الثلاثاء، 3 أبريل 2018

التدوير في الشعر العربي ،العمودي والحر.. بقلم / الاديب الناقد شاكر الخياط

التدوير في الشعر العربي ،العمودي والحر..
أ.شاكر الخياط
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
" إننا لا يمكن أن نفهم الإيقاع انطلاقاً من البيت بل يمكن فهم البيت انطلاقاً من الحركة الإيقاعية " اوسيب بريك
دراسة في النحو والمعني والإيقاع (1)
تقديم
كثيرة هي الاراء التي يدور مبحثها حول التدوير وبشقيه الاول هو التدوير الذي يتعارف عليه بين العروضيين والنحويين وهو الاغلب الاشمل وما يعرفه الشعراء هو انتقال جزء من الكلمة الاخيرة في الصدر كنهاية تفعيلة للحفاظ على الوزن والابتداء بالجزء الباقي من الكلمة لنبتديء به العجز لنفس البيت لكي يستقيم الوزن ويستكمل المعنى، هناك قسم من النقاد يجيز التدوير ولا يرى فيه عيبا، وهناك من يعتبره عيبا ولكل رأي مستقل يستند به على مايراه مقنعا، وغير هذا هناك اراء تنحى منحى اكثر دقة وابعد من هذا وهو التدوير المعنوي الذي يكون بين بيت وآخر، او لنقل بين كلمة في بيت مع بيت يليها مباشرة او ربما بعد بيت بعد الذي يلي، ومهما كان من راي فهو مرتبط بالشكلين ارتباطا وثيقا مع ايقاع الشعر الذي بسببه يكون الابداع مميزا من عدمه، وهذا سيرد شرحه لاحقا...
وقد اعجبني ماورد من نص تحليلي معبر ودقيق في نفس الوقت للاستاذ الدكتور أحمد كشك في موقع الوكة اقتنصنا منه ماينفعنا خدمة لهذا الموضوع المهم:
(... وليس مِن الغريب أن تلتحمَ هذه المستويات في حسابِ ظاهرة إبداعية واحِدة، فالغريب أن يُنظَر إلى الظاهرة الإبداعية نظرة جزئيَّة، فالعمل الشِّعري وإن ورَد شيئًا واحدًا في النهاية فهو نِتاج اجتمعت او التقت بداخله جملة مكوِّنات، ومنذ البداية يدور هذا المبحَث حول موضوع يُثبِت أن الإيقاع لدَى الشَّاعِر العربي جزءٌ من عملية الإبداع لدَيه، وليس واجهةً شكليَّة خارجيَّة، ويثبت أنَّ النحو؛ أي: التركيب، طريقٌ إبداعي آخَر موصولٌ بحبل الدَّلالة التي تمثِّل المطلب الأخير البادِي في ثوب فنِّي يحقِّق الجمال والمتعة والإثارة، والموضوع الذي يحقِّق هذه الرؤيةَ هو التَّدْوير باعتباره ظاهرةً إيقاعيَّة إنشاديَّة تشكَّلتْ داخل البِناء الشِّعري. وقد بدا في خُطوته الأولى تصورًا افتراضيًّا حول تلك المناصفة الموسومة غالبًا بالعدْل في التقسيم بيْن شطري البيت الشِّعري في القصيدة العربيَّة - خلا ما ورَد منها منهوكًا ومشطورًا، وقدْ أثار التصورُ عدَّة أسئلة كان يَحْدس بجوابٍ لها دون أن يلمَس له ما يؤكِّده.
هلْ خضَع الشَّاعِر العربي لحدِّ القسمة الشَّطرية على المستوى الإنشادي؟ إنَّ التقسيم إفصاح عن نغَم، فهل تحرَّكت بحور الشِّعر العربي صوب العلاقة الإيقاعيَّة الواضحة الناتجة عن مقابلة صدَى العَروض بصدَى القافية؟ هل تأكَّدتْ هذه الموازنة في كلِّ نِظام إيقاعي اعتمادًا على الإنشاد؟
أسئلة دفعتِ البحث إلى الاعتماد على رَكيزةٍ وصفيَّة مِن استعمال الشعراء بانتْ في حشْد إحصائيَّة كانتْ بحال استقراء تجرِيبي، وقد أفصحتْ عن جملة أمور؛ لم تخرُج عن نِطاق الأساس المكوّن للقصيدة العربية، فمِن الصوت والكلمة والتركيب تحدَّدت صورة الإيقاع، ومن خلال هذا التفاعُل بانَ أنَّ إيقاع الشِّعر فيه مِن إيقاع اللُّغة الكثير، ومِن ثَمَّ لم يكُ مستغربًا أن تكون رؤية التَّدْوير نحويَّة دَلاليَّة إيقاعيَّة.
وقد اعتمَد البحثُ بعد تصوره الأوَّل الذي أنار طريقَ الاستقراء على محاولة أساسها سبْرُ غور القصيدة العربية مِن الداخل، وكي يأخذ طريقًا واحدًا ومسارًا مرسومًا استهلَّ غايته بمدخل يوضِّح ظاهرة التَّدْوير، معتمدًا على توضيح ما يَسْري مِن الظواهر متفقًا معها وما يعزُّ وجودها، وانتقَل بعد استهلاله إلى وصْف الظاهرة مِن خلال الإحصاء الجُزئي لها، محاولاً بعدَ ذلك بيانَ موقعها في كلِّ بحر مِن بحور الشِّعر العربي، ولم يكتفِ بهذا البيان غاية؛ بل لجأ إلى غايةِ المنتهى وهي محاولة التبرير الذي تفسَّر فيه الظاهرة مِن خلال محاور أساسها النحو والمعنى والإيقاع.
التَّدْوير علاقات ومخالفات:
البيت المدوَّر هو الذي تحوي مكوناتُه الداخلية كلمةً تصبح شركةً بين قسميه؛ أي شطريه - غير قابلة للتقسيم إنشاديًّا، فحين تصير صيغةٌ من الصِّيغ اللُّغوية مقسومة إلى قسمين: قسم يتمُّ به تمام الشَّطر الأوَّل، وقسم يبدأ به إيقاعُ الشَّطر الثاني، فإنَّ هذا يعدُّ في نظَر الإيقاع الشِّعري تَدْويرا، فإذا ما قال أبو نواس :
اترك التقصير في الشر ب وخذها بنشاطِ
من كُمَيْتٍ كسنى البرق أضاءت في البواط
لِمْ – وعفو الله مبدو ل غدا عند الصراط (1)
فإنَّ أبياتَه حوى كلُّ واحد منها كلمةً أضحتْ شركةً بين حدود شطري الرَّمَل، فـ"الشرب" في البيت الأول تُتمم رَاؤها إيقاع الشَّطر الأول، ويبدأ ببائها إيقاعُ الشَّطر الثاني، و"البَرق" في البيت الثاني أكْمَل إيقاعَ الشَّطر الأول راؤُها، وبدا الشَّطر الثاني إيقاعه بقافِها؛ أما "مبذول" في البيت الثالث فقد اتَّجهتِ الواو فيها لتمام الأوَّل واللام لاستهلال الثاني؛ ومعنى ذلك أنَّ التَّدْوير يمثِّل علاقةَ اتصال بين الشَّطرين؛ إذ لا يُمكن الإفصاحُ عن نهاية الشَّطر الأوَّل التي ترتكز على التَّفعيلة الأخيرة المسمَّاة بالعَروض حيث لا يروم الإنشاد هذا الفصْل.
هذه الظاهِرة؛ كي يتحدَّد مرادها الإيقاعي ويتَّضح، يَعرِض البحْث بعضَ ظواهر إيقاعيَّة تقرب منها وتدور مدارها، وبعض ظواهِر أخرى تنافرها، ويعدُّ وجودها رفضًا لوجود ظاهرتنا.
مِن الظواهر الإيقاعيَّة التي تروم التَّدْوير وتبغيه، والتي تسري معه في وادٍ واحد، التضمين والشَّطر والإنهاك، والبَنْد الذي كان سبيلاً للشِّعر الحر الذي تأثَّر به متخذًا إيَّاه سبيلاً واضحًا، ومِن الظواهر الإيقاعيَّة والتي تنافر التَّدْوير وتعاديه جملةُ التَّصريع والتقفية والمربَّعات والمخمَّسات والموشَّحات والإشباع والإجازة، فإلى بيان ما ائتلف وتحديد ما تنافَر.

أولاً: علاقات تقرب من التَّدْوير
أفصحَ الإِيقاع الشِّعري عن جملةِ أُمور قرُبَ واديها مِن وادي التَّدْوير وهي:
(1) التضمين:
وهو ظاهرةٌ تؤانس التَّدْوير، فهي تبْحَث عن اتِّصال نُطقي بين بيتَين، كما كان التَّدْوير محققًا الاتِّصال بين شطرين، ومراد التضمين تعليق البيت بالذي يليه تعليقًا معنويًّا ونحويًّا، ويبدو أنَّ هذا التحديد القاعدي ورَد في ذِهن بعض الدارسين مِن خلال رؤيةٍ تَرَى في ترابط الأبيات نوعًا مِن العيب، ولستُ أدري كيف يُرام ذلك والشِّعر العربي أكثره يُثبت الترابط بيْن البيت والذي يليه.
هذا التعلُّق مِن الواضح أنَّ الحُكم عليه قدِ اختلف بناءً على تقسيم التعليق إلى نوعين:
"أ" تعليق ليس معيبًا، وفيه ترتبط كلمةُ في البيت الأوَّل بعيدةً عن مساحة القافية بكلمة في البيت الثاني ارتباطًا نحويًّا، ومن ثمَّ دلاليًّا كأنْ يقول الشَّاعِر:
كَأَنَّ القَلْبَ لَيْلَةَ قِيلَ يُغْدَى
بِلَيْلَى العَامِرِيَّةِ أَوْ يُرَاحُ
قَطَاةٌ غَرَّهَا شَرَكٌ فَبَاتَتْ
تُجَاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ الجَنَاحُ
فبين البيتين ارتباطٌ نحوي أسْلم بالضَّرورة إلى ارتباط دَلالي؛ ففي الأوَّل وردتْ أداة التشبيه واسمُها "كأن القلب"، ولن يكتمل رسمُ الصورة الشِّعرية بهما، ولن يكتملَ التركيب اللُّغوي ولا دَلالته إلا بالخبر الموجود في البيت الثاني الموسوم بقلَّة الحِيلة، والذي تكتمل به الصورةُ الشِّعرية ويحكم بناؤها وهو "قطاة غرها شرك..."، هذا الارتباط السابق يُوحِي بأنَّ تمام الإِيقاع وإن بان في حدِّ القافية، فإنّ منشِدًا يرومُ نُطق الأبيات سوف يصِل ما بين البيتين مهملاً الارتكازَ على سكتةِ القافية.
"ب" وتعليق يتركَّز فيه العيب تمامًا، وفيه يكون الارتباط بيْن كلمة القافية نفْسها والبيت الذي بعدَها، وفي إدراكهم قُبحَ هذا الارتباط وجه وهذا حقٌّ محدود في حسباني؛ لأنَّ الشَّاعِر ما أسْلم نفسه إلى مجموعةٍ من الالتزامات في ثوب القافية مِن رِدف ورويٍّ ووصْل... إلخ، حتَّى يفرِط في وضوح هذا الالتزام بربْط كلمة القافية التي تحتاج إلى سكتةٍ نغميَّة تبعدها عمَّا يَليها.
يتصوَّر الدَّارسون عيبَ هذا الارتباط بناءً على استقلال القافية، ناسين باعثه اللُّزومي الذي تؤكِّده في بعض الأحيان مطالبُ النحو والدَّلالة.
مِن هذا الارْتباط المعيب في عُرْف الدَّارسين قول النابغة:
وَهُمْ وَرَدُوا الجِفَارَ عَلَى تَمِيمٍ
وَهُمْ أَصْحَابُ يَوْمِ عُكَاظَ إِنِّي
شَهِدْتُ لَهُمْ مَوَاطِنَ صَادَقِاتٍ
شَهِدْنَ لَهُمْ بِصِدْقِ الوُدِّ مِنِّي
فكلمة القافية "إني" ما كان لها أن تستقلَّ نغميًّا تاركةً خبرها الملتصِق بها، والذي تؤكِّد الدَّلالة مجيئه وسُرعة اللحوق به؛ حيث لا معنَى للتأكيد والإصرار إلا ببيان باعثِه والحافز إليه (2 )
ولأنَّ الحدَّ النَّغمي للقافية يذوب قليلاً مِن خلال التضمين، فإنَّني أحسب أنَّ قوافيَ بعينها هي التي تسْري مع التضمين، فلم يعهدْ كما أظنُّ في نهايات إيقاع قَبل التذييل على نحو "فاعلانْ" "متفاعلانْ" "مستفعلان" أنْ أُبيح التضمين؛ لأنَّ هذا الوقف وقتَها مطلب لُغوي قبل أن يكونَ إيقاعيًّا، فقبول الساكنين يُبيح الوقفَ حيث الاتِّصال النُّطقي يذهب بكمِّ التَّفعيلة النهائي مِن خلال التخلُّص بتحريك ساكِن النهاية، فالظاهِرة الإيقاعيَّة بدت منوطة بموافقة النَّسج اللُّغوي الذي ارتضتْه القصيدةُ أساسًا للتشكيل.
وكما كانتْ ظاهرة التذييل في القافية بمنأًى عن قَبول التضمين، فإنَّ القوافي التي تطوع فيها بما لا يلتزم يبدو أنَّها تنافر التضمين؛ لأنَّ الوقف عليها موضّح لعطاء هذا الالتزام صوتيًّا.
فما الذي يُوحي به التضمين مِن علاقة تقارُب بالتَّدْوير؟
إنَّ سكتةَ القافية منتهى الشَّطر الثاني إذا قلَّ مداها مِن خلال التضمين، فإنَّ سكتةَ العَروض التي تُفصِح عن نهاية الشَّطر الأوَّل - وهي نهاية لها قيمٌ إيقاعيَّة إن لم تكُن كيفيَّة يراعَى فيها نوع الصوت، فهي كمية توضِّحها لوازم العَروض في بحور الشِّعر العربي - أقول: إنَّ سكتة العَروض يعرِض لها أيضًا نوعٌ من الخفاء مِن خلال ظاهرة التَّدْوير التي تُحدِث تآزرًا بين الشَّطر الأول والشَّطر الثاني؛ فموجب الارتباط في التضمين ليس بِنَاءٍ بعيدٍ عن موجب الارتباط في التَّدْوير. الشَّطر والإِنهاك في نِظام الإِيقاع:
استقلّت بعض قصائد الشِّعر العربي بنِظام إيقاعي جعلت فيه نصف البيت التام بيتًا مستقلاًّ معتبرة ذلك البيت مشطورًا اكتفاء بحد الشَّطر فيه، وكذلك استقلَّتْ بنصف المجزوء جاعلة إياه بيتًا مستقلاًّ مسمى بالمنهوك؛ ومع أن توامَّ البحور كثيرة، وكذلك مجزوءاتها لم يَخرج الشَّطر والإِنهاك عن إيقاع بحور بعينها بين إيقاعاتها تداخُل وارتباط.
فقد بان الشَّطر في نِظام الرَّجَز وهو الأصل والأساس حيث تتجه إليه معظم قصائد المشطور، وكذلك بان في نِظام السَّريع الذي اختلط واديه غالبًا بمشطورالرَّجَز حتَّى أصبحت الخلطة بينهما في النسبة قائمة.
وقدْ بان النهْك في نِظام الرَّجَز والمُنسرِح الذي يسرى إليه وبخاصة حين ينتهي البيت بـ "مفعولا"؛ لأنها توازي وقتها مستفعل، ولم يُعْهد للسريع إنهاك؛ لأن حدود التفعيلتين الباقيتين تسلم إلى رجَز تمامًا.
ومن هذا العرض يَبين أن الشَّطر والإِنهاك وليدا بحرٍ أساسي هو الرَّجَز، ورؤية هاتين الظاهرتين تثبت ما يلي:
أنَّ البيت في هذا النِّظام يمثل كتلة واحدة فلا ورود للتقسيم النصفي فيه؛ وهذا ما جعل العَروضيِّين يرَون عَروضه وضربه شيئًا واحدًا، فالارتكاز يكون فيه على الإِيقاع النهائي للقافية؛ ومن ثم جاء التَّدْوير مَطلبًا واجبًا فيه؛ لأنَّ مشطورًا أبياتُه مكونة من ثلاث تفعيلات، لا يحتمل التقسيم النصفي؛ إذ لا يمكن وضع قسم مكون من تفعيلة ونصف والآخر هكذا، وحتَّى لو صح فرض هذا فإن مطلب الانسجام في الإِيقاع لن يَسلم؛ لأنَّ قسمة التَّفعيلة الوسطى يؤدي إلى جَور وخلل فمستفعلن الوسطى رجَز يرتد سبَباها إلى القسم الأول الذي يحوي وقتها أربعة أسباب ووتِد، ويرتدُّ وتِدُها إلى القسم الثاني الذي يتشكَّل وقتها من وتِدَين وسببَين. وحسبة الانسجام من خلال هذا التقسيم ضائعة؛ مما يَفرض نُطق الشَّطر دفعة واحدة.
أما المنهوك فافتراض قسمته مع عدلها تصل بنا إلى أن يكون القسم تفعيلةً واحدةً وهنا تكون التَّفعيلة وحدها محلَّ سكتة إيقاعيَّة مما يوحي بأن الإِيقاع في القصيدة إيقاع تفعيلة لا إيقاع نِظام بين التفاعيل، فالإِيقاع التفعيليُّ يَنفي مطلَب البحر والوزن؛ ولعلَّ إرهاصاتٍ قد شكَّلتْ ما هو أكبر من الشَّطر أورَدها الشِّعراء قديمًا، وقد مثَّلتْ غُربتها غَرابة لدى دارسي العربية وقتها، فقد وردتْ بعض صياغاتٍ شعرية التزمتْ التَّفعيلة الواحدة بيتًا سمَّاها "ابن جنى" القوافي المنسوقة، من مثل قول سلْم الخاسر:
موسى القمرْ
غيثٌ بكَر
ثُمَّ انهَمَر

ومن مثل قول الآخر:
طَيْفٌ ألَمّ
بذي سَلمْ
يَسْرى العتَمْ
بين الخِيَمْ
جاد نعمْ
ومن مثل قول الآخر أيضًا:
قالت حِيَلْ
شَؤُمَ الغَزَلْ
هذا الرَّجُلْ
حِين احْتفلْ
أَهْدى بصَلْ[1]
فالتَّفعيلةُ المفردَةُ جاءتْ بيتًا مستقلاًّ؛ دليل ذلك تقفيتها. والنماذج السابقة من الرَّجَز؛ مما يثبت أن الرَّجَز وصل إلى طول أقل من النهك.
ولعل أمثال هذه النماذج التراثية التي اعتمدت على التَّفعيلة بيتًا قد وصلت بالشِّعر الحر إلى مساره فاختيار التَّفعيلة وحدة بيت في هذا المأثور، وتعدادها دون تقفية كما هو وارد في نِظام البَنْد يؤكد علا"قة إيقاع الشِّعر الجديد بهذين النِّظامين.
بداية:
أين التَّدْوير إذن من خلال نِظامي الشَّطر والإِنهاك؟
التَّدْوير مطلب أساسي لتحقيق هذَين النِّظامين؛ فالاتصال في نُطق البيت والارتياح عند نهايته الغاية الإيقاعيَّة من المشطور والمنهوك اللذَين رسخ بهما إيقاع بحر الرَّجَز، ولعلَّ خصوصَ الرَّجَز بهذه الظواهر أبان استقلاله عن جملة الإِيقاعات الأخرى وقد بدا أن ما خرج من الرَّجَز موافقًا نِظام البحور الأخرى التي استخدمت تامة ومجزوءة بعيدًا عن أنظمة المزدوَج - قليلٌ جدًّا إذا ما قِيس بالمشطور والمنهوك، فمن جملة إحصائيَّةٍ وجَّهتْ إلى شُعراءَ لَيسوا برُجَّاز، ظهر أنَّ استخدام المشطور والمزدوَج فاقَا استخدامَ التام والمجزوء مع اعتبار نفي أشعارٍ تعليميَّةٍ ارتكزتْ على المزدوج من الرَّجَز ونفي مَن اشتهر بهذا الفن.

________________________________________
[1]راجع في ذلك "الخصائص" (2/263، 264)، وقد وضَع ابنُ رَشيق الإِيقاع السابق ضمن الأراجيز التي جاءتْ على جزءٍ واحد، وقد جاء بنصِّ سلم الخاسر كله:
موسى المطرْ،
غيث بكر،
ثم انهمر،
ألوى المرر،
كم اعتسر،
ثم ابتسر،
وكم قدر،
ثم غفر
عدل السير،
باقي الأثر،
خير وشر،
نفع وضر
خير البشر،
فرع مُضر،
بدرٌ بدر،
والمفتخر،
لمن غبر.
والتقفية من خلال التفعيلات؛ إضافة إلى كون المقطوعة أحادية العد تنفي كون الأبيات السابقة من المجزوء في تصوري، وعن هذِه المقطوعةِ أَوردَ ابنُ رشيقٍ أنَّ الجوهريَّ سمى هذا النوع بالمقطع؛ راجع "العمدة" (1/185)
فالإِشْباع للضَّمير في كلمة "فيه" مَطلَب، ولَو كان للإِنشاد أن يُحقِّق الاتصال النُّطقِيِّ لضاع مَطلَب الوزْن؛ لأنَّ التَّوالي الإِيقاعيِّ يكون وقْتَها على نَحو:
كأنَّما "متفعلن" أنت في "فاعلن"،، هُـ مخاطبي "متفاعلن"، عن قريب "فاعلاتن".

وهذا واضِح أيضًا في إشْباع الضَّمير الذي خُتمتْ به عَروض البيت التالي:
هَذَا الْحَبِيبُ أَرَاهُ
وَذَا خِطَابُ الْحَبِيبِ[1]


يَبدُو إذَا أنَّ الإِشْباع في نِهاية العَروض قَرينُ السَّكْت بعْدَه والوقْف؛ ومِن ثمّ فالسَّماح بتَدْويره أمْر غَيرُ وارِدٍ ولا مَقبُول.
الإِجازة والحِوار بالشَّطر:
مِن فُنون المُطارَحات الشِّعرية ما يُسمَّى بالإِجازة، وفيها يَنطِق شاعر بالشَّطر الأوَّل؛ ليُكمِل الآخَر البيت بالشَّطر الثاني وهكذا؛ ومن البدَهيِّ في هذه المُطارَحة أن يَستقلَّ الشَّطر إنشاديًّا، ومن قَبيل ذلك ما ورَد مِن مُطارَحة بين امرئ القَيس والتَّوأم اليشْكُري، وقد أراد أمرؤ القيس اختبار قدرة التوأم الشِّعرية في إجازته أنصاف ما يقول، وقد بدأتِ الإِجازة على هذا النحوِ:
امرؤ القيس: أحارِ تُرى بَريْقًا هَبَّ وهْنًا
التوأم: كنار مَجُوسَ تَسْتَعِرُ اسْتِعارا
امرؤ القيس: أَرِقْتُ لَهُ ونامَ أَبو شَريحٍ
التوأم: إِذا ما قُلْتَ قَدْ هَدَأَ اسْتَطارا
امرؤ القيس: كأنَّ هَزِيمَهُ بَوراءُ غَيْبٍ
التوأم: عَشارٌ والِهٌ لاقَتْ عَشارا[2].
وقدْ ورَدَ مِثل هذا في ديوان الفَرزْدق مِن مُطارَحة بين رجلٍ وبينَه يقول:
رجل: هاجَ الهَوى بِفُؤادِكَ المُهْتاجِ
الفَرزْدق: فانْظُرْ بِتَوْضِيحٍ باكِرِ الأَحْداجِ
الرجل: هذا هَوَى شَغِفِ الفُؤادِ مُبَرَّحٍ
الفَرزْدق: ونَوَى تَقاذَفَ غَيْرَ ذاتِ حِداجِ
الرَّجل: إِنَّ الغُرَابَ بِمَا كَرِهْتَ لَمُولَعُ
الفَرزْدق: بِنَوَى الْأَحِبَّةِ دَائِمُ التَّشْحَاجِ[3].

لا تَدْوير في هذه المطارحاتِ ما دامتِ الغايةُ المجيءَ بشطرٍ كاملٍ لإِجازة شطرٍ سابقٍ عليه.
أُمورٌ سابقة منها ما قارَب التَّدْوير، ومنها ما جانبَه وجافاه؛ لكنَّها ألقتْ ضوءًا كاشفًا على ظاهرتِنا محلِّ الدراسة التي سوف يخلُص البحثُ إليها؛ اعتمادًا على إحصائية تحاول تغطيةَ جلِّ العُصور، ممثِّلةً مجمعًا مِن مشاهير الشِّعراء، آخذين مِن طريق وصفها سبيلاً للبحثِ والتحليل.
التدوير في الشعر الحر
بعد ان استعرضنا في الجزء الاول من هذا البحث التدوير في الشعر العمودي لابد من المرور على شعر التفعيلة لنرىويرى المتتبع معنا والمهتم بشؤون الشعر ان الشعر الحر( شعر التفعيلة) يعتمد اعتمادا اساسيا على التدوير بكافة انواعه، محافظا بهذا على الايقاع الذي هو اساس البناء في هذا النمط من الشعر، ومعوضا فقدان التفعيلة في قصائد كثيرة، وهذا القطع الذي يلجأ اليه الشاعر في كل نهاية شطر هو ما يعوض عن البيت في الشعر العمودي، منتقلا من شطر الى ما ياتي بعده بشكل دائم يجعل من التدوير المعنوي والتركيبي مادة تميز هذا الشعر، وقد اعجبتني دراسة الاستاذ فتحي النصري بعنوان (التدوير في الشعر الحر محاولة في فهم الظّاهرة) اقتطع منها الجزء الذي اراه ضروريا لاختصار مانريد ان نصل اليه وهو يتوافق في طرحه مع رؤيتنا الى هذا البحث.
" .. لمّا كان الشعر الحرّ رغم ما قد توهم به التسمية (1) شعراً منظوماً يلتزم مثل كل شعر منظوم بشرائط محدّدة في النّظم كان لابدّ أن تتعلّق همّة الباحثين بالنظر في خصائص البنية العروضية في هذا النّمط من الشعر فكان أن أثيرت جملة من القضايا تتعلّق بشروط البيت الحرّ (2) وتشكّلاته ونظام القافية فيه والوقفة إلى غير ذلك من القضايا العروضية.إنّنا في هذا البحث نريد أن نتوقّف عند ظاهرة التدوير في الشعر الحرّ وهي مسألة عروضية في ظاهرها إيقاعية في جوهرها غَفل عنها بعض الباحثين فاصطدموا بها في أبحاثهم وأربكت تحاليلهم وانتبه إليها آخرون ولكن أعوزهم المدخل السليم لفهمها في سياقها النظمي الجديد (3).
لكن ما المقصود بالتدوير في الشعر الحرّ؟
لا تقترح الأبحاث التي اطلعنا عليها إجابة دقيقة إذ إنّ الباحثين في التدوير لم يولوا أمر تعريفه ما يستحقّ من الاهتمام فقد خلطوا بين التدوير في الشعر الحرّ وبين ظاهرة أخرى عروضية قائمة في الشعر العمودي يُطلق عليها المصطلح نفسه. ولمّا ماثل الباحثون بين الظاهرتين قاسوا هذه على تلك وسحبوا عليهما التعريف نفسه. إنّ من أهداف هذا البحث تبديد هذا الوهم وصياغة فهم دقيق يطابق حقيقة التدوير في الشعر الحرّ. ولكن قبل ذلك علينا أن نبحث في قضايا المصطلح.
1- قضايا المصطلح:
يثير استخدام مصطلح التدوير في مجال البحث العروضي جملة من القضايا تتعلّق بمصدر هذا المصطلح وبتعدّد المصطلحات التي تنافسه في تسمية الظاهرة العروضية ذاتها. نضيف إلى ذلك التساؤل حول شرعية استخدامه في نسقين عروضيين مختلفين، ينتمي الأوّل منهما إلى نظام البيت ذي الشطرين في حين يتّصل الثاني بنظام البيت الحرّ مع ما يفترضه ذلك من اختلاف الظاهرة في النظامين. إنّ بحثنا في المصادر القديمة أكدّ لنا ما ذهب إليه محمد بنّيس من خلوّها من مصطلح التدوير (4) وما نعثر عليه هو مصطلح "المَداخل" و"المدمج" عند ابن رشيق (5). أمّا بالنسبة إلى المحدثين فلعلّ نازك الملائكة أوّل من بحث في مسألة التدوير في الشعر المعاصر (6) وقد استخدمت في كتابها "قضايا الشعر المعاصر" (7) مصطلح التدوير من غير إشارة إلى المصدر الذي استقته منه (8) واقتفى أثرها في ذلك آخرون دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء التمّحيص (9). على أنّنا نجد من الباحثين مَنْ يضيف إلى المصطلحات المذكورة آنفاً مصطلحاً آخر ألا وهو "الموصول".
وهناك جدول يبين انعدام الإجماع على مصطلح واحد واتفاق المحدثين على مصطلح التدوير باستثناء محمد بنّيس الذي رفضه " لأنّه غير وارد عند القدماء " (11) وفضّل عليه مصطلح "الإدماج" الذي وجده عند ابن رشيق (12) وهو يستعمل هذا المصطلح لتسمية هذه الظاهرة العروضية في الشعر العمودي والحرّ على حدّ سواء. وفيما يخصّنا نرى ضرورة استخدام مصطلحين مختلفين ذلك أنّ الظاهرة العروضية الموجودة في الشعر العمودي تختلف عن تلك التي نجدها في النظم الحرّ، بحيث أنّ التّعريف الذي ينطبق على الأولى لا يصلح للأخرى. على هذا الأساس سنعمد في بحثنا هذا إلى استخدام مصطلح "الإدماج" أو "المداخلة" للبيت ذي الشطرين وتمحيض مصطلح التدوير للبيت الحرّ إذ شاع في تسمية هذه الظاهرة العروضية في الدّراسات التي تناولتها بالبحث في الشعر الحرّ.
2- الإدماج:
قال ابن رشيق معرّفاً البيت "المداخل": "والمُداخَل" من الأبيات ما كان قسيمه متّصلاً بالآخر، غير منفصل منه، وقد جمعتهما كلمة واحدة، وهو المُدمَج أيضاً" (13) ومعنى ذلك أنّ وزن البيت يقتضي أن تكون بعض مقاطع الكلمة الأخيرة في الشطر الأوّل داخلة في وزن الشطر الثاني. ويؤدّي ذلك إلى "إزالة الحاجز الجزئي الذي يقوم بين الشطرين من البيت وإخراج البيت في قالب واحد يصل بين صدره وعجزه" (14). إنّ إلغاء القاسمة يُعتَبَر إخلالاً بمبدأ التناظر بين الشطرين ذلك أنّ البيت الشعري عند العرب يخضع إلى تقسيم داخلي يُراعى فيه توازن شطري البيت "والقاسمة البَصريّة في هذه الحالة. هي درجَة الصفّر من العلامة المشيرة إلى ما هو صوتي في البناء الخطّي" (15). إن اشتراط التطابق بين الوزن والتّركيب لا ينطبق على البيت فحسب وإنّما على الشطر أيضاً وإن كان هذا لا يعني استقلاله الدلالي (16) وإنّماالتطابق هنا يعني أن ينتهي الوزن في الصّدر بلفظة تامّة فيسمح ذلك بتسجيل وقفة القاسمة ولمّا كان الإدماج لا يتيح هذه الوقفة اعتَبر من عيوب ائتلاف الوزن والتركيب ولم يسمح به إلاّ في حالات مخصوصة فهو "في غير الخفيف مستَثقَل عند المطبوعين وهم يستخفّونه في
الأعاريض القصار كالهزج ومربوع الرّمل وما أشبه ذلك" (17).
إنّ الإدماج في جوهره اتصال الشطرين في مستوى التركيب والصوت والخطّ دون أن يمسّ ذلك الوزن باعتباره قالباً مجردّاً يعلو على المُنجز فالبيت المُدمَج يحافظ على التشاكل الوزني بين الصدر والعجز.
إنّ ما تقدّم لا يمكن أن ينطبق في أيّ شيء على الشعر الحرّ لخلو البيت فيه من نظام الشطرين فللتدّوير شأن آخر. غير أنّ التّماثل الذي أقامه الباحثون فيه بينه وبين الإدماج صرفهم عن التفكير في تعريفه وحال دون تدقيق النظر فيه بل أوقعهم في كثير من الحيرة والخلط وإن كان في هذه الحيرة ما يدلّ على إحساس مُبهم باختلاف الظاهرتين (18).
3- التدوير:
لا يتعلّق التدوير بانقسام كلمة بين شطرين وإنّما هو انقسام الوحدة الوزنية أي التفعيلة بين بيت وبيت آخر يليه. ومثاله قول خليل حاوي: [الكامل]
لَنْ يستحيل دمي إلى مَصْل
كذبتُ كذبّتُ
جرّوني إلى السّاحات عروّني
اسلخوا عنّي شعار الجامعة (19)
حين نتأمّل الوزن في الأبيات الثلاثة الأولى نتبيّن أنّ التفعيلة الأخيرة في كلّ منها لا تكتمل إلاّ في البيت الموالي. وتقطيع الأبيات الوزني يوضّح ذلك:
مُتْفَاعِلُنْ / مُتَفَاعِلُنْ / مُتَفَا
عِلُنْ / مُتَفَاعِ
لُنْ / مُتْفَاعِلُنْ / مُتْفَاعِلُنْ / مُتْفَا
عِلُنْ / مُتفَاعِلُنْ / مُتْفاعِلُن
نلاحظ أنّ الوقفة تمّت في الأبيات الثلاثة المدوّرة في موضع ظلّ الوزن فيه ناقصاً. إنّ التدوير حالة خاصة من حالات التعارض بين الوزن والتركيب إذ يكتمل التركيب أو يتوقّف ويظلّ منقوصاً في ذلك البيت لا يكتمل إلاّ في البيت الذي يليه.
إنّ التّدوير يفترض إمكانية ورود البيت الشعري مفتقراً لاستقلاله العروضي. إنّ هذه الإمكانية لم تنشأ إلا مع الشعر الحرّ وكل الجدال الذي دار بين ثلّة من الباحثين حول التدوير تجويزاً ومنعاً إنّما أساسه قبول هذه الإمكانية أو رفضها (20) ولن نَعود إلى تفاصيل هذا الجدال إذ أنّنا ننحو منحى مغايراً في البحث فليس لنا أن نقرّر الشكّل الذي ينبغي أن تتخذه بنية البيت الحرّ العروضية. إنّنا اليوم وبعد مضيّ نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر بإمكاننا أن نعيد النظر في مسألة التدوير متوخين منهجاً عماده الوصف والاستقراء جاعلين ما تواتر في المدونة الشعريّة واستقرّ فيها مصدرنا في مقاربة هذه الظاهرة.
4- محاولة في فهم الظّاهرة:
إنّ التدوير ظاهرة تتعلّق ببنية البيت العروضية لذا وجب تمييزه عن "القصيدة المدوّرة" وهي إفراز لاختيار بنائيّ يعمد فيه الشاعر إلى إلغاء البيت ليستبدله بالمقطع المدوّر وقد ترد القصيدة مدوّرة تدويراً كليّاً (21). إن "القصيدة المدوّرة" لا تدخل في مجال الظّاهرة العروضية التي نحن بصددها ولقد أدركت نازك الملائكة الفرق بين الظّاهرتين لذا فإنّها لئن حكمت بامتناع التدوير فإنّها لم ترفض القصيدة المدوّرة (22) وهي في ذلك لا تتراجع عن موقفها أو تتناقض مثلما توهّم البعض (23) وإنّما هي منسجمة كلّ الانسجام مع موقفها المتشبّث بالاستقلال العروضي للبيت في الشعر الحرّ. لذا عدّت القصيدة المدوّرة "قصيدة ذا شطر واحد طويل كلّ الطّول" (24).
إنّ البيت المدوّر هو الذي يثير إشكال الاستقلال العروضي للبيت. لذا فالمتأمّل في بنيته قد تخامره مثل هذه الأسئلة: على أيّ أساس يتمّ تقطيع الأبيات في القصيدة الحرّة؟ ما الذي يجعل الشاعر يقطع البيت في موضع لا يكتمل فيه عروضيّاً؟ لماذا لا يسترسل فيه الشاعر حتّى يستقيم عروضه؟ (25) إنّ هذه الأسئلة يمكن أن نصوغها بشكل أدقّ:
ما هي القوانين التي تحكم الوقفَةَ في الشعر الحرّ؟
للبيت ذي الشطرين، ما لم يعتره إدماج، وقفتان واحدة في آخر الصدر وأخرى في نهاية العجز. أمّا البيت الحرّ فللوقفة فيه مكان محدّد هو نهاية البيت. وللوقفة ما يدلّ عليها مثل البياض وعلامة الترقيم إنْ وُجدت والقافية في حالة حضورها فالوقفة "عنصر متفاعل مع كلّ من المكان النصّي وعلامات الترقيم فيما هي متفاعلة مع غيرها من عناصر العروض" (26) وتتفاعل البنية العروضية بدورها مع البنية التركيبية والدّلالة. ومن هذا التفاعل تنبني الأبيات التي تنقسم إليها القصيدة المعاصرة.
إنّه يمكن تحديد القوانين المتحكّمة في الوقفة في البيت الحرّ انطلاقاً من أشكال التفاعل بين الوزن والتركيب.
فإمّا أن يتضافر هذان المستويان في تحديد مكان الوقفة فتكون الوقفة تامّة.
وإمّا أن يتم الوزن ويظلّ البيت مفتقراً في تركيبه ودلالته إلى ما يليه وهذا هو التضمين.
وإمّا أن يتمّ التركيب ويظلّ البيت ناقصاً من حيث الوزن وهذا هو التدوير.
هذه هي الوقفات الثلاث الأساسية في الشعر الحرّ إلا أنّ ثمّة رابعة نعثر عليها وإن بدت أقلّ تواتراً من الأخرى وهي وقفة تفتقر إلى اكتمال الوزن والتركيب معاً أي أنّ البيت في هذه الحالة يتضمّن تضميناً وتدويراً في الآن نفسه وهذه الأبيات تقدّم نماذج من الوقَفَات المذكورة:
والحاصِدُونَ المُتْعَبُونْ (تضمين)
زَرَعُوا ولم نَأكُلْ (تدوير)
ونزرع صاغرين فيأكلونْ (وقفة تامة) (27)

ولعلّ تُخْصِب مرّةْ أخرى. (تضمين وتدوير)
وتعصِفُ في مدى شفتي العبَارةْ (وقفة تامّ’) (28)
إنّ النّمط الأوّل من الوقفة قائم على التطابق بين الوزن والتركيب
أما أنماط الوقفة الثلاثة الأخرى فهي حالات مختلفة للتّعارض بين هذين المستويين. إنّ التدوير ما هو إلاّ خاصة لهذا التعارض إذ يحتكم الشاعر في الوقفة للتركيب والدّلالة بصرف النّظر عن الافتقار الوزني.
إنّ التّطابق الدائم بين الوقفة الصوتية والوقفة المعنوية أمر ملازم للنّثر أمّا في الشعر فلابدّ أن يدخل نسقا الوقفة في تنافس ويتحتّم على الشاعر في هذه الحالة أن يضحّى بالوزن أو بالتركيب. إن التعارض بين الوزن والتركيب مرتبط بجوهر النظم نفسه. (29)
إنّ التدوير مظهر عروضي يؤكدّ مبدأ التعالق بين الأبيات الشعرية في القصيدة الجديدة "فالبيت في الوعي الشعري المعاصر لا يوجد خارج الصّلة مع أبيات أخرى" (30) وهي صلة تتعدّى في الشعر الحرّ مستويي التركيب والدلالة إلى دمج الأبيات دمجاً عروضياً "مّما
يلغي استقلال البيت وتصوّره وحدة مكتفية بذاتها" (31).
إنّ فقدان البيت الشعري لاستقلاله العروضي تجلّ أقصى لقانون التّعارض بين الوزن والتركيب وهو يؤكدّ من ناحية أخرى مبدأ الوحدة العضوية التي تعتبر سمة أساسية في القصيدة الجديدة (32).
هكذا نتبين أنّ اشتراط استقلال البيت الحرّ عروضياً وهو الأساس الذي بنت نازك الملائكة موقفها القائل بامتناع التدوير يفتقر إلى كلّ مستند عمليّ أو نظري وما هو سوى محاولة لإخضاع الشعر الجديد للعروض القديم. فعلى المستوى العملي نقضت الممارسة الشعرية مبدأ الاستقلال العروضي للبيت (33) والأحكام إنّما يستنبطها العروضيّ من استقراء هذه الممارسة.
أمّا على المستوى النّظري فإنّ اشتراطها الاستقلال العروضي للبيت إنّما هو سحب لوضعية البيت في الشعر العمودي على البيت في النّظم الحرّ، إنّ البيت في الشعر العمودي مستقلّ عروضياً لأنّه يخضع لقالب وزني مجرّد سابق في وجوده عليه ونعني به البحر الشعري. وقد اقترن الاستقلال العروضي في تصوّر البيت عند العرب بالاستقلال التركيبي والدّلالي حتّى يتحقّق التوازي بين ما هو صوتي وما هو دلالي في البيت (34) لذا اعتبر التّضمين عيباً من عيوب ائتلاف الوزن والمعنى، هذا في المستوى الأفقي أمّا في المستوى العمودي فوحدة الوزن تحقّق مبدأ التناظر بين الأبيات إذ لا ينبغي للبيت الذي يندرج في نموّ متّصل أن يخلّ بانسجام المجموع (35).
أمّا في الشعر الحرّ فإن التفاوت الكمّي بين الأبيات يشكّل أساس "حريّة" النّظم. ولم يعد اكتمال البنية الوزنية في حدود البيت ضرورياً كما هو الشأن في القصيدة العمودية ذلك أن التطابق بين البناء الصوتي والبناء العروضي لازم فيها بينما لم يعد هذا التطابق ضرورياً في الشعر الحرّ (36) لقد أصبح بإمكان الشاعر أن ينهي البيت حيث تقتضي الدّلالة وإن لم يوافق ذلك وقفة عروضية. وهذا يعني أنّ النسق النحوي الذي كان يتبع العروض وينبني وفق مقتضياته في البيت العمودي صار هو الذي يوجه الإيقاع في القصيدة الجديدة (37) وهذا معنى أن يكتسب الشاعر حرّية أكبر من التعبير بمزيد التحرّر من مقتضيات العروض. إن اشتراط استقلال البيت الحرّ عروضياً لا يمثل سوى دعوة إلى العودة إلى وضعية البيت العمودي الذي يوجّه فيه العروض التركيب.
أمّا الرأي القائل بأنّ التدوير "يؤثّر أثراً مخِلاً بالنّغم العامّ في البيت عندما يتضارب الإيقاع في بداية البيت وفي نهايته" (38) فإنّما هو رأي يقوم على الخلط بين العروض والإيقاع (39) ويفترض قراءة للقصيدة تفصل بين الأبيات بوقفات متساوية في كل الحالات في حين أنّه لابدّ في تحديد مدى الوقفة من مراعاة عوامل عديدة كالقافية حضوراً وغياباً وعلامات الترقيم واكتمال الوزن والمعنى أو عدم اكتمال أحدهما لوجود تدوير أو تضمين (40).
إنّ الشاعر ومنذ تخلّص الشعر الحرّ من قسريّة قانون تساوي التفعيلات في جميع أبيات القصيدة أصبح المؤهل الوحيد لتحديد مكان انتهاء البيت وذلك "وفقاً لنوع الدفعات والتموّجات الموسيقية التي تموج بها نفسه في حالته الشعورية المعينة" (41) إنّ الحركة الإيقاعية لها وجود سابق على البيت (42).
فلا مجال إذن لإدراج التدوير ضمن "الأخطاء العروضية" (43) إنّ الشعر الجديد ينشئ معه قوانينه العروضية" أيضاً. فالشاعر وهو يخضع للاندفاع الإيقاعي يكون أشدّ حرصاً علي تنظيم الخطاب باتباع قوانين إيقاع الكلام من احترام القواعد التقليدية. إنّ هذه القوانين هي أهمّ للملاحظ من تحليل الضّوابط العروضية وقد آلت إلى التّرسخ والتحجّر (44).
v - مكانة التدوير في الشعر الحرّ
أجرينا، لتحديد مكانة التدوير في الشعر الحر تحديداً دقيقاً، إحصاء على عدد من الدّواوين لشعراء بارزين وتمثّل العيّنة المختارة فترات مختلفة من هذه التجربة الشعرية التي تمتدّ على نصف قرن من الزمان. ويقدم الجدول التالي نتائج هذا الإحصاء (45).
تصدق في حسابها، وهذا بالنسبة لكل الشعراء النموذج الذي تم اختيارهم للمقايسة..
الشاعر : بدر شاكرالسياب الديوان – ازهارواساطير/ طبعة 1960/ الابيات المدورة (2) فقط من مجموع عدد الابيات (567) النسبة المئوية 0.34%
الشاعر: خليل حاوي / الديوان: النهر والرماد/ 1957 /الابيات المدورة – 133 – عدد الابيات 643 / النسبة المئوية: 20.97%
الشاعر: عبد الوهاب البياتي ، اشعار في المنفى،
نزار قباني، حبيبتي،
سامي مهدي_ اسفار جديدة،
محمود درويش، مديح الظل العالي، سعدي يوسف: محاولات / وقد اتضح ان التدوير المقصود كان بنسب قليلة جدا لا
إن الاستنتاج الأوّل الذي نخرج به من تأمل هذا الجدول أنّ نسبة الأبيات المدوّرة كانت ضعيفة عند نزار قباني وفي حكم المنعدمة عند بدر شاكر السيّاب وهذا يؤكدّ سطوة مبدأ الاستقلال العروضي للبيت على الممارسات الأولى في الشعر الحرّ، على أنّ نسبة التدوير عند كلّ من عبد الوهاب البياتي وخليل حاوي على وجه الخصوص تؤكدّ أن التمرّد على هذا المبدأ كان مبكراً أيضاً. ولا ندرك السبّعينات حتّى نتبيّن ارتفاع نسبة التدوير في الأبيات حتّى أنّها على نصف عددها الجملي ممّا يثبت أن التدوير "أصبح خصيصة سائدة في بناء البيت لدى الشعراء المعاصرين" (47). إنّ التصوّر الأوّلي للشعر الحرّ كان يرمي إلى "تطوير العمود الخليلي" باعتماد "الشطر الواحد القائم على التفّعيلة" (48) فالقصيدة الحرّة في هذا المفهوم إنّما تتكوّن من عدد من الأبيات التامّة المتفاوتة في الطّول (49). لكن التزايد المطّرد لنسبة التدوير في الأبيات يكشف لنا تمرّد الممارسات الشعريّة على هذا التصوّر وضيقها به، ما ذلك إلا لأنّ التدوير يمنح الشاعر إمكانات في بناء البيت لم تكن موجودة من قبل إذ يتيح له الانطلاق من قيد المطابقة بين الوزن والتركيب في البيت ويمنحه حريّة أكبر في اختيار موضع الوقفة وبناء القوافي ويسمح له بدمج الأبيات دمجاً عروضياً ممّا يعضد الوحدة العضوية في القصيدة. لذا يمكن القول إن التدوير "استمرار في البحث عن حريّة يتطلبّها بناء مسكن حرّ له فاعليّة تجديد الحيوية البنائية النصّ" (50) وهو مؤشر عن تحوّل إيقاعي في الشعر العربي الحديث نفترض أنّ له صلة بتحوّلات عميقة في الأسلوب والدّلالة. إنّ إثبات هذه الفرضيّة يتجاوز ما رسمنا لهذا البحث من حدود. "
إنّ التدوير في الشعر الحرّ يمنح البيت وضعية جديدة لم يسبق لها مثيل في الممارسة الشعرية العربيّة ولئن كانت هذه الوضعية تؤكد أزمة البيت التقليدي القائم على مبدأ الاستقلال العروضي فإنّها في المقابل تشرّع التّساؤل عن مصير البيت المنظوم. لقد أدرجت نازك الملائكة مسألة التدوير ضمن فصل "أصناف الأخطاء العروضية" وعلى هذا الأساس راحت "تصلح" أبيات الشاعر خليل خوري المدورة حتى تكون" كما تفرض قواعد العروض العربي . وتقرّ نازك الملائكة في مقال لها بمسألة غياب المصادر في بحثها في التدوير إذ تقول: "وضعت قواعد قليلة حاولت فيها ضبط التدوير اجتهاداً واعتماداً على سليقتي" إنّ رفض نازك الملائكة للتدوير مبنيّ، إلى جانب مبررّات أخرى، على الفرضية التي يقترحها السّؤال الأخير إذ ترى "أن الحاجة إلى التدوير تنتفي أصلاً في كل (الشعر الحرّ) ذلك لأنّ طول الشطرغير معين او محدد بحيث يستطيع الشاعر أن يضع ما يشاء من التفعيلات مستغنياً عن التدوير وسواء عددناها تدويراً يصل بين شطري البيت الواحد أو تضميناً يصل بين بيت وبيت تال له أو كانت مزيجاً من الشيئين.." إن هذا الموقف نموذج للخلط الذي يقع فيه الباحث حين يحاول فهم التدوير في الشعر الحرّ انطلاقاً من مفهومه في الشعر العمودي ولكن نلمس فيه أيضاً إحساساً مبهماً باختلاف الظّاهرتين. عن هذا الخلط بين العروض والإيقاع: "يغرق المختصون في الإيقاع الشعري في الأبيات يقسمونها إلى مقاطع وأوزان محاولين بهذا التحليل العثور على قوانين الإيقاع وفي الحقيقة فإنّ كل هذه الأوزان والمقاطع ليست موجودة في حدّ ذاتها وإنما إفرازاً لحركة إيقاعية ما ولا يمكن أن تقدم إلا مؤشرات عن هذه الحركة الإيقاعية التي أفرزتها .
ارجو انني وفقت لفتح باب الاستزادة والاطلاع على مواضيع دقيقة تهم الشاعر ومنها هذا الموضوع على سبيل المثال..
محبتي...
&&&
الهوامش:
[1] هذه الأبياتُ مِن قصيدة لأبي نواس بعنوان "الغفران"، وهي مِن مجزوء الرمَل، راجع ديوان أبي نواس، حقَّقه وضبطه وشرَحه أحمد عبدالمجيد الغزالي، دار الكتاب العربي - بيروت لبنان سنة 1953.
[2] حازم القرطاجنيُّ (ص: 277) مِن كتابه "منهاج البلغاء
(1)
محمد بنّيس، الشعر العربي الحديث: بنياته وإبدالاتها، ج3: الشعر المعاصر، ط 1 دار توبقال للنّشر المغرب 1990. ص. 9 وما يليها.
عبد الواحد لؤلؤة، النّفخ في الرّماد، وزارة الإعلام العراقية. بغداد 1982 ص. 15.
محيي الدين اللاذّقاني، القصيدة الحرّة، معضلاتها الفنّية وشرعيتها التّراثية، مجلة فصول، المجلد 16، العدد 1، صيف 1997، ص ص. 42 و46.
(2) محمد بنّيس، المرجع المذكور، ج 3. ص. ص. 115 ـ 116
عبد الله الغذّامي، الصوّت القديم الجديد: دراسات في الجذور العربيّة لموسيقى الشعر الحرّ، ط 1، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة، 1987. ص. ص. 65. 67.
(3) نعرض في هذا البحث نماذج من هذه المقاربات.
(4) محمد بنّيس، المرجع المذكور، ج 2 الرومنسية، هامش رقم 55 ص. 89.
(5) ابن رشيق. العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تح د. محمد قزقزان، ط 1. 1988، ج1 ص. 331.
(6) طرّاد الكبيسي. التدوير في القصيدة الحديثة مجلّة الأقلام عدد 5، 1978، ص. 5.
(7) صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب سنة 1962 ونحيل في هذه الدراسة عن ط 8. دار العلم للملايين. بيروت، 1992. مُختصرين العنوان في لفظة "قضايا".
(8) نازك الملائكة. القصيدة المدوّرة في الشعر العربي الحديث. الأقلام. عدد 7. 1978. ص 105.
(9) محمد النّويهي. قضية الشعر الجديد. صدرت طبعته الأولى سنة 1964. الطبعة الثانية: دار الفكر. بيروت 1971. وطرّاد الكبيسي. المقال المذكور. وعبد الله الغذّأمي. المرجع المذكور.
(10) انظر شربل داغر، الشعرية العربية الحديثة، تحليل نصّي. ط 1. دار توبقال للنّشر المغرب 1988. ص 45 و52 و53.
(11) محمد بنّيس. المرجع المذكور. ج 2. ص. 89.
(12) المرجع نفسه. ص. 90
(13) ابن رشيق. العمدة. ج 1. ص. 331
(14) محمد الهادي الطرابلسي. خصائص الأسلوب في الشوقيّات. منشورات الجامعة التونسية 1981. ص. 85.
(15) محمد بنّيس. المرجع المذكور. ج 2. ص. 90.
(16) Jamel Eddine Bencheikh, boetique arabe. Ed Gallimard.
Paris . 1989. B. 179 – 179
(17) ابن رشيق. العمدة. ج 1. ص. 331.
(18) محمد النويهي / المرجع المذكور ص. 268
(19) خليل حاوي، الديوان، ط دار العودة، بيروت 1993. ص. 199
(20) نازك الملائكة انظر "قضايا"، ص. 112 وما بعدها وص. 184 وما بعدها ومِمّن تصدّى لمناقشتها محمد النويهي انظر المرجع المذكور، ص 278 وطرّاد الكبيسي المقال المذكور. ص. ص. 5 ـ 6 وجاراها في رفضها للتدوير عبد الله الغذّامي المرجع المذكور ص. 58.
(21) طرّاد الكبيسي المقال المذكور ص 6
(22) نازك الملائكة المقال المذكور ص. 107
(23) انظر محمد بنّيس المرجع المذكور. د 3. ص. 131
(24) نازك الملائكة. المقال المذكور. ص. 107
(25) نازك الملائكة "قضايا". ص. 194
(26) محمد بنّيس المرجع المذكور، ج 3، ص. 121
(27) عبد الوهاب البياتي، الديوان، دار العودة بيروت 1971، ص. 191
(28) خليل حاوي، الديوان، ص. 203.
(29) Jean Cohen, structure de langage poetique.
Ed. Flammarion, 1966, P. 61 – 62
(30) lOURI LOTMAN, La structure du texte artistique, Ed.
Gallimard , Paris, 1973, P. 273
(31) محمد بنّيس المرجع المذكور ج 3، ص. 108
(32) انظر أدونيس، زمن الشعر دار العودة بيروت 1983، ص. 15
(33) نقدم أسفله إحصاءات دقيقة تبين أهمية التدوير في الممارسة الشعرية
(34) Jamal Eddine Bench OP. P 149
Lbid (35) , P. 148
(36) شربل داغر، المرجع المذكور ص. 53
(37) المرجع نفسه، ص. 55
(38) عبد الله الغذامي، المرجع المذكور ص. 58
(39) أوسيب بريك
O. Brik, Rythme et syntaxe, in Todoroy, Yheorie de la literature, Ed du seuil 1965 , P. 144 .
(40) شربل داغر المرجع المذكور ص. 48 وما بعدها
(41) عز الدين اسماعيل الشعر العربي المعاصر ط 3. دار الفكر العربي القاهرة، د، ت، ص. 67
(42) O. Brik, OP. Cit, P. 144
(43) B. Tomachevski, sur le vers, in theorie de la de la littature, seuil, 1965 P. 166 – 167
(44) نازك الملائكة "انظر: قضايا" ص. 185 / عزّ الدين اسماعيل ، المرجع المذكور ص. 76
(45) هذا الإحصاء لا يأخذ بعين الاعتبار القصائد العمودية والقصائد المدوّرة تدويراً كلياً أو مقطعياً إن وجدت في الدواوين المحصاة.
(46) صدرت الطبعة الأولى من أزهار وأساطير سنة 1960 لكن قصائد الديوان كتبت حسب تاريخ السياب لها بين سنتي 1946 و 1948
(47) محمد بنيس المرجع المذكور ج 3، ص. 131
(48) عبد الواحد لؤلؤة، المرجع المذكور، ص. 15
(49) وهذا في نظرنا سبب إصرار نازك الملائكة على استخدام مصطلح الشطر للشعر الحر وإنكارها للتشكيلات الخماسية والتساعية وتقصد بذلك ورود البيت في الشعر الحر متكوناً من خمس تفعيلات أو تسع انظر "قضايا" ص. 124 ـ 125
(50) محمد بنيس، المرجع المذكور، ج3، ص. 131

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق