(القطيعة مع التراث ما بين التأويل والتكفير)
أثارت دعوتي إلى القطيعة مع *الجمل والخيمة* في الأدب العربي جدلا أثمر عدة مقالات وبحوثا .و رغم التأويل لفكرتين أساسيتين وردتا بمقالي السابق فإني خيرت الصمت و المتابعة بما أني الداعية لهذا الحوار . ولإيماني بأن الاختلاف أساس المعرفة .لكن هذا الاختلاف لابد أن يُبنى على شواهد صحيحة حيث اني لم أدع مطلقا إلى القطيعة التامة مع التراث العربي والارتماء في أحضان الفكر الغربي وما يتبعه من اجتثاث وتغريب للهوية العربية الإسلامية .بل كانت دعوتي محددة واضحة المعالم و وجهتها فقط إلى الأكاديميين أي النقاد والباحثين في النقد الأدبي. فقلت:" نحن بحاجة إلى جيل جديد من النقاد جيل ينسى ارتباطه السيسولوجي والنفسي بالخيمة والجمل نحتاج جيلا من النقاد يأخذ الأدب على أنه مادة علمية " ولن أعود إلى تفسير محتوى المقال السابق لنتقدم أكثر بالحوار ونبحث في المواضيع التي تفرعت عنه .رغم الارتباط الكلي "لخيمة وجمل" نائلة طاهر بما سيأتي لاحقا.(والمهم بالنسبة لنا أننا قمنا باستفزاز العقول النيرة ومنها جمال القيسي فغنمنا كما معرفيا هاما أغنى الحوار وفتح الآفاق )
الخيمة والجمل أردتهما مجازا أو كناية لموروثنا الثقافي العربي .ولعل الناقد العراقي جمال القيسي بمقالته الثالثة وصل إلى قطب الدائرة ..'أو كما يحلو له أن يقول "فخ نائلة طاهر"- بهذا المقال وصل القيسي مشكورا إلى لبابة الموضوع ،أي التراث .(وهو ركيزة أساسية متصلة بجوهر قصيدة النثر)وقد عرفه القيسي اصطلاحا و معرفة .والذي يهمنا بالتراث كحداثيين هو التعريف الابستيمولوحي والايديولوجي .فاصطلاحا ولغة هو مجرد إرث يورّث من ميّت لحيّ. (l'héritage )معرفيا هو الذاكرة الإنسانية عامة بملامحها المعرفية التقنية . فهل من السهل أن تحدث القطيعة مع تلك الذاكرة بدعوى الإصلاح والتقدم والتطور ؟وهل ينفع البناء هنا على ركام فكري إنساني لا عيني؟ وهل أن الدعوة إلى القطيعة مع التراث تعني الإعجاب بالحضارة الغربية فقط والرغبة في الارتماء في أحضان حضارة غريبة لم تكن منا ولا ارتباط تاريخي لنا بها غير الاستعمار والهيمنة . ؟
لا شك أن قضية القطيعة مع التراث فكرة اوجدها الحداثيون والتي جوبهت بحرب شرسة من الماضويين بدعوى أنها نوع من الاستلاب الثقافي والفكري .منهم من رفض الفكرة من جذورها ومنهم من استمع لفكرة التوفيق ما بين القديم والحديث مما أوجد عدة دراسات مهتمة بهذا الطرح الفكري .ولا جدوى من الادعاء أن قضية التعامل مع التراث لم تعد مطروحة بنفس الحجم الذي كانت عليه سابقا وإلا لما كان لدعوات السلفيين والأصوليين رواجا أكبر في هذه الفترة التاريخية السياسية والسيسيولوجية الحاضرة .وهو الذي أوجد شرعية البحث ثانية في هذا الموضوع لأن المسألة أم تعد مجرد دعوة للبناء من جديد يؤمها الشق المناهض للركود الفكري أو دعوة للترميم ينتصر لها الوسطيون، أو دعوة لنهضة تامة تتخلى عن أي قيود تاريخية تعطل المسار، يتبناها الفكر اليساري والفلاسفة. فالتغيرات السياسية و الحضور الكبير للمذاهب السلفية أعاد المسألة إلى بداياتها ولم تعد المعركة مع أتباع الغرب أو مع حراس الهوية العربية ، بل مع مد ايديولوجي جديد كلنا نعلم أن جذوره مشبوهة وأهدافه تخدم استراتيجيات أجنبية باتت الحداثة عندها مسألة لا تعنيها الآن -بعد أن أخذت فترتها الزمنية بما يكفي - بقدر ما يعنيها إرباك العقل العربي والتحكم في منظومته الثقافية سعيا إلى السيطرة التامة على كل منافذ التطور الحقيقي للفكر العربي .
من المنظرين لمسألة التعامل مع التراث الدكتور الفيلسوف محمد عابد الجابري الذي بنظري قد حسم القضية بأن دعا إلى نقد العقل العربي وهنا تكمن الأهمية كبرى لطرحه حيث أن القطيعة هنا ابستمولوجية بحتة يتحكم بها العقل لا الأهواء ، أسبابها قد تتغير حسب ملامح التراث نفسه أو بعض نماذجه. وهذه الدعوة العقلية وان كانت الأرضية المبنية عليها فلسفية تبقى الأقرب إلى التطبيق .فالتراث يشكل هويتنا نعم لكن الأخذ بكله ليس معناه الحفاظ على مقوماتنا وإنما الحفاظ على بعض العناصر المشوهة لتاريخنا و المعطلة لمستقبلنا. ويبقى الأشكال أي العناصر التراثية التي نتخلى عنها وأي إرث نحافظ عليه فيكون كفيلا بتحقيق واقع ومستقبل أفضل في ظل تجاذبات عدة تعرقل العقل والوجود العربي؟
الخيمة والجمل أردتهما مجازا أو كناية لموروثنا الثقافي العربي .ولعل الناقد العراقي جمال القيسي بمقالته الثالثة وصل إلى قطب الدائرة ..'أو كما يحلو له أن يقول "فخ نائلة طاهر"- بهذا المقال وصل القيسي مشكورا إلى لبابة الموضوع ،أي التراث .(وهو ركيزة أساسية متصلة بجوهر قصيدة النثر)وقد عرفه القيسي اصطلاحا و معرفة .والذي يهمنا بالتراث كحداثيين هو التعريف الابستيمولوحي والايديولوجي .فاصطلاحا ولغة هو مجرد إرث يورّث من ميّت لحيّ. (l'héritage )معرفيا هو الذاكرة الإنسانية عامة بملامحها المعرفية التقنية . فهل من السهل أن تحدث القطيعة مع تلك الذاكرة بدعوى الإصلاح والتقدم والتطور ؟وهل ينفع البناء هنا على ركام فكري إنساني لا عيني؟ وهل أن الدعوة إلى القطيعة مع التراث تعني الإعجاب بالحضارة الغربية فقط والرغبة في الارتماء في أحضان حضارة غريبة لم تكن منا ولا ارتباط تاريخي لنا بها غير الاستعمار والهيمنة . ؟
لا شك أن قضية القطيعة مع التراث فكرة اوجدها الحداثيون والتي جوبهت بحرب شرسة من الماضويين بدعوى أنها نوع من الاستلاب الثقافي والفكري .منهم من رفض الفكرة من جذورها ومنهم من استمع لفكرة التوفيق ما بين القديم والحديث مما أوجد عدة دراسات مهتمة بهذا الطرح الفكري .ولا جدوى من الادعاء أن قضية التعامل مع التراث لم تعد مطروحة بنفس الحجم الذي كانت عليه سابقا وإلا لما كان لدعوات السلفيين والأصوليين رواجا أكبر في هذه الفترة التاريخية السياسية والسيسيولوجية الحاضرة .وهو الذي أوجد شرعية البحث ثانية في هذا الموضوع لأن المسألة أم تعد مجرد دعوة للبناء من جديد يؤمها الشق المناهض للركود الفكري أو دعوة للترميم ينتصر لها الوسطيون، أو دعوة لنهضة تامة تتخلى عن أي قيود تاريخية تعطل المسار، يتبناها الفكر اليساري والفلاسفة. فالتغيرات السياسية و الحضور الكبير للمذاهب السلفية أعاد المسألة إلى بداياتها ولم تعد المعركة مع أتباع الغرب أو مع حراس الهوية العربية ، بل مع مد ايديولوجي جديد كلنا نعلم أن جذوره مشبوهة وأهدافه تخدم استراتيجيات أجنبية باتت الحداثة عندها مسألة لا تعنيها الآن -بعد أن أخذت فترتها الزمنية بما يكفي - بقدر ما يعنيها إرباك العقل العربي والتحكم في منظومته الثقافية سعيا إلى السيطرة التامة على كل منافذ التطور الحقيقي للفكر العربي .
من المنظرين لمسألة التعامل مع التراث الدكتور الفيلسوف محمد عابد الجابري الذي بنظري قد حسم القضية بأن دعا إلى نقد العقل العربي وهنا تكمن الأهمية كبرى لطرحه حيث أن القطيعة هنا ابستمولوجية بحتة يتحكم بها العقل لا الأهواء ، أسبابها قد تتغير حسب ملامح التراث نفسه أو بعض نماذجه. وهذه الدعوة العقلية وان كانت الأرضية المبنية عليها فلسفية تبقى الأقرب إلى التطبيق .فالتراث يشكل هويتنا نعم لكن الأخذ بكله ليس معناه الحفاظ على مقوماتنا وإنما الحفاظ على بعض العناصر المشوهة لتاريخنا و المعطلة لمستقبلنا. ويبقى الأشكال أي العناصر التراثية التي نتخلى عنها وأي إرث نحافظ عليه فيكون كفيلا بتحقيق واقع ومستقبل أفضل في ظل تجاذبات عدة تعرقل العقل والوجود العربي؟
تعقيب الاديب / صفاء العبيدي
Safaa Alaubaidy التراث هو الارث الذي لولاه ما استطعنا ان نصل الى ما نحن عليه الان , على فرض اننا نظرنا الى حظارات غيرنا وتطور المجتمعات الادبية الغربية المتحظرة . هو الارث الحظاري الذي لو توقفنا قليلا عنده وحاولنا ان نعمل له بعض الغربلة بما يتلائم والتطور الفكري مع النهضة الحظارية التي صنعتها عصا التكنولوجيا وجعلت من الكتب ارقاماا تحل بشفرة صفر واحد المنطقية .... النتيجة واضحة اذاا ... شكراا
تعقيب الاديب/ ليث الدخيل
Laith Aldakel اشكالية التراث تبقى محتدمة ..الصراع بين القديم والجديد يظل مستعرا..مشكلة الماضويين انه لا يقبل الاخر..انا ربكم الاعلى كما يقولون..طوبى لمن فتح الابواب ..والانوار..
تعقيب الناقد / غازي احمد أبو طبيخ
آفاق نقديه الاديبة نائله طاهر..ندى الادب الفاضله..بعد أن كان مقالك السابق علة لتفجير الحوار الجميل لما ورد فيه من عقد وإشكاليات عالجها نقاد جهابذة مدعاة للفخر حقا حيث انجزوا ما يعجز اللسان عن وصف أثره الإيجابي على جميع المتابعين .وأخص بالذكر الاساتذة جمال قبسي وشاكر الهيتي والدكتور مالك خالد والست دنيا حبيب فجزاهم الله عنا جميعا خيرا عميما ..وها أنت الآن تفسرين مقالك الاول بمقال جديد ورائع فعلا كما تفضل اخي وزميلي الاستاذ جمال قيسي..ويبدو أنك افدت كثيرا من نصائح الدكتور مالك التي اوردها بوضوح علمي بارع في مقاله المختصر ولكنه المغني حقا..ثم أننا استشعرنا جدة وتطورا واستجابة للرأي الآخر..وهذه دلالة كبيرة على الافق الواسع والوعي العميق في ذات الوقت..هذه الإبجابية الرياضية المرنة منحتك في ذات الوقت رسوخا اكبر واكسبتك احتراما وتقديرا عاليا..ولقد سبقت الاستاذة دنيا حبيب هي الاخرى الى مثل هذا الموقف الكبير..ولاريب أن مثل هذه الروح هي ما يعزز ويقوي الاواصررالثقافية بين زملاء الثقافة بجميع تفرعاتها . ..سلم يراعك ..وطاب يومك ..سيدتي..والسلام..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق