( الجرس في الشعر العربي) - 3 -
ولما كان القران الكريم يعنى بالجرس والايقاع عنايته بالمعنى ، فقد ضم بين دفتيه مجموعة من الالفاظ ذات الجرس الموسيقي المميز، الذي ينسحب أثره على النص ويسهم في الكشف عن مكنونه الدلالي، وقد جاء ذلك في اطار اهتمام القران باختيار الالفاظ اختيارا يقوم على اساس من تحقيق الموسيقى المتسقة مع جو الآية وجو السياق، بل جو السورة كلها في كثير من الاحيان، وبخاصة تلك السور القصار التي حفل بها العهد المكي لتأكيدها أصول العقيدة الاسلامية من الايمان بالله وتوحيده، وهذا ما اكدت الانتباه اليه آنفا، وهذا الامر الذي نذكره انما يعني اللغة شعرا ونثرا ، وقد احببت ان اذكر في اعلى مراحل النثر ان من ينتبه بتمعن الى الايات الكريمة في سورة النبأ على سبيل المثال لا الحصر ويقرأها بتنغيمة تتفق وذوقه ( قراءة او ترتيلا) وهو حر في هذا الخيار سنرى ان الموسيقى فيها تقترب من الوزن بعض الاحيان وتبتعد عنه احيانا اخرى لكن هناك قاسما مشتركا يكاد يكون متساويا في كل الايات وهذا القاسم المشترك الذي لايوجد له على الواقع المادي اي جسم او مكون نتمكن من رؤيته او شمه او لمسه انما سنحسه تماما في رنة جميلة متكررة، وهذا تقريب لما نقصده بالجرس، لنرى :
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ،
حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا،
وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا،
وَكَأْسًا دِهَاقًا،
لّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا،
جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا)
ومن اجل تيسير الامر على القاريء والمتابع والمهتم على حد سواءسنسوق هنا مثالا بسيطا لعله يقربنا مما نريد، لو تخيلت نفسك امام فرقة موسيقية تعزف مثلا خلف ام كلثوم، سترى ان عوامل تلك الفرقة ومكوناتها هي ( الايقاع" الطبلة والرق" و مجموعة الكمانات والجلو والاوكورديون والناي، ثم القانون)، في مقارنة بسيطة مع ماتقدم وما سيأتي لاحقا، العاملان المهمان في الفرقة الموسيقية هما مجموعة الايقاعات، ومن ثم باقي الادوات الموسيقية عدا القانون وهي تصدر اصواتا تمثل لنا الوزن التفعيلات والايقاع في الشعر اما القانون فهو يمثل الجرس الموسيقي للشعر، وهذا مالايستطيع العازفون بدونه الاستمرار بالعزف، في حين اننا نستمع بشكل واضح لكل الالات الموسيقية لكننا من الصعب ان نصغي الى القانون الا اذا كان عزفا منفردا وهذا ما دعا الى تسميته بالقانون الذي لايستطيع العازف الخروج عن نغمته ملزما الكل باتباعه، وهو الجرس بالنسبة للعزف، كما هو ذلك النغم بالنسبة للشعر والذي يبدأ من الحرف ذي الجرس الواحد المفرد الى المركب من الحروف ذي الجرس المركب والمتكون من عدة حروف او تركيبات لفظية اخرى تشترك بها مفردات اخرى..
هذا مثال بسيط من آلاف الامثلة...
اما في الشعر فالايقاع والنغم والوزن والتفعيلة عوامل ضبط لقانون بناء البيت الشعري ومنه تكتمل القصيدة في الشعر العربي وبغير هذه العوامل ليس هناك شعرا انما الذي يكتب بغير تلك الاسس هو كلام، ولا نختلف ان كان هذا الكلام جميلا ام لا انما الذي نريد من هذا البحث هو الشعر ومتطلباته ولن نحيد عن الاصل في بناء البيت الشعري او كيفية بنائه...
على اننا نبغي من هذا الشرح الوصول الى بعض الفروقات التي يتتبعها الناقد في اثبات الذات العالية والرقي والتسامي للقصيدة في الشعر العربي.. قديما او حديثا، وانا هنا اعني ( العمود وشعر التفعيلة فقط) على انهما اللذان سيخضعان الى التقييم فقط، باعتبارهما الشعر العربي وغيرهما لا يمثل لي شيئا من الشعر ولا يمكن ان اخوض في نقاش مع من يخالف هذا الرأي الذي هو مبدا لن اتنازل عنه...
الجرس وهو ما يعرفه الشعراء والذين خبروا الشعر بكثرة ما حفظوا منه وتعودت اذن الواحد منهم على الترتيبات الموسيقية لكل بحر، وكل بحر يحتوي على موسيقى خاصة به تميزه عن غيره من البحور وما اختلاف تلك الاوزان والموسيقى في البحر الواحد عن غيره من البحور الا روح عذبة ومعزوفات توحي وتدلل على عمق ونقاء وشفافية الذوق العربي في اختياره تلك المعزوفات المتنوعة لتشكل موسيقى متعددة النوتات بسلم صاف لا يمكن ان يتلاعب به احد الا بحدود تلك الجوازات التي وضعها الشيخ الجليل والعالم الكريم الفراهيدي والكبير المعلم الرائد السياب العظيمين رحمهما الله وانزلهما منزل صدق عند ذي العرش المكين ...
ولو شئت ان تتأمل فيما اقوله الان وتساءلت، لماذا لم يجروء احد ما منذ الخليل بن احمد الفراهيدي ان يتلاعب بتلك الاوزان التي استقر عليها العرب ومنذ زمن بعيد؟ هل لان عجلة التطور والابداع قد توقفت؟ ام ما جاء به الفراهيدي مقدس لا يمكن مساسه ؟ الم ينتبه المتنبي والمعري والرضي واللاحقون بعد الفراهيدي ليحاول احد منهم ان يبدع في تغيير ما تعارفت عليه العرب وما استقرت عليه آذانهم منذ ان عرف الشعر في الجزيرة؟ كل ذلك لم يكن مبررا لعدم التغيير انما الجواب الحق ان ما استقر الشعر العربي عليه من بحور واوزان يعتبر قمة ما اريد له ان يكون من حالة ابداع راقية...
وقبل (الجرس) يجب ان نمر على مفهوم الايقاع في الكلام سوآءا كان شعرا ام نثرا ثم نعرج على الشعر حصرا...
الايقاع كلمة وردت في الثقافة العربية للدلالة على مكون من مكونات الموسيقى درس وصنف في الكتب المتخصصة وهو يشتمل على الكلام كله بشقيه الشعر والنثر. ويقابل هذا المفهومَ مفهوم الوزن في الشعر. لان النقاد العرب القدماء لم يستعملوا إلا كلمة الوزن عند دراستهم للشعر، وقد استعمل اللغويون المصطلح نفسه في تقنينهم للأشكال الصرفية. أما الإيقاع فهو غائب أو شبه غائب من معجم أهل البلاغة وأصحاب فن الشعر وعلماء الكلمة. وما نشاهده اليوم من تواتر لهذه المفردة في خطاب الباحثين، وحتى في الكلام العادي، هو ناتج عن التأثر بالثقافة الغربية التي أصبحت تستعمل هذا المصطلح في كل المجالات، تارة كمرادف للتكرار، وتارة كتوأم للسرعة، وأحيانا بدون معنى دقيق .
اما عند المحدثين: الايقاع هو الترجمة العربية للمصطلح الأوروبي ( Rhythm ) في الفرنسية والانكليزية، وهي مشتقة من
(Rhuthmos او Rhythmus ) اليونانية، وهي في اصل معناها الجريان والتدفق والمقصود به عامة هو التواتر بين حالتي الصوت والصمت أو النور والظلام.
لقد استعملت كلمة "إيقاع" أو "ريثم" في الشعر اليوناني واللاتيني، ثم في اللغات الأوربية الحالية التي انفصلت عن اللغات القديمة، فالإيقاع هو أحد مكونات عروض شعرها، مضبوط أحيانا وأحيانا غير مضبوط، ولكنه وارد ومتداول. واستعملت هذه المفردة أيضا في الموسيقى بصفة دقيقة مقننة. فلا غرابة إذن أن يكون الإيقاع في المخيلة الغربية همزة وصل بين فنون الكلام وفنون النغم وأن نراه مستعملا في العديد من المجالات.
كثيرا ما يرتبط لفظ الإيقاع بمجالات مبهمة، وتكون معانيه مرادفة للسرعة أو التناوب أو الزمن، وأحيانا يكتسي شاعرية سطحية تزيد من غموض معناه. فالبعض يتكلم عن إيقاع المحبة، والآخر عن إيقاع الزمن أو إيقاع الرياح. كل هذا أصبح معتادا عند الشعراء والكتاب وحتى عند الصحفيين، بحيث أن كل شيء أصبح في هذه الدنيا إيقاعا لدى البعض.
قد يرتبط الإيقاع بظواهر طبيعية معروفة ومدروسة نعرفها جميعنا لانها تحاصرنا وتدور حولنا مثلما ندور حولها كالنبض والتنفس والليل والنهار، الطقس بصورة عامة وايقاع الامطار بالخصوص، ايقاع اضواء اشارات المرور... الخ
يستعمل الإيقاع أيضا في المجالات الفنية والجمالية كما في الشعر والموسيقى كما ذكرنا، بالإضافة إلى النثر حيث يتكلم النقاد عن إيقاع الكلمات والجمل، وجرس الألفاظ الذي يكوّن بتواتره إيقاعا في رأيهم. كما يستعمل الإيقاع في فنون الرقص والرسم والنحت، وهو خاضع لتصورات الناقد وأحاسيسه وانطباعاته. وفي كل هذه الحالات يُعرَّف الإيقاع بطرائق مختلفة، متفاوتة الدقة. وقد لا يعرف، ويمارس بصفة حدسية وقد لا يمارس.
يقول شكري عياد " ان الوزن يتضمن الإيقاع أيضا وان الاصطلاحين- الوزن والقافية- لا يفهم أحدهما دون الآخر". و عليه فالإيقاع ليس مجرد التلوين الصوتي، انما هو فاعلية مؤثرة في بنية القصيدة".
اما محمد مندور فيفرق بين الوزن والايقاع فيقول :
" اما الكم (الوزن) فقصد به كم التفاعيل التي يستغرق نطقها زمنا ما، وكل انواع الشعر لابد ان يكون البيت فيها مقسما إلى تلك الوحدات، وهي بعد قد تكون متساوية كالرجز مثلا، وقد تكون متجاوبة كالطويل، حيث يساوي التفعيل الأول التفعيل الثالث والتفعيل الثاني التفعيل الرابع وهكذا، اما الايقاع فهو عبارة عن رجوع ظاهرة صوتية ما على مسافات زمنية متساوية او متجاوبة"
ولو تأملنا مفهوم الإيقاع لرأيناه مرتبطا بالزمن. والمادة العلمية التي تستعمل الزمن بصفة أساسية هي علم الحركة. وعلم الحركة يربط بين الزمن والمسافة. فالجسم الذي يتحرك في الفضاء له مسار معين، وموقعه متعلق بالزمن، وتحديد سرعته يقتضي معرفة المسافة والزمن، والتسارع له معادلة مبنية على المسافة والزمن. أما الإيقاع فإنه مرتبط بالزمن وحده ولا يستعمل الفضاء أو المسافة. فالقلب الذي يدق لا يقطع أي مسافة والنفَس الذي يدخل الرئتين لا تهمنا منه إلا علاقته بالزمن، وكذلك الشأن بالنسبة لتعاقب الليل والنهار، وتتالي الفصول، ودقات الطبول في الموسيقى، وتتالي السواكن والحركات في الشعر. وغياب الإيقاع من النظريات الرياضية والفيزيائية راجع لغموض المفهوم، وتعدده وكون الكثير من مفاهيمه تؤول إلى مفاهيم تقليدية معروفة، مدروسة مثل التواتر والدورية.
لقد اتفق العلميون على مفهوم الايقاع بعد تصاعد في التعاريف وخلصوا الى ان الايقاع مرتبط بالمجال المعرفي أو السياق الدلالي الذي يظهر فيه. ومن هذه الناحية فهو ليس مفهوما مفردا. ولذلك أتت صعوبة تعريفه تعريفا واحدا شاملا.
اذا تناولنا في هذا البحث الأسرار الجمالية للجرس والإيقاع البلاغيّ لأسلوب النداء في التعبير سنجد اننا اقرب الى مفهوم الايقاع والجرس من أي جنس ادبي او بلاغي آخر، وهذا طبعا لا يقتصر على كوننا عرب ونفهم اللغة ومعناها ، بل لان الايقاع والجرس قد يكون لغة عالمية لا تحتاج الى ترجمة، وهذا ما يحصل معنا عند استمتاعنا وتقبلنا لموسيقى الاخرين وغنائياتهم دون معرفة لغتهم، فما بالك ان كنا نحن الكتاب ونحن القرّاء في آن واحد...
وعند تناول مفهوم الجرس والإيقاع البلاغي لأسلوب النداء, سيكون ذلك اوضح الى المتلقي العربي دون غيره او لنقل اقرب من غيره ويظهر ذلك جليا في القرآن الكريم وطريقة قولبة الآيات ووضعها باطار مموسق يتجلى ذلك في شكل القراءات المتعددة التي تظفي على الايقاع والجرس متعة التقبل والانصات ربما حتى من غير العرب، هذا بالنسبة الى المنصت او السامع، لكننا نريد ان نحقق ابعد من هذا بالنسبة للمتلقي القارئ حتى وان كان من غير العرب لكنه يفهم العربية...
لقد اتخذ مفهوم الإيقاع عند الباحثين اتجاهات مختلفة, وهم في نفس الوقت مجمعون على ارتباطه بالجمال الفنّي ارتباطاً وثيقاً, وأنّه القاسم المشترك بين الفنون جميعاً, وكان بعضهم يحوم حوله فيقترب حيناً, ويبتعد أحياناً كثيراً, ومن هنا ارتبطت الموسيقى كأداة فنيّة في التعبير بقيم القرآن الكريم ومفاهيمه عن الله والطبيعة والإنسان ارتباطاً جعلها من أهمّ الأدوات ذات التأثير في نفس القارئ أو المتلقي ووجدانه.....
وعند محاولة البحث في الوقوف على رصد حركة الظواهر البلاغيّة وربط المسار الفنّي بالمسار النّفسي, والكشف عن المسار الإيقاعي للظواهر الإيقاعيّة وبيان قدرتها على المشاركة في الكشف عن الآفاق الكامنة وراء الظاهرة من التشكيلات والمعاني, ورصد العناصر الإيقاعية لظاهرة النداء في تكوين الظاهرة البلاغيّة, والإشارة إلى الفاعلية الإيقاعيّة لجرس الأصوات الندائية, وبيان دورها في تغذية التشكيل الإيقاعي ونموّه ولا سيما في علوم المعاني والبيان والبديع.
يمكن القول هنا عن سرّ الجمال الفنّي للنداء والسبب الذي أبعد النقاد القدماء عن الإمساك بجوهر الحركة الإيقاعيّة والإشارة إلى حقيقةٍ هامة, وهي أنّ هذه الموسيقى المعجزة التي تكمن وراء النظم القرآني هي التي مكّنت قارئي القرآن من ترتيله وتجويده دون غيره، لعله كان يستطيع ان ينشد الاشعار او الرجزيات انشادا اوغناءا، لكنه لم يألف الترتيل او التجويد بالنسبة للشعر او للكلام حتى...وهذا لوحده باب يطول الحديث فيه....
وهنا لابد لي ان اركز الى عامل مهم جدا ومحط اعتبار كل دارس وهو السلاسة وانسيابية الكلام، والانتقالات بين المفاصل دون هنة تذكر والتي حبكت بشكل رائع ومثير الى درجة التأوه او الاشادة بالنبر او قطرات من دموع ، او مفردة اعجاب ، وهذا يخصنا ربما اكثر دون غيرنا ، وارجو ان يُفهم كلامي هذا بتجرد وليس انحيازا، على انني استعرض هذا الان للدلالة والاستدلال من خلال ما اقول....
ولان اللغة العربية تمتاز بكونها لغة ذات طابع موسيقي نابع من الانسجام الصوتي في الفاظها، اذ ان صيغ الالفاظ فيها عبارة عن اوزان موسيقية ذات نغم ثابت. وعلى الرغم من هذا الطابع الموسيقي العام في الفاظه العربية، فان بعضها يمتاز بجرسه الموسيقي الخاص على مستوى الدلالة الصوتية، لان الجرس كما يقول العارفون بهذا الشأن:
" خصيصة ذاتية محسوسة في بناء اللفظة من خلال تباين اجراس حروفها التي بنيت عليها، وتشكل هذه الحروف في ائتلافها وتنافرها نغم الالفاظ وقيمتها الحسية مفردة كانت او منظومة في سياق التعبير الادبي" ومن هنا فقد استقلت بعض الفاظ العربية بصيغتها الخاصة وطبيعة الاصوات التي تشكل بنيتها مما منحها صفة التفرد، وأكسبها ذائقة سمعية تختلف عما سواها من الالفاظ التي تؤدي المعنى نفسه، فكان لها استقلاليتها الصوتية، اما في الصدى المؤثر، واما في البعد الصوتي الخاص واما بتكيف المعنى بزيادة المبنى، واما بإقبال العاطفة، واما بزيادة التوقع فهي حينا تصك السمع، وحينا تهيء النفس، وحينا تضفي صيغة التأثر فزعا من شيء، او توجيها لشيء، او طمعاً في شيء وهكذا.
على انني اعني من هذا وابغي ماهيّة اللغة، والتي كما يعرف المتتبعون والمتخصصون
" أصوات ترمز إلى معان"...
اما رأي العلماء القدماء في علاقة الصوت بالمعنى ورأي النقاد الفرنسيين بشكل خاص حين قالوا:
( "....هناك علاقة طبيعية بين الصوت والمعنى، حيث بالغ فريق من الشعراء الفرنسيين المحدثين فزعموا أن " الجرس" هو كل حرف من حروف اللغة له تأثير خاص به كالتأثيرات المختلفة التي ننسبها إلى الألوان المختلفة..."، ولاشك أن الاصطلاح يضعف هذه الصلة إلى حد كبير بل يمحوها في كثير من الكلمات.
للإشارة والتوضيح انني اعني بالجرس الكلام العربي بشقيه النثر والشعر لأنه موجود فيهما، لكنني بصدد الشعر وعلى هذا الاساس اوليته اهتماما اكثر من اخيه النثر....
ويقينا أن للشعر العربي العمودي والذي نقصد به الشعر الموزون وفق تفعيلات البحور التي وضعها الشيخ الجليل الخليل ابن احمد الفراهيدي ايقاعا حسنا على الاذن فتستلذه وتطرب له وترجو المزيد. لكننا نعلم انه ليس كل أبيات نظمت حتى ولو كانت على أوزان البحور الفراهيدية تستلذ بها الأذن وتطرب لها بل هناك ما ينفر منه السمع ويرجو انتهاءه. وهذا يعني أن هناك عوامل اخرى غير الوزن تساهم في خلق تلك النغمة وهو الجرس الذي يشد إليه السمع ويطربه.
من المؤكد أن المتتبعين لشأن الشعر وأسراره والحريصين على اكتشافه والرقي بهذا الفن قد قاموا بدراسة هذه الأسرار وكتبوا عنها. ونجدهم كثيرا ما يتكلمون عن الجرس الشعري وأسبابه, فيردونه إلى تكرار الكلمات, استعمال بعض الأحرف وتكرارها خاصة, واستعمال المدود وتكرارها وغيرها... ونجد كذلك من وضع أسس جديدة استعمل فيها أرقام الحساب معتمدا في ذلك على السبب والوتد كليهما في محاولة منهم لبيان أسرار الجرس في الشعر العربي العمودي بالخصوص و وشعر التفعيلة...
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق