الأحد، 12 فبراير 2017

يا حــــادي العيــس: بقلم / ماهر الامين

يا حــــادي العيــس:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يا حَـــادِيَ العِيْسِ نَاحَتْ عِنْدَنَا طَلَلُ … فارْفُـقْ بِهَـا قـدْ مَضَـتْ تَـدْعُـوْ وتَبْتَهِـلُ
واسْتغْفِـرِ الذّنْـبَ للأطْــــــلَالِ رَوَّعها … صَـرْفُ السِّنيْـنِ وذاكَ الخَطْـبُ والبَـدَلُ
كُنَّـا وكانـتْ فلا قَلْـبٌ ترفَّقَهـــــــــــا … أو صَـانَ عَهْــــدًا لها نَــادَتْ بـهِ الرُّسلُ
تـَقَاَذَفَتْهَـا العَــــوَادِيْ وهْيَ شاخِصَةٌ …رُوْحٌ مِنَ الأرضِ بالأرواحِ تَتَّصِـــــــــــــلُ
هِـيَ الطُّلــــــــــوْلُ أقامَ الجَوْرُ مَحْفَلَهُ … بِها وغنَّى لهُ فـــــي حِـجْـرِها وَجِـلُ
هِـيَ الدِّيَـــــــــارُ دِيَارُ العُـرْبِ أجْمَعِها … نَاحَـتْ حِجَارتُهــــــــــا والأرْضُ والطَّلَلُ
آهٍ وآهٍ صـــــــــــــــدَاها رجْعُهُ وجَعٌ … وألفُ آهٍ علَى الأطــــــــــــــلالِ يا رجُـلُ
ترْكتُ قَوْمِــي وجِئْتُ العِيْسَ أُسْمِعُها … بَثَّ المَــــــــــوَاجعِ ِلا ألْــوِيْ ولا أَصِلُ
على جبيْنــي وُسُومٌ ساءَ مِيسَمُهَا …وفِي ضُلــوعِي هَشيْمُ النَّـــارِ يشتَعِلُ
إذا سَكَتُّ فَإِنِّــــــــــي قَابِضٌ كَبِدِيْ …وإِنْ نَطَقْتُ فَإنِّــــــــــــــــيْ بَاسِطٌ جَزِلُ
هلْ أقْـفَـرَتْ قَـدَمًـا حتّــــــــــــــى تَبَـوَّأَهَـا …مَـــــنْ لا يُـعَـدُّ لـهُ وزْنٌ ولا ثِقَـلُ؟
حتّى اعْتَلاها الـــــــــــــــذي قد ساءَ طالِعُهُ … وصَارَ في رَبْعِهَا يمشِي ويَنْتَقِلُ؟
ألا نُصَــــــــــادِفُ مَنْ يَأسَى لِكَبْـوَتِنَـا… يَذُوْدُ عَـنْ حَــوْضِنَـا ذَوْدًا ويَقْتَتِـــــــلُ؟
هذا صديــــــــــــقٌ لنَا ساءَتْ سَرِِيْرَتُهُ … وذا أخٌ قدْ بَـدا فِـــــي عَيْنِـهِ الحَـوَلُ
فـــــــــــــــلا يَضِيْــرُكَ إلا ثَلَّـةٌ نَفَــرَتْ … ولا يَغِيْظُـــــــــــــكَ إلا مُفسِـدٌ دَغِـلُ
مَشَى بِها فَرِحًا يَعْلُــــــــــــوْ بِسَوْءَتِهِ… واخْتَالَ فِــــــــي زَهْـوِهِ يَفْرِيْ ويَبْتَذِلٌ
تخـالف الناس في قــــــول وفي عملٍ...فلا يغُرّك أن الرَّكب مُكتمِـــــــــــــــلُ
يا حَـــادِيَ العِيْسِ سَلْ تَعْرِفْ شَمائِلَنَا …أنْدَى الشَّمَـــــائِلِ أزْكَاهَا فَمَنْ يَصِلُ
(لمْ نبْلغ المَجدَ إلّا عَنْ مُكَاَبَـــــــــدَةٍ) …ولـمْ نَحُـزْ قَـدَمًا إلّا وقـدْ سَفَلُـــــــــــوا
هل يُنكرونَ وفِي أسْفـــارهم سِيَمٌ … لنا وفِي ســـــــــــــــالف الأيّامِ مُتَكَلُ؟
أَلَا يَصِيْـحُ حَسِيْــــــرٌ مِنْ ضَمَائِرِهِمْ …ومَا الضَّمِيْـــــــــــــرُ ومَا معْنَاهُ يا خَجَلُ؟
وما الكـــــلامُ عنِ الأخْلاقِ في زَمَنٍ …أَقَـلُّ أوْزارِهِ التَزْيِيْـــــــــــــــفُ والدَّخَلُ؟
ومَا مَتَاعُكِ يا دنُيَـــــــــــا وقَدْ نَزَفَتْ … أكْبَــــــــــــــادُنَا وبِنَا الأوْهَـانُ والعِلَـلُ؟
ومَا المَنَـــــــابِرُ والتَّرْغِيْبُ فِي وَطَنٍ … تُذَالُ فيْهِ الحِمَـــــــى والعِرضُ والمُثُلُ؟
ومَا مَقَـــــــــــالاتُنا والحَرْفُ ننْشُرُهُ …إذا اسْتُبِيَحَـــــــــــتْ بِـهِ أمْ انَّهُ الجَدَلُ؟
رِفْقًا جَنَانِــــــي فَقَدْ فَاقَتْ مَصَائِبُنَا… وجَاوَزَتْ صَبْــــــــــــــــرَنَا مَا قَصَّرَ الثِّقَلُ
مَا قَصَّــــــــرَتْ ثُلَّةٌ أَعْمَي بَصَائِرَهَا … مَا تَشْتَهِـــــي مِنْ دَمٍ بِالطُّهْرِ يَغْتَسِلُ
لَكِنَّهَا الأَرْضُ تَطْوِيْنَا عَلَـــــــى خَذَرٍ…حَتَّـــــــــــــى وإِنْ أَعْجَزَتْنَا فَوْقَهَا اَلْحِيَلُ
فَلْتَشْتَهِــــي كَيْفَمَا شَـاءَتْ بِنَا دِوَلٌ… مَا كُلُ مَا يُشْتَهَـــــــــــى يَا جَوْرُ يُحْتَمَل
ماهر الأمين/ مصر
 
تعقيب غسان الحجاج
هذه القصيدة أعادتني كبساطً سحري الى عصور النهضة العربية من خلال بوابة الاطلال التي فتحتها وجدانية الاستاذ الشاعر ماهر الامين وانا استشعر بالحرارة الكامنة التي تتناضح من خلال معنى الاحتجاج الرافض للواقع المزري المتمثل بكل بيت من ابيات القصيدة بطريقة رثائية نسجتها شاعرية الحزن الموغل في قلب الشاعر ..
لقد كان الوقوف على اطلال الحبيبة أمرا متعارف عليه لدى الشعراء الاولين ولكن هنا تعدت الوقفة الى اطلال وطن غيبت ملامحه الخطوب والمآسي التي صنعها الطغاة ..
تحياتي لرصانة القلم الماهر الذي يتقن السبك الشعري ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق