الأحد، 26 فبراير 2017

قراءة متأخرة في نص متقدم"للشاعر علي فياض -ياسادتي هذه حكايتي - بقلم الناقد / شاكر الخياط

"قراءة متأخرة في نص متقدم"
ياسادتي هذه حكايتي - علي فياض
لمشغولياتي الكثيرة التي ابتليت بها قد تفوتني ولاكثر من مرة انتباهة ما لنص جميل يحمل بين طياته مادة نقدية رائعة تقع نتيجة الانشغال ومستلزمات الحياة في حكم النسيان او السهو او الانشغال فقط، كم يسعدني ان يستهويني نص يجبرني لجماله ولقوة السبك فيه ان اقف واتمعن وادقق لعلي ارى الشاعر او الكاتب من خلال ذلك النص ثم انحو منحى المتأمل ماذا كان يريد المبدع وراء هذا النص؟ وما الذي يمكن ان يأت به من جديد؟ وهل نجح المبدع حسب امكانيات حكمي المتواضعة؟ ام ان النص اجترَّ نفسه ككثير من النصوص التي لايُجهد الاديب نفسه في التدقيق والاعادة والنظر ثانية وثالثة قبل النشر لكي يكون المولود ابنا او بنتا من الجمال ان يقبله الجميع ويُقبُّله المختصون...
هذه الملاحظات او لنقل التمنيات على صاحب اي قلم فيما يختار نثرا كان ام شعرا للوصول الى السمو والرفعة وصولا الى حالى الابداع المميزة بين باقي النصوص الاخرى.. وانا هنا في معرض حديثي عن هذه القصيدة او كما قال ووسمها صاحبها المبدع علي فياض بالحكاية ويالها من حكاية تجرأت فيها الشاعرية على الشخصنة، وتماهى الايقاع مع المعنى، فكان انسيابا كالماء رقراقا في مرة وحاد في نزوله كالشلال في اخرى، ومع كل الهدوء الذي التزمه الشاعر رغم ماكان يدفعه من حدة ثورة ولكز لقوائم فرسه الجامح وقوة مشاعر طافحة ارادت ان تقول المجدي او الملخص الموضوع في نهاية القصيدة حتى بتنا كقراء نتابع القصيدة بنفس الروح التي كتبها الشاعر آخذا بنا دون ادنى قياد ودون ادنى امر بان نتبعه الى نهايتها لكي نرى في الخاتمة سر هذه الحكاية وكل منا يقينا ومن يقرأ بتمعن سيكون حاله كحالي دون ادنى شك لكي يرى بعد انتظار متابعة وقراءة وتوقع وخيال وتخمين وقرار هل الحكاية تعني الحبيبة؟ تلك البنت الشقراء ذات الشعر الذهبي البراق زرقاء العينيين؟؟ كلا.. اذا هي بنت سمراء طبيعية في قوامها شعرها اسود فاحم وعيناها لابد ان تكون سوداء او على اكثر الظن عسلية!! كلا ثانية! هل هي المحبوبة المرسومة هياما؟ هل هي الزوجة؟ هل هي الام؟ هل هي... او هل هي ...؟؟ وكثيرة هي الاسئلة وانا امر على السطور في تلك الانسيابية الشفافة الهادئة العالية الايقاع حتى لان القاريء الذي يجيد فهم الجرس والعارف بموسيقى الشعر يمكنه بلا ادنى شك ودون ادنى جهد ان يغني تلك الابيات لانها مغناة اصلا وكأنها كتبت ملحنة لكي يؤديها ( كورال) ملائكي ذو اجنحة نورانية، اقدامه في الارض وراسه كمجموعة في السماء، حتى يختلط الصوت بالصدى بعد ان قارب اجتياز او تجاوز طبقات السماء العلا صادحا ملائكيا الى حيث العوالم الاخرى.. اي سهل ممتنع واي انثيال اخاذ واي مطر ربيعي يعشقه الصغار وتغرد لاجله البلابل؟! هكذا وجدت هذا النص وهكذا يجب ان ترتقي مثل هذه النصوص فمكانها ليس الارض انها ستستقر في سماوات لايطالها الا المبدعون المحبون للشعر لغة وايقاعا ونغما وجرسا ومشاعر وتنقلات تعلو عن الكلام العادي واللغة البسيطة فتشوح نفسها بما تستحق...
تلك رؤيتي لهذه القصيدة التي اهدي شاعرها اجمل التحايا وارق الاماني بالتوفيق والابداع الدائم...
خالص اعتباري.





النص:
(يا سادتي هذه حكايتي)~
~~~~~~~~~~~~
حبيبتي ...
سيّدة جميلة مُدلّلة
تصحو كلّ يومٍ
على صوت نايٍ
ومواويلِ فُلّه
وشَعرُها المنسابُ على شبابيكها
قدرٌ جميلٌ يأتي على غفلة
ودِيكُها المفتون عند الضحى
ينثرُ الصباحَ على أهداب تلّة
وينزلُ ضيفاً على مشاوير الرّعاة
و يسرقُ من شفاه البساتين قُبله
ويبدأ الدجاج
يُزيّن الأدراج
وترقصُ الأحراج
على إيقاع طبلة
حبيبتي...
الجميلة النبيلة المدلّلة
شبابُها نسور .. نساؤها أهلّه
أطفالها بدور ..جميلةٌ جذلى
مياهها طهور ..كعسلِ النحلة
لا مياه النيل تشبهها
ولا أمواج دجله
حبيبتي تاريخها يبدأ
من مزامير داوود شمالاً
وجنوباً حتّى مضارب عبلة
حبيبتي ...
لا تشيخ ولن تشيخ
حبيبتي ما لها تاريخ
ولا تتبعْ لدولة
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
حبيبتي...
قبيلة من الحكايا
فقصّةٌ تعربش فوق الصدور
وقصّة تنمو بين الحنايا
وكلُّ قصائدها تُرتّل فجراً
لتمحو عنّا كلّ الخطايا
ونغفو .. وأغفو في خِدرها
ويداها التوءمان هما يدايَ
وألمسُ فيها خصر الغيوم
وأسمعُ فيها عطرَ الصبايا
فيا سادتي :
أنا مجنون حبيبتي وقيسُها
وليس هناك مجنون سوايا
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
(2)
حبيبتي...
وحمةٌ على خدِّ برتقالة
ولحنٌ تفتّتَ على اضلعي
وصوتُ نبيٍّ وصوتُ ابتهالهْ
حبيبتي ..
نبيذٌ مُعتّقٌ .. يا سادهْ
فاشربوا واشربوا حتّى الثّمالة
وانثروا فوق أوجاعها روحي
فوجعُها صعب لا أُطيقُ احتمالهْ
~~~~~~~~~~~~~~
(3)
حبيبتي يزورها الشتاء
كلّما حلَّ المغيبْ
يعبثُ في ضفائرها
ينام فوق بيادرها
كالعندليـبْ
وتنزل الغابات رويداً رويداً
على سلالم الصفصاف
وأدراج الزبيب ْ
لترضعَ من أظافرها
عنباً وخمراً
ومن أشجارها بعض الحليبْ
~~~~~~~~~~~~~~~~~
(4)
حبيبتي... سكّانها
كأهداب المشط سواسية
فلا آثمٌ .. ولا ناقمٌ
لا حاقدٌ .. ولا داهية
وصغيرها وكبيرها
يأكلون من صحنٍ واحدٍ وآنية
حبيبتي مَرضيّة وراضية
فالنبيُّ يزورها كلّ عام مرّة
والله يزورها كلّ ساعةٍ وثانية
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
(5)
حبيبتي ....
تعيش بلا قيودٍ
وخارج أوامر السلطة
وكلُّ من فيها وما فيها
يقرأ كتاب العادلين
وما تيسّر له من سورة الغبطة
حبيبتي ....
حاكمةٌ وعادلة
وواهبة ومانحة
تهدينا كلّ صباح
جيشاً من يراع
ودفاتر من نعناع
وقصائد من حنطة
فيا سادتي :
هذا الكلام الجميل عن حبيبتي
وآخر الكلام يا سادتي نقطة
~~~~~~~~~~~~~
تعقيب كريم القاسم
كريم القاسم حبيبي الاستاذ الكبير شاكر ... لاادري كييف أقَسّم الجمال بينك وبين النص ، لكن يبقى الناقد هو الدال على التعريف لهذه الجماليات ، هذه المرة وجدت استرسالك النقدي يجري جريانا هادئاً ، لعل الجمال المفعم بالواقعية الهادئة التي طرز الفياض قصيدته بها ، جعلتك تمتزج معه ، حتى جاء النص النقدي متوائما مع جمال النص ...حقاً انه اختيار ذكي يستحق هذه الاشادة النقدية . تقديري الكبير .
تعقيب غسان الحجاج
غسان الآدمي لمحت  الإشراقات التي ظهرت من شمسين عانقت شمس النهار في هذا الفضاء الرحب الذي صنع ابعاده النص والقراءة النقدية بأجواء من الانثيال الشلالي الهادر والهادئ في الوقت ذاته ..تحياتي لكما الاستاذ الناقد شاكر الخياط والأستاذ الشاعر علي فياض
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
آفاق نقديه الحديث عن ايقاع النص حسمه الناقد الكبير الاستاذ Shakir AL Khaiatt بما لامزيد عليه..
لكنني اتسائل مع لالناقد والشاعر عن جانبين لايقلان اهمية وأعني خيار السرد الحكائي الدي اعطاه نوعا من الفرادة علي ما نحن معتادون عليه في قصيد النثر على وجه الخصوص..
والث
اني اتساءل عن نوع المجاز واغراضه التي غلفت المضمون الحقيقي , وقدمت لنا سطحا متعمد البناء واضح القصدية ولكننا نفهم او نتفهم اسبابه وعلله ومنها الني تمنح كاتبه روعة التبرير والتفسير ..
اذن الى ماذا احالنا الشاعر..?!
ماهو الماوراء الخفي الذي يقف عميقا خلف الكلمات في الاجمال العام..?!..
اسئلة ربما تشي بوجود نوع من الاقنعة الايجابية لروح محكية تحت مجاز يكاد ينطق من دون تصريح..
ولكم مررت على هذا النص ..ولكم اعدت قراءته..ولكم استوقفتني بعض مقاصبره التي تتساحل مع العروض احيانا, حتى لتجبر كاتبنا او شاعرنا على التقفيات المتعاقبه..
ولفد كنت قلقا ..لايمكنني الحسم..حسم الموقف بالضد او مع النص..وكانني كنت محتاجا جديا الى عين الصقر الهيتي او لربما اذنه لهذا القول الفصل..بعدها:
اذا قالت حذام.......
ومالنا الا التسليم ..ثقة بألإذن التي طالما اثبتت دقتها العجيبة علي طول المسار..اخي وحبيبي ابا عبدالله ..كل التقدير ايها الغالي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق