الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

قراءة في قصة "قوافي الغرب" للقاصة العراقية / رواء البزاز بقلم / ثروت مكايد

قراءة في قصة "قوافي الغرب" للقاصة العراقية / رواء البزاز
بقلم / ثروت مكايد
 
ليس الأدب نقلا للواقع كما تنقله كاميرا المصور وإنما هو رؤية له ناقدة أو انعكاس ذلك الواقع على نفس الكاتب..
ولا نطلب من المبدع أن يكشف عن علل الواقع وأوبائه أو يضع لها علاجا من عنده أو من لدن غيره إن كان يدرك لهاته العلل دواء.. ...

لا.. ليس هذا من وظيفة الأدب اللهم إلا ما اتخذته المدرسة الاشتراكية في الأدب والتي جعلت الأدب جزءا من التنظيم الاشتراكي وداعيا من دعاة الماركسية..
وقد دعا جل أو كل الماركسيين / الاشتراكيين لهذا حتى إنهم ليلوون عنق النص ليثبتوا وجهة نظرهم هم..
ولست من دعاة ذلك ألبتة، وأرى في الأدب أو الفن لعبة يعيد فيها الأديب تشكيل الواقع، ويبين علله عرضا ولا مانع لدى كاتب هذه السطور أن يكتب " روشتة " علاج لتلك العلل مالم يكن هذا زعيقا أو نهيقا كما نرى لدى كثرة كاثرة من كتاب الأدب الذين لا يدركون كنه الأدب وفلسفته في الحياة...

لا تحصر القاصة رواء البزاز فنها في مدرسة ما وإنما تنطلق حرة كما تقودها خطواتها الفنية، وقد رأيناها من قبل تغرد في بحبوحة الواقعية السحرية، وهي في قصتها هذي - قوافي الغرب - تنتقد واقعا وتصوره في قصتها وتظهر قدرتها على الرؤية الشاملة لعالمنا كله ، وليس لعراقها وكفى أو وطننا المهيض وبس...
تظهر القاصة فكر الدنيا واتجاهات عوالمه في قصتها القصيرة المكثفة مع بساطة بل مع تكلف في استخدام الم...
حسنات مما يدل على قدرات القاصة، وتملكها لأدوات الإبداع..
تصور القصة صراعا أحد طرفيه فئة مستعمرة - بكسر الميم الأخيرة - والأخرى مستعمرة - بفتح تلك الميم - ويبدو أن الفئة الاستعمارية قد جربت كثيرا ممارسة فعل الاستعمار فلم تفلح في بقاء، لذا لجأت لحيلة ما لتحبب للناس ما جاءت به كأن تدعي - وقد ادعت - أنها ما جاءت إلا لتخرج الأمم من ذل الاستعباد إلى أفق التحرر من التخلف والقديم أو التراث.. ولم تكن تقصد بالتراث غير الدين لأنها دعت إلى تراث أبعد في التاريخ من الدين الذي رأت فيه حجر عثرة في سبيل طمعها وحقدها وحسدها.. لكن الأمر لم يطل إذ بان ماخفي، وانكشف الغطاء عن شهوانية حيوانية مقيتة وعنصرية بغيضة على أن المقاومة لم تفلح وقد انكشف الغطاء لأن قوى الاستعمار قد أقامت في مستعمراتها من القواعد ، ونخرت النفوس بحيث تجعلها عاجزة عن أي مقاومة بل جعل منها قوى دفع لأي مقاومة.

جاءت بنية القصة مستخدمة مفردات خاصة بالشعر وبنيته، وبدنيا القلم من مثل: بحور.. قوافي.. نظم.. حروفا سطروها وحبر.. ولولا الطاقة الفكرية التي شحنت بها القصة لسقطت.. واستخدام لفظة قوافي كناية عما جاء به الغرب، وأنه لم يخرج عن كونه حلية أو مجرد هامش لا غناء فيه، فالغرب الاستعماري لم يقدم لنا حقائق العلم ومناهجه التي بها نتقدم وإنما أعطانا ثمرة العلم أي التكنولوجيا..
وما نحن غير سوق لمنتج ال...
غرب، ومصدر للمادة الخام تلك التي يأخذها ليعيدها إلينا بعد تصنيعها، ليسلب ما لدينا من مال مع ضمان تشغيل مصانعه والأيدي العاملة لديه مع استمرارية في تزيين الأمر حتى ظن السفهاء منا أن من ركب الطائرة كمن صنعها وهذا ظن السوء إذ ليسوا سواء بحال..
والقاصة يائسة من التغيير وإن شاب القصة ظهورا للقاصة إو إطلالة منها في قولها " مقيتة " كوصف للقافية فعلى الأديب أن يتخفى ما وسعته الحيلة دون أن يطل علينا برأسه..
ولايسعني بعد هذه القراءة العابرة إلا أن أؤكد قدرة رواء البزاز على ولوج دنيا القص قاصة مبدعة لها بصمتها وعالمها الزاخر بالأعاجيب.




نص رواء البزاز
قوافي الغرب ...
جاءوا من وراء البحور بقوافيهم المقيتة نظموها على ارضنا البيضاء حروف دموية حتى ما ان تيقنا مغزاها بدأنا بمحوها .. عبثاً كان ذلك فقد سطروها بحبرٍ لا يُمحى ...
 
تعقيب أسامة حيدر

أسامة حيدر العزيز الأخ ثروت :
كيف يكون التكلّف مع البساطة وهما على طرفي نقيض ؟! ثمّ تكلّف يظهر قدرتها وتملّكها لأدوات الإبداع ؟!وهل كلمة ( بس عربية فصحى ؟!).
للحقيقة لم أفهم ما تريد في بعض الجمل . مدحاً أردت أم ذمّاً .

دمت بخير
 
رد ثروت مكايد

Tharwat Mekayed بداية... كلمة بس عربية فصيحة وارجع إلى القاموس المحيط ولسان العرب لابن منظور وغير ذلك من معاجم.... وكان العلامة محمود شاكر حين يستخدمها يشير لفصاحتها وكفى بمحمود شاكر أن يشير، فنعلم... أما التكلف وكيف تظهر معه القدرة فغير كائن إلا ممن يمتلك طاقة إبداعية كبيرة أما أرباع المواهب أو من لا موهبة لديه فالتكلف يسقطه لكونه لا يملك شيئا يداري به تكلفه... وقد كان أبو تمام متكلفا في شعره وكان عظيما لكونه عظيم الثقافة.... والتكلف هنا يعني الصنعة...
 
تعقيب أسامة حيدر
أسامة حيدر أخي ثروت :
كلمة بس هذه تعني كفى أو حسب ولكنّها مختلطة بما هو غير عربيّ وأنت تعلم ذلك ما دمت على اطلاع .
والتّكلّف يتناقض مع البساطة لأنّ التكلّف زيادة في الصنعة والبساطة عكسها لهذا سألتك . والتّكلّف عيبٌ وإن كان عند المتنبيّ ومن قال ذلك عنه قالها ليعيبه ويفرّق بينه وبين غيره من شعراء الطبع .
 
رد ثروت مكايد
Tharwat Mekayed أستاذي... يصبح تكلف الفقير عيبا بالطبع إذ لا شيء يعوض أما تكلف الموهبة فهو عيب لكنه محتمل لأن ثمة ما يعوض... وليس هذا من باب المدح في شيء...
وبعد فالنقد هنا نأخذ منه المدرسة الانطباعية كي يحتمل من نقد ولا يفر وإلا لو طبقنا - مثلا - ما تقول به التفكيكية أو أمها البنيوية فمن يحتمل! ... أما بس فهي كما ذكرت فصيحة وما علينا غير هذا... أما المدح والقدح... فقد مدحت المعنى أما المبنى فقليله ما مدحته... ثم إننا ننظر إلى مجمل أعمال الكاتب أو جل عمله فالنظرة التاريخية أكثر دقة مادمت لا أتخذ البنيوية منهجا وهي لا تدع للتاريخ مجالا....
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
..هذا النص من الناحية الفكرية سليم وعميق ..وهو نص استعار ي رمزي كاف كومضة قصصية او اقصوصة ,كونه بحدود المشهد الإجمالي الواحد الذي من الممكن ان يشتمل على تفاصيل متصوره او ليست بعيدة عن تناول المخيله,مع أن الاستعارة كانت تعبيرية مبسطة واضحة ولكنها على كل حال قد ادت الغرض المطلوب منها بشكل دلالي معبرومؤثر..فنظم الغرب لقوافيه على ارضنا يعني احتلالهم ومحاولتنا لمحو وجودههم ماكانت مجدية لأنهم تركوا اثارا خبيثة وحبرا لايمحى ,والقصد إشاعة البغضاء وروح التفرقة الطائفية والعرقية والقومية ...الخ.. انما كان يمكن إغناء الإسلوب السردي الذي اعتمدت عليه مطلقا بنوع حواري ما..حتى ولو كان (مونولوجا)تحريكا للحدث الذي بقي بحدود الحكايه.. ولاريب ان الست القاصة يمكن ان تسجل مستقبلا حضورا اقوى وابعد اثرا واقرب الى روح القص جنسا وفنا..والسلام..
 
 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق