الأحد، 31 ديسمبر 2017

نموذج شعري مؤتلف قراءة لقصيدة الشاعر / شاكر الخياط بقلم / غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

نموذج شعري مؤتلف: ***************
واضح ان هذا القصيد الذي نحن بصدد نشره في ادناه من الشعر الموزون على بحر المتقارب ( فعولن) بزحافاته وجوازاته المعروفة ،مع فسحة واسعة من الحرية في خلق مدمج متداخل بسلاسة عالية بين طرازين شعريين هما العمود والتفعيلة ،وهو المنهج الذي نظّر له صاحب هذا القصيد نفسه،ونعني الاستاذ الناقد شاكر الخياط،حيث كتب على منهجه مجموعة من الشعراء فضلا عما قدمه بنفسه للدلالة على امكانية تطبيقه بكل يسر ومرونة،متمنين له الاتباع والشيوع الشرطين المحوريين...
اللذين يمنحانه الحيوية والخلود ان شاء الله تعالى ،وجلنا يتذكر كيف ان جماعة الديوان لم يكتب لتنظيرها النجاح لأن المنظرين ذاتهم لم يقدموا من النتاجات الابداعية ما يثبت هذا النجاح برغم نجوميتم الثقافية العالية كالعقاد والمازني ،عكس جماعة ابولو التي حققت عبورا كبيرا مهد مع مجموعة من المحاولات والتجارب لظهور حركة شعر التفعيلة او ما بصطلح عليه ب( الشعر الحر) برواده المعروفين للجميع الذين نظروا وكتبوا فكان حليفهم النجاح الاكيد،وهذا ما نلاحظه هنا على هذا المنظور علما ان لهذه التجربة اسبقيات تمهيدية نظرية ايضا ولكنها شاملة لمجموعة فنون وطرازات في محاولة لم يكتب لها النجاح لانجاز عمل ابداعي شامل يجمع بين الادب باجناسه والشعر بطرازاته والمشهد المسرحي والضربة السردية القصصية والنثر بشتى اصنافه واللوحة الفنية التشكيلية كلها في مشروع نظر له الاديب صفاء محمد علي التميمي من العراق ،ولكنه كان مشروعا غير قابل للتنفيذ ،فضلا عن كونه مشروعا مترفا لا يحمل ضرورته الابداعية المقنعة ..انما كانت هناك تحققات ابداعية منفردة سابقة مارست نوعا من الدمج بين العمود وشعر التفعيلة من غير تنظير ولا تبويب ولكن الكشف عنها والتنظير لها وتاطيرها والكتابة عليها ايضا كان على يد صاحب الموتلفة- موضوع الحوار- نفسه، آملين له تكرارا التوفيق في مسعاه الكبير وهي فرصة لدعوته لنشر كامل المؤتلفة هنا بغية الاسهام في تحقيق اوسع مديات الذيوع والانتشار ،مع التقدير:
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
متى نلتقيك:
---------
اليك رجائي فانت الرجاءْ
وباقي بكائي عن الراحلين
.
هنيئا لمن غاب عن ساحها
هنيئا لمن لم ير المارقين
.
لعل جفونك
نامت
كجنحٍ كليمٍ
يرفرفُ شكوىً
بأيدي الصقورِ
لأنت الرجاءُ الابي الامين
وغيرك غاب كما الغائبين
فهذي الجراحُ،
نواحٌ،
نزيفٌ ،
تُعاودُ شُحاً،
طلاسمُ جَدْْبِ الثغورِ ...
براقُك عهد،ٌ
وسفرالسبايا
صدى الغادرين..
ترجلْ إلينا !،
تراها الجيادُ ،
كَبَتْ
بعد انْ راودتْها الذئابْ
وسادتْ سماها
بناتُ الغرابْ،
لقاؤك أمسى بعيدَ المنالِ وشمسٌ تَناءَتْ،
طواها الضبابْ ..
رحيلُك
آذى كيانَ الجبالِ
تُراوحُ من شَأوِها
في الهضابْ ..
متى نلتقيكَ
رسولَ الهدى؟،
متى تستحي
منك
هذي الكلابْ ؟
أ.شاكر الخياط
 
 

أنْ تحقق ماتريد.. بقلم / جاسم السلمان

أنْ تحقق ماتريد..
لابد ان تستمتع بما حققت)
هي ارتدتني
بين أعراس الفقراء
لهيباً منعشاً
ومنحتني
ظلمةً للهروب
وضيافةً مفتوحةً...
حضورا لايشيخُ!!؟
ترجّلْتُ
في مسيرة الوجوهِ
ووجدتُ الجياعَ
فأطعمتهم لحمي
ثم النساء
كلَّ النساءِ
وكسوتُهم جسدي
وكنتُ
عاشقاً للزحامِ
كركراتٌ
يُغمى عليها
تتمنى لي الحياة ؛
ممتعٌ أنا
حينَ أدورُ بلا أقدامٍ للوصول اليك
أكتشفُ آلهةً آخرى
لاأسمَ لها
ولها وجهٌ كوجهِ اللهِ؟
ودمٌ أزرقٌ
ذو حظٍّ عظيمٍ
وألفةٌ كثيفةٌ
وغاباتُ حنّاءٍ
وظلمةٌ حميمةٌ
فيتعرّى الجمالُ
ينمو فوق جبيني
بتوقيتِ القلبِ ؛
وجسدي المبعثرُ
من اللوعة
يألفُني
كالنّرد يلعبُ بي
وتختفي الخرائطُ
ولايختفي الصهيلُ ؛
انها الوقتُ نافراً
وناعسُ الطّرفِ
رغيفٌ من خمر
ولامحالَ
فأنا مهرٌ قتيلٌ
صامتٌ
صامتٌ جداً
أبني مخافرَ من حلوى
وعسسي
عاطلون من القسوة ؛
غيرَ انّي
أشتهي آخرَ القحط
وكلَّ الممكنِ
والصعبِ
ونشوةَ الفرحِ
وآفةَ عطرِك اللذيذِ
أحترقتُ
في شفتيك
وأدخلت الله عنوة
في جبتي ?!!
علمتني العناقَ المطمئنَّ
والشكوى
من قسوةِ الدرسِ
ولايفضحُنا الهوى
ياهواهُ ؛
وياويلتي
كفني بلا جيوبٍ
فأين اخبِّئُ خوفي
والنسرُ ماتَ
والسنبلُ جريحٌ
وتعرّى الجمالُ
أمامَ العيونِ ؛
لكنّ أصابعي
المرضوضةَ
تلوي فاكهةَ عنقِكِ ،
وانكِ تطوفينَ أليفةً
وانكِ حبيبةُ الشاعرِ
ودمُ الشعرِ ،
أوقديني
بجمرِ حنانكِ
وأبعديني
عن كهوفِ السعالي
أنت الآنَ لي
فأرقصي
ودعي الظلمةَ
مفتوحة!!!!؟
جاسم السلمان /بغداد29/12/2017
اللوحة من المدرسة التكعيبية
..
 
 

شاكر الخياط -مشروع ألقصيدة المؤتَلِفة

شاكر الخياط
مشروع
  ألقصيدة المؤتَلِفة
 
 

 تمهيد
بعد دراسة مستفيضة وجهد غير يسير ومراجعة شاملة للشعر العربي بنوعيه العمودي او القريض الذي وضع نظامه ( الخليل بن احمد الفراهيدي البصري) والشعر الحر الذي وضع نظامه ( بدر شاكر السياب البصري) ومن دواعي فخرنا ان يكون الاثنان عراقيين، وهذا ما يجعلنا نسعى الى ان نتراصف معهما..
هذان العملاقان اللذان ثبّتا علمَيهما ونظريتيهما فا صبحا نظامين يسير عليهما من اتى بعدهما كيفما شاء الاختيار..
وقد لاحظت التقارب والتجانس من حيث مبدا النظم وطريقة صياغة الاسس المتبعة في الشكلين، انهما كتبا للشعر العربي بالخصوص.. والاثنان لم يرتكزا في مبادرتيهما على الاقتناص او الاقتباس من احد من الادباء او ( الشعراء) الغربيين قطعا. ومثلما حدى الحب للشعر العربي بالسياب ان يتراصف مع الكبير الفراهيدي ليدخل التاريخ من بوابة واسعة لا حدود فيها وان يكون كما اراد. ارى نفسي في مشروعي هذا واحدا ممن تأثر بالعملاقين وبما أتيا به من جديد صحيح فرض نفسه بعلمية بالغة التركيز على الادب العربي، وانشد - وهذا ما اسعى اليه - تراصفا مع الاثنين لكي اكون ثالثهما في هذا المنحى، وقريبا ملتصقا بهما معتمدا ومستندا بعد الله عز وجل الى كل ما جاءا به، لم ولن اكون في يوم ما حييت بمنأى عنهما، وكلي طموح ان اكون ثالثهما عراقيا عربيا شاعرا محبا للشعر العربي وبما افضى به الفراهيدي والسياب. وهذا الحب دفعني ان اجمع بين امرين لا ثالث لهما على حد علمي المتواضع الى الان:
( عمود الفراهيدي، وحر السياب)، بما اننا آلينا على انفسنا الا ان نكون في خضم هذا العطاء غير منفصلين عنه بل متمسكين بعراه، سأحاول بهذا المشروع الذي اسميته حبا بما جاء به العظيمان ( المؤتلفة) ان اجسد ما علي من امر مفروض لا مناص منه، وحبي للشعر العربي، الجمع بينهما في هذا المشروع الشعري (القصيدة المشروع) التي اتمنى لها ان تتراصف في ما ستأتي به الى جانب ما اتى به الفراهيدي وما اتى به السياب، فأكون ويكون هذا المشروع مرحلة جديدة توحي وتنم عن ان العقلية الادبية والشعرية منها بالذات لن تتوقف عن الابداع.
وما ( المؤتلفة) الا استمرارا للإبداع العربي، مانحة في مشروعها الفسحة اكثر للمبدع بان يقول ضمن دوائر شعرية هي نفس تلك الدوائر التي اتى بها الخليل والتزم بها السياب.
وفي بحور هي جزء من بحور الخليل وهي لاحقا غير منفصلة عن بحور السياب التي اقرها ان تكون الطريق السالكة لشعره. وهنا جمعنا في محاولة طيبة بين ما اقره الفراهيدي وما تبناه السياب في مشروع يجمع العمود مع الحر في قصيدة واحدة يراد لها اعطاء الحرية للشاعر بمساحة اكبر واوسع ان يقول العمود، واعطاؤه فرصة مماثلة لكي يقول الحر في الوقت الذي يريد ان يقول فيه العمود والعكس صحيح ولا اشكال في ذلك.
وما تسميتها الواضحة والجلية بـ ( المؤتلفة) الا لتحقيق الغرض من هذا الطرح بالإمساك بروح الاندماج والرصانة بوحدة موضوعية ( توليفية) فيما بين النظم العمودي والنظم الحر لنفس البحر والوزن، وكل ملتزم بمسببات وعوامل الابداع، فالشاعر هنا لا ينبغي ان يفلت من احكام العروض في الوزن والقافية والصدر والعجز وما الى ذلك من متممات عناصر ومقومات الابداع للشعر العمودي، في الوقت الذي سيجد الشاعر نفسه بعيدا عن القافية والالتزام بالصدر والعجز والذهاب الى تعويضهما بالشطر، والانفلات الملتزم عن عدد التفعيلات، واختيار القافية او بدونها مع الحفاظ على اسس البناء الهيكلي لجسم القصيدة الحر مراعيا الجوازات التي اجازها الفراهيدي وكذلك ما اضاف اليها السياب من تجديد ..
فالعمود في (المؤتلفة) هو عمود ملتزم بكل الاشتراطات لكنه في حدود البحور المعدودة والمعروفة التي اقترحها السياب ( البحور واحدة التفعيلة) اي النغمية، وسار عليها الجمع من بعده، كذلك فالشاعر حر ايما حرية بان يتمسك بموسيقى البحور في الشعر الحر فيما يشاء منها وكأنه في نفس القصيدة لايمت للعمود بصلة، وهذا امر ينبغي ان يكون الشاعر مبدعا على الصعيدين، العمود والحر،
يتجلى الابداع هنا في قضيتين مهمتين اولاهما: على الشاعر ان يكون شاعر عمود في قريضه وكانه لا يمت للحر بصلة ملتزما بكل قوانين القريض، وهو نفس الشاعر في القصيدة ذاتها شاعرا حرا حديث الرؤى ماسكا بتلابيب البناء الحداثوي الرؤيوي الطامح الى معانقة العلا في ابداعه. وعلى هذا الاساس لم نخدش جسد القريض، ولم نتعرض لروح الحر بأذى..
البحور المفترضة لكتابة هذا النوع من الشعر( القصيدة المؤتلفة) الذي نقترحه ايمانا منا بالحفاظ على الشكلين العربيين للشعر اللذين نؤمن بهما في معتقدنا الفكري الادبي هما :
(العمود والحر) ومثلما نعرف ويعرف الجميع ان القريض لم يأت به ولم يقل به احد كـ (علم) قبل الفراهيدي، وهذا لا غبار عليه وامر لا يحتاج الى نقاش، اما
( الشعر الحر) فمع وجود اعلام بادروا وبدأوا في محاولات كثيرة ومتعددة، لكن الريادة دون اختلاف مالت الى السياب اكثر من غيره ولم يكن بروزه هذا موضع شك من قبل او من بعد، فهو من رسَّمه ووُسم به .
البحور التي نضعها ضمن هذا الاطار في قصيدتنا (المؤتلفة) هي البحور ذات الايقاع او التفعيلة الواحدة المتشابهة التي سار عليها السياب، وعلى هذا الاساس فان ما قام به السياب هو محاولة للحفاظ على الموروث الرائع الذي جاءت به العرب من قبل ووضعه الفراهيدي في قوالب وكيانات جميلة لم يعبث من خلال علمه بشيء قالته العرب، وبجمعه لتلك الاشعار وتقسيمها الى تلك البحور المحددة والتي لم يحاول او يجرا احد من معاصري الفراهيدي ولا من اتى من بعده ان يقول بعكس ما قاله الخليل الى يومنا هذا، على الرغم من محاولات بعض المولدين الخروج عن هذا النهج في بحور مزيدة او منقوصة واخرى مبتدعة، الا ان الذي استقر عليه الحال وآل اليه المآل هي تلك الستة عشر من البحور( خمسة عشر منها جاء بها الفراهيدي وواحد تدارك به الاخفش عليه- نذكره على الرغم من ضعف هذا الرأي- )،، والامر سيستمر الى ما شاء الله في خصوبة قرائحنا والاجيال القادمة.
ومثلما اجتهد السياب في مولوده الكريم الذي سرعان ما رأينا نضوجه ووقوفه على قدميه وانهمار الشعر من شعراء عراقيين و عرب نهجوا منهج السياب لاعترافهم بجميل ما اتى به. واصبح فنا رائعا يضاف الى سجل الروائع والابداعات في الادب العربي الذي لا يقف عند حد ولا يمنعه سد (على الرغم من بعض العراقيل والصعوبات التي واجهته في بداية المشوار).
فنحن الان نحذوا حذو الصالحين المبدعين ممن سبقونا ونالوا شرف الرقي والانفراد بالمنجز لأنفسهم ولأدبهم، فلم يكن حكرا عليهم بل افاضوا به على الناس. ونحن نعترف هنا اننا نستند ونرتكز في كل ما سنقول في قادم بحثنا على الفراهيدي والسياب، وهذه الاطروحة لا تعارضهما فيما جاءا به نصا وجوازات، بل هي منهما تستقي وبهما تهتدي للوصول الى ابداع جديد نظنه ونعتقده هكذا، وهو شكل جديد من اشكال القصيدة التي يفترض انها ستعطي مجالا ارحب وفسحة اشمل تحاكي مَلَكة الشاعر وحسن ذوقه وجيد ادائه مراعيا في كتابته الاصول المذكورة لكليهما محافظا على الموسيقى التي هي غاية ما نهدف اليه،
ومثلما كان شاعر العمود يسافر في دنيا لا حدود لها وهو يمسك بزمام فرس اصيل وهذا الزمام هو سر القصيدة فتراه ان ارخاه مرة جاء شعره انسيابيا رائقا عذب النغم والايقاع خفيفا على اذن المتلقي، فكانت القصيدة سلسة التعبير، وهذا نراه في الرومانس وشعر الحب والوصف وما الى ذلك. وان كان قد شد الزمام كان شعره قويا متدفقا شديد الايقاع صارخ النغمات، وهذا يتجلى في بعض اغراض الشعر التي تختلف عن الرومانسية والوصف وما شابه مثل الحماسة واشعار التحريض والتحشيد، وفي جديدنا تكون القصيدة او العمل الشعري ممثلة للتقريب بما يلي:
(( صهوة واحدة لفرسين عارمين، يتربع على تلك الصهوة فارس واحد "الشاعر" يمسك بزمامين هما العمود والحر، لينتج بهما حركة تموجية انسيابية بتحكمه بالفرس الاول تارة والفرس الثاني تارة او بكليهما تارة اخرى، دون محاولة الافلات لاحدهما على حساب الاخر، وبهذه الحركة المنسابة سيكون وقع القصيدة او العمل الشعري الجديد، حركة "مؤتلفة" منسجمة متوائمة متوازية بين الفرسين، يتقدم هذا تارة ويتقدم ذاك اخرى ويسيران سوية ان شاء الشاعر، ومثلما نحس الموجة في هبوب النسيم، نأمل ان يكون الايقاع في العمل الشعري " المؤتلفة" موسيقيا انسيابيا متهاديا لا تنتابه هنة ولا تقطٌع ولا يصيبه وهن او ضعف ولا فجوة.
وهنا لا بد من الاشارة بادئ ذي بدء: اننا لم ولن نكون باي شكل من الاشكال بديلا عن العملاقين ( الخليل والسياب) انما نحن نريد ونبغي من وراء هذا المنجز ان نكمل الطريق بما لا يخدش منجزيهما ولا يكون بديلا بتجاهلهما او حذفهما او محاولة التعريش عليهما او محاولة لتهميش منجزيهما الرائعين، وهما اولا وآخرا صاحبا الفضل في هذا الشأن، ولا فضل لاحد عليهما الا الله مبدع الكون والانسان.
وما محاولتنا هذه الا استمرارا لذلك النهج الطيب والمسار السليم، ونريد بهذا ان ندعم ابداع السياب في محاولة منا - نعتقد مخلصين- انها ستصب في مصلحة الشعر العربي واحاطة الحرف العربي والشعر العربي بوجه الخصوص بسور من الدعامات التي تدعمه للاستمرار والوقوف والثبات على عكس صرخات وادعاءات ومحاولات البعض - وهم كثر – ممن اغرقوا الساحة بمحاولات يائسة وبائسة بالتنصل عن الوزن بالنسبة للشعر العربي بشقيه، واطلقوا تسميات لا تخص
الشعر ولا تنتمي له، انما هي بعيدة كل البعد عن الصلب والرحم، ومن يتابع بإمعان محاولة السياب وما جاء به سنرى كم يحترم هذا العملاق استاذه الاول الخليل، وسنحاول ما اوتينا من جهد ان لا نفرط بهذا العقد الثمين والدر المكنون وسنحاول ان نكون لؤلؤة ثالثة في هذا العقد ثنائي التركيب، بحيث يكون السلسله اذا شاء الله ((علم العروض للخليل بن احمد الفراهيدي، والشعر الحر لبدر شاكر السياب، ونرجو ان نكون معهما في (القصيدة المؤتَلِفة)، او العمل الشعري المؤتَلِف للعبد الفقير الى الله والمستغني عمن سواه شاكر الخياط ))
وقصيدتنا المقترحة لا يكتبها جاهل ببحور الشعر ولا متجرد او متمرد على اصوله، قصيدتنا الموسومة بـ " المؤتلفة" " المشروع المقترح" لن تكون البديل عن القريض او تسعى لذلك، ولن تكون البديل عن الحر او تسعى لذلك، وهي تتلخص فيما يأتي:
هي محاولة المزج والتوليف بين العمود للخليل والحر للسياب نظما شعريا في قصيدة واحدة تبدا بالعمود ثم تنتقل الى الحر ثم تعود الى العمود وتنتقل الى الحر، أو العكس تبدا بالحر وتنتقل الى العمود ثم تعود الى الحر وتنتقل الى العمود لا اشكال في ذلك ولا ضير، بل هذا هو مبتغانا في ابداع زاخر ثر متين، ويتداخل فيها البحر الواحد بالوزن بين العروض والحر دون احداث ارباك يُظهر ان العمود قد فرض نفسه على الحر او تفوق عليه، ودون الايغال في الحر الى الحد الذي يرى المتلقي ان القصيدة قد كتبت على الحر البحت فقط دون وجود اي اثر للعمود، او الاستمرار والتركيز على العمود بحيث تبدو القصيدة عمودية بحتة، انما الامر المهم هنا ان القصيدة ستشتمل على النوعين :
( عمود – حر – عمود) او (حر – عمود – حر) وهذا شان يخص الشاعر الذي له
الحرية والخيار في ان يبدا بأحدهما دون ادنى اشكال وهذا امر منوط به وله القرار، شريطة الحفاظ على روح البحر في وزنه المعروف وجوازاته وزحافاته والتزاماته وضوابطه وما يترتب عليه، وبتعبير اخر اننا لم نُضف بحرا على بحور الخليل، ولم نحذف بحرا من بحور الخليل ، ولا داعي ان نقول ( وبحور السياب لان السياب لم يخرج عن الخليل في بحوره) انما ارتأينا بعد دراسة معمقة وصبر طويل وبحث استمر لسنوات ان نجعل القصيدة الجديدة تحتوي على كل ما جاء به السياب ( الشعر الحر بأوزانه وجوازاته المعروفة) اي تلك البحور التي يمكن الكتابة عليها في القريض وهي البحور متساوية التفعيلة ( ذات التفعيلة الواحدة المتكررة في البحر الواحد، وهذا الامر سيحدد الشاعر بان لا يخرج عما افاض به الاولون وليس له الحق في ان يزيد او ينقص او يأتي بمحدث، لان هذا سيؤدي به الى جديد خارج عن جديدنا وسيعتبر تجاوزا على ما قلنا به او ربما خروجا عليه، ولكي تتضح الصورة اكثر وان لا ندع للمتربصين ما يعكر مياهنا الصافية في تصيدهم نقول:
البحور التي يجوز الكتابة عليها في قصيدتنا " المؤتلِفة" الجديدة او "العمل الشعري المؤتلِف" الجديد هي :
الوافر : مفاعَلَتُن / مفاعَلَتُن / مفاعِلْ او مفاعَلْتُن/ مفاعَلْتُن / مفاعلْ مع جوازات الوافر
مجزوء الوافر وما يترتب عليه من اشتراطات.
الكامل : مُتَفاعلن / مُتَفاعلن / مُتَفاعلن او مُتْفاعلن/ مُتْفاعلن/ مُتْفاعلن مع جوازات الكامل
مجزوء الكامل وما يترتب عليه من اشتراطات.
الهزج: مفاعيلن/ مفاعيلن مع جوازات الهزج واشتراطاته.
الرجز: مستفعلن/ مستفعلن/ مستفعلن او متفعلن/متفعلن/متفعلن او مُسْتَعِلن/مستعلن/ مستعلن مع جوازات الرجز وشروطها.
مجزوء الرجز ومايترتب عليه من جوازات.
الرمل: فاعلاتن/ فاعلاتن/ فاعلاتن او فَعٍلاتن/ فَعِلاتن/ فَعِلاتن مع جوازات الرمل
مجزوء الرمل وما يترتب عليه من جوازات.
المتقارب: فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعولن او فعولُ/ فعولُ/ فعولُ/ فعولُ مع جوازات المتقارب
مجزوء المتقارب وما له من جوازات.
المتدارك: فاعلن/ فاعلن/ فاعلن/ فاعلن او فاعلُ/ فاعلُ/ فاعلُ/ فاعلُ مع جوازات المتدارك
مجزوء المتدارك وما يترتب عليه من جوازات
الخبب: فًعِلُنْ/ فَعِلُنْ/ فَعِلُنْ/ فَعِلُنْ
او فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ
مجزوء الخبب ومايترتب عليه من جوازات
اننا نبغي من هذه التجربة ان نضيف ابداعا جديدا الى ما ابدعت العرب من قبلنا واهم ما نبغيه هنا هو ( التوليف أوالتجانس أو المجانسة أوالأمتزاج أو الأندماج أو التوحد) وكلها مفردات تنهل من معين واحد، فتنساب في ماء رقراق صاف عذب فرات يصب في نهر جديد، بحيث تكون القصيدة (مؤتلفة) في بنائها منسجمة ككيان واحد وكبدن واحد وكلٌٍ لا ينفصل.. وعلى هذا الاساس اخترنا التسمية لكي تعطي المعنى واضحا جليا دون ادنى تأويل، مما يسهل على الدارسين من الاجيال اللاحقة ان لا يبدوا أي جهد في الوصول الى التعريف لأنه لا يحتاج الى رأي أخر حسب ما اشتملت عليه كلمة ( المؤتلِفة) على اعتبار وحدة الموضوع التي يتمتع بها كلا اللونين، ووحدة الشكل المنسجم الجديد، والذي يميز كل نوع ولون عن الاخر.. لكنهما سينتجان وحدة موضوعية اخرى جديدة مستقلة قائمة بذاتها ستحتل وتمتلك لونا جديدا يميزه من جديد. وستخضع من جديد الى كيان قائم ذو اطروحة جديدة .. وهذه الاطروحة تتلخص في مايلي:
المؤتلفة قصيدة تشتمل على العمود في وحدة موضوعية متناسبة مع الحر في وحدة موضوعية متناسبة مع العمود وبامتزاج الاثنين سينتج ذلك عملا شعريا مولفا منسجما في وحدة موضوعية جديدة لا انفصال فيها عن وحدتي الموضوع في العمود والحر اللذين هما اساس وحدة الموضوع للكيان الجديد في العمل الجديد، وبهذا فان وحدة الموضوع الجديدة المنتَجَة ستكون وحدة موضوعية مستقلة الكيان والهياة لأساس معتمد يستند على ذات العمود وذات الحر اللذين امتزجا سوية لأجل اخراج هذا الابداع المنجز الجديد وبهذا الامر نستطيع القول ان العمل الجديد سيحتوي على وحدة موضوع جديدة متميزة وستكون وحدة موضوع ارتبطت بكلا الفنين العمود والحر لكنها ليست ثوب الموضوع الجديد دون الغاء وحدة اللونين لكن النظر الى وحدة الموضوع الجديد والتأكيد عليه هي الغاية المثلى اي وبتعبير اخر اننا استخدمنا النوعين (الحر والعمود) كسياقين غير منفصلين، فكانا واسطتي نقل يسيران باتجاه واحد وبنسق واحد للوصول الى هدف واحد، ومزجنا بينهما لكي نصدر وحدة موضوع جديدة تسمى (العمل الشعري المؤتلف) او (القصيدة المؤتلفة)
اما الانتقالات فيما بين "التفعيلة في البحر الواحد المؤمل الكتابة عليه" وبين جوازاته فهذا امر مقبول وطبيعي واهم ما نؤكد عليه عدم اظهار ( الخلة او الهوة او الفجوة او الهنة او التدني او الضعف) فيما بين الانتقالات بحيث يشعر المتلقي ان الشاعر هنا انتقل من العمود الى الحر او من الحر الى العمود.. انما المرجو والغاية الاسمى هنا وكل التأكيد على الانسيابية والتمازج بين الانتقالات.. وهنا يجوز للشاعر ان يلتزم الوزن كاملا او يلتزم جوازاته في كلا الامرين ( العمود او الحر) دون ان يخدش من العمود اِهابه او من الحر جماله ويصل بالقصيدة الى لوحة واحدة والى خلق جديد اسمه المؤتلفة طائر يحلق بجناحين هما العمود والحر او الحر والعمود هذان الجناحان يمتد كل منهما الى حيث يشاء ويريد لا سلطان لاحد على الشاعر ان يبدع في العمود اكثر او في الحر اكثر.. لكن الذي نبتغيه ان يعرف الشاعر انه الان طير يحلق من اجل العلا والابداع والارتقاء بجناحين متساويين في حمل الطائر، وان اخل جناح سيظهر الخلل في ذلك التحليق وربما سيهوي الطير، لكنما الذي سيديم للطائر تحليقه هو ذلك التوازن فيما بين الجناحين، وليكن الشاعر هو الطير محلقا في العلا بجناح "العمود" تارة يمينا وبجناح "الحر" تارة شمالا، حيث لا افق يحتويه او يمسكه الا اذا شاء التوقف عن التحليق،، الى الحد الذي يصعب التفريق بينهما، وفي نفس الوقت دون التركيز المفرط الواضح على واحد دون الاخر.. يحق للشاعر هنا ان يكتب مثلا:
مُفَاعَلَتُنْ / مُفَاعَلَتُنْ / فَعَولنْ ويستمر الى ان ينتقل على سبيل المثال الى
مُفَاْعَلْتُنْ/ مُفَاْعَلْتُنْ / فَعَولنْ/ موزون ومقفى ( تام او مجزوء) لأنه هنا سيلتزم القافية والوزن أي هو الان سينتقل الى العمود..
او
مفاعيلن/ مفاعيلن/ مفاعيلن/ مفاعي/ مفاعْ / مفا
او
فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعو/ او /عو- لن/ او فعولٌ
وهكذا سيستمر الشاعر باِنثياله ممتطيا جواد (المؤتلفة) متنقلا بين التلال والسهول ،من تل الى سهل او من سهل الى تل كالموجة التي تهب بنسيمها لا تخدش الوجوه .. وهنا سيلاحظ المتلقي ان الشاعر كان يجيد التوليف بين البحر في شقيه او شكليه (العمود او الحر) لان الشاعر هنا سيكون فارسا يمتطي صهوة جواد اصيل ينساب بجواده بين الهضاب والسهول في حركة موجية دون أية رتابة في الحركة الاصل للفارس وبين حركة الجواد وهذا ليس شان عام مشترك لكل راكب انما الانسياب هذا لا يتقنه الا فارس على جواد متمرس، والإمساك بزمامي الامر لا يعرفه ولا يخبره ولا يتمكن منه الا فارس، وهنا يقتضي ان يكون الشاعر متمرسا وشاعرا عارفا بفنون الشعر بشقيه، هذه الخلاصة تسترعي الدراية الكاملة بالشأن الشعري ونظمه وزحافاته وجوازاته وما يجوز ومالا يجوز ..ولعل من دواعي افتخاري وامتناني ان اضيف ان هذا النوع من الشعر( المؤتلفة) سيكتبه ويحبه من احب الخليل وعروضه، ومن احب السياب وحره وآمن ان ما أتيا به كان صوابا وابداعا بلا منازع وهذا آت عن دراية وخبرة تنم عن حب كبير للشعر العربي.
وبهذا نكون قد وفقنا في انتاج جديد يمسك بتلابيب الشعر وحيثياته ولا يحيد عن الخط المرسوم.. المتوقع ان تكون المساحة للمبدعين اشمل واوسع وان يكون الابحار اكثر عمقا وابعد مدى واعلى صعودا الى غاية ابداعية تليق بمسعاه، الغرض منها( الحفاظ على الشعر العربي بشقيه، وايجاد حالة من الابداع الشفاف الراقي) تواصلا مع حركة الحياة وصراع المنتجات وحالات الاختراعات والابتكارات في الميادين كافة والتي تعتبر حالة من الشعور الوجداني والانساني الحر المشترك في عملية تواصل دائمة، تنبئ بان هذه الارض لا تسع على ظهرها من يريد الانعزال او التفرد بنتاج احادي الجانب او حضارة ما دون التواصل او التلاقح الدائم والمستمر الذي يظهر للأجيال ان هذا الكم الهائل الذي استقر على الارض وعاش عليها كان يسوده الصفاء والمحبة والتواصل الانساني الامثل .
تنويه:
وجود بعض المزاولات الشعرية والممارسات غير المكتملة او المزاجية والتي لا تعني التنظير ابدا وقد لا تمثله اطلاقا ولكنها تؤكد ضرورته لانها تعبر في ذات الوقت عن اصالته وعن وجوده الخفي كايقاع شعري تتلوه النفس البشرية ولرب ماطرحناه كان في مخيلة آخرين مثلنا، ولكي لانبخس حقهم فاننا نتقدم لهم بالعرفان وبالثناء لتوافقنا في الطرح والهدف وان كانوا قد سبقونا فلهم الفضل المتقدم علينا سلفا، وستظل الابواب مشرعة لحوار رصين به نرقى نحو مديات اوسع واكثر فائدة في مجال الابداع الادبي والشعري منه بالخصوص، وانا ختاما لا أبريء نفسي من الزلل او الخطا وساكون ممتنا لمن افادنا براي او ملاحظة، فهي محترمة وان اختلفت عنا ،
وفقنا الله والجميع لما فيه الخير
..

الخميس، 28 ديسمبر 2017

في واحة النقد الأدبي -وقفة نقدية على نص الشاعر جهاد سليمان بقلم / الناقد غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

في واحة النقد الأدبي )
رأي للناقد والشاعر الفذ (آفاق نقديه ـ غازي ابو طبيخ)
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
بإزاء نص رائع كهذا بكل ماتعنيه الروعة من المعا...ني نجد انفسنا في وقفة لذيذة مفعمة بالحيوية الشعرية..
ذلك لأن شاعرنا قد خلق في داخله برغم قصره مفارقات ابداعية لافتة ،اهمها التناص المعنوي البليغ مع البيت التراثي المغنى ( قد كان شمر للصلاة ثيابه ،حتى وقفت له بباب المسجد)..
ولو عقدنا مقارنة بين المشهدين لرجحت كفة العائد من كربلاء على المشمر عن الثياب بكثير،بما حملت فكرة العودة من الحركية ثم التاريخ في جانب ومن المشاعر التي اغتسلت توا باحزان المشهد الكربلائي القديم في جانب اخر..حتى وصلت الى درجة من النقاء والشفافية يصعب اختراقها..
من هنا تبدأ المفارقة الثانية في قدرة عنصر الخطاب ..المحبوب..على النفاذ على رغم المناخ الطهور الذي تم اكتسابه بالرحلة المقدسة المشار اليها انفا..
المفارقة الثالثة تتجلى في خلق الشاعر جهاد سليمان المبدع لنوع من المطابقة الاستلهامية الرائعة بين المفهوم القراني الكريم في الاية ( ونفس وما سواها
فألهمها فجورها وتقواها..)
من خلال التناص الثاني بالمعنى ايضا،حيث يجمع لمعشوقته بين ( الطهر والغواية) معا في بنية مدهشة حقا..
ثم خاتمة المسك المميزة بجدارة ..
( اي الصباحات ارتديت
لكي تكوني
اجمل الاقمار
في عرس الحياء)..
وياله من تكثيف باهر لوصف جمال امراة ما بانها ترتدي بهاء الصباح
مع انها قمر والقمر لايظهر الا في المساء
في ضربة سريالية مستحيلة للقاء
ثم تجى الضربة الاخيرة حيث ( عرس الحياء) الذي يخفي تحت اديم ملامحه البهية خفر العذراء الذي يكتنف على كل معاني الغواية والاثارة الأنثوية الحلال..
بارك الله قلمك وقلبك الملهم زميلي العزيز..تحياتي ومحبتي والسلام..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفيما يلي المقطع الشعري..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ
مــن أيــن َ أرسـلك الحنـيـن ُ حـمـامـةً..
هــَـدلـت لـقـــــلبٍ عـــائـدٍِ..
مـن كــربـلاء
مـن أيــن جـئـت بالـطهـارة كلـهـا
وبـكلِّ إغـــواء الـنســاء..؟
أيّ الصباحات ارتديــتِ لكـي تـكـوني.
أجـمـــــل الأقـمـــار
فـي عـــرس الحـيـاء

الشعر العربي بقلم / الاديب الشاعر شاكر الخياط

الشعر العربي ...
مفهومي المتواضع تحديدا...




،،،
قد يستغرب البعض من القراء الاحبة سبب تناول هذا الموضوع...
هناك قناعات تستجد لدى الانسان على اساس مبدأ التطور الفكري للعقل البشري ...
وهناك قناعات اصبحت بمرور الزمن من الثوابت التي لاتقبل النقاش والمداولة بداعي الاقناع لان من اقتنع بها جعلها كاسمه ورسمه وهكذا جبل عليهما فهما غير قابلَين للتغيير...
ما اريد ان اتعرض اليه الان لعله قد سبق طرحه على العام واشبعناه نقاشا على الخاص مع جملة من احبابنا واصداق عمر وادباء تربطنا معهم لغة الادب واحترام الحرف...
ونحن هنا لا نبريء انفسنا من الخطأ اطلاقا على اننا بشر وقد يصيب احدنا او يخطيء، لكنني هنا اريد التوثيق لموقف ادبي ( شعري) بوجه الخصوص، لا استطيع القول انه يقلقني حسب انما هو يؤرقني، ومثلما يحزنني ان تضيع نتاجات عربية اهدت للعالم المعرفة وباعتراف من سرقها او انتحل صفة نتاجها او الانتماء اليها مثلما يؤلمني ان ارى الكلام المبعثر والكلام الذي لا ينطبق على التصنيفات والتعريفات العربية بادعاء انه شعر او نثر او حتى خاطرة، ولا اريد ان اسوق هنا اي مثال ولا اريد ان احدد اي كاتب مهما كان نوع كتابته، لانني اربأ بنفسي ان اصنف قلمي بين اي من الاصناف المتعارف على اصحابها، وهذا بطبيعة الحال شأن يعنيني،،،
منذ فترة وانا اتابع بعض كتابات هنا وهناك، بل ومنتديات في بقاع من الوطن العربي وخارجه تقيم الاماسي وتجتمع اليها الناس ظنا منهم انهم سيستمعون الى شعر في ديوان اعطي صفة الشعر وهو ليس من الشعر بقريب، وحتى وان سلمنا ان النص الذي تم اجحافا تسميته شعرا سيؤول الى النثر على اساس قرابته من الاسترسال وعدم تضمنه البحر او القافية او الموسيقى او الايقاع، فهذا خطأ اكثر ايلاما وجرحا من سابقه،،،،
في يوم ما كنت في نقاش مع زميل لي له باع في كتابة القصة وهو يعشق هذا الفن، لكنه يمتلك اذنا صافية وحسا شعريا مرهفا كان يستمع الي وانا اتطلع الى نتاج احد المبتدئين الذي طلب مني ان اعطي الراي بنتاجه قبل الطبع، وحين انتهيت من مطالعة وتدقيق المكتوب، نظرتُ خلسة الى زميلي القاص، كانت عيناه تقدحان شررا متفحصة وجهي وماذا ياترى ساقول، وهو بانتظار ماسيحدث، قلت بكل هدوء الى صاحب الطلب:
لم اجد شعرا فيما كتبت ( لم اكن قاصدا الاساءة اليه او الانتقاص من المكتوب اطلاقا) وافضل ان يصاغ هذا تحت عنوان خواطر او تعطيه وصفا يعجبك انت على ان لا تصفه بالديوان، لان كلمة ديوان تطلق على مجموعة من القصائد التي تنتهج الشعر منهجا لايصال الفكرة،
انا كنت واثق ان اخلاق الرجل وحسن تربيته ستبعده عما لا اتوقع، وحقيقة اسعدني بتهذيبه العالي وتربيته، لكن ورغم هدوء جوابه احزنني كثير،ا ولازلت اتذكر ذلك اليوم وكأنه اللحظة - رغم مرور مالا يقل عن سبع سنوات على هذا الحادث- كيف انتابني شعور غريب يوحي كأنني لست مع الركب او خارج السرب وان تغريدي لم يعد مألوفا...
اجابني بالحرف الواحد بان زمننا ( انا وامثالي) انتهى وماعاد الشعر كما نتصور او كما نؤمن، والساحة – على حد قوله – لهذا، مشيرا وملوحا بكتابه امامي، استطعت ان ابتلع ماعلق بجوف فمي من لعاب احسست انه مر آنذاك ،،
غادرنا الرجل حيث طبع ( الديوان) المذكور والثاني والثالث !!
هذا الموقف اخذ يتكرر الان، ولست ممن يريد القول للاخرين انكم لا تعرفون الشعر او ان كتاباتكم هذه لاتمت للشعر بصلة، ابدا، لكنني ارى ومن واجبي وبحكم ما نحن عليه من انتماءات لايمكن ان نحيد عنها، ان اقول :
عندما حاجَّ الناسُ الرسولَ عليه افضل الصلاة واتم التسليم محاولين تسجيل مأخذ على القران الكريم بانه شعر وان محمدا لم يأتِ بجديد، لكن الله عز وجل قال غير ذلك، فهو ليس بالشعر، ولا الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم بشاعر، ترى الى اية درجة من الاحترام والى اي قدر من الاعتبار كانت العرب تنظر الى الشعر؟ فهل يمكن لمن قرأ القرآن الكريم وفي الكثير الكثير من آياته الكريمات وهي تصدح بالموسيقى والايقاع والنغم العذب الذي يشنف الاسماع، ويشجي الانسان في نفسه عدا عن اصغائه من الصوت الاعذب الا ان يقول ان هذا شعر!! ...
اذا كم عظيم هو الشعر العربي الذي يجب ان افتخر به كوني عربي احب لغتي، ومنذ عصر المعلقات تفنن الناس وحاولوا التطوير مجددين وحاولوا الابداع مكتشفين بحورا جديدة او ايقاعا موسيقيا جديدا او ضربا من ضروب الادب ومجالاته الواسعة التي لا حصر لها، لكن هذا لم يثلم هيبة الشعر حتى بابتكار الاندلسيين لكثير من الانماط الجميلة والتي التزمت روح الشعر مع اجازات افاضت علينا بغنائيات واناشيد وموشحات عذبة وغاية في الروعة، الى ان اكتمل البحث وتعطر التحديث والتجديد على يد العمالقة في بدايات القرن العشرين ومن مختلف اقطار الوطن العربي الكبير حين تكللت تلك الجهود الميمونة بظهور - الشعر الحر – الذي كان بمثابة رحمة ووسع في التعبير وحرية اكثر فيما يريد لمن ضيقت الاعجميات الدخيلة على اللغة والمجتمع العربي آنذاك عليه فصارت صعوبة الفهم بتواتر دخولها الى اللغة بل وامتزاجها معها وكأنها عربية، وبابتعاد المعنيين عن روح الشعر العربي نتيجة الواقع العربي الذي مر بمراحل تعرض فيها الى نكبات عديدة ومتنوعة في اماكن مختلفة من الوطن الكبير، ومع كل الاعتراضات على الكائن المولود الجديد آنذاك، لكنه اثبت ان ما اتى به السياب رحمه الله والركب ممن عاصر تلك الحقبة كان بمثابة تطور للجنس الادبي – الشعر – لكنه لم يخدش كبرياء الشعر ولم يجرحه اطلاقا...
هنا يستوقفني كثيرا ما ينسب الى الشعر، ولا اريد ان اخوض من جديد بتسميات انا شخصيا ارفضها، وهذا حق لي لا احد يجردني منه، ولا اريد كذلك ان اتعرض الى جنس من اجناس الادب يطلق عليه – لا ادري كيف – شعرا، على ان من لايريحه هذا او ربما يصفني بما يريد مما ليس فيَّ فهو بعيد عن حقيقة هذا الفهم الذي اؤمن به، وانا اؤسس لرايي المتواضع هذا انطلاقا مبنيا من محبتي للعربية وللادب العربي وبالخصوص الشعر منه، ولعلي لا اجانب الحقيقة اذا قلت انني احرج اكثر من مرة حين اجد نفسي ملزما بان اتناول مقالا اجهد نفسي فيه واعطي من وقتي له وهو لايستحق ذلك، بل تعدى الامر الى الدخول على الخاص لمعرفة الراي مني، وانا ومع بساطة معلومتي لا يمكن ان اجرح خواطر الناس، ادبا وخلقا تفرضه علينا خبرة السنين والعمر المديد وتحلينا بتربيتنا العربية، فليس منا هذا ابدا، فاذا كان الراي مماثلا لمايريدون ومنسجما كنت انا الاحسن والارقى والناقد الحصيف، وان كنت قد قلت مايمليه عليَّ فهمي ومعرفتي البسيطة وبصراحة، وهو مخالف لما يريد البعض كانت المقاطعة والابتعاد حتى عن ( السلام عليكم) ان لم يقم الشخص بشطب والغاء وجودنا من على صفحته...
انا لا اصدر احكاما عرفية تسير الشرطة على ضوئها في الشوارع لتطبيقها على الناس دون فهم او مناقشة تلك الاحكام، وليس لنا سلطانا على الاخرين، رغم ان الامر يتعدى الى خرق الثوابت والخروج عن المقرر الصحيح، فمع هذا الناس احرار فيما اختاروا وتبنوا من افكار، نحن الان في القرن الواحد والعشرين، وما للغرب من ثقافة واسس قد بنوا عليها آدابهم شعرهم ونثرهم وما شابه فهذا لا يتقاطع معنا انسانيا، لكنني اقول: ليس من المنطق ان يكون من يخالفني الراي وانا لست جاهلا به عدوا لي، وليس من المنطق كذلك ان تجيَّر القناعات بدون فهم ايضا استنادا الى من قالها، لاننا بعد الله وكلامه الكريم ليس هناك مالايقبل التمحيص والتدقيق والتفكر، وهذا ليس بالممنوع قانونا، ولا المحرم شرعا...
لكل منا رؤاه ولكل منا ايضا هواه وليس بالضرورة ان ماتهواه نفسك ستهواه نفسي... وقد نصيب وقد نخطيء، هذا ديدن الحياة
اقول قولي هذا واستغفر الله من الغلو او الاساءة – لا سمح الله - ،
واسال الله لي ولكم التوفيق محفل الادباء وناطقي العربية الاكارم...
محبتي

عود على ذي / بقلم الاستاذ نعيم المعلم

عود على ذي:
................
الاستاذ نعيم العلي:
........................
منذ مدة ليست بالقصيرة، بيّنا على صفحتنا الاخطاء والاخطار التي شخصناها في /بعض الومضات/ التي ينشرها بعض الكتاب من الذين لا يجيدون الاساليب العربية السليمة .....

ولا نجد ضيراً في ان نعيد تأشير بعضها حرصا منا على الذين يتبنون هذا النهج من اصحاب التجارب،وكما يلي:
///1----
هذه الومضات قريبة من لغة البرقيات السريعة..
2---
انها تنحو منحى الاختصار المخل بالمعنى..
3---
تغرق في فوضى الرمزية والتعقيد وتحمل الكثير من الفهوم والرموز المضللة..
4---
ليست من التركيب العربي في شيء وبعضها يصاغ بكيفية تهدم النحو العربي، وتقتل البلاغة
5----
في الاصل ان تكون الومضة موحية وهناك اصطلاحات ودلالات اغلب الناشرين يجهلونها
6----
نتمنى لهؤلاء ان ياخذوا نهجا جديدا يتجنبون فيه بعض
مااشّرنا وان تسمو تعاببرههم الى جمالية وسمو البلاغة العربية.
6 --_
لنتعاون جميعا لدفع الحيف الذي يلحق بالمستوى الرفيع
لصياغة التركيب العربي الذي يتجنب الصور الناقصة والهشاشة
ونرغب ان تكون هذه الومضات قريبة من متناول المتابعين..تقديري..

مع الشاعر حميد العنبر الخويلدي في:( لامعة المتوسط)... بقلم / غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

ثانيةً،
مع الشاعر حميد العنبر الخويلدي في:( لامعة المتوسط)...
***



ان يكون الفكر هاجسا عميقاً مخصبا بروح التاريخ الحضاري..
وان يكون الشعر ايقاعا خبيئاً تتموسق في بحبوحته الاداة التعبيرية الناضجة..
ذلك مايجعل الكلمة نغما مائيا يصعب انفكاكه عما قبله وعما بعده ،حتى ليتحدا في ساقية واحدة من البدء حتى الختام ،ذلك ماتحدثنا عنه حول تفعيل اجراس الكلم لتجد بذاتها وشيجتها الموسيقية الوحدوية بشرط الانهمار التلقائي الناجم عن اعلى مستويات الصدق الشعوري المكتنز بذرى الوعي النوعي لمعنى الشعرية ومعنى أن تكون المفردة كائنا حيا يعي ما حوله فينحل فيه انسجاما بحسب شريحته ،وعلى قدر هذا الإنسجام يتخلق الكائن الجمالي المنشود..اخي الاديب ابا فجر الدين الاستاذ حميد الغالي ..خالص الود والتقدير،والسلام..
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
نص الشاعر:
...............
إلى من سكنوا القلب
إلى من هم في (سكيكدة)
محبا محبا
* * * * * * * *
(1)
دِفْقٌ فضي
من الحب العميق
من الوجد
من حرف طار
من أفق (سكيكدةَ)
نث البرد
والظل
ورقيق الهمس
حياة ترسلها
لامعة
مثل النجمة
في عين امرأة
تشرب كأس الخمر
واللذة
شوقا أخضر
يااشرعة الميعاد
اِطوِي مابات يفرقنا
شدي حبل الهجرة
شدي جناحيك
عاندي خفق الريح
كطير السمّان
إلى اور
إلى سومر
إلى جنوب العراق
إلى حيث انا
أنا كما أنا
كما كنت انصب السرادق
أشم الكلمات العابرات
إلى حيث الشروق
مثل الحمام
مثل دمقس لميع
أحيي يوسف
أحيي رائحة المنزل
ضحكات الأطفال الحلوين
بيوم العيد
كركرة الساحل
وكيف ينز الموج الأزرق يطاول
من تحت قدم محمد
أركض يا محمد
أركض
هذي سكيكدةَ
الغزلان سمراء
و بيضاء
ومثل البان العاشق
والعشق
ودروب في الغيم
ودروب في الرمل
هذي بلاد الله
أركض يا محمد
يوسف فوق الموج
انظر
ذلك يوسف فوق الموج
في اليم
في قوس قزح أخضر
احمر
حلق طار
ذلك اومى
رفع اليمنى
رفع اليسرى
أسمعه يهتف
ان الحب حياة
الحب مسلة
(2)
جالس
اشرب الحزن
والقمر القديم مرَّ
عندها انكشف الشوق
وصرت ألتفت
يمنة
وبمثلها
يسرة
إلى آخر الدرب
الذي افترقنا
كان بيننا حجاب
من الالق الشفيف
كان على ما كان
مثلما تركناه
لا يقبل اليد الوسخة
أمينا على الحب
على جواهره الخضر
على (انتيكة) الملكة
على السيف
المرصع بالاي
على ملامح
ذاك الوجه المليح
الذي ألِفْتُ
وتعودت ان انام
وهاجسه اللذيذ
يعترش أنفاسي
كاحراش الدغل
والعشب القشيب
أخذتني الاريحية
نحو ذاك الصهيل
نحو لغة السحاب المطير
طالعتي افترشتْ
حلم الكبار
سيادة عربية الجذر والنسج
انا كذلك البحر
كذلك النورس الغريب
لم ادخر
ولو كسرة خبز صغيرة
أشم الهواء النسيم
يخرج لي صوت الأولين
تمد اعناقها المفردات
شهية
شهية كالرطب
كالخوخ البالغ
كالاغاريد
الى حيث قوارير الله
في سكيكدة الحال
سكيكدة المنال
يا محمد
يا يوسف
لقد أكل الظنى
والتعب
وريقات ربيعي
فبت ارقب الهبوب
وارقب الشراع
عسى مقلة العين
يمر من خلالها
من بين وسناتها
وجهكم
عسى ذلكم القمر
الذي علقوه
يحيي العروق
ولوقليل من الطيف
يرجع لي حلمي
وهمي القديم
يا احباب روحي الضمية من زمان
ياعصافير غابتنا العتيقة
استفزي الفصول
فأنا الان وحدي
وحيشا
عساني ارضع
من لامعة المتوسط
من الساحل المغربي
عساني اسامر
زيتون تونس
والجزائر والرباط
انا
انانصفين
انا الالهة العظمى
انا بغداد
التي اتعبها النزف الطويل
والسكاكين
يا يوسف يا محمد
ياضفة روحي
انخرطي
كشعاع الفجر الغبشي
ومدي دائرة بيضاء
حلوة الجنبات
و المواويل
والقمح
والمواسم
والاي
اكتبوا
باسم الرب العظيم
علاجنا...
فمنكم
اشتعل عود الثقاب
الذي اكل جسد
ال(بو عزيزي )
لاتنسوا
منكم
برق الكلام الاخير
،،،
ملاحظة:
(سكيكدة....مدينة جزائرية فيها احباب الشاعر)..

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

الناقد جمال القيسي من العراق يكتب عن نص الشاعرة الجزائرية رزيقة:
_____
النص المعاصر،،،والاستعاضة ،،قراءة في نص باميلا (Razika ) 

الظاهراتية ،،،والاستغراق في الوصف،،عملية معقدة ،،وعسيرة لايفك    عقدها الا  الحركية المحيطة التي يتخذها النص ،،ليستعيض بذلك  عن العمق النفسي،،لتتحول المشاعر وانعكاساتها الشرطية بالصور الظاهرة،،،ربما تتصف النصوص الوصفية بالبساطة الظاهرة،،لانها تعتمد على الأسانيد. المفترضة لدى المتلقي بحكم توفر القنوات الكثيرة للمعلوماتية ،،اذًا هنا نؤشر اهم الوظائف الإجرائية. للنصوص المعاصرة ،،هي تختزل الوقت ،،على اعتبار ان الانسان المعاصر ،،لديه معطيات معلوماتية متوفرة مسبقًا،،ليتخطى كاتب النص العمق ،،في عمليته الإبداعية ،،على أساس ان مايجري  هو تحصيل حاصل،،وسنوضح ،،كلامنا لاحقًا ،،اتخذت باميلا هنا ( وهذا الاسم الذي أحب ان اناديها به ) ،،عدة مسارات حداثوية،،منها  النزعة السوريالية ،،والتكعيبية ،،بالاضافة الى الصمت البلاغي ،،الذي يؤدي الى وظيفة  مشاركة القارئ ،،في تصور النهايات،،وهذا ،،هو منحى حداثوي بحت،،الذي يدعو الى المشاركة الفاعلة للمتلقي،،لتتشكل العملية التأويلية ،،لتختصر. المسافة المفترضة بين الكاتب والقارئ ،،وكلما قلت هذه المسافة،،تفاقمت الحركة ،،ويؤدي النص دورًا فاعلًا ،،ليتحول الادب. الى عملية خلاقة ومنتجة وفاعلة،،مع عيب واحد،،هو الاستغراق في الفردانية ،،اي بمعنى التغريب ،،ومتى ما نجح النص المعاصر ،،بتخطي ذلك،،كان له دور النص السلطوي،،والذي يحقق النقطة التاريخية المهمة في الحراك التاريخي المتمثّلة بالزمن المهم والانتقالي ( قبل - بعد ) ،،وكما قلت سابقًا،،باميلًا هي بنت الحيّز الثقافي الامازيغي ،،الذي يمتلك التنوع الثقافي ،،فهو  لديه رؤية فرانكفونية ذات  الثقافة العالية،،والعربية ذات البلاغة الكبيرة،،مع قاعدة إسلامية ،،هذا الخليط النادر انتج لنا الكبير واسيني الأعرج،،وهاهي باميلا تسير على خطاه،،فيما وقعت سابقا الكبيرة احلام مستغانمي ،،بالحيز العربي. الاسلامي بما يشبه الفخ،،،ولكن يجب ان لاينسى ،،هدفها الكبير في ترسيخ الهوية العربية للجزائر،،،وهذا النص وما سبقه لباميلا،،،هو تجربة كبيرة ،،وولادة لهذا المزيج الفاعل ،،الذي يتوشح بأنفاس ألان  روب غرييه  في استنطاق الأشياء 
لوحدها من خلال عملية الوصف ،،مع إهمال  كامل لدور الانسان،،لكن باميلا بحكم المعطى العربي،،أضفت جمالية بحكم الشحن البلاغي العربي الغني ،،واستعاضت ،،عن الجفاف المتولد،،لتكسب ،،النص روحًا،،وهذا سر  واسيني الأعرج ،،ومع مسحة سوريالية واضحة جدًا ،،،وناضجة ،، وهذا أيضًا تعويض ،،سايكلوجي ،،اذًا،،باميلا خطت بالنص الحداثوي نحو الامام،،،بما يتوائم مع العصر  الكارثي الزخم،،،وتكمن قوة نصها في الزاوية التكعيبية ،،

يلتقيان ،،
كفكرة و خط منكسر ضائع ،،
المرأة المشحونة 
والرجل الضلع ،،
ﻻبد من نقطة 
في هذه الأرض تحتاجنا 
أن نفك عقدتها ،،
ونحرر عندها كآبتنا من
قبضة العبوس 

ومع ان هذه التجربة،،كانت بالتجليات الصوفية لأبو منصور الحلاج،، الا ان توظيف باميلا  بالخط المنكسر والرجل الضلع ،،وعملية البحث عن نقطة التقاء ،،مع تأطير مسبق بالفكرة،،،منح النص شاعرية ،،آخاذة،،واستنطقت هذا التشكيل التكعيبي ،،لتفك التعالق النفسي الحاصل معه،،
اذًا نحن  امام نص يحمل في طياته الإجرائية ،،كل المدارس الحداثوية ،،مضافاً  لها معطيات العصر المعلوماتي ،،وانا شخصيًا اعتبره ،،نصًّا معياريًا من الجانب الأكاديمي ،،ما يميز النص المعاصر ،،عدة امور أهمها ،،الصمت البلاغي ،،الذي يحرك المتلقي من خلال المشاركة التأويلية ،،البعد السوريالي،،او النفسي على منهج  (  لاكان ) الماركسي الفرويدي ،،و الظاهرة الجمالية التكعيبية ،،المتمخضة بتطورها عن قاعدة الفنان التشكيلي     پول سيزان الذي اعتبر ان كل الأشياء. التي نراها هي عبارة عن ( كرة،،واسطوانة  ومخروط ).  ،، والافتراض المعرفي المسبق للمتلقي،،ولنوضح هذا الامر،،،كثرة القنوات التي تزودنا بالمعرفة المصورة او المسموعة ،،تزودنا لاشعوريًا  ،،بسيل جارف من المعلومات،،تشكل قاعدة  معلومات معرفية،،،وأسانيد ،،بحيث ترى الان الاغنية،،مع  فيديو كليب ،،لتتكامل  الغاية الجمالية او الرسالة المراد بثها،،ويقوم عقل المتلقي بالمقارنة اللاشعورية ،،باكمال فك شفرة الرسالة،،هكذا يعمل النص الأدبي  المعاصر،،يعتمد في جزء مهم على أسانيد. غُذيت سابقًا في عقل المتلقي،،لكن هذه العملية فيها من الصعوبة في النص الأدبي وبالذات الشعر ،،لانه يجب أن يلتزم بالشاعرية والا فقد ،،هويته الاجناسية ،،اتمنى ان لا يكون كلامي فيه نوع من العسرة،،،مع تحياتي للشاعرة المتميزة باميلا،،،

جمال قيسي / بغداد

سأشرب الأسبرين لأتسلق الشجرة ،،**/

ماذا لو تسلقت شجرة سرو 
هل سأصل 
إلى منتهى العش ،، ق ؟؟
حلم يسقط 
إثر حركة خفيفة 
لغيمة تستيقظ الآن 
وتفكك خيوط النعاس عن عيون الشمس ،،

صباحي أمس 
كان متأخرا بساعة 
تضمر الكسل 
تحت جلد الوقت ،،
هو ،، يبطأها متعمدا ،،
ويتظاهر أمامي بالضجر  ،،

يلتقيان ،،
كفكرة و خط منكسر ضائع ،،
المرأة المشحونة 
والرجل الضلع ،،
ﻻبد من نقطة 
في هذه الأرض تحتاجنا 
أن نفك عقدتها ،،
ونحرر عندها كآبتنا من
قبضة العبوس ،،،
نضيف لمسة سكر على هذه المرارة 
في حلق الخليقة ،،
ونتفاعل ،،،،

إقترب ،،
لربما ثمرة السرو ،،
تخفي عنا سرة الحب 
حكما كثيرة وبعض الدنانير الذهبية ،،،
ولكن سيرة الماء 
تحت أرجل الشجرة التي فوقنا ،،

مجرد التفكير في قلع الضرس 
وقلعك من الغصن الأم ،،
يملأ القلب 
بالغثيان ،،،
ويشعر الغابة بالحمى ،،
ويضطرني 
لشرب الأسبرين 
ثلاث وجبات في اليوم ،،،

Razika



_______


تعقيب الناقدة غادة سعيد
::::::



عندما يتفق الساردُ مع المؤلف الضمني للنص السارد فإنه يكون ساردا "ثقة".
لعل ابرز مجال نموذجي الذي تظهر فيه الاختلافات في القيم المتعارف عليها نقديا: الميثاق، مثلا بين المؤلف الضمني والسارد هو مجال الكتابة التهكمية..
في نص الاستاذة "باميلا" حوار داخلي او منولوج الانا مع الانا الذاتية..
(سأشرب الاسبرين لأتسلق شجرة) هنا الفعل جاء بناء على قرار ونتيجة قرار.. رغم انه جاء في كمدخل للنص.. فمن خلال السياق و القياس في عالم النحويات نفهم وندرك انها جملة جوابية لسؤال ملح لم تخبرنا به المؤلفة..
لتفاجأنا بسؤال يلح عليها: (هل سأتسلق شجرة السرو؟) وهو نوع من التهكم على الانا الضمنية للمؤلف رغم قرارها في اول البيت.. ، الى اخر النص الذي جاء ك"هلوسة" او ما يسمى في علم النفس "بالهذيان المهذب"
فقط حاولت تبيان التررد و عدم الثقة من قرارت المؤلف الضمني والسارد..
دون الدخول في رطانة السرديات، حول مفهوم "التقيم الاشكالي والاخلاقي بين السارد والمؤلف الضمني".. نجد نفسنا أمام حالة "التبئير" هي علاقة بين :الرؤية وفاعل الرؤية "المشاهِد" وموضوع الرؤية "المشاهَد"..
أن التركيز في هذا التعريف على "الرؤية" يقصد من ورائه تمييز السرد عن التبئر باعتبار أن التبئير يتعلق بموضوع مدرَك من قبل مدرِك معين (هنا جاء العكس فالمؤلف والسارد يخاطب نفسه بنفسه)..
وهذا التبئير (الادراك - المدرِك - المدرَك) صامت لا يتكلم ولا يستطيع الكلام، وإنما هناك من يتحدث نيابة عنه او يقدمه السارد.
و هكذا يكون السارد هو المسؤول عن الكلام، عن الصوت السردي، بينما المبئر مسؤولا عن الادراك..
و هنا مع نص "باميلا" كخلاصة : لا يوجد تمايز بين المُبَئِر والسارد..
اغلب النصوص الحديثة لا يوجد مبئر قائم بذاته بإزاء سارد قائم بذاته، وإنما يوجد سارد/مبئر كلي المعرفة كلي الوجود.. ناهيك ان "الاسبرين" في النص هي الهدف والغاية والتبرير والوسيلة لكل ما سيقع و وقع..
وهذا كلام يطول الغوص في شرحه و تفصيله علميا.. كدور وفاعل واسقاطه على المؤلف الضمني والسارد....
اعتذر عن الاطالة استاذي.. و شكرا لك لتقريبنا من هذا النص.

السبت، 23 ديسمبر 2017

{أريناس} بقلم الشاعرة / نائلة طاهر

تصدير :
.........
أنت بعضي ...

وأنت كل مرادي
يا حبيبا أنفاسه في مدادي
~~~
{أريناس}
•••••
كأي انثى
هوايتها عسل التشفي
تنسى ان تمر قريبا
هي فقط
تهز ارجوحة الذاكرة
لتعزفها
اوتار شاعر حزين..
...
وكأي رجل
اهلكته الحروب
هو..
لن يتقبل
بأية معاهدة للسلام
لن يقايض
بٱسمها
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الأثير..
..
أيها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب أصابعي
واتني به
من أجنحة الغمام
..
وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الأنبياء
اختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرتْهُ الملائكةُ
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت
:
أيها الطائر الناري
اخشى عليك
من قسوتي
من خديعة الغربان
من عيون الزيف
ومن لغتي الملثمة
فابتعد ...
ابتعد
عن سحبي
واتركني لشانقي
هو يشهد احتضاري
ك غيمة تدلت من كفيه
فيروزة وَدق...
:
أريناس..
زهرة من اشتهى حَمَم الثلج
بيد لوركا المستحيلة
تدنو من وجه الشرق المظلم
تزرعه قطاف قمر وأغنيات
ولا يرنّ اسمها في الضباب ...
أتراها حين تولي
تترك الوشم منيرا
في ساحة صدرك المعتم .......


التعليقات
 
Jenan Mohammad لا أدري إلى أي مدى
امتد نور حرفك فيني..
أو لأي مدى
لامستني تفاصيل كلماتك..
بل ربما طافت دهشتي
بين ثنايا النص ،
فترنحت فتنة
و تراقصت
مع فراشات النور المحلقة ههنا..

يا صديقة ....
كل شيء نسج هنا
كان محط فرح و تعب ..
صدقيني لا أحد مثلكِ
قادر على مزج تلك الأحاسيس سوياً
بكل هذا الجمال ..

كوني بخير دوما سيدة المسافة....
 
نائلة طاهر بدءا انا بخير مادمت اراك تحلقين في فضاء يضم احبتي ..بخير مادمت جنان رفيقة حرف تترنح لها الكلمات ثم تسكن راحتيها في وداعة .
حبي وشوقي الغالية والعزيزة صديقتي الراقية جنان

 
Jassim Alsalman نص مسح عن وجهي عرق حلم صعب ومسد بيد بيضاء على الروح وكأنها عثرت على قطعة حلوى(جكليته)تلقفتها يدي ورميتها بسرعة في فمي قبل ان اعرف كونها كلام لكنه بطعم الحلوى تتخيل فيه الأنثى والعسل والأرجوحة وانفاس الذاكرة التي يعزف على اوتارها شاعر حزين ونثر جميل تحول ببراعة الشاعرة بديلا يعطي أغنية الوجدان لمليحة هذا الليل ويتبع المسار الموسوم بذكرها ليسيل من عيوني مباشرة وأتذوقه لأجده كطعم الدموع غير انها حلوة جدا. هكذا تحدثنا النساء وتخشى علينا من القسوة وعلى مسافة ليست بالبعيدة تخيلت أمرأة من الجلنار تنتظرني وتفتح ذراعيها وتحضن وهج الحياة وعنفوانها بعيدا عن اللغة الملثمة وعيون الزيف وخديعة الغربان وحتى نظل بلحمنا وشحمنا وحجمنا نتحول بين المسافة المحصورة وبين الوعي والتجربة لترانا شمس النهار الدافئة وتغسل حمم الثلج وتشعرنا بفرح غامر وانتعاش جميل محملا بالرائحة العبقة .
هذا النص تاتي رائحته قبل ان يصل او يكتب هكذا كان امراة وكون ومدينة وارض خضراء وليل يحط فوق نجومه وقمره الذي يترك وشمه الساطع في ذلك الصدر الرحب...!!!
كل الرحب والسعة المبدعة نائلة ..
 
جريدة آفاق نقدية تخيلت قطعة الشكلاطةالتي تحدثت عنها اديبنا برأيي افخر انواع الشكلاطة تحتاج دائما الى غلاف يمنع تسرب ريحها منها، ليس بالضرورة أن يكون الغلاف فاخرا بقدر ما هو اهم من يتذوقها .وانا امام متذوق خبير كلما حضر اتهيب حضوره القوي والله .اشعر أن وراءه زخم متعدد الجينات ولا يكتفي جوهر واحد يحد من تحليقه في سماء الكلمة والتفاعل .حتى اني انتظر كلماتك لانتشي كما انتشيتَ اديبنا فكلانا يتشارك جنونا لا يعرف قيمته الا العظماء لكن طبعا جنوني لا يرقى الى قيمتك الأديبة فأكتفي بالانتعاش ضمن فضاء رحب تضع به قصيدتي
تقديري لاخي العزيز للأديب الذي كان وشما بارزا في قصيدة النثر
نائلة طاهر
 
غسان الحجاج ربما كان هذا التصدير بمثابة التلميح الذي يمغنط مؤشر البوصلة لدى المغامر في مسافات هذا النص الزمردي الابعاد بانعكاسات مرايا تأويلاته المُحتملة وصولا الى شواطئ لوركا السحرية فلقد شربنا خمرة أنغام الشاعر الحزين والتي عزفتها نايات قصب الاصابع لتدرَّ من سمان الغمام ودقا فيروزياً فعجباً لهذا الاحتضار الذي يبث الحياة ولكني تراجعت خطوةً لألتقط انفاسي وأبصر بروحي ان الاحتضار هو معاناة الشاعر/ الشاعرة لان ذلك قاعدة عامة تشمل كلا الجنسين وأقول معاناة بكل ما تعنيه كلمة المعاناة لان من يكتب القصيدة يعتصر الماً ليبث قصيدته كما تعصر الغيوم لتبث المطر ..
سيدة المسافات كيف يرن اسمك في الضباب وانت شمس اخرى تشرق في تونس اشعتكِ الأبجدية ومن رنين خلاخل نصوصك يتراقص الصدى عزفاً غير تقليدي يراود عذارى الابتكار والتجديد ويجدد الدماء في كائنات القلم العبقري ..
تحياتي وخالص تقديري
 
جريدة آفاق نقدية اتعرف حين قرات ماذا رددت ؟قلت يا غسان ...يا غسان ...لاني اعرف اخي حين يرى نصا لي كيف يبدو فخورا راقصا كانه بعرس لها .
انا لن يخفت رنين اسمي لسبب واحد اني اخترتكم اخوة وأساتذة
سلامي لام فاطمة ولفاطمة الحبيبة .
نائلة طاهر
 .

الجمعة، 22 ديسمبر 2017

كلام في القافية ح2 بقلم/الاديب اسامة حيدر

كلام في القافية
ح2
الاستاذ
أسامة حيدر
 
 

____________________
يقول الشاعر مردوك الشّامي في نصّه ( حفيف النعش .. إلى أبي ) :
ووعدتَ أنك لن تنام /وتظلَ تحرثُ إرثنا الغالي/ وأسطحةَ الحمـامْ./ووعدتَ ترجعُ للبيـوتِ وتفتح البابَ الحديديَّ العتيقّ/ وشرفةَ البيتِ الرخامْ../هل كنتَ تسألنا الصمودَ/ وأنتَ تحفرُ في المدى قبــراً/ وتلتصَّ الظـــلامْ؟../ هل كنتَ ترجونا البقاءَ على العهــودِ/ وأنتَ تدلــفُ في هزيعِ الفجــرِ تدركُ أننا الجيلُ الحطامْ؟...........
استخدم الشاعر هنا قافيتين في نصّه الميم الساكنة والدّال بالتناوب ( تنام . حمام . رخام . ظلام ) ( الصمود . عهود ..)
والقافية جاءت مرتبطة بالمعنى ارتباطاً لازماً بحيث لا نستطيع الاستغناء عن الكلمة التي تحمل القافية . وجاءت ملبيةً لأكثرَ من وظيفة لها ؛ فإضافة إلى التطريب و الإيقاع جاءت لتلبي حاجة فنيّة وتلم شتات الجوّ بالنغم الذي تحمله ( الظلام . الحطام ..) فمن الواضح والجلي ما تحمله هذه الكلمات من جو نفسي يوحي بالمعاناة والألم يكمل لوحة النص كلّه .
وفي نصّ آخر للشاعرة المصريّة عبير الصلاحي والذي تقول فيه :
في بحار البوح ابحر قلمي العتيق...
هامسا للعقل خلسة راجيا الا يفيق...
جاب بالاسحار دهرا حاملا حرفا دقيق..
ورد عشقا خالدا واستهي قلبا رفيق...
راح يعدو اثره باسطا كفا رقيق...
راجيا محض التفاته او ان يحذيه الرحيق..
جل ما اخشاه حقا ان قلبي لن يطيق...
من سنا الحب انبساطه فالهوى جب سحيق...
والفؤاد صار هرما.هده حلم زهيق...
استبيحك يا زماني ..كن ودودا يا صديق...
نجد الشاعرة تلهث خلف كلمات لمجرد أنها تلائم قافيتها دون أن تأبه لما تقدمه هذه المفردات من معنى يخدم نصّها( زهيق ) وتعني المتلاشي والمضمحل . وهي صفة على وزن " فَعِيْل " وتدل على الثبات في موصوفها . والسؤال : كيف يكون الحلم متلاشياً وقد أتعب الفؤاد ؟!!!! وكذلك ( لن يطيق ) ( يا صديق ) .... فهي قوافٍ لم تقدم الكثير للمعنى أو للجو العام في نصّها هذا غيرَ التطريب والإيقاع .
وفي نصّ للشاعر المصري أيمن لا شين
" أناقة الغياب "
ربما تحتوي الصورة على: شخص واحد
شَكَـوْتُ إلَيْــها لا لِقَصْـــــدِ نَوَالِهَا
قريبًا ولَا مِن بَعْـــدِ طُـولِ عَنَــاءِ
ولا أَمَـلًا فِي وَصْلِـهَا أَشْتَفِـي بِهِ
وَقَدْ صُمَّ مَن يُرجَى لَدَيْهِ شِفَائِي
وَلَمْ أَرْجُ يَومًـا أَنْ تَـرِقَّ لَأَدْمُعِـــي
وهل نَالَ دَمْـعٌ مِن قلـوبِ نِسَاءِ !
ولكِنْ لتَسْكابِ الفُؤادِ عَلَى المَلَا
حُــرُوفًا رَآهــــا الخَلَــقُ دُونَ رِدَاءِ
فَسَــاغَ لِهــذَا أَنْ يَقُــولَ ، وهـذِهِ
وما كُـلُّ ما قَالُــوهُ غَيــــــرُ هُـــرَاءِ
فَأَمْسَيْتُ أَخْشَى أَنْ تَظُـنَّ بِأَنَّنِي
لِعِشْقِ سِـواها قد جعَـلْتُ بُكائِي
وَلَيْسَ بِعَيْبٍ لَو جَلَـوْتُ مَقَاصِــدِي
وَإِنْ قُوبِلَـتْ بِالكِبْــــرِ وَالخُيَـــــــلاءِ
نعم ترق النساء للدموع وما جاء به شاعرنا يخالف الواقع ، ويخرج عن المألوف بالنسبة للمرأة التي عُرفت على مرّ الزمن بتعاطفها ورقتها وقرب بكائها في المواقف العاطفية . وهو إنما أتى بكلمة ( نساء ) من أجل القافية ليس إلاّ .
ثم جاءنا بكلمة ( الخيلاء ) وهي مرادفة لكلمة ( الكبر ) وما دفعه إلى استخدامها سوى البحث عن قافية ملائمة لموسيقا النص لا من أجل المعنى وما يتطلبه . هذا ناهيك عن الإطناب الواضح في النص لإتمام الوزن العروضي فمن الملاحظ أن بعض المفردات جاءت قلقة في مكانها مثل ( دون ، جعلت ، غير .)
وسنقف عند بيتيْ الشاعر عماد منذر من لبنان :
حينَ أتَتْ سائلةً عمَّ جرى * ردَّ شِعْري قائلًا قلبي انْكَسَرا
صارتِ الأوْهامُ تُريها العجبَ * حينَ صمتي زادَ والنُّورُ انْحصَرا
ومن الملاحظ أولاً : الغلط اللغوي في قوله ( عمّ ) والمفروض ( عمّا ) . وثانياً : استخدامه لوزن عروضي غريب في هذين البيتين واجتهاده في ذلك ، فهو قد زاوج بين ( فاعلاتن ) و ( مستفعلن ) وزحافاتها الأمر الذي أدخله في الاجتهاد وغير المألوف . ثمّ لو ترك ألف الإطلاق في القافية وسكن حرف الروي لجاءت أكثر مُلاءَمةً للجو العام الذي يحمله النص ، ولبقي الحزن دفيناً وانكسارُ القلب في القلبِ متردّدا كتردّد الراء الساكنة .
إذ أتت تسأل عما قد جرى
رد شعري قائلا قلبي انكسر
-واستبد الوهم يحدو فكرها
حين شح النور والقول احتضر
.

الخميس، 21 ديسمبر 2017

ادب الالتزام بين المباشرة التقريرية والبناء الجمالي في قصيدة الشاعرة الاردنية آمال القاسم( السماء تمطر قمحاً): بقلم / الناقد غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

ادب الالتزام
بين المباشرة التقريرية والبناء الجمالي
في قصيدة الشاعرة الاردنية آمال القاسم( السماء تمطر قمحاً):
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



إن الحلول في قناع الزرقاء الشهيرة بعرافتها الرائية بالبصر وبالبصيرة في مجرى الحلم الشرعي هو الاسلوب الجمالي الذي اختارته شاعرتنا القوية الحضور عبر سنوات شهادتنا على ابداعها لفترة غير قصيرة في قصيدتها الجديدة ( السماء تمطر قمحاً) ..
ولم يكن هذا الإختيار عفويا ابدا..
ذلك لأن موضوعة النص تندرج ضمنيا في إطار ادب الإلتزام الذي لم يفقه التعامل معه بشكله المقنع الجميل الا ثلة قليلة عميقة الوعي قوية الموهبة سليمة الذائقة من اصحاب التجارب الابداعيه..
ولقد وقع في فخ الفهم التقريري معظم ادباء المراحل الثورية الأول كما حصل مع شعراء العصر الاسلامي الاول،ولولا التفاتة الرسول الكريم.ص.لصاحب البردة الرائعة كعب بن زهير لما تنبه شعراء المرحلة اللاحقة الى ان التعبير عن الفكر لايعني استنساخه عبر تقريرية فجة يابسة ابدا..
وسوء الفهم هذا قد وقع فيه كذلك ادباء المرحلة الاشتراكية الأول في الاتحاد السوفيتي ودول وارشو على وجه الخصوص ،خاصة ممن فهموا ..لوكاتش.. المجري غلطا فتوهموا ان ..الواقعية الاشتراكية..هي العرض التقريري الموات...وفارق كبير بين رواية ..الأم..لمكسيم غوركي..ورواية ..الغجر يصعدون الى السماء ..لنفس الكاتب..وجميلة جدا تمردات ..اتماتوف.. الرائعة ،كامثلة لتخليص الابداع فهما وفعلا من عنق الزجاجة الخانقه..
ولكي لانذهب بعيدا عن موضوعة حوارنا نقول:
ان شاعرتنا القاسم قد استوعبت هذا الأمر عميقا،وهي تكتب عن مشاعر امة كاملة عبر هذا النص الشعري اللافت فأعدت لهذا الموضوع الشعري الشديد الاغراءحذرا من الوقوع في فخ المباشرة غير الفنية،اعدت عدتها الابداعية بحذق وبراعة عبر اربعة مداخل في مركب جمالي واحد :
1- القناع الرؤيوي التاريخي عبر تقمص شخصية العرافة او الرائية زرقاء اليمامة ،وزيادة بالحذر الابداعي الذكي لم تلجأ حتى الى تسميتها بالاسم الصريح،وانما اكتفت بما نعرفه جميعا عن هذا الحدث الشهير بابرز مفرداته ونعني بذلك تكرارها المتعمد الرائع لكلمة ( ارى..وقد تستبدلها احيانا بمفردة حلمت الصوفية) ذات الدلالات الواسعة النطاق..
(حلمت ان السماء تمطر...
رايت البحار...
رايت المدائن...
رايت الدروب...
رايت ضفائر الحرائر...
رايت اعشاش العصافير...
رايت قلبي...
رأيت الشعر...
رأيت قصائد...
واخيراً..
اني رايت فيما رأيت?!!!
2-الاسلوب الرومانتيكي الحالم الذي يحاول ان يفترع طريقا جديدة بديلا بما يشبه المناورة الابداعية على سوداوية الحياة ،بل على حقيقة مايجري في الواقع العربي برمته..وكأنني بها تريد ان تقول بكل رقة وشفافية ولطف حميم ،هل ان تحقق مثل هذه الاحلام التي تنعم بها امم الدنيا الواعية مستحيلة فعلا?!.. ولم لا نكون مثلها ايضا?!
لكنها كانت مناورة تتميز بالحذق والدهاء الابداعي الدفين الذي سنتحدث عنه في المدخل الرابع..
(رايت المدائن
تمشي بتفاحها
وحقولها
وعراجينها
رايت الدروب
مكللة بالياسمين......)
3-ولقد تنبهت شاعرتنا الى ان كل ذلك الاداء البارع لا ياخذ شكله الفني والجمالي الا بنوع من المبنى البليغ المغمس بالاغراض البلاغية المتنوعة منزاحة بمجمل عرضها بعيدا عن التقرير المباشر الى ما يرتفع بالذائقة الى اعلى انواع الاستجابة الشعورية لغاية في نفسها محورها الاساس توفير اكبر قدر من الاقناع بموضوعة النص الاساسية ذات الوجهين..
* الوجه الترغيبي الحالم..
* الوجه الاحتجاجي المنجرح العاتب عميقا بإسلوب غائر دفين بدء باستعارة قناع الزرقاء وتفصيلا بكل دقائق الاداء التعبيري بعيدا عن الترف المائع او الزخرفة الخزفية الزائفة بل على العكس من ذلك كان لكل انزياح هدف ووظيفة بعينها :
( رايت قلبي
يتدحرج امامي
يلهو مع الغزلان
والاماني
رايت الشعر
في ناصيتي
يبني امجادا
على الورق...)
4-أما المدخل الرابع فهو مآل التورية البلاغية الذي برمجت شاعرتنا القاسم كل عناصر خلقها لكي تتحرك وفق اسلوب فائق الدهشة،حيث ( الصعقة اللدنية) الفارهة التي اعادتنا جميعا من رحلة احلامنا القزحية الباهرة الممتعة في الافق الواسع الجميل الخميل الى ارض الواقع المخيب للآمال حيث المأساة الكبرى ،والفاجعة الصادمة المذهلة حتى لنا نحن المنضغطين تحت ركامها البشع الثقيل..
فأن نفتح لحاظنا لنرى انفسنا في واقعنا الهزيل المعتاد أمر متوقع ومحتمل،وكأن رائيتنا وزرقاء عصرنا لم تكشف لنا فيما وراء الاكمة جديدا لانعرفه..
ولكنها كانت ادهى من ذلك بكثير..
فالصعقة الانكى قد خبأتها لنا في قاع بئرنا السحيق،كاشفة عن امر شنيع مريع ،ذلك اننا في حقيقة امرنا موتى،وأن من نظنهم من اسلافنا جثامينا قد دفناها تحت التراب منذ زمن عتيق اكثر حياة منا حد ان تاتي باحثة لاهثة عن موتاها الاحياء..
معلنة في سياق بحثها ان علينا ان نتفقد اعظم امر فينا وهو الضمير الحي:
( واني رايت فيما رايت
جنائز تلهث تبحث
بين الجموع
عن موتاها
واني سمعت مناديا
في الريح يصيح:
ياصاحِ
قد مات
في غيهِ الضمير)..
------------
نص الشاعرة:
:::::::::::::::::
السماءُ تمطرُ قمحًا
........................
وحلُمْتُ..
أنّٓ السّماءَ تُمْطِرُ قَمْحًا ..
وَأَنَّ الْغُيومَ رَغْوَةٌ
تَنْدَلِقُ عَسَلًا مُشْتَهىً
في أباريقَ
ذاتِ بريق
رَأيْتُ الْبِحارَ
يَطْفو فوقَها اللُؤْلؤُ
تَمُدُّ أَمْواجَها
لِتُصافِحَ الرِّياح ..
رأيْتُ المدائنَ
تمشي مُخْتالةً
بتُفّاحِها
وحقولِها
وعراجينِها ..
رأيْتُ الدُّروبَ
مُكَلّلَةً بالياسَمين ..
والشوارع ترنو مسرعةً ..
تتَراكَضُ مِنْ عَبَقٍ
إلى الأحلام ..
رأيْتُ ضفائِرَ الحرائرِ
تَتَزَيَّنُ بِنَخْلِ الْبِلاد ..
والستائِرَ
تُراقِصُ أَسْرابَ الْيمام ..
رأيْتُ الأعْشاشَ
تَبوحُ بسِرِّها
للْعصافيرْ ..
والعُشْبَ
يتَقافَزُ معَ الفَراشِ
يَكادُ مِنْ نشوةٍ
أنْ يَطيرْ ..
رأَيْتُ قلبي
يَتَدَحرَجُ أمامي ،
يَلْهو معَ الغِزلان
والأماني ..
رأيْتُ الشِّعْرَ
في ناصيتي
يبني أمْجادًا
على الْورَق ..
رأيْتُ قصائِدَ
تَلْفِظُ بحورٓها
فتناثرٓتْ
غيْظا من لفيف ..
وإني رأيتُ فيما رأيْتُ ..
جنائزٓ تلهثُ ..
تبحثُ بين الجموع
عن موتاها
وإني سمعتُ مناديًا
في الرِّيحِ يصيحُ :
يا صاحِ ،
قَدْ ماتٓ في غِيِّهِ الضمير .. !؟!
سكرة القمر استاذة آمال القاسم..
خالص تقديري،
سيدتي الفاضله..

الجمعة، 15 ديسمبر 2017

قراءة متواضعة في نص المبدع الاستاذ الغراف حميد العنبر الخويلدي....بنائية النص بين الذات والاخر بقلم / الاستاذ الناقد شاكر الخياط

قراءة متواضعة في نص المبدع الاستاذ الغراف حميد العنبر الخويلدي...
 
 
.
* * * * * * *
هناك ضوابط تحكم النص النقدي، وهذه الضوابط التي ان جاز لي التعبير استخدامها، تجعل الناقد بين محددات كثيرة لايمكنه تجاوزها، في الوقت الذي تمنحه تلك الضوابط حرية التصرف من خلال تشوفاته للنص وبنائية النص كاملة الاشتراطات - ان اجاد الناقد ادواته -، على ان هذه الضوابط والاشتراطات هي ما ستلقي بظلال تاثيرها وعظيم نفعها او ضرها على النص في الحالتين طبقا لرؤية الناقد للنص، ولابد من الاشارة هنا الى اننا استخدمنا كلمة نص ولم نقل قصيدة او نص نثري او ماشاكل لان موضوعة النص او البحث الذي نحن بصدده يمكنها ان ترسم نقطة مثابة هي اولى للبدء وهي آخرة للانتهاء او للعودة، فهي مثابة للانطلاق وهي مثابة للمنطلق بالعودة ثانية الى نقطة البدء اي المثابة التي اصبحت ثانية، وهذا الذي يمتلكه الغراف في تجلياته التي نعرفها والتي عايشناها مثلما عشناه مغردا صادحا للشموخ حتى في حنينه الموجوع هذا منذ عشرات من السنين عن قرب، وان كان هذا الامر يشترك فيه من جنسه وواقعه ومعشره كثيرون ربما ساروا على نفس النهج فنجحوا وربما حاولوا وتوقفوا....
الذي يعني الناقد هو النجاح في انتاج نص نقدي يختلف بالتاكيد عن النص المحفز الاول، سواءا بالميل له او الجفاء عنه، فهو نص اكتملت كل مفردات النص النقدي فيه وهذا سيحسب للناقد فيما بعد ايجابا تماهيا وقياسا مع النص ام سلبا مجافاة وقياسا الى النص، حين نفرد للنص ساحة نفترش فيها الكلم من اوله الى اخره، نفرش ونعرض بادواتنا الملكة التي تختلف من ناقد عن اخر رغم امكانية التقائها في كثير من الاحيان ان استوت الاشتراطات عند ناقدين متفحصين متمكنين حتى عن بعد، ممكن هذا رغم صعوبة التقارب القليلة الحدوث، هذه الملكة سيتحكم فيها وعن لا ادرية تطوق راس الناقد بل في بعض الاوقات تدفعه دون ان يشعر الى ان يقول مايفرضه عليه محفزه الاول النص وصاحب النص، هذا الشعور التلقائي واللاارادي له جزء وافر وحظوة اوفر معي هنا في تناول هذا النص الموقر....
هنا يستوقفني مما احفظ من روح ثورية الدواخل راقية الحس فيما سمعته من الخويلدي في ايام سبقت، فمن يقرا هذا النص بهذه العذوبة الروائية المتواترة هل يمكن ان يقارن ان القلم الذي انتج ( الموسوية) عروسة الكاتب هو ذات القلم الذي انشد يوما:
(علا فارتقى فالكوكبان سواحله.........
فارخى على الدنيا وتلك جذائله)
ام في موقع اخر كما حفظت الذاكرة رغم تعبها الواضح ( اشع غلبا فنورك لايجارى)،
و( تعاظم اليوم عن ذكرى تخلده...
ابكى فؤادي وهذا القلب منشده
.
لعل في صمم من ليس يسمعه......
او قض ناظره من ليس يشهده).. اذا لم تخني الذاكرة – فعذرا-
من هنا اقول على الناقد يقع حكم الاشتراط الاول وهو المحفز الاول او الاعلى وهو بعد الموضوع معرفة الكاتب بل ومعرفته المتعمقة، وهذا مايجعلني اجيز لنفسي السباحة على مهل في نهر ينساب بروية وميس موج هاديء، شاطآه نخل وقصب، ومنه انطلق الكاتب واليه يعود وهذا التردد بين الذهاب رواحا والاياب جيئة، ونصب عينيه المحبوبة المفترضة، افرز لنا صورة مماثلة لهذا الجذب الديالكتيكي البارع في سفح العمل هدوء وانسياب وفي قمة العمل ذروة الوصف، ومما يسجل للخويلدي هذا التناوب( العلو والخفوت) في صورة منسابة في الوصف ليس على مستوى الايقاع ابدا لانه قد حافظ على وقع الكلمات المنتقاة بجهد بيّن وواضح، انما الموسيقى التي تعلو تارة وتخفت اخرى صوتا مع كينونة الكلم المفردة التي وضع الخويلدي كلا منها في محله،،،،
هذه البنائية للنص حكمتها ( ذات) الكاتب بما يمتلك من صفات ومواصفات تجعله مؤهلا لان يخوض غمار هذه المحاكاة او المناجاة مع عروسته المفترضة، وحتى وان كانت موجودة فلا ريب في ذلك، فيما يقف في الجانب الاخر المقابل
( ذات ) اخرى هي روح المعشوق المحفز والمحرك الاول، البنائية التي تعتمد على اتزان الكفة ومساواة الحجوم بين المحفز الاول بين المتأثر بهذا التحفيز اي بين الموضوع والكاتب سينتج عندذاك نص متميز يقل فيه الخلل ان لم نقل ينعدم، وهذا التوازن يتناسب طرديا بين الذاتين الاولى والثانية، كلما عظم المحفز وكان اوقع على الكاتب وكانت ذات الكاتب وملكته تمتلك من الادوات والأهلية مايمكنها من تناول النص كلما اصبحنا امام نص باذخ او فاره او متميز، والعكس صحيح في البنائية الاخرى مختلفة الكمّ والحجم بين المحفز والكاتب سيكون الناتج مختلا في احد طرفيه وليس شرطا ان يكون الطرفان المعنيان على خلل واضح، وهذا الخلل هنا، والجودة هناك في القياس الاول هو الذي يعطي الناقد المتبحر والمكتنز خبرة ان يرى ويشخص من اولى القراءات للنصين ان البنائيةرسمت على هذا التوازن او كانت بعيدة عنه...
هنا ياتي هذا النص بالاتزان الاعلى بين المحفز وما يمتلك وما انتجه لنا الغراف الخويلدي دام ظله، فمايمتلك المرسوم المفترض عالي القيمة لدى الكاتب هو الذي كان يدفع بالكاتب الى صياغة اعلى كلما حاول النزول تذكر المرسوم فعاد فعلا كالطائر محلقا، منذ ارتفاعه عن الارض هو قد حلق فان ارتقى اعلى فهو لازال طائرا محلقا، وان تنازل ليلامس الاجواء في الارضين فهو لازال محلقا، هذا هو البناء الذي نبغي من اصحاب النصوص، ولا نعفي انفسنا مما نقول...
لكن الذي استوقفني وبحكم معرفتي بامكانية الشاعر الرائعة وقدرته الواضحة، وما لم اكن اريده، للحفاظ على صيرورة الرسم والموسيقى المتناسبتين مرتفعة على الدوام، وما كنت افضله هو عدم ذكر المعشوقة العروس، لا كعنوان، ولا حتى في نهاية الامر من النص...
على انني اسجل للسيد الخويلدي هذا الابداع، متأملا ومنتظرا منه ان يتحفنا بين الفينة والاخرى بما تحتاجه الساحة الادبية، خصوصا وهو ذو باع طويل في دراسات ادبية كثيرة اتذكر منها ( الهدم البناء في الشعر) ...
خالص مودتي وتقديري
النص:
*****
(( إلى سارة الموسوية:
--------------
رسالة من ذهب
ونور عشق فهام ...
ولولا ان رأى الدليل..
لهلك لا اعرفها ..
انما جمعتني واياها السماء..
ليس الأرض
كانت بعيدة جدا.....
انما هي شاشة جوالي بالتحديد ولما صادفني
ان التقي بها
قبل الف مضت....
على سفح جبل من الحب السعيد....
ركضنا تحت المطر....
دفعت بناالريح النشيطة....
وقد شرب الوادي الأخير....
همسها فقط ....
همسها لاغير.. ..
قال..ماكان لك أن يكون نصيبك منها....
ايها الشبح المخب...
غير تفاحةغرسها الشوق بابط دجلة ...
قبل الغروب...
اذ صبغها دم الأفق سكرانة باللذاذات....
التي اغرقتني...
وما عدت اتابع ما دار حولي....
من صفير عجيب ...
وما سمعت أذني ابدا...
مثل صوتها الرخيم....
مدت يدها الي....
ناولتني حلمتين شقر التجاعيد والتشققات والسحنة .....
حناءها حلو مَريع .....
مثل عافية طفل ممهد ....
انبهرت حين رأيت
ورأت عيني....
اغمي على راسي
المكمم بالبسملة والبخور ...
قالوا من تفك ازارها عليه.....
ازرار قمصانها....
تشممه ريحها...
عبق العرق الرطب ...
ذاك تحت ابطيهاالشهيتين ...
الدافيتين كعش قبّرة ....
اعرفه واعرفها...
اعرفه
مثلما كنت
وكان
اعرفه.....
كنت متاكدا
أنه يحيي
يفيق حالا...
كلامها
يحيي الذي مات
او يموت ....
لولا أن يكون كلامي
ليس معجزة...
وكلامها كذلك أيضا....
عفوا...
انا الشاعر الذي تادب
على يدها الامينة ....
عفوا..
من تكونين...
عفوا...
انت من سكان ذاك القمر المشع ....
الذي طالما غازل عين المحبين مثلي ....
بشرني...
ان لك لؤلؤة...
تنتظر في طريقك
المجهول الطويل....
يا ابن القبيلة العربية أفصح.....
قلت له...
صادفني اهابها الحلو...
في أحلام الشباب قبلُ....
في أحلام الشباب الاتين كالسحب
كالربيع المعطر بعدُ ....
انا وجودي الوجه
والهوى
والخيال.....
عندما كنت ارعى
صور الفتيات الجميلات ...
مثل طري الخوخ والبرتقال....
احمر او اصفر.....
او بين هذا
وبين ذاك....
تمر وأمر واراها....
واركض وراها....
اركض مثل الكبش وراها....
وتلفتت مثل شمس الصباح مشرقة.....
تغرق بنعاس الكلمات...
وخافت السمع
والهمس.. ..
يادفء الوقت
ويانضارة العشب.. .
جرى الماء
لا يرىمنه الا كما هو....
هو ازرق شكله
في العميق او ابيض...
زقزق عصفورها على شجري ....
حط وطار ...
طار وحط...
كان فستانها منقشا.. ..
بابيض الحليب ...
وبالوردي المغبر...
لمعت مثل الشهاب
في أفق...
ليس كهذا الافق
الذي ارى
والذي انا فيه....
حيث الشجر
والورد
والناس...
حيث الفراشات
والأعمدة....
خلعته كقميصي وعلقته ....
استوقفني الزمن اللذيذ...
تابعت فيها
اخر إحصاء للذكريات القديمة....
وجدت ان سارة الموسوية...
تستاهل
في ان تكون
في السلة الذهبية...
ان تكون
في دمي الملون كالزهر...
امواجا كان كلامها العجيب...
كالغيمة يسقي العروق الضمية من زمان....
ما كنت انا والله ...
ما كنت انا....
انا واعدت الغيوم
والمطر ان ينزل....
واعدت الحمامات
ان تهدل...
قلت افرشوا لسارة
طريقها
اجمل الدمقس
وارق الحرير والزهر.. .
فانها من شجر...
من أصل ثمين..
انها من بنات موسى الكاظم .....))
Shakir
Al Khaiatt

لم يسعفه ا...لعمر ليخلع قميص الخراب قراءة نقدية لنص عماد الجنيدي بقلم / الاديبة فادية الخشن

لم يسعفه ا...لعمر ليخلع قميص الخراب
عماد الجنيدي
هو اليقظة التي ظل طيلة حياته يدفع ثمنها
عاش كما الصقر الجريح في سماء التيه والفوضى محاولا خرق قوانين التقديس محاذرا من ان يصير كتابا بلا ارجل
الشاعر السوري عماد جنيدي تحدثنا بعض قصائده عن رؤاه وقناعاته وطموحاته وعن وحدته ا لنفسية ونفيه الكوني مذ كان صغيرا ( الجميع دخلوا المدرسة /حنطوا / داخل غرف الصف
بقيت وحدي تحت المطر
اتلقى الواقع
مع التوتياء الصديء
فعماد الذي عاش بين اصدقائه محتلا وقتهم بالذكريات تارة والقصائد تارة وبالمقالب تارة اخرى كان يشعر انه وحيد على الرغم من ان حياته كانت مهرجانات دائمة وذلك بخرقها للمعتاد وبانفلاته من قوس العادات والتقاليد
اقف يوميا هنا
وحيدا / في هذا الشاطيء المقفر
أشاهد غروب الانسان
وحيدا الى اخر الزمن
بين يدي إله ضرير
على باب فرنه المرعب
مقفرة ظلت صباحاته الخالية من رائحة البحر
البحر الذي كان الشاهد على وحشية مخيلته
والبحر الذي كان الشاهد على انطفاء احلامه الصغيرة
البحر الذي كان بالنسبة اليه المدير العام الواسع الصدر والغزير العطاء الذي لجأ اليه بعد أن سرح من الوظيفة مرات عدة وبات البحر مصدر رزقه الوحيد
فعلى الرغم من شغفه الكبير بالبحر الذي كان يرمي في اتونه خرابه الداخلي وصرخات احتجاجه فان زرقته وجماله لم يقرباه من الحب ومن المراة حيث ظلت المراة بعيدة عنه (ما تزال المرأة بأسلاكها الشائكة بعيدة عني كالربيع
هكذ ا عاش الشاعر السوري عماد جنيدي يضحك باكيا ويبكي ضاحكا والحياة بفلسفته الخاصة ليست اكثر من ألعاب بر تقالية رائعة التلألؤ
ظل رافضا التدجين ورافضا التشابه يمضي في طريق بلا افق على حد قوله
لقد عاش فقيرا معدما يبيع قصائده فيما لو ضاقت عليه سبل العيش
( احتاج الى حذاء
ولتر ..
ونساء
ولاتزال النقود تلمع من بعيد كنجوم السماء
لا احد لا أحد
يدفع ثمن القصيدة
الا الشعراء
ولعل قوله هذا يلخص وضع الشعراء عموما في بلدان باتت تعاني من التردي الثقافي ويعاني فيها المثقف من التهميش
هكذا كانت تتوالد الاخبار عن الشاعر عماد جنيدي متنوعة فالبعض يتهمه بالصعلكة والبعض الآخر يرى انه الشاعر الصدامي الفضائحي الجسور والبعض قبل صداقته على مضض والبعض ادرك ماهيته وحسن طويته صدقه ووضوحه ونقاء روحه الا ان الشاعر عماد جنيدي لو وجد في ظروف حياتية افضل لكان نتاجه الشعري اكثر غزارة واعمق اثرا وربما كان قد خلع قميض الخراب لكن الحياة قاسية لم تسعفه بالعمر الاطول فرحل تاركا لنا قصائده التي تحلم بالانسان الجديد
..

كلامٌ في القافية بقلم الاديب / أسامة حيدر

كلامٌ في القافية :



إنّ القافية في الشعر التقليدي هي الحروف التي يلتزم بها الشاعر في كل بيت من أبيات قصيدته . والرويّ هو الحرف الأخير من القافية والذي تُبنى عليه القصيدة .
وحين جاء الشعر الحر ( التفعيلة ) انتقلت القصيدة من قصيدة سمعيّة إلى بصريّة . ويؤكد د. شوقي ضيف أنّ القافية في قصيدة الشعر الحر تحررت من رتوبها بتنوعها وليس كل الشعر ينظم لينشد أو يتغنى به ....

وممّا لا شك فيه أنّ القافية في الشعر التقليديّ كانت تعتمد على ثقافة الشاعر اللّغويّة أمّا في الشعر الحر فتعتمد على الحاجة الفنيّة . وترى نازك الملائكة في كتابها قضايا الشعر المعاصر أنّه مهما يكن من فكرة نبذ القافية وإرسال الشعر فإنّ الشعر الحر بالذّات يحتاج إلى القافية احتياجاً خاصّاً ؛ وذلك لأنّه يفقد بعض المزايا الموسيقيّة المتوافرة في شعر الشطرين الشائع وتقول إن القافية ضروريّة لأنّها تحدّد نهاية السطر وتلمّ شتات الجو بالنغم العالي الذي تُحدثه وهي تُهدِّىءالقارىء أثناء قراءته للقصيدة وتعبر عن أفكار الشاعر الداخليّة التي لا يتعمّدُها ، وهي ضروريّة لأنّها نغمٌ وهي ذات موجة غامضة نستشعرها دون أن نشخصها وهي توحي بوضوح الفكرة حين تعزل شطرا عن شطر .
وقد استُخدمت القافية في الشعر بأشكال مختلفة ( - القافية العمودية المتكرّرة - القافية المتنوّعة - وقد يقع الشاعر في شركها عندما يبحث عن القافية متناسيا المعنى ) وهناك أيضا (القافية الحرّة ؛ الحرّة المقطعيّة والحرّة المتغيّرة والقافية المرسلة وتعني " المرسلة " : أن تكون القصيدة بلا قافية إلاّ ما جاء عرضاً و القصائد من هذا النوع تتراوح في جودتها باختلاف إمكانيّة الشعراءِ أنفسِهم ، فمثل هذا النوع من القصائد يحتاج إلى تعويض عن هذا العنصر الموسيقيّ الهام في القصيدة .
ويمكن أن يكون التعويض بالقافية الداخليّة ويجب أن يكون الشاعر على قدرة شعرية كبيرة للاستعاضة عن إيقاع القافية .
فهل التزم شعراء التفعيلة بذلك ؟ وهل تنبهوا إلى أهميّة القافية الداخليّة بديلا موسيقيا هامّا عن القافية الخارجيّة ؟ وهل ارتبطت القافية عندهم بالمعنى ؟ أو كانوا يبحثون عن قافية لإكمال النغمة ليس إلاّ ؟ وللكلام بقيّة .
الاستاذ
أسامة حيدر

الاديب ثامر سعيد الغريب، بعيدا عن معبد القبيلة وفي مرحلة التنظير قراءة نقدية بقلم / الاديب الناقد غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

الاديب ثامر سعيد الغريب،
بعيدا عن معبد القبيلة
وفي مرحلة التنظير:
******************




لقد ثبت عندي مع تراكم التجارب وتعاقب الخبرات ان الفعل الابداعي الأصيل في حقيقته ( كائن حي) قد يتجاوز بحيويته كينونات حية اخرى متكاثرة في هذا العالم ،وعلى قدر حيويته طبعا سيقترب اكثر واكثر من مستويات التقابل النموذجي مع المخلوق الاعظم واعني به الانسان..
هذا يعني ان ما تفضل به المعلم الاول ارسطو طاليس في نظرية (المحاكاة) يمكن بحسب تقديرنا المتواضع ان يتبلور الى ماهو اعلى بكثير..بحيث يرتقي الفعل الابداعي الى مستوى (المخلوق الحي) وليس مجرد فعل (يحكي) المخلوق الحي..او ( يحاكيه)..بدليل تحول الكثير من النصوص الملحمية والشعرية والمسرحية والقصصية والاعمال الفنية والموسيقية الى ( حقائق) كونية تجاوزت بما لايقاس مستويات اعداد كبيرة من البشر من ذوي الطينة الكسولة او حتى الباردة او حتى المظلمة تنازليا باتجاه الحيوات الدنيا..بينما تصاعدت بالانارة فعليا كواكب بشرية عالية الهمة والعطاء حد ان تقف على دكة عالية جدا مع اعاظم الرؤاة الكماة..
ولقد بلغت كثير من المخلوقات الابداعية مرحلة الخلود حد ان تعيش معنا في يومياتنا الثقاقية والإجتماعية بشكل دائب ودينامي شامل..
كيف وصل الينا جلجامش الابداعي كبعد تصعيدي في مقابل جلجامش التاريخي?!
كيف بلغ اوديب الاغريقي المخلوق المسرحي لسوفوكليس قبل اكثر من الفي عام مبلغ الحضور الفاعل في كثير من تصورات عالم النفس سيجموند فرويد مثلا?!
وكيف بتنا نتحدث عن تصورات مدينة الفارابي الفاضلة باعتبارها احلام مؤجلة يمكن ان تتحقق ?!
وكيف بات جان فالجان واحدب نوتردام هوغو وزيطه واولاد حارتنا محفوظ وماكبث شكسبير وسيف الدولة الشعري عند المتنبي وزورق رامبو السكران وشيخ همنغواي وارض اليوت الخراب وابن يقطان عامر ابن الطفيل والجوكواندا ولوحة التحرير والموناليزا ،ولاحصر ابدا الابحدود المثال،كيف اصبحت كلها وغبرها بالالاف بهذا المستوى من الحضور المدهش في تفاصيل حيواتنا المختلفة على مر العصور?!..
هذا هو الامر الذي تتحدث عنه سردية الاديب
ثامر سعيد آل غريب ( بعيدا عن معبد القبيلة)التي بين ايدينا الآن داعيا من خلالها الى ضرورة وعي التجربة الابداعية الشعرية على وجه الخصوص من قبل اي شاعر يريد ان يبلغ مبالغ التحقق عبورا الى ساحات الخلود والمجد الابداعي:
*
( عليك أن تلمس
بقلبك
النور....
تجمع البروق
التي ستطعن دمك!
من غيوم التآويل
وبجمرة
تفقأ الدمامل
التي قد تتبرعم
على لسانك!
كي تمتطي القصيدة)!!..
ذلك هو مدرج الشاعر الى اعلى وتلك هي عدة غوصه الى اعماق الرؤيا،والا فالسباحة على رمال الشواطئ لاتمنح الخائض غير حراشف الطين..
(فالقصائد الشموس
لاتمنح سروجها
الى الذين
لايقيسون البحر
بنوايا العاصفة
والمتسولين الكسالى
في ازقة الفيسبوك)!!!
اذن فإن حيازة الشعرية النابغة تحتاج الى هم مثخن بجراح المعرفة وهمة فروسية سوبرمانية عابرة للمعتاد،راكلة لكل انواع الاستسهال..
ان ما نراه هنا من ثرثرات (على غير نيل) لاعلاقة لها بالشعر البته..وقد تخرج تجنيسا حتى عن الخاطرة ذاتها فهي كما نعلم جنس ابداعي مستقل ..مع اننا لو قلنا لأحد المتسكعين انك ياهذا تكتب خاطرة جيدة مثلاً فانه سيتهمنا بما لاتحمد عقباه ..
الامر اذن يحتاج منا لكي نكتب قصيدة الى جملة استعدادات بالغة الضرورة،عميقة الاثر فيما سيسفر عن مسعانا من منجز منتظر:
(أن ترسم ظلا
وليس هنالك من شجرة!
تهيئ سلالك للتغريد
قبل صباح البلابل
وتلوِّح للأشرعة
قبل قلوع المراكب )!
اين يكمن سر الحيوية اذن:
------------------
بعد الحديث عن الاستعدادات والموهلات في بعديهما الافقي والعمودي ،الذهني والنفسي ،لابد من ان نتسائل مع شاعرنا الكبير عن سر الحيوية،لنكتشف من خلال ذات النص ،ان المبنى في بعده الشكلي لايصنع مخلوقا ابداعيا سويا ابدا الا اذا كان مكتنزا بالموضوعة ومفعما بالاطروحة ،ولاضير بعد ذلك في ان تكونا استبطانا للذات ام رؤية ذات مستويات فكرية وفلسفية،
فلا معنى للهرم بدون الفرعون ،مهما كبر حجمه وارتفع راسه..ولا معنى لنص يتمنهج الشكل الشعري من دون فكرة او موضوعة او حدث ما فهو بذلك سيفقد روحه وعقله..ولكم تحضرنا ظاهرة ( ملابس الإمبراطور الجديدة) تلك الحكاية الصينية المعروفة ،مع ان الامبراطور كان حاضرا،ولكنه كان خاويا،حتى انه لايدرك عريه المخجل بل المخزي ،ويا لها من طامة كبرى..
(أن تمتطي قصيدة
عليك ان تعضَّ
بفكيك
على غصن أخضر
مثل جندي
يخرجون شظية
من راسه
بلا حقنة تخدير
ان تدغدغ الحروف
كما يدغدغ منجل
أعناق السنابل
فيملأ كفيك قمحها
ثم تفكر
في جوع جديد)!
وما القمح الا ثمرة الفعل الابداعي وما سنتحصل عليه من اثر يفترض ان يكون ايجابيا..
وما البحث عن جوع جديد سوى توكيد من الشاعر على ديمومة الرحلة ( فما ان ينتهي طموح المرء حتى ينتهي أن يكون ثوريا) كما يقول عزيز محمد( او مبدعا في مثل هذا المقام)الذي نحن بصدده الان..
فمصافحة الذات وعقد صفقة سلام معها يعني موت المبدع ذاته وبالاحرى موته ابداعيا..وهذا تنظير لعمري يضرب على وتر بالغ الحساسية على راس من يظن انه وصل الى الذروة العالية التي لايرقى اليها السيل،ولكم تذاكرنا مع المتلقي الكريم بمقولة الإمام علي .ع.حين سألوه عن اشعر العرب فأجاب قائلا:
( ليس للقوم قصب سبق يذهبون اليه) فخط المعرفة لامثابة له الا بحدود ما رسمه العظيم محمد.ص.في معراجه الباهر..
ماذا بعد الارهاص:
------------
في مرحلة الشروع بهطول المطر..وبعد جهوزية الغمام الثقال يوصينا سادن هذا النص بما يمنح القصيدة رشاقتها واسرار جمالها بعيدا عن الترف الشكلاني الآيل الى الترهل ،أوالاستسهال المتعجل الآيل الى نكأ الاحلام وفقدان الفحوى،وذلك يعني ضمنيا فقدان الحيوية ،التي هي عنصر الخلود الاعظم..
( لاتغنجها فتخذلك
ولا تنكأ
ببلادةٍ أحلامها
فتخونك..
مثل زوجة
لم تملأ عينها
فيملأ قلبها سواك..!!!)
رحلة الكاهن الأخيره:
--------------
في مرحلة الهطول،او الانجاب ،سمها ماشئت يدعونا الغريب الى ما يحصن الوليد من القيصرة المتعسفة والولادة المتعسرة بعيدا عن اثار المحيط الضاغط الذي اخذنا منه ما نريده في القصيدة،ذلك لأن
( العزلة بيت الأفكار) مثلما ورد عن علي .
ع.
وتلك دعوة لنا بالابتعاد عن كل مايشوش علينا سلاسة الانثيال وسلامة الانهمار:
( كي تمتطي قصيدة
عليك ان تتقن الطلق
وحيدا...
وبعيدا عن معبد القبيلة
حيث لانخلة تهزها
ولا رطبا يهطل
سوى جمرات قلبك
على ثلج الكلام...)
ويالها من خاتمة مسك مدهشة يامن هربت بوليدك حرصا عليه بعيدا عن معبد القبيلة من ان تلوثه جراثيم الزيف وميكروبات الادعاء الفارغ...
اتذكر كيف اتفق ذات ليلة سلفادور دالي مع صديقه المسرحي الكبير جان جينيه على سرقة معرضه من دار العرض المقرر غدا من اعلى البناء بطريقة غريبة جدا لامجال لسردها الان ولكنه كتب على الجدار بديلا عن لوحاته عبارة واحدة( لن اسمح لأحد بتدنيس معرضي ابدا)..
خالص التقدير اخي وزميلي المبدع الكبير ابا غزوان الغالي..تحياتي،والسلام..
-------
نص الشاعر:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بعيداً عن معبدِ القبيلةِ
ثامر سعيد
......................
عليكَ أنْ تلمسَ بقلبِكَ النورَ
تجمعَ البروقَ التي ستطعنُ دمكَ
من غيومِ التآويلِ
وبجمرةٍ تفقأ الدمامِلَ التي قد تتبرعمُ
على لسانِكَ
كي تمتطي القصيدةَ ..
فالقصائدُ الشَمُوسُ
لا تمنحُ سروجَها
إلى الذينَ لا يُقيسونَ البحرَ
بنوايا العاصفة
والمتسولينَ الكسالى
في أزقّةِ الفيسبوك .
أنْ ترسمَ ظلاً وليسَ هنالكَ
من شجرة
تهيئَ سِلالِكَ للتغريدِ
قبلَ صباحِ البلابلِ
وتلوّحَ للأشرعةِ
قبلَ قلوعِ المراكبِ .
أنْ تمتطي قصيدةً ..
عليكَ أنْ تعضَّ بفكيكَ على غصنٍ
أخضرَ
مثلُ جنديٍّ يُخرجونَ شظيةًهِ
بلا حقنةِ تخدير .
أنْ تدغدغَ الحروفَ
كما يدغدغُ منجلٌ أعناقَ السنابلِ
فيملأُ كفيكَ قمحُها
ثم تفكرُ في جوعٍ جديدٍ .
لا تغنجْها كثيراً فتخذلكَ
ولا تنكأ ببلادةٍ أحلامها فتخونُكَ
مثلُ زوجةٍ لم تملأ عينَها
فيملأُ قلبَها سواك .
كي تمتطي قصيدةً ..
عليكَ أنْ تتقنَ الطلقَ وحيداً
وبعيداً عن معبدِ القبيلةِ
حيثُ لا نخلةً تهزها
ولا رطباً يهطلُ
سوى جمراتِ قلبِكَ
على ثلجِ الكلام..!!!
 
 
التعليقات
 
غسان الحجاج هذه السطور بمثابة المسلة التي نقشت بقانون الابداع او اسمحوا لي بأن اسميها وصايا الابداع لانها تعمم على المشهد الثقافي لما فيها من خلاصة تجربة شعرية للشاعر الكبير ثامر سعيد ال غريب فالنص الذي يحيد عن هذه الوصايا سيسقط في هاوية النسيان اما النص الذي يقع ضمن نطاق هذه الوصايا فسيدخل في خلود التأريخ كما تفضلتم وأشرتم بهذه القراءة النقدية الفارعة فضلا عن الأسلوب المشوق للنص والقراءة النقدية على حد سواء ..
تحياتي ومودتي لكما ايها المبدعان الكبيران
 
ثامر سعيد آل غريب لحضورك الجميل طاقات الورد وحشود المودة صديقي العزيز أستاذ غسان الحجاج .
 
أسامة حيدر هي قواعد الإبداع أو وصايا الإبداع كما تفضل أخي غسان الحجاج شاعرنا الرائع.
نعم يحتاج جيل شعرائنا اليوم إلى المزيد من الوصايا ورسم صوى الطريق والابتعاد عن تضخم الذات لأنّ فيها المقتل.
أحسنت أستاذي
غازي احمد ابوطبيخ، ومنك دائما نتعلم برضى وقبول بل بشغف المحب لعلمه ومعلمه.

ولا يُخفى روعة النصّ وجماله وقيمته الأدبية والتعليمية.
 
ثامر سعيد آل غريب هي روعتك وجمال روحك صديقي الرائع أستاذ أسامة. تحياتي.
 
ليل البنفسج كنت دائما اقف على جمال وروعة وقوة نصوص الاستاذ الصديق ثامر سعيد والذي توجته مرارا فارسا للحرف شكرا لقرائتك الرائعة استاذ دائما تتحفنا بروعة تحليلك وتجلياتك العابقة
عميق محبتي واحترامي لكما ..
 
ثامر سعيد آل غريب ممتن لهطولك العذب هذا صديقتي المبدعة ليل البنفسج . دمت ودام ألقك.
 
حسين ديوان الجبوري قصيدة رائعة جدا وصور جميلة ورمزية شفافة سلمت اناملك ايها الشاعر القدير ثامر سعيد تحياتي لك.
اما عمينا الكبير صاحب الرؤى الثاقبة الناقد الجسور واﻻديب اللامع شيخ اﻻدباء اﻻستاذ
غازي احمد ابوطبيخ فقد ابليت بﻻ منقطع النظير وليس غريبا او مفاجئا هذا الطرح ال
بناء النقدي المتسلسل فقد امتعتنا ايما امتاع واظهرت براعة وثقافة وباعا طويﻻ وخبرة متراكمة في مجال النقد واﻻدب واني اجد نفسي لسعيد جدا بما يفيدنا حقا من طيب وجمال الكﻻم واللغة وكانها تنساب ك الماء منسبا من اﻻعلى الى اﻻسفل ليصنع جماﻻ اخاذ يخطف الألباب ادام الله عليك نعمة التبصر والبصيرة وانت الناقد المتبصر والف تحية من القلب لك اخي واستاذي ابا نعمان الغالي
 
 
ثامر سعيد آل غريب نعم صديقي العزيز أستاذ حسين ديوان الجبوري . لقد كان أستاذنا الجميل غازي احمد ابوطبيخ منتجا متفوقا لنص تحليلي شاهق تجاوز نصنا المتواضع. سلمت وبوركت صديقي.
 
 
زكية المرموق مقاربة شيقة لنص شيق
 
 
ثامر سعيد آل غريب شرف كبير أن يمر على نصي المتواضع هذا ناقد فذ بقامة الأستاذ الرائع غازي الموسوي آفاق نقديه . فيترك أوشامه العطرة على خارطته. معالجة فالقِ الأصداف الفطنة وضعتني أمام نص إبداعي آخر ينضح ألقا. محبتي لك بلا حدود سيدي.