الجمعة، 26 يناير 2018

(مفاتيح أريناس الكونية) مطالعة نقدية (في نص/أريناس للأديبة: نائلة طاهر).. بقلم الناقد/غازي أحمد أبو طبيخ- ج2





المفتاح الثالث،
ماهي طبيعة العلاقة
بين اريناس ولوركا:

--------------
معلوم ان تونس خاصة والمغرب العربي عامة بمثابة الحلقة الوسيطة بين المشرق العربي وعموم الغرب..هذا يعني انها كانت وماتزال على احتكاك دائم مع اوربا بدء من العبور العربي الشهير ..ومعلوم ايضا ان ماجرى عليها قد جرى على اسبانيا والبرتغال اللتين شكلتا بعد الفتح (بلاد الاندلس)..
هنا في هذه المحطة نود الاسارة الجديرة الى ان ااشاعر الاسباني الكبير (لوركا) بشعر عميقا بالارتباط الشعوري الدفين بالتراث الاندلسي على وجه الخصوص ..اما كيفية هذا الارتباط فسنبينه فيما سياتي من الحديث..
قلق الهوية:
-------
مع ان حياة عائلة الدون لوركا كها اقرب الى التدين الكنسي حد أن يعشق شاعرنا ارتداء ازياء الرهبان خلال فترة طفولته كما يتحدث عن ذلك بنفسه ولكن مايسترعي الانتباه هو أن هذه العائلة غرناطية بامتياز ،ومعلوم ان غرناطة هي العاصمة الكبرى والاهم لبلاد الاندلس..ولقد صرح الشاعر الكبير لوركا لاكثر من مرة بما يشبه التاكيد بما يلي( يجري في عروقي دم عربي) ..هذه اللافتة التي كان يرفعها بين الفينة والفينة شكلت عند الباحثين والنقاد علامة دلالية فارقة على قلق الهوية وارجحة الشعور بالانتماء،ربما يكون لها اثر كبير فيما انجزه هذا الشاعر العبقري العميق التلقائي الصادق..ومما لاريب فيه ان هذا الشعور الذي يساور مبدعا كبيرا ك(لوركا) لابد انه يساور كل من ينتمي الى جغرافيا الاندلس سواء أأعلنوه ام كتموه..
هنا مكمن الصيد السمين الذي امسكت به شاعرتنا الاديبة نائلة طاهر التونسية العربية التي تعيش وتلمس مايحس به كل تونسي أمازيغي على وجه الخصوص من القلق حنينا الى الجذور الضاربة في اعماق التاريخ المغاربي في جانب ،وقراءة للمُحْدَثات الاجمالية والتفصيلية التي اعقبت الفتوح العربية والاسلامية حتى اللحظة الراهنة مآلاً ونتاجاً واثراً..وهو ذاته ااذي يفسر تحليليا انتشار ظاهرة التصوف مثلا في عموم المغرب العربي بقوة ورسوخ معرفة وطقسا حتى اللحظة الراهنة..وهو ما قاد الى وضع البيت الشعري العمودي ذي النفس الصوفي الواضح في جانب من تفسيره ،ولنا عودة اليه في جانب اخر ايضا..وسنكتفي هنا بالاشارة الدلالية اعتمادا على وعي نخبتنا في التحليل والتفسير والاستدلال،فالمجال يضيق كثيرا عن الاسفارالجانبية التي سيعنى بمتابعتها المتخصصون بعلم الاجتماع وعلم النفس فضلا عن التاريخ السياسي خاصة..
ماذا عن اليد المستحيلة:
----------------
ان اختيار الاديبة (طاهر) لهذه القصيدة لشاعر اسبانيا الكبير لوركا لم يكن مجرد استعارة عابرة ابدا،وانما كان استلهاماً لمفهوم هذه اليد المأمولة المنتظرة التي مثلت خلاصة رؤية لوركا في هذه القصيدة البالغة الاهمية..اليد التي تمثل روح التفاؤل والامل كَيَدٍ مُنقذة مُخلّصة تدخل في اوسع الاطر و اخص المفاهيم التي تؤمن او تعتقد او تأمل بالوعد الالهي المنتظر،وقد يحسبها البعض( غودو) ايضا.. على رغم الاحساس المقلق المربك باستحالة تحققها او الخوف الرهيب من عدم امكانية تحققها،ولكنها على كل حال تبقى محط امال اوسع شرائح الخليقة الإنسانية في كل مكان..وقد يفسرها البعض الاخر واعني (اليد المستحيلة) ثوريا بٱنتظار حركة فصيل ثوري ما او ضمير جمعي شعبي ما ..ولكنها في كل الاحوال بؤرة الضوء التي تحوم حولها الامال..
(أريناس..
زهرة من اشتهى حَمَم الثلج
بيد لوركا المستحيلة
تدنو من وجه الشرق المظلم)..
-------*****------
في الحلقة القادمة:
مفهوم الكثافة في الشعروالنثر وعموم السرد
والطباق الابداعي المنتزع
بين صراع الاجناس البشرية والابداعية مع علاقة كل ذلك بمفهوم الجدل( الديالكتيكي)،( وهو موضوع النص المحوري)......
تقديري الكبير.. 

------------------------
تصدير :أنت بعضي
وأنت كل مرادي
يا حبيبا أنفاسه في مدادي
~~~
النص:
•••••
كأي انثى
هوايتها عسل التشفي
تنسى ان تمر قريبا
هي فقط
تهز ارجوحة الذاكرة
لتعزفها
اوتار شاعر حزين..
...
وكأي رجل
اهلكته الحروب
هو..
لن يتقبل
باية معاهدة للسلام
لن يقايض
بٱسمها
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الأثير..
..
أيها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب أصابعي
واتني به
من أجنحة الغمام
..
وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الأنبياء
اختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرتْهُ الملائكةُ
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت
:
أيها الطائر الناري
اخشى عليك
من قسوتي
من خديعة الغربان
من عيون الزيف
ومن لغتي الملثمة
فابتعد ...
ابتعد
عن سحبي
واتركني لشانقي
هو يشهد احتضاري
ك غيمة تدلت من كفيه
فيروزة وَدق...
:
أريناس..
زهرة من اشتهى حَمَم الثلج
بيد لوركا المستحيلة
تدنو من وجه الشرق المظلم
تزرعه قطاف قمر وأغنيات
ولا يرنّ اسمها في الضباب ...
أتراها حين تولي
تترك الوشم منيرا
في ساحة صدرك المعتم
.......
::::::::::::::::::::::::::::::::
اليدُ المستحيلة – لوركا
..................................
أنا لا أتمنّى غيرَ يدٍ،

يدٍ جريحةٍ، لو أمكنَ ذلك.
أنا لا أريدُ غيرَ يدٍ،
حتّى لوْ قضيتُ ألفَ ليلةٍ بلا مضجع.
ستكونُ زنبقًا شاحبًا من كلس،
ستكونُ حمامةً مربوطةً بقلبي،
ستكونُ حارسًا في ليلِ احتضاري،
يمنعُ بتاتًا القمرَ من الدّخول.
أنا لا أتمنّى شيئًا غيرَ هذهِ اليد،
للزّيوتِ اليوميّة، وشرشفِ احتضاريَ الأبيض.
أنا لا أريدُ غيرَ هذهِ اليد،
لتسندَ جناحًا من موتي.
كلُّ ما تبقّى يمرّ
تُوْرَدُ بلا اسمٍ، كوكبٌ أبديٌّ دائم.
كلُّ الباقي شيءٌ آخرُ مختلف: رياحٌ حزينةٌ
بينما تفرُّ الأوراقُ أسرابًا.

الثلاثاء، 23 يناير 2018

(مفاتيح أريناس الكونية) مطالعة نقدية (في نص/أريناس للأديبة: نائلة طاهر).. بقلم الناقد/غازي أحمد أبو طبيخ- ج1


المفتاح الاول:
.................
ماذا تعني مفردة( اريناس)?
وللاجابةنقول :انهاباختصار
لفظة أمازيغية تونسية قديمة بمعنى(الزهرة)..
وهي رمز اصيل يعتز به الشعب التونسي للتعبير مجازا عن الارض والعرض بل عن تونس الأم ولكنها في حقيقتها واحد من اكثر اسماء المرأة قدما وجمالا واصالة في ذات الوقت..
حتى اننا حين نبحث عن معناه نراه واعني اسم اريناس شديد الالتصاق باسم واحدة من اكثر النساء خلودا ومجدا في الذاكرة الجمعية للشعب التونسي ونعني بها ( ديهيا) الملكة الامازيغية التي يتحدث عنها مؤسس علم الاجتماع الكبير ابن خلدون المغربي بكل احترام وتوقير برغم محاولات التشويش عليها..فقد اشار بكل وضوح الى انها وحدت تونس والجزائر وليبيا في مملكة واحدة بعد وقوفها الشهير في وجه اول غزوة يقودها حسان بن النعمان في عهد عبد الملك بن مروان..وقد بقيت تدير شؤون هذه المملكة بحزم وقوة حتى اتهمها الكثيرون باستخدام السحر في مواجهاتها مع اعداءها لتفسير شجاعتها وانتصاراتها او لربما لتفسير هزيمتهم امامها..
لكن ما الذي ينفعنا مثل هذا المبحث التاريخي السوسيولوجي في قراءتنا لقصيدة شاعرتنا الفاضله..
ان الذي ينفعنا هو ان اسم هذه الزهرة التي تقرب من القداسة عند سكان تونس الاصليين لايطلق على الانثى وحسب ،وانما يطلق على هذا المستوى من النساء العظيمات كرمز للمراة الجليلة القدر ،بدليل انه اسم حقيقي لأحدى ملكات الشعب ( الامازيغي) الاكثر قدما.. اذن ماذا ارادت شاعرتنا ان تقول ? بحسب تصورنا انها كانت تريد ان تعطي للمرأة محليا وعالميا حقها بالمبادرة ودورها في الحضور على مستوى الحياة الخاصة والعامة..
ولقد توجهت بالسؤال الى اكاديمي تونسي مؤرخ واديب معا عن رأيه بهذا الرمز الدلالي المتسع فأجاب قائلاً:
(أريناس زهرة جذورها في الارض
أريناس هي العرض
الهوية التي وان تعاقبت الأجناس والحضارات تظل هي الاولى بدلالتها على المراة المثال،ومعلوم بان
الانثى هي الحياة عامة ومادام الصراع شاقا على الانسان عامة فيما بينه وبين الحياة ولكن على وجه التخصيص فإن الانثى وطن تسلب هويته الان خاصة قبل الارض،باشكال متعدده،ومع ذلك فإن المراة تطل على الشرق بعين الحب فلا ترى الا ظلاما ،وكانه ظلام مقدر سلفا..)..
ولابد والحال هذه ان تفز امامنا اسئلة شتى..
من طرف اخر ،فإن
أريناس انثى لا يحركها الا الحب الكوني الذي ينهمر من قلب عاشق تعلق بالوجود عامة فلا يرى الا سحره المدهش.. فهي تترك وشمها في روح الكون نفسه ذاك الكون الذي لم ننل منه الا العتمة..وبالاجمال فان قصيدة شاعرتنا تنطوي على ان
أريناس قصة خلاص خارطة سير الى السماء تعود بنا الى الارض مطرا غزيرا يحيي ما مات .
بالاخر..وهذا الكلام للشاعرة نفسها (إن الانثى هي ربة هذا العالم بعد الاله لانها هي فقط تحمل عنه رسالة الخليقة) وقد يبدو هذا الكلام في ظاهره مبالغا فيه، ولكن الانثى كما نعلم واجهة لعدة مسميات....
*
اعلم جيدا يا استاذة نائلة طاهر ان هذا النص صادر من عين الشعر الحقيقية الاكثر عمقا وجرأة،ولكنني اعلم ايضا انه يتطلع الى فعل ابداعي ذي افق كوني النزعة،غربي الاسلوب،حد الشعور بوجود انفاس اسلوبية بنائية لمجموعة شعراء اوربيين قد تم اختزالهم هنا برغم اشاراته وروحه الشرقية،كون شاعرتنا امرأة وكونها مكتنزة باحساس صوفي واضح جدا ،فروح الكاهنة( ديهيا) فيه ذات افق اشراقي واسع شامل يجمع اليه بين الخاص جدا والعام جدا في اطار كيان يتجاوز عادياته البشرية الى كينونة قادرة على ان ترى بطريقة هيولية وفي الاتجاهات الاربع..كيف نفترع كل شئ بدء منا فمحيطنا بكل ركامه لانجاز نوع من المخلوقات المعرفية العاليه..
( ايها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب اصابعي
واتني به
من اجنحة الغمام)
الدهشة بحسب تصوري تكمن في الحفاظ على الحس الادمي لكن وفق مخلوق انثوي ( سوبر) خارج عن المالوف...
(وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الانبياء
أختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرته الملائكة
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت)..
والدهشة من طرف اخر تصنعها قدرة هذا المخلوق الابداعي على استيعاب الحدث الواقعي المحيط لكن من منطلق الوعي بحركة التاريخ وليس مجرد تسجيله :
(وكأي رجل
اهلكته الحروب
هو لن يقبل باية معاهدة للسلام
لن يقايض باسمها
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الاخير)
من هنا ليس امامنا لاختراق هذا النص الملتحف او الملثم كما عبر عن ذاته غير ثلاثة مفاتيح وفرتها لنا الشاعرة ذات الوعي النقدي العميق لكونها تفهم قبل غيرها ضرورة وجود مثل هذه المفاتيح لهكذا حقل شعري ملغم بالدفائن السرانية البعيدة عن التناول المباشر..
* المفتاح الثاني:
.....................
ويكمن في البيت الشعري العمودي الذي صدرت به النص، ذلك لان العتبة الاولى لاتشي عن مفادها الا لمن يفهم الماوراء البربري لهذه المفردة ،فكلمة ( اريناس) التي تعني الزهرة مفتاح لا يمكن الافادة منه الا بعد فك طلسمه وقد فعلنا بما نراه كافيا ان شاء الله تعالى..
اذن فالبيت الشعري العمودي الذي صدرت به الشاعرة قصيدتها هو المفتاح الاقدر على الولوج كما نتصور:
(انت بعضي
وانت كل مرادي
ياحبيبا
انفاسه في مدادي)..
بيت شعري من الطراز الاول نسجا وبحر (الخفيف) عروضا ،والمناخ الصوفي جوا وشعورا واسلوباً،حتى اننا حين نحاول معرفة طبيعة عنصر الخطاب فقد تتسع الدائرة حتى تحتمل مخاطبة الرب سبحانه باعتباره الحبيب الاعظم والاوسع الذي بقي بهيا مأمولا لأنه لم يسهم في ما جرى على المراة كانثى من الاحوال التي اشرنا اليها آنفا..
*
يبقى السؤال المهم ترى:
مانوع الموضوعة التي سلطت مبدعتنا عليها الاضواء بحيث استدعت منها ان توزعها على هيئة بنى متعاقبة،بحيث تطل كل بنية على فكرة النص الاجمالية لكن من زاوية نظر تختلف عن الأخرى..وكأني بها قد اختارت ان تصنع بذلك متوالية من الأضواء الكاشفة عن الحقائق الجوانية للقصيدة في ناحية ولكاتبتها في لحظتها الشعرية الراهنة من ناحية اخرى..
فهل كان موضوع القصيدة وجدانيا محضا?
هل كان الوجدان سبيلا?!
هل كان قناعا?..
ومع كل ذلك ،مانوع هذا الوجدان ايضا?
هل كان مرتبطا من بعيد او قريب برابعة العدوية بدلالة البيت الشعري العمودي مثلا..اسئلة كثيرة وكبيرة تحتاج الى فكفكة واجابات تنفعنا في رحلة البحث..
..................يتبع.....
نائلة طاهر :
~~~
( أريناس):
-------
تصدير :أنت بعضي
وأنت كل مرادي
يا حبيبا أنفاسه في مدادي
~~~
النص:
•••••
كأي انثى
هوايتها عسل التشفي
تنسى ان تمر قريبا
هي فقط
تهز ارجوحة الذاكرة
لتعزفها
اوتار شاعر حزين..
...
وكأي رجل
اهلكته الحروب
هو..
لن يتقبل
باية معاهدة للسلام
لن يقايض
بٱسمها
مدنا اخرى
وسيقبل منفاه الأثير..
..
أيها النثر الجميل
المندس في ابراج الصمت
خذ تاج خجلي
وقصب أصابعي
واتني به
من أجنحة الغمام
..
وحدي مليحة هذا الليل
سليلة الأنبياء
اختبئ من شيطاني
كاشفة ماسطرتْهُ الملائكةُ
على جبين الأجنة
من ماضيك الموسوم بذكرها
فاترك مابه ابتليت
:
أيها الطائر الناري
اخشى عليك
من قسوتي
من خديعة الغربان
من عيون الزيف
ومن لغتي الملثمة
فابتعد ...
ابتعد
عن سحبي
واتركني لشانقي
هو يشهد احتضاري
ك غيمة تدلت من كفيه
فيروزة وَدق...
:
أريناس..
زهرة من اشتهى حَمَم الثلج
بيد لوركا المستحيلة
تدنو من وجه الشرق المظلم
تزرعه قطاف قمر وأغنيات
ولا يرنّ اسمها في الضباب ...
أتراها حين تولي
تترك الوشم منيرا
في ساحة صدرك المعتم .......

*****
وسنورد ادناه نص الشاعر الكبير لوركا ( اليد المستحيلة) ،كونه قد ورد في سياق نص الاديبة نائلة طاهر..نذكره هنا من اجل الاطلاع والربط لمن احب المتابعة ،مع التقدير..
*
اليدُ المستحيلة – لوركا
..................................
أنا لا أتمنّى غيرَ يدٍ،
يدٍ جريحةٍ، لو أمكنَ ذلك.
أنا لا أريدُ غيرَ يدٍ،
حتّى لوْ قضيتُ ألفَ ليلةٍ بلا مضجع.
ستكونُ زنبقًا شاحبًا من كلس،
ستكونُ حمامةً مربوطةً بقلبي،
ستكونُ حارسًا في ليلِ احتضاري،
يمنعُ بتاتًا القمرَ من الدّخول.
أنا لا أتمنّى شيئًا غيرَ هذهِ اليد،
للزّيوتِ اليوميّة، وشرشفِ احتضاريَ الأبيض.
أنا لا أريدُ غيرَ هذهِ اليد،
لتسندَ جناحًا من موتي.
كلُّ ما تبقّى يمرّ
تُوْرَدُ بلا اسمٍ، كوكبٌ أبديٌّ دائم.
كلُّ الباقي شيءٌ آخرُ مختلف: رياحٌ حزينةٌ

بينما تفرُّ الأوراقُ أسرابًا.

السبت، 20 يناير 2018

قراءة نقدية في نص/متلازمة الدم (أ.عليا عيسى) .. بقلم/ أ.حميد العنبر الخويلدي

ارسالية عشق ..
وفريضة :
::::::::::::::::::::::::::
النص يعني العالم والظاهرة والوجود والمعادل الذي في الضفة الأخرى ..الأنا الجمعي..
. مررت ولست بالمسرع احتراما يفرضه الآخر الغامض كان البواب في دكة الشرف ،أخذني الايعاز غامرت في ان أوحد الحركة مع القرع المرشالي..اجدني أمام رائحة التأريخ لولا اني مرتديا برنسا، اخفيت أدوات النبش فيه في جيوبه وأعلنت مع النص لسان المجاهرة..
إلى الفراهيدي على ما أظن، اذ قال...ان السؤالات مفاتيح العلم..
لحظة ما قبل النص في ارهاصاته الرهجية كركض الخيل في العمق..اذيغور الحس ليتسمع اي الجهات أولى ان يغرز المسبار الشعوري مجساته، كان الشاعر الموجه تماما والمركز بالحال على الحال ليستودع اللسان الذي يفك الشفرات الغائرة ويؤشر خطوط الربط مع نقطة بداية الصيرورة المحدثة، حيث مشتركات النص الوجودية كانت قد استنفرت إنذارا من خامات المكان...لتوفر على الفنان الطينة..الجلب..والتي تصلح في ان تفك وتفرد نفسها طوعا وتصلح في ان تشد وتمتزج مع المحدث الكاين في الرحم التصيري للخلقة المقترحة..من هذا أسأل وليس على طريقة التفكيكين المعاصرين أو التركيبين بالمقابل...من ياترى الذي جعل الوجود الموصود ان يفتح مغلقه ويطاوع ارادات ذات لا قياس لها مع هذا المترامي اللامحدود ..وان تعلن عن ملي السلة والازميل بالجديد التشخيصي كعنصر خلق وافد لجغرافية موضوعنا الفني ليأخذ دوره في الحيز ...يعني بالتوضيح ما السر الذي استنفذ على القشرة الصلبة في ان تكون رخوة للنسج والنول المزعومان ،....نعم انها الحمى التصيرية للإبداع والتي من خلالها تهدم كتل الوجود وتعطي المادة ما بها من مشتركات نعتبرها في نظرنا هي اعتمادات النص او هو ...الجلب النوعي ...الذي تضايف او تضام مع مكونات الصورة حسب الوظيفة والنوع والخلقة..
عالقة روحي في رحى الأزمنة..
نخب الخطيئة اثمل يد الشيطان
تطحن ببرود محاصيل الفجيعة
جثث حوله
مغلولة الغريزة لاعضاءه بأدوات تعذيب
اصوات خلع الأجساد
تصب الفتاوى لندامى الموت سرا
وتنال تحت طاولة براءة
اقدس طحين لرتق بكارة العصور بالحرام
نعم...الرمز الفني..روحي ،رحى الأزمنة، نخب،يد،الذي يطحن ببرود ،
محاصيل،جثث،و.و.والذين يصبون الفتاوى،الطحين المقدس...وو..و.الخ من رموز جمالية. في مقاصد تنظيرنا اعلاه كانت في خزانة يصعب الفوت على صندوقها الأسود ويصعب كذلك أفرادها من بنيتها المرصوصة فيها والتي اذا قلت أنها توفرت على النص باعتبارها اعتماد مذخور اعمل مثل هذا والذي ابدعته ذات الشاعرة كنت وضرورة وجودية تأخذ
دورها بالحياة كاضافة جديدة ....هذا المنطلق الجدلي ليس بمجرد ان اعلن الشاعر موجبات ليبدأ لا انما هناك رابط خارق مع الوجود تحشيدي استنفاري خارج عن إرادة المبدع الباردة ليحث به نفخة فاتقة للقشرة.
قد أبالغ لو ذكرت ان الحمى التي تخرج من روح الفنان ايما فنان كان أعلى واجدر من قنبلة كهرومغناطيسية قد تؤدي إلى إذابة الشيء وصهره وتشويه ملامح صورته الكونية انما حمى التصير التي اعني هي الحمى الواعية والتي تنفثها روح المبدعين كيف لو كان العباقرة منهم..المتنبي العظيم ،شكسبير ،دافنشي، نجيب محفوظ، و.و.الخ من عمالقة الصيغ المتقدمة التي احدثوا ،ومازال حتى الان وسيبقى هذا
الدوي والصدى الفايق اذ سجلوا الكشف تباع الكشف حتى انغمر الكوكب باللقى والنفايس المشعة
فالحرفية المادية قد تعطيك صنعة بهية مصقولة كان تكون سيارة مرسيدس اخر التقليعات والتقنيات والتحديثات محسوب لها الربح والقبول ونجاح العرض وحكم الطلب
والرغبة الدايمة..
لكن بالمقابل كم من التداعيات حدثت ومن التجريب تم لان يصل المهندس المبدع إلى التفرد الصناعي في ظنه على غيره في المنتج المطلوب .مادة تالفه راس مال مكاين صنع كلف باهضة وغير وغير ..
ليس مثل الروح هذا الملائكي الدقيق،في لمسه وحسه وممكناته التي ما أعطت إلا مابات ناجحا حتما ..فلعل ذلك الحثيث هو حثيث الحمى الكونية المتلبسة ذات الشاعر، سرا وعلنا. الطبيعة نعم الطبيعة تدخل حتما مع الذات حتما في الخلق باعتبارها الادرى والاخبر بالسرانيات المودعة بالأشياء كنسوغ حركة تصعيدية بمستويات رفيع الجمال..والتي تتجاوز مبدأ التجربة الخاضع للخطأ وللصواب. الطبيعة فيها نواميس الوجود مثلما في المبدع موهبته الحارة وملكته النبيهة، فلا تشظي ولا دثار في الخلق الفني النوعي المشتمل على خصائص ابداعه فعند دخول الشاعرة وقتها النظيف اي وقت الخلق الشعري لانجاز هذا العمل الموسوم..سوءة...والذي ماكان منها ان يكون .حيث معيارية الاسم تجلب فيك حسيسا اخر يجر الذاكرة والذكاء إلى مصافي فهم تضمر فيه الجذاب الحسن..
يتساقطون تحت دراسة الموت قشا
لمحارق الحاد
تتشنج قصبات الحق
وصبته مطرقة توزيع عقاب وثواب
متبرمة سكينة الملائكة
انجدلت روح شاعرتنا بنسج روح جديد وحيثية حيوية الدفق والاحداثية الموجهة غرزا بغرز في الطينة المجلبة والتي ما جلبت الا لتحيى حياة التصير الرحمي والدخول في ديماسة التوحد والتفرد العاشق للصيغة الساحبة للجمال دون انحسار وحذف رديء قد يبخس المشتركات التي سبق وان ذكرنا انها توافرت علينا بالاعتمادات المذخرة في البنى ضمن موقف الخلق واراداته حتى الاتمام والرجعة بمثل ماكان إلى ذات المكان، فلا ناعم تبذر ولا صلب تكسر ..
ياللذهول
كيف تتقنع فكرتي
بهجعة صايم السلام
عن اسئلة محفوفة بهلاك اجوبتها
أشعل دمي فتيل مغامرة
ممزقةبقية تقويمي
حيث يزحف القبر نحوي ببطء
اباغته
والتقم التجربة خلسة عني
أتحسس حيث يفور تنور الدم المجنون
اوقع أوراق تورطي
بالحقيقة
هذه الذاتيات الفارضة فحيحها والمتلبسة روح الممكن الفاعل بالعرض المعلن للوجود تكشف لنا عن
إرادة زاخرة بالهم والوجد والأنس المتعرش على نسغ حركة الاختيار وكيف يصطف الرمز الجمالي الذاخر لقوته منتظرا ايعازية الدخول للخاص التصيري حيث انفكاكه من اللحمة الكلية للواقع في الصورة والجثمان و لطالما تلبسه وهج حمى الفعل والتي مثلما أشرنا أنها قادرة لان تذيب قمة افيرست بدون تقنيات ميكانيكية تعجيزية وتاتي لنا بالشموخ والعظمة والتصاعب وتطاول القامات وبذل جهد الانسان الصاعد نحو الشمس ...نحو مجموعة وسجلات غينتس العالمية حيث لاتقبل الا من بلوغه الذاتي منه إلى حافات العلا في العروج والسرى.
ذاتيات الشاعرة متمثلة..بالارادة الحرة والاختيار النوعي الطوعي في حاصل حركته الفنية ،منها الى عش وموقف التشيء
الاحداثي وفق خطوط وشفرة جنس المخلوق الجديد .والذي كلنا امل والشاعرة بالخصوص على أنه الحامل لخصايص الضرورة الوجودية في الوقت المجيد ،حيث اطبقت شباك الحب وارايكه وانسه في ان تستدرج طبايع وسلوكيات عناصر الفعل المحدث في مكاشفة اعتبارية مبنية على الحب والحلول. فبالحب تنثال الملكات طوعا ليس قسرا ولاتكلفا.....
اتحسس ..أوقع أوراق تورطي
بالحقيقة
على شعرة ضباب
بين جحيم وجنة
اترنح ظلا مفتوح التهم
اي اعترافات هذي واي خلوة صنعتها شاعرتنا عليا عيسى لتوشوش همسا في اذن الغيب الراهج وتكشف عن غطاء الحالي،اذ أعني عرض الراهن،دمجا منها والضمير للشاعر ،مع ملامح وجوه كتبت من الفعل والاثر ما يحيي الموجة بحبل الوصل العاشق للانسان .
وهي تفضح غير ابهة لجهة او ركن مظالم الجبروت والسلطة
تفوح قدما بشريتي
بنظرية تكرار هابيل
الذي هو انا الجمعي انا الطلل المسفوح الذي قطعه عنقه سيف التخاذل والكراهية المقيتة. واتساع التشعب والتشظي والاهمال وكساد العقل.
جزار،ومجازر،مقابر، محاكم،أختام، منافي،ركام حضارات .
سقطت وتسقط ممرغة
نعم وبعد الإدلاء كل للآخر في موقف المكاشفة والصيرورة تمت المشاهدة والعجب الجميل في ان تكون الشمس الوهاجة المحرقة سورة برد تطفيء نار الشوق في قلب قيس وليلى .
او تكون سيدتنا الشاعرة موجة سونامي وتغمرنا بمغتسل كريم نصبح فيه رهبانا وسدنة في حضرة الامة والانسان المجيد الذي نريد.
أوان يكون هذا الماردالهارب من قمم الزكاة.لاجل ذلك اقف مع التعبير الحلو والجزيل في الجملة المسبوكة سبكا ذهبيا مرصعا بالزكرش العقيق رغم سلبية الانجازالمضموني ان يكون ماردنا هاربا. لكن ما زينته مخيلة الأستاذة أعطانا من العذوبة ان نستريح بظل جدار عتيق قد يسقط على رأسي واموت. أنساني خوفي وقلقي بناعم العبارة وزاهرها
مستفحلا....
أنظر الرسم انظر الذكورة الهمجية.
مغتصبا.
في السراني. في البطانة في ظلماء الرحم. ذلك النفس الذي طالما دعونا في ان ينجى لينجينا من الغرق من الهول الذي اشرتة الشاعرة الموقرة زميلتي
أخيرا ولو يسع لكنت استمر والله من شدة ما اعطاني النتاج نفسة وذا دليل نجاحه في الصياغة وحسن الألفاظ وحبكة الشد في النسيج اللغوي المتماسك شكلا ومضمونا..

نبوءات إشاعة.. بقلم الشاعر/ غسان الحجاج

يُقال: 
بإنّ الإشاعاتِ 
حلوى
تثيرُ لعابَ الفضول
وقد قيل لي:
انّ خالكِ
ضربٌ من السحر
علّم سرب النجوم
سماءً
لتخلعَ جلد السديم
وتسبح
في خمرهِ العبقري
كما قيل أيضاً:
بأنّ اللآلئ في حيرةٍ لاتزال
تقدّ قميص السؤال على وجهكِ المقمرِ،
حجولك
أنغامها دندنت
فوق مرسى المغيب جموح أغاني السكارى
تعلّق فيها الصدى
لم يزل
في اقتفاء
عطورالازاهير
مذ عاش عمراً
من الابتلاء
يراوح
في رزئهِ المحوري
صدوغُ المروج
التي غُرِستْ
في جناح الاثير،
عبيرٌ توسَد روح الندى،
يكركرُ لونُ السنابل
في مقلة الصبح معزوفةً
دغدغتْها
بشاشة كلِّ بصيرٍ رآكِ
وعن حزنه السرمديِّ تخلى
وإني بمحراب صمتي اقول:
ولا يسمع الصوت مني ،
مخاضُ الشعور
نصوص تغني،
خرير ضفافٍ
تغازل غصنا
تدلّى
على غفلةٍ
من جنان التمني
وجمرٌ يمرًُّ بهِ
تيهُ ريحٍ
رأتْ وجهها
في مرايا ضفائركِ الرائعات
تسرّب مني
فضاء القصيدة
ثم تلاشى
مللتُ لاني
بنعش التواري
أغامرُ
بين سراب العطاشى
فَلَو انهم خيروني اقتحام المعارة
او ان أخوض
حروب هوى مقلتيك
ِ فأنكِ من أتحاشى
وحاشا
فلستُ اُكذَبُ
ما رتلتهُ نبوءات
تلك الإشاعة
حاشا
فلي من مجسّات
هذا اليقين
اساطيرُ معجزة المستحيلْ،
ومن شفتيكِ
مدامة كأسي المعلّى
تعتّق من شفةِ الأرجوانِ
ولكن َّ عرشي
بلا صولجانِ

الأربعاء، 17 يناير 2018

دعاء النواعير.. بقلم الشاعر/ شاكر الخياط



نادَمْتِ روحي كي ابوحَ سِرَّها 
ياذا الهوى لستُ الذي مَنْ سَرَّها
مازال همي كيف أنضو سُرَّها 
ياذا الجنان والهوا ... ما سِرُّها؟!
روحي تذوب حولها...
ياماءها... 
من شدوها، اغنية تثاقل السحاب في سِقائِها...
رفقا بها ياسيدي، رفقا بها يامُلْهِمي ..
لا تَبْخَلَنْ في شَأوِها دربَ النُهى..
لعل يَسري ليلُها في وجدِها..
كي تستعير لحنها من جُرحها..
آه ... وألفُ آهِهَا في صَمْتِها..
ياذا الجنان والهوا.. 
متى اللقا؟..
ناجيتُهُ !..
كانت مراسيم الرُقا...
انشودةً..
حِكراً على ماضٍ شَقا..
ياليتها.. 
هامتْ على سرٍّ طَوى...
غابت مَواعيدُ النَقَا ..
ناحَتْ نواعير الفراتِ دمعُها في أضلُعي
البوحُ مقرونٌ بها ...
من رأسها حتى القَدَمْ ..
غَنَّيتُ حيناً شَدوَها، 
أَنَّتْ على وقْعِ النَدَمْ..
بَكَتْ رحيلَ الاهلِ عن نخيلها، وشطها.. 
ويومَها ...
تَجَرأَ المشيبُ في مَرابعي...
ناديتُها...
لَعلَّها تُصْغي الى صوتِ الانينِ المُقْرِعِ...
لا لم تُجِبْ...!
صمتٌ يطوِّقُ الجفونَ في نَشيجٍ شَحَّ فيهِ دامعي..
في وَلَهٍ لمْ الحَظِ النزفَ الْجَرَى..
في مُقلَةٍ لاذَ الحنينُ حَوْرَهَا بأربُعي
سَلاهُ وَجدي ليته ما أبصَرَاْ..
وَشَاحَ عَنهُ يومَ لاقاهُ الدَّعِي..
في نَكلَةٍ من زَمِّ صَبرِ المُفزَعِ... 
يامَن تراتيلُ الجَفاْ..
ناءَت على قرعٍ هَفاْ..
هَلَّتْ مَواعيُد الوفا..
ياآية العشق اهبطي من عالياتٍ في الشَرى ...
في قلعة الله* التي لم تحتمل جهل المغول او لهيب المقصلة..
كان الصدى صوتَ صُراخِ الجُلْجُلَة *..
سُعدى* تناديني أنا..!
ياشوقَها مِنْ مَهربٍ .. 
ضَجَّ الفلا ..
هذا صهيل الخيل قد صد البلا ..
دَمعٌ على نَأي المسافاتِ انْبَرَى ..
في مِحنةٍ أو مُحزِنٍ مما جَرَى ..
مَنْ مُخبِرٌ جُرحي بِنزْفٍ قد وَرَى ..
مَنُ مُبلِغٌ قلبي بِشوقٍ لاهبٍ ..
أرنو الى السُحْبِ التي ماقد رَوَتْ في غَيثِها بِيدَ التَجَلّي في الثَرَى..
ها قَدْ دَعَاني كوكبٌ ذاتُ عُلَا..
ياليتني كنتُ الذي سرَّالجَلا..
شَرِّيجَةً* قلبي تَبَنَّاهُ الولا..
هيمانُ حولَ قُوقِها* يامَن تَرى ..
ياملهمي شوقا... 
الهي ... 
مَنْ أنا؟.. 
ما كُنْهُ حالي يا تُرى...
حتى أُلاقي البَرْقَ في عالي الثُرى؟!

• شرّيجَة = مجموعة من سعف النخيل بعد ان يجرد خوصه، تثبت على محيط الناعور وتعمل كـ ( زعنفة) يضربها الماء فيدور الناعور، عددها طبقا لمحيط الناعور.
قلعة الله او (بيت الآلهة) كما يُطلق عليها في السريانية اشارة الى مدينة هيت التي تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات في العراق بقلعتها الشاخصة الى الان.
• جُلْجُلَة = ( الديانات ) موضع في القدس يدّعي المسيحيّون أنّ السيِّد المسيح صُلب عنده ويُسَمَّى كذلك جبل الجُلْجُلة ، وفي رواية ان الجبل هو الذي تقع عليه قلعة هيت وقد كانت تحتوي على كنيسة عامرة ، وما تعارف عليه الهيتيون ان 40 وليا من اولياء الله الصالحين موقعهم في تلك القلعة.

• قُوْقْ = ( انبوب) أناء من الفخار مغلقٌ احد طرفيه، يربط على محيط الناعور من الخارج مواجها لماء النهر، يقوم بغرف الماء من النهرحتى يمتليء ثم يبدأ بسكب الماء عند ساقية في اعلى الدالية المثبت عليها الناعور حيث ينساب الماء الى البساتين بشكل طوعي. عدده يعتمد على محيط الناعور.
• سعدى = (كما تناقلتها الاساطير لدى الهيتيين) الفاتنة الهيتية التي زُفَّتْ الى الامير البصري عبر النهر الذي تم حفره كمهر لها من هيت حتى البصرة، وآثاره مازالت قائمة ويعرف بـ (كري سعدى) الى الآن. لم تحتمل البعد عن النواعير حيث كان مسكنها بالقرب منها، فعادت تاركة كل شيء الا سوارا ربطته في احدى خشبات النواعير منشدة بعض الشعر..

السبت، 13 يناير 2018

نموذج في شرح الشعر وتحليله بقلم / الباحث والاديب جرول ابن أوس

كتب الباحث والاديب جرول ابن أوس :__
______نموذج في شرح الشعر وتحليله
=================

الاتّكاء على الموروث في شعر غازي القصيبي وأحمد سليمان الأحمد
...
" المتنبي نموذجاً "



مقدمة :
الموازنة بين الشعراء ، والمقارنة بين مقومات التجربة الفنية في إبداعهم الأدبي نوع قديم من فنون الدرس الأدبي النقدي يرجع إلى بدايات النقد الأدبي عند المتقدمين الذي ضربوا لذلك أمثلة بتحاكم علقمة الفحل وامرئ القيس إلى أم جندب زوج الثاني فحكمت لعلقمة على زوجها ، وغلّبته عليه . ومنه تحاكم الشعراء إلى شعراء آخرين أطول منهم باعاً في مضمار الشعر كما بدا في ما أطلقه النابغة الذبياني من أحكام على شعر الخنساء وحسان بن ثابت في قُبّته التي كانت تُضرب له في سوق عكاظ ، وتدرج الأمر إلى أن أصبح أمراً أقرب إلى العلم الذي له أصوله وقوانين عند الآمدي الذي ألّفَ كتابه ا(الموازنة ) الذي وازن فيه بين أشعار البحتري وأبي تمام ، ومن بعده عبد العزيز الجرجاني الذي ألف كتابه (الوساطة بين المتنبي وخصومه) ، وغير ذلك من الموازنات والمقارنات التي عقدها النقاد بين الشعراء على امتداد عصور الأدب العربي.
وتسعى هذه الدراسة اليسيرة إلى المقارنة بين شاعرين في العصر الحديث ،أحدهما من بيئة الخليج العربي وهو السعودي غازي القصيبي ، والثاني سوري هو أحمد سليمان الأحمد من خلال قصيدتين لهما تناولا فيهما هموم الإنسان العربي في الواقع الذي يعيشه ، وارتباط ذلك بالموروث الثقافي لكل منهما . وبعد فكلا الشاعرين أكاديمي جامعي كان له تأثره بالغرب بحكم عمله الحكومي أو الجامعي. ولابد هنا من أشير إلى بعض المصاعب التي واجهت هذه الدراسة اليسيرة متمثلة في صعوبة الوصول إلى أشعار الشاعرين من أعمالهما الشعرية المطبوعة ، لأسباب شتى في مقدمتها أنّ قصيدة القصيبي كانت مُنعَت حيناً من الزمن بعد أن نُشرت في جريدة الجزيرة السعودية في العام 1984م . وإبراز أوجه التشابه والاختلاف بين القصيدتين ، على صعيد غرضهما وأدوات الشاعر الفنية في كل منهما هوما تسعى هذه الدراسة الموجزة إلى إبرازه.

تمهيد :
تتناول هذه الدراسة اليسيرة مقارنة بين قصيدتين من القصائد التي تعتمد على تقنية القناع في الأدب من خلال استدعاء شخصية من التاريخ الأدبي القديم هي شخصية المتنبي الذي "ملأ الدنيا وشغل الناس" (1) ، وهما قصيدة "رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة " لغازي القصيبي وهو شاعر خليجي ، وقصيدة " مع المتنبي على مشارف القرن الحادي والعشرين " وهي لشاعر سوري هو أحمد سليمان الأحمد ، وكلاهما أستاذ جامعي ، وذلك بهدف الوقوف على نموذجين للشعر الفصيح في الإقليمين العربيين . ولذا كان لا بد لهذه الدراسة من أن تقدم لذلك بترجمة يسيرة للشاعرين في سياق الحديث ، من أجل الوقوف على نمط الصنعة الفنية عند شاعرين من إقليمين مختلفين متشابهين في آن ، مروراً ببيان الخصائص الفنية لكل منهما في قصيدته ، دون أن أغفل توضيح مفهوم القناع في الشعر ما استطعت إلى ذلك سبيلاً من خلال الدراسات النقدية والأدبية التي تناولت ذلك . فما القناع ؟

1- القناع في الاصطلاح :
يذهب د. إحسان عباس إلى تعريف القنــــــــــاع تعريفاً موجزاً جامعاً يين حدود المصطلح ، يقول : " يمثّل القناع شخصية تاريخية – في الغالب – يختبئ الشـــــاعر وراءها ليعبر عن موقف يريده ، أو ليحاكم نقائص العصر الحديث من خلالها "(2).
ويوسّع د. خليل الموسى في حدود المصطلح فيرى أنّ " القناع في الشعر المعاصر : وسيلة درامية للتخفيف من حدّة الغنائية والمباشرة، وهو تقانة جديدة في الشعر الغنائي لخلق موقف درامي أو رمز فنّي يُضفي على صوت الشاعر نبرة موضوعية من خلال شخصية من الشخصيات يستعيرها الشاعر من التراث أو من الواقع ليتحدّث من خلالها عن تجربة معاصرة بضمير المتكلم إلى درجة أن القارئ لا يستطيع أن يميّز تمييزاً جيّداً صوت الشاعر من صوت هذه الشخصية، فالصوت مزيج من تفاعل صَوْتَي الشاعر والشخصية، ولذلك يكون القناع وسيطاً دراميّاً بين النص والقارئ "(1) .
ونجد قريباً من هذا عند د. عبد أبو هيف الذي يضيف الحديث بضمير الغيبة عن الشاعر المُستلهم ، فنجده يذهب إلى أنّ شخصية القناع تفيد في " استدعاء الشخصية التراثية جزئياً أو كلياً صراحة أو إضماراً بضمير المتكلم (سبيل النجوى ، أو المنولوج الدرامي ) أولاً ، وبضمير المخاطب أو الغائب (بتعاضد السرد مع صوت الشخصية ) أو تماهيها السّيَري ، أو تعدد الأصوات الكاشف عن القناع "(2) .
ومن هنا كانت هناك شخصيات كثيرة استلهمها الشعراء المعاصرون، فمن ذلك "علي بن أبي طالب ، والحسين، مريم ، العازر، المسيح ، الحَلّاج ، زرقاء اليمامة ، المتنبي ، كليب ، مهيار ، الحجاج ، عثمان ، الرشيد ، صقر قريش ، وغيرهم من الرموز " (3).
ولا بدّ هنا أيضاً من الإشارة إلى أنّ استخدام المتنبي قناعاً في الإبداع الشعري لم يكن وقفاً على هذين الشاعرين ، وإنما يشركهم في ذلك آخرون سبقوهما أو عاصروهما ، ومن أولئك : الأخطل الصغير ، وعمر أبو ريشة ، والشاعر القروي ، و عبد الله البردوني ، وسليمان العيسى ، وفايز خضّور ، وأمل دُنقُل ، ومحمود درويش ، وعبد الوهاب البياتي ، ومحمد عمران ، وأدونيس (4).
ولكن لمَ كل هذا الإلحاح على استدعاء شخصية المتنبي ؟! عن هذا التساؤل يجيب ثائر زين الدين بقوله:" يلفت الانتباه هذا الحضور الكثيف في أعمال عدد كبير من شــــــعراء العربية المعاصرين ؛ وهو حضور متعدد ومتنوّع ، ويختلف من شاعر لآخر، حتى إنّ الدارسَ ليجد صعوبة في رصد جوانبه ، إذا انبرى متصدياً لذلك.
إنّ المتنبي الذي ظهر في القرن الرابع الهجري بشخصيته الطاغية الجبارة ، فملأ الدنيا وشغل الناس ، وكان موضوع حركة نقدية جديدة في حينها ، يعود إلينا بصور وأشكالٍ جديدة ، ولو شئنا التأني في النظر إلى ذلك الحضور الجديد لربطناه بنظرة الشعراء المعاصرين إلى تراثهم ، وطرق تعاملهم معه ، وموقفهم منه بشكل عام ، بين شاعر ينطلق من موقف المحافظة على التراث والاعتصام به ، والهروب إليه . وآخر يرفضه ، ويسعى إلى القطيعة معه ،وثالث يستلهمه ؛ فيستدعي ما يخدم فنه فكرياً ، فيصبح لديه روحاً وطاقة جديدة ، ولا يُتاح ذلك للشاعر إلا إذا واجه تراثه مواجهة شجاعة ، فألقاه عن ظهره ، وتأمّله ، وأخذ منه ما يصلح لمستقبل أيامه " (1).

2- ترجمة الشاعرين :
أ‌- غازي بن عبد الرحمن القصيبي (2 مارس 1940 - 15 أغسطس 2010) ولد في الأحساء ، وعاش طفولته الأولى في البحرين ، والقاهرة ، شاعر وأديب وسفير دبلوماسي ووزير سعودي. والقصيبي له مؤلفات في فن الرواية والقصة مثل : شقة الحرية ودنسكو ، وأبو شلاخ البرمائي ، والعصفورية ، و"سبعة" ، وسعادة السفير، و الجنيّة، وآخر أعماله كانت أقصوصة الزهايمر التي نشرت بعد وفاته. أما في الشعر فلديه دواوين "معركة بلا راية" و"أشعار من جزائر اللؤلؤ" و"للشهداء" و"حديقة الغروب". وله إسهامات صحافية متنوعة أشهرها سلسلة مقالات في "عين العاصفة" التي نُشرَت في جريدة الشرق الأوسط إبان حرب الخليج الثانية ، كما أن له مؤلفات أخرى في التنمية والسياسة وغيرها منها: التنمية ، الأسئلة الكبرى وعن هذا وذاك ، وباي باي لندن ، ومقالات أخرى مثل : الأسطورة ديانا ، و100 من أقوالي غير المأثورة ، وثورة في السُّنة النبوية ، وحتى لا تكون فتنة (2).
ب ‌- أحمد سليمان الأحمد (1926 – 1993م ) شاعر وأستاذ جامعي سوري ، ولد في إحدى قرى اللاذقية لأسرة كان فيها العلم والشعر، فوالده الشيخ سليمان الأحمد عضو مجمع اللغة العربية بدمشق ، وأشقاؤه شعراء وأدباء وهم محمد المعروف "ببدوي الجبل" ، وأخته "فتاة غسان" ، وعلي سليمان الأحمد ، حصل على شهادتي دكتوراه إحداهما من سوربون باريس ، والثانية من موسكو، وعمل في جامعات صوفيا والجزائر ودمشق ، وله عدة دواوين مثل "عبقر" و" جبل الإلهام" ، و" أغانٍ صيفية " ، و"أرواد حلم آخر في العيون " ، و"الكلمة للشمس والشهيد"، و"نوافذ البروج المضاءة " ، و " عشر معلقات ومُوَثِّبة في الجاهلية الأخيرة " و " للكلمات جهات تقصدها عمدًا ".وله ثلاث مسرحيات شعرية هي : «ممّوزين» ، و«المأمونية» ، و«أغنية تقاوم اثني عشر غرابًا» .هذا إضافة إلى أشعار مترجمة عن الروسية والفيتنامية والبلغارية ، وقصص مترجمة للأطفال، وكتاب هذا الشعر الحديث (1).
3 - القصيدتان موضوع الدراسة :
هما قصيدتان بائيتان يكاد يكون موضوعهما واحد إذ تتناولان ما تعانيه منظومة القيم العربية من اهتزاز في مستوياتها كافة سياسياً ، واجتماعياً ، وأخلاقياً منذ زمن المتنبي إلى أيام الناس هذه . وإذا كنتُ – أزعم - استطعت أن أقف على الدوافع التي كانت وراء نظم القصيبي لقصيدته تلك متمثلاً فيما ذكره من أنّ ذاك كان جراء بعض متاعب من العمل الحكومي عندما كان وزيراً للصحة ، فنشرت القصيدة في صحيفة الجزيرة السعودية عام 1984م ، فأقيل على إثر ذاك هو ورئيس التحرير الذي نشرها ، وقيل : إنّ سبب القصيدة كان راجعاً إلى إنصات الملك إلى وشايات بالرجل ، مع أنه نفى ذاك ، واعداً أن يكشف الحقيقة في فترة لاحقة إلا أنّ قدره لم يمهله (2) ، فإنني لم أستطع معرفة سبب نظم أحمد سليمان الأحمد قصيدته التي نشرت أول مرة في مجلة المعرفة السورية منتصف العام 1976م (1) خلا ما قدّمته حول ما يتصل بالحياة العربية وتناقضاتها ، ومنظومة القيم التي اهتزت فيها على أكثر من صعيد في حياتنا المعاصرة بما يشبه ما كان عليه الحال زمن المتنبي الذي كانت تعصف بالحياة العربية المتناقضات ذاتها من فساد ، وتسلط للقوى الأجنبية ، وضعف لنظام الحكم العربي.
وتقع قصيدة أحمد سليمان الأحمد في سبعة وعشرين بيتاً على البحر البسيط ، في حين جاءت قصيدة القصيبي في خمسة وعشرين بيتاً على بحر الكامل . ولم يكتف الشاعران باستدعاء شخصية المتنبي ، بل ترسّم كلٌّ منهما خطا المتنبي في شعره حتى ليبدو الأمر وكأنّه معارضة لبعض قصائده، ولا سيما قصيدتيه :
أغالبُ فيكَ الشَّوقَ ، والشَّوقُ أغلبُ **** واعجَبُ مِن ذا الهَجْرَ ، والوصْلُ أعجَبُ (2)
التي مدحَ فيها كافوراً الأخشيدي ، فكانت أقرب إلى الهجاء منها إلى المدح ، فقال القصيبي على الوزن والقافية ذاتهما :
بيني وبينك ألف واش ينعبُ****فعلام أسهب في الغناء وأطنبُ
صوتي يضيع ولاتحس برجعه****ولقد عهِدْتكَ حين أنشدُ تطربُ (3)
أما الأحمد فترسم خطا المتنبي في قصيدته المعروفة بالدينارية التي مطلعها :
بأبي الشُّموسُ الجانحاتُ غواربا **** اللابساتُ من الحريرِ جلاببا (1)
فقال مخالفاً له في الوزن ، إذ جاءت قصيدته على بحر البسيط ، في حين أنّ قصيدة المتنبي على بحر الكامل :
أشعلتَ نجماً من جراحكَ ثاقبا ****وحنا الخلودُ على جبينكَ عاصبا
تفترّ ألوانُ الربيعِ صوامتاً *****ويهزّنا عنفُ الشتاءِ مُخاطبا (2)
والناظر في قصيدة القصيبي يرى مقدار ما وفّره الشاعر من الألفاظ الجزلة الموحية والمعبّرة التي كان لها الأثر الكبير في نفس المعني بها وهو فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك العربية السعودية آنذاك ، إذ إنّ الملك ما لبث أن أعاد للشاعر اعتباره بعد إقالته من وزارة الصحة ، فجرى تعيينه سفيراً لبلاده في البحرين ، ثم في لندن في مرحلة دقيقة من تاريخ المنطقة العربية (2). وجاء في مطلع القصيدة :
بيني وبينك ألفُ واشٍ ينعبُ **** فعلامَ أُسْهبُ في الغناء وأطنبُ
صوتي يضيع ، ولاتُحسُّ برَجْعه **** ولقد عهِدْتكَ حين أنشدُ تطربُ
وأراكَ مابين الجموع فلا أرى**** تلك البشاشةَ في الملامحِ تعشبُ (1)
ومن الألفاظ الموحية "ينعب" في البيت الأول التي توحي بالشؤم والشر، و"البشاشة تعشب" اللتان توحيان بالحياة والخصب والنماء والخيرفي البيت الثالث، و"مروّعاً" التي توحي بالقلق والخوف والاضطراب ، قال :
وتمرُّ عينُك بي وتُهرَعُ مثلما ****عبَرَ الغريبُ مُروّعاً يتوثبُ
و"الثعلب" التي توحي بالمكر والاحتيال والغدر في قوله :
هذي المعارك لست أحْسِنُ خَوضَها **** مَن ذا يحارِبُ والغريم الثعلبُ ؟
ومثلها " الوشاة " ، و"دسيسة" ، و"تتلون" في أبيات أخرى . و كذلك لفظة " القفر" الموحية بالقحط والجفاف ، و غير ذلك كثير .
وفي جانب التصوير يعجُّ النص بالكنايات والتشبيهات والاستعارات الرائعة التي جلّت عن معانيه ووضحتها،فمن الكناية ما جاء في الأبيات الثلاثة الأولى التي كنى بهما عن كثرة اعدائه ، وضعفه عن مواجهتهم ، وانقطاع حبال الود بينه وبين مليكه ، وانصرافه عنه بسبب وشاياتهم ودسائسهم . و" أتيت أرفع رايتي " كناية عن استسلامه لهجمتهم عليه إن كان مليكه راضياً عنه ، فهو لا يُحسن خوض معاركهم القائمة على الدسائس والمؤامرات ، قال :
قل للوشاة أتيت أرفع رايتي الـ**** بيـضاء فاسعوا في أديمي واضربوا(2)
ومَنِ المناضلُ والسلاحُ دسيسةٌ **** ومَن المكافحُ والعدو العقربُ ؟ (3)
وفي جانب التشبيه نجد مثل قوله : " الزيف المُعطّر"، و " السلاح دسيسة" في الأبيات التي مرت سابقاً كما نجد " القلوب خزائناً " في قوله :
سبحان من جعل القلوب خزائناً **** لمشاعرٍ لمّا تزلْ تتقلبُ
ومنه أيضاً قوله : "أنا شاعر الدنيا " ، و"أنا شاعر الأفلاك" في بيتين آخرين. وهي كلها من التشبيه البليغ الذي يكون فيه المشبه هو المشبه به عينه .
وأمّا إذا عرّجتُ على الاستعارات فإنّه يضيق المجال عن ذكرها جميعاً؛إذ لا يخلومنها بيت ،فمن ذلك : " صوتي يضيع " في قوله :
صوتي يضيع ، ولاتُحسُّ برَجْعه **** ولقد عهِدْتكَ حين أنشدُ تطربُ
وأراكَ مابين الجموعِ فلا أرى**** تلك البَشاشةَ في الملامحِ تعشبُ
إذ جعل صوته شيئاً مادياً يمكن ضياعه ،والبشاشة تشبه مطراً ينبت العشب ، وفي بيت آخر يقـــول: " تأبى الرجولة " إذ شبّه الرجولة وهي أمر معنوي بشخص يرفض ويأبى ، كما يقول :" تحتضن القفار رواحلي" إذ شبّه الصحارى المقفرة بإنسان يحتضن تلك الإبل التي يرحل عليها الشاعر حانياً عليها وعاطفاً ، وقوله :" سأصبُّ في سمع الرياح قصائدي" إذ جعل الرياح إنساناً له أذن يسمع بها ، والقصائد كالماء العذب الذي يطفئ لهيب الظمأ ، وقوله :" وأصوغ في شفة السراب ملاحمي" فالسراب إنسان له شفاه تصوغ الكلام الذي يدخل القلب دون استئذان ، و الكلام يشبه ذهباً تفنن صائغه في تشكيله حلياً جميلة تسحر الألباب . وكلها من الاستعارة المكنية التي تقوم على حذف المشبه وترك شيء من لوازمه يُستدل بها عليه . ولست أنسى هنا الإشارة إلى حُسن التقسيم الذي أشاع في النص جرساً موسيقياً داخلياً مؤثراً في مثل قوله :
ومَنِ المناضلُ والسلاح دسيسةٌ **** ومَن المكافحُ والعدو العقربُ ؟
على أنّ هناك حُسن تقسيم بين شطري معظم الأبيات يضفي عليها رونقاً وسرعة نغم داخلي أسهم في توفير جرس موسيقي أتهى هنا متهادياً رقيقاً على جلالة الموقف ، فأفاد أيما إفادة في التبرؤ من العتاب الذي كان يعتمل في نفسه تجاه مليكه .
وأمّا ما يتّصل بالمحسنات فهي قليلة عموماً إلا ما جاء منها عفو الخاطر مثل " صَدَّ الصُّدود تَقرُّبُ" ، و"شعري يُشرِّق عبرها ويُغٍّرِبُ". وهكذا فقد وفّر القصيبي لقصيدته كلّ ما من شأنه أن يجعلها مؤثّرة في نفوس سامعيها ، ومليكه في المقام الأول ، فعادت حبال الود لتتصل بينهما بعد إسبوعين من إقالته من منصبه (1). لقد ظهرت روح المتنبي في معظم أبيات القصيدة ، إلا أنها بدت أكثر ما تكون في أبياته الثلاثة الأخيرة مع البيت التاسع عشر، حتى ظنّ بعض من نقلوا القصيدة في بعض المنتديات التي تُعنى باللغة العربية على شبكة المعلوماتية أنّ القصيدة للمتنبي لا للقصيبي ، وهي
قوله :
ياسيدي والظلمُ غيرُ مُحببٍ **** أمّا وقد أرضاكَ فهو محببُ
لا يستوي قلمٌ يُباعُ ويُشترَى ****ويَراعَة بدمِ المَحاجرِ تَكتبُ
أنا شاعر الدنيا تبطّنَ ظهرها ****شعري يُشرِّقُ عبرها ويُغرِّبُ
أنا شاعرُ الأفلاك كلُّ كُليمةٍ ****مني على شَفَقِ الخلودِ تلهّبُ (1)
وهذه العلاقة بين القصيبي والمتنبي، يوضحها القصيبي نفسه بقوله : " مع أنّ علاقتي بالمتنبي بدأت مبكرة إلا أني لم أُعجب به إلا تدريجياً على نحو متزايد بمرور السنين . إنني اليوم أشدُّ إعجاباً بالمتنبي من يوم قرأت ديوانه لأول مرة ، بل لعلني اليوم أكثر تأثراً به مني في البداية " (2).
أمّا قصيدة أحمد سليمان الأحمد ، فقد ذكرت فيما مضى أنني لم أستطع الوقوف لها على مناسبة خاصة بها عدا ما أشرت إليه من اتفاقها مع الجو العام السائد في المجتمع العربي من انكسارات ، واهتزازات في الحياة ، وفي منظومة القيم العربية عامة ؛ مما أثار حفيظة الشاعر ، وأحاسيسه تجاه مايراه حوله ، على أنّه يمكن تسجيل ملحوظة بارزة تتصل بلغة
النص التي تميزت بالقوة ، وبقربها من لغة القدماء بشكل أوضح مما اشتملت عليه قصيدة القصيبي ، وذلك راجع – فيما أظن – إلى طبيعة الموقف الذي نُظِمت فيه القصيدتان ، فقصيدة القصيبي أملاها موقف آني ألهب مشاعره – وقد أقيل ، واستغني عن خدماته – فجاءت ألفاظه عفوية دون كبير اختيار ، بما يتوافق وطبيعة الموقف وضرورة الاستجابة السريعة ، فجاءت ألفاظها موسومة بهدير لغة المتنبي التي " تتصعّد نفسه الطامحة في السماء فتقطفها نجماً نجماً " على حد قول لخليل هنداوي في دراسة عتيقة له عن أبي الطيب عهدي بها من زمن الدراسة الثانوية ، وما وقعت يدي لها على أثر .
ثم إنّ بحر البسيط الذي نظم عليه الأحمد قصيدته أتاح له راحة أكبر في نقل كل ما يجول في خاطره ، ويضرب على أوتار أحاسيسه ، فيعزف آلامه وأحزانه مما يرى من حال أمته وأبنائها ، فيرفع صوته عالياً مخاطباً أبا الطيّب بقوله:
أشعلتَ نجماً من جراحكَ ثاقبا ****وحنا الخلودُ على جبينكَ عاصبا
تفترّ ألوانُ الربيعِ صوامتاً*****ويهزّنا عنفُ الشتاءِ مُخاطبا
أنا كيف أرضى الوشوشاتِ وجُبْنَها**** في حين تسحِرُني الرُّعودُ غواضبا
الهاوياتُ - إذا عقمنَ - صواعقًا ***** والهامياتُ - إذا لقِحْنَ - سحائبا
إني اتّقيتُ كما، اتّقيتَ، أفاعياً ****لكنْ غفلتُ فما اجتنبتُ عقاربا (1)
إنها أبيات تشعر السامع بروح المتنبي المتوثّبة المتعالية على كل شيء حولها تريد أن تُضعه إلى إرادتها في ذلك السيل من الألفاظ الموحيةمثل "لقحن" الموحية بالخير ، و"عاصباً" الموحية بالعطف والنصرة والاهتمام . و"الهاميات" التي توحي بقوة التدفق والانصباب ومن ذلك ألفاظ مثل "الوشوشات" التي توحي بالجبن والذل ، و"غول كما تروي الأساطير ..." التي توحي بالرعب والعدوان والافتراس ، وغير ذلك .
وإذا ما مضيت إلى التصوير الفني في قصيدته ألفينا الكنايات في مثل قوله :
وسمعتَ، إذ خرس الحديدُ، ملاحماً****ورأيتُ سيفَكَ في الأعادي خاطبا
كناية عن شجاعة المتنبي ، وما تسفر عنه معاركه من انتصارات . وقوله :
ومن ذلك قوله :
حتى اقتحمتَ على الزوابع كهفَها ***** تجتثّ أنياباً لها ومخالبا
كنى بـ"الزوابع" عمّا كان أعداؤه ومناوئوه في كل مكان يحيكونه له من دسائس ومؤامرات لينقضوا ما كان بينه وبين سيف الدولة من ود.
وإذا مضينا إلى التشبيه وجدناه قليلاً عنده – إذ يستعيض عنه بالاستعارة- مثل قوله :
الهاوياتُ - إذا عقمنَ - صواعقًا ***** والهامياتُ - إذا لقِحْنَ – سحائبا

وقوله :
تَجني الأغاني مثلَ أثمارٍ على **** أشجارها، وكما قطفتَ كواكبا
وقوله :
هبّتْ على بحر العذابِ رياحُها***ومضتْ ترجّ، بمن تُقلّ مَراكبا (1)
.............................. ***** ................................
ونهبتَ أعماراً إذا جمّعتَها **** ودَّ الخلودُ لو استحالَ الناهبا
فالعذاب عنده بحر ، والخلود هو الناهب الذي يرغب أن يحوي الأعمار كلها ، وهي كلها من التشبيه البليغ.
أما في جانب الاستعارات فلا يكاد بيت يفلتُ منها ، وهذا مما يدلّ على تأني الشاعر وتروّيه في نظم قصيدته ، ومن ذلك قوله :
وثبوا على «الحَدَثِ» التي أعليتَها*****حمراءَ، حيثُ ارتدّ باغٍ خائبا
بالأمس تسقيها الجماجمُ قلعةً*****واليومَ تسقيها العيونُ خرائبا
فالجماجم تشبه إنساناً يسقي من استهدفوا قلعة الحدث الحمراء في حلب الدماء ، واليوم تسقي العيون خرائب القلعة بالدموع . وقوله :
زيّنتَ بالإلهام صدرَ تجاربٍ *****راحت تتيهُ على الحياةِ تجاربا
فالتجارب تشبه إنساناً له صدر يُزيّن بالإلهام الذي غدا قلائد ثمينة له ، دلالة على علو مكانة شعر المتنبي في الحياة العربية منذ ومنه ، وحتى أيام الناس هذه.
وفي المحسنات نجد حُسن التقسيم بما له من جرس موسيقي خفي ، مثل قوله :
ماذا تُحدّث عن «كويفيرٍ» وعن***** أقزام فكرٍ يرتقون مناصبا
وعن الضعيف مُقاوياً، وعن الشُّجا*****عِ مُحدّثاً، وعن الجبانِ مُحاربا
والأكثرين محامداً حتى إذا*****عرّيتَهم فالأكثرون مثالبا
هذا فضلاً عن حُسن التقسيم والاتساق بين شطري كل بيت في القصيدة . وإذا مضينا إلى التضاد الذي يوضح المعنى ويبرزه وجدناه في معظمه يعتمد على المقابلة التي هي الشكل الأوسع للتضاد في مثل قوله :
الهاوياتُ - إذا عقمنَ - صواعقًا ***** والهامياتُ - إذا لقِحْنَ – سحائبا
وقوله :
ورأيتَ كيف يكون حكمٌ حاضراً ***** في حين لا ينفكّ شعبٌ غائبا
وربما اكتفى بالطباق كما في قوله :
والأكثرين محامداً حتى إذا *****عرّيتَهم فالأكثرون مثالبا
وشجاكَ أنَّ أجانباً حكّامُنا ***** أَوَ ما شجاكَ، الخادمون أجانبا؟!
أمّا إذا أردت الحديث عما كان فيه تناصٌّ بين شعره وشعر المتنبي ، فإنّ ذلك نجده في بيتيه اللذين مرّا عن الحدث التي تسقيها الجماجم ، فهما من قول المتنبي :
هلِ الحَدَثُ الحمراءُ تعرفُ لونها **** وتعلمُ أي الساقيين الغمائم
سقتها الغمامُ الحُرُّ قبل نزوله **** فلمّا دنا منها سقتها الجماجمُ (1)
واستعارته لـصيغة التصغير "كويفير" في بيت مضى أيضاً ، وقوله " ونهبت أعماراً" مأخوذ من قول المتنبي :
نهبتَ من الأعمارِ ما لو حويته **** لهُنِّئتِ الدُّنيا بأنّك خالدُ (2)
وهذا ما لم نلمحه بهذه الصورة لدى القصيبي ، بعيداً عن مسألة الإجادة أو التقصير في المعنى المأخوذ.
و هكذا نرى أنّ الشاعرين قد أجادا في توفير كل المقومات التي تجعل من شعرهما مؤثراً في المتلقين ، فكلٌ منهما شاعر متمكّنٌ من أداته الشعرية ، وربما كانت التجربة الشعرية في قصيدة القصيبي أشد وقعاً ؛ لأنها تتعلّق بحادثة شخصية أكثر منها انسياقاً مع الجو العام الذي تمر به المجتمعات العربية عامة.

خاتمة :
كانت مدة يسيرة تلك التي صحِبت فيها شاعرين كبيرين من شعرائنا المعاصرين أولهما من السعودية وهو غازي القصيبي الذي كانت قصيدته " أغنية للخليج" أولى قصائده التي وقفت عليها ، وكانت سبباً في اطلاعي على شعره . والثاني هو السوري أحمد سليمان الأحمد الذي قادتني إليه المصادفة إذ كنتُ قرأت قصيدتيهما المختارتين للمقارنة في بعض المنتديات المتخصصة في اللغة العربية على شبكة المعلوماتية ، فكان من أمر هذه الدراسة اليسيرة لهذين الشاعرين ما كان بقدر ما أتاح الوقت الذي كان يحاصرني ، فيسد علي طرقي وسُبلي كما سُدّت طرق المتنبي الذي مضى إليها غير آبه لا يلوي على شيء ، فاقتفيت أثره إبراراً لوعد قطعه لأخية كريمة علي في مكان آخر. وكان من المصاعب التي واجهتني تلك المتعلقة بالمراجع ، إذ لم أجد ما يعين من الدواوين الشعرية ، أو الدراسات في مكتبة الجامعة ، أو دار الكتب الوطنية ، أو مكتبة الأوقاف - في زمن عزت فيه مكتبتي - وحتى ما وجدت منها على شبكة المعلوماتية مصوراً كان بعضه نسخاً تجريبية تعرض لبعض الكتاب لا كله ، كما في كتاب " قناع المتنبي" .
وقد كان من نتائج هذه الدراسة أن وجدت أنّ ظروفاً واحدة اصطلحت على الشاعرين لجهة عصامية كل منهما ، وتفوقه وتبوئه أرفع المراكز العلمية أو السياسية ، كما شهد كلاهما مرحلة واحدة من تاريخ هذه الأمة التي نفخر جميعاً بالانتماء إليها على الرغم من الانكسارات الهزائم التي ما زالت تلاحقها منذ نحو ألف عام . وتوصلت الدراسة إلى أنّ كلاً من الشاعرين استعان بقناع المتنبي كثيراً أو قليلاً من خلال الاتكاء على شعر الرجل ، ومعانيه ، مسقطين ذلك على تجربة شخصية مر بها كلٌّ منهما ، تجمعها أوجه تلاق ، وأوجه افتراق ، ربما كان أبرز ما يجمع الشاعرين تلك اللغة الأنيقة التي تصل إلى القلب دون استئذان . وكان بودي أن يمتد الوقت شيئاً ما للتقصي ، والتعمق في سبر أغوار كل من الشاعرين ، وهذا ما تأباه طبيعة الأمور، وربما كان لي فسحة من الوقت في قادم الأيام لاستكمال ما بدأت.
وبعد فإنّني أرجو أن أكون قد وفّقت فيما قدّمت فإن أصبتْ فبفضل وبتوفيق من الله ، وإن كانت الأخرى فمن عجزنفسي وتقصيرها ، مما يجعلها أسيرة ترديد قول أبي الصعاليك : " ومبلغ نفسٍ عذرها مثل مُنجحِ" ، ومُحترسة من عُجب - ومما يكون وقع فيه فشابه - فتلوذ بقول القائل :

إن تجدْ عيباً فسُدَّ الخللا * * * جَلَ مَن لا عيبَ فيه وعلا
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامشه موجودة في الأصل.


جهاد سليمان كل الشكر لكم .واول ما لفت انتباهي هو قوله ان أخا الشاعر محمد هو من لقبه (بدوي الجبل) ولكن الحقيقة أن الشاعر أحمد موضوع المقال هو من لقبه (بدوي الجبل) ولقد لقبه الشاعر الكبير يوسف العيسى بذاك اللقب
ثانيا :كانت ولادته في العا 1900 وتوفي سنه 1981
لي عوده بإذن الله لنناقش الموضوع الذي يحتاج وقتا لقراءته والتبصر فيه


آفاق نقديه احسنتم التواصل والتفاعل اخي وصديقي العزيز الاستاذ جهاد سليمان الرائع..وما اجمل ان يتعمق الحوار وتتسع دائرته ايها الزميل الغالي..تحياتي وخالص مودتي..

Ahmad Alsheble دراسة قيمة ومفيدة كل الشكر لصاحب الدراسة والشكر لآفاق نقدية التي تنشر مايغني من الدراسات النقدية والأدبية لتبقى منارة للمعرفة .

آفاق نقديه الاستاذ Ahmad Alsheble العزيز ،ان وجود امثالكم هنا،هو مايمنح هذه المنارة ضوأها ايها الزميل الغالي..تحياتي ومحبتي ..

Jenan Mohammad ملأى يداك دوما بفاكهة الأدب ..بوركت وبورك سعيك في إثراءنا بالجمال ..
وبوركت العزيزة "أ.نائلة" لانتقاءها الموفق والمميز ...


جهاد سليمان كل الشكر للجميع الذين ساهموا في إيصال ذاك الكنز الأدبي لنا
وأحب ان أضيف
يقول صاحب المقال والدراسه القيمه أنه لم يهتدِ لسبب ومناسبة قصيدة الشاعر أحمد سليمان الأحمد (بدوي الجبل) ولكني وبحكم معلوماتي ولكثرة مادرسنا قصائد الشاعر في مناهجنا الدراسيه في سور
يا يمكنني القول: كان الشاعر يتحلى بروح قوميه وقاده وفكر عروبي مستنير . وباعتقادي إن نكستي الأمه في قضية فلسطين هما سبب القصيده .فلقد أرخت نكستي الأمه بظلالهما القاتمه على نفس كل عربي شريف من محيط العروبه لخليجها


Jenan Mohammad حين يتعلق الأمر بسوريا..
تعد يا صديقي مرجعا


Sabah Saaed سلمت يداك...
بورك الجهد وبورك ذوقك الراقي ونقلك للجمال


جهاد سليمان دراسة نقدية جميلة ممتعه وكانت وافيه كافية أحاطت بالشاعرين وبقصيدتيهما بأجمل إحاطه. واكثر ما اعجبني مدخل الدراسه ففيه من الحذاقة الكثير..
لروحي الشاعرين السلام
وللذين ساهموا في إيصال ذاك الكنز المعرفي والثقافي كل التحيه


نائلة طاهر قيمة المقالة والبحث لا شك انها ثابتة ،فهي من قيمة كاتبها ،جرول ابن أوس ليس مجرد شاعر وانما باحث لغوي و ادبي سوري سامق،كنت محظوظة بانه علمني الكثير ،لغة وبحور .تحياتي له صديقا واستاذا واخا عزيزا.

كريم القاسم من عادتي أن اتهيأ لقراءة المطولات من الشروح والدراسات المهمة ...
وعند رؤيتي لهذا المنشور اعددتُ الحال لهذا الامر ، وأول ولوجي الى الاسطر الاولى للمقال ، فوجئت بأنه من اعداد الاستاذ جرول الفاضل ، كون النص كنت مطلعا عليه في شبكة الفصيح ، اعداد ابوطلال ول
ا ادري ماهو العامل المشترك في الامر ... لكنني سررت الان لمعرفة الاسم الصريح ..
فالدراسة قيَّمة كمّا ونوعاً ، وقد اشارالاستاذ جرول الى لفظة وتقنية (القناع) وهو لب البحث وكيف يستتر خلفه الشاعر ليتعامل بضمير الغائب او المخاطب وحسب مايقتضيه الحال للاشارة والايماء ، واختياره لهاتين الشخصيتين الاكاديميتين ، القصيبي والسليمان لهوَ الذكاء بعينه والقدرة على التعامل مع المقارنة والتباين بنضوج فكري حاذق ومحترف ....
وافر الامتنان للاستاذ جرول ..
وتقديري للست نائلة طاهرعلى هذا الاختيار ... وقد احسنت في اختيار استاذها ومعلمها (جرول الفاضل)
والشكر لكل من قرأ هذا البحث بعمق واستوعب مافيه ، والا سنكون كالذي يدير بقطب الرَحى ولايدري ماتطحن .
واعجبُ كيف لايتكثاف من يهوى الادب والتأليف على مثل هذه الدراسات ... وهذا ما اقول بشأنه : ان الهواة مازالوا جزيئات بخار يدورون في حلقاتهم المفرغة فلايرون مابعدها من افلاك وعوالم اخرى .... ولا ابداع الا بطلب العلم وزيادة المعرفة .


Jenan Mohammad كلام يكتب بماء العين ..بوركت

كريم القاسم سيدتي الفاضلة ست جنان ... عافى الله عيونك من كل اذى ، وبورك هذا الشعور النبيل ... احترامي الكبير .

Shakir AL Khaiatt تقديري الكبير للسيدة نائلة الطاهر، وشكرا جزيلا للاستاذ جرول بن اوس المتكرم علينا بجهد كبير وبحجم يكاد يشفي تداعيات الدواخل التي تعتصرنا من غياب الدراسات الرائعة، متعددة الاتجاهات والمناهل بل حتى الموضوع الا ما يندر بين حين واخر، اجاد الاستاذ الفاضل في تناوله لقامتين كبيرتين، شعرا وفنا وثقافة، لكل واحد منهما سياق مستقل رغم اقتراب الخطى في واقعية الاعمال بعض الاحيان، وما الجمع الجميل فيما اختاره الكاتب في هذا التحليل الا دليل اقتراب الارواح والتقائها ربما رغم بعد احداها عن الاخرى، لا اشكال على ماورد في كامل النص، وانا اتابع بشغف هذه الدراسة التحليلية، بدءا لشخصي الشاعرين، القصيبي والاحمد، وبعدها شعرهما، ثم الالتقاء فيما كتبا بموضوعية راقية اجاد الكاتب في امساك تلابيبها بشكل ناجح، وحسب ما ارى وما كنت اتمناه لو اخضعت هذه تحت مسمى غير المعارضات او المطارحات لانهما كانا يقصدان نفس الموضوع والغاية بقصيدتين مختلفتي الوزن والموضوع سوى القافية في احداهما مع بائية المتنبي... هنا يمكن ان نقول كانت القصيدتان محاكاة وهذا الصنف من المحاكاة حسب مفهوم التصنيف الادبي يكون اقرب منه للمعارضات او المطارحات... اما الجهد الذي بذله الاستاذ الباحث فكان جهدا قيما احتوى كل اشتراطات البحث على الصعيدين المنهجي الاكاديمي في جانب منه وعلى النقد الادبي في جانب اخر ولقد اعجبتني الدراسة بشكل ملحوظ، اثبت هنا للسيد الباحث هذا النجاح الواضح، املا من الباحثين اغناءنا بدراسات مماثلة تضفي على المشهد الادبي وجها مشرق الملامح، تحياتي ثانية مخلصا لكما الاستاذة نائلة الطاهر والاسيتاذ جرول بن اوس.. تقبلا محبتي