الاثنين، 10 أكتوبر 2016

الناقد العراقي جمال القيسي 

..................
مالذي يحرك الناس ،،،،،،ويصنع مخيالهم / ٦
خلال مقالات سابقة ومختصرة،،،أردت التمهيد ،،لاقتراحات اجوبة تمت اثارة أسئلتها ،،،إبتداءً من العنوان الذي يحمل سؤالين مركزيين،،الاول مالذي يحرك الناس ؟ ،،،ومالذي يصنع مخيالهم ؟ وهي أسئلة مفصلية ،،وأجابتها ربما تمهد ،،بالإحالة الى تكوين نواة للجواب عن الاسئلة الحيوية المركبة من نحن ؟ اين نحن؟ اين سنكون ؟
١- جواب السؤال الاول،،واضح وجلي،،اذ مايحرك الناس قضيتين لا ثالث لهما وهو ماتوصل اليه كارل ماركس،،،( المصالح او الأيديولوجية ) ،،،وكل الفعالية الدافعية تندرج تحت اي بند منهما ( الغريزية ،،الجنس،،الجوع،،الحفاظ على النفس ،،الخ) ،،ومن الجانب التاريخي ،،التمثل ،،الهوية ،،التحدي والاستجابة ،،،، وبمعنى اكثر دقة هل ان الأفكار هي العلة التي تدفع الناس الى العمل ام الظروف المادية،،مع ان هناك حقيقة ثابتة ،،الأفكار والمصالح هي التي. تصنع مجتمع بشري حي وفعال ،،،
وهنا تتوضح لدينا فعالية الوعي بأختيار اي جانب منهما،،،فمثلاً تتحرك الجماعة نحو مصلحتها،،ومن ثم تؤطر،،او تشرعنها ايديولوجياً،،وفق مصلحتها،،،وهناك جماعة تسير خلف دعوة او فكرة ايديولوجية،،ومن ثم تحاول من خلالها الحصول على مصالحها،،،وأسبقية اي واحدة على اخرى تحدد ،،مدى التطور ونضوج الوعي،،،،وحتى لايكون هناك لبساً،،فيما ذهبنا اليه نستعرض ثنائية الفيلسوف وليم جميس في ،،تعريفه للعقل ( عندما نتكلم عن العقل،،فإننا نقصد تمثله في جانب الوعي التاريخي والاجتماعي والسياسي،،وكل مناحي الحياة بعد تقسيم العمل ) ،،،،،،
ان كل انسان له نظرة الى الحياة ،،وعلى اعتبار ان الوعي / هي الرغبة في أن يشغل الانسان العادي مكاناً داخل نسق- كون - وعملية ،،متجاوزاً على الاقل علاقة الأخذ والعطاء المباشرة بين الفرد وبيئته ،،ان فقدان مثل هذا الفهم عن وعي يولد عند الأسوياء نوع من القلق الميتافيزيقي ،،،
لقد قسم وليم جميس في ثنائيته،،،العقل الى عقلية مرهفة او مثالية ،،،وعقلية صلبة واقعية ،،،،،فالعقلية المثالية تعني المرء حسبما يفكر اي صورة من فكره،،،،اما الواقعية كما يكون المرء يكون تفكيره اي صورة لواقعه،،
وعليه ان الجماعات التي تتحرك وفق ايديولوجية في سبيل تحقيق مصالحها ،،هي ذات عقلية مرهفة مستندة الى السرديات الكبرى التي تفسر النسق والكون والعملية الحياتية،،،ونحن كعرب مسلمين من ذوي العقلية المثالية والمرهفة ،،،اما الغرب فهو صاحب عقلية صلبة وواقعية،،يتحرك باتجاه مصالحه مباشرة ومن ثم يؤطر ذلك بالأيديولوجية ،،،ومن هنا نستطيع ان نؤشر ،،عملية القطيعة المستمرة مع المعرفة القديمة واستحداث معرفة متواكبة مع المصالح المتجددة،،،الامر الذي ينعكس على التجديد المستمر في الادب وفنونه،،،اما نحن اصحاب العقلية المرهفة ،،سردياتنا الكبرى معيار ثابت،،وكل متغير في الحياة يجب مقايسته معها،،وشرط قبوله مرتبط بمدى مطابقته او التوافق مع السرديات الكبرى،،،،
٢- تتوضح لدينا اجابة السؤال الثاني بعد الفقرة السابقة،،،ان الشعور واللاشعور الجمعي ،،،مرتبط بنوعية الوعي والعقلية،،،لذلك المخيال الجمعي،،والأهواء التي تصنع الشعر وكافة الفنون مرتبطة بهذه الاطر،،،من هنا موضع اعتراضنا على محاولة تطبيق الفعالية الأدبية الغربية ونماذجها ،،،وفق منظومتنا الميتافيزيقية ،،،المرهفة والمثالية،،،
لانها لاتفلح بسبب وقوف العقليتين على طرفي نقيض،،،،،
اعتقد ان اجابة جزء من السؤال المركب من نحن بات واضحاً،،،وفق ما ذكرناه أعلاه ،،،،اما اين نَحْن؟ ،،،،نَحْن في خضم صراع وجودي ،،في عالم متسارع وسطوة الرأسمالية المعولمة،،،والتي نجحت في التسلل الى بيوتنا ومضاجعنا،،وسلبت اولادنا ،،أزواجنا ،،،وفي طريقها الى هدهدة مجتمعاتنا ،،وكل ما نعرف،،،لم تستطع الرأسمالية ان تقتحم اسوارنا ،،بالحداثة وما بعدها،،ولكنها نجحت،،من خلال الواقع ( المفرط ) ،،الفضائيات ووسائل الاتصال والاجهزة الذكية،،،والدمى الجنسية،،،،الان تجلس مع العائلة او الأصدقاء ،،،كل منهم منغمس في جهازه اللوحي،،،ومتعبد للاله العولمي ،،،تحول الانسان الى مستهلك رغماً عنه،،غارقاً في عالم افتراضي،،وتشظت الهويات الكبرى الوطنية والقومية ،،الى هويات صغيرة،،او غير ذات تأثير كونها هويات ممانعة للهيمنة الغربية،،باعتبارها من الأغيار ،،لقد تحول العالم العربي الاسلامي الى مفهوم ( أبناء العامة ) وفق التوصيف الذي يرد في الادبيات اليهودية ( عاييم) ،،اي الأغيار الغرباء الذين يجب اقصاءهم ،،ومنظومتنا الاخلاقية في طريقها الى التلاشي،،لتتأسس ،،منظومة قيمية رخوة جديدة،،مهيأة للسوق الجديد ،،،،والبضاعة الافتراضية،،،،وعلى العموم رغم انغماسنا في هذا العالم الافتراضي،،،لم ندرك حتى هذه اللحظة اننا فاقدين للوعي وللصدمة،،،وخير مثال إصدار الفتاوي من بعض مشايخ الاسلام بتحليل الدمى الجنسية (sex doll ) ،،والتي تأذن بنهاية الاسرة ،،،وفق المعطيات الاقتصادية،،باعتبار هذه الدمى لا تشكل تبعات شرعية او مصاريف زواج،،او مشاكل صحية،،،،في حين فتحت أبواب الهجرة ،،لشريحة الشباب العربي الى الغرب ،،لاستخدامهم ،،مكائن تفريخ،،،لتعويض النقص البشري المفترض في الغرب،،،انها اسؤ انواع الهيمنة،،،نحن بالنسبة اليهم مخازن المواد الاولية ،،وتعويض البشر،،،وسوق استهلاكي بلا سيطرة نوعية،،،
عالمنا الى زوال،،مالم يتدخل القدر،،،،لان مايحدث قضية قدرية،،،،،،لا اجد غير هذا التوصيف وانا من جيل يعيش على حافة النهاية لعالم سابق في طريقه الى ان يصبح ذكرى،،،،،اعتقد ان قضية قصيدة النثر والنانو ،،والومضة،،،هي فعالية لما آلت اليه الامور في هذا العالم المتسارع،،،،وليست فتحاً ادبياً،،،او تجديد،،وإنما محاكاة لعصر ثورة المعلومات،،،،
جمال قيسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق