الأربعاء، 28 فبراير 2018

أحبُّكَ مرتين.. بقلم الشاعرة/ فوزية شاهين

إذا ضلَّ الغرامُ بنا طريقهْ 
وضاعتْ من أيادينا الوثيقهْ 
.
فذا قلبي يقولُ بكلِّ صدقٍ :
أحبُّكَ في المجازِ وفي الحقيقهْ
.
فلا تُبْعِدْ شمُوسَكَ عن سَمائِي
ولا تَهجُرْ بهاتيكَ الطريقهْ
.
ولا تقطفْ زهورَ العمرِ مني
وتترُكْ لي جراحاتٍ عميقهْ
.
تعالَ أحبَّني ، قيِّد فؤادي
على صدرِ الغرَامِ ولو دقيقهْ
.
أحبُّ الأسرَ في كفَّيكَ لمّا
أكونُ بحضنكَ الدافي طليقهْ
.
أحبُّكَ مرتين فلا تدعني
وتتركني بلا مرسى غريقهْ
.
أحبُّكَ مرتين فلا تلمني
فقد أجَّجتَ في قلبي حريقهْ
.
أحبُّكَ عاشقاً بالقربِ مني
ومعشوقا تماهى في عشيقهْ
.
فإن غرُبتْ شموسُ الناسِ عني
فمنكَ العمرُ يستجدي شروقه ْ
.
فقل : إنِّي أحبُّكِ يا ملاكي
أيا أنثى بأحضاني رقيقهْ
.
أطوفُ بثغرِكِ البسَّامِ شوقاً
وأعلنُ أنَّني شيخُ الطريقه ْ!!
.
أيا بدراً تحصَّن في ضلوعي
وأهداني بلا خوفٍ بريقه ْ
.
ويا غيثاً تنزَّلَ فوقَ عمري
فصارَ العمرُ يا عمري حديقهْ
.
فؤادي ظامئٌ من بعد نأيٍ
وينتظرُ اللقاءَ يبلُّ ريقه ْ
.
فلا تُطلق سهامَ الهجرِ يوماً
وتقتلني بنيرانٍ صديقهْ !!!

السبت، 24 فبراير 2018

قراءة في نص: المَصْلوب عَلى جِذعِ نَخْلةٍ (لــ قاسم محمد مجيد) .. بقلم الناقد: غازي الموسوي

بعض انماط الشاعرية اقرب ماتكون الى المشرط الطبي،الذي نحس عميقا كمتلقين بوجع تشريحه الغائر في سيكولوجيا الفرد وسوسيولوجيا الجماعة في ميقات واحد،كونه لا يستخدم اي مخدر في جراحته الموغلة في اعماق اللحظة الراهنة..رافضاً كل انواع المجازات الفاقعة - ونعني الزائدة عن اللزوم- خلا الاقنعة التعبيرية والاستعارات الموحية التي تشي بوضوح بل تفضح بانكشاف بمثلما تغور في الاعماق..عبر مركب ساخر ولكنه صادق في توتره ،جارح في ايقاظه للراكد في المصابين بالسكونية والرضا عن السائد الموبوء بكساح القيم ..
لاتستغرب ياصديقي الشاعر النبيل المثخن بجراح الزمن الطارئ..
انها نبوءة الجنيد للحلاج ذاتها تتكرر في كل حقبة بطريقة تختلف بالشكل ولكنها تتماثل في المضمون..
( ستركب الريح واليم حتى اراك على خشبه)
تسير بك امواه دجلة البغدادية بين الجسرين مشيعا بدموع الشموع التي تكتب على الماء حبرها الضائع في هلامية الميقات القارس في هزيعه الاخير.


النص:


لِمَ هَذا النًّهارٌ 
يَحملُ عَلى ظَهْرِه نوَّحَ الرِّيح
وَجسَداً مَصْلوباً عَلى جِذعِ نَخْلةٍ 
وَحراساً واقِفينَ مِثلَ سِلالَ قُمامَةٍ 
أَيُّ نَهارٍ هَذا ! 
********
مٌذْ صَار للْخوْفِ أَجْنحَة نًسورٍ
التَفَّ النَّاسُ، حوْلَكَ مِثلَ مِنجَلٍ 
وسُؤَال كزَوبعَةِ صَحْراء
لمَاذا تَبْدو وُجوهُ بعض الرَّجالَ جَبانَةً ؟ 
وَلا مُعين !!

ألفُ جَلدَةٍ
وَأَنْتَ تَصِيحُ..
لَسْتُ نَبِيّاً كَيْ أُكَلمَ الَّلهَ...

حَينَ رايْتُ قُضَاةَ بَغْدادٍ ...
 نَزَعوا الطَّلاءَ عَنْ وُجُوهِهِم 
وَشهُود الزُّورِ مُصْطَفونَ كَالثعالب 
ذَابَ قلبُكَ فِي دُعاءٍ أَخِيرٍ 
وَايقَنَ .... 
أن لا حَاكم شَعرَ بالذَّنبِ 
وشَنقَ نَفْسَهُ

السبت، 17 فبراير 2018

حبٌّ قيد النشر.. بقلم الشاعر/غسان الحجاج

يجاهر شيبُ الصمتِ بالحبِّ يفصحُ
اداري الهوى في القلبِ والعين تفضحُ

المّحُ بالإخفاء ابداء بسمتي
ووجهكِ شمسٌ بالشروق تلوّحُ

اناغي نجوم الليل موالَ عاشقٍ
فزقزقةُ الاهات مني موشّحُ

بكائي احتضار الشمع عند احتراقهِ 
تجاعيد خدِّ الصبِّ للدمع مسرحُ

اسافر في الابعاد من دون رحلةٍ
هنالكَ في افق الصبابة امرحُ

حظوظيَ بدوٌ لاتقيم برفقتي
فما طفقتْ تمضي الى الغير تبرحُ

مفاتنكِ العذراء اوطان غربتي
ففي كلِّْ حينٍ نحو طيفكٓ انزحُ

اوازنُ بالذكرى تباريح قادمٍ
ومستقبل الآلام في الوزن يرجحُ

تراودني الأفكار في كلِّْ موقفٍ
صراطُ انتباهي في خصالكِ يسرحُ

اتشربني الأيام انخابَ ساسةٍ!
ومازلت في الإعياء أعطي واكدحُ

فراغات هذا العمر نايّ مثقْبٌ
عذاباتهُ الألحان والصوتُ يُذبحُ

شواردُ جنِّ الشعر تلهو بخافقي
فيكتبها بالنبض والنبض يمسحُ

أواري ظلال السرَّ عن عين عاذلٍ
لإنَّ ضفافَ الماءِ بالريح تُجرحُ

طقوس حياء العشق فردوس راهبٍ
لَهُ أوسع الأبواب بالنار تفتحُ

قبيل بزوغ الفجر وجهكِ يصبحُ
لهذا انا والليل للشمسِ نشرحُ

نقولُ لها الإعجاز من سِحْر بابلٍ
فمنذُ عصور السحر في الافقِ يسبحُ

اراكِ بسريالية الضوء زنبقاً 
اليه فراشات المشاعر تشبحُ

خيوطُ اماني الوهم في البحر قشّةٌ
وبالنشوةِ الحمقاءِ قلبي مسلّحُ

شربتُ دنانَ الصبر صبراً معتّقاً 
وددت ُ بأن الصبر بالسكر يسمحُ

لأنسى مسافاتي التي قد نقشتها
مسلةَ آمالٍ الى الوصلِ تطمحُ

فأرّختُ يوم الحبِّ ميقاتَ عثرتي
ايعثرُ يا ليلى حصانٌ مجنّحُ !

هواكِ كتابٌ ما هممتُ بنشرهِ
حيائي كبير النقد فِيهِ ينقّحُ

يؤرجني الوجدان بندولَ ساعةٍ
فهل حيلةُ البندولِ الاّ التأرجحُ

النقد ..بين معرفة المبدع والتعرف عليه......قراءة في نص الشاعر علي الجياشي بقلم الناقد / شاكر الخياط

النقد..
بين معرفة المبدع
والتعرف عليه......
...
قراءة في نص الشاعر علي الجياشي المنشور في ( آفاق نقدية) تقدم بها الزميل الناقد الاستاذShakir
AL Khaiatt،مع خالص التقدير..
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
لاباس ان نعيد القراءة ثانية لكي لا نبتعد عن مشاعر النص ومشاعر المبدع، وما تراه عيوننا من تحولات مهمة ميزت هذا النص على وجه الخصوص:
.......
نص الشاعر:
===
ليتَ الموسيقى
تسمعُني
حينَ يصفقُ جنحايَ
أو حينما
تغرّدُ اضلاعي،
شجني والنايُ
نهرانِ
يجريانِ في دمي
وحبيبتي
تكتنزُ الهطولَ
فتُسعِفُ حزني
اذا داهمَهُ اليبابُ،
انا...
وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ
مُشرّدانِ
في صحاري القلقِ
نبحثُ
عن متعةِ الفصولِ
علَّ العصافيرَ
تستدلُّ بنا،
وتُورِقُ
في أكفِّنا
سويعاتُ الأرقِ،
ٱلمراكبُ
لا تستوي
لأنَّ الحياةَ كالامواجِ
تحتَها..
وقبضاتِ المجاذيفِ
تصقلُها الأكفُّ،
أخشى كثيراً
أن يراني النهارُ
مُسودّاً..!!
أو يحسبُني
جزءً من اللّيلِ..!!
ثمّةَ فرقٌ كبيرٌ
بينَ المرايا والنجومِ
وبيني..
حينَ أكونُ،
وبيني..
حينما لا أكونُ..!!
أعشقُكِ
أيتُها الآتيةُ،
فأنتِ وانا
وجهانِ
في السطوع..
*****
منذ فترة يراودني سؤال مهم ويلح علي باصرار ان اكتب في موضوع نقدي قد يكون بعيدا نوعاً ما عن الاكاديمية في اسلوبه..
وما يمنعني من ان اخوض غمار هذا المشروع والتجربة المتفردة لمجموعة من الاقلام حكمتها ظروف لم يمر بها احد من قبلهم، ولم تتوفر لاحد من قبلهم فرصة كالتي اتيحت لهم في الالتقاء، والتماهي والابداع المنهمر بحس وشعور اظنني في حقل الصدق دائما ان قلت ان ما مر به هؤلاء غريب، حصل في القرن العشرين، ولم يحصل من ذي قبل ولا اظن ان القادم من هذا الزمن الذي تبدو ملامحه بعيدة عن القصد المنشود سيحمل الينا مثل هذه التجربة الواعدة، مايمنعني هو الانحياز البديهي لقلمي حين ابدا بالكتابة عن موضوعة جديدة في عالم النقد، رغم انني ساختلف مع المنظرين قبلي او معي او بعدي، لكن انحيازي مشروع، لانني احد هؤلاء، ومنهم وفيهم، فانا ولله الحمد احدهم، وبعظيم الفخر والشعور بالرفعة ان اكون قد التقيت من التقيت منهم لفترة من الزمن ليست بالقليلة في امدها، وليست بالسهلة في مجريات احداثها، الموضوعة التي تشدني دائما وما اراه انا كاستنتاج يستند الى خبرة عقود من الزمن الثقافي والعمر الادبي ان ( هناك علاقة بين النقد والنص اي بين الناقد و بين الكاتب ) اي ان تاثير العلاقة بين الاثنين وتاثر النص النقدي بها له اثر بالغ في نفس الناقد، مثلما هو الاثر المعكوس ايجابا على الكاتب نفسه، ومن هنا اجد ان النص العام -اي نص كان- الذي يتناوله الناقد سيخضع الى اشتراطات النقد ومستلزماته المعروفة، دون الحاجة الى الهرولة او الجري وراء الكاتب والبحث عن ماهيته وكينونته بل وحياته الشخصية ربما والفكرية وماضيه ومعتقده ووو الخ الامر...
هذا الامر ينسحب هنا في هذا النص على الكاتب نفسه واراني ساكون قريبا من النص ومن صاحب النص للاسباب المذكورة الان، الكاتب صاحب النص الاخ ( علي الجياشي) شاعر متمكن ومحنك وهو يجيد فن التلاعب بالكلمات مثلما يجيد فن الكتابة على انواع الشعر العربي المتعددة ( العمود، الحر، المؤتلفة) اضافة طبعا الى براعته في تناول مواضيع عديدة في الشعر الشعبي...
النص قيد البحث يجعلني بعد القراءة المستفيضة والمتكررة له ان اتحدث عن الكاتب والمكتوب، الكاتب يتحدث في هذا النص عن روحه هو وعن وجدانه هو ومرة يضع نفسه امامه كأنه الاخر فيحاكيه بتساؤلات واضحة اعطى لنفسه شرعية السؤال عندما كان هو وشرعية الاجابة عندما اصبح الاخر، شخصية وكينونة النص تختلف عن شخصية وكينونة الكاتب صاحب النص، لكنهما يتفقان وينسجمان في لمحة واحدة ان النص وصاحبه روح واحدة ولايستطيع من يعرف ( علي الجياشي) شخصيا وقد عاشره لفترة طويلة من الزمن ان يفرق النص عن روح صاحب النص، فتداعيات العمل تداعيات حدثت ولم تكن من بنات الافكار ولاهي مثار الخيال الذي حرك الشاعر ان يقول، ولو امهل النص صاحبَه لقال غير هذا الشكل من التداعي المتعاقب الايقاع، والمتواتر الحدث، والمتماسك الفكرة، بحيث لايستطيع اي ناقد ان يفصل شطرا عن اخر او مفردة عن اخرى، فالعمل كان وحدة واحدة، استطاع الاستاذ ( علي) ان يمسك به في اللحظات الاخيرة قبل الانفلات من السيطرة والذهاب ربما الى الحر المموسق، او من يدري ربما انا اشعر كان سياخذه الى عمود ايقاعي موسيقي صاخب، نعم، صاخب، لانني لمست ورايت روحية الشاعر التي اوشكت ان تجهش بالبكاء قريبا من الخاتمة كانت تدفعه نحو لون آخر يعشقه الشاعر اصلا ويحب الكتابة على منواله دائما...
حاولت ان اقتنص من النص شطرا شطرا للاستدلال والتشبيه والارتكاز لكي اقول، لكنني تفاجئت ان النص بدرجة من التماسك انني لم استطع التوقف عند استراحة هنا او هدوء هناك، منذ ان بدا:
( ليتَ الموسيقى
تسمعُني)
نعم، انه دعاء ورجاء واستخدام "ليت" يُظهر كم من التضور والتمرد الداخلي، والحزن المخبوء في روح الشاعر، ولم يسال لكنه تساءل من جواب السؤال دون ان يظهر السؤال
( متى تسمعك الموسيقى) هذا هو الجواب:
(حينَ يصفقُ جنحايَ
أو حينما
تغرّدُ اضلاعي،)
ياسلام.. اي افصاح وصدق اعلى واسمى من هذا، ومن يستطيع ان يقول هذا دون بكاء؟ لماذا؟:
(شجني والنايُ
نهرانِ
يجريانِ في دمي)..
هذا الجواب مقطوع لان الاعلى منه سيلي:
(وحبيبتي)..
اية حبيبة؟ هل هي من نسج الخيال؟ ام انها التي لازالت تسكن الجوارح بل هي من تحركها وما على السيد ( علي الجياشي) الا الامتثال والرضوخ لاوامرها التي كان قد اتفق معها مسبقا على ان تكون هي وهو واحدا لاينفصم، لكنني اريد هنا ان ارى لربما انا مخطيء او قد ذهبت بعيدا عن الحال ولكي اكون اكثر اقترابا من النص في حقيقته مثلما انا ( الناقد) قريب من ( الكاتب) شخصيا:
(تكتنزُ الهطولَ
فتُسعِفُ حزني
اذا داهمَهُ اليبابُ،)
لاحظ هنا عمق المناشدة، من هي التي تكتنز الهطول؟ وماذا يعني الهطول هنا؟ هل هو المطر الذي يتامله وينتظره الجفاف ام هو المطر العادي الذي سيروي الزرع او من المحتمل قد يغرقه؟ الجواب بلا تردد ( اليباب) وهو يباب الروح وجفافها ونضوب الدمع من مقل العيون واحمرار وتورم الجفون عمن رحلت دون استئذان، وليس الا لكي تسعف الحزن وتنقذه من هذا المآل..
(انا...) مطلقة صارخة ممدودة، وليت شعري كأني به وهو يصرخ ( انا...) منفردة هكذا لوحدها اكاد اسمع صداها يتردد بين جانبي الوادي الذي ينتظر الغيث.. ومن معه ( انا...) ؟
(وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ )
ياسلام.. لو اجيز لي لقلت انني قرأتها قبل ان الفظها، من هي ياترى (الاتية من وراء الجموح)؟؟ احسنت يا (علي)،
( مُشرّدانِ
في صحاري القلقِ) ..
قلقان راكضان في صحراء القلق، ماذا تريدان؟ الجواب واقف بالانتظار
(نبحثُ)،
نعم تبحث، ولكن عمّاذا ؟
- (عن متعةِ الفصولِ )
لك الله ياعلي انا اعرف ماذا تعني متعة الفصول ساحتفظ بها لنفسي اكراما لك ولها..
(علَّ العصافيرَ
تستدلُّ بنا،
وتُورِقُ
في أكفِّنا
سويعاتُ الأرقِ، )
الى ان يصل الى مرحلة الكشف بعد هذا العرض السريع المتتالي دون اذن الشاعر:
(ٱلمراكبُ
لا تستوي
لأنَّ الحياةَ كالامواجِ) ..
هذا هو تعريف القلق واي قلق اعلى من هذا سوى ( كأن الريح تحتي)؟ هنا يلتقي الجياشي والمتنبي في ذات القلق وفي نفس المشاعر لكن الفرق هناك تفاخر وتباه، وهنا امتداد للحزن والجرح وانين الفصول..
( تحتَها..
وقبضاتِ المجاذيفِ
تصقلُها الأكفُّ،)
(أخشى كثيراً
أن يراني النهارُ
مُسودّاً..!!
أو يحسبُني
جزءً من اللّيلِ..!!) ..
من يستطيع ان يصل بذاته الى حد الانصهار بين السواد في وحشته وبين اتحاده في الليل الموحش؟ هذا التعبير المغلف الذي لم يبح به الكاتب هنا كان ارقى وأجرأ مما لو اباح لنا وفض بكارة المكنون، احسنت هنا ايضا اخي الحبيب علي،
( ثمّةَ فرقٌ كبيرٌ
بينَ المرايا والنجومِ
وبيني..
حينَ أكونُ،
وبيني..
حينما لا أكونُ..!! ) ..
غاية الابداع وقمة الرقي، هنا بين ان اكون وان لا اكون هو بنائية الانسان وجبروت عظمته، ترى هل كان يريد من هذا ان يقول انه كالمرايا اذا (يكون) وهو كالنجوم حينما ( لا اكون)؟؟ اسئلة مشروعة ليس لي انما للقاريء، انا ويقيني يخبرني ان القاريء يتوقع ان ( اكون ) في ماقصده الشاعر هو الغاية، لكنني اقول هو كان يقصد ( ان لا اكون) هي المرايا وليست النجوم البعيدة، وهذا ايضا حس شخصي نابع من معاناة الشاعر اسال الله ان يجبر الخواطر وان يهديء العواطف، فليس للحزن في دواخل علي حد او سد،،،
لاحظ العودة الى التماسك الذي ابتدأ به القول في اول المتن
((وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ ))
وهنا
(( أعشقُكِ
أيتُها الآتيةُ،
فأنتِ وانا
وجهانِ
في السطوع.. ))
نعم صحيح، وهنا وكما قلت بسبب معرفتي بصاحب النص اعرف وادرك من هي الاتية التي ركز عليها في البدء وفي الختام....
عمل رائع وابداع كبير ومميز لاخي الصديق والحبيب الشاعر علي الجياشي، واتمنى بل انتظر منه الحضور الدائم فهذا هو مكانك وهذا هو موئل كلماتك... مثلما ارجو الله ان يمن علينا باللقاء، احييك على البعد فانت لم تغب عن البال، ومازلت ومازال حديثك المبتسم رغم القهر الذي عشنا سنينا ماثلا في خاطري،
اهنؤك على هذا النص، بانتظار القادم يقينا...
مودتي...
أ.شاكر الخياط
 
 

الجمعة، 16 فبراير 2018

(مفاتيح أريناس الكونية):مطالعة في نص الاديبة نائلة طاهر بقلم / الناقد غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

(مفاتيح أريناس الكونية):
مطالعة في نص الاديبة نائلة طاهر:...(تونس)...
 
المفتاح الاول:
.................
ماذا تعني مفردة( اريناس) كعتبة أُولى باعتبارها العنوان الذي وقع اختيار اديبتنا عليه?
وللاجابةنقول :انهاباختصار
لفظة أمازيغية تونسية قديمة بمعنى(الزهرة)..
وهي رمز اصيل يعتز به الشعب التونسي للتعبير مجازا عن الارض والعرض وقد تكون رمزا لتونس نفسها .
وفي الحقيقة ان أريناس إسم من اكثر اسماء المرأة قدما وجمالا واصالة في هذا البلد المتوسطي،حتى اننا حين نبحث عن معناه نرى شروحاته شديدة الالتصاق باسم واحدة من اكثر النساء خلودا ومجدا في الذاكرة الجمعية للشعب التونسي ونعني بها ( ديهيا) الملكة الامازيغية التي يتحدث عنها مؤسس علم الاجتماع الكبير ابن خلدون المغربي بكل احترام وتوقير برغم محاولات التشويش عليها وتشويه تاريخها حيث اشار بكل وضوح الى انها وحدت تونس والجزائر وليبيا في مملكة واحدة بعد وقوفها الشهير في وجه اول غزوة يقودها حسان بن النعمان في عهد عبد الملك بن مروان..وقد بقيت تدير شؤون هذه المملكة بحزم وقوة حتى اتهمها الكثيرون باستخدام السحر في مواجهاتها مع اعداءها لتفسير شجاعتها وانتصاراتها او لربما لتفسير هزيمتهم امامها..
لكن ما الذي ينفعنا مثل هذا المبحث التاريخي السوسيولوجي في قراءتنا لنص شاعرتنا الفاضله..
ان الذي ينفعنا هو ان اسم هذه الزهرة التي تقرب من القداسة عند سكان تونس الاصليين لايطلق على الانثى وحسب ،وانما يطلق على هذا المستوى من النساء العظيمات كرمز للمراة الجليلة القدر ،بدليل انه اسم حقيقي لأحدى ملكات الشعب ( الامازيغي) الاكثر قدماً..ولانعني ديهيا هنا وانما نعني ملكة بربرية حقيقية كان اسمها اريناس فعلا.
اذن ماذا ارادت شاعرتنا ان توصله من خلال اختيارها لهذه الثيمة التاريخية البارزة ؟
بحسب تصورنا وبالنظر إلى خلفية الشاعرة الثقافية والفكرية المنتصرة لقيمة الحضور الواعي للمرأة في الشعر والثقافة فإنها كانت تريد ان تعطي للمرأة في هذا النص بعدا محليا وكونيا معا ،يعزز حقها بالمبادرة ودورها في الحضور على مستوى الحياة الخاصة والعامة..
ونظرا لان المفردة الواحدة في ما اصطلح على تسميته ب(قصيدة النثر) تأخذ عادة صفة المفتاح الدلالي ،فقد حرصت على السؤال العلمي بخصوص علاقة أريناس بالحقل الدلالي العام للقصيدة ،و توجهت به إلى مؤرخ تونسي مهتم بالشأن الشعري والأدبي عامة فكان رأيه بهذا الرمز المتسع كالتالي:
__
(أريناس زهرة جذورها في الارض عيونها متصلة بسماء كل عاشق ،تحتويه في سكون أحيانا وتضج إذا ما اشتدت شكواه وأنينه كل الحين ...أريناس هي العرض،، هي الأرض ،المستقر بعد الرحيل هي الهوية التي لا تغدر ولا يغادرنا طيبها ورائحة ثراها ،هي الهوية التي لا تتغير وان تعاقبت الأجناس والحضارات. تظل أريناس هي الاولى بدلالتها على المرأة المثال ،المرأة حلما وواقعا. ومعلوم بان الانثى هي الحياة ومادام الصراع شاقا على الانسان عامةفإن ما بينه وبين الحياة جذب ودفع ،صراع قد يحكمه المستحيل والمغامرة ولكنه صراع لا ينفي الثابت أن العَوْدَ مسألة محسومة لصالح الحياة نفسها لصالح الوطن الأم ،لأريناس كتاريخٍ وماض ومستقبل،حتى وإن أُغتصبت بعض الحدود أوأُقيمت حدود أخرى، فإن الحياة للجميع والفائز من يأخذ من عطرها ملء الصدر والقلب .وستظل أريناس تطل بعين الحب على هذا الشرق وإن لم يبدُ منه إلا ظلامه فلن تيأس حتى وان كان الظلام قد قدر سلفا فإن عطر الشرق باقٍ بين سطور تاريخه ومستقبله ..)،وسيتبين لاحقا الربط التلقائي بين هذا النفس الشديد الالتحام مع التاريخ المحلي الخاص وبين إحساس شاعر اسبانيا الكبير (لوركا)..
وعليه فإن عيون التاريخ الواسعة لا ترى المقرَّر فقط وانما تستحضر شخوصه وافتراضاته.و في المقابل هذا قلب الشاعرة التي قالت :أن اريناس أنثى يحركها الحب الكوني في اتجاه حدود تتسع ولا تضيق لانها تنهمر من قلب عاشق تعلق بالوجود عامة فلا يرى الا سحره المدهش ولا يراه إلا حبا خالصا ،انثى تترك وشمها في روح الكون نفسه ذاك الكون الذي لم ننل منه الا العتمة احيانا كثيرة ولكننا ندين له بالكثير من النور الساكن بالقلوب ..
إجمالا واستئناسا برأي التاريخ والأدب فإن نص شاعرتنا ينطوي على ان
أريناس قصة خلاص،، خارطة سير الى السماء تعود بنا الى الارض مطرا غزيرا يحيي ما مات ..
بالاخر..والشاعرة نفسها لها مقولة معروفة وهي (إن الانثى هي ربة هذا العالم بعد الاله لانها هي فقط تحمل عنه بأمانة تواصل إمكانية الخلق ) وقد يبدو هذا الكلام في ظاهره مبالغا فيه، ولكن الانثى كما نعلم واجهة لعدة مسميات ،ولكل مسمى إطاره المشروع..
*
انطلاقامن كل ماتقدم نقول :
نعلم جيدا ايتها المبدعة نائلة طاهر ان هذا النص نابع من عين الشعر الحقيقية الاكثر عمقا وجرأة،ولكننا نعلم ايضا انه يتطلع الى فعل ابداعي ذي افق كوني النزعة،غربي الاسلوب،حد الشعور بوجود انفاس اسلوبية بنائية لمجموعة شعراء اوربيين قد تم اختزالهم هنا برغم اشاراته وروحه الشرقية،كون شاعرتنا امرأة وكونها مكتنزة باحساس صوفي واضح جدا ،فروح الكاهنة( ديهيا) فيه ذات افق اشراقي واسع شامل يجمع اليه بين الخاص جدا والعام جدا في اطار كيان يتجاوز عادياته البشرية الى كينونة قادرة على ان ترى بطريقة هيولية وفي الاتجاهات الاربع..كيف نفترع كل شئ بدء منا فمحيطنا بكل ركامه لانجاز نوع من المخلوقات المعرفية العاليه..
( ايها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب اصابعي
واتني به
من اجنحة الغمام)
الدهشة بحسب تصوري تكمن في الحفاظ على الحس الادمي لكن وفق مخلوق انثوي ( سوبر) خارج عن المالوف...
(وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الانبياء
أختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرته الملائكة
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت)..
والدهشة من طرف اخر تصنعها قدرة هذا المخلوق الابداعي على استيعاب الحدث الواقعي المحيط لكن من منطلق الوعي بحركة التاريخ وليس مجرد تسجيله :
(وكأي رجل
اهلكته الحروب
هو لن يقبل باية معاهدة للسلام
لن يقايض باسمها
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الاخير)
من هنا ليس امامنا لاختراق هذا النص الملتحف او الملثم كما عبر عن ذاته غير ثلاثة مفاتيح وفرتها لنا الشاعرة ذات الوعي النقدي العميق لكونها تفهم قبل غيرها ضرورة وجود مثل هذه المفاتيح لهكذا حقل شعري ملغم بالدفائن السرانية البعيدة عن التناول المباشر..
* المفتاح الثاني:
.....................
ويكمن في البيت الشعري العمودي الذي صدرت به النص، ذلك لان العتبة الاولى لاتشي عن مفادها الا لمن يفهم الماوراء البربري لهذه المفردة ،فكلمة ( اريناس) التي تعني الزهرة مفتاح لا يمكن الافادة منه الا بعد فك طلسمه وقد فعلنا بما نراه كافيا ان شاء الله تعالى..
اذن فالبيت الشعري العمودي الذي صدرت به الشاعرة قصيدتها هو المفتاح الاقدر على الولوج كما نتصور:
(انت بعضي
وانت كل مرادي
ياحبيبا
انفاسه في مدادي)..
بيت شعري من الطراز الاول نسجا ،وبحر (الخفيف) عروضا ،والمناخ الصوفي جوا وشعورا واسلوباً،فالمحبوب او المعشوق بالاصطلاح الصوفي منحل في مداد النص،بل وفي مداد كل نص سابق او لاحق للشاعرة موضوعة البحث..
حتى اننا حين نحاول معرفة طبيعة عنصر الخطاب فقد تتسع الدائرة حتى تحتمل مخاطبة الرب سبحانه باعتباره الحبيب الاعظم والاوسع الذي بقي بهيا مأمولا لأنه لم يسهم في ما جرى على المراة كانثى من الاحوال التي اشرنا اليها آنفا..
*
يبقى السؤال المهم ترى:
مانوع الموضوعة التي سلطت مبدعتنا عليها الاضواء بحيث استدعت منها ان توزعها على هيئة بنى متعاقبة،بحيث تطل كل بنية على فكرة النص الاجمالية لكن من زاوية نظر تختلف عن الأخرى..وكأني بها قد اختارت ان تصنع بذلك متوالية من الأضواء الكاشفة عن الحقائق الجوانية للقصيدة في ناحية ولكاتبتها في لحظتها الشعرية الراهنة من ناحية اخرى..
فهل كان موضوع القصيدة وجدانيا محضا?
هل كان الوجدان سبيلا?!
هل كان قناعا?..
ومع كل ذلك ،مانوع هذا الوجدان ايضا?
هل كان مرتبطا من بعيد او قريب برابعة العدوية بدلالة البيت الشعري العمودي مثلا..اسئلة كثيرة وكبيرة تحتاج الى فكفكة واجابات تنفعنا في رحلة البحث..
.....
نص الاديبة
نائلة طاهر :
~~~
( أريناس):
-------
تصدير :
..........
أنت بعضي
وأنت كل مرادي
يا حبيبا أنفاسه في مدادي
~~~
النص:
•••••
كأي انثى
هوايتها عسل التشفي
تنسى ان تمر قريبا
هي فقط
تهز ارجوحة الذاكرة
لتعزفها
اوتار شاعر حزين..
...
وكأي رجل
اهلكته الحروب
هو..
لن يتقبل
باية معاهدة للسلام
لن يقايض
بٱسمها
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الأثير..
..
أيها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب أصابعي
واتني به
من أجنحة الغمام
..
وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الأنبياء
اختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرتْهُ الملائكةُ
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت
:
أيها الطائر الناري
اخشى عليك
من قسوتي
من خديعة الغربان
من عيون الزيف
ومن لغتي الملثمة
فابتعد ...
ابتعد
عن سحبي
واتركني لشانقي
هو يشهد احتضاري
ك غيمة تدلت من كفيه
فيروزة وَدق...
:
أريناس..
زهرة من اشتهى حَمَم الثلج
بيد لوركا المستحيلة
تدنو من وجه الشرق المظلم
تزرعه قطاف قمر وأغنيات
ولا يرنّ اسمها في الضباب ...
أتراها حين تولي
تترك الوشم منيرا
في ساحة صدرك المعتم.......
...
وسنورد ادناه نص الشاعر الكبير لوركا ( اليد المستحيلة) ،الذي ورد ذكر اهم رموزه في سياق نص الاديبة نائلة طاهر..
نذكره هنا من اجل الاطلاع والربط لمن احب المتابعة ،مع التقدير..
*
اليدُ المستحيلة – لوركا
..................................
أنا لا أتمنّى
غيرَ يدٍ،
يدٍ جريحةٍ،
لو أمكنَ ذلك.
أنا لا أريدُ غيرَ يدٍ،
حتّى لوْ قضيتُ
ألفَ ليلةٍ بلا مضجع..!!
ستكونُ زنبقًا شاحبًا
من كلس،
ستكونُ حمامةً
مربوطةً بقلبي،
ستكونُ حارسًا
في ليلِ احتضاري،
يمنعُ بتاتًا القمرَ
من الدّخول.
أنا لا أتمنّى شيئًا
غيرَ هذهِ اليد،
للزّيوتِ اليوميّة،
وشرشفِ احتضاريَ الأبيض.
أنا لا أريدُ
غيرَ هذهِ اليد،
لتسندَ جناحًا من موتي.
كلُّ ما تبقّى يمرّ
تُوْرَدُ بلا اسمٍ،
كوكبٌ أبديٌّ دائم..
كلُّ الباقي
شيءٌ آخرُ مختلف:
رياحٌ حزينةٌ
بينما تفرُّ الأوراقُ
أسرابًا...
..................
(ح2)
.......
المفتاح الثالث،
ماهي طبيعة العلاقة
بين اريناس ولوركا:
--------------
معلوم ان تونس خاصة والمغرب العربي عامة بمثابة الحلقة الوسيطة بين المشرق العربي وعموم الغرب..هذا يعني انها كانت وماتزال على احتكاك دائم مع اوربا بدء من العبور العربي الشهير ..ومعلوم ايضا ان ماجرى عليها قد جرى على اسبانيا والبرتغال اللتين شكلتا بعد الفتح (بلاد الاندلس)..
هنا في هذه المحطة نود الاشارة الجديرة الى ان الشاعر الاسباني الكبير (لوركا) يشعر عميقا بالارتباط الشعوري الدفين بالتراث الاندلسي على وجه الخصوص ..اما كيفية هذا الارتباط فسنبينه فيما سياتي من الحديث..
قلق الهوية:
-------
مع ان حياة عائلة الدون لوركا كلها اقرب الى التدين الكنسي حد أن يعشق شاعرنا ارتداء ازياء الرهبان خلال فترة طفولته كما يتحدث عن ذلك بنفسه ولكن مايسترعي الانتباه هو أن هذه العائلة غرناطية بامتياز ،ومعلوم ان غرناطة هي العاصمة الكبرى والاهم لبلاد الاندلس..ولقد صرح الشاعر الكبير لوركا لاكثر من مرة بما يشبه التاكيد بما يلي:
( يجري في عروقي دم عربي) ..
هذه اللافتة التي كان يرفعها بين الفينة والفينة حتى في وجوه زملاءه شكلت عند الباحثين والنقاد علامة دلالية فارقة على قلق الهوية وارجحة الشعور بالانتماء،ربما يكون لها اثر كبير فيما انجزه هذا الشاعر العبقري العميق التلقائي الصادق من ابداع رفيع..
ومما لاريب فيه ان هذا الشعور الذي يساور مبدعا كبيرا ك(لوركا) لابد انه يساور جلَّ من ينتمي الى جغرافيا الاندلس سواء أأعلنوه ام كتموه..
وهنا مكمن الصيد السمين الذي امسكت به شاعرتنا الاديبة نائلة طاهر التونسية العربية الأصل، والتي تعيش وتلمس مايحس به كل تونسي أمازيغي على وجه الخصوص من القلق حنينا الى الجذور الضاربة في اعماق التاريخ المغاربي في جانب ،وقراءة للمُحْدَثات الاجمالية والتفصيلية التي اعقبت الفتوح العربية والاسلامية حتى اللحظة الراهنة مآلاً ونتاجاً واثراً..وهو ذاته الذي يفسر تحليليا انتشار ظاهرة التصوف مثلا في عموم المغرب العربي بقوة ورسوخ معرفة وطقسا حتى اللحظة الراهنة..وهو ما قاد الى وضع البيت الشعري العمودي ذي النفس الصوفي الواضح في جانب من تفسيره ،ولنا عودة اليه في جانب اخر ايضا..وسنكتفي هنا بالاشارة الدلالية اعتمادا على وعي نخبتنا في التحليل والتفسير والاستدلال،فالمجال يضيق كثيرا عن الاسفارالجانبية التي سيُعنى بمتابعتها المتخصصون بعلم الاجتماع وعلم النفس فضلا عن التاريخ السياسي خاصة..
ماذا عن اليد المستحيلة?!:
-----------------
ان اختيار الاديبة (طاهر) لهذه القصيدة بالذات لشاعر اسبانيا الكبير لوركا لم يكن مجرد استعارة عابرة ابدا،وانما كان استلهاماً لمفهوم هذه اليد المأمولة المنتظرة التي مثلت خلاصة رؤية لوركا في هذه القصيدة البالغة الاهمية..اليد التي تمثل روح التفاؤل والامل كَيَدٍ مُنقذة مُخلّصة تدخل في اوسع الاطر و اخص المفاهيم التي تؤمن او تعتقد او تأمل بالوعد الالهي المنتظر،وقد يحسبها البعض( غودو) ايضا.. على رغم الاحساس المقلق المربك باستحالة تحققها او الخوف الرهيب من عدم امكانية تحققها،ولكنها على كل حال تبقى محط امال اوسع شرائح الخليقة الإنسانية في كل مكان..وقد يفسرها البعض الاخر واعني (اليد المستحيلة) ثوريا بٱنتظار حركة فصيل ثوري ما او ضمير جمعي شعبي ما ..ولكنها في كل الاحوال بؤرة الضوء التي تحوم حولها الامال..
(أريناس..
زهرة من اشتهى حِمَم الثلجِ
بيد لوركا المستحيلة
تدنو من وجه الشرق المظلم)..
...................
ح3
......
صراع الأجناس:
----------
لكي نختصر الطريق سنقوم بحصر هذه الحلقة بمحاورها الاساس التي وعدنا بها في معرض الحديث بالشكل التالي:
1-صراع الاجناس البشرية متمثلا في:
*العرب الفاتحين في جانب.. والأمازيغ سكان تونس الاصليين..
ثم..
*العرب الفاتحين في جهة ايضا ..
اسبانيا والبرتغال في جهة أخرى..
هذا يعني وجود اقتران شرطي( بافلوف) فاستذكار الدخول العربي الى تونس يستحضر معه تلقائيا الدخول العربي الى الاندلس..
2-صراع الأجناس الأدبية،متمثلا في صراع الطرازات الشعرية،وتحديدا الموزون ( العمود والتفعيلة)في مقابل ( قصيدة النثر)..
هذا الطباق الجامع الذي اشتغلته شاعرتنا بكثافة
بلورية مدهشة حقا بين محورين يتبادلان الاستدلال والاقناع بغية استنباط الحكم الفكري النموذجي المعمق الرافض لكل انواع الصراع والتهميش والإلغاء ..
فعلى الصعيد الانساني لامعنى لمفهوم التفوق العرقي الزائف ،وكل الجمال والبهاء في مفهوم الأخوة الانسانية الرفيع الذي كان لوركا يستفز به حتى ابناء جلدته ..
كما ولا معنى البتة لعصاب الاجناس الابداعية وبخاصة مانحن بصدد ارهاصاته السلبية التي فرضت كثيرا من ازماتها التي وصلت احيانا حد المأزومية بين الطرازات الشعرية متمثلة بدعاتها غير القادرين على احترام الرأي الاخر،وكأنهم مصابون بداء السياسة الشرقية العربية على وجه الخصوص..
ولهذا رفعت الشاعرة لافتة العمود من خلال بيت القريض الرائع الذي اولته جهدا جماليا كبيرا لكي يكون ضيفا راقيا ومقنعا على قصيد النثر الذي يشكل بكل فحواه ومبناه جهة المُضَيِّفِ في توليفة سلام وصفقة مصالحة أثبتت نجاحا كبيرا من خلال تذويب مضمون البيت العمودي ذاته في مداد النثر منذ البدء وحتى الختام..تبنّياً رضيّاً في جانب وانسجاما مقنعا في جانب اخر..
من هنا وعلى المستوى الإنساني تحضرنا الوثائق المقدسة التالية: *(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..إن اكرمكم عند الله اتقاتكم)..
*و(كلكم لآدم وآدم من تراب)..
*و( فإما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)..
*و( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً)..
*و( ومن قتل نفساً بغير نفسٍ فكأنّما قتل الناس جميعاً)..
ولا حصر لأمثلة هذا المفاد..
فاذا استوعبنا الدرس الانساني بشكل سليم ونبيل لا ريب سنتفهم ان اية مأزومية او عصاب في حوارية الفكر والابداع لايعدو أن يكون جاهلية ضيقة الأفق لاتملك ادنى المبررات التي تدل على السواء ومرونة الوعي قط..
وفي هكذا حال يحضر (بافلوف) ايضا..
فاستذكار صراع الاجناس الابداعية يستحضر معه صراع الاجناس البشرية،وبالتالي فإن كلا منهما يُحَذِّرُ من الثاني ويؤكد خطله او على الأقل عدم جدواه في الحد الادنى..
...
بقي علينا القول أن من يقرر مستويات النجاح التي حققتها اديبتنا الكبيرة نائلة طاهر هو المتلقي عبر بعديه :
*المتخصص المنصف النزيه..
*المتلقي المتابع الواعي القادر على الاستلام..
ومن خلالهما معا سيأخذ هذا المخلوق الإبداعي الجميل دورة استحالته الجديدة في الحياة والانثروبولوجيا..مع خالص التقدير ..
.....
 

 

قصيدة ربيع الزمان بقلم / الشاعرة نائلة طاهر

نائلة طاهر :
---------
قصيدة
"ربيع الزمان".
---------...

اذا كان
للحب معنىً
على شفتيَّ
فأنتَ الذي
في ضميرِ الكلامِ...
فمنذُ التقينا
تخطيتُ
سرّ انزياحِ اللغاتِ
جميعا...
وأطلقْتُ
عصفورةَ البوحِ
خلفَ حدودِ المكانِ
وعلمتني
كيفَ اشدو
مع الطيرِ
كيف افجر
روح المعاني
وانت تجاوزتَ
هذا المُسَمّى
خريفَ الزمانِ
وحلقتَ بالرّوحِ
حولَ المدارِ البعيدِ
وحتى
كأنَّ جراحِي القصيةَ
بلَّتْ بلمح العيون،
ولمّا شممْتُ
عبيرَ نميرِكَ
جادتْ سمائي
بأروع مافي الغمامِ،
مطيرٌ دمي
فوقَ راحِ الترابِ
الخصيبِ،
على ( سوسة ) الازليةِ،
قلبي
كطيرٍ من الجُلّنارِ
يزقزقُ
بين بيوتِ المدينةِ
كلَّ مساءٍ
وكلَّ نهارْ
.......................
(نائلة طاهر )

همسة ليل :2 بقلم / الشاعر غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

همسة ليل :2
بحرالخفيف:
................................
لا تلُمْني...
في كلِّ ليلٍ ...

أصيحُ
-يا حبيبَ الفؤادِ جُنَّ الصّحيحُ
.
كنتُ يوماً
والناسُ تسمعُ قولي
صرتُ في رِبْكَةٍ وحُكْمي جريحُ
.
كلّما قِيْلَ
دعْ سرابَ الاماني
قلتُ: لَمْعُ السَّرابِ راحٌ مُريحُ
.
كلُّ عَذْلٍ
جوابُهُ باتَ عندي
(كلُّ ما يفعلُ المَليحُ مَليحُ)*
-غازي-
..
..
* شاعر عجز البيت الاخير هو (بلبل الغرام الحاجري..)..
 
 
 
 
 

إبْراقةُ أرَقْ ،،3،، بقلم / الشاعر غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

إبْراقةُ أرَقْ ،،3،،
( بحر الطويل):
----------
أتُوْقُ
إذَاْ مَاْ ٱلَّليْلُ مَدَّ جَنَاْحَهُ،...

إلَيْكَ
وَكُلُّ ٱلْخَلْقِ
أرْخَى سرَاْحَهُ
.
كَأَنِّيْ عَلَى نَاْرَيْنِ :
سَاْجِرَةِ ٱلَّلظَى
وَأُخْرَى تُسَاْقِيْهَاْ
مِنَ ٱلْكَأْسِ رَاْحَهُ
.
فَيَرْوِي ظمَاْيَ
ٱلْمُسْتَهَاْمَ بِمَاْرِجٍ
يَصِيْرُ ٱلْدُّجَى
بَيْنَ ٱلْضُّلُوْعِ صَبَاْحَهُ
 
 
 
 

السبت، 10 فبراير 2018

قلقٌ أعمى.. بقلم الشاعر/ غسان حجاج

لا يتوفر نص بديل تلقائي.

تدحرج عمري 
صخور سباقٍ عقيمٍ 
سعتْ دون غايٍ 
خيوط الدخان التي مزقتها الرياحْ 
فلا لهفة الطامحين لها مخلبٌ 
يتوثب فوق الرماحْ 
ولا ضفة النهر
فيها انتعاشة موجٍ 
يلاعب ناعورها المستباحْ
وينعى تراتيل ذكرى خريرْ 
ككلبٍ عقورٍ عوى
يشمئز الصدى 
من تلعثمهُ بالنباحْ
انا زهرةٌ نبتت
في جحيم الشتاء الضرير
تكفِّنُها بالثلوج العواصف
ما لثمتْ وجنتيّ الصباحْ
اذن كيف ننجو ؟
أيا بسمةً ولدتْ في زحام النواحْ
كلانا أسيرْ...
بقضبان هذا الردى المستطير 
فهل اكتفي 
بالفضاء النقيِّ بياضاً هوىً 
واليراع الجناحْ
انا واهنٌ
كالعناكب اغزل من حشرجات الضجيج 
شباك السكوت الاخيرْ 
على غفلةٍ من شراك الزمان
كمثل بذور اللقاح
التي تمتطي صافنات الرياحْ 
فهل استطيع النجاح!
انا قلقٌ لا يرى
سار فوق رصيف الهجير 
ويبحث عن كسرة الارتياحْ 
انا نازحٌ من عجاج الرحى 
خطوتي غصةٌ من دخانٍ الضميرْ
انا تيه شعبٍٍ 
تسوّل من سارقيه السماح
اصبتُ بعدوى التجهم من ضجرٍي المسْتبدِّ
ولكنني أرتدي شحنةً من جلود المزاحْ 
انا عندليبٌ بدون افانينَ غاباتهِ الضائعات
برغم الجراحْ
الى اخر النبض باقٍ اطير 
................

اللوحة للفنان فان كوخ

الخميس، 8 فبراير 2018

مطالعة نقدية على نص قصصي للكاتبة السعودية/ فوزية احمد الجعفري.. تقدمها الأديبة/ نائلة طاهر

المبدأ والمشاعر المقدسة في قصة :عاشت بشرا وماتت قديسة؛
للكاتبة العربية :فوزية أحمد
___
أديبتنا :اصعب انواع القص هي التي نستوحيها من الخيال لان الاحداث بها تكون مفتوحة لا يحدها منطق الا محاولة الكاتب في ان يجعلها ذات جدوى متصلة بالواقع .ولعل تعمد الكاتبة تحديد مكان الاحداث وجعلها مرتبطة بالغرب يثير الاستغراب للمرة الاولى لكن بالاسترسال في الاحداث نلمح وبشدة رمزية المكان والشخصيات واتصالها بمجتمعاتنا المترفة ولعل التلميح هنا ضرورة تخفت به الكاتبة التي تأتي من مجتمع محافظ يكتم مثقفوه مواقفهم الصريحة به تجنبا لصدمة القارئ حين نحول تفاصيله الخاصة الى نشرات عامة .تلك الرمزية نجحت في اعفاء الكاتبة من التعرض إلى الى التشكيك بالاحداث او محاولة دحض الأحكام المتصلة بسلوكات الشخصيات السلبية منها خاصة ،لكنها بالنسبة للقارئ الناقد فلا يصعب عليه إحلال المكان الوهمي بالمكان والزمان القريب منا .وبذلك تنجح الكاتبة العربية في تعرية بعض الحقائق والسلوكيات المستهجنة دون أن يكون حرفها مباشرا فتقترب أكثر من كونية الأدب ووحدة الموضوع.
الاحداث جاءت في صيغة سردية مسترسلة خالية تقريبا من الحوار، لكن الحيوية تبدو كامنة في الوقائع و هذا متأتٍّ من تعاطف القارئ مع وصف الشخصيات التي تقترب من قلبه الى درجة لا يشعر معها بالملل عند القراءة خاصة وان الصورة المنقولة في مجملها صورة إيجابية تنقل عامل الخير وتحلُّ السلام في نفسه .
الفكرة الأساسية قد تبدو الحب في الظاهر لكن أبعادها تشمل الخير والشر كقيمتين متلازمتين في الكون ، ورغم ذبول الخير والحب والسلام وهذا منطقي بحكم الواقع الذي نعيشه فإن تلك القيم تظل مقدسة ،نعود لها حين نبحث عن إنسانيتنا.
الكاتبة فوزية الجعفري وهي أستاذتي ومن بين من تتلمذت عليهم هنا في هذا الفضاء ،لها خصوصية واضحة لم تتغير في الأسلوب والمنهج وهذه الخصوصية المشبعة بكل قيم الشرق العربي تتنزل في كتاباتها المختلفة ،لتؤسس صرحها الأدبي على مبدأ خيري كوني لا يحيد عن الخُلق ولتثبت أننا قادرون على الكتابة عن الحب كثيمة انسانية دون إسفاف ولتؤكد أن الحب أساس كل تغيير وإعمار .
كاتبتنا الفاضلة ..
ليست الكتابة في جوهرها الكامل حربا ولا قتالا ولا دموعا وانما هي رسالة ككل رسائل الإنسان الحقة الذي يجعل من ممارستها أمانة ،وقد أديت الأمانة في الادب وتجاه إنساتيتك ومجتمعك كما ينبغي .
واني اقبل الجبين المنير لفوزية أحمد كما اقبل مثلا أعلى واختا كبرى ومعلمة تركت في شخصيتي الشيء الكثير من خيرها (أحبك جدا )
*
القصة:
عاشت بشرا وماتت قديسة
****************************
تيودورا هي بطلة قصتي التي استوحيتها من الخيال ولها دلالات عديدة يستنبطها القارئ من أحداثها.
في فيينا أرض السحر والجمال كان يعيش رجل الأعمال الناجح مستر إلياس وابنته الجميلة تيودورا.
مستر إلياس شخصية محبوبه لها حضور متميز في مجتمعه. كان حلمه أن يرى ابنته مع شريك حياتها وتخيم على حياتها السعادة، ولكن كان لها نظرة فيمن يتقدمون لخطبتها فقد كانت تبحث عن محب للأعمال الخيرية والإنسانية. كثيرا ما كانت تصدم؛ حيث أن مبدأ عمل الخير الذي تؤمن به يعتبره الأكثرية تبديدا لأموالها فترفض المتقدمين لها لرؤيتها أن زراعة الحب في القلوب بفعل الخير يشبه زراعة الورد في كل مكان.
في إحدى حفلاتها الخيرية التي يحضرها عديد من رجال الأعمال بعضهم من أجل الشهرة والبعض الآخر متفرج فقط كما يتواجد في الحفل منظمات حقوقية وأخرى خيرية ويكون التعاون ناجحا ومثمرا وأحيانا يكون مثيرا للعروض التي تقدم فيه.
وفي هذه الحفلة حدث شيء غريب وهو وجود جاك موناكو المليونير الذي اشتهر عنه حبه للحفلات الماجنة وسلوكياته التي يحذر منها كل من حوله. لا بد أن السبب الرئيسي لحضوره هو رؤية النجمة المتألقة تيودورا لأن صيتها تعدى حدود مكانها وأن جمالها ومكانتها ضوء يسطع في عقول معظم الأثرياء.
على أنغام الموسيقى الهادئة كان هناك من يرقص ومن يتجول بين الحضور كأنها ساحة من عروض الأزياء ويتبادلون الضحكات والمجاملات اللطيفة ثم تحركت تيودورا نحو المنصة لجمع التبرعات كعادتها كل سنة؛
إلا أن شيئا غريبا حدث وهو ما لفت انتباه تيودورا لجاك موناكو. فقد فاجأها وأعلن في نهاية الحفل تقديم شيكا مفتوحا تضع فيه المبلغ الذي تريد وأن نفقة الحفلة القادمة ستكون على حسابه الخاص.
لقد أدهش الجميع هذا التصرف من رجل ليس له أي علاقه بفعل الخير.
أعجبت تيودورا بهذا السخاء الذي لم تشاهده في أي حفلة من حفلاتها. كما أنه كان لجاك موناكو كاريزما تشد انتباه النساء إليه ويتمتع بأناقة ورقي واهتمام بمظهره.
تبادلا نظرات الإعجاب وتقدمت بالشكر له أمام الجميع.
انتهت الحفلة وغادرا المكان لكنه ترك بصمة في عقلها شغلتها وجعلتها تفكر فيه.
إن ملامحه الجذابة وتصرفه الراقي الذي يتميز بالشهامة والسخاء قد جعله يستحوذ على كل تفكيرها لأنها كانت تبحث عن رجل يشاركها رحلة العطاء من أجل الحب والسلام.
أما هو فقد شغلت تيودورا كل تفكيره فهو لا ينظر للمرأة إلا من أجل تحقيق مآربه ثم يمحوها من الذاكره.
لكن هذه مختلفه! لم تكن إمرأة عادية إنما حمامة سلام ترفرف على هذا الكون بالخير.
مرت الأيام وتيودورا مازالت تفكر في هذا الفارس الشهم من هو؟؟؟
وذات مساء يأتي إليها خادمها ليبلغها أن جاك موناكو في الخارج يريد مقابلتها. طلبت منه أن يدخله الصالون ويقدم له الضيافة ويخبره أنها قادمه. كادت تحلق من شدة الفرحه وهي تخبر والدها كي يستقبله معها.
لبست أجمل ما عندها لتتحول إلى تحفة فنية راقية تبهر عيون من ينظر إليها. عندما أشرقت على المكان كان والدها قد سبقها في استقبال الضيف، فظهرت علامات الانبهار والإعجاب على جاك حتى أنه نسي لماذا هو موجود بينهم.
ومرت سويعات وكلاهما ينظر إلى الآخر دون كلام
وقطع والدها هذا الصمت بالترحيب مجددا بمستر جاك الذي رد بكل لباقة شاكرا لهما استقباله دون سابق موعد.
طلب منه مستر إلياس أن يخبره بسبب الزيارة.
أجاب بأدب: أنا هنا من أجل أن نحدد موعدا للحفل الخيري الذي سأتكفل بكل نفقته وتكون المنسقة له مس تيودورا لأنه سيكون باسمها وعلى شرفها.
ابتسمت وردت بلطف:
-شكرا لك مستر جاك
،هل يناسبك نهاية الشهر المقبل؟
-وهو كذلك.
قدم لها شيكا مفتوحا لتكتب الرقم الذي تحتاج لكنها اعتذرت بأدب وقالت: -لابد من وجودك معنا أثناء الاستعداد للحفل حتى تكون على معرفة فيمَ تصرف الفواتير
قال:
-حسنا كما تريدين وهذا الكرت الخاص بي حتى يتم إبلاغي ببدء الإستعداد للحفل وطبع بطاقات الدعوى وكل ما يلزم الاحتفال.
كررت هي ووالدها شكرهما له على حسن صنيعه وهي تودعه.
غادر مستر جاك المكان ولكن قلبه وروحه بقيا مع تيودورا
نظر مستر إلياس إلى ابنته التي كانت تحلق في عالم آخر
و سألها إن كانت قد التقت به بعد الحفل.
فقالت أبدا هذه أول مرة أراه بعد الاحتفال.
ولكن ماهو انطباعك عنه يا أبي؟
قال مستر جاك شخصية معروفه فهو رجل أعمال ناجح لكن معروف عنه علاقاته المتعددة بالنساء وحفلاته الماجنة.
سكتت قليلا ثم أجابت قد يكون هذا تحول جديد في حياته
قال لها أتمنى ذلك.
انصرف والدها ومازالت هي تفكر في الرجل الذي اخترق وبشدة عقلها وقلبها.
وما أسرع الأيام حين تمضي لتلتقي به من جديد في طريقها أثناء الاستعداد للحفل الخيري.
وتعددت اللقاءات ليكون الحب هو عنوان ذلك الحفل الخيري المتميز.
وفي نهاية الحفل يُتَوجها ملكةً على قلبه ويتقدم ليطلبها للزواج، لتصبح هي سيدة قصره بعد زواجهما.
كانت سعيدة والفرحة تلمع في عينيها، ليفاجئها عندما يقدمها لأهل مدينته في حفل إسطوري :
-أنها القديسة تيودورا أميرة الحب والسلام..
وأنا اتعهد أمامكم أن احافظ على نقائها وطهارتها مدى الحياة....
كانت هذه الكلمات كالسكاكين التي قطعت قلب امرأة عاشقة حالمة.
فرح أهل المدينة بقديستهم التي سيقدمون لها طقوس الحب والولاء، أما هي فقد ماتت الفرحة في داخلها.
مرت الأيام وحبها له يزيد وهو غارق في نزواته.
وعندما يعود يجلس عند قدميها ويبكي بحرقة وألم لأن حبها أصبح يجري في دمه، وهو الهواء الذي يتنفسه ورغم ذلك كان يقول لايمكن لهذا الجسد الطاهر أن يتدنس بالوحل. أنا لا أستحق كل هذا الطهر والعفاف وبدل أن يحاول معالجة الموقف ويصلح حاله كان يزداد مجونا وعربدة.
لقد نسى أنها بشر ومن حق هذا الحب أن يتوج بالرعاية لكن هو من وضع الحواجز ليحميها من نفسه فكان السبب في كسر قلبها. لم تكن تتمنى أن تكون قديسة، إنما كانت تحلم أن تكون الزوجة والرفيقة والمعشوقة وهذا حقها لأنها بشر..
والزمن يمضي وتيودورا تذبل لأن كبريائها لايسمح لها أن تناقش زوجها فيما صنع بها، لكنها كانت تكتب في مذكراتها حنينها وشوقها إليه وأنه خالف الطبيعة البشرية وأنها ليست ملاكًا بل بشرا. كتبت حروفها بدموعها لتنسحب من الحياة ؛ويعلم هو الذنب الذي اقترفه بحقها
وعندها ماتت كل النساء في عينيه،وراح يردد في كل مكان يحل فيه:
-وداعا يا تيودورا فقد مات الحب في قلبي، وانتهى زمن السلام!

الثلاثاء، 6 فبراير 2018

إِسْتِذْكَاْرَاْتٌ عَلَىْ سَاْحِلِ ٱلرِّيْحِ بقلم / الشاعر غازي احمد ابي طبيخ الموسوي



إِسْتِذْكَاْرَاْتٌ
عَلَىْ سَاْحِلِ ٱلرِّيْحِ:...

*************
حَدّثَتْنِي خُزَاْعَةُ ،
حينَ ٱلتقينا…
على ساحلِ الرّيحِ
عنْ زَهْرَةٍ
نبَتَتْ في الضلوعِ
وكانتْ تُصلّي
بقلبِ المشيئةِ
كلَّ صباحٍ
وكلَّ مساءٍ
وتكتبُ ضوءَ اسمِهِ
فوقَ كلِّ النجومِ
.....
وكانَ دمي
في سِرارِ الحقيقةِ
يكتظُّ بالضَّوءِ
والكَلِمِ العبقريِّ
مِنْ شدّةِ الشوقِ
من وَجَعِ التَّوْقِ……
إذْ نبتَتْ
زهرةُ الماءِ
بينَ الشفاهِ
وكانتْ
تهاميةَ الوجَناتِ،
ليستْ مهاةً ،
وليستْ غزالاً….
هُما في الأماني سوياً
وفي الذكرياتِ سويّاً
وفي القَلْبِ
هذا المُعَنّى سويّاً
.....
،حُبى،…
يااااا
حُبى.............
وأيُّ الرِّئامِ
التي في البراريْ
تُشاكِلُ بعضَ ملامحِها
غيرُ ليلى ?!
واىُّ المليحاتِ يَجْرُأْنَ
حُسْناً حِكايةَ
بعضِ السِّماتِ،
وكانتْ حُبى
والخُزامى
دماً
واحداً
في الخطابِ
.....
ٱستدارَ الزمانُ،
ٱستدارَ المكانُ،
دماً
واحداً،
كلُّ حبّةِ رملٍ
تَصَيَّرَتِ اليومَ
قُبَّرَةً
أو قَطاةً مِنَ الضوءِ يَسْعَيْنَ بينَ الوِهادِ
في كلِّ وادٍ
يُنَقِّبْنَ مثلي
وبعضِ الصِّحابِ
ٱلذينَ تَراءى لهمْ حُسْنُهُ
في سماءِ الرَّشادِ
.....
ٱسْتدارَ الزمانُ
ٱستدارَ المكانُ
وكانتْ حُبى
في الطوافِ الأخيرِ
تدقُّ
على بابِ أمِّ القُرى
بالعتابِ الثّقيلِ:
.....
-قُوْلِي
متى تَتَفَتَّحُ
بَوابةُ الشمسِ
عنْ زهرةٍ
ماتزالُ
هناكَ
هُناكَ
وراءَ الحِجابِ?!…
أوْ أنتَ قُلْ لِي
إذنْ ..
يا حبيبَ الرُّؤى
والسُّرى
والخطابِ
-متى سيجئُ الجوابُ…
.....
إنِّي بكيتُ
ٱلتياعاً
مِنَ الشّوقِ
مِنْ لَهَفِ التَّوْقِ
حتى الأَناسِيُّ
بعضَ الّذينَ ٱستحالوا نجوماً
تسيرُ على الارضِ،
يَفْترعونَ السِّرارَ
على رَهَجٍ مِنْ غُبارٍ…
وبعضِ عِثارٍ…
.....
تَناوَشْنَنِي
ألْفُ سَيْفٍ
والْفُ جِدارٍ
تَعَقَّبَنِي
كُلُّ مُفْتَرِسٍ
مِنْ خُيولِ التَتَارِ
.....
دمي
ها هنا
في البَراري القِفارِ
دمي
ها هناكَ
جَرى راعِفاً
فوقَ سَفْحِ ٱلبَلاطِ
ووجهِ المَدارِ
يسيحُ
يسيحُ
ثَم أصيحُ:
-أمِنْ ناصرٍ
يا كتابَ الفتوحِ،
هَلْ مِنْ مُعينٍ?!
.....
وكانَ الصَّدى
نبضُ قلبٍ جريحٍ!!!…
.....
وكانَ المَدى
كصليبِ المسيحِ!!!…
.....
وكانَ الرّدى
والغاً
راتعاً،
والحُسَينُ الجميلُ
يصيرُ
على حينِ ذِي غَفْلَتَيْنِ
المسيحَ
وهذا الفضاءَ الفسيحَ،
.....
وليلى……
وشُبّاكُها ٱلمَخْمَلِيُّ
ٱلذي لا يَنِي…
يَرْتَجِي كُلَّ فَجْرٍ،
وزاجلةٌ
مِنْ حَمامِ ٱلجِراحِ
تدفُّ رُوَيداً
رُوَيداً
بِغيرِ جَناحٍ!!....
ألا ايُّها الغافقيُّ
الذي في التُّخومِ ،
سأبكي عليكَ
طويلاً
طويلاً…
بُكاءَ التي أسْقَطَتْ ،
كُبْرياتِ الطِّماحِ
بُكاءً
يَظَلُّ مَدى ٱلدّهرِ
مُسْتَوْحِشَاً
في مهبِّ الرياحْ
.................................
.................................
ملاحظه…
(حُبَى).. ابنة (الحَليل الخزاعي) شيخ قبيلة خزاعة التي استلمت سدانة الكعبة المشرفة من جرهم او ( جهرم) قبل قريش..
وحُبى هذه هي ذاتها التي تزوجها قصي بن كلاب جد الرسول الاعظم.ص.
*****
غازي الموسوي
 
 

مفاتيح - قصيدة بقلم / الشاعر غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

مفاتيح ..
............

يا حبيباً...
يحتلُّ قلبَ المُغنّي...

أنتَ بعضُ الغرامِ مِنْ كلِّ فَنِّ
.
الفُ رَمْزٍ..
يَتُوهُ فيهِ المُعَنَّى
كلُّهُم نابضٌ بروح التمني
.
وطنٌ أنْتَ..
أمْ غَزالٌ قَتُولٌ
أمْ يَراعٌ يُجيدُ فنّ التَّجَنِّي?!
.
لا تُجِبْ..
فِتْنَتِي بحارُ الأماني
ذاكَ يا مِشْعَلَ الهوى ما فَتنِّي


غازي