الأحد، 12 فبراير 2017

على مشارف الأفول قصيدة نثر للشاعر العراقي قاسم سهم سهم الربيعي قراءة نقدية بقلم / أحمد السيد

- على مشارف الأفول
قصيدة نثر للشاعر العراقي قاسم سهم سهم الربيعي
بقلم أحمد السيد
...
هذه التجربة الشعرية الناضجة تثبت بما لا مجال فيه للشك أن الفن فن بالإبداع الجذاب لا بالمقاييس المسبقة. فقاسم الربيعي يقف بهذا النص المكثف بإيحاﺀاته العميقة و استعاراته الطازجة جنبا إلى جنب من سبقوه من فحول الشعر العربي الذين رثوا أنفسهم. كعبد يغوث الحارثي و امرئ القيس و مالك بن الريب و حافظ إبراهيم.
يبدأ النص بالاستعارة الضدية :
أجدب الربيع
أينع الخريف

فالشباب(الربيع) ولى و صار يبابا ..و نَضُجَ خريف العمر و لم يبق إلا موات الشتاﺀ..إذ يعود المرﺀ إلى أمه الأرض بعد رحلة العمر كما تعود النوارس :
عادت النوارس مثقلة بشواظ السنين
أنكرتها الشطآن

و ذلك لأن مرور الزمن لم يترك الصورة الأولى على بهائها . فيدُ الزمن لم تترك شيئا على ماكان عليه :
أشرعة ممزقة
مرساة ضائعة

و أكثر من ذلك التجاعيد و أخاديد الزمن على الوجه :
خرائط شقوق أرضٍ
أضناها الظمأ
رُسِمَتْ على ملامحي
مشوبة ببؤس القحط

و في هذه اللوحة الرثائية يماثل الشاعر بين الذات و الطبيعة لأنه يرى العالم - على طريقة الرومنتيكيين - من منظار الذات.
فشقوق الأرض و جفافها و قحطها هي تجاعيد وجه على مشارف الأفول.

و الاحتفال بالطبيعة بحرا و برا ما هو إلا صدى العالم النفسي لشاعر يودع العالم و لا ينسى أزمة الذات في دوامة الغياب :
دوامة أمواج تتقاذفني
مكنونات قلقة
أفكار مضطربة
رأس لا تستقر على شيﺀ
خلجات تنفثني في فضاﺀات العدم

و في هذه الدوامة و التمزق الداخلي هل من مهرب ؟ :
أهرب مني إلي
لا منجاة
ألوذ بجلباب خيباتي
علها تسعفني
أتكئ على ظلي
أتعلق بخيوط أوهام واهنة

حالة احتضار متخيَّلة يحاسب الشاعر فيها نفسه :
أضللت الطريق ؟
أم الطريق أضلني

و الدخول في ظلمات الموت المطبق يستحضر له. الشاعر الليل المَرْقَسِيّ :
"و ليلٍ كموج البحر أرخى سدوله "
هذا الليل الثقيل المطبق يعزف لحن عواﺀ
يختلج بين الأضلع
رياح البين تختزل أفراحي
تدكدك العمر مؤذنا بالرحيل
لا مناص ..

إذن كما قال الشاعر قبل أسطر أنه يهرب و لكن
لامنجاة
ها هو يؤكد أنه :
لا مناص
فالموت حين يأتي يصبح هو الحقيقة التي لا تدفع ..و لا بد أن تقع.
على مشارفِ الأفولِ
::::::::::::::::: ::::

أجْدبَ الربيعُ..
أيْنعَ الخريفُ...
عادتِ النوارسُ مثقلةً
بشواظِ السنين..
أنكرتها الشطآن ُ…
طيورُ السنونو هجرت أعشاشها..
دون رجعة…
أشرعةٌ ممزقةٌ ..
مرساةٌ ضائعةٌ…
دوامةُ أمواجٍ تتقاذفني...
مكنوناتٌ قلقةٌ..
أفكارٌ مضطربةٌ..
رأسٌ لايستقرُ على شيءٍ..
خلجاتٌ تنفثُني في فضاءاتِ
العدمِ…
أهربُ مني ..إليَّ..
لامنجاةً…
ألوذُ بجلبابِ خيباتي..
علَّها تُسعفني ..
أتكيءُ على ظلي..
أتعلقُ بخيوط أوهامٍ
واهنةٍ…
أأضللتُ الطريقَ؟..
ام الطريقُ أضَّلني ؟…
خرائطُ شقوقِ أرضٍ
أضناها الظمأُ ..
رُسِمَتْ على ملامحي..
مشوبةٌ ببؤسِ القحطِ…
"وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدوله..." ١
يعزفُ لحنَ عُواءٍ ..
يختلجُ بين الأضلُعِ…
رياحُ البينِ تختزلُ
أفراحي…
تدكدكَ العمرُ مؤذناً بالرحيلِ..
لامناص ؟!…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق