الأربعاء، 11 يناير 2017

قراءة في نصّ (ألم وأمل) للشاعر أمين حربا: بقلم / أسامة حيدر

قراءة في نصّ (ألم وأمل) للشاعر أمين حربا:
_________________
سلمية مدينة عبيد الله المهدي خليفة الدولة الفاطمية الأوّل . مدينة محمد الماغوط وإسماعيل عامود وحميد الحاج وفايز خضور وعارف تامر ومصطفى غالب والفيلسوف المفكر إبراهيم فاضل وسامي الجندي وحسين حلاّق وعشرات المفكرين والأدباء والشّعراء ومنهم شاعرنا أمين حربا.
سلمية عبر تاريخها كانت على حوافّ الموت وما تزال يبكيها أبناؤها وتبكيهم محكومة بالموت . يحاصرها الخوف صغيرةً مرميّةً . من الشّرق تحدّها الصحراء الممتدّة حتى العراق الذ...
ي يعشق أبناؤها شعراءه وأصوات الألم والحزن المنبعثة من حناجر أبنائه :( منسيّة على تخوم الموت / يحدّها الجفاف والغبار )
هي المدينة المهدّدة من كلّ الجهات من الشذّاذ وقاطعي الرؤوس ( وحولها يستوطن الدّمار / كظبية أسيرة سبيّة ) لكنّ أبناءها يستميتون من أجلها ولهذا ينتظر الغربان بامتعاض ( وتنعق الغربان بامتعاض / قد ملّت انتظار )
وها الجزّار قد حمل سكينه ليعمل فيها شأوه
وهنا يأتي دور الشّعراء دور حربا ليغرس الأمل في النّفوس وليطمئن محبوبته أنّ النّهار قادمٌ لا محالة وأنّ الصبح ستشرق شمسُه شأنُه في ذلك شأن شعراء الواقعيّة الاشتراكيّة المحكومين بالتفاؤل .
نصّ ( ألم وأمل) يختصر الحكاية ؛ ألم واقع والأمل المرهون بسين التسويف . لغة بسيطة سهلة .وجاء الرّمز شفافاً يكشف عن مضمونه بلا جهدٍ لمن يعرف الحكاية حكاية الظبية الأسيرة السبيّة التي أحاط بها شذّاذ الآفاق من كلّ صوب .
ثمّ انظر إلى هذه الصور :
( الظبية الأسيرة ) هي صورة تحمل إضافة إلى جمالها إحساس الألم الذي يعتصر القلب وأنت ترى الجمال تقيّده أيدي الغدر .
( تنعق الغربان بامتعاض ) : تكشف الصورة هنا عن قيام الغربان بدورها الدّال على الخراب وهي ممتعضة لأنّ الأمر قد تأخّر .وهي تكشف عن إحساس الكره وكذلك صورة الجزّار الذي وصلت ذبيحته وهو يقهقه كاشفاً عن بداية انتصاره وهو يستل سكينه ليعمله فيها .
ما أروعك أيّها الشاعر حين يتدفق إحساسك كلمات تحكي واقعاً وتروي تاريخاً وتضع إطاراً في آنٍ معاً لمدينةٍ يعشقها كلّ من عرفها أو عرف أبناءها إلاّ الحاقدين على الفكر وعلى مدينة الفكر . !!!
___________________
(ألم وأمل)
حبيبتي ترنيمة شرقية
منسيةعلى تخوم الموت
على ضفاف الخوف والحصار
صغيرتي مرمية
محكومة بالجوع والعطش
من شرقها
يحدها الجفاف والغبار
وحولها يستوطن الدمار
كظبية أسيرة سبية
يحوم حولها الشذاذ والتتار
وتنعق الغربان بامتعاض
قد ملت انتظار
وفوق رأسها المليء بالأحزان
يقهقه الجزار
ياطفلتي الأبية
لاتحزني لاتجزعي
فمن صميم الصمت
يدمدم الإعصار
ورغم هذا الحزن والظلام
سيولد النهار.
-ترانيم شرقية-
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
 
آفاق نقديه اتممت التحليل وكفيتنا ايها الناقد الحصيف استاذ اسامة حيدر المبدع..بقيت علينا الاشارة الضرورية الى ان كل ما اشرت اليه جنابك يمشي على جسر حيوي من الموسيقى الرائعه..فقصيدة زميلنا الحربا المبدع الكبير في حقيقتها ارجوزة حركية تحمل هاجس الحرب ذاته ولكن بروح شاعر مسالم طيب المشاعر نقي الاحاسيس ..
وكاني بعروض هذا النص المبني على بحر الرجز المتدفق بقوة وانهمار يحكي نهرا منسابا في رحلة المد الصاعد نحو الانتصار الناجز ..
لقد قدمت لنا (سوناتا )رائعة هذا اليوم اخي وصديقي وزميلي الحبيب استاذ
أسامة حيدر العزيز..غاية الاحسان ايها الغالي. تحياتي..بل وشكري ..
 
رد أسامة حيدر
أسامة حيدر أشكرك أخي وصديقي وأستاذي الأستاذ غازي على إضافتك لقراءتي والتي جعلت منها ذات قيمة .
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
آفاق نقديه قيمتها كبيرة ايها الاستاذ اسامه الفاضل ..وهي التي اضافت لنا الكثير في الواقع..اشكرك من القلب..
 
تعقيب نائلة طاهر
ندى الأدب أحيانا يجعل الناقد الأدبي من نص ما تحفة فنية ليس على سبيل المجاملة للكاتب وإنما أسلوب التحليل و التعرية التي يمارسها الناقد على النص تقنعنا بأن مواطن الجمال كثيرة في النص المتناول وتلك أسميها كفاءة الناقد التي ترى بعينها ما با يراه الكثير أو القليل لأن في هذا النص اتفقت والأستاذ غازي على قيمته .أما أنا فإني أرى أن التحليل فاق القصيدة من حيث القيمة وان الحرفية توفرت فقط بالناقد .فالنص مكتمل نعم وفي إطاره لا حياد عن الخط ولا انهيار بالصور إلى مستوى سفلي لكني أراه عاديا (كقارئة)مقارنة ربما باسم الشاعر الذي صراحة لا أعرفه ويبدو أنه من المبدعين . حكمت على ان المستوى عادي في النص لاني لم أر ابتداعا في الصور تجعل من المفردات المعروفة والكثير في استعمالها من باقي الشعراء تقبل وتعد على أنها جديدة .فلا طفرة لا بالمعاني ولا بالمعجم المستخدم .توقعت بعد قراءة تحليل أسامة حيدر للنص أن يبهرني المكتوب الذي من أجله بُذل كل هذا الجهد والرأي المدلل عليه بأمثلة مفسرة الأبعاد لكني ما وجدت إلا تحليلا تفوق على المحُلل .
عادة لا اقسو على النصوص بل اني اجامل إيمانا مني بأن الكلمة اللطيفة للكاتب تخلق مبدعا بتقدم التجربة ..لكن للأسف خالفت طبيعتي هذه المرة .
احترامي أديبنا للكفاءة الفنية لديك التي تزيد مجموعتنا قيمة.
 
رد أسامة حيدر
أسامة حيدر أختي نائلة :
جرت قليلاً على النصّ ولن أقول على الشّاعر وأنت من أنصار شعر النّثر والغموض فيه .
لا أنكر أنّ النصّ سهل اللفظ واضحه . والصّور عاديّة ولكنّها جميلة عبّرت عن المعنى بشفافية وقد خلا النصّ من سقطات الشعراء من وزن ونحو وصرف وإملاء والتي لا يكاد نصّ يخلو منها إلاّ ما رحم ربّي . لذلك أنا أتمسّك بمثل هذه النّصوص وأعتبرها مثالاً من هذه النّاحية .

دمت بخير .
 
تعقيب نائلة طاهر
ندى الأدب اعرف اني كنت قاسية وتأسفت وشرحت لك ابهرني التحليل بحيث صدمت بالنص توقعت الأكثر منه
آسفة
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق