الثلاثاء، 28 مايو 2019

الحق أسمى.. بقلم الشاعر والناقد: غازي أحمد أبو طبيخ

يحكونَ عن قمرٍ 
من الياقوتِ
قمّطهُ الجدارُ الكوكبيُّ
فشقّقهْ

عن حُرّةٍ خرقَتْ حِجابَ المستحيلِ
ولم تزلْ
ميمونةً ومصدَّقةْ

حملتْ بمعجزةِ العصورِ
وانجبتْ 
أسدَ المدينةِ
والمدينةُ مغْلقةْ

فكَّ الرّتاجَ 
بعزمةٍ قدسيةٍ 
فإذا المدينةُ مُطلقةْ

رفع الحقيقةَ 
فوق أعلى منكبيهِ،
ودمُ الفضيلةِ
في مجامعِ خافقيهِ 
وأنثال بالحلم المكينِ
بروعةِ الصبر الحزينِ
على رهابِ المحرقةْ

الحقُّ أسمى عندهُ
من صولجان الهرطقةْ

والدينُ أغلى عندهُ
من أن يضيعَ 
فأعتقهْ

لولاهْ
لانقطعَ الخطابُ 
وعُلِّقتْ أيُ الكتابِ 
على حبالِ المشنقةْ!!

الأربعاء، 15 مايو 2019

قراءة في كتاب مقترح مسك الختام قصيدة ( أنت فوق الإطراء ) للشاعر غازي احمد الموسوي - مقاربة أسلوبية بقلم الاستاذ المساعد الدكتور مرتضى عبد النبي الشاوي





مقدمة:
يحاول الشاعر غازي الموسوي في قصيدته ( أنت فوق الإطراء ) أن يبدأ باستهلال محكم البناء على غرار نظام القصدة العربية يضفي معه شحنة خبرية تتضمن عدة دلالات وفيها براعة تقنية بل حوار ميلو دراميا مشهباً تشبه ما نشاهده في بعض الحوارات الرومانسية ، وربما يكون فيضاً من التداعي الذي ينتابه الهاجس في أعماق الشاعر فهي محاولة جادة للوصول إلى المعشوق مستعيناً بالباعث العاطفي سواء كان تقليدياً أو واقعياً ومهما يكن من تمركزه في ذهن المنتج فالغاية هي كيف يمارس سلطة النص في الوصول إلى المعشوق النهائي ؟ ، فللشاعر معشوقان كلاهما قريبان من أعماق الشاعر وغربته النفسية ، وهي ليس اغتراب عن الواقع بل تماهي في تجليات المعشوق فالمتلقي بعد قراءة النص مراراً وتكراراً ينبهر في قراءة لهذه القصيدة ؛ لأنها في طياتها يشعر أنّ الشاعر يخوض في صراع تجاذبي بين جسدية النص وروحية المعنى بين تقنات الشكل وظلال المعنى بين ألفاظ موحية ومعاني شريفة غارقة في الحب .
يستفيد الشاعر من الشحنة الخبرية كونها تمثل أيقونة فاعلة كونها تحمل كثافة في الدلالات والمضامين وأراد من هذا الأسلوب المألوف أن يقتدي ببناء القصائد القديمة فطبيعة العلاقة بين الأنا والآخر علاقة استيعاب يبحر في تقنيات متعددة منها التصوير الكنائي الذي يبدو من أول كلمة أو عبارة وقد استعمال هذا النحو من الاستعمال الاسلوبي لكي يضمر في داخله دلالة التخفي وراء المجهول فيحتاج إلى التنقيب والحديث على المكشوف ليس من صالح بناء القصيدة العربية وليس من عمق التجربة الشعرية والشعورية لدى الشاعر .
فالمرأة هي التي تدفع الشاعر إلى قول الشعر وعلى الرغم من أنّ هذه الشفافية مرتبطة بعالم مخفي يغدو بطلعته فسيحاً طروبا تتداخل في لحظاته ايقاعات واندفاعات ينشد فيها من الأعماق ذلك الحب الذي يطفو فوق سطح الماء برسم من العلاقات في لغة مخيلة هي لغة أصيلة وفردوسية وهي هكذا تفاعلية اذ كانت ديباجة القصيدة التي تتحدث عن التأويه لشخص عظيم فيربط الشاعر علاقة متداخلة بين غياب الحبيبة وبين بعد الممدوح أنها منولوجيا داخلية منبعثة فالافتتان في الآخر المرأة / وعلاقة الهيام بصورة النبي الأكرم الممدوح فالشاعر غارق في الانسان الطبيعي وتمثله المرأة بصفاتها وغارق في الإنسان الالهي بصفاته السامية ويمثله صورة النبي الممدوح .
ولهذا السبب حاول الشاعر توزيع خطابه الشعري بين الخبر والإنشاء لأجل تحقيق الأغراض والدلالات المختلفة وقد بدأ بالجملة الخبرية ليحقق وظيفة الإعلام عن محتوى القصيدة وبقصد الإفادة أو الإثارة مستعملاً الجملة الاسمية بثوبها المزخرف ، فضلا ًعن الخطاب فقد لجأ إلى استعمال الأفعال الماضية للتنبيه وقد حاول أن يمزج بين العناصر اللغوية ؛ ليصنع جواً مقدساً وعذوبة رقراقة ووهابة ويشكل المناخ حتى ولو كان متنافراً وحدة الانطباع على المستوى العاطفي ، فتارة يخبر قاصدا اعلاميته وتارة ينشأ طالباً مجازيته .
هكذا تبدو لي الأبيات الأولى من القصيدة كما هي :
غادَةُ الْجِنّ غرَّةُ زوراءُ
راودتْها الْأَطْمَاعُ والأهواءُ
كُلَّمَا جَنّ حَوْلَهَا اللَّيْلُ غنَّتْ
بعزيفٍ يَرْتَاعُ مِنْهُ الْغِنَاءُ
مَا الَّذِي تَخْطبَينَ ؟ يا ٱبْنةَ حَبْسِي
وَ حَصَادُ المُغامِرِ الأرْزاءُ
ما لِعيْنيكِ لَا تَرَى مَا أُرِيهَا ؟
دُونَ مَرْقاكِ أَفلُكٌ جَمَّاءُ
حَدِّقي الطَّرَف هَل تَرَيْن ختاماً ؟
خسأ الطَّرَفَ إنَّه الْأرْجَاءُ
لَيْتَ بَحْرًا كَان المُرَجَّى عُراماً
كُنْتُ فِيمَنْ لِغُرَّةِ الْبَحْرِ جَاؤُوا
" سَلْمُ " إنَّ الَّذِي ترومينَ شأنٌ
أَطْرَقْتْ عَن سَمَائِهِ الْغَبْرَاءُ
ثم ينطلق في وصفه ؛ لكي يقترب من الممدوح العميق على الرغم من كونه بعيدا إلا أنه يصنع المستحيل لأجل الإقتراب شيئاً فشيئاً وكيف لا ؟ وهو الممدوح بصفاته الإنسانية العميقة الخالدة فينتقل عبر طريقة المدح بضمير الغائب أو صيغة الغائب بجهد قلبي حدسي فهو يبحث عن دلالات ايحاء جديدة بل يتمنى الوصول إلى المقام الرفيع ، وهي رؤية قلبية حالمة ، فتوزعت صورة الممدوح في اتجاهين :
أولاً : المدح بصيغة الغائب كما في قوله :
أَ فَمَدْحاً ؟ !...وَالمادِحونَ جميعاً
عَلِمُوا أَنَّ صوتهُمْ أَصْداءُ
هُوَ فَوْقَ الإطْراءِ مَا عَكِفَ النُّثْ-
رُ على الْبابِ أوْ شَدَا الشّعراءُ
هُو فَوقَ الأسْماءِ ما خَلَقَ اللهُ
على الأرضِ أوْ طَوَتْهُ السّمَاءٌ
ظاهرُ القَوْلِ في خفايَاهُ تِيْهٌ
و عظِيمُ المَقالِ نارٌ وماءُ
وَطَّنَ الشّمسَ في الفؤادِ وأَعْلى
قمراً تسْتنِيرُهُ الأنبِياءُ
كانَ والمُنتَهَى طُلُوعاً نَبِيّاً
سَرمَدِيّاًّ أسْفَارْهُ عَصْماءُ
ذاتُهُ المجدُ والكتابُ المُعَلَّى
فَيضُ وِجْدانِهِ ومِنْهُ السَّناءُ
فاسْتوَى مُذْ دَنَا سِراجاً مُنيراً
و تَدلَّى بُرَاقهُ الأجواءُ
سَارياً والفُتوحُ بعْضُ خُطاَهُ
مُعْرجاً لا تَطَالُهُ الأنْبَاءُ
ثانياً : المدح بصيغة المخاطب
وربما تكون المباشرة طاغية في هذه القنوات اللغوية فعبارة ( سيدي ) و ( أبا القاسم ) توحي بالعلاقة الحميمة التي تطوي المسافات وتكسر القيود بين المخاطب بكسر الطاء والمخاطب بفتح الطاء فمهما بعدت المسافة وكبرت الا أنّ الشاعر يضفي على القصيدة بذلك البوح الذاتي للوصول إلى النور المحمدي المتجلي له بالصفات التي حاول أن يناجيه بها ( يا شفيع ودادي ) و ( يا رفيع الجناب ) و ( يا شفيع المحزون ) وهي ذائبة في صدره تتجلى بأبهى صور الرسم بالكلمات كما في الأبيات الآتية :
سَيِّدي مَوْطنُ الجمالِ المُصَفَّى
أَبداً حَولَهُ يطوفُ البَهاءُ
أَنَا إنْ رُمتُ وَصْلَهُ فَلأنِّي
دَنِفٌ شَفَّهُ النَّوَى والعَنَاءُ
أوْمَضَ الحُبُّ فِي حشَاشَةِ قلْبِي
فَهِيَامِي مُضَمَّخٌ وَضَّاءُ
و بِصَدرِي مِنَ الطِّماحِ رِيَاحٌ
سَيّرَتْهَا منَ العُروقِ دِماءُ
كُلَّما اسْتَوحَشَتْ مِنَ الهجْرِ حِيناً
و اسْتَغاثَتْ هَمَى إليهَا العَطَاءُ
أَ يَرُدُّ المَلهُوفَ وهوَ حَبيبٌ ؟ !
أمْ يصُدُّ الآمالَ وهوَ الرَّجاءُ
سَأُناجيهِ يا شَفيعَ وِدَادِي
عَطِشَ المُبْتَلَى وجَفَّ الإِنَاءُ
شَارَفَ العمرُ والعُيونُ حَيَارى
شاخِصاتٌ أزْرَى بِهِنَّ البُكاءُ
يا رفيعَ الجَنَابِ رِفْقاً بِقَلبِي
إنَّ قَلبِي ممَّا بهِ أَشلاَءُ
يَا أبَا القَاسِمِ البَهِيّ نِدائِي
و دُعائِي يسْعَى بِهِنَّ الرِّداءُ
أَمِّنِي منَ الحُزنِ كلَّ قديمٍ
و جَديدُ الأسَى هُوَ البَلْوَاءُ
شَبَحاً منْ مَجَامِرٍ صيَّرَتْنِي
غُصَّة الانْتظَار والإبطَاءُ
ومِنَ الصَّبرِ عَبرَةٌ يَصْطليهَا
ألفُ عامٍ ، ورِحلةٌ وعَناءُ
فَأَجِرْ مِعْصَمِي يرَاعاً أرِيباً
إنَّ كفِّي مِن دُونكُمْ جذَاءُ
أيُّها المُصطفَى ونورُ البَرايَا
و مَنارُ الإلهامِ والسّقَاءُ
مُدَّ جُنْحَيْكَ فَالعراقُ حَزينٌ
أَحْرَنتْ في رُبُوعِهِ الأدْوَاءُ
وَطنُ الخَيْرِ مُسْتبَاحُ الحَنَايَا
و الرَّبَايَا أنَّتَ وغِيضَ المَاءُ
يا شَفيعَ المَحْزُونِ هَذا نِدَائِي
بَيْنَ كَفَّيْكَ لا يَضِيعُ الدُّعَاءُ
وتتضاعف وظيفة الخطاب فيصبح من الالتزام أن يكون في أعلى المستويات من التماسك والانسجام والفصاحة البلاغة ؛ لكي يحقق الهدف المنشود أو ما يصبو إليه من الإقناع والتأثير والتحفيز على تحويل مضامينه إلى أفعال ، فالانتقال من الشحنات الخبرية إلى الشحنات الطلبية بوساطة التقنيات الاسلوبية فقد يؤشر الخطاب إلى أساليب الطلب في بنيتها المجازية والأسلوب الطلبي ينشئ معناه بعد التكلم فقد جاءت البنية الاستفهامية متعددة الأداة فمنها إذ جاء في تكرار الاستفهام بـ ( ما ) غير العاقل مرتين ممزوجاً بالخطاب الحواري مستعيناً بتقنية أخرى وهو استعمال أسلوب النداء مع المنادى الذي يحمل في طياته الوصف والتعبير الكنائي .
مَا الَّذِي تَخْطبَينَ ؟ يا ٱبْنةَ حَبْسِي
وَ حَصَادُ المُغامِرِ الأرْزاءُ
ما لِعيْنيكِ لَا تَرَى مَا أُرِيهَا ؟
دُونَ مَرْقاكِ أَفلُكٌ جَمَّاءُ
ثم يأتي الخطاب بالهمزة بثلاثة مرات
في مرتين يكون الجواب تصديقاً كقوله :
-ما لِعيْنيكِ لَا تَرَى مَا أُرِيهَا ؟
دُونَ مَرْقاكِ أَفلُكٌ جَمَّاءُ
- أَ فَمَدْحاً ؟!...وَالمادِحونَ جميعاً
عَلِمُوا أَنَّ صوتهُمْ أَصْداءُ
ومرة أخرى ثالثة يخضع الشاعر خطابه الى جانب التصور الذهني ليجعل المتلقي في حرية التلقي ، وفي أعماق نفسية كلها تتجاذب من أجل البحث عن المحتفى به والمخفي كما في قوله :
أ يَرُدُّ المَلهُوفَ وهوَ حَبيبٌ ؟ !
أمْ يصُدُّ الآمالَ وهوَ الرَّجاءُ
لكنه يتصاعد مرة أخرى في شخصية منتج الخطاب الشعري ليغور في تقنية أخرى هي من تقنيات معاني الأدوات ولا سيما الأداة ( هل ) التي تشير الى زمن المستقبل وهي حظوة مباركة لدى المتلقي عن قناعة مطلوبة في الآخر كقوله :
حَدِّقي الطَّرَف هَل تَرَيْن ختاماً ؟
خسأ الطَّرَفَ إنَّه الْأرْجَاءُ
ثم يخرق الخطاب متنقلاً في ثوب الطلبي ؛ ليخضع الآخر إلى سلطة المتكلم الحقيقية وليس التماساً كون الممدوح حقيقة وواقعاً ملموساً ينهل منه البشر في حياتهم ومماتهم فتارة المخاطب الآخر يكون عنصراً في زمن التكلم أنثوياً ؛ ليجسد بنية الحوار الحجاجية عبر وسائله وتقنياته الممزوجة بين الأسلوب الأمري والأسلوب الاستفهامي كما في قوله :
حَدِّقي الطَّرَف هَل تَرَيْن ختاماً ؟
خسأ الطَّرَفَ إنَّه الْأرْجَاءُ
وكذلك في قوله :
أَمِّنِي منَ الحُزنِ كلَّ قديمٍ
و جَديدُ الأسَى هُوَ البَلْوَاءُ
أو يلتمس من الآخر الرئيس في القصيدة وفي استدعاء صورة النبي الممدوح ؛ ليزيده عطاء بأبهى صورة ذات دلالة مجازية نابضة بالشعر الذي خرج فيها الأمر إلى التمني كون المطلوب غير عاقل كما في قوله :
فَأَجِرْ مِعْصَمِي يرَاعاً أرِيباً
إنَّ كفِّي مِن دُونكُمْ جذَاءُ
أو يلتمس الآخر بصورته المعطاء ذلك الطائر الذي يحنو بجناحيه المستعارة ليخفف ذلك الحزن الذي في وطنه العراق الحزين فهي معبرة متدفقة كما في قوله :
مُدَّ جُنْحَيْكَ فَالعراقُ حَزينٌ
أَحْزَنتْ في رُبُوعِهِ الأدْوَاءُ
ثم يبتهج الشاعر بذاك التمني ليقدم إلى المتلقى صورة الممدوح في خيال رحب بعوالم العطاء لإغراء المتلقي واستقطابه نحو تلك الشخصية الممدوحة على الرغم من هذا الاستدعاء في حالة المستحيل الا أنه أمام تلك الشخصية العظيمة وهي شخصية الرسول الأكرم بجودها وعطائها فهي كالبحر ذلك المكان الرحب الذي يأت اليه العاشقون يأنسون بغرته كما في قوله :
لَيْتَ بَحْرًا كَان المُرَجَّى عُراماً
كُنْتُ فِيمَنْ لِغُرَّةِ الْبَحْرِ جَاؤُوا
لكنه يخرق بنية الخطاب الندائي ليخفي أداته لقوة الأسر في داخله ولاقترابه نفسياً من شخصية الشاعر ( سلم ) تلك التي يحتضنها روحاً قبل أن تكون جسداً لهذا السبب أخفى أداة النداء لغاية القرب والتجاذب مقارنة بمناجاة الآخر كما في قوله :
" سَلْمُ " إنَّ الَّذِي ترومينَ شأنٌ
أَطْرَقْتْ عَن سَمَائِهِ الْغَبْرَاءُ
وكذلك نجد ذلك على الرغم من الخطاب المباشر حقيقة الا أنّ الاحتواء يسرق لباب القلب كما في قوله :
سَيِّدي مَوْطنُ الجمالِ المُصَفَّى
أَبداً حَولَهُ يطوفُ البَهاءُ
ثم يعدد صفات الممدوح بخصائص ولائية يشعر أنها تنطلق من وجد وعشق صوفي فيقترب منه بأجمل الصفات مستعيناً بالخطاب الندائي بطريقة نداء الصفات ( يا شفيع ودادي ) و ( يا ربيع الجناب ) و ( شفيع المحزون ) وهو خطاب يضمر في طياته تصويراً كنائياً معمقاً كما جاء في قوله :
سَأُناجيهِ يا شَفيعَ وِدَادِي
عَطِشَ المُبْتَلَى وجَفَّ الإِنَاءُ
شَارَفَ العمرُ والعُيونُ حَيَارى
شاخِصاتٌ أزْرَى بِهِنَّ البُكاءُ
وكذلك في قوله :
يا رفيعَ الجَنَابِ رِفْقاً بِقَلبِي
إنَّ قَلبِي ممَّا بهِ أَشلاَءُ
وكذلك في قوله :
يا شَفيعَ المَحْزُونِ هَذا نِدَائِي
بَيْنَ كَفَّيْكَ لا يَضِيعُ الدُّعَاءُ
ثم يمزج بين الخطاب المباشر بكنية الممدوح مع أجمل صفاته المعنوية والمادية كما في قوله :
يَا أبَا القَاسِمِ البَهِيّ نِدائِي
و دُعائِي يسْعَى بِهِنَّ الرِّداءُ
ثم يتحول بأسلوب النداء ( أيها ) لأنّ المنادى المبهم ( أي ) سرعان ما يزول بالنعت اللاحق له كما في قوله :
أيُّها المُصطفَى ونورُ البَرايَا
و مَنارُ الإلهامِ والسّقَاءُ
ويبقى الأسلوب الطلبي بوسيلته الندائية لدى الشاعر يحمل شحنة الأثر النفسي ، فهو يحولها إلى مناجاة وجدانية تقربه زلفى إذ يغدق عليه بصفاته الحقيقية إنّها لوحة مناجاة من عاشق مرهف بعواطفه شجي بأحاسيسه لمعشوق وهو الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) .
وأخيراً يقترب الشاعر غازي الموسوي من الموضوعية في طرحه فكرته حول مدح الرسول ( صلى الله عليه وآله ) معتمداً على عناصر لغوية بوصفها موضوعية قابلة للمعاينة والرصد ينطلق منها المحلل الأسلوبي لإصدار أحكامه المتعددة ..
نص الشاعر:
……………… .
-4-
انت فوق الإطراء
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
غادَةُ الْجِنّ غرَّةُُ زوراءُ
راودتْها الْأَطْمَاعُ والأهواءُ
.
كُلَّمَا جَنّ حَوْلَهَا اللَّيْلُ غنَّتْ
بعزيفٍ يَرْتَاعُ مِنْهُ الْغِنَاءُ
.
مَا الَّذِي تَخْطبَينَ يا ٱبْنةَ حَبْسِي
وَ حَصَادُ المُغامِرِ الأرْزاءُ
.
ما لِعيْنيكِ لَا تَرَى مَا أُرِيهَا
دُونَ مَرْقاكِ أَفلُكٌ جَمَّاءُ
.
حَدِّقي الطَّرَف هَل تَرَيْن ختاماً
خسأ الطَّرَفَ إنَّه الْأرْجَاءُ
.
لَيْتَ بَحْرًا كَان المُرَجَّى عُراماً
كُنْتُ فِيمَنْ لِغُرَّةِ الْبَحْرِ جَاؤُوا
.
" سَلْمُ " إنَّ الَّذِي ترومينَ شأنٌ
أَطْرَقْتْ عَن سَمَائِهِ الْغَبْرَاءُ
أَمَُمَدْحاً ؟!...وَالمادِحونَ جميعاً
عَلِمُوا أَنَّ صوتهُمْ أَصْداءُ
.
هُوَ فَوْقَ الإطْراءِ مَا عَكِفَ النُّثْ-
رُ على الْبابِ أوْ شَدَا الشّعراءُ
.
هُو فَوقَ الأسْماءِ ما خَلَقَ اللهُ
على الأرضِ أوْ طَوَتْهُ السّمَاءٌ
.
ظاهرُ القَوْلِ في خفايَاهُ تِيْهٌ
و عظِيمُ المَقالِ نارٌ وماءُ
.
وَطَّنَ الشّمسَ في الفؤادِ وأَعْلى
قمراً تسْتنِيرُهُ الأنبِياءُ
.
كانَ والمُنتَهَى طُلُوعاً نَبِيّاً
سَرمَدِيّاًّ أسْفَارْهُ عَصْماءُ
.
ذاتُهُ المجدُ والكتابُ المُعَلَّى
فَيضُ وِجْدانِهِ ومِنْهُ السَّناءُ
.
فاسْتوَى مُذْ دَنَا سِراجاً مُنيراً
و تَدلَّى بُرَاقهُ الأجواءُ
.
سَارياً والفُتوحُ بعْضُ خُطاَهُ
مُعْرجاً لا تَطَالُهُ الأنْبَاءُ
.
سَيِّدي مَوْطنُ الجمالِ المُصَفَّى
أَبداً حَولَهُ يطوفُ البَهاءُ
.
أَنَا إنْ رُمتُ وَصْلَهُ فَلأنِّي
دَنِفٌ شَفَّهُ النَّوَى والعَنَاءُ
.
أوْمَضََ الحُبُّ فِي حشَاشَةِ قلْبِي
فَهِيَامِي مُضَمَّخٌ وَضَّاءُ
و بِصَدرِي مِنَ الطِّماحِ رِيَاحٌ
سَيّرَتْهَا منَ العُروقِ دِماءُ
.
كُلَّما اسْتَوحَشَتْ مِنَ الهجْرِ حِيناً
و اسْتَغاثَتْ هَمَا إِليهَا العَطَاءُ
.
أَيَرُدُّ المَلهُوفََ وهوَ حَبيبٌ ؟!
أمْ يصُدُّ الآمالَ وهوَ الرَّجاءُ
.
سَأُناجيهِ يا شَفيعَ وِدَادِي
عَطِشَ المُبْتَلَى وجَفَّ الإِنَاءُ
.
شَارَفَ العمرُ والعُيونُ حَيَارى
شاخِصاتٌ أزْرَى بِهِنَّ البُكاءُ
.
يا رفيعَ الجَنَابِ رِفْقاً بِقَلبِي
إنَّ قَلبِي ممَّا بهِ أَشلاَءُ
.
يَا أبَا القَاسِمِ البَهِيّ نِدائِي
و دُعائِي يسْعَى بِهِنَّ الرِّداءُ
.
أَمِّنِي منَ الحُزنِ كلَّ قديمٍ
و جَديدُ الأسَى هُوَ البَلْوَاءُ
.
شَبَحاً منْ مَجَامِرٍ صيَّرَتْنِي
غُصَّة الانْتظَار والإبطَاءُ
.
ومِنَ الصَّبرِ عَبرَةٌ يَصْطليهَا
ألفُ عامٍ ، ورِحلةٌ وعَناءُ
.
فَأَجِرْ مِعْصَمِي يرَاعاً أرِيباً
إنَّ كفِّي مِن دُونكُمْ جذَاءُ
.
أيُّها المُصطفَى ونورُ البَرايَا
و مَنارُ الإلهامِ والسّقَاءُ
.
مُدَّ جُنْحَيْكَ فَالعراقُ حَزينٌ
أَحْرَنتْ في رُبُوعِهِ الأدْوَاءُ
.
وَطنُ الخَيْرِ مُسْتبَاحُ الحَنَايَا
و الرَّبَايَا أنَّتَ وغِِيضَ المَاءُ
.
ياشَفيعَ المَحْزُونِ هَذا نِدَائِي
بَيْنَ كَفَّيْكَ لا يَضِيعُ الدُّعَاءُ

قراءة في كتاب مقترح.. الأديبة: وفاء كمال

حين تهتز خاصرة اللغة ,وتتراقص المخيلة ,فاعلم أنك أمام نص للناقد والشاعر غازي الموسوي . الذي عرفتَه ناقداً فذاً يلامس النصوص ببراعة على تنوعها ,ويدفع بالكاتب والمتلقي لإعادة النظر بالنص وقراءته بوعي جديد .. فهو ناقد متخصص , لكنه لاينفصل عن مجالات الإبداع الأخرى . فباكتشافه لمواطن الجمال في النصوص الأدبية , يؤكد على امتلاك تلك الملكة الإبداعية ..ففاقد الشيء لايعطيه . لذا لايمكنني أبداً أن استغرب وانا اراه يخوض في مسارب أخرى توصله إلى إنتاج قصائد غاية في الروعة والجمال ..
فلو تأملنا نصه في الإنتظار ..نشعر ان الموسوي في حالة من الإبداع والتجلي والترقب والانفعال . ..فالانتظار رفيق صعب المراس ’مثير للأعصاب ,وخصوصاً إذا كان بانتظار غزالة شاردة من الفردوس تشبه غزالة " محي الدين بن عربي " .حيث يمني " الموسوي " نفسه في قضاء ليله معها كما فعلت غزالة محي الدين . ولكن أنَّى له ذلك , وتلك الغزالة تقف في الأعالي حذرة .تستطلع المكان .بينما زخات الردى وأعين الذئاب تترصدها .ومن المؤسف ان كائناً جميلاً كهذه الغزالة والتي ربما هي معشوقته او قصيدته التي تتجلى كآية عشق .لاتستطيع إنقاذ نفسها . مما يجعلها حزينة لاتتمكن من الاقتراب نحو معشوقها مهما هاج حنينها .لأنها ستكون فريسة سهلة للحيوانات المفترسة .أو الصيادين لذا تكتفي بالحومان حوله .وقد فاضت مهجتها حزناً .لأن الإقتراب يعني وقوعها فريسة سهلة.
الموسوي في تلك القصيدة يفتح امامنا الأفق واسعا للتأمل والاستقصاء .حين نتيه بين معشوقة من لحم ودم وبين قصيدة من أبجدية خارجة من عرس اللغة بكامل أناقتها وزينتها ومصاغها كعروس مبرقعة في ليلة زفافها .كاملة الأوصاف والزينة
فكيف لغزالة محي الدين التي باتت ليلها معانقة له أن تكتفي اليوم برقصات الفراش حول النور . فالفراشة التي تعشق الاحتراق عمرها قصير . وفي قصيدة الموسوي تصبح ثياباً للنور.لأنها ممسوحة بزيت الروح المقدس
وأي زيت ذلك ؟ أوليس كل من يُمسح به يتقدس ؟
قصيدة الموسوي هذه تجعلنا نعيش فضاء روحانياً . وجدانياً حيث ينبع النفس الإلهي من بين الكلمات , ليضيء دهليزاً موغلاً في الكشف الجريء عن جذور تلك الغزالة . وهو يحلق في رؤاه مستجمعاً الجروح القديمة حيث يدور شريط الذاكرة ويتوقف عند اول الهمسات والخطوات. فيستجمع كل الألوان والأشكال .والمقاسات يولد آدم من جديد ليعيد التصادم مع حوائه ( الفصيدة ) بخياله المتمرد وهنا تتجلى غربة الموسوي .في غرفة هذا العالم الأزرق . حيث يختلف عمَّأ سواه بكونه خارجاً عن المألوف ..يبحث عن مكان لسيدة الأبراج كي تهبط في رأسه
فقد بلغ السيل الزبى
وماعاد ( في القوس منزع )عبارات ذات دلالات ابداعية . فصورة المعشوقة ترافقه في الحل والترحال .مضيئة منتصبة شهية متغربة غامضة كلؤلؤة في محارة يفرزها الألم.
كفراشة عذراء تتوق لتمزيق خيوط الحرير لتنطلق من شرنقتها .لكن شهريار يرفع سيفه كل صباح وشهرزاد تحكي قصصها لينام .صور متعددة تبدو مألوفة لأول وهلة لكنها تنقلنا في الحال من المباشرة إلى توصيف مشاهد تجمع بين المتناقضات . ويتجلى الطباق بأبهى حلله بين البركان والسكينة .اللذان يعيشهما الشاعر قبل انفجار صمام االقصيدة لديه .لتومض إشراقاته وترتسم وتتحول حدوسه الباطنية إلى الإعلان عن حاجته للثم ثغر اللغة التي هي روح تسري في مخلوقته .لتكون قبلتها قبلة الحياة وجسر تفاهم أبدي .
وفاءكمال
________________________________________________
نص قصيدة الأستاذ غازي الموسوي
*****************************
بالإنتظار:
،،،،،،،،،،،،،،،
إيهٍ
يا غزالةَ مُحيِ الدينِ
أيتها المغمورةُ
تحت غمامِ الربيئةِ
ودخانِ الردى
يا طفلة الحقيقةِ
الموغلة في الاحزان الكبرى
والممنوعة من البوح جهاراً
مهما ضجُّت مراجلِ الحنين
من حولكِ
في قاعِ البحرِ الحيّ
أعلمُ انّ الحَومانَ وحده لايكفي
بل اعلمُ ان الإقتراب يعني الإحتراق
"وانى لهمُ التناوشُ من بعيدٍ"
ولا اعتراض على رقصات الفراش
دعيه يحوم كنا يشتهي
انه ثياب النور
نجوم الحبور
رقصة المذهول
أنهم حتى يحينُ الحينُ
" في حيرةٍ ودهَشٍ"
شئ من عبقِ الأنسِ
واطيافِ السرورِ
بينا أشهدُ
في كلِّ صباحٍ
خلال الضبابِ
شمساً من اللازوردِ
بينَ أضلاعِكِ
بحجمِ قمركِْ
وآه
لولا زيتُ الروحِ
لما تحقق الوجودُ
ولما نزّتِِ الجروحُ القديمةُ
يالها من طماحٍ أليمةٍ
مكتومةِ الجموحِِ
مثل خواتيمِ الفتوحِ
وآه
كم تمنيتُ
أن أُقبِّلَ اتونَها المخنوقََ
بشفاهِ الكلماتِ
علّني اراها قصيدةً
من الماسِ
تمشي على الارضِِ
مثلَ حمامةٍ كاظميةٍ
شفيفةِ الترحالِ
دفينةِ الجمالِ
هل تذكرينَ
اولِ همسةِ ليلٍ ناطقةٍ
بالهوى
والتراجعِ
والإقبالِ
لم تغبْ صورُتُكِ
خطواتُكِ
ألوانُ الأرديةِ
مقاساتها
مواضعها من بدنِكْ!!
حتى وقوفك
مثلَ شمعةٍ
ذاتِ عذوقٍ مضيئةٍ
قبالةَ المرآةِ
في آخر معبدٍ للسراةِ
أكثرُ بياضاً من قلوبِ الأملاكِ
هو قلبُكِ
أكثرُ ضراوةً من عروسِِ الفهدِِ
ليلةَ اللقاءِ المميتِ
هو حذرُكِ المباغتُ
المدهشُ
كيف انسى لذةَ الحلول
حدَّ الغيابِ الجميلِ
مرةً بكيتُ
تراصفاً مع غربتِكِ
بحثِكِ عن الانسانِ
في كلِّ الاتجاهاتِ
تطلعُك نحو مستقبلٍ
لايراهُ احدٌ
محاولاتُك لايجادِسياقٍ جديدٍ
وفقَ نسقٍ غير مطروق
يا لَرحلةُ اللؤلوةِِ
في بطنِ المحارةٍ
في آعماقِ البحرِ
يالَ اسفارُ العذراءِ
داخلَ الشرنقةِ
يا لَهذا الفضاءُ الازرقُ
يا لَمكتومُهُ المُخَصّبُ
بطيورِ القلقِ الحبيسِ
يا لَاسرارُ
الفِ شهرزادٍ
وألفِ شهريارٍ
متخفٍّ وراءَ الستارِ
حتى آنَ اوانُكِ
وبانَ
في أفقِ الرؤيا صولجانُكِ
(يا أختَ هرون)،
(والقلمِ ومايسطرون)
(ما كانََ أبوكِِ… )
ضالعاً بالخفايا
(ولا كانت أمُّكِ ) عشتروتَ
إنزلي برآسي ياسيدةَ الأبراجِ
يا زهرةَ المعراجِ
من جهةِ الحالِ
الى جهةِ الجمالِ
في خاتمةِ المآلِ
فما عادَ( في القوسِ منزعٌ)
والبحتريُّ مقنّعٌ كبيرٌ
والجواهريُّ باسلٌ خطيرٌ
قولي
كيف يجمعُ بشريٌّ
بين البركانِ والسكينةِ
هذا امرٌ
يقربُ من الإعجازِ
لا درايةَ لي بهِ
من قبلُ
ولا طاقةَ لي عليهِ
من بعدُ
وها أنا ذا
في سعيرِ التمنّي
بالإنتظارِ
قبلةٌ واحدةٌ
وسوفَ أغنّي……. !!

قراءة في كتاب مقترح"1" المبدأ الثابت، في قصيدة "خاطر مستمر" للشاعر غازي احمد الموسوي الناقدة نائلة طاهر

العنوان عتبة مهمة في بعض الأعمال الأدبية و بعض كتاب قصيدة النثر يتحرون جيدا في اختيار مفرداتهم التي يتشكل منها النص بحيث يكون لكل كلمة دلالة متعلقة بالمعنى الاجمالي ،بالتالي يصبح العنوان احد مفاتيح النص التي قد توجهك الى معانيه العميقة أو تلفت انتباهك الى بؤرة القصيدة .
خاطر مستمر عنوان القصيدة المتناولة بالبحث للشاعر العراقي غازي أحمد الموسوي هي أحد النماذج التي تقاس عليها الفكرة القائلة بأن العنوان في القصيدة النثرية القائمة على الفكرة لا بد ان لا يشتق من النص أو ينشق عنه وانما يكون الشرفة التي يطل من خلالها ذهن القارئ على مكامن النص ورمزياته البسيطة أو المركبة ،لأن النص اذا ما اكتنز بالفكرة والرمز تصبح مسألة الشعرية به مشكك بها اذا ما سلمنا بمبدأ ان الشعر كتب للمتعة الحسية وان الفكرة به لا بد ان تكون في مستوى الفهم لا مجرد هرطقة (بمعناها المعجمي) .
الخاطر في معاجم اللغة هو ما يخطر بالقلب من أمر أو رأي او معنى ،أي ان ما سنقرأ من القصيدة بعد العنوان هو رأي ومعنى مصدره القلب ،بالقلب ندرك الحد الفاصل ما بين المعلوم والمجهول وما بين المحسوس والمعقول ،اي برزخ الوجود برؤيا القلب على حد قول ابن عربي .خاطر مستمر عنوان مركب من مفردتين احتاج المنعوت نعتا ،الصفة التي اعطيت للخاطر منتقاة جيدا ويعني الاستمرار الديمومة ،التواصل والالحاح، اذن الخاطر تحول الى رؤية (فكرة )وسيتحول الى رؤيا. رؤية يتداخل فيها المحسوس والمعقول وما على القارئ الباحث عن حقيقة ما بعد قراءة النص سوى اختيار الضفة المناسبة لهواه والركون إليها أو اتباعها ،فالمسألة في هكذا نصوص ليست مجرد قراءة والحكم على قيمة النص أو الاستمتاع به وانما هي نتائج مستخلصة من بحث الرائي .
الوصول الى الفكرة اعتمد الشاعر ادوات تكثيف مختلفة لم يعمد الى التكثيف نفسه وانما الى ادواته وعناصره على اعتبار أن الفكرة في ذهنه وجودية لها ارتباطات كثيرة وتشابك مع عناصر مختلفة ،الفكرة أمامه وربما قد تكون نتأت منه وتدلت فروعها وهو يحاول تجميعها يراها ولكنها غير واضحة كانتظار لسحابة تغير لون السماء دون أن نعرف موعد أو حجم أو نوع هطولها (لم تكن
غمامة الفكرة
عارية الحروف بالتمام)
وقد تكون الغمامة هي الأجمل الذي يحبس الفكرة ويمنعها من التجلي كاملة ،الاكيد ان هناك معيقا ماديا يمنع انسياب الفكرة ويتركها متدلية في عطش او جفاف ،تزيد من تأرق الجسد والعقل في محاولاتهما المتكررة لإدراكها أو تطويعها .
ينتج عن تكرر تلك المحاولات لبلوغ الوعي تنوع في الوسائل والتجارب.الساعي الى غرض ،الباحث عن حقيقة ،أو الراغب في مطمح له وسيلة مثله مثل المريد العاشق لذات الله المتوسل إليه بأوليائه أو بالدعاء والعبادة قصد ادراك الله في ذاته أو التقرب إليه ليجده حوله ،كذلك كان الشاعر في صحوة بحثه يطوف في مساحة منحدرة كلما تمسك فيها بحبل خلاص تركه ليبدأ من جديد محاولته باحثا عن معنى آخر للإمتلاء أو بلوغ مرحلة من السلام مقنعة على غير شاكلة ما سبق . وسيلة الشاعر الاولى كادت تعطيه اليقين الأفضل والكامل ،(وحين غادرني ,,اليوشا,,
ما عدت مقتنعا
بكل دعوات السلام قط
من اية جهة صدرت?!) اليوشا هو رمز الايمان والصلاح ،والايمان هو الادراك الكلي ،اي ان الوعي بالحقيقة الثابتة يبدأ بالإيمان ،بالقناعة أولا بالفكرة ومن بعدها يأتي التعميم ،لكن الايمان مسألة تنقص وتزيد وهي خاضعة اكثر للقلب فكلما ألحت الفكرة وأرقت الأسئلة صاحبها جاء الايمان بأجوبة تخمد الضجيج وهذا طبعاً في حالة الإدراك بالبصيرة لا العقل .إلا أن الإيمان لم يعد كما في اللغة اسم مفرد صار جمعا وتعددت أوجهه ،ايمان مسيحي،يهودي ،اسلامي ،ثم مذهبي بكافة انواعه وتبعياته ....
تعددت المذاهب والنحل وكل يفصّل ايمانه حسب غايات سياسية أو مذهبية وانتهينا الى مفاهيم مختلفة للسلام وافرغت الكلمة من دلالتها باختلاف المقصد أو الجهة التي أتى منها والإطار الموضوع لها .وقد تشن الحروب باسم السلام وتقتل الأرواح باسم الدين أو إعادة البناء مثلنا مثل نيرون حين احرق روما بسكانها وارتكب جرائمه بدعوى إعادة بناء الوطن والمحافظة عليه .الايمان الآن صيغة متغيرة عند العامة لكنها عند الخاصة لها صلة وثيقة ببعض الخلاصات والخلاصة جزء من الوعي أو كله احيانا لذلك هناك بعض المغاليق تفتح لنا من خلاله ( لم يتركني اليوشا خالي الوفاض
ترك عندي شيئا يشبه الوعي
ليس انا من يحمل الرب
خطايا الخليقه..)
التجربة الايمانية انتهت بذات الشاعر الى التسليم بأن الانسان مسؤول عن خطاياه والخطايا هنا هي الأفعال وبالتالي الوصول الى فكرة ان الانسان مسير وغير مسؤول عن تداعيات اخطائه هي فكرة متهافتة امام المبدأ المتصل بالإيمان والجزاء من صنف العمل .والقصيدة بشخوصها و رمزياتها بنيت على البحث في فكرة الجريمة والعقاب في هذا الوجود وليست الجريمة كفعل وانما كفكرة فلسفية مرتبطة بالوجود ومعها الشاعر يتساءل هل يجدر بنا ان نعيش كنيرون بخروقاته وخطاياه على الأرض ام كإيفان الشاعر بروحه الحالمة القريبة من الجنون المرتبط بفكرة الجنوح للمستحيل ، إيفان الملحد الفيلسوف ،المفكر والشاعر ايضا في رواية الإخوة كارمازوف يراود الشاعر على ركوب الموجة يغريه بالضفة اليسرى حيث يركن مجانين من نوع خاص ،جنون الاختلاف ،الابداع ، رفض المسلمات وتقويض الفكرة الا أن مسألة الجنون لدى الشعراء والفلاسفة وحتى الصوفيين وان اعتبرت قمة الوعي الا انها تظل مرحلة لا تدوم لأنها مرتبطة بحالة وجدانية متغيرة وإن طالت، فالإلحاد لم يحسم وظل فكرة يركبها البعض فترة ثم يعودون وحتى اليسار نفسه لم ينجح في ان يثبت صحة رؤاه على أرض الواقع والفلسفة ظلت فلسفة تطرح الأسئلة وتجيب عنها بأخرى وتواصلت على مفهومها اللغوي حب الحكمة لا الحكمة نفسها .لذلك فإن ذاك الوعي ليس الوعي الكامل الذي يرضاه الشاعر الذي نعرف تنوع تجاربه ومرجعياته.ولهذا يعود الشاعر الى المرحلة الاولى التي انطلق منها ،مرحلة الدهشة التي يسبقها انغماس في الحياة المادية ،او الرجوع الى البدائية التي تفرضها الغريزة تلك المرحلة يرمز إليها الشاعر بديمتري الشاب المنغمس في اللذات واللاهث خلف المشروع وغير المشروع منها ،هذا الخاطر كاد ان يستجيب له فهو ذات مثقلة بالرغاب بحكم الطبيعة كاد ان يقر بأن تلك الوسيلة هي نهاية المسعى ،لكن مازال في دهشته وما كان يجب أن يكون ورد أيضا في صيغة شك (والشك نفسه منهج فلسفي )حين قال" ربما" وربما اسم يدخل على المعارف والافعال ليحيلها الى حالة محتملة لا موثوق بها
(كن مثل ,,ديمتري ,,
ايها المثقل بالرغبات الثقال
ولا انكر أنني مازلت حالما
ربما ...
هي طبيعتي الموروثة!!
او .......
ربما هذا ما يجب ان يكون) فالجسد بعض من الوعي وما يريده الشاعر هو الوعي كله .
البحث عن الوعي الكامل هو نفسه البحث عن الحقيقة واذا عجزت الوسائل والمناهج نعود الى الايمان ،الى البصيرة الى القلب ،ويستمر الخاطر في رؤاه حتى في حالة هدوئه واستقراره ،وعودة الشاعر الى اليوشا هو عودة المتصوف الى دواخله المتصالحة مع كل الغيبيات الذات التي تضحك من فعل الموت اذ تراه خلودا ،الذات التي يستمر سلامها باستمرار حالة الايمان بها .
القصيدة كتبت على الصيغ الفلسفية مقتربة اسلوبيا من الشعر الغربي لا قصيدة النثر العربية ،الشاعر غازي أحمد الموسوي من المعجبين بالشاعر الفرنسي رامبو وقد بنى نصه على لغة مختلفة غريبة عن لغة قصيدة النثر السائدة ،لكنها ليست شاذة إذ هناك العديد من التجارب الشعرية العربية لشعراء معروفين اتجهت لذات المنحى التجديدي الذي دعا إليه رامبو حين قال« ينبغي أن نعثر على لغة شعرية جديدة.. ينبغي أن نطالب الشعراء بأن يأتوا بشيء آخر جديد ، شكلاً ومضموناً ، ذلك أن اختراع المجاهيل أو (اكتشاف المجاهيل بالأحرى) يتطلب منا استخدام أشكال لغوية جديدة » والمجاهيل هو ديدن الشاعر غازي أحمد في كل قصائده النثرية .وقد تحدى بنصه مقولة النفري"كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة" محاولا ان يخلق لغة أخرى تنجح في الرؤية بأسلوب شعري كلما حاولنا اختراقه كلما اتضحت جواهره الكامنة. وهذا طبيعي لأن النفاذ الى الجوهر عملية معقدة هي نفسها تحتاج الى رؤية قبل التنفيذ لذلك شاب الأسلوب بعض الفلسفة التي تذكرنا بكتابات نيتشة التي طبعت بالشعرية رغم افكارها الفلسفية المتعلقة خاصة بالوجود ،يقول نيتشة في قصيدته أغنية ثملة:
أيها الإنسان! اِنـتـبِـه !
ما الذي يقـول مُنتـصَـفُ الـلـيل العميق ؟
" أنا نِـمْـتُ ، أنا نِـمْـتُ -،
من حُـلم عميـق أفـقـتُ،-
الدّ ُنـيا عمـيقـة ،
وأعمـقُ ممّا ظـنَّ النّـهـار .
عميـقٌ ألَـمُـها -،
السّرورُ - ما يزال أعمقَ من معـاناة القـلـب :
يقـول الألـمُ : تـلاشَ !
ولكنْ كـلُّ سرورٍ يـريد خـلـوداً -،
عميـقاً ، خـلـوداً عمـيقاً !" هنا الصحوة الحقيقية التي نتبين منها الخيط الرفيع مابين الألم والسرور الوجود و اللاوجود الألم موت مؤقت أو نوع من السعي المنهك والذي لابد ان نتقبله بسعادة من سيجد الأعمق من سينتهي لخلود كحقيقة أعظم ،نفس هذه الرؤية بقصيدة خاطر مستمر حين قال شاعرها ساخرا من الموت ودورة الزمن التي تنتهي بعدم لا يوجب حزنا مادم المسار الأخير نحو الخلود
__
مدهشة دورة الزمن...
أخيرا ...
صار الموت باعثا على السخريه
__
لازلنا على نفس الرأي ان لكل كلمة بالقصيدة رؤية كاملة مما يجعلنا لا نسلم مع هكذا شعراء بضيق العبارة ،وان احترافهم الشعر والكتابة هو أدوات من ادوات التحدي والاثبات. يقول الأمام علي رضي الله عنه :
"اتحسب أنك جرم صغير ..وفيك أنطوي العالم الأكبر"
لذلك فإن شاعر عميق ينطلق من دواخله ويبحث عن حقيقته في هذا الوجود قادر على تطويع العبارة ليعكس كل ما به وحوله بما امتلك من قوة وجسارة لغوية .
أخيرا لابد من الإشارة أن الشاعر تقصّد الاستئناس في قصيدته النثرية هذه برمزيات شخوص رواية الإخوة كرامازوف لما فيها من دلالات إنسانية ونفسية وربما لأن تجربته تشبه تجربة الكاتب الروسي دوستويفسكي ورحلته في الحياة التي انتهت بكتابته برواية الإخوة كرامازوف وارادها خلاصة ونهاية قيمة لمسيرته .. دوستويفسكي كشاعرنا كان متعاطفا مع اليوشا وقدمه كوسيلة خلاص بعدما مر بمراحل مختلفة في حياته كالرومنسية والاشتراكية والشاعر غازي احمد كذلك مر بمرحلة السجن، وسنوات من العزلة كانت كافية لينهل فكريا من الأدب العالمي خاصة ومن الفلسفة ومن اقطاب الفكر الصوفي لتأتي قصائده بعدها توليفة ما بين الفلسفة والشعر والروحانيات الصوفية التي لها الأثر العميق في ان تجعله يتصالح مع كل التناقضات بهذا الوجود ويتقبلها على علاتها مؤمنا بالجانب الخير في نوازعنا وثابتا على مبدا الايمان الخالد ،اليوشا مازال حيا كسراج لا ينطفئ ،وسيظل رغم كل ما يحدث من جدل وصراع أنساني في هذا الوجود .
_
و,,إليوشا ,,
رغم كل ماجرى
مايزال حيا
اليس غريبا
ان يظل ,, إليوشا ,,
حيا حتى الآن
_
القصيدة
__
خاطر مستمر..........................
لم تكن
غمامة الفكرة
عارية الحروف بالتمام
كانت
شفتها السفلى دلعة وحسب ..
هذا صحيح..
لا انكر ذلك ابدا..
ولا أنكر شهوتي الماكرة
تلك المتنمرة على دخان الأفق
وحين غادرني ,,اليوشا زمناً,,
ما عدت مقتنعا
بكل دعوات السلام قط
من اية جهة صدرت?!
هذا المغمس بلعاب ,,نيرون,,
لم يك قادرا على الإضاءة ابدا
ولم يتركني اليوشا
خالي الوفاض
ترك عندي شيئا يشبه الوعي
ليس انا من يُحمّل الرب
خطايا الخليقة..
وهذا,,ايفان ,,يلمح لي
بضرورة ركوب الموجة
-كن مثل ,,ديمتري ,,
ايها المثقل بالرغبات الثقال
ولا انكر أنني مازلت حالما
ربما ...
هي طبيعتي الموروثة!!
او .......
ربما هذا ما يجب ان يكون
شئ بشبه الوعي
كان هناك?!
شئ يشبه وجه القصيدة
كان يتجلى
على هيئة امرأة حبلى
اقرب ماتكون
الى هيئة قبة الصخرة
كنت اتقرى على مرآته
وجه دخيلتي..
بينا امتعني كثيرا
وقوفي على ساحل التدلي!!
كنت اقهقه مثل طفل غرير!!
مدهشة دورة الزمن...
أخيرا ...
صار الموت باعثا على السخرية!!
و المعركة الفاصلة
ماتزال مستعرة,,
و,,إليوشا ,,
رغم كل ماجرى
مايزال حيا
اليس غريبا
ان يظل ,, إليوشا ,,
حيا حتى الآن ?!..

قراءة في كتاب مقترح(2).. الناقد: جمال القيسي

من الدراسات النقدية الملهمة التي اثارت انتباهي عميقاً ليس لانها تختص بقراءة إحدى قصائدي..وانما لأنها بالغة الدقة في التأشير وفي التأطير ..بينما كان التكثيف العالي غير المنقوص بعيداً عن الحشو والاستعراضات الزائدة عن الحاجة هو الاسلوب النقدي النفيس الذي وقع اختيار الناقد الفذ Jamal Kyse عليه في مطالعة هذا النص - موضوع البحث- وهو خيار صعب مرتبن ،مرة لانه يستدعي وعياً مكتنزاً صقيلاً رائياً ثاقباً..ومرة لأن النص الشعري هذا ينطوي على ما لا يستشرفه الا امثال القيسي المضمخ بل المثخن بكل جراح شارع المتنبي العظيم..
هذا النص النقدي نشر لاكثر من مرة ..
ولكنني ارى ان هذا النشر يختلف هذه المرة عن السابقات،خاصة وانه سيدخل مشروع كتاب نقدي جديد قريب بعونه تعالى ،كما وتجدر الاشارة الضرورية الى انها من المرات النادرة جداً التي يتناول فيها ناقدنا الكبير نصاً مموسقاً تفعيلياً ،انما حداثي النزعة بحيث تمكن من تصفير المسافة بين نسغه العروضي وايقاع النص الشعري المنثور ،كونه نصاً مفكراً،وإن كان مشبعاً بالوجدان والإنفعال الشعوري العميق..
لاحدود لشكري وتقديري اخي وزميلي ابا سرى الكبير..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
النص النقدي:
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الشاعر العراقي الموسوي ،،
والسهروردية المحدثة
الناقد Jamal Kyse
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نص متراكب،،،ربما يتخطى،،عتبة المألوف،،الامر ألذي يضع الناقد في حيرة ودهشة،،الاولى،،من المضامين والمحمولات والثراء الدلالي،،ودهشة،،من التوظيف البارع ،،الذي يغلف الملفوظات،،لياخذك ،،الى آفاق،،شبه مطلقة،، ونشدد على ( شبه ) لأننا لايصح ان ،،ان نتعارض مع المنطلق الايديولجي ،،للشاعر ( الموسوي العراقي ) ،،فالمطلق عنده الله،،فالشاعر بعد رحلته العوليسية ،،اتخذ مسرب التصوف،،الاستشراقي،،هي اخر القناعات التي ،،أعلن لها الولاء،،وهو نهجه في معظم قصائده الاخيرة،،فيصح ان نطلق عليه،،السهروردي. المحدث،،لان نهجه خاص به،،بسبب تعدد مشاربه،،الفكرية،،وسعة اطلاعه الثقافي،،وقدرته على التوازن ،،بين شد يساري،،وايمان متصوف،،ونسب ،،نبوي،،وتراث محلي وعالمي،،وكل هذا ،،ينثره في نصه،،وهذا التنوع رغم ثرائه،،الا انه يشكل كوابح،،لثورة تغلي في داخله،،ولأنه واسع الحيلة،،بسبب امتلاكه رصيدًا لغويًا ،،كبيرًا،،وخزين من المعطيات،،التي أسلفنا ،،اكتشف ،،او ربما أوهم نفسه،،،في قضية الخلاص،،القناعات المتولدة،هو نوع من اختلاق السكينة،،لكن الامر لايخلو،،،مجرد،،ان تقترب من الاطار الخارجي للنص،،،تلفحك النيران ،،التي تتفاقم داخله،،وخاتمة النص ،،هي العنوان،،،الحلاج،،المسيح،،الحسين،،نبي وثائر وآخر صاحب رؤية،،لكن كلهم ،،صلبوا،،على دعاويهم،،من يبقى ،،ليكمل الحلقة،،فقط السهروردي ،،المصلوب،،وهنا الشاعر يتحدث،،بلسانه،،لكنه ( الموسوي ) ،،أغلق أوراق ،،دعوته،،لانه لم ينل الشهادة،،،تخطته المعركة،،أقصي الى. الصف الأخير ،،او لنسميها القدمات الخلفية ،،وهنا توازعته الرغبات ،،بين مطلب قطبي. وهو الاستشهاد،،وآخر ،،البقاء متفرجًا مرغمًا ،،لم يعطى ،،خيار ،،فكانت رحلته ،،رحلة الآلام ،،الايغال في الحكمة ،،مع أن السؤال المطروح بتفرعاته،،هو نفس السؤال الأزلي ،،وكل بني آدم ،،يعرف ان لا اجابة له ،،،،وحتى الظلال الواهية ،،لن تكون شافية ،،لكن لابأس،،بهذه الحقيقية ،،المفترضة،،فالتصوف بشقيه السلبي تجاه الحياة كفعل،،او الإيجابي ،،بزرع العمار مع الله ،،مجرد ركون واستسلام ،،من تعب السؤال،،في هذه الزاوية يلتقي العبثي ،،والعدمي،،والصوفي،،في الشق السلبي مع الحياة،،في لحظات وعينا،،وتمثلنا ،،على مسرح الحياة ،،علينا ان نتخطى السؤال،،ان نملأ اللحظات المتسارعة في الفقدان،،أقول نملأ الحياة فعل وأجراء،،ونرجئ السؤال حتى نتناساه ،،،،
وهنا،،انا اعتبر هذا النص،،نوع من التأبين ،،على ،،اللحظات الذهبية ،،للوعي الانساني وتاريخه الحافل بالمسرات ،،والأحزان،،،هذا الوعي الذي يحتضر،،والمسألة في غاية البساطة،،،الوعي ،،هو محايث للحضارة،،وتقسيم العمل،،عندها،، كإجراء دفاعي انشطر الى منطقتين ( الشعور واللاشعور ) ،،وكل ما مرتبط بألم ومشاعر،،
ينتمي الى اللاشعور،،مخزن الرغبات المكبوحة،،والمعادل الموضوعي لما يحصل من استغلال ،،والظلم الواقع،،هذا التفاوت الشعوري،،هو ما خلق القيمة الاخلاقية،،المساحة التي خاطب الله فيها الانسان،، انه الضمير،،،
والضمير،،مع كونه قيمة اعتبارية،،الا إنه هو من يوجه ،،الانسان في سلوكه،،
لن تكون هناك حضارة ،،بدونه،،ونحن اليوم نشهد،،نزعه الأخير ،،،لست متشائمًا في تفكيري،،لكن هذا هُو الواقع،،،
لانه علينا ان نسأل ،،من اين يتشكل الضمير ؟ ،،انه الوعي بشقيه ،، عندما. يشكل معياريته،،من مجريات الحياة،،وماهي مجريات الحياة اليوم ؟ ،،
انها عبارة عن (0 -1 )
الصفر إغلاق والواحد فتح،،،
انه عالم الديجيتال ،،ولغته،،نعيش في الوهم والواقع الافتراضي،،معظم يومنا،،،والمتبقي في طريقه الى الزوال ،،سوف لن تتشكل رموز،،ولن تكون احلام،،وستنعدم منطقة اللاشعور ،،،ويتلاشى الضمير،،وتتلاشى الحضارة،،،التي نعرفها،،،من هنا أقول ان هذه النصوص،،هي الرسائل الاخيرة،،لمسيرة الآلاف من السنين،،التي ابتدأت ،،من المغامرة الاولى،،في الخروج من الكهف،،،الى هيمنة الديجيتال ،،شتان بين ( سبأ ) و( سدوم ) ،،،فالاولى تمثل طفولة الحضارة الواعدة ( بلدة طيبة ورب غفور ) ،،والثانية،،
شيخوخة مبكرة للحضارة. ( أن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب )
ولا اريد ان يفسر كلامي على انه وعظ ديني. الا انه مقاربة رمزية ،،لما سيحل ،،بالحضارة
اتذكر وانا في مقتبل العمر انهمكت بقراءة شوبنهاور،،وأحفاده. المتشائمين ،،نيتشة وأليوت ،،وبيكيت وجويس،،واخرين،،،وتعلقت بهم،،دون فهم،،مجرد شاب أهوج ودعي،،،
،،وحيث لا يتلائم عنفوان الشباب ،،مع النزعة التشائمية،،،فرميت. نفسي. في متون. التصوف ،،وحلاوة. شعرهم،،الا ان الحال. لم يكن افضل ،،،وبعد رحلة مضنية ،،وخسائر جسيمة ،، وهدر متواصل ،،وتوغل ،،في مشارب مختلفة ،،أقول. بعد كل هذا،،عدت. صاغرًا ،،لعشير. شوبنهاور،،وتعمقت وفهمت ،،معنى اننا ظواهر عارضة،،والحياة كأرادة ،،
،،والنص ،،أخيرًا انا تجنبت الدخول ،،في تكنيكه،،لان كاتبه ،،محترف،،واحد أساطين اللغة والشعر والنقد،،ولكني،،حمت ،،مقتربًا منه،،واستشعرت،،صرخة الانسان المجرد،،فيه،،ولعلي وفقت،،او جانبت،،،
أ.جمال قيسي / بغداد
،،،،،،،،،،،،
النص:
،،،،،،،،،،،،
ويتداعى الدرويش
على حجر الموت..
...............................
راهجٌ…
في مرايا الضياءِ
روحُ الخطابِ الدفينِ
إذْ كلّما جفَلتْ
لغةُ البحرِ
القى
على النخلةِ السومريةِِ
أمراسَ مركبهِ
وغنى………
قال في موسمِ
الغروبِ الاخيرِِ:
-يانجمةَ الله في مهجِ الغرباءِ
يا طائرَ الأملِ المستحمِّ بالنارِ
"أشكو اليكِ
بثّي
وحزني"
وبعضَ شجونِ الطماحِ
ٱلتي أبرقتْ
في الغمامِ الثِّقالِ..
إنّي أُسامِرُ
شباك حلمٍ قديمٍ
وأفترعُ الصمتَ
والخوفَ
كلَّ مساءٍ
أُ شقِّقُ وجهَ الفضاءِ
وأجأرُ
-ليس مِنْ وضَحٍَ
غيرُ دوحِ الحمائمِ
في عتمةِ الليالي
كُلّما وقَرَ الجمرُ قافيتي
اورقَ الشجرُ
النازحُ من لُغتي !!
أومضَ البرقُ
وانار الهوى مهجتي
كنتِ
في ثَبَجِ القلبِ
سِدْرةُ المُنتهى !
كنتِ
في الانعتاقِ الجريحِ
كتابُ التجلّي
ليتني ما سمعتُكِ
حينَ أنطقكِ الحبُّ:
-إنَّ للتوقِ وسواسَهُ!
ها انا ملتحفٌ باللهيبِ
الذي في مداكِ
مستوحشاً
" صخرةُ الموتِ"
تقطعُ مسراكِ
صوتُكِ يبلغني
-إنّ للظلموتِ حرّاسَهُ
قلتُ في أرَقي
في السدوفِ التي
في جوار الحتوفِ
- تلك ليالٍ طوالٌ
وذلك حزنٌ طويلٌ
كان يُباركهُ "إنْليلُ"
وكانَ على صدرهِ العليلِ
حجرٌ ثقيلٌ !!
يطلعُ من أرشيفِ الذكرى
اشداقٌ من رئة الليلِ
"دي سادُ !!
واللحمُ الطازجُ
" مانو" !!
والجسدُ الناضحُ
أيةُ "أرضٍ خرابِ"*
وأيَّ موسمٍ للرِّهابِ
وكانَ ابو فراسٍ ثانيةً
يرسفُ
إنَّ ابا فراسٍ ينزفُ?!
تلكَ التوابيتُ تجتاله
بينَ غريب المكانِ
وعجيبِ الزمانِ
و"خولةُ" تهمسُ حاسرةً
من وراء جدارِ الغيابِ:
- غيِّرْ ثيابكَ وارتدِ الزمكانَ
كلٌّ يُغيِّرُ الوانَهُ
فرحاً بالهوانِ
غيّرْ مدادكَ
واتَّبعِ الهذيانَ
قلتُ:
انها لعبةٌ لايُجيدها الدراويشُ
وقلتُِ في لوعةٍ
مرّةِ الحسراتِ
-(يا نائحَ الطلْحِ اشباهٌ عَوادينا)
لمْ يَجْمَحِ ٱلموتُ إلّا مِنْ تَواطينا
.
لو كانَ أبْرقَ فينا ما يُداوينا
لما شرِبْنا دواءً لا يُداوينا
.
اشهى من العلقمِ المنقوعِ سيدتي
أنْ يغرسَ الحُرُّ في جنبيهِ سِكّينا
.
ياأيها الحلاجُ
يا منهرقَ الاوداجْ
يا ايها المستوحشُ المُهتاجْ
"ستركبُ الرياحَ والامواجْ
حتى اراكَ"
راعفاً
مجنّحاً
بدهشةِ الطاغوتْ
تمرقُ كالشهابِ
من عيونِ الحوتْ
تركلُ بالعزمِ صخورَ الموتْ…
لكنما الحلاجُ،
ما يزالُ
فوقَ سورةِ الامواجْ!
يحدو به الجنيد
من بغدادْ:
( ستركب الريح واليمَّ
حتى اراكَ على خشبه)!!
ستنطقُ الشموعُ
حولَ رأسِكَ
ٱلْ يرفضُ أن يموتْ
يرفضُ أنْ
يدخلَ بطنَ الحوتْ
يرفضُ انْ
يسمحَ للزمانِ
أنْ يفوتْ!!
الجسرُ كلُّ الجسرِ
تلكَ الخَشَبَه
ستدرجُ القلوبُ
فوقَ الماءِ
كالنوارسِ البيضاءِ
كاليمامْ
والسيفُ الهمجيُّ
مُنْفَصِمُ الرَّقَبَه..
وابو فراسٍ
دونَ جَناحٍ
يرتادُ الحَلَبَه
ألرومانيُّ مذعورا
يحلبُ اوداجَ الريحْ
ألتتريُّ المُرَكّبُ
يَهوي ذليلاً
على قدمِ
الحسينِ
والمسيحْ..
ابو فراسٍ
يخرجُ من ديماسِ الموتْ
ها هو ذا ،
يمرقُ فوقَ
عيونِ الطاغوتْ
ويتداعى
حجرُ الموتْ..
يبزغُ نجمُكَ
في البابِ الاولْ،
أنْطوِي رويداً عليكْ،
سوفَ اكونُ
أبهى وأحلى
منطوياً على العالمِ،
مثلَ شُجَيرةِ دِفْلى..
انفضُ الرمادَ القديمْ
واطيرُ بجناحينِ
مثل الحلاج
المسيحِ
الحسينِ
اطير ،
اطير ،
اطير…..
غازي الموسوي

قراءة في كتاب مقترح د. جنان محمد



يحدثنا (أدونيس) عن الشعر قائلا :
(( .. والشعر تأسيس، باللغة والرؤيا: تأسيس عالم واتجاه لاعهد لنا بهما، من قبل. لهذا كان الشعر تخطياً يدفع إلى التخطي. وهو إذن ، طاقة لاتغيّر الحياة وحسب، وانما تزيد، إلى ذلك، في نموّها وغناها وفي دفعها إلى الأمام وإلى فوق))
_______________________________
و في هذا العمل يأخذنا الأديب الرائي "غازي الموسوي" والذي لقب ب"العراف" (إشارة الى تملك المعرفة ) في رحلة ممتعة ، لنقرأ قصيدة إشكالية و أدباً إنسانياً رقيقاً يتسلل إلى أعماق نفوسنا؛ ليزيد من شغفنا بمتعة التذوق والمعرفة وهو يقول :
" غداً سأطلق 
أزمة الكلمِ الجيادِ
هكذا… 
وبعد غد
سأُرخي
أعنةَ الهيام الأخضرِ "
فللموسوي إنتاج أدبي وفير، متعدد الأنواع والأغراض، ذو ظلال بعيدة المدى في دنيا الأدب، غني بالمواضيع الكثيرة التي يموج بها العصر .. و يعد لغناه الفكري وعطائه الأدبي، أحد أبرز أدباء العرب المعاصرين في الكتابة نقدا وشعرا و نثرا ، وقد قدم للأدب العربي أعمالاً أدبية قيّمة، في المجالات الشعرية و النقدية"..
يمتاز الموسوي بشكل عام بأجوائه المتفردة التي تنتزعك من نفسك لتأخذك معه في أسفاره الجميلة والعميقة في آن .. وليس سهلاً أن نتقن مزج كل ذلك في النص الواحد ..
ويمتاز نصه هذا بشكل خاص بالنزعة الرومانتيكية، وصفاً ومضموناً ومزاجاً، فقد مجد مفهوما ساميا للحب ، وتغنى به، وناجى الجمال، وهام به :
"ومن فلكِ النورِ
ومحفلِ الحبورِ
ساغني بحريةٍ 
لم يعهدها رهقُ الخليقةِ
حريةٍ كاملةِ البهجةِ
حدّ االنشوةِ
حد الغشوةِ
وحدّ الانعتاقِ البهي… "
...............................
كان للحوار المعتمل بشاعرية بالغة دفة يدفعها شاعرنا ببراعة تارة اتجاه نفسه وتارة صوب المحبوبة التي شغف بها _حتى أنه صنف عشقه الأزلي نوويا _ حلق بنا من الواقع إلى عالم من الفلسفة والخيال بعيدا عن الأعراف المقيتة وضاربا إلى جذور الحب والخير المتأصلة في الإنسان والقوى الخفية التي تديرها ..حقيقة نحدسها ..نعرفها ..و لا نستطيع التعبير عنها، إلا أنه بلغته التي تمتلك نواحي السهل الممتنع، يمتع العقل والروح بتلك المعاني، وبتلك العبارات التي تختزن فلسفة عميقة يعبّر عنها بما قلّ ودلّ من الكلمات :
"إنّ السلوك اليكِ
مرهونٌ
بنوع جديدٍ من الحبِّ
محفوزٌ بسياقٍ جديدٍ
من التمرّدِ المخمورِ
السكر الحلال الذي
لا يخضعُ لأعرافِ القبيلةِ
او جليدِ الكهنوتِ..
........................
" مرة 
سألتُ نفسي 
-كيف سيكون 
هذا العشق النووي
بعد الف ونيّفٍ؟!
وكان عليَّ 
أنْ أُحسِنَ الإصغاءَ
إلى صوتِكِ العميقِ "
...........................
الحب عند الموسوي قدسية مطلقة.. وحي وإلهام وقوى خارجية تساعد على الخلق والإبداع ..
يروّض مع ذاته ألحان الشجن حيناً... ويتغنى بالحبيبة الأعجوبة _سيدة البحار السبعة والآفاق السبعة _ حيناً آخر...
"يا سيدةَ البحارِ السبعةِ
والآفاقِ السبعةِ
تعلمين جيداً
انّ الحبَّ روحُ الجمالِ
ولاجمالَ بلا حبّ " 
................................
ينشط خياله ويتزود من مخزون الأساطير فيتلقفه ذهنه ليحكم الرباط على خيالات وصور تكون بالانتظار أبداً وتستعيد حروفه دور الأوتار فتلهم الأنامل بسر اللحن القديم ..
تتلاحم المفردات... تتظافر مع الخيال الشاعري ، 
لتصير باللحن، مع العبارات المرهفة نسيجاً واحداً يتزود النسيج الشعري من دبيب الأنامل .. و من انطلاقة اللحن، 
ليكوّنا معاً، نشيداً شجياً لذيذاً :
" لستُ معنياً بالهزيعِ الباردِ 
من حولي 
أفترعُ كلَّ ما يُحيطُني 
من ركامِ الصدأِ الطامي
أشهقُ برأسي 
محلّقاً بأحلامي
إلى حيثُ السدرةِ العتيقةِ"
....................................
نغمات الموسوي الآتية من وراء الزمان تتقاطر سطوراً... تطرب النفس وتثري الذهن ... وتُجَيّش في الوجدان المعاني الإنسانية... تحلّق بالقارئ بعيداً تعبر به الأماكن و الأزمنة لتستقرّ به في أرض رياحها ألحان تعزفها نفسه... تعزفها روحه لَحْنَيْن؛ لحنُ الصوتُ، ولحنُ النسيج يأخذانه بعيداً... فينبثق من المقلة أحدهما، ويولد في القلب آخر :
" يا أيتها الجميلةُ المفردةُ
والمفردةُ الجميلةُ!!
لا نهايةَ لهذا الرعافِ المجيدِ
ولو اطلقتُ عنانَ الرياحِ 
لما توقف الغمامُ الثّقالُ
عن المطرِ
ولما توقّفتْ اعشابُ الصفحاتِ
عن الاخضرار...."
...........................................
خيال رائع ..تصوير فني متقن .. أبجدية متناهية الدقة تشعرك أنك رفيق حاضر في هذه الرحلة..
عندما قلت أن النص يدخل المتلقي في أجواء "العراف" كنت أعني ما أقول ..كمتلقية.. واحتجت زمنا للعودة من أجوائه لأستطيع الكتابة عنها ..
مايميزه هي قدرته العجيبة على خلق نص فلسفي متقن وتفاصيل رمزية كثيفة وطويلة دون أن تشعرنا بالملل لأن النص مكتنز بالشاعرية في نفس الوقت ..عالمه غريب وممتد، كأني أقرأ في قلب الأفق المفتوح .. 
و هذه القدرة الفائقة للموسوي تجعله مميزاً جداً في تحربته عن أدباء عصره..
كل شيء يتداعى وينهض من جديد بطريقة مبتكرة ..
تنقلنا بسحر إلى ما يريد ..
يحضرني قول (أدونيس) : "لابد لهذا العالم، إذن، من الرفض الذي يهزه، لابد له من قصيدة النثر كتمرد أعلى في نطاق الشكل الشعري"
أخيراً أقول : إن هذا العمل موضوع البحث ، فضلاً عن أهميته في إثراء الحركة الأدبية 
فهو يقوّمها نفسها، حين ينصف أساساً من أسس بنيانها المتكامل المتمثل في قصيدة النثر ..
يقول (أنسي الحاج) : 
_______________________________
"إن أهميتها-قصيدة النثر- لا بالقياس الى الانظمة المحافظة في الشعر وحسب، بل بالقياس إلى أخواتها من الانتفاضات الشعرية كالوزن الحر. إنها أرحب ما توصل اليه توق الشاعر الحديث على صعيد التكنيك وعلى صعيد الفحوى في آن واحد )) ..
……… 
نص الشاعر:
……………….
في محفل الحبور
….………………….. 
غداً ساطلق 
ازمة الكلمِ الجيادِ
هكذا… 
وبعد غد
سأُرخي
اعنّةَ الهيام الاخضرِ
اعلمُ
إنّ السلوك اليكِ
مرهونٌ
بنوع جديدٍ من الحبِّ
محفوزٌ بسياقٍ جديدٍ
من التمرّدِ المخمورِ
السكر الحلال الذي
لا يخضعُ لأعرافِ القبيلةِ
او جليدِ الكهنوتِ
هذا طيفُكِ 
يسكنُ اضلاعَ التكوينِ
روحاً طالما أدهشني
فكانَ وجهَ المرآة الوحيدِ
مع تنوع المرايا
لن ارمي حجراً
ولن اكسرَ وجهاً
فلستُ جميلاً وحدي ابداً
وما انا 
سوى باحثٍ عن قريني
غير عابئٍ بسنيني
او ظنوني
اعرف أنكِ 
في سرادق الحقيقةِ
صنوي… 
وكلُّ الاماني الكبار
إذْ لا يقدر على طاقتي
ولا يُطيقُ موجتي
سواكِ
مرةً
سالتُ نفسي 
-كيف سيكون 
هذا العشق النووي
بعد الف ونيّفٍ؟!
وكان عليَّ 
أنْ أُحسِنَ الإصغاءَ
إلى صوتِكِ العميقِ
-ايها المشبوبُ الازليُّ
سيزيد نبضُكَ فرفرةً لاهبةً
وسيكبرُ حبُّكَ 
على قدرِ مساحةِ هذا العالم !!
وهاهي نبوءتُكِ
تنمو وئيداً 
كيف كان ادمُ يتحقّقُ رويداً
انا هو الان..
فردوسيٌّ 
بكامل قلقهِ المتنبّي
لستُ معنياً بالهزيعِ الباردِ 
من حولي 
أفترعُ كلَّ ما يُحيطُني 
من ركامِ الصدأِ الطامي
اشهقُ برأسي 
محلّقاً بأحلامي
الى حيثُ السدرةِ العتيقةِ
ومن فلكِ النورِ
ومحفلِ الحبورِ
ساغني بحريةٍ 
لم يعهدها رهقُ الخليقةِ
حريةٍ كاملةِ البهجةِ
حدّ االنشوةِ
حد الغشوةِ
وحدّ الانعتاقِ البهي…
وهل من طائر 
سيطيرُ معي 
غيركِ ياحبيبة الرؤى
ويا جذوة الشغفِ المُعتّقِ
في دِنانِ الدخيلةِ؟!
لا تُجيبي
انا من سيجيبُ
-كلا والف كلا!!
فلا تُقصقصي
قوادمَ الصقرِ النبيلِ
لا تنتشي
خوافيَهُ السادرةَ هياماً
لا يحقُّ لكِ ذلكَ
واعلمي
انّ الغيابَ 
يسبّبُ الإرتيابَ
والارتيابُ يسبّبُ الخيبةَ
والخيبةُ تسبّبُ الفشلَ ..
يا سيدةَ البحارِ السبعةِ
والآفاقِ السبعةِ
تعلمين جيداً
انّ الحبَّ روحُ الجمالِ
ولاجمالَ بلا حبّ
ألا ..
يا ايتها الجميلةُ المفردةُ
والمفردةُ الجميلةُ!!
لا نهايةَ لهذا الرعافِ المجيدِ
ولو اطلقتُ عنانَ الرياحِ
لما توقف الغمامُ الثّقالُ
عن المطرِ
ولما توقّفتْ اعشابُ الصفحاتِ
عن الاخضرار....

قراءة في كتاب مقترح.. الأديب: إحسان الموسوي البصري

تشرفت بكتابة دراسة نقدية موجزة للقصيدة الخالدة"مونولوج" لأستاذنا الأديب غازي أحمد الموسوي
…………………
في خضم تكاثر القصائد الخرساء التي تعاني من الاحتباس اللغوي والتي لاتستجيب لكل المعطيات الفنية والأدبية الضرورية ، أجدني أمام نادرة من النوادر الدافقة بالسمو الروحي النابض بالشعور بالحياة ، وخريدة نفيسة من خرائد الزمن الشعري الحالي. .
فهي تمثلُ نتاجاً شعرياً مركزاً ووجوداً ابداعياً غير محدود بالزمن من خلال سمة الخلود التي ستكتسبها لما تضمنته من نضج في فكري وفني ولغوي.
فالباحث في هذه القصيدة التي لها دين كبير في عنقي يتعلق ببدايات مسيرتي الشعرية شخصياً، كأنه يلج ملحمة استشهادية كبرى من خلال ذكر المسيرة الجهادية التي انفرد بها سبط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ويظهر الجانب التسجيلي لأحداث هذه الملحمة أهم الصفات المثالية لهذا الرجل العظيم ، مع الإحاطة بأهم الأحداث الدلالية التي أظهرت لنا تكامل مهيب لصورة شعرية تستحق الوقوف أمامها والتأمل فيها مليا .
ولغرض تعميق هذه الصورة التي تحدثت عنها فقد استفاد الشاعر من طاقات اللغة الصوتية أيضا ، مستثمرا مزايا حرف الهاء ـ وهو حرف حلقي مهموز رخو صعب المخرج ـ في نهايات ابيات النص إذ إن تكراره بكثافة يعزز الصورة بيانية التي تصوّر الحزن وكأنهُ استنكار الصحو من هول فاجعة الحسين (عليه السلام).
…………..
النص
…………..
مونولوج:
"""""""""""""
أحَسِبْتَ
أنّكَ مُدْرِكٌ غاياتِهِ
لا.. والذي سوَّاهْ من آياتِهِ
...
. أعْرِجْ.. إنِ
ٱسْطَعْتَ العُروجَ فلنْ ترى
إلّا النجوم تشع من ومضاتِهِ .

أنّى لِمِثْلِكَ
أنْ يُقارِبَ مثلَهُ
والشعرُ مطلولٌ على راحاتِهِ
...
.ولكَمْ هفا
ذو هِمّةٍ ودِرايةٍ
فهوى حسيرَ القلبِ عن مرقاتِهِ
...
. هو صحصحانُ
الوعيِ مابينَ الورى
بدمائهِ جدَّ الجديدُ وذاتِهِ .
...
مَنْ قَبَّلَ
العرشَ المكينَ بإسمِهِ
جَنْبَ النبيِّ وآلهِ وسُراتِهِ .

هو ضيغمٌ
والصِّيدُ فضلُ صفاتِهِ
ومُعَفَّرٌ والشمسُ بعضُ رُواتِهِ
...
. ماحامَتِ
الأفلاكُ حولَ ضريحِهِ
إلّا لِتبرقَ من خلالِ جهاتِهِ .

هذا الحسينُ
ولستُ أوّلَ شاخِصٍ
عيناهُ عالقتانِ في مأساتِهِ .
...
هذا المسيحُ
وكلُّ فادٍ راعِفٍ
في كلِّ عصْرٍ جدَّ مِنْ راياتِهِ .
...
وكأنَّ قافلةَ
الدهورِ مواكبٌ...
تمشي على طولِ المدى برفاتِهِ .
...
جفلَ الظلامُ
ومايزالُ الظالمو- نَ بخيفةِ المُرتاعِ مِنْ وثباتِهِ .

ما أعظمَ
الفادي وأعظمَ موتِهِ
بطلٌ حَمَى سِفْرَ الهدى بحياتِهِ.

. فإذا الذينَ
استفردوه جميعُهم...
نكِراتُ قبْرٍ وهْوَ في جنّاتِهِ
…………………………………..
في هذا النص معانٍ ودلالات كثيرة منها ذاتية تتصل بحوار الذات في اطار فني روائي متفرد ، ومنها انسانية ، ومنها اجتماعية تتصل بقيم البطولة العربية الاسلامية .
حيث ابتدأ شاعرنا أبياته ببداية رائدة تلهب احساس المتلقي بحوارية تنقل الاحساس من صورة الدمع الممزوج بالدم الى
اجواء التفكر والتأمل:
أحَسِبتَ
أنّكَ مُدركٌ غاياتهَ
لا والذي سوَّاهُ منْ آياتِهِ
ففي هذا البيت تجلت صورة جلالة هذا الرجل العظيم بعد تجريدها من معناها الحسي وجعلها ذات معنىً روحيٍّ ، بحيث أحاطت المتلقي بجو من الخشوع المشحون بعاطفة من التقديس والشعور بالمهابة من خلال خياله الخلاق القادر على خلق تلك المعاني العميقة التي تستفز العقل والاحساس معاً من اجل عدم الاكتفاء بالطقس المعتاد والعبور الى مناخ فكري تأملي عميق.
وهكذا نراه يحوم حول تلك المعاني المؤثرة لذات الغرض فوصف نور ذلك الرمز الديني العظيم في اطار صورة نستشف من خلالها غزارة علمه وتقواه.
أعرِجْ إنِ
اسطَعتَ العروجَ فلنْ تَرى
الاّ النجومُ تشعُ منْ وَمَضاتِهِ
وفي صورة خالية من الإفتعال ظهر هنا الفن الشعري متجلياً مكتنزاً بجموح العاطفة.
فالموسوي هنا لم يتريث في صياغة هذا البيت الذي بدأ بفعل الأمر " أعرِجْ" ، بل استرسل في التحدي والتوغل والإجادة في وصف كنه وحقيقة هذا الرمز الذي وضع الفداء فاصلا بين بين الحياة والموت من اجل حياة خالدة في توطئة لبيان بعض خصاله السامية.
ويتعمق الشاعر في تصوير هذا الخطاب من خلال علاقة معاكسة بين الحسي والروحي بمعانٍ جديدة تنم عن ملكة تعبيرية واسعة لديه .
وبهذا يتجه لحيز آخر لاقتناص المعاني الأكثر عمقا وتأثيراً في المتلقي والتي تنسجم مع خلود تلك الشخصية في تحدٍّ أكبر في الخطاب .
أنّى لمثلِكَ
أنْ يقُاربَ مثلهُ
والشعرُ مطلولٌ على راحاتهِ
وفي الحقيقة انني عندما قرأت هذا البيت بالذات تذكرت قول "الجاحظ" (انما الشعر صناعة وضرب
من التصوير).بحيث تمكن الموسوي من تجسيم الشعر او شخصنته حتى رايناه مطلولاً كالمطر على راحات البطل ..
بينما يوضح الشاعر الصورة اكثر وكأنه يتحدث عنها بما يقترب من المفهوم الحديث للشعرية المعاصرة ، حد ان يولف بين الحياة والموت معا ،وهذا هو شأن الخيال الذي يولد الصور الحية النامية .
ولما وصلت الى هذا البيت احسست أن الموسوي أراد أن يتركنا نحوم في فسحة من التأمل لغرض ادراك مايميل اليه من الإيحاء ليبدو حاملا الفكرة بيد والهدف بيد أخرى .
ولكَمْ هفا
ذو همةٍ ودرايةٍ
فهوى حسيرَ القلبِ عنْ مرقاتهِ
ويستدرجنا شيئا فشيئا لمرحلة التصريح القادمة بكامل جزئيات الصورة البلاغية حينما يأخذ بأيدينا الى قراءة ماوراء السياق التعبيري:
هو صحصحان
الوعيِ مابينَ الورى
بدمائِهِ جدَ الجديدُ وذاتهِ
حيث أيقنت عند ذلك بوجود قوة فكرية بلاغية فنية استطاعت أن توحد الفكر والشعور .
فأنا الآن أقف أمام زخم كبير متواصل من الموروث الأدبي الذي تلقاه عبر مسيرته الطويلة الحافلة بالإبداع المتجدد لنستلهم جمال هذه الصور الموروثة المتعددة الألوان عن طريق التضمين أو عن طريق التوظيف والاستلهام من صور الموروث الأدبي بمعطيات فنية ايجابية غير داخلة في باب التكرار والتقليد ، وانما أراد صوغ تلك المعطيات بصياغات متجددة حيث أكد ذلك في قوله..
مَنْ قَبَّلَ
العرشَ المكينَ بإسمهِ
جَنبَ النبيِّ وآلهِ وسُراتهِ
فقد كان محورالصورة هو مزج فني بين اللغة الدلالية واللغة الإيحائية، ليرسم لنا شيئا جديد ، فقد كان محورالصورة هو مزج فني بين اللغة الدلالية واللغة الإيحائية، ليرسم لنا شيئا جديدا غير مألوف لدى العربي والأعجمي .
والفضل في اخراج هذه الصورة الشعرية الباهرة يعود الى عمق تأثر سيدنا الموسوي بالفكرة فصهر المعاني وأخرجها لتبدو أثرا فنياً ورؤيوياً وليس خطاباً دينياً محضاً .
ثم يعود بنا الى سوح الوغى وذرى المجد والبطولة حيث يقول:
هو ضيغمٌ
والصِّيدُ فضلُ صفاتهِ
ومعفَّرٌ والشمسُ بعضُ رواتهِ
حيث صفات الرمز الخالدة في الأذهان فضلا عن معانيها السامية التي تتصل بقوة احساس الشاعر الكبير، لذا جاءت حرارة العاطفة فيها متدفقة والتعبير عنها متميزا عن سابقتها .
ومن المميزات البارزة في اسلوب كتابة هذا النص هي الدقة والوضوح إذ أن الإسلوب الاجدى في الشعر هو ان يكون وسيلة وليس غاية في ذاته ،خاصة في التعبير عن الموضاعات التي تصب في خانة الالتزام.
لذلك كان لكل كلمة في هذا النص دورها المحدد لها مهما كان موقعها من الناحية البلاغية والجمالية.
ومع ذلك جاءت رشاقة الإسلوب كصفة بارزة مميزة ..
ماحامتِ
الأفلاكُ حولَ ضريحهُ
إلا لتبرقَ من خلالِ جهاتهِ
هنا تنحى شاعرنا جانبا ،وترك هذا البيت يعبر عن نفسه بتحديد وايضاح سمات هذه الشخصية الفذة،ولاننسى كيفية ربطه بالأحداث لتقديم الحبكة بثقل فاعل ، واقتدار في التصاعد، وصولا الى الذروة.
هذا الحسينُ
ولستُ أولَ شاخصٍ
عيناهُ عالقتانِ في مأساتهِ
لقد ارتقى شاعرنا هنا بهذه الصورة للتعبير عن أبعاد انسانية إشمل بكثير اذ ربط بين الرمز والماساة العظيمة الممزوجة بالدم ، فالسياق الذي ورد آنفا يجعل دلالة المأساة الدموية الفاجعة اوسع مداراً ،وأراد كذلك إيضاح البعد الروحي في مصرع الإمام الحسين( عليه السلام) ، إذ أوضح بطريقة غير مباشرة إن مقتل الحسين (عليه السلام) ، يعدل قتل الكتاب والسنة النبوية الشريفة.
وعلى هذا تتضح دلالة المأساة مشيرة الى واقعة الطف الأليمة،ومارافقها من صحوات للضمائر النائمة وتنامي الشعور برفض الإستكانة والذل والهوان مشبها بذلك تلك الرسالة الإنسانية الواضحة المعالم برسالة المسيح(عليه السلام) في اسلوب شعري متفرد من خلال هذا التقابل الرائع..
هذا المسيحُ
وكلُّ فادٍ راعِفٍ
في كلِّ عصرِ جدَّ منْ راياتهِ
وعلى الإجمال إن ماسبق وماسيأتي من موضوع هذه القصيدة وقيمتها الجمالية كلٌ لايتجزأ لأنها ستثير شغف القارىء واهتمامه شاء أم أبى كما حصل معي الآن وأنا أعيد قراءة هذا البيت ـ الذي سأضعه أمامكم الآن ـ لمرات ومرات لأشبع شغفي المتواصل .
وكأن قافلةَ
الدهورِ مواكبٌ
تمشي على طولِ المدى برفاتهِ
ولأجل براءة ذمة مايجول بخاطري أقول:
ياله من بيت كبير يعدل الف بيت ، وكأنه جمع مابين المشرق والمغرب من رؤى وكتابات حول هذه الملحمة العظيمة.
فقد حلق كاتبها عبررؤيته الذاتية حول كل الأجناس الأدبية المتاحة في مخيلته بحيث أتم مايريد بإسلوبه الخاص والمتميز المستند الى الخيال الواسع واللغة المموسقة والصور الموحية واستخدام عناصر التشويق بانتقاء المفردات الجاذبة .
وبعد وقوفي الطويل امام هذا البيت الكبير رايت حرص الشاعر ودأبه على ربط الحقائق بالوجدان الانساني على نحو مباشر او رمزي لكي يهز الوجدان.
فانا اعلم شخصياً باعه الطويل في اقتناص الصور البيانية الحافلة بالمجاز والايحاء ولم يبق أمام المتلقي إلا الدهشة والإنبهار.
جفلَ الظلامُ
ومايزالُ الظالمو
نَ بخيفةِ المرتاعِ منْ وثباتهِ
وهنا يمكن أن نستنتج بأن كثافة العنصر الموسيقي ، ولاسيما القافية يؤدي الى انبعاث الصورة في مخيلة السامع لتنقله مباشرة الى ميدان الروح لتتجلى صورة الممدوح وصفاته أكثر فهو المجاهد الذي سعى لبذل النفس في سبيل احياء المبادى الإسلامية والقيم العليا ولم يثن عزمه قلة الاعوان او كثرتهم.
ماأعظمَ
الفادي وأعظمَ موتهِ
بطلٌ حَمى سِفرَ الهدى بحياتهِ
نعم إنهُ بطلٌ ليس كأي بطل وموت ليس كأي موت ،ويحضرني في هذ الوقت قول "النفري"(كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة) هكذا اتسعت رؤية الشاعر لتشبيه هذا الموت بالنصر المبين ، وتجسيده في هذه الوثيقة التاريخية التي كتبت على شكل قصيدة سيخلدها التاريخ حتما .
وانتقل بنا الاستاذ الشاعر الى خاتمة قصيدته والتي عطرها بمسك ختام يليق بها ..
فإذا الذينَ
استفردوه جميعهم
نكِراتُ قبْرٍ وهوَ في جناتهِ
استخدم استاذنا التشبيه الحسي لوصف القتلة المجرمين بالنكرات ، وخلود الرمز العرفاني في جنات النعيم ، متنقلا بين الأصالة والحداثة بقصيدة كتبت بمنتهى الدقة والرصانة الأدبية.
وبهذا يكون هذا الرثاء وثيقة ابداعية وفكرية واجتماعية ، فوق ماهو نفثة روحية بدأت ببداية جاذبة ومشوقة ، وخاتمة أعطت للقارىء شعورا بالإقتناع والرضا .
كان لي كبير الشرف أن أقف أمام هذه القصيدة الخالدة بشخوصها ورمزياتها ومضمونها، وأن أكتب في حاشيتها ماتراءى لي من بين السطور، انها مجموعة عوالم أبهرت ناظري ، وأخذت بيدى الى صحوة حقيقية ، ودلالات انسانية ، والى معرفة شاعر ينطلق من دواخله بوعي عميق وصدق نبيل..

قراءة في كتاب مقترح الاديب محمد الدمشقي نزوح الى رواق الزمن الفائض

قالوا
بدمٍ باردٍ
عند بابِ القلعةِ الغامضةِ:
-مالكم تكتبون على حجرِ النردِ
اغنيةً مسحورةً
وتنامون سكارى
على بواباتِ قارئةِ الفنجانِ
ارواحاً مهومةً
وأجساداً مخمورةً؟!
مالكم ..
والرياحُ الثقالُ مُحمّلةٌ
بالأسئلة القادمة الكبرى?!
وكنت اسائل نفسي
عميقاً
-اليس غريبا
تشابه الاشجار
واختلاف الازهار و الثمارِ !!
الم نولد
بنفس الطريقة العجيبة..?!
وبالكادِ
اتعقّلُ اختلافنا عبر البحارِ
فكيفَ اهضم النشازَ
ونحن على ضفةٍ واحدة
وبنفس الطريقة المسخ
شممت ريح اخي
الذي لم يحققِ الاماني...
وهكذا
ذاكرتني قوابل الزمن الفائض
عن حاجة الخليقة..
ربما يفتقد الحجر
الذي كتبنا عليه العهدَ
مبدأَ الضرورة
أو ربما ينعدم
في مآلاتنا الكسولة
مبدأ الصيرورة !!
اذن..
سابكي سلاماً
على يسوع الذي يختلف
وحبيب القلوب
الذي يعشقُ المؤتلف
المسيح الحبيب
الذي لايختلف
ابكي عليهما
معاً..
علّنا نعود اليهما ثانية
ولو بعد حين..
اعلم ان الأفقَ مثخنٌ بالدخان
خانقٌ هذا الدخانُ
يالها من قضية شائكة
ايها الناس..
هل سيظل سيزيف الذي تعرفون
في نزوحه الطويل
مازلت اتفرس في تقدمه
اليائس
وتراجعه البائس
ممعناً بالفجيعة
ياله من مشهد جارح
الى حدود الدهشة
والذهول !!
البعض يقول
إنّ سيزيفَ مسرحيٌّ
ضالع بالمؤامرة
حتى غودو
الراتع في الغيابِ
منجرحٌ من غرابة الخطاب
حتى هذا الشرق
الهابط في سورةِ العُبابِ
و"كلٌّ بلا فلكٍ
يسبحون".!!
النواعير تنوحُ بلا قرى
والمدائنُ مفصومة العُرى
وظل سيزيفَ
يأكلُ منسأته بنفسه
ويتداعى رويداً
حتى أنه
يا لقبحه مثل
نيزك وشيك السقوط!!
وآه آهٍ
من حلمي الذي لا يستكينُ
تتناقلهُ الأيامُ والسنينُ
" لاياس مع الحياة
ولا حياة مع اليأس"*
كم انا مسحورٌ
بجماله وهو
نازل على ساحل الكلام
مثل نورس حميم!!
غازي ابو طبيخ الموسوي
مقدمة :
كثيراً ما سالت نفسي ..
ترى الى متى نبقى ننتظر المعجزات و الكرامات و النهايات السعيدة التي تهبط فجأة من سماء ما أو من أرض ما ونحن في آخر العصور ؟! ...
ومتى سندرك أن الله سبحانه قد دلنا على الطريق ،ونحن الآن من يمتلك كل مفاتيح النجاة ؟
عندما حملت قصيدة النثر راية الوجع الإنساني و أرادت أن تنير واقعا مظلما فقد بات لزاما عليها أن تعيد تكوين الفكر الإنساني و تحرره مما علق في ماضيه من الشوائب والافكار المتحجرة ،بما يمنحها حضورا فاعلا و دورا رياديا في بناء الحضارة الإنسانية و إرشاد البشر نحو فضاءات أرحب تمرداً مشروعاً على مسلمات و ثوابت باتت متخلفة وقد سيطرت على أجيال و عقود ،خاصة اذا تزاوج هذا الفكر المنير برمزية عميقة و أدوات شاعرية فذة ..
و من هنا يظهر اختلاف قصيدة النثر و تظهر هويتها كأداة تغيير إيجابي على مستوى الهدف و الغاية و كذلك الأسلوب و اللون الخاص و الشخصية المميزة القوية ..
و في قصيدة ( نزوح إلى رواق الزمن الفائض ) للأديب الكبير الشاعر و الناقد الموسوعي الأستاذ غازي أبو طبيخ الموسوي سنجد حالة سامية من قصيدة النثر الفكرية العميقة التي تنير عقولا أظلمت و تحارب أصناما فكرية متحجرة و تسخر من نمط فكري انهزامي يؤول الى العبث المصيري..
والحقيقة نحن الان مع نص فكري عميق مفتوح التأويل و هذا يمنحنا مساحة واسعة من البحث و التأمل.
من العنوان نبدأ .. نزوح إلى رواق الزمن الفائض ...
النزوح هو انزياح من مكان الى مكان آخر لأسباب قهرية ... لكنه غالبا ما يكون عبثيا لأنه اضطراري و ليس مخططا له كالهجرة مثلا و لهذا هو في القصيدة ليس الا نوعا من الهروب بلا اتجاه و لهذا كان الى زمن فائض أي هدرا و الى الهباء لأن الزمن شيء متحرك دائما و متجدد و الزمن الفائض هو حالة من الفراغ والغربة و الضياع فالأصل أن يستثمر الإنسان كل لحظة من هذا الزمن الضائع في بناء شيء ما و أجل غاية ما ، و الزمن شيء أزلي أبدي بمعنى أنه يشكل الاطار و المجال و الحيز الذي يشكل تاريخ الأمم و ما دمنا نتجه الى الفائض منه فهذه إشارة إلى أننا أصبحنا خارج هذه النغمة الانسانية و كأننا نبتعد نحو رواق مهجور مظلم بفكرنا السقيم العبثي الذي ستوضحه القصيدة:
فالوا بدم بارد
عند باب القلعة الغامضة:
-مالكم تكتبون على حجر النرد
اغنية مسحورةً
وتنامون سكارى
على بوابات قارئة الفنجان
ارواحاً مُهوّمةً
وأجساداً مخمورة؟!
مالكم ..
والرياحُ الثقالُ محملةٌ
بالأسئلة القادمة الكبرى
بداية مثالية ضبابية تناسب قصيدة النثر و تنأى بها تماما عن المباشرة و تفتح منذ أول سطر نوافذ للتأمل فنحن مع قائل مجهول ( قالوا ) أخفى الشاعر من قال هذا ليفتح التأويل و يوسع نطاق الهدف فقد يكون القائل هو الآخر الذي عرف الطريق بينما جهلناه أو قد يكون قولا أراد الشاعر أن يقوله و لكنه رماه على المجهول لهدف عميق و كأنه يستفز الأرواح لتتكلم و تقول كلمة حق تنير الطريق
الدم البارد قد يبدو التعبير هنا محيرا فهل هو سلبي أم إيجابي .. الدم البارد دلالة على اللامبالاة .. لكنه أيضا يشير الى غياب العاطفة في الكلام و ظهور العقل فقط فالعاطفة هي التي تجعل الدم حارا و ملتهبا ... لكن ربما هؤلاء وصلوا الى قناعات فكرية جعلت دمهم باردا لأنهم يفكرون فقط في الهدف و هذا بالضبط ما ينقصنا و كأنهم يخاطبوننا نحن الذين نخبئ غدنا في قلعة غامضة القلعة هنا تعبير عن سجن فكري و عزلة فكرية و بقاء طويل خلف أسوار الغموض و الخرافات و البحث العبثي عن الحظ دون عمل و لا سعي بدلالة ( حجر النرد ) و هنا شعرت بأن الشاعر يريد أن ينوه إلى خلل فكري فينا كعرب و هو هذا الموروث من الجهل و الاعتماد على الخرافات و انتظار المعجزات و تأمل النجوم و الأقمار و التنجيم و نلهث وراء المعجزات و نختلقها أحيانا لنبرر تهاوننا بانتظار غودو أو أي فجر وهمي قادم .
و لهذا أشار شاعرنا فيما بعد إلى يسوع عليه السلام كفكرة انتظار للمخلص العائد من الموت و سنعرج عليها بالتفصيل في مكانها في النص ، ( الرياح الثقال ) الرياح تعبير عملي جدا بأن المطر هو شيء ناجم عن حركة فالريح تحمل الغيم و كأن شاعرنا يقول لنا تحركوا و ابحثوا عن رزقكم و عن ربيع أحلامكم فالغد لا يجيء بالانتظار المتهاون الكسول العبثي الذي اعتدنا عليه بانتظار المعجزة و الفرج ،
(محملة بالأسئلة القادمة الكبرى ) لم يقل أجوبة بل أسئلة لأننا في خضم هذا الضياع نعيش ضمن دوامة من الأسئلة و كل يوم يأتي سؤال جديد و كل الأسئلة و أجوبتها موجودة ضمن هذه الرياح التي تعني التغيير و التمرد على السكون كما أن الريح هي التي تحمل الفصول و المطر و ربما التغيير و الخراب
ثم يضعنا الشاعر أمام سؤال تأملي مهم فيقول:
وكنت اسائل نفسي
عميقاً:
-اليس غريبا
تشابه الاشجار
واختلاف الازهار والثمارِ !!
الم نولد
بنفس الطريقة العجيبة..?!
ما سر اختلافنا رغم أننا من فصيلة واحدة ... هذا السؤال يأخذنا نحو عدة اتجاهات و لاحظوا أن الأسئلة جاءت بعد عبارة ( محملة بالأسئلة ) و هنا نلمح ذكاء الصياغة و التنقل بين عناصر اللوحة فها قد جاءت الأسئلة الفكرية العميقة
لماذا هم نجحوا في بناء قوة و حضارة اليوم بينما نحن ما زلنا نعيش في الخرافات و الأوهام ؟
لماذا نختلف بين بعضنا و نحن من فصيلة واحدة ( العربي المخذول )
لماذا لا نفهم أنه اختلاف يجب أن يفيدنا ( بدلالة الازهار والثمار ) لا أن نجعله سببا في فرقتنا و تشرذمنا
أعتقد أن الشاعر تعمد أن نبحث عن عدة إجابات لهذا السؤال الفكري العبثي و أعتقد أن هذا الجو من الغموض هدفه أن نتأمل و نفكر و نشعر بحجمنا و واقعنا و أين نحن ثم إلى أين نمضي ؟
و ها هو وجدهم بينما هم يبحثون عنه ... فإذا سرنا في الطريق الصحيح سنتلاقى و هذا اللقاء له عدة اتجاهات أيضا ... قد تلاقى مع حليف لنا و قد نلتقي مع من يواجهنا ، لكن المهم أن نمضي في الطريق الينا .. نعم أن نعرف أين نمضي و إلى أين نتجه و لا بد من صدام في الطريق و لا بد من مواجهة و لكن الخطأ هو المراوحة في المكان و هذه الحالة من الغيبوبة بانتظار عبثي لقادم قد ياتي وقد لا ياتي،وربما هو الخبيء في نفوسنا المأمول من دواخلنا..
وبالكادِ
اتعقّلُ اختلافنا عبر البحارِ
فكيفَ اهضم النشازَ
ونحن على ضفةٍ واحدة
وبنفس الطريقة المسخ
شممت ريح اخي
الذي لم يحققِ الاماني!!
وهكذا
ذاكرتني قوابل الزمن الفائض
عن حاجة الخليقة..
ربما يفتقد الحجر
الذي كتبنا عليه العهدَ
مبدأَ الضرورة
أو ربما ينعدم
في مآلاتنا الكسولة
مبدأ الصيرورة !
هكذا بنفس الطريقة المسخ .. ما يقصده الشاعر أنك ستعرف أخاك من خلال الخطأ .. نعم فالخطأ يجعلنا نعرف أين الصواب و نعرف من معنا في هذا الطريق حتى لو لم نره سنجده و نشم ريحه
لأننا لم نصل بعد الى معرفة الذات كي نعرف من الأخ و من الصديق و من العدو ... ما زلنا نقدس ما كتبناه على الحجارة الصماء ، التي لم نكتب عليها ما هي ضروراتنا و اساسياتنا و لم نبحث فيها عن المصير ... الحجر هنا دلالة على الفكر المتحجر الذي لا يتواءم مع ضرورات التغيير التي تستلزمها مسيرة الحياة و لم نفهم كيف نصنع مصيرنا فالمصير يتحدد من خلال المسير و من خلال الخطوة الأولى التي لا نريد أن نخطوها
و هنا تبدأ حالة من اللوعة العميقة فيقول الشاعر :
اذن..
سابكي سلاماً
على يسوع الذي يختلف
وحبيب القلوب الذي لايختلف
المسيح الحبيب المؤتلف
ابكي عليهما
معاً..
علّنا نعود اليهما معاً
ولو بعد حين..
اعلم ان الأفقَ مثخنٌ بالدخان
خانقٌ هذا الدخانُ
ويالها من قضية شائكة
بغض النظر من هو المسيح العائد الذي تختلف عليه كل الديانات و المذاهب ، هنا مسألة مهمة جدا .. فكلنا سنعود اليها .. الانبعاث من بعد الموت أمر يجمع بين كل البشر فلماذا هذا الاختلاف على ماينبغي عليه الاتفاق ؟!
ثم اليس من التواكل ان نبقى ننتظر عودة العظماء من الموت ؟ وكان الاجدى ان نتساءل لماذا لا نعود نحن من الموت و ننبعث من رمادنا و رقادنا الطويل بدلا من هذا الوهن و التراخي و الجدل العبثي ؟
و كأننا ندفع صخرة الى قمة جبل بشكل عبثي كما فعل سيزيف الذي تحدى الكون فصار يدفع تلك الصخرة الى القمة فتنزل من جديد و يعاود هذه الحركة العشوائية العبثية:
ايها الناس..
هل سيظل سيزيف الذي تعرفون
في نزوحه الطويل
مازلت اتفرس في تقدمه
اليائس
وتراجعه البائس
ممعناً بالفجيعة
ياله من مشهد جارح
الى حدود الدهشة
والذهول !!
و هنا نلمح في النص دخول الأساطير و هذا دخول مناسب جدا للفكرة التي ترفض هذا النوع من الفكر المعتمد على الخرافات و الأساطير و كان حضور سيزيف هنا قمة السخرية و المضحك المبكي كما يقال فإلى متى سنبقى ندفع صخور أوهامنا الى قمة عبثية ؟!
البعض يقول
إنّ سيزيفَ مسرحيٌّ
ضالع بالمؤامرة
حتى غودو
الراتع في الغيابِ
منجرحٌ من غرابة الخطاب
حتى هذا الشرق
الهابط في سورةِ العُبابِ
و"كلٌّ بلا فلكٍ
يسبحون".!!
نلاحظ هنا السخرية من هذا الجنون العبثي الذي لا طائل تحته و هذه الصراعات الفكرية و الحركة العشوائية التي لا تثمر ..
هذا بشكل عام ملخص هذا النص التوعوي الفكري العميق و ألخص في نهاية قراءتي هذا العمل بالنقاط التالية :
-1-
وجود الحالة الضبابية مفتوحة التأويل و هذا جو مثالي للقصيدة التأملية
الفكرية الهادفة لأن التصريح المباشر يفقد القارئ لذة التأمل و نحن بحاجة الى التأمل كي نخرج من أفكارنا الجامدة و قوالبنا الجاهزة و كي نصل الى الحقيقة معا دون تنظير و مثاليات و الأسلوب الذي اتبعه الشاعر جعلنا نعيش حيثيات الفكرة و نتوه معا ثم نصل معا إلى الأسباب و النتائج
-2-
تنوع جمل النص بين الانشائي و الخبري منحنا حالة حركية خاصة و أن شاعرنا بدأ النص بفعل ماض ( قالوا ) و كان في النص الكثير من الأفعال لأنه يدعو إلى الحركة بالأصل
( قالوا .. عثرت .. شممت ... يبحثون ...يفتقد .. ينعدم .. يختف .. الخ )
كذلك كان الاستفهام في النص مفيدا في ترسيخ الحالة التأملية
أيضا كان التعجب ( يا لقبحه .. يا لجماله ) ...
النواعير تنوحُ بلا قرى
والمدائنُ مفصومة العُرى
وظل سيزيفَ
يأكلُ منسأته بنفسه
ويتداعى رويداً
حتى أنه
يا لقبحه مثل
نيزك وشيك السقوط!!
و هذا التعجب كان ناجحا في جعلنا ندرك كثيرا من الأمور التي تثير الاستغراب داخلنا و في فكرنا.
كذلك ظهرت صيغة الخطاب الجمعي ( أيها الناس ) و الهدف هو أن الفكر الانساني واحد و النداء كان للجميع علنا نعرف أننا في خضم نفس المسار و لا يجب أن نتخذ لأنفسنا مسارا عكسيا و الا سنمضي نحو الزمن الفائض.
3- النص مليء بالمقابلات التي كان لها دور أساسي في توضيح المفارقات و المقارنات بيننا و بين الآخر الذي يفكر أفضل منا
( ( قبح و جمال ... صعود و نزول .. تحليق و سقوط ...تشابه و اختلاف ...الخ
-4-
القاموس الدلالي أو المفردات كانت منسجمة مع جهتين الجهة الغريبة المتناقضة من خلال مفردات وضحت نوعا من الاستغراب أو التعجب
( (غامضة .. مسحورة ..أسئلة .. غريب ... ذهول ... دهشة .. مسخ .. الخ و هذا التوظيف مناسب جدا لتوضيح حالة التناقض الفكري الذي يريد الشاعر أن ينوه عنه و يحذر منه
أما المنحى الدلالي الآخر للمفردات فقد كان السخرية من الواقع الغريب و لهذا كانت المتناقضات و المرادفات و المقابلات و صيغة السؤال الاستنكارية التي تترك الجواب للمتلقي
-5-
توظيف الأسطورة خدمة لهدف النص الذي يريد أن نخرج من هذه الحالة العبثية من انتظار المخلصين العائدين من الموت مثلا "ونحن هاهنا قاعدون" هذه الخرافات و الخزعبلات التي تعودنا عليها ... هذا من جهة و من جهة أخرى كي نستقي العبر من التاريخ كقصة سيزيف مثلا التي تقول للإنسان لا تعد نفس الحراك العبثي و التمرد العشوائي على حركة الحياة
-6-
حاول الشاعر أن يبتر أغصان الخلاف السلبي بين البشر و ذلك من خلال التجرد من اي انتماء و ارتباط فكري أو ديني أو سياسي في النص مما منحنا حالة من الشمولية في الخطاب الإنساني الداعي الى أن نمضي معا في اتجاه البناء و التلاقي بدلا من الخمول و التباعد.
في النهاية يريد شاعرنا أن يقول : الحل يأتي من داخلنا و التغيير يبدأ منا و لن يأتي الفرج بالأماني و انتظار المعجزات و لا من الشرق و لا من الغرب و لن يهبط فجأة من السماء أو ينبثق من تحت الأرض ..
آه آهٍ
من حلمي الذي لا يستكينُ
تتناقلهُ الأيامُ والسنينُ
" لاياس مع الحياة
ولا حياة مع اليأس"*
كم انا مسحورٌ
بجماله وهو
نازل على ساحل الكلام
مثل نورس حميم!!
اذن..نحن من نصنع مصيرنا و من يمهد للفجر القادم و يا له من فكر تنويري مثقف واع يريد أن يخرج من الإنسان طاقات كامنة و يجعله يتأمل في أسلوب حياته و منهج تفكيره و يحرره من جموده و كسله و تواكله ..
رؤية : محمد الدمشقي
"""""""""""""""""""""""""""""""""''''""""""""""""'"''"""'"'''"""""""
* مقولة للخطيب المصري مصطفى كامل.رح.