الاثنين، 10 أكتوبر 2016

قراءة نص كريم عاشور أين ضاعت يدي؟ بقلم الناقدة / نور السعيدي

قراءة نص كريم عاشور
أين ضاعت يدي ؟
......................
كانت لي يدٌ وحيدة
لا أدري أين أضعتها...

ربما في السوق
وأنا أربّتُ على كتف طفلة تائهة .
ربما تركتها في كفِّ صديقي
حينما صافحته مودعاً في محطة القطار .
أم تراني نسيتها في المقهى
بينما كنت أتحاشى السقف الخشبي المنهار على رأسي
جرّاء انفجار سيارة مفخخة !؟
أو في غرفة التحقيق أثناء توقيعي على تعهدٍ خطيّ
بأن لا أمارس الهذيان مرةً ثانية ..
هل ظلت عالقةً بمقبض الحقيبة
حين قررت الهروب من البيت
قبل أن تستوقفني عند الباب دمعة أمي ؟.
لعلي نسيتها في جيب بنطالي القديم
فمن عادتي أثناء التسكع على الأرصفة
أن أدسّ يدي في جيبي الفارغ.
.
.
الآن
كيف سأنادي على أهلي
كي يفتحوا لي الباب
وأنا لا أدري أين أضعت صوتي
هو الآخر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 شاعرنا الإعتسافي** بنص أنيق ـ حيرتهُ ـ أستياءهُ نستمع لصوت مُصفى ببُعد لأفق المفردة لما قذفَ الصورة الصغيرة بوجه الكبيرة وقد أغرقنا بكل علامات الأستفهام والتخيير وهو الواقع بفخ الواقع ليُحطم كل الثوابت اللآنسانية مع إبقاء الإنسانية على حالها وهو المؤمن لا المقامر مِن أن لا علاج لها ( الطفلة التائهة ) ليُدخلنا عبر ممر مُتاح حيث الوصول والوقوف على الحقيقة المُطلقة لطرح الجمال كما القبح الذي يستقبحهُ حيث أمسك بكماشة ألْفَتَهُ على الأقل المتاحة لهُ ( أمارس الهذيان ـ التسكع بجيوب فارغة ) رغم كل جادَّة عندهُ تصل بنا لطريق مغلق .
( الآن سأنادي على أهلي ،،،،،،،، أين أضعت صوتي هو الآخر )
بلاغة سؤال وإستنطاق صمت ،،
مابين لغة الشاعر وهيمنة الصورة وبقوة سَلاسَتها وإنسيابيتها حوَّل الصورة الشعرية لكيان يتحرك به العاقل والمعقول بل ويتحدان معاً ـ بدلاً وهو اليائس من البحث في العالم من حولهِ بحثَ بداخلهِ ليصل للحقيقة المطلقة الآ وهي كيفية البحث وتشخيص العِِلَّة والمعلول ( للعِرق الأنقى ) .
دَشنَّ كل الخواء النبيل كالأبواب المُصَفِقة من هَبَتْ ريح وهو يستحضر( مملكة الوعي ) بعَقْلنة وإن كان القطب النقيض ليتحرك داخل القطب الواحد ( للأنسان ) لأن الجزء الذي يعرفُك يُبهجكَ ( كيف سأُنادي على أهلي ) .
هنا حَدَّدَ الشاعر بطاقة تزدهر حتى في النار ــ عائمة بين مخرج لحريتهِ ( كي يفتحوا لي الباب ) وبين ( الجذر الثاوي ) للحداثة لما رسمَ حدود عجزهِ التام ( لا أدري أين أضعتُ صوتي هو الآخر ) وأنزل فيصلهُ مِن الحداثة في الفن ودورهُ لتعرية القبح بصيغة ( الترَّوي ) المذهلة كما تعرية الجَمال ــ وهذا ما يدعوننا اليهِ البعض مِن أن نترك روائع الشعر الجاهلي ونحن كلما قرأنا قصيدة ونتأتأت بها تَرْكلنا الناقة المعطاءة بباب الخيمة الحمراء للنابغة الذبياني لحَداثة الخنساء وهي تنقد الجَمال لحسان بن ثابت ،( فطوبى للوَدَعاء لأنهم يَرِثون الأرض ــ نيتشيه) .
نص كصلاةٍ بأجواء معراجية ـ ثرية بالمكنون الديمومي ـ كالأواني المستطرقة بإزدواجية طردية بين الخلاص من ناموسٍ صارم وصراع إحتدامي جاء بلغة الذهن الذي لا يُقدم لشاعرنا غير الحلول الفاترة ــ هذا إن وِجِدتْ ليبقى النص جانح لصيغة الماضي منسوج على مِغزل حياتهِ وشوط حياتي مُنهك بذهنِ مأهول يسوح بالتضاد مع بقاء النص مخنوق بموسيقة كَسولة كالكسل الملوكي ،، دمتَ بكل هذا البهاء استاذ كريم / مجرد قراءة مودتي
ـــــــــــــــــــــ
الإعتسافي ،، السائر بطريق على غير هدى
نور السعيدي ـ بغداد
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق