الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

قراءة نقدية بقلم الناقدة / دنيا حبيب لنص الشاعر العراقي الموسوي (خاطر حي)

قراءة نقدية بقلم الناقدة / دنيا حبيب لنص الشاعر العراقي الموسوي (خاطر حي)
 
 
خاطر حي***
 
كان يكتبني أرقا طويلا
ويفتح لي في كل شهقة
بابا من القلق.....

اعلم أننا ما فتئنا
نلوك اسئلة الغابرين..
حتى جديدناالمبرقع بالالوان
ليس الا مناوره..
الحقيقة الاكثر شخوصا
في هذا الهزيع البارد
ليست سوى هذه اللغه..
الارض لغه
الانسان لغه
الزمان لغه
كل العناقيد التي بينها لغه
شئ واحد خارج السياق الرتيب..
وحده ما يمنحنا الشعور بالجدوى..
لاتستوعبه كل لغات العالم
ولو اجتمعت..
بينا يستوعبها جميعا
حتى لتكاد تنحل فيه..
هو القديم ذاته
القديم المتجدد ابدا
الجديد الحي
الحي القادر على الاحياء
بث الحياة في الموات..
ولولاه
لولا مداه الرحيب
لضاق علينا التنفس
هذا العالم
اصغر بكثير من أن يقنعنا
لكنه بالحب وحده
يستحق ان نعيش فيه
فبه دون غيره
يتصير كبيرا
وجميلا..
 
دنيا حبيب حسنا، فلنخالف القاعدة، ولنعيد قراءة النص من "النهاية للبداية" .. ولعل صاحب النص أول من سيدرك سبب طلبي. لأنه يعرف جيدا، أن كشفه؛ وعلى الرغم من أنه كشف غير صعب، وعلى الرغم من أن "خاطره" أخذنا نحو الشعور "السهل الممتنع" .. والذي به تغنى ونثر وتفلسف الشعراء والكتاب والمفكرين، ولازالنا نبحث إلى الآن عن معنى وتعريف له، كشف الشاعر هو ببساطة "الحب" .. لكن حذار من هذا الشعور، لأنها كما وصفناه هو "السهل الممتنع" .. ولا يغرنكم هذا الإفصاح عنه في نهاية النص؛ لأن لهذا الشعور خفايا في كل سطر، لا يدركها حق الإدراك إلا صاحبها، وطبعا لنا أن نخمن كقراء.
قلت أننا سنقرأ النص من النهاية للبداية وهذا ما سأفعله، وبعدها لنتساءل سويا لم؟ ولم لم يكتب الشاعر نصه من النهاية للبداية.
"الحب.. به يتصير العالم كبير، جميلا. لولاه لضاق التنفس.. هو القادر على الإحياء.. لا تستوعبه اللغات.. هو الحقيقة الأكثر شخوصا" والآن لنعيد القراءة مرة أخرى لكن من البداية للنهاية.. سنجد أن الفارق الوحيد هو أننا في المرة الأولى قلنا "الحب" ثم استرسلنا.. أما في الثانية.. استرسلنا ثم تساءلنا.. ثم استغرقنا في التفكير.. ثم تمنينا أن نحصل على هذا الشيء.. ثم أخيرا وجدناه.. وجدنا "الحب" .. الشاعر الذكي، الذي حركنا في اتجاه مكاشفته، بطريقة "الترغيب" .. تلك الطريقة التي تثير في نفس القارئ الفضول..
بداية من عنوانه "خاطر حي" ذلك الاختيار الذي يختلج الأنفس، ويرغبها في الاطلاع على هذا الخاطر والذي اتصف بأسمى الصفات، ألا وهي صفة "الحياة" ... وبعدها يزد في رحلة التشويق ويكمل ما بدأه في العنوان
"يكتبني أرقا طويلا" .. ثم يزد .. ثم يزد... ولم يتخل أبدا عن تصعيد عملية الترغيب.. إلى أن يلقي ما ضج في صدره وهو صابر طوال هذا الوقت.. ولعل ذات الشاعر نفسه، عاشت هذه اللحظات حقيقة، عاشت مرحلة التساؤل، والقلق.. والمعاناة للبحث عن الحقيقة.. عن "السر" .. إلى أن اهتدت نفسه وتجلت الرؤى نحو ما أراح به أسئلة الأولين والمعاصرين، بل والقادمين في المستقبل! .. -الحب!-
أكثر ما شدني، هو ذلك التبجيل، والتعظيم الذي يكتظ في روح الشاعر اتجاه شعور الحب. ولا بد من إشارة مهمة أن الحب الذي قصده وعناه واعتنى به، ليس مجرد الشعور بين الحبيب والحبيبة؛ لا أبدا. بل هو حب أشمل وأعم وأكثر استاعا، ولعلني في نهاية الأمر اتضح لي أن الحب المقصود هنا هو "حب الإله" لذا، حدث ولا حرج، لذا قل ثم زد ثم أفض..!!
من ينظر في أعماق النص، والذي هو مرآة لأعماق الشاعر، سيجد أن في دخيلته صرخة.. وأنة.. صرخة العارف وأنة العارف، ولو كان الأمر بيده لصرخ بوجه الناس جميعا، لكن الأمر بقلبه -لا بيده- فيأبي إلا رهافة الشعور، وجمال الحكمة حتى يصل بالناس لمراده السامي النبيل..
لغته وشاعريته التي أصفه وأصفها (بأنهم يسيرون على الماء جميعا) لديه لغة روحية رشيقة تسير على الماء، ورهافة شعور من رقتها، لا تسبب وزنا على الماء، فتطفو كبتلات الورد.. لكن هذا لا يعني أنه فارغا من الحكمة ورصانة المنطق، لا ابدا.. فهو يرى الحاضر بعين حاضرة.. مثلا في وصفه "جديدنا المبرقع بالألوان" .. "الحقيقة الاكثر شخوصا
في هذا الهزيع البارد" .. فهنا من خلال هذي الرؤى، هو يقول ويدلي بنظرته ودواخله نحو الحياة والكون..
سأكتفي بهذه الزاوية البسيطة.. لكن هذا لا يعني أن الحديث انتهى.. وللشاعر الأستاذ العراقي الموسوي جزيل سلامي..
 
تعقيب الناقدة / نائلة طاهر
 
ندى الأدب العراقي الموسوي كان متابعا للنقاش الدائر هنا منذ أسابيع حول اللغة والتراث والنثر .وقد اختزل رأيه في قصيدة نثرية استوعبت مفاهيمه. أثارت الأسئلة المتصلة كما المنفصلة (ظاهريا ) مثل الحب .من الجوهر المتصل والجوهر الممتد بفكرة هذه القصيدة أهو الحب أم اللغة ؟ اللغة هي الحب جوهرا وظاهرا فأن منطق الحب هو الذي أراده الشاعر مؤسسا لتواصلنا الروحي عامة والمادي في مرحلة ثانية .لغة الحب كفيلة بانحلال الذات والماهية لتنبعث من جديد بشكل قد يبدو مختلفا لكن جوهره واحد وهو الحياة كما يريدها الشاعر أو كما أرادها الخالق .من يبعث الحياة باللغة أو متى نسمي اللغة حية ؟بالقصيدة مذهب واحد ومرجعية واحدة للحياة وللكتابة وللتواصل والتجدد هي لغة الحب .وحدها الأمان والسلم وحدها تلم الشتات وتجعله واحد .
الموسوي ليس مجرد شاعر ..لا ..هو فكر متنقل واع لما حوله بشكل صوفي متجدد.وهذا الشكل كفيل باقناع العقل قبل القلب. الواضح جدا هنا قاعدة :انت كائن محب إذن أنت كائن حي)
ارجو ان نكون كلنا أحياء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق