الاثنين، 16 يناير 2017

رأيٌ في نصّ الشاعر غسّان الحجاج( حداثة جاهليّ ): بقلم /أسامة حيدر

رأيٌ في نصّ الشاعر غسّان الحجاج( حداثة جاهليّ ):
أساتذتي النقاد والأدباء :
الأستاذ شاكر الخياط والأستاذة نائلة طاهر :
لقد تناولتما هذا النصّ بحرفيّة وإبداع قلّ مثيله وأنا ممتنّ للكثير الذي تقدمانه لمسيرة النقد والذي قدمتماه لهذا النص الرائع المميّز . ولكن اسمحوا لي أن أدلو بدلوي وأقول رأيي فيه :
حداثة جاهليّ هذا هو عنوان النصّ الذي أراد شاعرنا غسان الحجاج منه هكذا أن يجمع بين الحداثة والشكل التقليدي في نص واحد إذ عدّ نفسه امتداداً لشعراء الجاهليّة ( النصّ الأمّ) وهو ابن هذا القرن . ومن البداية يمنحنا تعريفاً جامعا ربّما ينهي خلافاً حول الشعر بين المحافظين والمجددين أركانه ( اللغة )
/ فالشعر مات مع الإنسان يا لغتي /
ثمّ ( الأفكار ): / راودتها شغف الأفكار يعزفني /
( فالبوح - المعنى ) فاستعصم البوح عريانا بلا شفة /.
( فالبراءة ) الصّدق / محض البراءة في استرسال موهبتي /.
وهو يؤكّد أنّه نتاج قديم يشتجر بالحديث كما تشتجر الذؤابة بأهداب العين ويجمع بين المفردات القديمة والرمز والإشارات إلى الذّكر الحكيم ( والشعراء يتبعهم الغاوون )
/ ماهمت كلاّ ولا الغاوون تتبعني
إلاّ بوادي زهور في مخيلتي /
وألمح إشارة سريعة إلى نصّ كعب بن زهير ( بانت سعاد )
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيّمٌ إثرها لم يُفد مكبول
ويشعرني في بعض أبياته بحزنه الشديد بسبب غياب القصيدة التي يحبها :
غابت سعاد وغابت نجمتي معها
تجهم البدر من ظلماء نافذتي
أدور حولي فلا ألقى صدى أثري
تبرّأ الحلم من أطياف ذاكرتي
بل يبحث جاهداً عنها وربّما عن الحبّ العذري الذي يريد ولكن عبثاً فهذه محبرته قد وضعت في لحدها وانتهى به المطاف ههنا
أجاهليّ الهوى من روحه سكنت
نصف الشياطين في ناووس محبرتي
لقد أراد أن يروّض هذه الشياطين لكنّه فقد عصاه فخاب ظنّه في ترويضها . لا نوارس تومئ بشاطئ الخلاص ولا رمال على شاطئه تعلن انتهاء رحلته . إنّها العواصف ولجج البحر والضياع ولا مفرّ وإن اختبأ فالأماني كبيرة ولا مجال لتحقيقها .
اللغة أمّه التي احتضنته و الكلامُ قصيدٌ منها وهو الولد العاقُّ :
فالحبّ قاتلٌ لصاحبه والشوق في القلب يتلألأ
وبعد :
ماذا يريد هذا العملاق أن يقول :
النصّ ينظّر لنا فيضعنا أمام نقاشات حادّة حول القصيدة التقليدية والحديثة ( عنترة في حبّه وغسّان في عشقه ) ثمّ يدفعنا لنبارك كشفه الجديد في تعريف الشعر ( الشعر لغة وفكرة ومعنى وصدق في المشاعر )
ونحنُ نتاج النصّ القديم واستطالة في الزمن له ولا بدّ أن نعترف بذلك وإلاّ ضعنا وأمسينا بلا ساحل ولا نوارس تعلن بداية الخلاص ونحن عاقّون إن أنكرنا ذلك .
هذا مجرّد رأي في نصّ أراه يقول أشياء لم تُقل بعد في كلّ ما أسلفنا جميعاً .
__________
حداثة جاهلي
...................
محْضُ البراءة فــي استرســـالِ موهبتي
فالشعْرُ ماتَ مــــع الانســـــــانِ يا لغتي
راودْتُها شغـــــفُ الافكـــــــــارِ يعزفُني
فأستعصمَ البــــــــوحُ عرياناً بلا شــــفةِ
الشعـــــْرُ غلّقَ ابـــواباً مســـــــــــــافرةً
تناســــــلتْ من انـــــــاسٍ دون أفئـــــدةِ
خرجتُ من قمقمِ الاصدافِ حيثُ سرتْ
تعويذةُ الورْد من انــــفاس ساحـــــــــرةِ
شوكُ العــــــذار وشوك الرمش مشتجرٌ
يحمي على خدها افــــلاكَ سوســــــــنةِ
الحبُّ صيّر قلبي شــــــــاعراً ثمــــــــلاً
لمّا مضى الحبُّ لم تســـــــكرْ معـاقرتي
من وجهها في جبين البدْر كم قبــــــــسٍ
من عينها البرْقُ في أصــــــــداء قافيتي
ما همتُ كلا ولا الغاوون تتبعـــــــــــني
الا بـــــــــوادي زهورٍ في مخيّــــــــلتي
غابتْ سعادُ وغابت نجمتــــــــي معـــها
تجهّـــــــمَ البدْر من ظلماء نافذتـــــــــي
ادورُ حولي فلا القــــــــى صــدى أثري
تبرّأَ الحلم من أطيـــــــــــــــاف ذاكرتي
نقشْتُ في النهْر اســــراري ليحفـــــظها
حتى حكى الموجُ اسراري على الضـفةِ
آه المزامير عــــــــزفٌ كلّــه شـــــــجنٌ
ان مرَّ فيهـــا هواء النفخِ حنـــــــــجرتي
ملامحُ القلْبِ اشــــــــلاءٌ مبعـــــــــــثرةٌ
والنوحٌ ثكلى ونزف النعْيِ في الرئــــــةِ
بحثتُ عن رمقِ الاطــــــــلال في كبدي
حتى تجلّط بحثــــــــي بيـــــــن اوردتي
ما أعجب الحبّ كالأنــــــواءِ ديـــــــدنهُ
هلْ خلّفتْ وحشةً في القلب مؤنســــــتي
رباطة الجأشِ في الأشــــعارِ قد هِزمتْ
مذ وسوس الخوفُ في أسيـــــاف عنترةِ
عواصفُ اليأسِ اشبــــــــــاحٌ تصافحني
فأنبتتْ ما تعــــــــــــرّى في معلــــــقتي
أجاهلـيُّ الهوى من روحــــــــــهِ سكنتْ
نصف الشياطيــــن في ناووس محبرتي
اسكنتها غيهبــــــي حتى اروّضـــــــــها
وساعة الرمْل تروي كسْر منســــــــأتي
أين العصافير لا أصـــــــــــوات زقزقةِ
ما ذلك الحــزنِ هل تأبيـــــــنُ قبّرتــــي
هل عــــاد هدهدُ احـــبابي بــــــــــلا نبأٍ
اذن هو الحـــــــبُّ طفلٌ وابنُ معــــجزةِ
هبني صليــــــباً من التعذيب يســــترني
كي اسكبَ الشعْر في انخاب مشنـــــقتي
أين الحبيــــبة همسٌ الوحي من وجــعي
مناسكُ الصــمت حراسٌ على شفــــــتي
أين النــــوارس أين الرمـــلِ أيــــــن انا
ما ظلَّ في البحر الا محْضُ عاصفــــــةِ
خبأتُ نفســـــي ظلال الشمـــسِ ترمقني
والبحْرُ يغـــرقُ في أبْعـــــــادِ امنيــــتي
الأبجــــديـــــــة أمي والقصيــــدُ ابــــي
انّي انا العـــــــــــاق يا أمي ويَا أبتـــــي
ما انــــجبَ الحبُّ الا وأدَ حامـــــلـــــــهِ
فالشــــوقُ بالقلبِ اضـــــــــواءُ الزمرّدةِ
 
تعقيب أمين حربا
أمين حربا نعم وما ختمت به أستاذ أسامة برأيك وهذه القراءة في نص الأستاذ غسان الحجاج قلته تكرارآ وخالفتني أنت شخصيآ به وبافراط.
تحيتي لك لقراءة متأنية وجميلة لنص مبدع حقيقة.
باقات ورد واحترامي
 
رد أسامة حيدر

أسامة حيدر أخي أمين حربا شاعرنا الجميل :
أنا ما كان لي معك خلاف أبداً . ورأيي معروف . لست مع الإبهام في الشعر لكنّي مع الغموض فيه أيّاً كان الشكل الذي أراده مبدعه .
 
تعقيب شاكر الخياط


Shakir AL Khaiatt يقينا انا اتابع هذه الحوارات واجدني الامس الثريا اننا لازلنا والحمد لله في عافية ونعيم اخي استاذ امين، لا بد ان نجسد ما نمتلك من ماض جميل وحاضر ادبي زاخر لكي نضع لمن سيسائلنا مستقبلا منهجا جميلا ومشرفا في ان واحد يجمع بين احترام الاخر والبعد الادبي الثقافي الرؤيوي الحديث المتجدد الذي يحترم في ذات الوقت قوام الماضي الجميل المزدهر... خالص مودتي واعتباري
 
تعقيب نائلة طاهر

ندى الأدب ليست مجرد فكرة ما قدمته ناقدنا وانت من الذكاء العلمي بمكان حيث تبتعد عن إعادة ذكر ما قيل عن القصيدة وتأتي بالجديد الذي يزيد من قيمة نص شاعرنا غسان الآدمي
بورك الجهد المثمر الذي يزيد القيمة الأدبية لدائرتنا العلمية .
 
رد أسامة حيدر
 
أسامة حيدر أختي نائلة أنحني إجلالاً لرأيك وأعتزّ به دائماً .
 
تعقيب شاكر الخياط
Shakir AL Khaiatt استاذ اسامة العزيز يسعدني جدا ان ارى على مداد قلمكم الرائع وانسياب جريانه المرهف الدقيق الذي اشر لنا انا والاستاذة نائلة بما لم نلحظه او لم نقله من شعر قصيدة الحجاج، ولقد احسنت التاشير الى تلك المفردات التي افرزتها حضرتكم فكنت تلمست صحيحا وكنت انرت مالم نسطعه نحن الاثنان ... شكري وتقديري وتثميني العالي لكم ولما ذهبتم اليه... خالص اعتباري
 
رد أسامة حيدر
أسامة حيدر وسامٌ على الجبين _ أخي شاكر _ رأيُك هذا .
 
تعقيب غسان الحجاج

غسان الآدمي عندما يشعل الناقد الحصيف شمعته اللؤلؤية في قبو القصيدة ستنهض ابياتها الناعسة من قواقعها وتفك قيود صمتها وكأنها تحكي مع طبيبها الناقد في جلسة العلاج النفسي معترفةً بكل خباياها البريئة .
تماما كما في هذه المكاشفة التي أمتعنا بها الاستاذ
أسامة حيدر .
وافر امتناني وخالص مودتي
 
رد أسامة حيدر
أسامة حيدر للحقيقة نصّك هذا لآلئُ تستحقّ الغوص من أجل الكشف عن جمالها وبريقها . فكلّ بيت من أبيات النصّ لؤلؤةٌ تحتاج إلى وقت طويل لوصف روعتها .
نقلت في النصّ فوضى الخارج التي انعكست على داخلك وأسّست لتعريف جديد لمادّة ( شعر ) وربطت بين الماضي والحاضر بذكاء وصدق حادّين .
دمت بخير صديقي غسّان وفي ألق دائم .
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ

آفاق نقديه أستاذ أسامه..كان تحليلك للنص مدهشا بحق..
لقد وضعت النقاط علي الحروف فعلا..فمن كان لايرى او لايريد ان يري فقد وقعت عليه الحجة الآن..
انت ثاقب في التشوف وحازم في الموقف ودقيق في الرؤية صديقي العزيز..

تقدير بالغ الخصوصيه..ابا زيد العزيز..تحياتي..
رد أسامة حيدر
أسامة حيدر أستاذي غازي الموسوي :
نحنُ تلامذةٌ نتعلّم منكم . وقد تعلّمت الكثير خلال فترة وجيزة وما زلت أسعى بجدّ لأتعلم أكثر يسعفني بذلك علمكم الغزير وسعة صدركم وأخلاقٌ رفيعة أدعو الله عزّ وجلّ أن يتوّجني بالقليل لأغدو نبيل الخلق .
دمتم بألف خير .
 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق