السبت، 12 نوفمبر 2016

الحديد بارد بقلم / أسعد الجبوري

الحديدُ باردٌ..
وجدولُ مواعيد القذائف لم يحن بَعْدُ.
كان العدمُ في بريد الجانب الآخر ،
ولا حاجة له بالطوابع.
كل رزم اللحومِ ستصلُ في الوقتِ المناسب...

تباعاً.
الفمُ ناشفٌ
الدمُ شحيحٌ
والجندي لا يعرف كيف يتخلصُ من زكام
البارود.
ولا كيف يقَضَى النّهارَ بصحبةِ دبابتهِ المريضة
في الخندق الغارق بالأمطار.
تفكيرهُ بالعائلة يُكلّفهُ بضع رصاصات بإيقاع
موسيقي أعمى.
رأسهُ الوطني يتحركُ كالخلاط.
وكلما حاول التقاط شئ من جوف
صندوقهِ الأسود،
وجد يديهِ تمتلئان بكرات من البلاستيك .
تأكد أنها ليست سوى ذكريات رَثّة
لا يتحملها المكانُ.
كان يرى نفسهُ شجرةً من الصراخ،
تتدافعُ نحو نُّسْغها جُلطات من الزمن
القديم .
فكلّ ذكرى قطرةُ بنزين تحرقُ الرأس،
أو أغنيةٌ تسدّ مجرى الحياة بشئ من سّم
طائش.
يا للثّمن الباهظ !
برجُ الدبابةِ يطيرُ عالياً..
فيما تنتظرُ الجثةُ الأُوتُوبيسَ،
لتصعدَ مع كُرات الذكريات المحترقة.
واللهُ يفتحُ البابَ.
واللهُ يغلقُ الجندي.
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
 
آفاق نقديه بدني مقشعر عن بكرة أبيه يا أسعد الجبوري..
هذا بعض الوانك..اعلم ذلك..ولكنه لون لايراه المصابون بعمى الألوان..او المخلفون من فرط الارتياب..
أنت روائي عالمي كبير ,تعلم جيدا كيف تستلهم روح القص هنا,وانت شاعر نثر عظيم من جهة اخرى ,وذلك ما يؤهلك الى انجاز ه
ذا (الكوكتيل)الجامع ..وبهذا نجد انفسنا بإزاء كشف ابداعي متحقق ,بعيدا عن التنظير,وهذا ما عجز عنه الذين يحلمون وينظرون لما يحلمون ,ولكنهم لا يملكون مؤهلات خلق النص الابداعي الذي يثبت امكانية تحويل النظرية الى تطبيق عملي..
ولست اعلم اذا كنت قد نظرت لهذا مسبقا..أم انك ميال الى الإثبات قبل التنظير..وهذا في نظري اجدى واحرئ..ذلك لأن التحققات الناجحة تفسر لنا جميعا بل وتكشف لنا بكل وضوح عملية الخلق ذاتها بكل تفاصيلها وبهذا ستسهل علينا بكل تأكيد التعبير عنها نظريا..
كان نصا بارعا وناضجا مبنى ومعنى ..انما علينا او على من يتصدى لدراسة هكذا نصوص أن يعرف جنسها الابداعي البالغ الخصوصيه,والا فسيقع في المحذور,بكل تأكيد ..والمحذور هنا هو سوء الفهم الذي يبعد الدارس عن حقائق مثل هذا النص العميق الدلالات ..
الكاتب ..الشاعر ..أ.اسعد الجبوري..هذا تقديري الكبير..والسلام..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق