الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

فضاءات واسعة ،،قراءة نقدية لنص الشاعرة مياسة د ع ( حضور الغياب )،، بقلم الناقد / جمال قيسي

فضاءات واسعة ،،في حضور الغياب ،،
 
ما سبق وان قيل،،في خطابي إنما هو ذهول،،من فخامة نص،،أصابني بصدمة،،وأعاد لي معنى الإبداع كما يجب ان يكون،،،وربما هناك من يعتبرني مبالغاً،،،او مغالي،،،وربما هو محق لما تناغم او تموسق على رأي نائلة طاهر،،،مع نص مياسة،،ولكني سأفصح،،عن ذلك في جانب يتمسك بالعلمية والمنهجية ذات أنصاف ،،مع احتفاظي بالنشوة المتولدة لدي،،،نعم ،،ان النص الذي ينشط الدورة الدموية حالما ،،تقرأه ،،،يتركك في حال،،غير الذي كنت عليه،،شيء يجعل منك تنظر الى العالم ،،بعين تجهل انك تملكها،،وسأسلك فيما يأتي ،،،بعض الطرق الوعرة ،،لأبرر الحال الذي بت عليه بعد قرائتي لهذا النص،،،واعتذر من بعض أصدقائي ،،الذين ،،لا يتمنون علي التعقيد في كتاباتي،،ولكن الامر لابد منه،،لتمسك ببعض اسرار هذا النص الذي ذهب بعيداً جداً عن كل ما مألوف،،،ولا اخفي سراً،،اذ حكمت على النص في اول قرأة له،،على انه محاكاة لأسلوب. الشاعر الكبير رابندرات طاغور،،،ولكن ما ان بدت تنهال علي المترادفات ذات المحتوى المتناقض،،،وفائض المعنى،،ادركت مدى أصالة هذا النص ،،نعم هو في الموسيقى،،،متماهي مع سمفونيات طاغور،،،ولكن المضمون شيء اخر تماماً،،
في المدلولات السيميائية ،،شبكة مفهومية ،،،تتحرك في إطار المنظومة الرمزية للغة،،،لكن القضية تتعدى الكلمات وطاقاتها،،عندما يذهب بك النص الى فضاءات ،،جديدة لا تعبر اللغة عنها،،وإنما تشكل مدخلاً ،،الى هذه الفضاءات،،،وهنا يكمن سر مياسة في نصها ،،فبحكم الفضاءات التي تأخذنا اليها ،،تبدأ ،،المدلولية،،،في سيرورة جديدة،،،تتحرر من المألوف والمتعارف الدلالي ،،اي بمعنى ان الكلمات تؤدي الى وظيفة جديدة في المعنى،،ربما هنا يستوجب منا ان ننشأ قاموس دلالة ،،خاص ،،وهنا ايضاً تحقق كامل لمصطلح فائض المعنى ،،،وحتى نحكم ما قلنا ،،ناخذ مثلاً،،،لم يكفني ،،مسافة قلب،،،
حتى أبلل،،اوقاتك وعينك
جعلت من القلب بحجم ما يوازي السماء،،وأزاحت البعد الثالث باستخدام المسافة ،،وهي لقياس المساحة وليس الحجم،،،بعد ان جعلت من نفسها غيمة في طور التكوين،،،بحاجة للمرور على بحار واحتواء أبخرة حتى تجمع ما يكفي من اختزان للماء،،،لتصل الى حالة الأمطار ،،لتتزامن مع أوقات ،،من تعشق،،وترطب رؤيته،،التي ربما ،،لم تلحظها،،او ان المكان غير المكان والزمان غير الزمان،،،ما أوسع هذا الفضاء المحايث،،،الذي خلقته مياسة ،،في ثمان كلمات،،عبثت في تموضعها،،،ولكنه عبث خلاق،،،
هنا تصرفت بحرية واستخدمت الكلمات في غير مواضعها او معانيها،،،مجرد إشارات مرورية لعالم فضاءاتها،،ولكنها نجحت بإعطاء الصورة ،،رغم الاستخدام الذي يبدو انه تعسفي للكلمات ،،لكنها منحتنا شيئاً جديدا،،،لا تستطيع الكلمات وحدها ان تبوح به،،،وفي الاحتواء المتناقض،،معنى اخر متجدد بحكم تناقضه،،مثلاً
كل ما في عينيك،،،،
حفنات ضوء،،
وقيامات نبض،،،،
وهذا الصمت الذي يكسرني
كالدمعة،،
صغرت الضوء ،،وهو مكون فوتوني،،غير متماهي او متلاشي،،ولانهائي الا في تحوله الى طاقة،،وعلى قياس مياسة،،راكمت الجسيمات المصغرة المسماة بالفوتونات ذات الحركية الدؤبة والسريعة والغير متوقفة،،والتي بموجبها. تقوم. شروط الحياة،،،،على شكل أكوام مثل حبات الرمل،،،ساكنة،،،وهذا ضرب من المستحيل فيزيائيا ،،ولكنه ممكن في عالمها،،،مع ترادف نقيضي اخر،،،قيامات نبض،،،،والقيامة هو يوم حاشد،،سواء كان هنا يذهب المعنى الى حرب كونية،،او قيام الساعة،،،لتصف به مجرد نبض،،،،ومع كل هذه الأحداث المجلجلة،،،،تراها هي ،،ليس اكثر من صمت،،،وتحجر صفاتها الحيوية،،،
انا لو كنت مؤمناً بخرافة الجن،،،لاعتقدت جازماً،،ان احد ما منهم ذَا شأن متلبس بها،،،،ولكني متيقن ان حيزاً ميتافيزيقياً،،،انبثق في داخلها،،،
يتبع
 
لمْ يكفِكَ .. هُنيهاتُ غيابٍ
حتَّى تَختزنَ
وحدتَكَ ، ومَرارَاتكَ الطّويلَة ،
وأيّامكَ المُهتَرئة ، ومَآقيكَ المُكتظّة ,
بَعيداً عن كلِّ يَدٍ ..
ويَدي ؟!
لم يَكفِني .. مَسافةُ قَلبٍ
حتَّى أبلِّلَ
أوقاتَكَ وعَينيك ، وحُروقَ نَبْضكَ ..
ولَحظةَ غيَابٍ في الوَريد !
لمْ يكفنَا .. أنْ
نَختزنَ حَياةً أو مَوتاً
عِندَ أولِ غيَابٍ
أو ..
آخر حُضورٍ في الوَريد !..
ـ 10 ـ
كلّ مَا فِي عَينيكَ ..
حَفناتُ ضوءٍ ,
وقِياماتُ نَبضٍ ,
وهذا الصمتُ الذي يَكسرُني
كاالدّمعَة !
.
كلُّ ما فِي يَدي ..
مَدى غَيمٍ ,
مَدى ليلٍ
وعمقُ وجهكَ الذي أسكبُهُ ..
كالدّمعة !
.
أيّها الغَائرُ في عُمقِ دَمي ,
وفي كلِّ اليَدِ ..
مَدى
دَمعي !

 
 
تعقيب الناقدة / نائلة طاهر
 
ندى الأدب صباح الخير يا قيسي نص مياسة يذكرنا كثيرا بغادة السمان .وودت لو في إشارة تفك لغز تكرر كلمة الوريد كثيرا به .
 

تعقيب الناقد /جمال قيسي
 
Jamal Kyse شتان بين الاثنين،،،وساوافيك لاحقاً،،،بالفرق،،تحياتي
 
تعقيب الناقدة / نائلة طاهر

 

ندى الأدب في الأسلوب عامة يمكن يا قيسي. ..اكيد في اختلاف حتى لا تكون مياسة نسخة ممجوجة لغادة ونحن لا نحتاج نسخ بل نحتاج خلقا جديدا بملامح تساير الحقبة الزمنية الحاضرة بمختلف مظاهرها وانفعالاتها.لكن الإحساس يا قيسي مشترك حتى دون أن تدرك مياسة أو تتعمد نفس الانزياح إلى المحظور شكلا ومضمونا ونفس التورية لأعماق تنبش الحيرة والأحزان بالحب ...
نعمل ايه يا قيسي (كإمرأة)أرى جينات مشتركة بينهما وكفاعلة في الشأن الأدبي لا بد أن أقدم حجة على رؤيتي و للأسف تعوزني الحماسة والوقت والكسل أخذ مني لذلك انتظر ما ستقوله يا ناقد واكتفى .
طبعا قرأت الحب من الوريد إلى الوريد خذ هذا المقطع فهو يلخص نوعا ما رأيي بنص مياسة هو لغادة من الكتاب الذي ذكرت

ولذا أبحر في الفراغ وحيدة
ولا اسمح لكوكب باختراق مداراتي ..
وإنما اتركه يدور حولي ..
كنجم تائه ..
شرط الاحتفاظ بالحد الأدني ..
من المسافة بين الغربة واللقاء ..
المسافة بين الوحشه المطلقة ..
والامتزاج المطلق ..

مياسة وحدها التي تجيب هل قادرة على الاحتفاظ بتلك المسافات أم أنها امتزجت بالمطلق


 
تعقيب الاديب / أسامة حيدر
 
أسامة حيدر أخي جمال : أيّها الرائع المبدع صعّبت علينا وجعلت النصّ فيه مشقّة للفهم ووعورة في فهم مسالكه . كلّ مافي الأمر أنّ صاحبة النصّ استخدمت الانزياح اللّغوي وصار النص سرياليّاّ يحتاج إلى تأمّل كثير حتّى تُدرك مفاتيحه ويصعب ذلك على المتلقّي البسيط . وأتيت أنت بعلمك الغزير ومعرفتك الواسعة فأغلقت النصّ من حيث قدرت التّوضيح وفتح المغاليق . وأرى أنّ مقطعين من النصّ لم تقف عندهما !! وأنا سأتّهمك بالانحياز أيضاً فإن أعجبك نصّ لا تستطيع أن تقف على الحياد منه وهذه التّهمة كلّنا نقع فيها لكنّها تهمة على كلّ حال .
وأرجو ألاّ يُفهم من كلامي التّقليل من جمال النّص لكنّي أرغب في أن نبسط قليلاً وننتقي مالا يغلق على فهم القارئ . دمت بخير دائماً أيّها المبدع الذي أعتزّ به .
 
 
تعقيب الشاعرة/ مياسة د ع
 
مازلت أقول أشكر الأستاذ Jamal Kyse على قراءته للنص من داخله .. فالنص الشعري في فهمي هو عملية ابداعية رؤيوية غير منجزة .. ويكون هذا النص كثيراً بقدر مايكون مفتوحاً على الدلالات والتاؤيلات التي تسهم من جديد في كتابته .. مع فائق تقديري واحترامي ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق