الجمعة، 13 يناير 2017

خطاب الحداثة في لوحة الفنان مصطفى رحمة،،، بقلم /جمال قيسي

خطاب الحداثة في لوحة الفنان مصطفى رحمة،،،
تمتاز اللوحة بكونها خطاب،،يظهر مقولاته دفعة واحدة،،كل رؤية الفنان لعالمه الواقعي والذاتي،،يتم تشكيله ،،وتثبيته كعالم حقيقي،،حيث ينجح الخطاب التشكيلي وهو منفرداً بهذا الامر،،على إظهار التخييلي ،،وتأطيره،،ليجعل من ذلك قضية التأويل ،،مساحة مقيدة ،،فالخطاب هنا هو ما يؤول نفسه،،في المعنى،،،من الجانب الأداتي ،،الفنان مؤرخ يقيد البعد المينافيزقي،،ليجسده مادياً،،ومع كل هذه المحددات ،،يبقى الخطاب التشكيلي يمارس ،،وظيفتي الأسانيد ،،والهوية ،،وهومحفل ثري،،في انتاج المعنى ،،وفائض معناه كامن في أصل تركيبته البنيوية،،،ولوحة الفنان مصطفى رحمة،،البديعة،،،هي سجل خطابي ،،لمجمل تاريخ الفن التشكيلي المصري الحداثوي،،ومحاكاة منتجة ،،للمدارس الفنية العالمية الحداثوية ،،
اتذكر وانا في مطلع التسعينات من القرن المنصرم،،حينها لم تكن لدي فكرة عن الفن التشكيلي في مصر،،مجرد اطلاع بسيط على اعمال الفنان الراحل المثال الكبير محمود مختار،،عندما كنت في زيارة احد أصدقائي من المهتمين بالفن التشكيلي،،وعادة ينتابك الفضول عندما تكون في استوديو للرسم،،بأنك تُمسح ببصرك،،كل اللوحات والصور والملصقات،،وتسمرت امام صورة منتزعة من مجلة او كتاب لا اذكر،،،واستغرقت مطولاً،،حتى تدخل صاحبي،،وسألني ان كانت اللوحة التي في الصورة قد اعجبتني،،،فأجبته ،،هذا شيء مذهل ! ،،هكذا هم الفنانين الغربيين متميزين بالموضوع والتكنيك،،،و أستهجنت كثيراً من ضحكه،،،ليخبرني ان اللوحة ليست لفنان اوربي،،وإنما لفنان مصري أسمه عبد الهادي الجزار،،من حينها وانا مهتم بالفن التشكيلي المصري،،وتجارب رواده الفذة ،،في الحداثة،،ولا اخفي سراً،،كنت كلما اطلعت على المزيد من صور اللوحات،،للفنانين المصريين،،الرواد،،ازداد ذهولي،،وتيقنت من هذه المدرسة الرائدة،،لم تلقى العناية الكافية،،والاهتمام النقدي اللائق بمكانتها،،وبأسماء كبيرة ،،مثل محمود سعيد،،وحسين بكار،،وسمير رافع،،ومحمد ناجي،،وماهر رائف وحامد عويس،،وأسماء كثيرة وجماعات فنية مثل جماعة خيال،،وجماعة هواة الفنون،،وجماعة الفن والحريّة ،،والفنان الفذ جمال السجيني،،،،
لذلك عندما شاهدت البوست للشاعرة دارين نور،،المتمثل باللوحة الرائعة للفنان مصطفى رحمة،،تولد لدي نفس الذهول عندما شاهدت فيما مضى صورة اللوحة للفنان الكبير عبد الهادي الجزار،،،
في خطاب اللوحة ،،مازج الفنان رحمة،،أساليب عدة،،والناقد،،عندما ينسب لوحة الى مدرسة معينة،،هو يعتمد على الأصول الفكرية لهذه المدرسة،،بمعنى ان نقول انه سوريالي،،يعني ننسب الأصول الى مدرسة فرانكفورت،،في الفكر،،والتي تنتمي في اصولها الى الماركسية الفرويدية،،وعند تدقيقنا في لوحة رحمة،،نلمس توظيفه التجريدي،،في جانبه الغنائي،،وأسلوب كيلي،،ومن الوحشية ملمح التركيز على الجوهر في الفكرة والشكل،،فأنت تشعر بروحية ماتيس،،وكذلك تلمس تكنيك بوتيرو،،ومارك شغال،،،،
على العموم نجح الفنان ،،بخط أسلوبه الرائع،،في الأسانيد ،،،واحياء الهوية المحلية،،وما تمتاز به لوحة رحمة،،،التوازن البنيوي،،فقد جعل الأشكال ( الفيكرات ) ،،متوازنة ذاتياً،،في النسب،،رغم اختلاف الاحجام،،الامر الذي يشعرك بتوازن العمل،،دون ان تشعر،،،كما وزع الضوء في غاية الذكاء،،عندما جعل المرأة في مركز اللوحة ،،باللون الأبيض ،،التي أصبحت اشبه بضوء المنار الذي يسلط على كل ارجاء اللوحة،،ونجح في إعطاء الأشخاص ،،دينامية واضحة ،،سواء في اختلاف الاحجام ،،او تموضعهم في فضاء اللوحة،،كما جعل المرأة مركز الخطاب لديه،،،في رسالة مضمونها،،ان المرأة ،،سر الحياة،،
تحياتي للفنان الكبير مصطفى رحمة،،،وشكري الجزيل لدارين نور،،التي ولدت لدي المتعة بمشاهدة هذا الخطاب التشكيلي،،الفخم،،،
جمال قيسي / بغداد
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق