الأحد، 5 فبراير 2017

بقلم الدكتورة / نجاح باراوي

- التفكير الخلاق :
 .. من أسمى الأهداف الإنسانية المعاصرة على الصعيد الفردي والمجتمعي العام  :
- الارتقاء بمستوى التفكير الفردي وإثرائه بما ينعكس إيجابيا على الحياة  لرفع مستوى التواصل الاجتماعي الخاص والعام
 ولجعل هذا البحث علمي إجرائي
مفيد على أرض الواقع
لابد من تعرفنا اولا على آلية عمل العقل
هذا العضو الذي اعتبره الكثير من الباحثين  في أفضل نظرة تقييمية له
  كالحاسوب ..
ثم اكتشفنا لاحقا ..
أن هذا التشبيه  ليس أفضل طريقة لوصفه وفهم  آلية عمله
كونه عبارة عن حاضنة نوعية مخصصة لتجميع وترتيب الأفكار الواردة
 بطريقة تتحول لتتشكل على صورة أنماط مقولبة ثابتة ..
فعقولنا في حالة بحث دائم عن الأنماط ولاتستطيع التفكير إلا بصورة نمطية ثابتة ..
لذلك تعمل عقولنا على تنظيم
وإعادة ترتيب المخزون لديها باستمرار ..
عن طريق استقبال أفكار جديدة
 ثم ترتيبها  وإدراجها ضمن الأنماط المخزونة المتناسبة معها
فالأفكار الواردة يدخلها العقل
 ليضمها إلى خانتها في ضوء ماهو ثابت لديه
من أساليب التفكير ..
.. فالفكرة الجديدة الواردة
 إما يتم تقبلها لتوافقها مع مخزون الأنماط المتوافرة أو أنها تتصارع مع الأفكار القديمة فتصرعها وتحتل مكانها ..
أو تهزم أمامها فيتم رفضها ولفظها خارجا
وقد دأب الباحثون لإيجاد طريق  تستطيع الأفكار الجديدة من خلالها
 أن تتواجد بصورة مسالمة رغم اختلافها وغرابتها ..
وليس نتيجة صراع ونفي واستبعاد فيما بينها وبين الأفكار الأفكار القديمة
وهذا مادعاه / إدوارد دي بونوي  /   بالتفكير الإيجابي الخلاق
فالتفكير الخلاق  
 بمثابة /مقود أو ترس/ الحركة للخلف أثناء القيادة ليساهم  في الفرملة والتأمل وإعادة النظر ..
وقلائل من يستطيعون فعل ذلك
فالغالب يندفع عادة للأمام ليحتل المقدمة بما لديه وبدون تفكير متريث
وفي الواقع  إن حاجتنا كأفراد
/ ملحة / لإتقان ..
- كيفية استخدام هذه المهارة
- ووقت استخدامها
وخاصة عند الحاجة للمناورة والخروج من الأنفاق المسدودة
فالهدف من هذا النوع من التفكير
أحيانا ليس أن نثبت أننا على صواب
بل كثيرا مانرمي إلى أعقد وأبعد من ذلك
كأن نتميز بالكفاءة المناسبة
لاحتواء موقف ما ..
 أو رفع سوية التفاعل مع ظرف غريب طارئ  غير  مسبوق ..
وتعلم طريقة التفكير بكفاءة أكبر وأعمق  أمرا ليس مستحيلا
 وإن كان صعب الممارسة ..

.. إلى جانب أن التفكير الإيجابي الخلاق
 يمكننا من التبصر والانفتاح والتقبل  
 وتجنب التفكير النمطي المقولب
 من خلال إعادة ترتيب أنماط التفكير بطريقة متقبلة لعناصر المعلومات
 غير المتوقعة من قبل أنماط تفكيرنا المعتادة
ونفلح في ذلك أكثر عندما نعتمد
 روح المرح والدعابة للتحلي
 بمرونة أكبر
 في تقبل العناصر الفجة الغريبة علينا
الأمر الذي  يساهم في
- استثارة دوافعنا
- وتعزيز إمكانية إعادة هيكلة أنماط تفكيرنا
- تحررنا من أسر الأنماط القديمة ..
- إحراز نتائج جيدة مبتكرة

وهذا التفكير الإيجابي الخلاق
 متطور عن التفكير الرأسي
الذي تتبناه وتركن إليه ثقافة التفكير التقليدي  وأنظمتها التعليمية الكلاسيكية
التي تستخدم منطق يقيني ثابت متعارف عليه يؤدي إلى حل المشكلة القائمة بقناعة وجود حالة واحدة صحيحة  يجب البحث عنها دائما
وهذا التفكير الرأسي التقليدي
 يحل لنا غالب المشاكل العادية المحيطة التي تتحدانا في الواقع ..
لكن حلوله تبقى ابنة العقلية السائدة التي تعتمد الشائع بعيدا عن أي جديد
لذلك يبقى محدودا ولا يستطيع  أن يسعفنا للقيام بقفزة في التفكير تحتاجها  المشاكل الطارئة غير المألوفة والتي تستدعي منا أن نفكر
 / خارج الصندوق/
- فالتفكير الرأسي يستخدم عادة  لزيادة عمق الحفرة
 بينما التفكير الخلاق فيستخدم للحفر في مكان آخر
والملفت أن التفكير  الدينامي المرن لايلغي التفكير الرأسي بل يكمله ويسد ثغراته
بينما لايعترف التفكير الرأسي بوجود التفكير المرن ولايعيره أية أهمية

- أهم آليات التفكير الخلاق
- توليد الأفكار والخيارات البديلة  للوصول إلى حلول مبتكرة جديدة
- مراجعة الافتراضات
إن إعادة النظر ومراجعة الخيارات المفترضة تقينا من
التعاطي معها بصورة  تلقائية  وتبعدنا عن التقيد بأنماط تفكيرنا الجاهزة والمعتادة
- نظام ترتيب الحصص
هذا النظام يساهم في إعطاء الأفكار الجديدة  المقترحة لحل المشكلة
حجمها المناسب دون تقديس أو استبعادبعيدا عن التورط بتفكير رأسي يقدم فكرة غالبا ما تكون نمطية
  ويجعلها مسيطرة ومعتمدة
 - التشبيه والمقارنة والجمع
لمحاولة رؤية مدى التشابه بين الموقف
  ومشابهاته التي تظهر مختلفة عنه
وهي طريقة تفكير مرنة وتعطي نتائج أفضل لأنها تساعد على اكتشاف خبايا المواضيع المتشابهة ظاهريا المختلفة
جوهريا .
- محاولة التفكير بطريقة معكوسة
كأن نحاول النظر للموضوع بطريقة مختلفة أومناقضة لرؤيتنا المعتادة له وسنذهل بما يمنحنا ذلك من رؤية وأفكار جديدة
- التوصل إلى إيجاد الفكرة الأساس
 أو الفكرة التي تستحق السيطرة
وتلك مهارة لايسهل إتقانها
 ولكنها ضرورية لتحديد  الأفكار المهمة فعليا
- العصف الذهني :
أهم مهارات التفكير الإبداعي ولاينجح إلا من خلال التفكير المرن
   وانفتاحه على الجديد الذي يتحدى  التفكير ليخلق حالة من القلق واختلال التوازن الداخلي الذي ينتهي مع نجاح المهمة  ..
- تعليق إصدار الحكم
الذي يعتمد تقبل الأفكار واختبارها  لمعرفة مدى نجاحها قبل رفضها
وإن كانت في الظاهر مختلفة خارقة لما هو مألوف وشائع
 أهم مزايا التفكير الجانبي الخلاق
من أهم مزايا هذا التفكير أنه لايحمل التزام   أن يكون توليد الأفكار لديه صائبا طوال الوقت ..
بل يبحث فعليا عن الكفاءة والفاعلية العالية مع الأفكار فحسب
لأن شعور الحاجة بأن نكون على صواب بشكل دائم  يقيدنا ويمنعنا من تشكيل الأفكار الجديدة
التي وإن أخطأنا في مراحل تكوينها
  فإننا لابد وأن نصل معها إلى نتائج رائعة
فالمهم هو توليد الأفكار
مع تقبل أن يكون بعضها خاطئ يوحي بالصواب أو صواب نسبي
أو خطأ قابل للتصحيح
فمن أهم صفات الأفكار المتوالدة أنها غالبا ماتكون مبتكرة غير مألوفة الطرح
وكثير منها يختفي في عقولنا بانتظار الانطلاق من أسر مايحجبها
من أنماط تفكيرنا الثابتة في التعاطي والتي تقتصر على المألوف لديها
بما فيها من أوجه القصور
 وهو مايصفه / ادوارد دي بونوي / بأنه: "الجهل الناتج عن أنماط التفكير الثابتة "
ولن نتجاوز محنتنا إلا إذا  جمعنا ورتبنا افكارنا بطريقة جديدة مختلفة عما اعتدنا عليه وعما سحرنا وأسرنا خلال دهر مضى ..
.. فالأصالة المنشودة ستكسبها الأفكار الغريبة بعد الجرأة في تقبلها واعتمادها وضمها إلى مخزون منظومة  تفكيرنا
  .. عبر تفكير خلاق يساهم بتدفق الأفكارالمبتكرة التي ستفاجئنا بنتائج مذهلة في تطوير تفكيرنا وأساليب تعاطينا مع مستجدات طروحات الواقع المحيط المعقد والمتغير باستمرار
 وهي طريقة يعتمدها ذوو التفكير المنفتح الطامح لدفع التفكير الفردي والجمعي نحو الأمام
أما الذين يصرون على التفكير بأنماطهم التقليدية القديمة
فإنهم  سيستمروا في ثوابتهم النمطية
 بعيدا عما نلمح من خلاله
أي نوع من علاقة جدية جدلية توافقية مع المستجدات ..
 إن لم نقل أنهم سيحاربوها لأنها تهدد توازنهم ووجودهم الذي لن يدوم طويلا
 فلن يلحق بالركب وعجلة الزمن
 إلا من يسير مع دورانها السريع

وأقرب مثال حيوي تطبيقي لربط هذا الطرح الأكاديمي النظري بالواقع الحياتي المعاش ..
هو ماحدث مع طروحاتي في منتدى آفاق
هذا المنتدى الذي اعتاد أن  يحتضن ويتناول بعمق  ومهارات نقدية أدبية  وفنية كل ماينتمي لمسماه ومساره الواضح المتعارف عليه لدى رواده كمنتدى / نقدي أدبي /  
.. لكنه لم يتأطر ضمن طروحاته ومهاراته وأنماط التفكير التي تم الارتكاز عليها واستمداد القوة والرسوخ منها في مرحلة وجود وتنامي وصعود
 لا يستمر دون رفده  وتغذية أنماطه الفكرية بجديد يتلاقح معها  ..
من خلال تقبل واحتضان كل مايفتح نوافذ آفاق جديدة لديها حواملها المختلفة
  أمام تحدي المستجدات المذهلة
 التي تفرض نفسها والتي لايمكن تجاهلها وتحاشيها بمعايير ومقاييس تم الركون إليها في مرحلة ما
إن هذا التقبل المنفتح في التفكير كمرجعية في المنتدى واحتضان واحتواء للاختلاف
إنما يكشف مقدار الوعي والعمق والتنوع في منظومة المخزون الثقافي والمعرفي  وفي تحديد الأهداف لدى المسؤولين  ..
وهو كفيل بالحفاظ على سلامة
ورسوخ المسار أكثر
بما لايقارن من مهارات وقدرات أدبية نقدية فذة مبهرة تم  الاعتماد عليها كمرجعية وجود ورسوخ ثري غني لكنه لايمكن ان يستمر بأحادية وجود منفصل مستقل ولابد له عاجلا أم آجلا من الترجل عن عرشه ليفسح المجال لمستجدات أكثر غنى وتنوع  تخطف بريق  التجذر والرسوخ ضمن سيرورة وجود جدلي بعيد عن المكابرة والتمترس  ..
... تحية شكر واحترام لآفاق
لتميزها بتفكير مرن خلاق
            مقالة بقلمي د. نجاح باراوي

هناك تعليق واحد:

  1. نائلة طاهر دكتورة..إدوارد دي بوني ونظرية القبعات الست تشبه نظريات الطاقة الإيجابية التي تتحدث عن الهالات المتحكمة بالإنسان ..يعني الحديث هنا عن التنمية البشرية..بمعنى أدق أن لكل طاقة معرفية ما لو أمكن له استكشافها كاملة فينتج فكرا خلاقا. .والحديث انتهى بك لمقارنة حية وهي منتدانا ..
    نحاول دكتورة أن نظهر الطاقات الكامنة برواد مجموعتنا على قدر الجهد لأن عدد النقاد قلة هنا ..اما بالنسبة للتأطير فنحن عن عمد نلامس كل القضايا من بعيد حتى لا تكون مجموعتنا نخبوية فالقارئ العادي يهرب من جفاف النظريات.
    سعيدة بوجودك معنا ..
    مقال ثري وبوقته.

    ردحذف