الجمعة، 18 نوفمبر 2016

بنيوية الألم في جسد إثبات العدم

آخر أنفاس الفرح على سبيل اللغة  الشعرية
 في نص الشاعرة اللبنانية  رنا يتيم 

قراءة نقدية 
أحمدالمالكي. 

يكشف لنا هذا النص قدرة القلم وصدق المحابر التي تتسـع قواريرها إلى حقيقـة الثابت،  والمتغير،  القلـم الذي تسكنه روح الصياغة الحديثة يأبى استساخ ثقافة المألوف،  وتقديم    الأسلوب المعتاد لنا هذا القلم المتجدد   وعبر جهاز أسلوبها الشعري الحديث، تأتي معرفة جدلية التشكيل الشعري الكثيرفي تصوراته ، نص آخر أنفاس الفرح، وعبر هذا الخلق الأبداعي الحامل لكل التساؤلات المستمرة عبر الذات المسلوبة، فكم تحتاج أجسادنا،من ماء 
لتغتسل، 
من خطيئة إقترفناها، الشاعرة هنا وبكل ذكاء نثري ومن خلال هذا الاختصار الواقعي،  وكما عبرت عنـهُ الشاعرة في مطلع النص،  
تختصر في قلبي 
آخر نوبات شوق،  

استطاعت الشاعرة هنا وفي هذه الأنعكاسات وعبر وصف المعاناة،  أن تصور الألم الإنساني الذي لا يصور ولا يقف ولا يمثل الأنا فقط .. لكنهُ يترجم ماخلفتهُ الذكريات أو ما امتلأ بهِ صندوق الذاكرة، سواء كانت الأحداث نتيجة الألم الحديث أو الأوجاع الماضية،  نص ليس بالضرورة أن نأخذهُ على محمل الانكسار أو النزف المتواصل لكل جراحات ماكان،  ربما كان السبب للتصدي لكل موجة ألم وهي ثورة المكابرة،  تأتي كما تصفها الشاعرة (بفكرة ) 

يوم قلوبنا إرتعشت
خلف فكرة إقتحمتنا. .. الشاعرة تحاول إيصال مالا ينغلق عبر معنى انفتاح الهموم بفكرة اقتحمت مفهوم الأختزال،  عبر جدل هذه المفردة بفكرة استأنفت الفعل بكل معنى الارتعاش،  كما الذي وصفته بهذه الصور اللافتة للوجع،  استعارة الفكرة في هذا المنجز الشعري، هي بالحقيقـة استعارة تؤدي دورها بشكل غير ملتفت إليه سابقا، أي تقدم لنا الشاعرة مفهوم الشجن، والحزن، وحقيقة الغياب،  والغياهب التي جاءت بصور الشهيد تارة وتارة اخرى بصور المقصلة،  هذه الاستعارات التي تلخصت  بمفردة كثفت فيها الشاعرة كل معنى الدلالة المراد منها تحقيق التساؤل الأول ...أو الثاني عبر فكم الأولى. ..وكم الثانية، استعارة (الفكرة  ) التي جعلتها الشاعرة مركز التساؤل،  ودوران مفهوم العذاب والموت والألم الذي سرق أنفاس الفرح، بكل معنى النزف العبثي القائم،  يتجلى في هذا النص الموت مثل أي علاقة وطيدة بهذا العالم الفوقي،  الفكرة التي تمثل الإشارة إلى العالم اللا مرئي،  والخطيئة التي تحدد الانتقال، من وإلى الإيمان بكل الأديان والصرخات كما عبرت عنها حيث تختبئ الصرخات.
آهات تدوي في صدر الوقت،  أن تؤمن بالإيمان المتعدد أو تكفر بالعدمية الملوثة أو تلغي معاني الخطيئة،  أو تثور على الحياة بحياة غير مماثلة كما تصفها هنا الشاعرة وعبر هذا النص المحمل بكل الأنفعالات والمجازات الآنية،  
آخر أنفاس الفرح ،يبقى نص الجدل القائم بين علة الفرح المزعوم،  والعذابات المرمزة بكل معاناة الإنسانية،  القلم الذي يتحكم في سياق المعنى،  والحبر الذي يحمل جريان المعاني ولذة التعبير هنا ، عبر هذا النص الحامل لفكرة الاستقلالية في الصراخ،  رغم كل هذا الألم المطروح والجوع الموزع على طول المفردات،  يبقى النص ذات بنية متصلة بعضها للبعض. 

النص. 

آخِرُ أنفاسِ الفرحِ
.....

تُحْتَضَرُ في قلبي 
آخِرُ نَوْباتِ شَوْقِ 
الأرضِ العَطْشَى للسماءِ 

وعبرَ مَدَياتِ الكونِ
تَنْزِفُ عَيْني 
سِرَّ حَرْفٍ مُنْحَني 
يَحْتَضِنُ ذِكرى
بملامحِ رحيلِ النوارسِ

وحيثُ تختبئُ الصرخاتُ
آهاتٍ تَدْوي 
في صَدْرِ الوقتِ
وفي عَرَصاتٍ 
أفلاكُها تَدورُ 
حَوْلَ مركَزِ العِلَّةِ

وللأمنياتِ دواءٌ
عينُها فُقِئَتْ بإصبَعٍ 
مشتعلٍ بالغضبِ
من أصابعَ مُوازيةٍ
لخطِّ إستوائيٍّ 
لا يستقيمُ إلّا بصفعةٍ 
غيرَ متوقّعةٍ
من كفِّ زمنٍ بائِسٍ

فكَمْ تحتاجُ
أجسادُنا من ماءٍ 
لتغتسلَ
من خطيئةٍ إقترفناها 
منذُ حُلُمٍ
داهَمَنا في غيرِ وقتهِ ؟

يومَ قلوبِنا إرتَعَشَتْ 
خلفَ فكرةٍ إقتَحَمَتْنا 
كان يُمكِن لها 
أن تَسْبُرَ أغوارَنا
في حياةٍ لم تُكْتَبْ لنا 
بلْ لثوّارٍ قَضوا شُهداء ؟

وكمْ نَحْتاجُ 
أن نموتَ بعدُ..
ومِقْصَلَةُ الألمِ جاثمةً 
فوقَ أعناقِنا كلَّ حينٍ
تَسْرِقُ منّا 
آخِرَ أنفاسِ الفرحِ
وتُرْدي أرواحَنا 
مُخضّبةً بالدِماء ؟ _____________________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق