثانيا في الطريق، لكن ذلك لم يمنع الناقد من صحبة القارئ في رحلة نقدية للتمتع بين ثنايا تاريخ إبداعي يمتد لأربعة عقود، ويبدأ منهجيا في تأشيرها في عام 1978 كأول إطلالة شعرية شكلت اهتماما نقديا وبداية شعرية واثقة حين نشر ديوانه الأول "سلاما أيها الفقراء" والذي منحه صفة مشرفة كشاعر للفقراء "هؤلاء هم من سكن أصابعي، من تسلقوها كما يتسلق السحرة المكانس في الحكايات الخرافية" كما يقول الحطاب عن فقرائه في ص164.
ولم يتاخر طويلا بعدها في النشر إذ أنجز مجموعة شعرية للأطفال عام 1982 "يا قمرا في البصرة" ليتبعها في نشر مجموعة قصصية أسماها "تلال يغسلها الصباح"، وبودي أن أشير هنا إلى انتباهة الناقد حسين سرمك إلى أن إحدى قصائد الحطاب المكتوبة للأطفال والتي أسمها "الفيل يستحم" قد أقرتها وزارة التربية السورية لتكون ضمن المنهج الدراسي الابتدائي، وتصبح إحدى محفوظات الطفولة كأيقونة جمالية تعلّم التلاميذ وهم في بدايات سني دراستهم الأولية الخيال والكلمة المموسقة، وهو ما لم تنتبه إليه وزارة تربيتنا العراقية.
تضمن الكتاب الذي استعرضه هنا، خمسة فصول مبتدءا بـ عشبة جلجامش وأفعى الحطاب. والفصل الثاني "فندق الموت والخلود تأملات تحليلية في رواية يوميات فندق ابن الهيثم". أما الفصل الثالث فكان عن "نرسيس الحطاب" وهي تحليل لقصيدة زهرة نرسيس من مجموعة "شتاء عاطل" عام 1997. والفصل الرابع "دماء على القباب المذهبة" تحليل لقصيدة "استغاثة الاعزل" في رثاء الشهيدة أطوار بهجت. والفصل الخامس والاخير "سرمك يحاور الحطاب"، ولعله أخطر فصول الكتاب، حيث تمكن الناقد وبما يملكه من براعة نقدية - نفسية، باعتباره طبيبا نفسيا بارعا، من الغور إلى أعماق الشاعر واستجواب مكامنه في حوارية بإمكاني القول عنها إنها "وثيقة" تاريخية لكونها شملت محطات عديدة في تجربة جواد الحطاب الشعرية والحياتية، لاسيما ونحن جميعا نعرف أن الشاعر الحطاب ضنين بالمقابلات، وغالبا ما يتهرب منها، وهذا الفصل يحسب لحسين سرمك حقا.
في الفصل الأول يفتتح الناقد كتابه باقتباس من الحطاب "في نيتي أن امتطي البحر - وأضع اللجام في فكيه"، وهو تغليف ماهر كما يقول سرمك عندما أقتطع الحطاب في البداية جزءا من الملحمة، ويذكر هنا حديث ننسون ام جلجامش الى الإله شمش:
"علام اعطيت ولدي جلجامش
قلبا مضطربا لا يستقر
وحثثته
فاعتزم سفرا بعيدا"
وقد انطلق سرمك في محاولة جادة لإعطاء دور مهم للتحليل النفسي على اعتبار أن بعض الاختيارات لا تتم اعتباطا أو دون توافق نفسي، ليختم الفصل بتلك الرؤيا التي تنظر للخلود من زاوية خلود الكلمة وبقائها، وتتضح رؤية الشاعر ومعتقداته عن الحياة والموت والمصير الإنساني الهش والمرتبك المسكون بالرغبة في الحياة الأبدية، الحطاب الذي يدفعه خياله بقوة المهماز ليتنفس رائحة اللوحات الحجرية:
"المهماز بخاصرتي
اتنفس رائحة اللوحات الحجرية
أسال هذا النهر الواقف عن حكمته
وأصادق وحش البر
يا صاحبة الحانة
أبحث عن نار
أنضج فيها الحلم
وماء
أغسل فيه الليل". (قصيدة الرحلة الثانية لجلجامش)
وحسنا فعل حسين سرمك، وكان موفقا في استقرائه لـ "يوميات ابن الهيثم" والذي تابع هذا الجانب من تجربة الحطّاب النثرية، أو الروائية المهمة والتي سجّل فيها الشاعر "يوميات فندق الموت"، والتي لم يتوان في مقدمتها عن إثارة قضية انحيازه للفقراء، وبالتأكيد أن "سرمك" لم يخترها اعتباطا، وإنما أراد من خلالها أن يوثّق كيف أن الحطاب منح الفقراء جل ما يكتب سواء في الشعر أو النثر: "لا أحد يعرف الوطن مثلما نعرفه نحن الفقراء، فقد بنيناه طابوقة طابوقة، وعبدناه، شارعا شارعا".
وفي مكان آخر ينقل الناقد الدكتور حسين سرمك عن الحطاب في يومياته تلك، وكأنّه ينقل قصيدة سردية "أعزي النفس، يا نفسي، كم يدفع الآخرون كي يصلوا إلى ما وصلت إليه، كم حياة يدفعون بدلا لحياتك في الحرب؟ ثم انهض ضاربا ركبتي بقبضتي.. ياللبهاء.. أن تمسك موتك من أبطيه وترفعه بمؤازرة عينيك تتمعن في وجهه!".
إنني بالمحبة اغوي الحياة
اليوميات التي أفرد لها الكتاب فصلا كاملا، هي عبارة عن مذكرات يومية لمحارب قضى سنوات الحرب، وكتب عنها بكل صدق وأمانة مقدما لنا الجندي بكل حالاته الإنسانية من شجاعة وخوف وحب، ليتنقل بنا في صفحات الرواية عبر عشرات المواقف التي تؤكد وطنيته التي لم يزل أمينا لها حتى اليوم، بالرغم من أن البلاد قد أكلت الحرب خيرة شبابها وجعلت أيامها، وأيام الحطاب، مجللة بالسواد والفجيعة، لكن قدر الشعراء وكبار المبدعين أن يكونوا محكومين بالأمل لحين انبعاث أوطانهم.
ولا مجال هنا في تلك القراءة لبحث اليوميات التي ختمها سرمك حين أشار إلى أن الحطاب كان متشائلا في يومياته، حين أكّد في إحدى إجاباته لسرمك من أن أنواط الشجاعة تباع اليوم في الأرصفة مع الأحذية العسكرية، لكنها مرحلة تاريخية كتب عنها الحطاب بمصداقية ووعي عميق. أما القصيدة التي يطالب الحطاب بقراءتها في غالبية المهرجانات التي يدعى للاشتراك فيها سواء من قبل الجمهور أو الهيئات التنظيمية وبإصرار، وأعني هنا قصيدة "زهرة نرسيس" والتي ضمنها الناقد في فصله الثالث، وأشبعها بحثا من الجانب النفسي والعاطفي، ولعلّ من المتعة ان أذكر النص هنا:
".. كل من عاشر امرأة
دون إذني
عدوي!
كل من عاشرت رجلا
ليس يشبهني
خائنة!
أنا ودّ الاله على الأرض
معجزتي
أنني بالمحبة اغوي الحياة
لي: كل النساء - فقط
وللآخرين
الذي
قد تبقى من الكائنات!"
ويستحضرني قول للدكتورة الناقدة دجلة السماوي استقطعه من دراستها الطويلة عن القصيدة النرسيسية، حيث تصف السماوي الشاعر الحطاب بانّه في هذه القصيدة قد "نصّب نفسه حاكما عسكريا لقضية المرأة" مضيفة أن "جواد الحطاب قد صاغ باقتدار مشهود له قصيدة غرائبية فشكل ذلك رصيدا جديدا من الابتكار يضعه ضمن طليعة المبدعين المبتكرين في لعبه بالكلمات"، وهو ما توصّل إليه الناقد حسين سرمك كذلك.
الفصل ما قبل الاخير "دماء على قباب مذهبة" هو تحليل لقصيدة "استغاثة الأعزل" قصيدة الرثاء الكبيرة للشهيدة أطوار بهجت، وقد كان د. حسين سرمك منصفا حين وصف تلك المرثية بالمرعبة، وهو يشير إلى حجم الألم الذي سكبه الحطاب في نص مائز، في يوم غريب على تقاويم أيامنا ليظهر بجلاء عري القيم الجديدة في زمن ما بعد السقوط وارتفاع أسهم القتل في بورصة الإرهاب، والسقوط المدوي لها "ما أنتن الرجولة حين تنفرد بامرأة عزلاء" في مكان يحمل قدسية ومهابة من المفروض أن تراعى فيه حرمة الدم، وخصوصا دم النساء البريئات.
قصيدة الشهيدة مؤشر على ذلك المنحى التصاعدي لفجائعنا فاختيار العنوان "استغاثة الأعزل" له دلالاته الرمزية في وطن يفخخ نفسه كل يوم "القادمون من العتمة – الهواة بسمكرة الأجساد – نصبوا الكمائن للغزالة — وتراهنوا: خارطة العراق على صدرها – ذهب – أم شبه – السمكريون الهواة – اشتغلوا بغطرسة - على جسد الغزالة – واكتشفوا - أن الخرائط - من – بهجة وأطوار".
هذه القصيدة من المراثي الخالدة التي توقف عندها النقاد ومتابعو شعر جواد الحطّاب، لأنه حمل فيها عروش العصافير ومشى فوق شرايين المدينة المستباحة في فضاء محتقن ولا يبدو عبثيا السؤال المرعب الذي أطلقته القصيدة: من أين جاء طوفان الحقد والهمجية والقتل على الهوية في عراق الأنبياء والرسل والأديان السماوية؟!
ومثلما يوزن الحطاب مفردات قصائده بعناية ودقه دون إسراف أو مغالاة، منحنا الحوار بينه وبين سرمك آفاقا جديدة عن رؤية الشاعر لكثير من قضايا الشعر، والنثر، والموت، والحرب، الحرب التي أجاب صراحة أنه لم ينتم اليها، بقدر ما انتمى للفقراء الذين تقاسم معهم على السواتر الرغيف، والشظايا، لأنهم معين قصائده الذي لم يزل ينهل منه.
ختاما.. تحية إعجاب كبيرة للناقد الكبير حسين سرمك وهو يضيف لمكتباتنا سفرا نقديا عن الحطاب الذي بات محط الدراسات الأكاديمية داخل العراق وخارجه.

الاديب
قاسم محمد مجيد
بغدا
د

و ما زلت تعيِّدين يا دمشق بقلم / الشاعر محمد الدمشقي

نقلا  عن ملتقى
حديث الياسمين مع التقدير:
،،،
و ما زلت تعيِّدين يا دمشق ،و تكبرين و تهللين ... تمسحين غبار الحزن عن نوافذك .. تنهضين بعصافيرك كل صباح ... و تحتسين قهوتك على الشرفات الفيروزية مع يمامة تناجي السماء ... أنا لحبيبي و حبيبي إلي .. يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي ... انا لحبيبي و حبيبي إلي .....
ما زلت تنثرين الهم على الأرصفة العتيقة ... تكابرين على الوجع ، و تسيرين نحو قاسيون مبتسمة واثقة ... تشربين الأمل من بردى الحزين و تنتظرين الحافلة كي تمري بركن الدين و الفيحاء و المهاجرين .... تخلعين رداء الأنين ... و ترتدين صابرة ... بهاء الياسمين
ما تزال شوارعك مزدحمة كل عيد ، بناتك الصغيرات يرقصن كالفراشات ، يتباهين بأثوابهن المزركشة الجميلة . و صبيانك الصغار ما زالوا يشاغبون و يتمسكون بأعمدة الأراجيح بصمتهم المذعور ، و يتركون الصراخ للبنات اللواتي يمسكن بإخوانهن الصبيان و يحمينهن كالأمهات ، بينما يتباهى الطفل السوري الصغير بأنه لا يضحك عندما يركب الأرجوحة إلا على أخته الخائفة كلما ارتفعت الأرجوحة عاليا فوق أسراب الأسى و الموت . و ( قويها بالشدة ما بننزل إلا بقتلة ) .
لم يعد الصغار يلعبون بالمفرقعات ، لأنها خذلتهم عند آخر عيد و تحولت إلى قنابل حقيقية و قذائف هاون .
غدرت بهم البنادق ، لم تعد ألعابا، و رصاصها قتل الكثير من أحلامهم ، لكنهم ما زالوا مصرين على صنع الفرح ، و ارتداء ثوب البراءة .
لا تحرم دمشق نفسها من بهجة العيد أبدا ، حتى الجنود على الحواجز لمعوا أحذيتهم ، و شاهدوا هوياتنا ببسمة مرددين : ( كل عام و أنتم بخير ) ، ليحرسوا ضحكة العيد رغم كل المنغصات و الحر الشديد ......
.
و ما زال طريق الربوة أخضر ...يعج بالمشتاقين للهواء الطلق ، كي يلوثوه بالأراجيل و السجائر و الشواء صار الشواء يستخدم لفتح الشهية ، لكنها رائحة لذيذة على كل حال لبعض المارة من هنا دون مكوث .. فالدخول ليس مضمونا و قد يبقون بلا طعام لمدة شهر كامل من أجل تناول وجبة مشاوي في مطعم يأكل رواتبهم و يرمي لهم بفتات سعادة مشوية . .
كل شيء في دمشق متمسك بالحياة ، شجيرات الطرقات العطشى ، إشارات المرور المتذمرة ،الساحات و الأسواق المكتظة .
تلك العجوز التي تتحدى العمر ب(أرجيلة) غير آبهة برئتيها المليئتين بالدموع و الذكريات و لا مانع من إحراق بعضها كي يمر العمر .
و هذا الشاب الذي يتشاجر مع صديقه لأجل ورقة شيخ القلب ( الكبة ) و يناوله 4 ( لطوش ) ... ثم يدق كفه بكف زميله و هو يغمزه كي يرمي ورقة البستوني الأخيرة في يده و يقول ( ما بدنا غش يا شباب )
...
و هذا النادل الذي يحمل الطلبات و موبايله على كتفه يتكلم مع حبيبته و ينجح في إيصال الفناجين كاملة دون أن تهتز .
آلمتني فقط تلك الطفلة الصغيرة كالزهرة و هي تتسول بين السيارات ... ربما تتسول وطناً يحفظ لها براءتها ... و يمنحها ثوب عيد جديد ... لا تتأرجح فيه ايامها على حبال الأقوياء
رائعة أنت يا دمشق ... يا بسمة الحزن العنيدة ... يا راسخة الكبرياء ... لا شيء يهزم ياسمينك ... بيضاء دائما مهما تصارعت من حولك الألوان .
إيه أيها العيد متى سترتدينا عمرا كاملا ... لماذا تصر على ارتدائنا أربعة أيام فقط ثم تخلعنا و تمضي بأراجيحك و نبقى ننتظرك و نفرح بك و ليتك يوما تفرح بنا
،،،
محمد الدمشقي ....
منذ سنتين و نصف تقريبا بتصرف


في حومانة الوهج بقلم / الشاعر احسان الموسوي

في حومانة الوهج
........................
ماذا
... يضرك يا سليل البوح والرؤيا
أخيراً،
لوعرجت مجنحاً
بالحبِّ والكلم النديِّ
على سراجِ الأنبياء
........
حيث المدينة
لاترى بالعين
لكن بالبصيرة والرجاء
العين تقلقها البروق
تهاب أوماضَ البهاء
والروح تصعد حرة
عشقاً
الى حيث العلا
إن المسار بلا إنتهاء
لكنَّ هذا لقلب
......يعشق نجمة
.......... يسري على راح السنا
ًطيراً يحلق في الفضاء
خلجات
روحي لم تزل
ترنو
.........على حذر
من المجهول
أمضي صامتاً
حلمي دفين في دمي
كي
.......لايراه اللائمون
لأنني أهوى
...ملامسة الشعاع..
مازلت
في وهج الطماح
مجنحاً...
أرقى رويداً
في معاريج القصائدِ،
واللواعجُ جمرةُ المسرى،
براقاً في الطريق
الى السماء
إحسان الموسوي البصري

سجين في ساعة الرمل بقلم / غسان الحجاج

سجين في ساعة الرمل
........................
السهرُ زلزالٌ مستمر.
وعينايَ كهفانِ يرتجفان،
نيران الاشواق
بردٌ بلا سلام .
ذكريات الوداع تكسر قلبي
كل حين.
اضلاعي سلّمٌ
لحبيبةٍ ما
عادت تجيد التسلق،
هوانا يرتعشُ
من هول الانهيار الاخير.
قلت لها تسلّقي
كما يحلو لكِ ان تعذبيني
فما عاد الأسى غريباً..
رئتايَ من سلالة التنانين،
عجبا لقلبي المسموع الوجيب،
كأنه عصْرٌ سديمي يمارس لعبة الانفجار
أعصاب المسافةِ
قِدْرٌ يغلي على نار الغضا
وهواجسي شموعٌ تأبى ان تذوب .
فتيلها خرافةٌ
من البرق السادر
صمتي العتيق يقهقه ألماً!!
" الطير يرقصُ مذبوحاً..."
ذلك الذي يشبهني
ذلك الذي حقق معي معادلته الكاملة
فأنا وهو صنوان
من شريحةٍ واحدة.
لم اعدْ ارى أيَّ انعكاسٍ لصورتي القديمة
في بكاء الغيوم
كما كنت في ربيع المواسم
يبدو انهم
سرقوا ظلي المشاغب
بحجة نيةِ الانقلاب على غياهب الغيلان.
السبات الذي غزلته العناكب الغريبة الاطوار
توابيتٌ فاغرةُ الافواهِ
هنا في بلاد الهجير الموتُ يشعر بالتعب
ضجرٌ هنالك في بلاد الضباب
الجحود يأكل ملامحَ الوطن
وانا انظر بلا عيونٍ
سجين في ساعة الرمل
تلك التماثيل تغتابني،
حينما ابصرتني باحثاً عن فأسٍ أبي القديمة
ضحكتْ!!
لأنني كبيرهم الذي أنكرهم
بعد ان غير الحبُّ لون الطين الحميم.
سأطلب العفو من عشيرتي،
أعرافها الموتورةُ
لا تؤمنُ بأساطيِر الهوى.
كانوا على حق،
الانكسارُ واحدٌ
في نهاية المطاف،
والقطيعةُ
فأسٌ لا ترحم.
مهلاً ايتها الريح الشاحبة
فتلك بقاياي
لا تطئيها بأقدام الرمال الكاذبة.
عجباً كيف عدتُ الى سيرتي الاولى
لكنَّ العصرَ السديميَّ مازال يطاردني
ساعةُ الرملِ
تحتجز عينيَّ
تحت الاقامة الجبرية
وما زلتُ
رغم القضبانِ
أسمع صوتَ النحيبٍ البعيد
والوجيب القريب.

اغلفة العصيان قراءة في نص( من أرشيف الذاكرة )لغازي الموسوي بقلم / الروائي الناقد جمال قيسي

اغلفة العصيان
قراءة في نص( من أرشيف الذاكرة )لغازي الموسوي
بقلم أ.الناقدJamal Jamal Kyse
،،،
لمرة اخرى ،،يضعني صديقي الشاعر والناقد الكبير غازي الموسوي ،،في متاهة ،،ليس بسبب الغموض الذي يلف نصوصه،،وهو امر يمكن لقارئ مثلي ان يسبر أغوارها ،،أقول الحق انا أتعذب ،،لعذاباته التي يغلفها ،،بتطرفات قصية ،،حتى تبدو عصية على المتلقي،،هو يكتم سره ،،فالزمن الذي يعيشه لايعطيه رخصة للبوح ،،ينثر رسائل الأوجاع السيزيفية ،،في النصوص،،التي يحملها الشفرات ،،كمن يحفر مسّلة بطلاسم ،،سيفك ألغازها. من أتى بوجع مشابه مع مكنة في اللغة والبلاغة ،،واليوم يطل علينا بمقطع سردي ،،ولكني سابوح ،،وأتكلم ،،ربما هو ارد البوح لكن بلسان. غيره ،،في هذا المرة سأتعامل. مع نص سردي،،بنقد سردي ،،معزز بقراءة متماهية مع النص يحكمها تصوري عن البعد السايكلوجي ،،
بطبيعة الحال غازي الموسوي ،،رجل خجول ،،تعرض لتجربة قاسية زادت من كتمانه ،،وفي عملية تصالح مع الذات ،،اتخذ المسرب الاستشراقي في التصوف،،وهذا واضح بمعظم نصوصه،،لكن التاريخ يابى ان يغادر التجربة الشخصية ،،فهو قبل تعرضعه ،،للتجربة الشخصية المريرة ،،مثقف منفتح على الحركة الثقافية العالمية،،فهو من جيل السبعينات عندما كان شابًا في الجامعة ،وهذا الجيل العراقي هو اكبر ثروة يمكن لبلد ان يحظى بها ،لولا ،،لولا ،،لعنت لولا ،،على قولة مظفر النواب ،،حيث انتقل الصراع القومي الشيوعي الذي كان يقتسم الساحة الاجتماعية العراقية المثقفة الى مستوى الإبادة ،،تحت ظل صعود الحزب الواحد والهيمنة التي افضت الى الدكتاتورية المريرة ،،ومن ثم الانزلاق بحرب ضروس ،،كانت حصيلتها خسارة العراق خيرة شبابها المثقف،،ان لم يكن قد قتل،،فانه وقع بالأسر ،،او حتى من نجا خرج بتعويق نفسي،،وجروح عميقة في الوجدان ،،الحصيلة ماذا ؟ ،،المثقف وجد نفسه في مسرح بيكيت بانتظار غودو ،،او في عوالم اليوت ،،في الارض اليباب ،،كان الامر على هذه الحالة لابأس به،،لكن السوء في زيادة،،اذ حلت دياجين القرون المظلمة ،،بالاسلمة السياسية ،،الاقصائية الدموية،،والتي اتخذت من جلد الذات،،بمحاكمة قاسية للتاريخ ،،في محاولة لفك عقده،،والأغبياء. لايعرفون ان الزمن قد مضى ،، ولاعودة لكل ما مضى،،من يفتقد فن التوقيت ،،فهو خاسر لا محالة،،،
غازي الموسوي،،هذه الروح الكبيرة ،،ما عرفت الراحة ،،تتنقل من زنزانة الى اخرى،،مع انخفاض مناسيب المقاومة بحكم الزمن،،
وعودة على النص،،فنيًّا وعلى قصر المقطع ،،نسمع صوت السارد الموضوعي العليم ،،في التبئير الخارجي،،لينتقل الى سارد ذاتي عليم ،،ليكون التبئير داخلي مع مشاركة لصوت آخر ،،مع اغراق في الوصف الغير مباشر،،اي بمعنى وصف بعمق سايكلوجي ،،على طريقة كافكا ،،في المحاكمة ،،،
والكافكوية ،،ظاهرة متفردة في علم السرد ،،لايمتلك ناصيتها الا القلة ،،حتى عندما تناولها باختين ،،عزل اُسلوب كافكا ،،عن محددات السرد،،واعتبرها ظاهرة خاصة ،،وانا برأي المتواضع هي مزيج بين الوصف والبعد السايكلوجي الذي يكاد يكتمل الا قليلا رغم الاغراق فيه ،،ليترك القارئ في لوعة غير مشخصة تعتيم شديد رغم كثرة الانارة ،،مع مسحة من أندريه بروتون لاحقاً ،،الشاعر السوريالي المهم ،،فأنت تشعر ان هناك شيء مفقود ،،رغم الكثرة التي بين يديك ،،وسأذكر. هنا معلومة قد قرأتها قبل عشرات السنين ،،ربما تنطبق على نص غازي الموسوي،،الكافكوي العراقي،،،تقول المعلومة ان احدى تجارب غسل الدماغ النفسية للجيش الامريكي ،،انهم جاؤوا بفصيل عسكري مثالي القدرات العقلية ،،الى قاعة سينما،،وتم عرض فلم سينمائي لهم وتعمد القائمون على التجربة برفع لقطة واحدة من نهاية كل مشهد ،،حتى لايشعر المشاهد ،،بالقطع،،،وعند انتهاء العرض كانت النتائج مذهلة،،فكل من شاهد الفيلم ،،اما اصبح بحالة هستيرية او من تلبسته الكآبة،،في نص غازي الموسوي كما في نصوص كافكا ،،تجعلك في حالة هستيرية،،اما اذا كنت متمرس فأنت من رهط الكآبة ،،
كان كافكا يهوديًا يعيش في ألمانيا ،،وهو يراقب صعود تيار النازية والمعاداة للسامية ،،ولأنه أديب كبير ومثقف رفيع. استشعر ببصيرته لما ستؤول له الامور،،فترجم حال اليهودي،،في غمرة العالم الذي ينوي سحق اليهودية ،،وكذلك مصرع الانسان العالق رغم عنه في هذا العالم السيء ،،وغازي الموسوي ،،مر بنفس التجربة مع اختلاف المعطيات،،
مع ان بعض الأصدقاء ،،أشار بشكل غير مباشر ،،الى ان النص ربما يجب ان ينسب الى السيرة الذاتية ،،في السرد،،ولكني اختلف معهم ،،الان غازي الموسوي لاتقل معاناته عن زنزانته الاولى،،ربما اتسعت الرقعة المكانية لكن القضبان كثرت،،والاسيجة تعددت ،،و الحرسي. تناسل الى عدد لايحصى ،،المقطع السردي على فخامته أغرقه غازي الموسوي ،،بالبلاغة الشعرية،،ولا عجب فهو شاعر فذ،،ومتمكن من ناصية اللغة،،،
انا قرأته دعوة للعصيان والرفض،،،لكن برشاقة ودماثة عرف بها ،،هذا الانسان الرقيق،،صاحب المشاعر اللطيفة ،،

تحياتي سيدي،،،،
جمال قيسي / بغداد
………………………………………………………………………………………………………………………………
لم يخرجوهم ،
الى ساحة التعداد هذا اليوم..
هو يعلم انها ليست اكثر من فرصة للمطامنة..
ولكنه راضٍ بحثاً عن نوع من التسكين..
فهذا هو الممكن الآن!!،
لذا فقد كان المرجل يتلظى بين أضلاعه،وماعاد قادراً حتى على المناورة..
إذ كان الحصار ضاغطاً بشكل مهول من الخارج، وكانت جمرة الدخيلة لاهبة هي الأخرى بما لايطيقه سوى نوع بالغ الخصوصية من الرجال ..
من هنا امسى كمن ينطوي على عبوة موشكة على الإنفجار!!..
كل ذلك في جانب ولكن وقوفها قبالته الآن كأبهى ماتكون ،وفي اعذب واشهى احوالها ،في جانب آخر..فلم يك قادراً البتة على زحزحة شبحها الملائكي لحظة واحدة ،
من هنا كان مضطراً الى رقصته الملوية المعتادة كنوع من الحل المؤقت..حتى اصابه الدوار فسارع الى الامساك بالقضبان بكلتا يديه ومن شدة حرقته والتياعه راح يهزُّها بقوة كمن يشعر بالإختناق..
كان الحرسيُّ قريباً جداً فبادره قائلاً..
- هل تظن انك قادر على اقتلاع القضبان ?!.. 
قال ذلك مبتسماً بنوع من السخرية المكتومة،وكان يفهم لغته تماماً،والاجدى ان لايجيبه،فهو يعلم ان الإجابة ستلقي به الى التهلكة،فلماذا يمثل دور البطل من غير طائل..إلا انه تمتم مع نفسه:
-الى متى ايها الشرق الغريب الأطوار?!.. 
هو يتذكر جيداً كيف ألقَوا به ذات ليل بهيم في الزنزانة الانفرادية الموصودة..
تلك التي تتصل بما لايطيب ذكره..
يكفي القول بان زخم الروائح،كان يمنع استذكاره لنوع السائل المحيط بهيكله العظمي المتبقي من جسده المتهالك.. ولهذا لم ينبس ببنت شفة قط..
بيد ان سؤال الحرسيِّ قد اسهم في إفلات مخيلته من حصار الدخيلة الهاصر،ولكنه في نفس اللحظة القى به في اتون حصار الواقع المقيت،فراح يسأل نفسه..
- ترى اي الحصارين اشدّ عليك ايها ال....
احيانا يحار بماذا يسمي نفسه وهو في هذه الحال،حيث المنفى الذي لاتصل اليه اجنحة الطير..لاخبر..لاصلة بالعالم الخارجي..لاصحيفة..لاتلفاز..كان هناك جهاز راديو تم دفنه بعيداً عن العيون،ولكنّ أحداً ما دلَّ عليه، فأخذوه، مثلما يُنتَزَع
قلب نابض من بين الضلوع..الحقيقة انهم كانوا مستعدين لتقديم انفسهم فداء لشدة اهميته ..فهو خيط الاتصال الوحيد ..بل ودليل الإنتماء الى الأحياء الوحيد أيضاً..
لكن ليسوا كلهم طبعاً،فها هو يتسائل مع نفسه..
- ترى هل أنت مستعداً يا....
م- ماذا قلت...?!
خاطبه صاحب سجنه مندهشاً..
- لاشيئ ياصاحبي..كنت اغني فقط..
- وهل هذا نوع جديد من الغناء?!
- نعم ياعزيزي،انه نوع جديد!!
ضحكا معاً على انغام شرّ البلية،ثم ضربا كفّاً بكفٍّ..
إنها لحظات اكثر غرابة من عجائب الدنيا ..أن يضحكوا وهم في وسط الجحيم!!..
مع ذلك ،توسد كل منهما بطانيته الوحيدة ،واضعاً تحت رأسه كيسه الملئ باللاشئ، الا من بعض علب السجائر الفارغة..
- لا اعرف بالضبط ،لِمَ احتفظُ بهذه العلب الخاوية?!..
ثم كأنه تنبه الى أمر ما..
-هاااا..تذكرت الان..يبدو انني سأصاب بالزهايمر المبكر..
مدّ يده الى كتف صاحبه المغمض العينين على يقظة صامتة،اذ سرعان ما تلفت هذا الصاحب قائلاً:
-ماذا هناك?!...
-منذ متى نفظت جيوبك?!
- ذكرتني والله ،فلقد كانت على بالي ولكنني في قنوط!!..
وقفز كالملدوغ من فراشه الوثير جداً جداً ،خلعا قميصيهما معاً،ثم بدءا بتفتيش الجيوب عن " الفعفع"بحثاً عن ذرات التبغ المنثورة فيها..دفع صاحبنا يده داخل كيسه ،واعني وسادته الناعمة..اخرج احدى علب السجائر الفارغة..قرب كأس ماء غريب اللون والطعم والرائحة..غمس مقطعاً من علبة السجائر في الماء لحظات..قشع باطنها الابيض الرقيق..تركه حتى يجف رويداً.. صار قريبا من شكل لفافة التبغ..جمعا مابينهما من (الفعفع).. وضعاه على نيّة التبغ داخل اللفافة..كوّره بشكل دقيق وحذر بحرص شديد جداً..بلل حافّته من ريقه ..اغلق اللفافة جيداً.. مسّدها بلطف حميم ..ثم قدمها لصاحبه قائلاً:
- انت الاول ياصاحبي..
قالها كمن يقدم له حورية من الفردوس..راحا يتبادلان تقبيلها بشغف عجيب حد انهمار الرضاب الاسود الثقيل ،حتى اوشكت على ان تلفظ انفاسها الاخيرة..عندها وصلت رائحتها الزكية المثيرة لاحد النائمين ،فناداهما بخجل الملهوف..
- هل بقي شئ منها?!
- نعم ..تعال ..خذها..هذا المتبقي كله لك..
ولم يكن غير ذيلٍ من القطران،ولكنه تلقفها شاكراً ممتناً جذلاً،ثم توارى حتى زاوية الزنزانة لكي لايشاركه فطين آخر..
بينا القى صاحبنا 
راسه على كيس الثروة الحميم..اغمض عينيه على صورة معشوقته قائلا:
-كلي امل ان اراك ياحبيبتي بعد قليل!!
وضع يمينه تحت خده..بسملَ بصوت خفيض ،
ثم نام 

مثل محنط قديم!!




من ارشيف الذاكرة: بقلم / الاديب غازي احمد الموسوي



من ارشيف الذاكرة:
-------------
مهداة الى اخويَّ
Jamal kyse .أ
وأ.Jassim Alsalman
وجميع الاصدقاء
مع التقدير 
------------------
لم يخرجوهم ،
الى ساحة التعداد هذا اليوم..
هو يعلم انها ليست اكثر من فرصة للمطامنة..
ولكنه راضٍ بحثاً عن نوع من التسكين..
فهذا هو الممكن الآن!!،
لذا فقد كان المرجل يتلظى بين أضلاعه،وماعاد قادراً حتى على المناورة..
إذ كان الحصار ضاغطاً بشكل مهول من الخارج، وكانت جمرة الدخيلة لاهبة هي الأخرى بما لايطيقه سوى نوع بالغ الخصوصية من الرجال ..
من هنا امسى كمن ينطوي على عبوة موشكة على الإنفجار!!..
كل ذلك في جانب ولكن وقوفها قبالته الآن كأبهى ماتكون ،وفي اعذب واشهى احوالها ،في جانب آخر..فلم يك قادراً البتة على زحزحة شبحها الملائكي لحظة واحدة ،
من هنا كان مضطراً الى رقصته الملوية المعتادة كنوع من الحل المؤقت..حتى اصابه الدوار فسارع الى الامساك بالقضبان بكلتا يديه ومن شدة حرقته والتياعه راح يهزُّها بقوة كمن يشعر بالإختناق..
كان الحرسيُّ قريباً جداً فبادره قائلاً..
- هل تظن انك قادر على اقتلاع القضبان ?!.. 
قال ذلك مبتسماً بنوع من السخرية المكتومة،وكان يفهم لغته تماماً،والاجدى ان لايجيبه،فهو يعلم ان الإجابة ستلقي به الى التهلكة،فلماذا يمثل دور البطل من غير طائل..إلا انه تمتم مع نفسه:
-الى متى ايها الشرق الغريب الأطوار?!.. 
هو يتذكر جيداً كيف ألقَوا به ذات ليل بهيم في الزنزانة الانفرادية الموصودة..
تلك التي تتصل بما لايطيب ذكره..
يكفي القول بان زخم الروائح،كان يمنع استذكاره لنوع السائل المحيط بهيكله العظمي المتبقي من جسده المتهالك.. ولهذا لم ينبس ببنت شفة قط..
بيد ان سؤال الحرسيِّ قد اسهم في إفلات مخيلته من حصار الدخيلة الهاصر،ولكنه في نفس اللحظة القى به في اتون حصار الواقع المقيت،فراح يسأل نفسه..
- ترى اي الحصارين اشدّ عليك ايها ال....
احيانا يحار بماذا يسمي نفسه وهو في هذه الحال،حيث المنفى الذي لاتصل اليه اجنحة الطير..لاخبر..لاصلة بالعالم الخارجي..لاصحيفة..لاتلفاز..كان هناك جهاز راديو تم دفنه بعيداً عن العيون،ولكنّ أحداً ما دلَّ عليه، فأخذوه، مثلما يُنتَزَع
قلب نابض من بين الضلوع..الحقيقة انهم كانوا مستعدين لتقديم انفسهم فداء لشدة اهميته ..فهو خيط الاتصال الوحيد ..بل ودليل الإنتماء الى الأحياء الوحيد أيضاً..
لكن ليسوا كلهم طبعاً،فها هو يتسائل مع نفسه..
- ترى هل أنت مستعداً يا....
- ماذا قلت...?!
خاطبه صاحب سجنه مندهشاً..
- لاشيئ ياصاحبي..كنت اغني فقط..
- وهل هذا نوع جديد من الغناء?!
- نعم ياعزيزي،انه نوع جديد!!
ضحكا معاً على انغام شرّ البلية،ثم ضربا كفّاً بكفٍّ..
إنها لحظات اكثر غرابة من عجائب الدنيا ..أن يضحكوا وهم في وسط الجحيم!!..
مع ذلك ،توسد كل منهما بطانيته الوحيدة ،واضعاً تحت رأسه كيسه الملئ باللاشئ، الا من بعض علب السجائر الفارغة..
- لا اعرف بالضبط ،لِمَ احتفظُ بهذه العلب الخاوية?!..
ثم كأنه تنبه الى أمر ما..
-هاااا..تذكرت الان..يبدو انني سأصاب بالزهايمر المبكر..
مدّ يده الى كتف صاحبه المغمض العينين على يقظة صامتة،اذ سرعان ما تلفت هذا الصاحب قائلاً:
-ماذا هناك?!...
-منذ متى نفظت جيوبك?!
- ذكرتني والله ،فلقد كانت على بالي ولكنني في قنوط!!..
وقفز كالملدوغ من فراشه الوثير جداً جداً ،خلعا قميصيهما معاً،ثم بدءا بتفتيش الجيوب عن " الفعفع"بحثاً عن ذرات التبغ المنثورة فيها..دفع صاحبنا يده داخل كيسه ،واعني وسادته الناعمة..اخرج احدى علب السجائر الفارغة..قرب كأس ماء غريب اللون والطعم والرائحة..غمس مقطعاً من علبة السجائر في الماء لحظات..قشع باطنها الابيض الرقيق..تركه حتى يجف رويداً.. صار قريبا من شكل لفافة التبغ..جمعا مابينهما من (الفعفع).. وضعاه على نيّة التبغ داخل اللفافة..كوّره بشكل دقيق وحذر بحرص شديد جداً..بلل حافّته من ريقه ..اغلق اللفافة جيداً.. مسّدها بلطف حميم ..ثم قدمها لصاحبه قائلاً:
- انت الاول ياصاحبي..
قالها كمن يقدم له حورية من الفردوس..راحا يتبادلان تقبيلها بشغف عجيب حد انهمار الرضاب الاسود الثقيل ،حتى اوشكت على ان تلفظ انفاسها الاخيرة..عندها وصلت رائحتها الزكية المثيرة لاحد النائمين ،فناداهما بخجل الملهوف..
- هل بقي شئ منها?!
- نعم ..تعال ..خذها..هذا المتبقي كله لك..
ولم يكن غير ذيلٍ من القطران،ولكنه تلقفها شاكراً ممتناً جذلاً،ثم توارى حتى زاوية الزنزانة لكي لايشاركه فطين آخر..
بينا القى صاحبنا 
راسه على كيس الثروة الحميم..اغمض عينيه على صورة معشوقته قائلا:
-كلي امل ان اراك ياحبيبتي بعد قليل!!
وضع يمينه تحت خده..بسملَ بصوت خفيض ،
ثم نام 
مثل محنط قديم!!...
..يتبع..
-

تعقيب جاسم السلمان
صديقي العزيز ابا النعمان، 
اتذكر لما كان النور سطوعا ونحن نواجه الحياة في الجانب المقابل للوطن كان ليس نوعا من العشو أو الأنحراف في الستماتزم، كانت العيون تتقلص وتضيق ثم ماتلبث لترى أن الحلم عاد حقيقة، وأن أحلامنا التي نراها بأنتظام في نومنا الحقيقي و
صلت الى حدها الأقصى وانفصلت عن ليالي الرعب تلك، حين كان يستحيل علينا ان نبرئ أنفسنا من تهم لم نرتكبها أو ان نعرف من هم الذين وجهوا لنا هذه التهم أو ندرك لماذا كان يحرم علينا ان نعيش؟ نحن لانريد ان نشفى ابدا من أفيون ذاك الزمن الذي حنطناه في وجداننا رغم غثيانه. ورغم ان الاخرين لايردون ان يغسلوا ذنوبهم بعدما كانوا قد انزلقوا في منحدر مختلف وحاولوا ليزرعوا السل في صدورنا غير أننا زرعناه مع الشيح والحنظل وبرمناه سجائر ننفذها دخان في الهواء وبصقة بوجوه المنافقين. وكان مناور البدوي وشبرم الملحد الذي هتف بصوت جهوري بوجه الخوانين(الخائن شعبه انگص ايده )وابو غزالة الحمال وبطرس المسيحي اللذين كانوا يراهنون ويقامرون على سباق القملة من اجل لفافة شيح او عندما يعود سيسقف له سمكة طازجة على حدائق ابي نؤاس؟!! 
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطا مشاها. وكنا كما قال ابن العاص، اعيرونا جماجمكم ساعة من نهار فقد بلغ الحق مقطعه. 
ايها الفاضل الملهم لاغرابة في بلاغتك وطريقة أدائك المسموعة والمقروءة والمكتوبة ساحر انت في الكلام ولذيذ مثل كنافة نابلس وحلاوة نهر خوز دائما ما تعود اللغة اليك مثل مهرة اصيلة مطواعة تحت أمرتك. اللغة بالنسبة لك ام وصبية وحبيبة تعيش من خلالها الحياة مضاعفة، ودائما ما تجهر بحبك وودك الطاغي لمحبيك واصدقائك لأنك تتدفق خصوبة وتلوينا قزحيا، فاهك محشو باللؤلؤ وأفكارك مدوية تهذب الكثير من الأشياء لتبرق وتضئ وتسطع في الحياة وبالحياة بالتأمل المحتدم..تحية وسلام ياصاحبي!!

وقفة عاجلة ، مع الشاعر البصري الشاب المهندس المدني علي نجم عبدالله ..

وقفة عاجلة ،مع الشاعر البصري الشاب
المهندس المدني 
علي نجم عبدالله ..
،،،
قصيدته التي بين ايدينا الان من بحر البسيط ،وهي شديدة الارتباط بواقع اللحظات الزمنية الراهنة،واضحة المصداقية ،عميقة الاحساس،تنتهج الكلاسيكية الحديثة لغةً وسياقاتٍ وانساقاً..
وتتصل موسيقياً في نوع من التناص الايقاعي مع قصيدة البيرماني الشهيرة،
ولكنه كان بالغ الذكاء في دفعها بعيداً عن تاثيراته بحكم طبيعة الموضوعة واختلاف القافية،بحيث كانت معالجاته لهدا التناص الجميل رائعة حسنة التخلص ،قوية الموازاة ،رغم كونه مايزال في مرحلة الشباب ،اسعده الله تعالى،ولكنه يتميز كما يبدو بموهبة قوية الحضور..خالص تقديرنا واعتزازنا،والسلام
،،،
يا بصرتي
*******
هامَتْ
على نحرِك ِ
المذبوح ِ أغنيتي
وأستوعبت
من دماء ِالنحر ِمحبرتي
.
لثمت ُصدرَك ِ
والأوجاع ُ تذرفني
فتستريح ُ دموعي
تحت مقصلَتي
.
عفّرت ُ
في دمِك ِ الممتد ّ
في قلمي
في فطرتي ،
كل ّ حرف ٍ
مَل ّ أدعيتي
.
يا خمرة ً العشق ِ
يا فجرا ًأُريد َ به ِ
ألّا يقوم َ
على أنغام ِ مأذنتي
.
يا زفرة َ الغضب ِ
الغافي على مُقَلي
يا شهقَة َالنَفَسِ
المخنوق ِفي رئتي
.
ما للنخيل ِ
على عينيك ِ
يابسة ٌجذورُه ُ
وهو يشدو فيك ِ
بسملتي
.
ما للمياه ِ
على خَدّيك ِ مالحة ٌ
طعما ًقد ِإستذوَقَتْهُ
في الهوى شفَتي
.
ما للصغار ِ
امانيهم غَدَت تَلَفا ً
يستمرئون َ صُراخا ً
قعر َ محفظتي
.
ما للشباب ِ
زهور َالحب ّقد دفنوا
وإستقربوا اليأس َ
في إستصال ِ سنبلتي
.
ما للشيوخ ِ
أضاع َالوضع ُ
حكمتَهم ؟!
واسلموك ِ
الى الجزّار ِ سيّدتي
.
لا بّد ّ
من وقفة ٍ للحر ّ
في زمن ٍ
كي نستعيد َالذي
قد فاتَ من جِدَتي
.
فلا الصلاة ُ
لها دور ٌإذا قعَدوا
ولا الدعاء ُ،
ضياع ٌبين أضرحتي
.
من بعد ِإيماننا
لا بد ّ من عمل ٍ
الله ُ قال ،
فهَلّا قمت َ يا ابتي

انا،،،الاخر،،،البصرة بقلم / الروائي جمال قيسي

انا،،،الاخر،،،البصرة
،،،
تختاض ،،روحي ،،بالمشاعر،،لكن يدي تمسك،،وتتمنع الكلمات ،،
انا في مأزق ،،لست من الذين ،،يسكتون عن كلمة الحق،،على قدر إيماني بالوجهة. الصحيحة ،،فمنذ اندلاع التظاهرات في البصرة،،حشرت بزاوية المراقبة،،والصمت المكره،،لا أنكر اني شككت ،،كنت انتظر حتى ترقى الاحتجاجات الشعبية العفوية الى روح المقاومة،،لكني في قرارة نفسي وحكمة السنين،،راهنت على الشباب،،واعرف ان من مسه الجوع والضر ،،هو سيف الهي مشرع ،،وكذلك ان التاريخ قد تخطى كل الدعاوي الايديولوجية ،،لكن الروح القومي،،روح الشعب،،هي العامل الخفي للتاريخ ، وبعيدًا عن الانفعال العاطفي، ،،أقول البصرة بوابة تحرير العراق ،،فهناك خلف شباك وفيقة ،،تكمن الحرية،،وخلف شباك وفيقة ،،يقف كاظم الحجاج ،،وإسماعيل فتاح الترك،،وفؤاد سالم ،،وغازي ابو طبيخ، وكريم القاسم ، وابو طيف التميمي،،وغسان الحجاج ، وثامر الغريب ، وفيصل لعيبي ، وشعراء المدينة الشباب،،
وليعلم اهلنا في البصرة،،ان كل العراق معهم ،،في الكلمة والموقف،،
فأنا. والاخر والبصرة ،،هو قضية كل العراق
جمال قيسي / بغداد


كلمة بحجم نزيف وطن بقلم / الامين العام لاتحاد وكتاب العراق الشاعر ابراهيم الخياط

كلمة بحجم نزيف وطن
نصّ الكلمة التي ألقاها الأمين العام لاتحاد أدباء العراق الشاعر ابراهيم الخياط صباح الجمعة ٧ أيلول ٢٠١٨ في افتتاح الملتقى الثالث للرواية الذي عقده اتحاد أدباء البصرة على قاعة فندق شيراتون البصرة:
صباحُ الخير على بصرة الخير..
زميلاتي العزيزات .. زملائي الأعزاء..
أساتذتي الأجلاء..
ضيوفَنا الأكارم..
في حضرة البصرة أنشد ما قاله أبو فرات في حقّ أبي الطيّب:
وأنّا أمةٌ خُلقتْ لتبقى ... وأنتَ دليلُ بُقياها عَيانا
وأنت يا بصرتنا دليلُ بقائنا أمسِ واليومَ وغداً.. وباسم الجواهري واتحاده الكبير.. اتحاد أدباء العراق، أحييكِ يا سرّ بقائنا، وأنقلُ لكم تحياتِ قيادة اتحادنا وأعضائه كافة..
وباسمهم أحيي البصرة الهادرة التي مثلها لا عين رأت ولا أذن سمعت فبين المدائن هي الأحبّ الأحنّ الأرق الأطهر الأقرب، أحيي البصرة المترعة بالمراقد والمنائر والشناشيلات والثورات والانتفاضات والملاحم الوطنية والثقافية، أحيي البصرة الحيّة.
كما أحيي وأشكرُ اتحاد أدباء البصرة.. الدكتور والهيأتين الإدارية والعامة وهيأة الرأي الموقرة... لهم نقدّم تحية احترام وتقدير وامتنان، ولا غرو فَمَن غير البصرة تتجرأ وتعقد مهرجانات استثنائية، مرة للرواية ومرة لقصيدة النثر، ومرات بيافطة المربد العظيم، ونبارك للبصرة الكبيرة اهتمامها بالرواية لدرجة عقد ملتقيات متسلسلة عنها بعد أن صارت باستحقاق جنس العصر وبعد أن صارت الناس تجد متعتها في الرواية لأنها تصور واقعا - حقا وافتراضيا - مكتظا بالإثارة والتشويق والتخيل والسرد والصور والعلاقات واللغة الساحرة، وصار الروائي خالقا صديقا بعد أن فقدت الحياة الحقيقية حلاوتها.
أيها المحتفلون الأكارم..
يا أهلنا.. أيها المكتوون والرافضون والمتظاهرون..
تمسكوا بمطالبكم الحقة المشروعة السلمية ولا طلب أحقّ وأكثر مشروعية وشرعية ودستورية من توفير الماء الصالح للشرب، تمسكوا ونحن معكم، والعراق كله معكم، وسخم الله وجوه الحكومتين المحلية والاتحادية عضوا عضوا ومسؤولا مسؤولا ووزيرا وزيرا وفردا فردا وفردة فردة، وان قال قائل: هذه بذاءة، فسيجيبه مظفر مفحماً مقحماً أن إغفروا لي كلماتي القاسية،
بعضكم سيقول: بذيئة.. أروني موقفاً أكثر بذاءة مما نحن فيه..
أيّها الحفل الكريم..
ويبقى اتحاد الأدباء مع البصرة ومع المطالب ومع الرواية ومع الشعر ومع الكبير مظفر:
- ولكن أين البصرة؟
- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
- بل يوصلني
- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
- بل يوصلني البحر إلى البصرة
- قلنا لا يوصلك البحر إلى البصرة؟
- أحمل كلَّ البحر وأوصل نفسي
أو تأتي البصرة إن شاءَ الله
بحكم العشق
وأوصلها..
........
........
أيها الجمع البصري العراقي المثقف الحبيب المهيب..
نحييكم ونكرر القول الحقّ:
نعم للمطالب وكلا للحرق والحرائق
نعم للبصرة وكلا للخراب
نعم ونعم وسلامٌ على البصرة وعلى شهداء هبّتها الشعبية ومنتفضيها ومثقفيها وأدبائها وأهلها اللاأطيّب منهم ومن تمرها وحنائها وملحها حتى..
أنحني لجمالك ونضالك وصبرك الالهي يا بصرتنا يا لؤلؤة الخليج وبندقية العراق ومدرسة العراقين..
بردا وسلاما عليك أمّنا البصرة..
وبردا وسلاما وسلام عليكم..