الثلاثاء، 29 أغسطس 2023

كيفَ ترقى الارواح بقلم الاديب الشاعر غازي احمد الموسوي

 كيفَ

ترقَى الأَرواحُ
والسَّقْفُ عالٍ
وجناحُ السُّرى
شديدُ العناءِ
.
والمسافاتُ
يا سراجَ المَعالي
صِرْنَ قَفْرًا
يرغو بلا سيمِياءِ
.
ياكليم الرّدى
تلجلجَ شدوي
وتَخَطّى الدموعَ
نحو الدماءِ
.
لستُ أبكيكَ
أنتَ اعظمُ شأنًا
يامسيحًا أسرى
سليبَ الرّداءِ
.
سألِزُّ الُّلغاتِ
حجًّا غفيرًا
علَّها
تبلغُ المُنى بالحياءِ
.
خطفوا
إسمَك النبيلَ
جِهارًا
والمنايا خَبْطٌ
وكربُ بلاءِ
.
كلّ فجْرٍ
فوقَ الشوارعِ ليلٌ
مِنْ دماءٍ نبيَّةِ الكبرياءِ
.
إنّما أنتَ
والعراقُ سواءٌ
ألفُ نهرٍ لكنّهُ دونَ ماءِ
لا يتوفر وصف للصورة.
أنت و‏غازي احمد ابوطبيخ‏ وآخرون

حلم من صلصال على رقعة الشطرنج بقلم أ. علي.ابو.ضحئ الجعفري

 حلم من صلصال

على رقعة الشطرنج
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
النص القصصي موضوع الدراسة بعنوان:
(حلم من صلصال)
بقلم القاصة بان الخيالي
*
تساقط الوقت من ساعة الحائط مغرقا غرفة الطبيب ببحيرة من ذهول، إلى أين يمضي العمر فكر السيد حكيم وهو ينظر إلى مريضته المستلقية باسترخاء على منصة الفحص ولأول مرة منذ عشرين سنة مارس فيها الطب النفسي بهمة يحس انه ابتدأ يفتتح أستار عالم مرضاه، هو قادر الآن على الإنصات بل ورؤية الأشياء الغير مسموعة التي يخبرونه عنها رفع رأسه إلى الساعة ألجداريه المثبتة فوق لوحة للطبيعة الجميلة ابتدأت ألوان اللوحة الزاهية تخفت حتى أنها لتبدو من بعيد بالأبيض والأسود،فكر السيد حكيم قليلا وتذكر حينما اشتراها أول مرة كانت بأرض حشيشيه صافية ممتدة وكان هناك كوخ في الجهة اليمنى من اللوحة وبحر تتكسر أمواجه ناثره زبدها على صخور بنية مكسوة بالطحالب في الجهة اليسرى ومن نافذة الكوخ وجه فتاة تنكب على رقعة تطريز ربما، ثم جاء الشاب وليد المريض النفسي وأعجبته الساعة وقال إنها المرة الاولى التي يشاهد فيها ساعة مثبتة على رقعة شطرنج !!!!
ـ لكنها مثبتة على مشهد للطبيعة، رمز للحياة الرتيبة الهادئة (قال الطبيب)
لكن وليد أصر على أنها رقعة شطرنج بالأبيض والأسود وأكمل
ـ هذه هي القلعة وهذا هو الملك وهؤلاء هم الجنود ..
ـ أين هم يا بني (صاح الطبيب في حينها وكانت اللوحة تزدهي أمامه بألوانها النقية،على أي حال كان وليد يعاني من فصام حاد، هذا ما أجاب الدكتوربه أفكاره المتفاقمة دون أن يعيد النظر إلى اللوحة )
همست المريضة المستلقية باسترخاء على منصة الفحص
ـ (كن حذرا يا دكتور قد يسمعوننا)
ولأنه كان معتادا على تلك التسربات الشفوية العجيبة لمرضاه فقد قلد صوتها المتوجس طالبا منها بلطف أن تخبره ما تشاء وأكد لها أن جدران غرفة الفحص مصممة لعزل الأصوات
ـ (هذا آخر ما أتذكره عن العالم الآخر العالم الحقيقي الذي تستمع فيه إلى أصوات الروح لم اعد استمع الآن للتحذيرات لأن الأدوية التي أعطيتني إياها تغلق حواسي تماما وسأقع قريبا بمشكلة كبرى(همست المريضة وتفاقم الهلع في عينيها)
قد يقتلونني يا دكتور(تصاعد صوتها مقتربا من الصراخ و كان الطبيب يعرف أنها تعاود الانتكاس والتخيل بين حين وآخر كلما تركت العلاج، فطلب بهدوء منها أن تكمل حديثها، حينها همست بخوف)
ـ كانوا أربعة أشخاص يتآمرون للدخول إلى البيت وقتلنا أنا وأبي المريض، سمعتهم يتهامسون في الشارع كنت مختبئة خلف النافذة، بيني وبينهم رواق صغير فقط كان صوتهم واضحا جدا ، لاشيء سيوقفهم جلبوا معهم رفشا وسيحفرون نفقا ليتسللوا إلينا تحت جنح الظلام، يمكنني أن اختبئ لكن أبي لا يستطيع(كانت أنفاسها تتلاحق ونبضاتها تتصاعد وبدا بؤبؤ عينيها يضيق )
سيقتلونه وسيقضون الوقت الباقي في البحث عني لاشيء سينهي الرعب يا سيدي الطبيب.
كان حديثها يحفر عميقا في روحه،لم يكن ينبغي له ان يقطع تسلسل أفكارها،كان الأمر يقتضي فقط أن يسجل ملاحظاته ثم يقيم كل الحالة وابتدأ بتطمينها ان كل ما تقوله هو بسبب المرض الذي تتعالج منه منذ سنين وإنها يجب أن تتجاهل الأصوات التي تسمعها لأنها غير حقيقية ..
انتهت الجلسة وقبل ان تخرج المريضة من الباب استدارت وتركت يدها على أكرتها وهمست بيقين، كن حذرا يا سيدي فالممرضة العرجاء ـ سكرتيرتك ـ هي من اخبر العصابة عن مكان خزينة النقود في منزلك) قالت هذا وخرجت صافقة الباب .
ساد الصمت، صار يطرق بنواقيسه فتمتلئ أفكار السيد حكيم بذبذباته الطاغية،تلك المريضة تعاني من وسواس وقلق وكآبة مزمنة لكنه أحس بصدق نبراتها الصدق الأبيض ساح من بين شفتيها فاغرق فطنة حكيم تماما
كلماتها النافرة من جدول الكلمات التي نعرفها تشبيهاتها الفريدة ووصفها لما تراه،يبدو صادقا جدا،دخلت السكرتيرة إلى الغرفة
ـ هل تحتاج شيئا يا سيدي؟
ـ كلا يا سلمى يمكنك الانصراف (وظل يتابع مشيتها ولم تكن تعرج طبعا) !!!!
خلع الحكيم العجوز رداءه الأبيض علقه في شماعة العيادة لملم أغراضه واقفل الباب بنفسه وخرج،وقف في طابور الفرن و اشترى خبزا طازجا وجبنا من محل قريب ثم اقفل سائقا إلى البيت .
يا للسماء!!!! لقد نسي أن يفتح ضوء الكراج قبل أن يذهب للعيادة عصرا ككل مرة،ومنذ ان سافر ولده الوحيد إلى أمريكا بعد زواجه وتوفيت زوجته صار عليه أن يعمل كل شيء بنفسه وان يتلقى كل أوزار الوحدة التي كان يتمناها قبلا بلا تذمر،فتح باب البيت وضع إناء الشاي على النار واستلقى باسترخاء قرب النافذة
فجأة تسربل صوت أربعة أشخاص يتحدثون بهمس خلف السياج،أصاخ السمع؟؟؟؟
(انه يسكن وحيدا،يمكننا أن نحفر خندقا وندخل إليه،سنخنقه بسهولة بهذا الحبل)صاح إبريق الشاي من على الموقد و فز السيد حكيم من نومه وقلبه يكاد يتوقف كان حلما فضيعا،أطفأ الموقد وابتلع حبة مهدئ ونام،كانت الأحلام لئيمة هي الأخرى وتعاونت هي والآلام المفاصل على تقليبه على فراش من عذاب وفي اليوم التالي لم يكن يتذكر سوى البرد والخوف الذي صاحب ليلته السابقة، مر النهار ببطء وعند الثالثة ظهرا كان جالسا كعادته خلف طاولته في العيادة
حينما دخلت السكرتيرة وهي تعرج
ـ ما بك(صاح فور رؤيتها السيد حكيم)لم تعرجين ؟
فأجابت باستغراب
ـ أنا مصابة بشلل الأطفال منذ الصغر يا سيدي
ووضعت الجريدة أمام الطبيب الذي عاد يتساءل بذهول
ـ لكنني لم ألاحظ !
ـ ربما لأنني البس في قدمي حذاءا يساوي طول الساقين (قالت مبتسمة بخجل)
كان أول خبر طالعة في الجريدة خبر مقتل رجل مسن وابنته في حي قريب ويقول شاهد عيان أن العصابة كانت مكونة من أربعة أشخاص و..
اخرس الدكتور الهلع وقرع جرس الغرفة بتكرار محموم فدخلت السكرتيرة العرجاء مسرعة
كان الدكتور يشير إلى الساعة ألجداريه التي بدت غائمة الآن
ـ كم الساعة الآن يا سلمى ؟
نظرت الفتاة باستغراب صوب الحائط
ـ الثالثة ظهرا يا دكتور
أترين المنظر الجميل الذي اخترته للوحة الساعة
ـ نعم أجابت بقلق
ـ صفيه لي
انبرت الفتاة وهي تدقق في اللوحة
ـ رقعة شطرنج بالأسود والأبيض،
هذه هي القلعة وهذا الحصان وهؤلاء هم الجنود ..
*
نص الدراسة النقدية:
"""""""""""""""""""""""""""
يمكن ان تكون لدينا نسختان من هذه القصة بما ان العنوان يؤسس لهذا التناظر بين لفظتي
الحلم بابعادها الخيالية الاسرة غير المحددة المفتوحة وبين لفظة الصلصال وهي المادة الصلبة المحددة ذات البعد الواحد ،وهنا تتشكل.بؤرة النص.وتنفتح مكوناته بين هذين
العالمين .عالم الحلم.والذاكرة.وعالم الواقع المتاصل في كلمة الصلصال،البنى الداخلية
في النص تمارس فعل الغياب والحضور مع البنى العاملة خارج النص فتكون لدينا
نسخة النص الاولى وهي نسخة الحلم
بؤرتها هي العلاقة بين الطبيب المعالج والمريض النفسي لتنتشر هذه البنية في كل النص ،وتتوزع كالاتي.
الحلم.الساعة الجدراية .الوان الطبيعة في
خلفية الساعة.خيال المريض النفسي
افكار المريضة .عن شخوص تطاردها
ذاكرة الطبيب
نبدا في فتح الغاز هذا النص.وخلق العلاقات
بين مكوناته التي هي بنى صغيرة مغلقة
مثلا .الساعة الجدارية التي اصابهاالفصام
فكانت ذات بعدين
الاول في ذاكرة الطبيب وهو الحلم الجميل
ومنظر خلاب.والبعد الثاني هو رقعة الشطرنج
لدى مريضه النفسي .وهذه الرقعة بماتحتوية
من مربعات سوداء وبيضاء
تعلقت في اللفظ الثاني من عنوان النص
وهو الصلصال..ترميز ودال للحياة الواقعية
المعاشة وصراعها الازلي بين احلام وامنيات
الانسان وبين مصائره المرسومة.
نحاول الان ايجاد.تقاطع بين مكونات هذا العالم الموجود في غرفة الطبيب.
المكون الاول .الذي فتح المعنى وحول الغرفة
الى بحيرة من الذهول.وهو جريان الوقت
وماخلقه من حالات في الذاكرة عن جدوى المكوث مع هذه الادوات وهولاء المرضى
اما النسخة الثانية من النص
فهي نسخة الصلصال.وتبدأ في الضهور
بالتزامن مع ظهور النسخة الاولى
فتتوزع بين افكار الشخوص بين مربعات الرقعة السوداء والبيضاء
في احدها نرى الشخوص الاربعة وهي تطارد
المريضة.وفي مربع اخر نرى الطبيب النفسي
جالسا في البيت مع افكاره
ومخاوفه .وفي مربع اسود اخر.تظهر الممرضة وهي تشي للصوص بمكان خزنة الطبيب،
امتألت المربعات السوداء بمكونات الصلصال، وايضا امتلأت النسخة الثانية بمكونات الحلم واقصد ذاكرة الشخوص عن وجود انساني
لم تصله الحياة بعد متمثلا بمنظر الساعة ذي اللون الاخضر لون الحياة
يقابله لون الحياة الحقيقية وهي الوان رقعة الشطرنج ومصائر تشترك في النهاية بماهية الوجود الانساني والهدف منه او تماهي الحلم مع الواقع احيانا
فتغدوا الاحلام حقيقة والمخاوف تتحقق..
ان توضيح العلاقة بين رقعة الشطرنج كمعادل موضوعي لعنوان النص الثاني .الصلصال.اوجب الدخول في متاهة الاشارات الصادرة من شخوص القصة وهي تتحرك بين جزئي العنوان .فمرة تنمي اشارة
ما .المقطع الاول وهو الحلم.واشارة اخرى تدفع بالجزء الثاني الصلصال.الى الواجهه
فحيرة الطبيب النفسي في موضوع طريقة
الممرضة وصدمته بانها معوقة .دلالة على عدم اليقين من ذاكرته وبانها لاتميز بين الواقع والخيال.وبين الكذب والصدق.
فصار مكان الحدث وهو عيادته .مكان لتشظي
الذاكرة والقطيعة مع الحاضر المتواجد بقوة
والعودة الى الماضي .للتخلص من الاستلاب
والضغط النفسي.كما رتب على رقعة الشطرنج
في مربعاتها السوداء. والبيضاء .
الفرائس الان تتحقق من مخاوفها وهل هي حقيقة ام اوهام المرض النفسي.
الطبيب في بيته ظل عالقا في هذا الطقس
المخيف ولم يعد يميز بين الحلم والواقع
حين سمع اربعة اشخاص يتحدثون عن سرقة
منزله وهم ايضا ذكرتهم المريضة المستلقية
في عيادته..هو ايضا كان فريسة ستوضع
قريبا وترتب على رقعة الشطرنج.كما رتبت
الاحداث السابقة .وتدفع بالمقطع الثاني وهو
الصلصال.واشاراته العدمية من العنف والاستلاب.والاغتيال.الى الواجهه..ليتم .حذف
المقطع الاول وهو الحلم. والابقاء على الاسم
الاخر للنص وهو .رقعة الشطرنج
ومما سبق في هذه الدراسة .ترشح لدينا قراءة جديدة لنص جديد اطاح بنص حلم من صلصال..

خاطرمستمر بقلم الاديب الشاعر غازي احمد الموسوي

 خاطرمستمر

*********************
لم تكنْ
غمامةُ الفكرةِ
مثقلةً بعدُ
كانت تتشكّلُ رويدًا
خامةً
عاريةَ الحروفِ
في مُنْتَجَعِ القوّةِ
تستفزُّني
شفتُها السفلى
تكادُ تُغري بالإنفراجِ
قبلَ نضوجِ التينِ
واكتنازِ الرغبة باليقين ..
ولا أُنكِرُ شهوتي
الحافزةَ الماكرةَ
تلك المتنمرة
على دخانِ الأُفُقِ
حتى غادرني ,,إليوشا,,
برهةً من الزمنِ الهشِّ
ما عُدتُّ مقتنعًا
بدعواتِ السلامِ
من ايّةِ جهةٍ صدرتْ!!
هذا المُغَمّسُ بلُعابِ ,,نيرونَ,,
ماعادَ "رائدًا للثقة"
أبدا
ما عاد قادرًا
على إضاءةِ النُّصوصِ
بالرؤى النبيّةِ
ف"أبو مرّةَ" على الأبوابِ
والآجرُّ الضاغطُ
يمنعُ دورةَ الإستحالةِ
من الإكتمال!
شيءٌ يُشبِهُ الوعيَ
أدلى بهِ إليوشا
قبلَ أنْ يُغادرَ المدينةَ
ليسَ شاعرًا أبدًا
مَنْ يُحَمِّلُ الرّبَّ
خطايا الخليقةِ !!..
ليس أنا من يطيشُ
لِغايةِ أنْ يعيش!؟..
ولستُ من يتنطّطُ
كقرودِ المقاماتِ
في لحظاتِ الإحتضارِ
توسّلًا بفُتاتِ الغبارِ
والتفاتِ القطيعِ
في زمنِ الهزيعِ
هذا,,إيفانُ ,,يُلمِّحُ لي
أنِ اركبْ موجةَ التخلّي
-كن مثل ,,ديمتري ,,
مثقلًا بالرغباتِ الثّقالِ
ولا انكرُ
أنّي مازلتُ حالمًا
تلكَ ثيمةُ العُشّاقِ
المحتشدينَ بالمحبّةِ
أو
ربما ...
هي طبيعتي الموروثة!!
أو…
ربما.......
هو ما يجبُ أنْ يكون؟!
شئ يشبه الوعي
كان هناك!
شئ يُشبهُ سيماءَ القصيدةِ
يقبلُ التأويلَ
ويختنقُ بالتفسير!
وكانَ الميقاتُ راكزًا
بدُخانِ الإرتيابِ
يتجسّدُ
بصورةِ امرأةٍ حُبلى
أقرب ماتكونُ
إلى قبّةِ الصخرةِ
أبعد ماتكون
عن مخيالِ الناصريِّ
بعد القيام!!..
وكنتُ أتقرّى
على مرآتهِ
دخيلة أمّةٍ كاملة
أمّةٍ ذابلة ..
بينا أمتعني كثيرًا
وقوفي على ساحلِ التدلي!!
لا كما كنت
في حومانةِ التجلّي
بل كنت أُقهقهُ
مثلَ طفلٍ غريرٍ!
فكم هي مدهشةٌ
دورةُ الزمنِ المرير...
وأخيرًا ...
صارَ الموتُ باعثًا
على السخريةِ
والمعركةُ الفاصلةُ
ماتزالُ مستعرةً,,
و,, صاحبي القديمُ ,,
ذاك الساكنُ
في وسطِ التنّورِ
يبعث لي
رسائلَهُ النصيّةَ
حثيثًا
دون انقطاعٍ!!
فرغمَ كلِّ ماجرى
مايزال حيًّا
رغم كل ما جرى
مايزالُ
ساطعَ اللوامعِ
قويَّ اللوامحِ
حميم الطوالعِ
مثل شمسٍ
غريقةٍ
لايمنعها الماءُ
من الإبراق!
أليس غريبًا
أنْ يظلَّ ,, إليوشا ,,
حيًّا حتى الآن؟!

إلتفات: بقلم الاديب غازي احمد ابوطبيخ

 إلتفات:

"""""""""
1-
رحيل:
……...
(رأى ما يكفي،
صُودِفت الرؤيا على جميع النغمات..
نال ما يكفي.
ضوضاءات المدن،
المساء،
وفي الشمس،
ودائما..
عرف ما يكفي،
قرارات الحياة،
أيتها الضوضاءات،
الرؤى!
رحيل في العاصفة والصوت الجديدين..
ضوضاءات:
شائعات !!…)
آرثر رامبو
*
*****
"""""""""""
هذا المقطع بالذات يمثل الإعلان الختامي والكشف الأخير لشاعر فرنسا الذائع الصيت آرثر دي ديه رامبو،والذي نعتقد أنه يمثل (المانفيستو)الرامبوي الأكثر أهمية في التعبير عن الرؤية الاخيرة للشاعر،كما وأنّه يجسد إسلوب التداعي السوريالي الحر بكل وضوح..
وربما يظنه البعض مبعثراً أو غير مترابط ،إنما يعلم المتخصصون المتفرسون ان مدارسة النص الرامبوي خصوصاً والسوريالي عموماً ليس كما نفعل مع الاعمال الشعرية المباشرة او ذات البناء العقلاني المتواتر..فالأمر هنا مختلف تماماً ،وعلى القارئ الحصيف استنباط مكامن الرؤى تحليلياً وفق منهجية نقدية موائمة ومقابلة..مع التركيز على الكثير من المسكوت عنه المتروك للمتلقي،فالأسلوب يعتمد الإلماح، والإشارة ،والتذكير ،والوخز،كل ذلك والشاعر في داخل الطقس المخمور بالشعرية الذاهلة الرائية معاً..
،،،
وما نودُّ قوله:
إنّ هذا النص الحداثي المهم،يذكرنا عميقاً بأول ملحمة عرفها التاريخ الحضاري ونعني بها ملحمة جلجامش العراقية العظيمة ،وتحديداً نشيدها الاول الذي نقتطع منه هذه الأسطر(اختصاراً) :
2-
(هو الذي عانى الزمانَ وخَبِرَه،
وهو الذي رأى كلّ شيء،
ثم حين حلّ به الضنى والتعب ،
نقشَ كلّ ماعاناه وخبرَهُ
على نُصْبٍ من الحَجَر) !!….
،،،
ولا أظنُّ واعياً يصعب عليه إيجاد الوشيجة العميقة بين النصين،مع أن جلجامش قد كتبت (بدءاً)قبل أكثر من خمسة آلاف عاماً..
هذا يعني ضمنياً أنّ هناك بعض الاعمال الإبداعية خالدة عابرة للزمكان كونها تحمل في مبناها ومعناها حداثتها المتفوقة غير المحدودة بالمواقيت المتعارف عليها..وتلك هي المعاصرة الدينامية المصاحبة للأبد الإنثروبولوجي المستمر،وليس بعيداً عن الذهن بيت المتنبي الشهير،لتفسير الخلود الإبداعي:
(وما الدهر
إلّامن رواة قصائدي
إذا قلتُ شعراً
أصبحَ الدهرُ مُنْشدا) !!...

(في مدار الياسمين) قراءة نقدية لنص الشاعر محمد الدمشقي (نفحة عودة).. بقلم غازي احمد ابوطبيخ الموسوي

 (في مدار الياسمين)

قراءة نقدية لنص الشاعر محمد الدمشقي
(نفحة عودة)..
بقلم
----------------------
في مثل هذا النوع من النصوص يصعب على الناقد تبني المنهج الشكلاني وحده, او التكويني وحده, ذلك لأن الشاعر محمد الدمشقي لم يتنازل قيد انملة عن وجهي المرآة معا , بمعنى انه لم يضح بأحدهما لصالح الآخر , بل وأصرّ منذ المدخل على تحقيق المعادل الجمالي الذي اكد عليه تعريف قصيدة النثر الاتفاقي والذي ورد في الموسوعة العالمية على الوجه التالي:
( ان قصيدة النثر :هي جنس فني يستكشف ما في لغة النثر من قيم شعرية , ويستغلها لخلق نتاج يعبر عن تجربة ومعاناة عريضة تتوافر فيها الشفافية والكثافة في آن واحد, وتعوض انعدام الوزن التقليدي فيها بإيقاعات التوازن والاختلاف والتماثل والتناظر معتمدة على الجملة وتموجاتها الصوتية بموسيقى صياغية تحس ولا تقاس)..
ولقد اوردنا التعريف الكامل إعماما للفائدة وتبيانا لطبيعة المنهج الدقيق الذي سلكه الشاعر الدمشقي في قصيدته الموسومة ب( نفحة عودة)..
ونحن لا نختلف في قراءة هذا النص مع التفكيكيين في ان العلاقة بين النص والقارئ تحددها طبيعة القراءة ،وليس ما يقوله النص اعتماداً على مستوى الوعي الثقافي للمتلقي كما يؤكد ذلك د. سلمان كاصد في كتابه ( قصيدة النثر)-1-
ولكننا نجد انفسنا في غاية التفاهم -وفق هذا النص -مع ثلاثية (غريماس) التي اوضحت طبيعة العلاقة بين ( المنتج..والنص..والمرسل اليه)..على اساس انها تقوم على بنى ثلاث هي على التوالي:
1-بنية الاداء..وتتعلق بطبيعة البنيتين الشكلية والتكوينية للنص , او مايرتبط بالمبنى في جانب والمعنى في جانب اخر..
2-بنية الاتصال..وتتعلق بطبيعة التلقي ومستوياته الشديدة الارتباط بمستوى الوعي والملكة الثقافية للمتصل ..المتلقي..كما بينا آنفا..
3- بنية الإنفصال..التي تعبر عن آثار النص في المتصل وربما آثار المتصل في النص حتى بعد مغادرته بحكم المحمول الايديولوجي او الثقافي للقارئ نفسه..
من هنا نتصور ان قراءة نص الدمشقي يجب ان تاخذ بعين الإعتبار شكله ومضمونه , لأن طبيعة اداء الشاعر اقنعتنا تماما بقوة اللحمة بين مبناه ومعناه حد الاتحاد المبدع:
.......................
(نفحة عودة ... )
*
من أنا ؟
أنا المكتملُ بكِ ،
المبحرُ في سلافكِ ...
من أول النار ..
حتى أخرِ مرفأ للحلم ،
تعطري بشغفي ،
ليقرأَني شذاكِ ...
و يتلوني على ضفافِ حنينك
فأجدني ...
هديلَ صلاةٍ ...
رشفةَ نور ....
يغردها الندى
بصيصَ فجرٍ ...
يفتشُ عن سناه ،
و قد يقطفُني الليل
و يزرعني بين نجمات الشرود
فيراني قلبكِ
في غمرةِ الترنيمة
و ينهمرُ وجهيَ المفقودُ
في عينيك أتلألأ
أو أغرقُ في رعشةِ ذكرى
من دمعتِها أتوضأ .
...........
………….
وجدير بنا القول
إن الأصل في قصيدة النثر هو التعبيرعن عامة المتابعين مع اختلاف طبقاتهم الثقافية, ومن اهم اشراطها شدة ارتباطها بواقع الشاعر المحيط تاريخاً ومجتمعاً..عمقاً انثروبولوجياً وعمقاً حياتياً..مع التاكيد على انها لاتعني ابداً التنازل عن أصالة الشاعر او عن انتمائه سياقاً وانساقاً..ولسنا نحيل هذا النص على منهج محدد المعالم ،فالدمشقي كما تابعناه لايشبه إلا نفسه ،وهي خصيصته المهمة،والرجل لايلتزم بخارطة منهجية محددة،فالمذهب او المدرسة الفنية او الأدبية ذات سمات معلومة يتوجب الإلتزام بها على من يتمذهب بمنهجها،كما يشير أ.د.حسين عبود الهلالي من خلال استشهاده بتعريف الناقد الكبير الدكتور علي جواد الطاهر والذي يقول معرفاً المدرسة او المذهب الإبداعي انه: ( مجموعة افكار تستحيل طابعاً،-وجهات نظر ،نظريات وتطبيقاتها-يسود الادب و(الفن)،في زمن من الازمان،وبلد من البلدان،ويكون لهذا الطابع اعلام يمثلونه ويوطدونه،وصفات يمكن تحديدها وتعدادها،وكأنها القواعد والقوانين)2..
شاعرنا الدمشقي لاينطلق من هكذا مسلمات منهجية ،ذلك لان حرفه حر طليق بحسب اللحظة الراهنة.
من هنا كان تركيزه على المجاز الراسخ والنضج التعبيري الناضح كبيراً من اول النص حتى اخره..
يقول جوناثان مونرو:
( كان منتظرا من قصيدة النثر أن تحقق اختراقا متبادلا بين ماهو جمالي من ناحية وبين ماهو سياسي اجتماعي من ناحية اخرى, لكن الحقيقة المؤكدة تقول ان كثيرا من النماذج عززت قيما اخرى نأت بالنص عن المستهدفين به ورسخت عزلته وسط واقع شديد المحافظة والتقليدية..)..
ولقد تمكن الدمشقي بحكم وعيه وموهبته من تخطي هذا التاشير الى درجة عالية من التحققات الايجابية , بما جعل من هذه القصيدة بنية حمل بالغة الشفافية لمحمول يبدو في ظاهره عاطفيا او ربما رومانتيكيا , ولكنه يختزن ضمنيا اعماقا إنسانية ولمحات واقعية ذات صلة بتجربة الشاعر المعاصرة , وآثار الواقع السياسي والاجتماعي بينة واضحة للمتلقي الحصيف :
.........
نفحة عودة ... ( جديدي نثرا )
من أنا ؟
أنا المكتملُ بكِ ،
المبحرُ في سلافكِ ...
من أول النار ..
حتى أخرِ مرفأ للحلم ،
تعطري بشغفي ،
ليقرأَني شذاكِ ...
و يتلوني على ضفافِ حنينك
فأجدني ...
هديلَ صلاةٍ ...
رشفةَ نور .... يغردها الندى
بصيصَ فجرٍ ... يفتشُ عن سناه ،
و قد يقطفُني الليل
و يزرعني بين نجمات الشرود
فيراني قلبكِ
في غمرةِ الترنيمة
و ينهمرُ وجهيَ المفقودُ
في عينيك أتلألأ
أو أغرقُ في رعشةِ ذكرى
من دمعتِها أتوضأ .
...........
لملمي قطراتِ لحني
قبلَ أن يجفَّ صوتي
و يهرمَ النداء ،
أشرقي في غربتي
نفحةَ عودةٍ ،
أغنيةً من ياسمين ،
اسقني نظرةً ...
تعيد ألواني إليَّ
بددني السراب ،
تمزقُ ستائرَ البعدِ
أطفأَني الأنين ،
في غيابكِ ...
ظلُّ شاعرٍ أنا ...
شذراتُ بوحٍ ...
لا يضمدُها ورق
سحابةُ ضجرٍ حائرةٌ
لا سماءَ تصحبُها
و لا يبوحُ بها مطر ،
.....................
بعثرَني الصدى ...
و لم تجمعيني ،
ألف دمعةٍ تشربني ...
و لم تسكبيني ،
أنعشي بوحَ المنى في خافقي ،
عشقكِ في ظلامِ الحزنِ نورٌ يحتويني ،
مللتُ من الرحيلِ بلا اتجاه ...
كلما أغمضتُ جرحاً ..
تفتحتْ غصة !!
و كلما أبصرتْني نافذةٌ
أسدلتْ أجفانَها
فأحضنُ ظلي
و يحتسيني الظمأ
...................
أيا حبيبتي
بسمةُ صمتكِ أنا ..
دندنةُ القصيدة ،
حولي ترفرفين ،
أجنحتكِ أمنياتي ،
سماؤكِ تنهيدةٌ ترسمُني ...
على شبابيكِ السهاد ،
تلك الآهُ ...
شرفةٌ أذرفُ في أحداقِها ضوئي
لينبتَ اللقاء !!
أبثُها مواويلي ...
كلما نامَ القمر !
أعرف أنك تخبئينَ لهفتكِ
خلف غيمة تشبهني
بتشتتي و رحيلي
و أن انتظارَ الزهرِ
محملٌ بالعواصفِ و الحروب ،
و عناقُنا
رقصةُ مطرٍ تكسرتْ خطواتُها
بعثرتْها الريحْ
حبُّنا المنفيُّ يمامةٌ
لم يختنقْ هديلُها
بين أفواهِ الدخان
صباحٌ ... لم تصلْ بعدُ رسائلُه ..
لكنهُ .. ما ضيَّعَ العنوان
..............
…….………
..الشعرية إذن كانت هم الشاعر الدمشقي المحورية معرفة منه انها فقط ما يثبت انتماء النص النثري الى مناخات الشعر وعوالمه المعلومة..
كان عليه وفق هذا الفهم ان يحقق هذا الانتماء وفق شغل ابداعي محترف وحصيف , ولو عدنا الى تعريف الشعرية التي اسس لها مسبقا قبل الميلاد رائدها ارسطو طاليس في كتابه ..فن الشعر..لوجدنا انها تعني مايلي:
( هي دراسة المنهجية التي تقوم على علم اللغة للأنظمة التي تنطوي عليها النصوص الادبية , وهدفها هو دراسة الأدبية واكتشاف الانساق الثقافية التي توجه القارئ الى العملية التي يتفهم بها ادبية هذه النصوص)..
والا فإن الإنزلاق من السردية الادبية الشعرية على وجه التحديد الى السردية الخارجة عن الانتماء الى الادب روحا وأداء وارد جدا بل انه في غاية المداهمة والمخاطرة..
من هنا كان حرص شاعرنا على عدم التنازل عن اصالة الاداء , متمسكا بممارسة كافة الإنزياحات البلاغية الناجحة , توكيدا لادبية النص , هذا فضلا طبعا عن كون النص مغمّسا بالنشاط النفساني البالغ الحيوية , وهو الاشتراط الثاني وربما الاهم..
هي اذن شعرية نصية لاتحيل الا اليه..فبقدر مايصيب النص من تغيير سيصيبها شئ من التغيير ايضا..لانها تستنبط قوانين النص من النص نفسه..وبغير هذا لايمكننا استلهام المعاني التكوينية الدفينة من البنية الشكلانية الرومانسية الاصيلة..التي منحت النص طاقة حركية شفيفة وعذبة جعلته اقرب مايكون الى اي متصل كان , مبسطا او معمقا في آن واحد..
تقديرينا الكبير..
........................………
1-د.سلمان كاصد..
قصيدة النثر دراسة تفكيكية بنيوية..ص 20..
.
2.مواقف سلبية من الشعر والشعراء ، د.حسين عبود الهلالي ، ص48.
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏ابتسام‏‏
كل التفاعلات:
غازي احمد ابوطبيخ، وأحمد البدري و١٩ شخصًا آخر