الاثنين، 10 أكتوبر 2016

الناقد العراقي جمال القيسي
مالذي يحرك الناس،،،ويصنع مخيالهم5


في معرض المقال الرائع لنائلة طاهر،،،( القطيعة مع التراث،،بين التأويل والتكفير )
،،والذي خففت الحمل الكبير في منحى المقدمات التي كتبتها ،،،تعرضت الى اشكاليات جديدة،،ولا أروم البحث فيها،،على الاقل في الوقت الحاضر،،حتى انتهي من النتائج ،،التي توصلت اليها،،وهي ما سيكون بها خاتمة المبحث،،،
ولكن هناك بعض الملاحظات لابد من الوقف عندها،،،،
كل معني بقضايا الفكر العربي الاسلامي،،يعرف ان اهم المشاريع الفكرية الحديثة والمعاصرة على الإطلاق ،،هو مشروع محمد عابد الجابري،،بل اجزم انه واحد من اهم المشاريع الفكرية عبر تاريخنا،،،وسنتطرق للمشاريع الكبرى التي كان كان لها دوراً سواء في السلب او الإيجاب في تاريخنا ونتبين أهمية وخطورة مشروع المرحوم الجابري،،،،
١- المشروع الذي تبناه الخوراج ،،تحت شعار لا حكم الا لله،،لقد جاءت الدعوة المحمدية ،،بنظم مغايرة لما هو مألوف،،في الجزيرة العربية آنذاك ،،وكان أهمها محاربة العصبية القبلية ،،و شخص الرسول (ص) ،،الذي استطاع ان يشكل القاسم المشترك لكل العرب،،وبعد وفاته مباشرة بدأت الردة،،وخاصة من قبائل شرق الجزيرة العربية وتميم وحلفائها،،وكانت الحملة التي قادها خالد بن الوليد في خلافة ابو بكر ،،حرباً ضروس قمع فيها القبائل المرتدة،،وكان معظم جيشه،،من بُطُون قريش،،ومن نتائج هذه الحروب حرمت هذه القبائل من المشاركة في الفتوحات الاسلامية،،الا ان الحاجة لهذه القبائل في جبهة الشام ألغت شرط المنع في خلافة عمر بن الخطاب،،وكانت الجيوش الاسلامية يومها تشكل من كل قبيلة وعلى رأسها شيخ القبيلة،،ونتيجة العداء القديم بين خالد بن الوليد وشيوخ هذه القبائل تم عزل خالد من قيادة الجيش في الشام،،وتوسعت الحملات العسكرية في عهد الخليفة عثمان بن عفان،،ولأنه كان تاجراً ،،امتلك ستراتيجية امتصاص ،،الأزمات الاقتصادية،،وحيث ان الاسلام قد غير النمط الاقتصادي للقبائل العربية،،القائم على قطع الطرق،،ورحلتي التجارة،،فكان المصدر الوحيد هو الغنائم للبلدان المفتوحة،،فجهز الحملات التي أخذت قاعدتين رئيسيتين هما البصرة والكوفة،،،وكانت قاعدة الكوفة منطلق قبائل تميم وحلفائها وقبائل شرق الجزيرة،،ومع ذلك بدأ التململ يدخل قلوبهم من سطوة وسيطرة قريش،،ووجدت مسرباً في خلافة علي بن ابي طالب،،وساعد على ذلك خروج الزبير وطلحة ومن ثم معاوية،،في معارضته ،،والذي انتهى الامر بأغتياله ،،على يد الخوراج كان بالإمكان ان تعد حركة الخوراج ،،ثورة اجتماعية لولا انهم تخاصموا مع علي بن ابي طالب،،وهو الذي لاخلاف على مبدئيته،،ورغم استمرار حركتهم ،،لعشرات السنين،،الا ان مشروعهم ،،انتهى من حيث بدأ،،،لانه ركز على الجانب العسكري
٢- الخلاف الفكري الذي نشب بين اصحاب الرأي واصحاب القياس وكان ايضاً موطنه الكوفة،،،وعلى أطرافه تأسست مدرستين في النحو ،،البصرة والكوفة،،
٣- حركة المعتزلة وازمة خلق القرأن،،وهي من أقوى الأزمات الفكرية ،،والمشاريع،،وقد تطرقنا لها في حلقة سابقة
٤- صراع الحنابلة مع المعتزلة ومن ثم مع الاشاعرة والصوفية،،،والذي طبع الفكر في بغداد لعشرات السنين.
٥- سيادة الاشاعرة في فترة السلاجقة،،وغلق باب العقل على يد ابو حامد الغزالي،،والرد عليه من قبل الشيخ عبد القادر الكيلاني بمشروع عملي،،،مبني على المقاومة الاسلامية في الجانبين الفكري والعسكري،،،
٦- مشروع ابن تيمية ،،في بلورة العقل السلفي،،وما تمخض عنه ،،من تاثيرات حتى وقتنا،،،
٧- في المغرب العربي ظهرت مشاريع لعبت دوراً كبيراً في تشكيل العقل منها مشروع ابن رشد،،وابن خلدون وابن عربي في التصوف،،،
٨- مشروع النهضة التي تبناه جمال الدين الافغاني ومحمد عبدة ومحمد رشيد رضا،،والذي لم يلقى الاستقطاب المطلوب بسبب مطرقة العثمانيين وسندان الغرب،،،،
٩- المشروع الكبير لمحمد عابد الجابري ،،في نقده للعقل العربي في ثلاثيته المهمة،،وكما وصف جورج طرابيشي في معرض نقده لمشروع الجابري،،بأنك سوف لن تكون كما كنت بعد قرأتك للجابري ،،وبصرف النظر عن النتائج التي تمخض عنها المشروع وهي برأيّ الشخصي الأقرب الى الحقيقة،،الا ان تصدي النقاد مثل جورج طرابيشي في كتابه نقد نقد العقل العربي والطيب تيزني ،،صاحب مشروع النهضة العربية،،كان مؤشراً على أهمية المشروع،،وان جميع المأخذ التي تم تأشيرها بدقة في مشروع النقد العربي لم تقلل من أهميته بل العكس ،،أكد على انه مشروع حرك العقل العربي ولو على مستوى النخبة،،،وهو جهد استثنائي ،،لوكان هناك من يعمل مع الجابري ،،من المختصين لكان المشروع ،،شكل خطاباً،،له تأثير عميق وحيوي،،،لكن المشروع لم يخلق التأثير المطلوب رغم حمولاته الاستراتيجية ،،وانا برأيّ المتواضع،،كنت قد كتبت مقالاً ،،منذ اكثر من عشرة أعوام ،،بعنوان مافاته الجابري ،،في خطابه،،،واكدت فيه على فقرتين واليوم أضيف ثالثة،،،،،
أ- إهماله للبعد القبلي في بناء العقل العربي
ب- تركيزه على ان ابن رشد قد لعب دوراً أساسيا في بناء العقل في المغرب العربي،،،مع اني ارى تاثير المحيط الجيوبولتيكي للمغرب العربي اكثر من ابن رشد وابن خلدون،،فالمغرب العربي جغرافياً هي تخوم الحضارة الغربية ،،وكذلك تاثير الثقافة الأوربية العميق جراء الاستعمار والهيمنة لعقود طويلة،،،
ج- المشروع ولد في منتصف الثمانينات،،،اي في القطع الأخير من مرحلة مابعد الحداثة،،،ومعظم المناهج المتعددة التي طبقها الجابري وهي عديدة تنتمي الى هذا القطع،،فهو استخدم البنيوية،،والتفكيك،،والانثربولوجيا،،،والماركسية وفق قراءة غرامشي والتوسير،،،ولاكان وبارت،،،وقبلها وليم جميس،،الى اخر المناهج،،،أقول ان مابعد الحداثة قد قبرت،،بظهور عصر الثورة المعلوماتية،،،وهنا اشدد على ان قصيدة النثر والنانو والهايكو،،،تنتمي لهذا العصر وليس لعصر مابعد الحداثة،،،،وليس من الحكمة بمكان مقايسة هذا النتاج الأدبي وفق مناهج ،،لا تنتمي الى عصرها،،،
وباستعراض سريع سنطرح سؤلاً ونقترح اجابة عليه،،،،
لماذا فشلت الحداثة في المجتمعات العربية ،،،،
الحداثة هنا كمفهوم معرفي،،وليس من اجل التحقيب،،وهي كل محاولة لتغيير المنظومات الاجتماعية والفكرية من اجل مواكبة التطور الغربي،،،،
أ- فشلت الحداثة لانها دخلت مع الأنظمة الاستبدادية،،،وعندما تحولت الأنظمة بالضد من المواطن في دعاويه الاساسية المتمثّلة ؛ الحرية،،البناء الاقتصادي،،قضية فلسطين
ب- لم يستطع روادها من المثقفين من قراءة التراث بشكل سليم،،وتوظيفه ،،وإنما كانت القطيعة والاقصاء ،،الهدف
ج- سقطت مشروعية الحداثة بعد ان تنصلت الأنظمة منها،،بالذات بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ ،،،
د- لعدم فهمها لهوية المجتمعات العربية،،،ظهرت السلفية المتشددة كرد فعل بديل ،،ولا نقول انها ولدت من هذه الحالة،،وإنما طرحت نفسها كمشروع بديل،،بدعم السعودية،،
ربما هناك أسباب اخرى،،ولكن المقام لايتسع،،،،
يتبع،،،،جمال قيسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق