الخميس، 13 أكتوبر 2016

الأنطولوجيـة الجدليـة فـي الأشـارات الأنطـوبلاغيـة علة المُصغـرات عنـد الشـاعر العراقـي طالب حسن بقلم الناقد/ أحمد المالكي

الأنطولوجيـة الجدليـة فـــي الأشـارات الأنطـوبلاغيـة علة المُصغـرات
عنـد الشـاعر العراقـي ، طالب حسن
قراءة نقدية أحمد المالكي

 العلة الأولى .
في المعادلة الرمزية الشعرية الحديثة (( الجمال البلاغي الصالح للغة الشعرية، يساوي الواقع ومن حولهُ بفكرة مبسطة )) .
الحديث عن بلاغة النص المختزل أو كما اصفها في بعض القراءات النقدية بــ (( الأدب المصغر )) وهذا النوع من الأدب كما يعرف أغلب المتتبعين للحركة الأدبية ليس وليد اللحظة ، ماهية الأختزال والتبسيط تبدأ من هناك عند تجربة التدوين الأول، بلاغة التوصيف تتحقق لنا عبر التوثيق الأول ، كينونة الأختزال نراها واقع ذاتي الحضور في مفردات اللغة المدونة الأولى ( الألواح الطينية ) إنجاز ما كان يحلم به المدون الأول أن يسجل ويوثق أغلب مشاهد ومظاهر الحياة عبر لغة الأختزال والتبسيط التي تجسدت في مظهر الأختام الاسطوانية التي حملت عنوان الكلمة المختزلة بنص بلاغي مصغر وهي بلاغة مختصرة مبسطة قادرة على توصيل الفكرة للمتلقي بصورة مختصرة الطرح تلك الأشكال الرمزية المبسطة في اختزالها للمشهد وتوثيقها للحدث المراد منه الوضوح عبر لغة الكتابة المختزلة نراها تأتي كدليل على مباشرة الكاتب وحرصة على تشكيل مصطلح توثيقي سلسل التنفيذ سريع التقبل مكثف الفكرة ، هكذا تتبلور لدنيا فكرة طقوس المصغرات والتبسيط أو كما هو معروف عنها في الوسط الأدبي بــ الأختزال، دون اللجوء إلى تعقيد المشهد بالكثافة والأطالة، اختصار المدلول عبر الدلائل الأكثر بساطة نراهُ هو النمط الأدبي الذي بات نموذجاً يعمل بمقتضاه أغلب الأدباء والفنانين وأقصد بالفنانين، أصحاب التشكيل والنحت،
المصغرات الأدبية هي وبلاشك النموذج الأكثر وصولاً للمتلقي القارئ وهي العلاقة المتمثلة بالاختزال، الأختزال الذي يضاعف من حضوره المكثف والفاعل في الحركة الأدبية المعاصرة، والتي سرعان ما يتم هضمها للوهلة الأولى لما تحمله من مفهوم سلسل، وهذا النوع من الأدب كما يصفه النقاد والمراقبين للحركة الأدبية هو الجنس الأدبي الذي يختصر المسافة المعرفية بين ذات الكاتب وذات المتلقي،
العلة الثانية .
النصوص المنتمية إلى الأدب المصغر والتي تقع تحت حكم المسميات المتعارف عليها والشائعة مثل ( الومضة ، والقصاصة، واللقطة الأدبية ) هذا النوع من الأختزال والتبسيط المكثف القادم من نصوص الكتاب والمثقفين العرب والعراقيين على وجه الخصوص نراه هو النهج الباحث عن التجديد والخلق الأبداعي الرصيد التي لا ينتهي بها الحال كما هو في أسلوب الشعر الغربي المختزل الذي في أغلب صوره
يأتي محمل بمفهوم البعثية واللا وضوح في أغلب ما تنتهي به نصوصهم، بالمقابل نرى القلم العربي الصادق في عطائه يبحث عن الاختلاف يترجم الواقع عبر خيال والمماهاة المنهجية والصور الموضوعية ذات الطابع الساحر والدهشة التي لا تتعارض مع اللغة المعقولة التي تمتص الواقع وتقدمه عبر التجربة المختزلة، وضع العلامات التي تقود المتلقي والباحث عن جمال اللغة إلى طريق المتعة والدهشة اللغوية، تلك الصورة ذات طابع الوجود والعدم، صورة الجسد والروح ، الحقيقة والخيال ، الضوء بكل مفاهيمه، والعتمة بكل الغياهب المبهمة، معرفة هذا النوع من الشعر المختزل أو الأدب المصغر ذات دلالة الكلمات والمفردات المحددة يحمل من التعبير والمعاني التي تأتي في المصغرات الأدبية واسعة المدى، نعم يمكن لأي شاعر أن يفاجئ المتلقي بنص مطول يحمل دبلوماسية التسلسل وفخامة الصور المتعددة وكثافة الرموز وتعدد المجازات، لكن أن تكون كل هذه الخصائص والأنظمة الجمالية الأصلية من حيث اللغة والخيال في نص لا يتعدى الشطرين تلك هي وبلاشك، سيميائية (( الأدب المصغر )) والدهشة المدروسة والمقصودة القادمة من عالم الأختزال، هذه الجدلية نراها نموذجاً حاضراً بقوة في توجهات سياسية الشعر الحديث ونظريات الأبداع المتعددة، هذه الثورة من الأختزال والتبسيط الحاملة للدهشة نراها متوفرة الخصائص والإبداع عند الشاعر العراقي طالب حسين، الشاعر الذي يحمل آلية الإشارة التي تحقق بل حققت نجاحاً هائلاً ، شاعرنا الذي تناولت مصغراته الأنهار وهي تهاجر بعيدة عن مدن أصابعه، أصابعه التي ترسم لنا صور الامتياز والذهول المصاحب للتساؤل ، عبر كل خاتمة هذه الصلة المدروسة بكل حرفية تعطي نكهة التفرد في مصغرات شاعرنا الذي روض قبلة قلمة على استقبال صلوات التمرد والتساؤل، مخلوقاته الشعرية لها مسرحها الخاص حيث حبال المعقول واللا معقول له القدرة على مخاطبة الوطن عبر ثياب رهبان يترك المشهد معلق على رقبة لص ، شاعرنا الذي يبني الوصف الشعري على ركائز من الغرابة المحببة، نظرياته المجازية جعلته يستعير حناجر الطيور ليكشف لنا في كل صباح شعري عن شمس جل التفاصيل فيها أضواء من الدهشة يخبرنا أن الحروب ليست كلها حماقات، هكذا يحب أن يأخذنا عبر أسلوبه المختزل إلى جانب كينونة أخرى وحقيقة قد يغفل عنها الكثير، يقول الشاعر ( هناك من يحب أن يترك ظله، يغني عند بوابة مقبرة! !!)
العلة الثالثة.
الكتابة عند شاعرنا طالب حسين ذاكرة متجددة التوثيق تستدعي لسان الماضي بلغة لها القدرة على البوح بكل مكنونات الحاضر الحس التوصيفي لدى شاعرنا مكثف الأختزال قوي التعبير، طالب حسين الذي يحمل رصانة المعرفة يؤسس له ختم له تفرد البنية وخلود التجربة سواء كان في تجاربه المطولة أو المصغرات الشعرية المكثفة، يقول أحد النقاد عن هذا النوع من الشعر ( الشعر المكثف والمختزل يجب أن يحل منطق ومفهوم الفجوات والثغرات التي يتركها النص ذات النهج النثري الطويل، شاعرنا طالب حسين الذي برهن للجميع عبر مصغرات نصوصه الشعرية انه لا يعتمد فن المراوغة الاسلوبية التي تشتت القارئ وتتلبس في جسد النص فلا تتيح للمتلقي الوصول إلى شيء، حقيقةالاختزال في تجربة طالب حسين متحركة التساؤل أسلوبه الذي بات بصمة متعددة الطرح والرؤى هي الفلسفة التي غزت كل مفاهيم نصوصه شاعرنا الذي يترك نوافذ بلاغـة التساؤل والأستفسار عبر الأستفزاز الشعري المكثف برمزية الكائن والمكون شاعرنا الذي روض علامات التعجب والاستفهام لصالح النص يحاول ان يقول لنا ، إيتها المتلقي أقرأ، أقرأ ما وراء هذه الإشارات، هذه الإشارات التي باتت تحمل سيميائية الجذب والدهشة والتنوع ، هكذا تتبلور مصغرات شاعرنا المكثفة.
كثيرة هي الأقدام
مثل لوحات حرب
تزدحم بالجثث
المجهولة !!!
هنا يصنع لنا الشاعر معادلة موضوعية بين الحدث الدال وإيقاع المدلول المكثف تقنياته في اختزال الواقع لها واقع ولغة مختلفة بصمته الشائعة ، شائكة التعبير .
(وأنا الوذ بجدار غيابك ) شاعرنا الذي تمرد على آلية الطرح المتعارف عليه نرى ساعة محابره تدور عقاربها المبللة بماء الأبداع عكس المفهوم السائد في الساحة الأدبية وهذا هو منطق النجاح، قوة نظامة المعرفية واستقرار أسلوبة الدلالي الرصين يوضح لنا أن الشاعر في مصغراته الشعرية قد تجاوز منطق الفجوات وقفز في المعرفة المختزلة إلى عوالم متعددة الأتجاهات نصوصة المنبعثة من أرض التعبير نراها ملونة بألوان الطبيعة.
لان يدي مكبلة
بحبال غيابك
كلما شهقت وردة
يتصدع في قلبي
جدار !!!
لغته متعددة الدلالة ، خاصة في حقل الأختزال ، يقول بول ريكور، العلاقة بين الكلمة والمنفى ليست علاقة أحادية وإنما هناك أكثر من معنى يقابل الكلمة، هكذا تترجم لنا لغة شاعرنا طالب حسين عبر مصغراته الشعرية التي تعلمنا أن في الأختزال والتبسيط طاقة متعددة الفهم مكثفة الجمال واسعة التصورات والمعرفة،
أن نقرأ الجسد في مصغرات شاعرنا دون تدخل وسائط الملل والرتابة تلك بحد ذاتها لغته الجمالية المبسطة ، بلا شك سردياته المختزلة لها مفهوم حسي النسق، عالي التخيل معقد الوعي في بعض الأختزالات نرى الشاعر يكشف لنا الوجود المغيب عبر تفاصيل الحدث الذي اختزل المجازات وسخر طاقة الأختزال ليقدم لنا إلواح تحمل نقوشه المصغرة العالية المفاهيم. يقول الشاعر.
للحزن ندبة
يؤطر سوادها
عمى الألوان !!!
نعم ها هو يصف لنا حال جميع الأشياء الصامتة كالاشجار ،والسموات، والأنهار، والوديان، وهذه الأرض التي يقدمها بلغة الإشارة، لغة تعتمد على إشارة الألوان لكنها في ذات الوجود تقدم لنا هيئة حسية متغيرة المفاهيم متعددة الصور، الأيديولوجيات القادمة والقائمة في نصوص شاعرنا المتعددة تخترق جسد الثقافة الصامتة بقوة صراخ الشكل الشعري المصغر ، فلا مجال في فضاء نصوصه غير الإشارات المؤدية إلى ظاهر وباطن المجاز المطروح، طالب حسين الذي يخاطب المتلقي عبر مجازاته المختزلة يحاول أن يقول عبر واقع نصوصه أن وراء جدار الصمت حقيقة غائبة الجدل، نعم الجمال عبر بلاغة مصغراته هكذا نحتاج الاقتراب أكثر والتوغل في ماهيات بنيه نصوصه التي تحمل فلسفة المجاز وبلاغة الكتابة الشعرية التي تجلت عبر سياقات الخلق الأبداعي والنمط الأدبي اللا محدود
العلة الرابعة ،
نماذج من مصغراته الشعرية
كثيرة هي الاْقدام
مثل لوحات حرب
تزدحم بالجثث
المجهولة !!!
لاْن قلبها
كعصفور صغير
دائما مايتعثر
ببلاغة
الشجرة !!!
امراْة وحيدة تجلس في الشرفة
امراْة وحيدة تصفر للريح
وتنثر في الهواء
حبات عقيق نحو فم
رجل غائب !!!
لااْريد بيتا في السماء
امنحيني ثلجا دافئا
ذاكرتي صارت
غابة محترقة !!!
اْيها الملاك
ضحكاتهم كانت شاهقة
كاْنها ----
وليدة نهر لم يفطم
موجه بعد !!!
فقط في مسرح
اللامعقول العراقي :
يرتدي اللصوص
ثياب الرهبان !!!
قرب النهر الذي لايصل ضفافه
رميت سنارتي
واْنتظرت ---
حين غابت الشمس
و عدت خالي الوفاض
تركت رسالة اعتذار للاْسماك
وللنهر الذي لم --- يصل !!!
لاتجرب ان تستعير
حنجرة طائر
ليست الحروب كلها حماقات
هناك من يحب ان يترك ظله
يغني عند بوابة مقبرة !!!
واْنا
اْلوذ بجدار غيابك
راْيت السماء
تتشظى باْعياد 

    تركتني اْركض وراء حلم ضرير !!!
خريف
بلا ذاكرة
هذا الذي يذرف شموع اْيامه
ويضع قلبه المنسي
على رف من الاْحلام !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق