الأحد، 9 أكتوبر 2016

ثلاثية الوعي الممنهج في رواية ( نساء المجرة) للاستاذ الكاتب جمال قيسي... بقلم الناقد / غازي أحمد ابو طبيخ

ثلاثية الوعي الممنهج:
في رواية (نساء المجرة )
للأستاذ الكاتب جمال قيسي :
 *****************

من أجل الدخول من الباب الى أجواء هذا العمل الروائي المميز ،لا بد من التعرض مقدما الى خيارات الاستاذ الكاتب المنهجية التي اشتغل عليها هذا العمل الكبير ..
والذي ارجحه بدء: أن كاتبنا القيسي قد عزم اصلا على ايجاد منهج بالغ الخصوصية منذ لحظة الشروع بالمقدمات ،وحتى مسك الختام.. ولكي تتوضح هذه الفكرة اكثر سنبين ادناه محاور هذه الخصوصية المبدعه:
المحور الأول: (البنية الفريده):
…………………………………………
هذا التفرد يتجسد بوضوح في طريقة التبويب الزاخرة التي تعتمد الفصول او المحطات ،إنما ليست تلك الفصول التي تعودنا عليها في الاعمال الروائية الأخرى،ذلك لأنها يمكن ان تقرأ مستقلة في جانب ،كما ويمكن ان تكون بنيوية تصعيدية يتصاعد خلالها الحدث الواقعي التحليلي متناميا بإسلوبية يتوجب على المتلقي أن يملك مجسا فطينا لٱكتشاف ما يمكن أن يغيب عنه من وشائج الإتصال الدفينة والظاهرة في آن واحد..
المحور الثاني :
……………………
(تحويل العرض الروائي المشوق الى بنية حمل واسعة النطاق للمسح (السوسيولوجي ) على مستوى البيئة الإجتماعية البغدادية بتفاصيلها المؤرشفة بشكل مثير للعجب والإعجاب في ذاكرة الكاتب خصوصا .. ثم هذا الشغل العميق الدلالات اللافت للإنتباه في سياق التحليل ( السيكولوجي) على مستوى نفسية الفرد البغدادي بشقية الذكوري والانثوي ،مع التركيز على الشق الثاني تخصيصا ،بضمنها طبعا كل ما يتعلق بالاعراف والتقاليد وال( فولكلور)،بل حرص الكاتب على نقل الهمسة واللمسة والأهة والحسرة واللوعة والامل والخيبة وو.. ومالا يحصى من المشاعر الإنسانية المختلفة ،مرورا بكل ما يميز البيت البغدادي عن غيره ،من الداخل ومن الخارج ) ..
ومما ساعده على تعبئة كل هذا المحمول الهائل هو أنه وظف اسلوبية الترجمة وأعني-ترجمة الحياة-توظيفا باهرا حقا لأنه حول الشخصية الرئيسية التي تمثل البطل المحوري الى شاهد اساسي على جميع الأحداث ، الحدث المركزي ،فضلا عن تفاصيله ومضايفاته جميعا ..ولهذا كان هذا الشاهد هو الراوية عينه،مما اكسب الحدث بجميع تشعباته درجة عالية من المصداقية اكسبت النص الروائي برمته جاذبية وتشويقا هو في الواقع بأمس الحاجة اليها ..هذه الحاجة تتأتى من أثقال المحمول الهائلة ،حدثا وبيئة ومناخا وموضوعة وأطروحة ..وكل ما سنتحدث عنه في المحور الثالث..
المحور الثالث :(اسلوبية السرد التوعوي):
………………………………………………………
لقد عمل الكاتب على طول المسار بطريقة تجمع بين السرد المباشر الشديد الوضوح ،تبعا لاسلوبية الترجمة والراوية التي قدمنا لها آنفا،وبين البث الفكري والثقافي المعمقين كلما سنحت له الفرصة عبر زمكان الحدث الطويل والواسع معا خاصة والرواية تؤرخ -اذا جاز لنا التعبير-عن مرحلة تضرب تاريخيا على اواسط فترة الاحتلال الانجليزي للعراق وحتى أخر ازمنة الجمهورية العراقية السابعه?!.. اذا كان حسابي صحيحا.. علما اننا لا نحس بالمداليل التاريخية الا من خلال انفاس المرحلة التي تشي بها ،خاصة والاستاذ الكاتب يوحي من بعيد او من قريب كلما دعت الضرورة الى ذلك،فنتلمس الطريق عبر هذه التلميحات او التصريحات الى رؤية او الآحساس بالزمن السياسي والتاريخي معا بين الفينة والفينة..
وسيكون واضحا للمتلقي الفطين أن الاستاذ القيسي لم يترك شاردة ولا واردة الا وبث خلالها مفردات وعيه المتجذرة عميقا فلسفيا و سيكولوجيا وحكميا وسياسيا وادبيا وكل ما يتعلق بشؤون الثقافة الخاصة والعامه.. والعجيب حقا انه يباشر بطرح المعلومة الثقافية بإسمها الصريح ،وكأنه يكتب بلغة المقال في بعض الجمل واحيانا فقرات ،والاعحب من ذلك ان استغرابنا سرعان ما يتلاشى حين نلاحظ أن تلقائيته في طرح المعلومة او المصطلح خلال السرد ذاته من دون أن يؤثر ذلك على جاذبية النص او روعة تشويقه..
خلاصة الامر يكمن في الاتي:
********************
إن مواطنه .. الدكتور علي الوردي العظيم ،كان حاضرا بقوة وبكل استقراءاته السوسيولية والنفسية في عقله وضميره ،ولكن القيسي الجميل لم يكتف ابدا بهذا الجذر المحرض المحفز العميق الجذور ،بل أضاف الى بعد التحليل والإستقراء الوردي اللمسات مسحا ميدانيا بالغ التشعب مشبع بل متخم بثقافة عصره حتى آخر تجليات الوعي المخصب بالمواقف الصافية النوازع ،والرؤى المخلصة الأهداف..
(الى جمعه عبدالله مطلق.. تلك فعلتك.. أنت كبيرنا الذي علمنا الكفر… بالقيود!!..
وأطلقت سراح الكلمات..
كانت الفوضى التي غمرتنا بها
معبرا…
لنفتش دواخلنا،إن أخطأنا..
فعليك بعض اوزارها..)…
كان هذا هو مدخل الرواية او بابها تحديدا..
*******
وهذا مقطع من الربع الاول من الروايه:
(وحسنية وحسون والكثير من أمثالهم هم جزء من هذا الحيز الإغترابي فاقد الهويه،والمتشكك بكل اخلاقيات وقواعد السلوك المدني البغدادي المنطوي على الاصول الأشعرية الماورديه ،بنكهة إنكشاريه..
وهذا الشك والرفض ،هو ليس فعل غير واعي فقط ،وإنما هو أيضا رفض للتهميش الذي فرض عليهم..)..
مقطع من الربع الاخير من النص الروائي:
(عندما تمسكني بيدها اتوحد معها ..وتتسارع انفاسي لتتعشق أنفاسها الآلهيه ..شوقي لها مثل شوق جلال الدين الرومي لمحبوبه.. كنت أراقب انفاسها عندما أصحو قبلها ..ويتملكني الفزع عندما لا ارى حركة صدرها ،وأقترب منها وألصق اذني عليه،ولا يهدأ لي بال حتى أسمع دقات قلبها..)..
المقطع الأخير من خاتمة الروايه:
………………………………………………
(مهما تطاول للكمال لن يمتلك متعة التكوين الاولى.. او الشعور بالإنتماء بكل تنوعاته،وما زلت اذكر توحدي بجدران بيتنا القديم،وغرفه وشناشيله،وشجرة الرمان والياس والدرج والمحجرات والابواب. النوافذ،حتى الحيوانات..
كل شئ كانت تحكمه روح واحدة متناغمه.. حكاية بدأتها شهرزاد.. ولم تحسن ختامها)..
***************
اخي أبا سرى الطيب..
أيها النبيل المنحاز للإنسانية المعذبه..
النص كبير ،ومتشعب المنافذ.. فٱعذر أخاك على تقصيره ايها الزميل الغالي.. والسلام..
 
تعقيب الشاعرة / خديجة غربوب
 
Khadija Garboub قراءة عميقة ومتمرسة
 
رد الناقد / غازي أحمد أبو طبيخ
 
آفاق نقديه الاستاذة Khadija Garboubالفاضله.. خالص الاعتزاز بهذا المرور الكريم.. تحياتي ..سيدتي..
 
تعقيب الناقد / كريم القاسم
 
كريم القاسم لاشك ان ماقدمته من وجهة نظر نقدية موجزة ايها الناقد العزيز الاستاذ ابانعمان ، قد اتت بثمارها حينما احطت الموجز بأركان الرواية وحيثياتها ، ورصدتها بعين الصقر ، ومايكتبه الاخ العزيز الاستاذ اباسرى ، وجدته من النوع المتشابك بهندسية منضبطة ، لاتشابك عشوائي، فهو يدخل في تراكيب جمله ، افكار متنوعة ، وما تجيد به خزينته الثرية من تراكمات ثقافية مختلفة، فيوظفها بجمالية ورونق بهيج ... وهذا مايعجبني فيه ... تقديري الكبير
 
رد الناقد / غازي أحمد أبو طبيخ
 
آفاق نقديه وكأني بك قد قرأت الرواية معي أخي الاستاذ الناقد كريم القاسم،فلقد وضعت أصبعك على اكثر المحاور حضورا وتجليا في هذا النص الروائي الرائع للاستاذ القيسي.. احسنت التعقيب اخي ابا عمار الغالي.. وإنها لومضة مغنية بحق ،تحياتي وبالغ تقديري..
 
 
تعقيب الناقدة / نور السعيدي
 
نور السعيدي قرأت الرواية لأستاذي جمال القيسي على dbf ،، أعادنا للأجواء البغدادية وكأني أشم رائحة الشناشيل والطرار والأرسي ـ عفوية الشخصيات وتلاحمهم الرائع بسرد سلس وخالي من التعقيدات وبعيدة جداً عن الرتابة لأن تنقلاته بين الأحداث كان هرمياً لما تناول حياة ( جمولي ) مع كوكبة من النساء وما أحدثنَّ من أثر على حياتهِ لكن ،،،،،،،،،،،
واضح أنا والأستاذ جمال بأعمار متقاربة لهذا أستمتعت بقراءتها جداً وعاد بي لتلك الحقبة ،
الرواية ينقصها شيئ وأشياء ،،، سأحاول أشيرُ لها وبإيجاز ،،،
شخصية منعم لم يكتب عنهُ غير موقف واحد رغم هو كان السبب يتبني جمال ولم يتطرق كيف أثر على حياتهِ رغم ذَكَرَهُ الكاتب أنهُ يخرج صباحاً ويعود بنهاية الأسبوع ،، العم ذات الموضوع رغم هو صبي والمفروض يكون أتصالهُ بهما أكثر ـ ركز على شخصية زوجة العم ( المحور ) وواضح جداً أن أستاذنا تناول هذه المرحلة من حياة النساء بنظرة أيجابية بحته ولم يتطرق لسلبيات تلك المرحلة من حياتهنَّ ،، أعتقد السبب هو حبهُ لتلك المرأة وألآ لماذا يضرب عن الطعام كطفل كي يعود بهِ أبيهِ الحقيقي لبيت العم وإجلالاً لها ولكل نساء تلك الفترة .
ذات المرحلة كانت هناك ظاهرة بين النساء ــ ظاهرة عجيبة ـ وغريبة جداً ـ والأغرب أنها كانت مألوفة بين النساء ومُباحة ( أعتقد كان على دراية بها كاتبنا ) أذا لم أكد متأكدة أنهُ قد عرفها وأخفاها كما قلت إجلالاً لهنَّ ،، ألآ وهي ظاهرة ( السحاق ) ليس فقط بين النساء العوانس حتى بين المتزوجات وطرقهنَّ بالتحايل والإغواء . والظاهرة الأخرى نقول عنها ( المسترجلة ) كاتبنا مَرَّ عليها مر الكرام ونَوَه عنها فقط { لما كان العم يتحدث مع الزوجة بخصوص المعلمة أن لا تجلب له المشاكل ) وأنتهى الحدث بأستدعاء سيارة إسعاف ،
المحور الثاني ،، القارئ كما أنا ـ يقرأ بنهم لأن النص رائع وينتظر النهاية بشغف وإلآ يقصف القارئ إذا لم يصفعهُ بنهاية باهتة جداً ووضع كل الشخصيات معلقيين بالذات البطلة ( زوجة العم ) حتى يظن القارئ أن هناك جزء ثاني ليُكمل الأحداث المبتورة ولا بد أن تتجسد الأحداث بنهايات لتتخذ الرواية هيكلها التام والتي هي بمثابة المحيط المُطوَّق كخطة دفاعية لحبكة النص والتي تتأقلم مع البيئة التي عاشها مع عَينات تاريخية حياتية هي المركز للرواية لإثبات الأوراق الثبوتية لهوية النص ولكي أكون مُطيعة للنص والنص رهن إستيعابي لفترة زمنية رائعة لا بد من وضع خط الوصول ـ ولكي تكون الدلالة + الحضور + التركيب كلها حاضرة وبقوة لأن المعيار الوحيد للذوق والذي له علاقة قوية مع العقل الذي لا يؤمن بالصدفة ( نص قوي ) وهو المحصور بجانبهِ السامي من خلال محرضات العاطفة ( زوجة العم ) بخضوع مناسب لهذا الجَمال وجهد للوصول حيث الوجود الدائم للسرد لإنعاش المعنى للموقف الأمومي لا أن يترك القارئ معلقاً لِيَنْسَل عائداً بل وخارجاً بكومة من علامات الأستفهام ( هنا ) النص برمتهِ ضَعفَ وجداً ليُكوَّن القارئ فكرة مِن أن النص برمتهِ ك ( فأر حقل لا يهزُ العشب ) والمفترض أن هناك حُمى حميمة بشِعاب العقل كمَهدٍ هزاز يعود بها القارئ بإستفاقة كاملة كي يُعطي للظلام ضوء وللسكون حركة لا أن يكون ماضي لا إتجاه لهُ ــ فالكاتب لا بد مِن أن يتعامل ( بخبث التأثير الأيجابي ) لأيقاظٍ شرس عند المتلقي والسير بكل الإتجاهات لا أن يمر القارئ بجانب حياة الشخوص بقحط وتراجع حرون ، أخيراً أقول ،، ليتهُ نزع قشرة الخمول لولادة النهاية .
أسمتعت بالرواية جداً أعادتني لأيام الطفولة وقد كنتُ قد نسيتُ ( الطرارـ المجاز ) شكراً وجزيل الإمتنان لروحكَ النبيلة أستاذي ورائعي دوماً ،، مجرد رأي
نور السعيدي ـ بغداد
 
تعقيب الناقد / جمال قيسي
 
Jamal Kyse امتعتني قرأتك نور السعيدي للرواية،،وليس من حق الروائي ان يبرر،،ما يؤشره القارئ،،،وانا أقول لك ولكل القرّاء ،،ان هدفي في الاول والأخير من كل أعمالي الروائية وأبحاثي ودراساتي،،هي التحليل السيوسيولوجي،،للمجتمع العراقي،،،انا معك بان الشخصيات لم تكتمل درامياً،،ولكن احداث الرواية تنتهي عام ١٩٦٤ ،،حاولت ان أسلط الضوء على أسباب ولادة ثقافة الكراهية في مجتمع بغداد،،،،ربما وفقت او لا،،،يبقى القارئ في الاول والأخير ،،هو من يصدر الحكم،،،
 

هناك تعليق واحد:

  1. هناك امر يجب ان انوه له،،،ان الرواية ،،انا مشارك بها في مسابقة كتارا للفئة الغير منشورة ،،لذلك اعتذر من القرّاء ،،الذين يستمعون لهذا النقاش،،وكأنه بطله شبح،،،وإني أعد كل مهتم ،،باني سأخذ بكل الملاحظات للأساتذة ،،الكرام،،،في حال طبعها،،،مع تحياتي

    ردحذف