السبت، 17 أغسطس 2019

الذات المحاصرة،،والاغتراب قراءة في نص الشاعرة ( سعاد محمد ) / تذكرة بلا عنوان بقلم الروائي الناقد جمال قيسي

تمهيد متسارع
لمطالعة الناقد القيسي Jamal Kyse
على احد نصوص الشاعرة سعاد محمد: 
"""""“""""""""'""'"'''''''''""""""'"""""""'''"""""""'""""""
كنت قد نويت الوقوف المطول مع انساق وسياقات شاعرة النثر الشامية المهمة سعاد محمد كمبدعة تستحق منا الكثير من الاحترام وحسن المتابعة كونها اديبة ذات منهجية بالغة الخصوصية شكلًا في جانب ،وعميقة المداليل مضمونًا في جانب آخر..ولكنني عثرت قبل قليل على دراسة ذات منحى نقدي رائع للاستاذ JamalKyse يجمع خلالها بين الاكاديمي والحداثي في بوتقة واحدة ،ولقد اصاب في هذا الاختيار كثيرًا مع معرفته بمديات الجهد الكبير الذي يستدعيه مثل هذا الاختيار المتشعب الواسع النطاق..
ولأنني وجدت في دراسته الرفيعة تلك اهم المحاور التي طالما اثارت انتباهي في منجز هذه الشاعرة بما لامزيد عليه ،فقد احسست عميقا انها تغني وتكفي لانها وضعت النقاط على الحروف،بحرفنة واقتدار..
الواقع ان الشاعرة سعاد محمد ذات خصوصية لافتة جدا على مستوى المباني على وجه الخصوص في ناحية جديرة بالبحث والمدارسة،ولكنها حين انتقلت باداتها التعبيرية الى مراقٍ عالية بالافادة الجمالية فليس بقصد الاستعراض التعبيري ابدا،وانما بقصد توسعة اهاب وافاق الاداة التعبيرية ذاتها بحيث تتسع لأعمق المحمولات العصرية افادة معنوية فكرا وحدثا..
ومن الجدير بالاشارة - وتلك رائعتها الفارهة-انها تنطلق في منهجيتها تلك من الجذور التعبيرية العميقة للموروث الحي بأصالة بارعة فارعة..فهي حين توظف علوم البلاغة العربية الاصيلة من:
* معانٍ..
* وبيانٍ
*وبديع..
بشكل فخم وصقيل معا،فإنها قد وصلت بها الى مرحلة بالغة الرشاقة ،بعيدة تماما عن الترهلات او الحشو التعبيري الزائد ..لغة سعاد ليست مغامرة تهويمية باحثة عن المعاني ،كلا،وانما تنطلق من ملكة عامرة ومخزون ثر ينهمر بتلقائية بليغة تعبيرا عن المعاني الجاهزة اصلا..اعني ان جهوزية المضامين وتبلور الاحداث في ذهن المبدع.. ة،كفيل بعد ماذكرناه عن بلوغ الاداة التعبيرية مبالغ النضج والرسوخ ،بصياغة المبنى الابداعي المكتنز..
هناك رسالة تحملها هذه المبدعةالاصيلة اذن..انها رسالة تقصد من خلالها بوعي فطين اثبات ان السياق العربي الضارب في اعماق الموروث قادر بمرونة عالية على التعامل الحيوي مع اخر الحداثات الرؤيوية والفكرية المتداولة في اخر لحظات هذا الزمن المحتشد بالغرابة..
هذا الامر بالذات من اهم المحاور التي يمكن استلهامها من خلال المتابعة المتفرسة معا في بحث اخي وزميلي وصديقي الناقد الفذ " ابو سرى"العزيز..
انها رحلة نقدية واسعة وعميقة في ان واحد.. تقبلا خالص مودتي واحترامي والسلام..
* * *
دراسة الاستاذ القيسي مع التقدير: 


الذات المحاصرة،،والاغتراب
قراءة في نص الشاعرة ( سعاد محمد ) / تذكرة بلا عنوان !
- 1 -

اين انت ؟ ،،لا تشعر بشيء،،مروق بحلم،،او ربما. انت في صالة سينما ،،ومع ان البطل والمخرج وكاتب السيناريو ،،والكادر كله شخص واحد،،انه ( سعاد محمد ) ومع ذلك ،،يشدك العرض من أوله ،،وتتمنى ان لاينتهي،،
في هذا النص ،،كما غيره للشاعرة ،،تتبوأ على يديها القصيدة النثرية مكانة مهمة،،
منذ البدء تحاول ان تضعنا الشاعرة،،في عالم المجاهيل،،او هكذا تقول ( تذكرة بلا عنوان ) ،،
نعم هي محقة،،تقطع لك تذكرة لمشاهدة عرضها السيمي ،،ابعاد المكان تستشعرها،،فقط. تستشعرها،،ولكنك في هيولي ،،وفضاء بلا حدود،،انه العالم الكوني بكل مجراته ،،التي تسبح في فضاء ( سعاد محمد ) المترامي الأطراف القصية ،،ومع كل هذه السعة هناك إرادة قوية لروحها التي تكسب الحياة لكل موجوداته ،،تتحكم في بصيرتك ،،لتلقنك المشهد بعد المشهد،،في عملية انزياح بزخم كبير،،ومع فداحة المشهد،،هناك إحاطة بظلال الحياة ،،
تستنطق الأشياء ،،فهذا ليل تخرسه،،انه لايبسمل ،،لكنه يمتلك الوعي وقادر على النطق،،لكنه يخرس،،بأمر من سيدته،،
بشكل خاص اريد ان ألفت الانتباه ،،الى الزخم الانزياحي ،،المتمثل بالدينامية الشاعرية ( البوطيقية ) ،،في مشروع ( سعاد محمد ) ،،ربما نركز على الشكل،،لتاخذنا المهمة الى المضمون ،،مع ان الرسالة ،،في غاية البساطة وهي تضارب المشاعر المتقاطعة مع العمر،،ومتطلباتها العاطفية الطبيعية ،،ويبدو انها مرت بتجربة حياتية مريرة،،،تركت بصمتها عليها بشكل حاد لتخلق لديها عتبة تشككية،،تجاه اي تجربة ممكنة لاحقًا ،،لنعود الى الزخم الانزياحي او فائض المعنى ،،المتمثل بالصور والمشاهد العميقة ،،التي تبدع فيها الشاعرة ايما ابداع،،
( مهرّجٌ ضريرُ الطّالعِ,وجدَ نفسَهُ في مأتمْ )
استبدلت الشاعرة بكفاءة ،،كلمة سيّء. ب ضرير بإزاحة رشيقة ،، فعبارة سيّء الطالع ،،مرتبطة بقضية الحظ،،اما ضرير الطالع ،،تحيلها الى قضية قدرية ،،والى خيار محتوم سلفًا،،لم تتوفر لدى المهرج فرصة،،ولازالت العبارة محملة بالكثير ،،من الإحالة ،،هي تصف نفسها كأنسان ،،بالمهرج،،والمهرج كدور. مسرحي،،يحمل وجهين،،الاول هو جلب المسرّات. للجمهور،،هي وظيفته ،،والوجه الثاني ،،انسان يتلوى وَجَعًا ،،في عمقه النفسي ،،اذًا في نهاية المطاف المهرج قدره يفقده حتى وظيفته التي يجب ان يمارسها،،
هذا الوعي المكثف ،،للشاعرة،،مع انفتاح صوري ،،تستوجب الوقوف طويلًا عند هذه التجربة الخلاقة ،،
تنتقل الشاعرة في زخم صوري اخر،،أوسع ،،خارج ذاتها ،،عندما تصف
نجومٌ.. نجومْ
تستعجلُ اللّيلَ لتموتَ..
مكتومةَ النّفوسِ, بإيعازٍ من حكمةِ الشّمسْ!
أوّلُ نجمةٍ تتفتّحُ على شفاهِ السّماءِ:
دعائي لكَ
وآخرُ اللّواتي ينفضُهنّ اللّيلُ عن طربوشِه:
دعائي عليكْ!
يا الله..
أكلُّ هاتين العينينِ لكَ
وروحي المهجّرةٌ تنوحُ على وطنْ؟!
يا ويلْكَ من دعاءِ المساكينْ!
هي تصف الرغبات بالنجوم ،،تتلألأ ،،لكن حكمة الشمس اي العرف والمجتمع وربما الاعتداد بالنفس ،،هي عوامل قمع ،،لهذه الرغبات التي تستطع ،،لكن ليلها سريع،،فأشعة. الشمس،،اي الواقع،،تبدد هذه الرغبات،،
في سمائها الافتراضية ،،في لحظات الشروع اندفاع وميل للرغبات مصحوب بدعاء ،،لمن تخاطبه،،طبعًا الامر كله يتم في عالمها الذي خلقته ،،وعند الأفول ،،تسير الامور بشكل مخالف ،،
وفي اجمل تعبير،،قرأته لحد اللحظة في توصيف الاغتراب ،،بعبارة ،،متساوقة الإنساق مع كل معاناة الانسان في هذا الرواق ،،الشرق أوسطي ،،( روحي المهجرة تنوح على وطن ) ،،اغتراب ،،ولوعة وعي ،،وأوطان. أصبحت في مهب الريح ،،اشبه بالشعور لحظات الاحتضار ،،نعم احتضار الشرق وعوالمه ،،
- 2 -
أقفُ خلفَ زجاجِ التّمنّي
أتشهّاكَ
رجلاً من حلوى الأساطيرِ
وجوارحي أطفالٌ على نيّة عيدْ
فوّضْتُ لكَ قلبي
فإن جنحْتَ للشّوقِ..
فلكَ ما تؤوي غاباتُ دمي غنائمَ
وإنْ لا, ولنْ..
فقلْ: كفّنُوها,
على تلكَ البنتِ اليباسْ!
في هذا المقطع ،،اعترف بارتباكي ،،وإعادة النظر بالافتراضات ،،التي كونتها عن حركة العصر،،وتخطي المعلوماتية لكل ،،ماعهدناه ،،من ثوابت،،لم أتوقع ان تستوعب العبارات الدارجة التي ألفناها له ،،و ان تغطي ما يجري ،،لكن ( سعاد محمد ) اثبتت العكس،،في الدينامية اللفظية،،
( أقف خلف زجاج التمني
اتشهاك )
هي انسان في لحظات تغريب. حرجة امام عالم افتراضي ،،( زجاج التمني ) ،،ما أعمقها من عبارة في وصف الألواح الذكية ،،نعم العالم الافتراضي ،،هو واقع مفرط في قاموس علم الاجتماع ،،لكن التوصيف ألاكسومي ،،هذا لم يتناول،،ما يجري في الذات المراقبة ،،وهنا ( سعاد محمد ) ،،تفصح عن ما يجري في الذات المراقبة،،بالكلمة الشاعرية ( اتشهاك ) ،،تطرقت الى الامر ،،وازمة العصر بجملة بسيطة وعميقة ،،وهذا المحور تناوله بول ريكور في كتابه الشائك ( الذات عينها كآخر ) ،،
بشكل عام تناولت ،،( الذات - الموضوع - الآخر ) هذه الاشكالية الفلسفية ( عندما نقول فلسفية ،اي انها ضمن دائرة السؤال الوجودي ) وتناولت اكبر معضلة تعرض لها الانسان الا وهي قضية التغريب،،
لكن برأي ان اهم ما تناولته ( سعاد محمد ) هي الانا المحاصرة ،،اي الذات برهونية الآخر. الافتراضي في نزعة. تمثلية غير متحققة. وطبيعة المشاعر التي تعتمل الانسان وبالتحديد. المرأة الشرقية تجاه ما يجري،،في هذا الزمن المعلوماتي ،،الذي تمثل فيه التواصلية ( كل وسائل الولوج الى عالم النت ) ،،شيء اشبه بالثقب الاسود ،،في حين تقف الذات حائرة في عالم تغريبي متضخم ،،نوع من التحطيم،،
الذات ،،او الانا الأنثوية ،،وما تمثله من فائض الحياة ،،عندما تكون محاصرة ،،يعني ان الحياة محاصرة ، فبين ( إن لا ، ولنْ) المتشككة ومن ثم الجازمة ،،سيرورة الوعي تمارس جلد الذات،،وعدمية لكنها مغلفة بزخرفة ،،ومرافقة لبهرجة افتراضية ( اتشهاك رجلا من حلوى الأساطير )
- 3 -
إنْ جئْتَ للحقّْ..
أنا لسْتُ على علاقةٍ طيّبةٍ مع الحبِّ
أشتُمُهُ, حينَ يوجعُني:
بأنَّه وغدٌ كبيرٌ من عائلةِ الوهمِ
فيردُّ:
بأنّي أجبنُ من شطٍّ
سبّاحةٌ بميداليةٍ من رملْ
ثمَّ نتصالحُ ونترافقُ
كالنّومِ والحذرْ!
ناهيكَ عن أنَّ..
أزهارَ جسدي قاطعَتِ المطرَ
يدُهُ مشاعٌ ينقرُ منها رزقَهُ حتّى الحجرْ
لهذا وذاكْ..
قلبي الّذي لمِ يتعلّمِ المشيَ
حين يهلُّ اسمُكَ
يحملُ كراماتِهِ, ويفرُّ كطريدةْ!
في المقطع الأخير ،،تخلق ( سعاد محمد ) دوامة حوارية ،،متعددة ،،فهي تارة تتحاور مع نفسها،،واُخرى مع الاخر ،،وفي مجمل الامر النص معبأ بالصور الجميلة،،
الحقيقة انها تذكرة بعناوين شتى ،،لك ان تختار او تحدد العنوان ،،
مثل هذا النص لا تسعفك الحياة بقراءة مايشبهه ،،الا نادرًا
جمال قيسي / بغداد
تذكرةٌ بلا عنوانْ!
ليلٌ لا يبسملُ على مشارفِ أشيائِكَ
مهرّجٌ ضريرُ الطّالعِ,وجدَ نفسَهُ في مأتمْ
نجومٌ.. نجومْ
تستعجلُ اللّيلَ لتموتَ..
مكتومةَ النّفوسِ, بإيعازٍ من حكمةِ الشّمسْ!
أوّلُ نجمةٍ تتفتّحُ على شفاهِ السّماءِ:
دعائي لكَ
وآخرُ اللّواتي ينفضُهنّ اللّيلُ عن طربوشِه:
دعائي عليكْ!
يا الله..
أكلُّ هاتين العينينِ لكَ
وروحي المهجّرةٌ تنوحُ على وطنْ؟!
يا ويلْكَ من دعاءِ المساكينْ!..
أقفُ خلفَ زجاجِ التّمنّي
أتشهّاكَ
رجلاً من حلوى الأساطيرِ
وجوارحي أطفالٌ على نيّة عيدْ
فوّضْتُ لكَ قلبي
فإن جنحْتَ للشّوقِ..
فلكَ ما تؤوي غاباتُ دمي غنائمَ
وإنْ لا, ولنْ..
فقلْ: كفّنُوها,
على تلكَ البنتِ اليباسْ!
إنْ جئْتَ للحقّْ..
أنا لسْتُ على علاقةٍ طيّبةٍ مع الحبِّ
أشتُمُهُ, حينَ يوجعُني:
بأنَّه وغدٌ كبيرٌ من عائلةِ الوهمِ
فيردُّ:
بأنّي أجبنُ من شطٍّ
سبّاحةٌ بميداليةٍ من رملْ
ثمَّ نتصالحُ ونترافقُ
كالنّومِ والحذرْ!
ناهيكَ عن أنَّ..
أزهارَ جسدي قاطعَتِ المطرَ
يدُهُ مشاعٌ ينقرُ منها رزقَهُ حتّى الحجرْ
لهذا وذاكْ..
قلبي الّذي لمِ يتعلّمِ المشيَ
حين يهلُّ اسمُكَ
يحملُ كراماتِهِ, ويفرُّ كطريدةْ!
سعاد محمد





أغلفة العصيان أغلفة العصيان قراءة في نص( من أرشيف الذاكرة ) للشاعر غازي احمد الموسوي بقلم الروائي الناقد جمال قيسي

أغلفة العصيان 
قراءة في نص
( من أرشيف الذاكرة )
لغازي الموسوي
بقلم أ.الناقدJamal Jamal Kyse
،،،
لمرة اخرى ،،يضعني صديقي الشاعر والناقد الكبير غازي الموسوي ،،في متاهة ،،ليس بسبب الغموض الذي يلف نصوصه،،وهو امر يمكن لقارئ مثلي ان يسبر أغوارها ،،أقول الحق انا أتعذب ،،لعذاباته التي يغلفها ،،بتطرفات قصية ،،حتى تبدو عصية على المتلقي،،هو يكتم سره ،،فالزمن الذي يعيشه لايعطيه رخصة للبوح ،،ينثر رسائل الأوجاع السيزيفية ،،في النصوص،،التي يحملها الشفرات ،،كمن يحفر مسّلة بطلاسم ،،سيفك ألغازها. من أتى بوجع مشابه مع مكنة في اللغة والبلاغة ،،واليوم يطل علينا بمقطع سردي ،،ولكني سابوح ،،وأتكلم ،،ربما هو ارد البوح لكن بلسان. غيره ،،في هذا المرة سأتعامل. مع نص سردي،،بنقد سردي ،،معزز بقراءة متماهية مع النص يحكمها تصوري عن البعد السايكلوجي ،،
بطبيعة الحال غازي الموسوي ،،رجل خجول ،،تعرض لتجربة قاسية زادت من كتمانه ،،وفي عملية تصالح مع الذات ،،اتخذ المسرب الاستشراقي في التصوف،،وهذا واضح بمعظم نصوصه،،لكن التاريخ يابى ان يغادر التجربة الشخصية ،،فهو قبل تعرضعه ،،للتجربة الشخصية المريرة ،،مثقف منفتح على الحركة الثقافية العالمية،،فهو من جيل السبعينات عندما كان شابًا في الجامعة ،وهذا الجيل العراقي هو اكبر ثروة يمكن لبلد ان يحظى بها ،لولا ،،لولا ،،لعنت لولا ،،على قولة مظفر النواب ،،حيث انتقل الصراع القومي الشيوعي الذي كان يقتسم الساحة الاجتماعية العراقية المثقفة الى مستوى الإبادة ،،تحت ظل صعود الحزب الواحد والهيمنة التي افضت الى الدكتاتورية المريرة ،،ومن ثم الانزلاق بحرب ضروس ،،كانت حصيلتها خسارة العراق خيرة شبابها المثقف،،ان لم يكن قد قتل،،فانه وقع بالأسر ،،او حتى من نجا خرج بتعويق نفسي،،وجروح عميقة في الوجدان ،،الحصيلة ماذا ؟ ،،المثقف وجد نفسه في مسرح بيكيت بانتظار غودو ،،او في عوالم اليوت ،،في الارض اليباب ،،كان الامر على هذه الحالة لابأس به،،لكن السوء في زيادة،،اذ حلت دياجين القرون المظلمة ،،بالاسلمة السياسية ،،الاقصائية الدموية،،والتي اتخذت من جلد الذات،،بمحاكمة قاسية للتاريخ ،،في محاولة لفك عقده،،والأغبياء. لايعرفون ان الزمن قد مضى ،، ولاعودة لكل ما مضى،،من يفتقد فن التوقيت ،،فهو خاسر لا محالة،،،
غازي الموسوي،،هذه الروح الكبيرة ،،ما عرفت الراحة ،،تتنقل من زنزانة الى اخرى،،مع انخفاض مناسيب المقاومة بحكم الزمن،،
وعودة على النص،،فنيًّا وعلى قصر المقطع ،،نسمع صوت السارد الموضوعي العليم ،،في التبئير الخارجي،،لينتقل الى سارد ذاتي عليم ،،ليكون التبئير داخلي مع مشاركة لصوت آخر ،،مع اغراق في الوصف الغير مباشر،،اي بمعنى وصف بعمق سايكلوجي ،،على طريقة كافكا ،،في المحاكمة ،،،
والكافكوية ،،ظاهرة متفردة في علم السرد ،،لايمتلك ناصيتها الا القلة ،،حتى عندما تناولها باختين ،،عزل اُسلوب كافكا ،،عن محددات السرد،،واعتبرها ظاهرة خاصة ،،وانا برأي المتواضع هي مزيج بين الوصف والبعد السايكلوجي الذي يكاد يكتمل الا قليلا رغم الاغراق فيه ،،ليترك القارئ في لوعة غير مشخصة تعتيم شديد رغم كثرة الانارة ،،مع مسحة من أندريه بروتون لاحقاً ،،الشاعر السوريالي المهم ،،فأنت تشعر ان هناك شيء مفقود ،،رغم الكثرة التي بين يديك ،،وسأذكر. هنا معلومة قد قرأتها قبل عشرات السنين ،،ربما تنطبق على نص غازي الموسوي،،الكافكوي العراقي،،،تقول المعلومة ان احدى تجارب غسل الدماغ النفسية للجيش الامريكي ،،انهم جاؤوا بفصيل عسكري مثالي القدرات العقلية ،،الى قاعة سينما،،وتم عرض فلم سينمائي لهم وتعمد القائمون على التجربة برفع لقطة واحدة من نهاية كل مشهد ،،حتى لايشعر المشاهد ،،بالقطع،،،وعند انتهاء العرض كانت النتائج مذهلة،،فكل من شاهد الفيلم ،،اما اصبح بحالة هستيرية او من تلبسته الكآبة،،في نص غازي الموسوي كما في نصوص كافكا ،،تجعلك في حالة هستيرية،،اما اذا كنت متمرس فأنت من رهط الكآبة ،،
كان كافكا يهوديًا يعيش في ألمانيا ،،وهو يراقب صعود تيار النازية والمعاداة للسامية ،،ولأنه أديب كبير ومثقف رفيع. استشعر ببصيرته لما ستؤول له الامور،،فترجم حال اليهودي،،في غمرة العالم الذي ينوي سحق اليهودية ،،وكذلك مصرع الانسان العالق رغم عنه في هذا العالم السيء ،،وغازي الموسوي ،،مر بنفس التجربة مع اختلاف المعطيات،،
مع ان بعض الأصدقاء ،،أشار بشكل غير مباشر ،،الى ان النص ربما يجب ان ينسب الى السيرة الذاتية ،،في السرد،،ولكني اختلف معهم ،،الان غازي الموسوي لاتقل معاناته عن زنزانته الاولى،،ربما اتسعت الرقعة المكانية لكن القضبان كثرت،،والاسيجة تعددت ،،و الحرسي. تناسل الى عدد لايحصى ،،المقطع السردي على فخامته أغرقه غازي الموسوي ،،بالبلاغة الشعرية،،ولا عجب فهو شاعر فذ،،ومتمكن من ناصية اللغة،،،
انا قرأته دعوة للعصيان والرفض،،،لكن برشاقة ودماثة عرف بها ،،هذا الانسان الرقيق،،صاحب المشاعر اللطيفة ،،
تحياتي سيدي،،،،
جمال قيسي / بغداد
………………………………………………………………………………………………………………………………
لم يخرجوهم ،
الى ساحة التعداد هذا اليوم..
هو يعلم انها ليست اكثر من فرصة للمطامنة..
ولكنه راضٍ بحثاً عن نوع من التسكين..
فهذا هو الممكن الآن!!،
لذا فقد كان المرجل يتلظى بين أضلاعه،وماعاد قادراً حتى على المناورة..
إذ كان الحصار ضاغطاً بشكل مهول من الخارج، وكانت جمرة الدخيلة لاهبة هي الأخرى بما لايطيقه سوى نوع بالغ الخصوصية من الرجال ..
من هنا امسى كمن ينطوي على عبوة موشكة على الإنفجار!!..
كل ذلك في جانب ولكن وقوفها قبالته الآن كأبهى ماتكون ،وفي اعذب واشهى احوالها ،في جانب آخر..فلم يك قادراً البتة على زحزحة شبحها الملائكي لحظة واحدة ،
من هنا كان مضطراً الى رقصته الملوية المعتادة كنوع من الحل المؤقت..حتى اصابه الدوار فسارع الى الامساك بالقضبان بكلتا يديه ومن شدة حرقته والتياعه راح يهزُّها بقوة كمن يشعر بالإختناق..
كان الحرسيُّ قريباً جداً فبادره قائلاً..
- هل تظن انك قادر على اقتلاع القضبان ?!..
قال ذلك مبتسماً بنوع من السخرية المكتومة،وكان يفهم لغته تماماً،والاجدى ان لايجيبه،فهو يعلم ان الإجابة ستلقي به الى التهلكة،فلماذا يمثل دور البطل من غير طائل..إلا انه تمتم مع نفسه:
-الى متى ايها الشرق الغريب الأطوار?!..
هو يتذكر جيداً كيف ألقَوا به ذات ليل بهيم في الزنزانة الانفرادية الموصودة..
تلك التي تتصل بما لايطيب ذكره..
يكفي القول بان زخم الروائح،كان يمنع استذكاره لنوع السائل المحيط بهيكله العظمي المتبقي من جسده المتهالك.. ولهذا لم ينبس ببنت شفة قط..
بيد ان سؤال الحرسيِّ قد اسهم في إفلات مخيلته من حصار الدخيلة الهاصر،ولكنه في نفس اللحظة القى به في اتون حصار الواقع المقيت،فراح يسأل نفسه..
- ترى اي الحصارين اشدّ عليك ايها ال....
احيانا يحار بماذا يسمي نفسه وهو في هذه الحال،حيث المنفى الذي لاتصل اليه اجنحة الطير..لاخبر..لاصلة بالعالم الخارجي..لاصحيفة..لاتلفاز..كان هناك جهاز راديو تم دفنه بعيداً عن العيون،ولكنّ أحداً ما دلَّ عليه، فأخذوه، مثلما يُنتَزَع
قلب نابض من بين الضلوع..الحقيقة انهم كانوا مستعدين لتقديم انفسهم فداء لشدة اهميته ..فهو خيط الاتصال الوحيد ..بل ودليل الإنتماء الى الأحياء الوحيد أيضاً..
لكن ليسوا كلهم طبعاً،فها هو يتسائل مع نفسه..
- ترى هل أنت مستعداً يا....
م- ماذا قلت...?!
خاطبه صاحب سجنه مندهشاً..
- لاشيئ ياصاحبي..كنت اغني فقط..
- وهل هذا نوع جديد من الغناء?!
- نعم ياعزيزي،انه نوع جديد!!
ضحكا معاً على انغام شرّ البلية،ثم ضربا كفّاً بكفٍّ..
إنها لحظات اكثر غرابة من عجائب الدنيا ..أن يضحكوا وهم في وسط الجحيم!!..
مع ذلك ،توسد كل منهما بطانيته الوحيدة ،واضعاً تحت رأسه كيسه الملئ باللاشئ، الا من بعض علب السجائر الفارغة..
- لا اعرف بالضبط ،لِمَ احتفظُ بهذه العلب الخاوية?!..
ثم كأنه تنبه الى أمر ما..
-هاااا..تذكرت الان..يبدو انني سأصاب بالزهايمر المبكر..
مدّ يده الى كتف صاحبه المغمض العينين على يقظة صامتة،اذ سرعان ما تلفت هذا الصاحب قائلاً:
-ماذا هناك?!...
-منذ متى نفظت جيوبك?!
- ذكرتني والله ،فلقد كانت على بالي ولكنني في قنوط!!..
وقفز كالملدوغ من فراشه الوثير جداً جداً ،خلعا قميصيهما معاً،ثم بدءا بتفتيش الجيوب عن " الفعفع"بحثاً عن ذرات التبغ المنثورة فيها..دفع صاحبنا يده داخل كيسه ،واعني وسادته الناعمة..اخرج احدى علب السجائر الفارغة..قرب كأس ماء غريب اللون والطعم والرائحة..غمس مقطعاً من علبة السجائر في الماء لحظات..قشع باطنها الابيض الرقيق..تركه حتى يجف رويداً.. صار قريبا من شكل لفافة التبغ..جمعا مابينهما من (الفعفع).. وضعاه على نيّة التبغ داخل اللفافة..كوّره بشكل دقيق وحذر بحرص شديد جداً..بلل حافّته من ريقه ..اغلق اللفافة جيداً.. مسّدها بلطف حميم ..ثم قدمها لصاحبه قائلاً:
- انت الاول ياصاحبي..
قالها كمن يقدم له حورية من الفردوس..راحا يتبادلان تقبيلها بشغف عجيب حد انهمار الرضاب الاسود الثقيل ،حتى اوشكت على ان تلفظ انفاسها الاخيرة..عندها وصلت رائحتها الزكية المثيرة لاحد النائمين ،فناداهما بخجل الملهوف..
- هل بقي شئ منها?!
- نعم ..تعال ..خذها..هذا المتبقي كله لك..
ولم يكن غير ذيلٍ من القطران،ولكنه تلقفها شاكراً ممتناً جذلاً،ثم توارى حتى زاوية الزنزانة لكي لايشاركه فطين آخر..
بينا القى صاحبنا
راسه على كيس الثروة الحميم..اغمض عينيه على صورة معشوقته قائلا:
-كلي امل ان اراك ياحبيبتي بعد قليل!!
وضع يمينه تحت خده..بسملَ بصوت خفيض ،
ثم نام
مثل محنط قديم!!...


الأحد، 11 أغسطس 2019

ياسندي: قصيدة يا سندي للشاعر الاديب غازي احمد الموسوي



ياسندي: 
""""""""""
1999 
""""""""""" 
أُُوْبا عَذُولَيَّ
ما أرخى على فَنَدِ
هذا الفؤادُ وكَمْ أحنى على وَقَدِ
.
منذُ ٱشرأبَّ جَناحِي والهوى قمَرٌ
من المحبّةِ سارٍ ، غيرُ مُتَّئِدِ
.
اللهُ اسكنَهُ دارَ المُقامةِ في
جوانحي فاستوى شمساً بلا عمدِ
.
رُوحٌ على هالةِ المُختارِ حائمةٌ
وناظرٌ شَرِقٌ بالدمْعِ والسُّهُدِ
.
كأنَّ بي محضَ حُزْنٍ لا يُفرّقُهُ
عن المسرَّةِ الا موضعُ الرَّمَدِ
.
أنا وحالي سِجالٌ مُمعِنٌ جدَلاً
لا يستكينُ بغيرِ الوصْلِ والرّفَدِ
.
وهلْ الى دوحةِ المحبوبِ غيرُ يدِ
تجيءُ من فلَكِ الرحمنِ بالمَددِ
.
ما اروعَ الشجنَ الزاكي اذا عَمُرتْ
اردانُهُ بسراجِ الواحدِ الأَحَدِ
.
وانتَ بعدَ فَنارِ الآلِ مُنجردٌ
كالبرق بين جفوني طيلةَ الأمَدِ
.
وِصالُ أحمدَ من رَوْحِ السماءِ دَنا
حتى تدلّى على راحَيْكَ دونَ يَدِ
..
ياماتحاً من حياضِ المصطفى عبَقَاً
عرِّجْ على مُهجتي بالسبعةِ الهُجُدِ
.
ارى بعينيكَ ومضاً ثاقباً طلِقاً
فاعطفْ على خافقي بالفيضِ ياسندي
.
عشرونَ عاماً ونفسي غيرُ ذائقةٍ
من المودةِ الا جمرةَ البُعُدِ
.
هذي جراحُ البلايا يكتنفْنَ دمي
ويَنتخِبْنَ شَكاةً حُرةَ الغَمَدِ
.
اطوي المدائنَ لا ألوي على احَدٍ
ولستُ استافُ في الصحراءِ من احَدِ
.
وطَّنْتُ نفسيْ على الصمْتِ البليغِ فإنْ
تعثّرتْ خطواتي قلت قِفْ وتِدِ
.
واشْخَصْْ الى الجهةِ الفَيحاءِ مُرْتَشِدًا
ترَ الهلالَ وقد اسرى على وعَدِ
.
ما انفكَّ شوقي صلاةً ثَمَّ قائمة
تبثُ نجواكَ ما حالتْ عن العَهَدِ
.
فمنْ تَمَسّكَ بالحبلِ المتينِ نجا
ومن غوى شطَّ ترحالاً ولم يَعُدِ
.
القاكَ طيرًا ولكنْ دونَ أجنحةٍ
قد حالَ بينَ الهوى والملتقى صفدي
.
وخافقي مولعٌ يا بدرُ مُذْ دَرَجَتْ
حولَ الفراتينِ أحلامي ومُعتقدي
.
هوايَ غَرْسُ قُرَيشٍ كلّما سَنَحَتْ
لهُ السوانِحُ لاقى أمسَهُ بِغَدِ
.
هواي ذو غُرَّةٍ كالبحرِ درّتُهُ
مكنونةُ الشمسِ تغفو في مَدى بلدي
.
هي الحقيقةُ أنّى حطَّ رائدُها
تبعتُهُ كفصيلِ الناقةِ الوجِدِ
.
يابْنَ السُّهى ياسليلَ النورِ هاكَ يدًا
طوّافةَ الحبِّ لم تحنِثْ ولم تكِدِ
.
اللهُ ربِّي وبعدَ اللهِ عامرةٌ
بهاشمٍ ثِقتي هُمْ بيضةُ البَلَدِ
.
فيهم تَجلّى ربيعُ الانبياءِ وفي
عظيمِهِمْ جُمِعَ الماضونَ بالجُددٍ
.
مُحَمّدٌ أحمدٌ شمسُ المدينةِ ما
غابتْ عنِ الافقِ او مالتْ الى رَقَدِ
.
هو الضحى أبدًا وهو الشفيعُ غدًا
فِداهُ نفسي وما أنجبْتُ من وَلَدِ
.
ويكٱنّني حينَ أنسى ذكْرَهُ حَرِدٌ
وإنْ ذكرْتُ ٱختفى مابيْ من الحَرَدِ
.
به تقرّ عيونُ الطيبينَ غدًا
ونورُهُ شاهدٌ في كلِّ مُطَّرَدِ
.
أنّى تحيّرَ قلبُ المرءِ مِنْ عَنَتٍ
ما انْ يصلِّ على شمسِ الشموسِ هُدِي
.
خضراءُ زيتونةُ المختارِ ما جفلتْ
لكنَّ حاسدَها في غابةِ العَرَدِ
.
مخبوءُ جوهرِها للعارفينَ دنا
وشعشعانُ حِماها ظاهرُ العَدَدِ
.
تجيشُ بالمرتضى بدرِ البتولِ وهلْ
بعدَ الربيبينِ مِنْ. فخرٍ لمُتّلِدِ
.
كلاهُما مَطلَعٌ للشمسِ مابرِحَتْ
في الطلْقِ تُنجِبُ عِقْدَ الّلؤلؤِ النّضِدِ
.
أطلَّ عَقْدُ مَصيرٍ في لقاءِهما
بين البطاحِ وذاتِ الرَّجْعِ والبَرَدِ
.
عن اليمينِ سلامُ المجتبى ابدٌ
وفي الشمالِ لواءُ الثورةِ الابدي
.
وتلكَ ايقونةُ العُبّادِ سابحةٌ
بالدمعِ والنورِ والرّضوانِ والسَّعَدِ
.
صحيفةُ الألَقِ الساري غمائمُها
مطيرةٌ بنجومِ العلمِ والقُلَدِ
.
سميُّهُ فالقُ. العِرفانِ يتبعُهُ
شيخُ الطريقةِ بالاورادِ والسّندِ
.
وخازنُ البحْرِ لايخفى على أحَدٍ
وذو المَدى عاقدُ السلطانِ بالرّشَدِ
.
ومَنْ تَكلّمَ بالعِلْمِ القَصيِّ. على
مسامعِ القَومِ بينَ الحِلْمِ والمَهَدِ
.
ذاكَ المُجيدُ وهل بعدَ العَجيبِ فتىً
يشعُّ الّا عنِ الهادي غداةَ غَدِ
.
وذو العساكرِ إذْ أوْما بإصبعِهِ
الى المَدارِ فهبَّ الجيشُ بالجُرُدِ
.
حتى أماطَ عن المأمولِ غُبْرَتَها
فكانَ ذا خاتَمٍ بالمِسْكِ. مُتَّحِدِ
.
هُمُ همُ ولَعَمري لو يُفارقُني
هواهمُ طَرْفةً أذوي من الكَمَدِ
.
وقْفًا على حُبِّهِمْ يمَّمْتُ قافيتي
أحيا اموتُ وفي مُرِّ الهَوى شَهَدي
.
واللهِ لو قَطَّعوني الفَ جُنْبذةٍ
لَصاحَ كلُّ جُذاذٍ يا ذُرى بَلَدي
.
يا صاحبَ العهْدِ ،والاحداقُ ضارعةٌ
ترنو الى نجمِكَ السامي فخْذْ بِيدي
.
وٱسرجْ هيامي إذا ما مُهْجتي شطَحَتْ
عنِ الصّوابِ فأنتُمْ ايةُ الصّمَدِ
.
ومَنْ تزحزحَ عن حوضِ الغرامِ هوى
مِنْ شاهقٍ وتردّى اخرَقَ الكَبِدِ
.
سُلالةٌ بعضُها من بعضِ، ماصَفَنَتْ
إلّا لِتَملأََها بالقِسْطِ والرّغَدِ
.
ولستُ غيرَ مُريدٍ يبتغي قَبَسًا
من. نُورِكُمْ فَيُداوي خلَّةَ الأَوَدِ
.
قدْ جادَ بالغَيثِ مِنْ أقصى المدينةِ ذو
نَقيبةٍ باركتْها خُضْرةُ البُنُدِ
.
بهِ أمُرُّ إليكمْ مُعْلِنًا ثِقَتي
باللهِ يانفسُ مِنْ هذا الزُّلالِ رِدِي
.
جارُ النبيِّ وافنانُ الضُّحى طَلعَتْ
بيانعٍ مِنْ ثِمارِ اللهِ مُنْفردِ
.
ياشيخُ إنَّ صلاتي تقتفي نُسُكي
للهِ فَردًا وما اشركْتُ مِنْ أَحَدِ
.
وإنَّني بكَ أستهدي المنارَ دُجىً
وغيرَ شطيكَ يازخَّارُ لمْ أجِدِ
.
يا أوحدًا عشِقَ الرحمنَ فالْتحمَتْ
به الكشوفُ ولم يُقْرَنْ الى أحَدِ
.
تُجِيزُ ياسيدي اذْ لاتُجازُ فمَنْ
يستنطقُ البَحْرَ غيرُ المُبْحرِ الجَلِدِ
.
وكَمْ تَنَمَّرَ ذو لُؤْمٍ فَجَنْدَلَهُ
مِنْكَ ٱلمَحارُ قُبَيلَ الأبْحَرِ الوقِدِ
.
هبّتْ إفاضاتُكَ الكُبرى على جَنِفٍ
يرومُ إطفاءَ نورِ الحقِّ بالحَسَدِ
.
حتى تصدّى لها ذو الفهمِ مُعتمرًا
بها فلمّا وعاها عادَ بالرَّشَدِ
.
وحجَّ يسعى إليها ضيغمٌ فجنى
فصلَ الخِطابِ وأضحى راسخَ الوتَدِ
.
رواةُ عدْلٍ وماطارتْ قوادمُهُمْ
نأيًا عن السربِ بل في وحدةِ الشُّهُدِ
.
مدامعي وسُرى لَيلِي وملحمةٌ
قديمةٌ مِنْ زمانِ الوصلِ لم تحِدِ
.
رعيًا ليومِ تباهلْنا فجدَّ لنا
نصرٌ ورانَ عليهِمْ اصفرُ الزَّبَد
.
وطارَ ايَّ مَطارٍ ضوءُ كوكبِنا
باليُمْن والحُسْنِ والإبلاغِ والزُّهُدِ
.
وانتَ يا ايُّها الشيخُ الذي سطَعَتْ
على يديهِ ديارُ الاهلِ بالصُعُدِ
.
خُذْنا الى دارةِ المَولى نحجُّ معًا
انا وانتَ فإنْ زادَ الجوى نزدِ
.
نبكي جميعًا على قبرِ الشهيدِ وما
يكفي البكاءُ على إغماضةِ الاسَدِ
.
وحسبُنا النورُ في وجْهِ الصدوقِ ابي
الشِبلِ الهَصُورِ وقرّتُ عينُ مُفْتَقِدِ
.
لهُ عليَّ ثلاثٌ مَنْ سيُنْكِرُها
وليْ عليهِ ثلاثٌ حطَّها بيدي
.
فما عَلَيَّ لهُ حُبِّي ومُعْتَمدي
ووصلُ ديوانهِ الموسومِ بالعَدَدِ
.
قبابُ اهلِ الذُّرى والمصطفينَ على
كلِّ الورى نفحَتْ بالرُّوحِ في الجَسَدِ
.
ها قدْ تبارّقَ مِنْ أطنابِهِ يَقَقٌ
لهُ الحَمائمُ تهفو كُلَّ مُطَّرَدِ
.
تاجُ الزمانِ على عرشِ الخُشُوعِ حَنا
اضلاعَهُ كجناحِ الطائرِ الغَرِدِ
.
أعلى بِهِمَّتهِ أطنابَهُ فرنَتْ
لهُ العيونُ برغمِ الكيدِ والنَّكَدِ
.
لَمَسجدٌ غمَرَ التقوى سُرادقَهُ
من يومِ اشرقَ عبدُاللهِ في المَهَدِ
.
أحَقُّ أنْ يصدَحَ التكبيرُ مُنطلِقًا
منهُ وأنْ يُبْتَنى بالتِّبُرَ والزِّنُدِ
.
طودٌ تنفَّسَ مِنْ مغناهُ هيبتَهُ
كبيرقٍ بحِجا زندَيكَ مُنْعَقِدِ
.
كأنَّ مَنْ عَرِفَ الروحَ اللطيفَ بكمْ
عاشٍ عن الاسدِ المخبوءِ في البُرُدِ
.
وقفتَ في الفتنةِ العمياء مدرعا
نهجَ البلاغةِ حتى فُزْتَ بالنُّجُدِ
.
لكَ الامانُ وللساعينَ خَلْفَكَ عن
درايةٍ مِنْ حكيمٍ واثقِ السّندِ

# اتجاهات النقد الادبي الحديث # بقلم الاديبة بلسم الحياة


# اتجاهات النقد الادبي الحديث #
********************
يمتاز النقد الادبي الحديث ... عن القديم ...
بسعة مجاله وتعدد قضاياه وتنوعها . 
اتجاهات النقد الحديث :
*************
اولاً - الاتجاه الفني :
*********
وهذا الاتجاه يسعى الى دراسة التركيب والعناصر الفنية للنص الادبي ، ويجعل من العناصر الاخرى كالعناصر التاريخية والنفسية ... مجرد وسائل يستعين بها .
ويعتبر الاتجاه الفني من اهم الاتجاهات الاخرى في النص اذ لا يمكن الاستغناء عنه ... كما لا يمكن ان يدرس الادب بدون هذا الاتجاه بالتحديد .
وعندما يغفل الناقد عن الاتجاه الفني ...
فانه يتحول الى مجرد وثيقة اجتماعية او نفسية او لغوية او فكرية ... عن الادب والمجتمع .
وعلى الرغم من ان الاتجاه الفني مهم للبحث في الأسس الفنية للنص الادبي ...
الا ان الامر لايخلو من من سلبيات تطبيقه ...
وذلك بالإكثار من الاعتداد بالشكل الفني وما يدفع الباحث الى صرف النظر عن جوهر المعاني ( المضمون )
لذلك نرى بعض النقاد ... يعظمون من شان بعض النصوص
على الرغم مما قد يكون في النص الكثير من التَّجني ومخالفة بعض القيم والمبادئ الانسانية ...
وذريعة الناقد ... انه لا يهتم الا بالجانب الفني ...
ومن النقاد الذين نهجوا هذا المنهج ... عباس محمود العقاد
اذكر ذلك على سبيل المثال ... وغيره
ثانياً - الاتجاه النفسي :
************
ويهتم بدراسة الجانب النفسي في الادب ، والنص موضع النقد ... ويبرز تاثر النص بنفسية الاديب وإيصاله الى القارئ المتلقي من خلاله
ومما يؤخذ على هذا الاتجاه ...
التركيز على الجانب النفسي ... مما يترتب عليه تلاشي القيم الفنية من ناحية ...
الى جانب تساوي النص الجيد بالردئ من ناحية اخرى ...
لان النقد تحول حِينَئِذٍ الى دراسة تحليلية نفسية .
ثالثاً - الاتجاه التاريخي :
************
هو الاتجاه الذي يدرس فيه الناقد ...
المؤثرات التي اثرت في النص الادبي ...
ومن هذه المؤثرات :
دراسة صاحب النص ... وبيئته ...
والظروف الاجتماعية والثقافية ، التي عاشها الاديب
وتاثيرها على أدبه ....
ويؤخذ على هذا الاتجاه ... الاستقراء الناقص
الى جانب إطلاق الحكم بالأسبقية لشاعر ما ... في امر من الأمور ... فتؤكد بعدها البحوث عكس ذلك .
رابعاً - الاتجاه التكاملي :
************
وهذا الاتجاه يجمع بين جميع الاتجاهات السابقة ...
وينظر الى النص نظرة شمولية لايغلب فيها جانب على اخر ...
ويمتاز هذا الاتجاه بالتوازن الفني بين المحتوى ( المغزى )
والشكل ( المبنى )
ثم يتم إصدار الحكم النقدي ...
من خلال تفسير العمل الادبي ... في ضوء عصره وظروفه الحضارية والتاريخية والاجتماعية ... وفي ضوء ظروف المبدع صاحب النتاج الادبي .
ومن ابرز المآخذ على هذا الاتجاه التكاملي :
خضوع كل ناقد للجانب الذي يجيده ويبرز فيه ...
ولهذا لربما يصعب عليه التعامل بنفس الكفاءة ...
مع الجوانب الاخرى التي ربما لا يخبرها تماماً .
وهناك مظاهر كثيرة في النقد الادبي منها :
نقد لفظي ... واخر معنوي ... وثالث نقد موضوعي
ومن النقد اللفظي :
ماهو لغوي او نحوي او عروضي او بلاغي
ومن النقد المعنوي :
ما يتصل بابتكار المعاني او تعميقها او توليدها
او محاكاتها ...
ثم ما يتصل بالخيال وطرق تصويره للعاطفة ...
ومنها العاطفة الصادقة او المصطنعة .
اما فيما يتعلق بالنقد الموضوعي :
فهو ما يليق بكل مقام من المقال ( الفن الادبي )
وفي العصر الحديث :
نشهد درجتين للنقد الادبي :
اولا ً - الدرجة السريعة :
********
وتتناول الاثار الادبية او الفنية التي تقدم يومياً الى الصحف ..وتُعَّد هذه الدرجة نوعاً من الوصف ... يعتمد على أساس ملاحظات سريعة ... تعين القارئ على معرفة ما يصلح من الكتب او النصوص التي تصدر تباعاً .
ثانياً - الدرجة المتأنية :
*******
وهي أسمى من الاولى وأشد استمراراً ودواماً ...
وقد أسهمت في اثراء الادب والارتقاء به الى مدارج الكمال
ذلك لانها تعتمد على الدراسة العميقة ... والثقافة العريضة
والموازنة الشاملة ... والفكر الرشيد السديد الواضح ...
وهي تنتهي في الغالب ...
بعرض خلاصة كافية للآثار الادبية المنقودة ....
او باكمال ما ينقصها ...
او يفتح آفاق جديدة للبحث في نتاج الابداع الادبي .
اعداد # بلسم الحياة #

المكنون في قصيدة الاديب غازي احمد الموسوي (مازلت اسمع الصدى)..مطالعة بقلم الاستاذة نائلة طاهر ..


المكنون في قصيدة
(مازلت اسمع الصدى)..
مطالعة بقلم الاستاذة نائلة طاهر ..
.............................................
للمكان في القصيدة خصوصية هامة لا تعتمد بالضرورة على تحديده ولكنه يبرز من خلال المعنى ،و هو يتجلى تدريجيا عبر تواتر الصور الشعرية وتصاعد إيقاعها ،خاصة اذا ما كانت للشاعر علاقة وشائجية عميقة معه ،تصاعد الايقاع هو ميزة هامة بالنص إذ تنبئنا موسيقاه بما هو ضاج في عاطفة الشاعر ولعل العاطفة هي السمة الغالبة في النص يكاد معها يغيب العقل ، فنرى الشاعر كتلة مشاعر محترقة صادحة مذهولة ولكنها مع كل ذلك متحركة ،الضامن لتلك الحركية ايقاع غريب سري يتسارع كلما ضاق المكان أو اتسع أوكلما تأزمت علاقة الشاعر به وكأنك إزاء هارموني تصنعه نبضات القلب التي تتحكم في الأنفاس والشهقات وبالتالي في الوقفات. يمكن ان نسميه الايقاع "المتوتر" أو كما قال عنه الشاعر و الباحث المغاربي فرج العربي الايقاع الغامض هنا يستغني الشاعر عن الايقاع الخارجي و يوظف الايقاع الداخلي الذي يشكل القصيدة فتتحول كما يقول ميتشونيك الى "دال جوهري"
المدلول الجوهري الايقاعي استخدم جيدا لاستلاب وتملك ذهن القارئ فحين قلنا إن النص خال من توصيف تفاعلات العقل لم نكن نعني ان لا رؤية فكرية به ،وانما كان اتجاهنا يسير نحو لفت الإنتباه إلى ما تحويه القصيدة من إشارات شبيهة بطرائق الصوفية للوصول إلى الحقيقة .تطلق الصوفية على ادراك العقل علما (العالم )وادراك القلب معرفة وذوقا (العارف ) لذلك عمد الشاعر إلى خلق مدمج بينهما تصبح بمقتضاه القصيدة حاملة لوجهتين متجانستين ، وجهة معرفية وأخرى علمية ،او رحلة بحث عن مُجسد حقيقي لما ينطق به الصمت ويردده الحجر ليستقر في القلب أمل صادٍ متعطش و فكرة محرضة على السعي نحو الرواء .
بعض الأحجار
ناطقة
مثل جدران مدينتنا
القديمة
اسمعها بالقلب
من الجهة النازفة
فبيني وبينها
طريق مسكونة
بالأمال الصادية
هذا ما جاد به طريق القلب من سبل تلتقي مع طريق العقل حين يدخلنا الشاعر دائرة ضوئية شبيهة بفانوس ديوجين ذاك السراج الذي يمسكه الفيلسوف نهارا بحثا عن حقيقة ما .ولجوء الشاعر إلى استعارة رمزية هي سراج ديوجن المستعين بالضوء نهارا في بحثه عن إنسان ما لا يراه بين كل الناس التي يحيا معهم ، فيه مفارقة مقصودة تؤكد أن القصيدة كتبت على النحو العرفاني الممتلك صاحبه للمعرفة ببواطن الأمور وحتى شخصية ديوجين نفسها لها دلالة مشتركة مع المتصوف بِشْرُ بِن الحَارِث الحَافِي فكلاهما كان يسعى حافيا في الأرض دون نعل في رحلة بحث لا تنتهي.
لذلك تضيق دائرة المعنى لتصبح في مجملها دفقا روحيا يتسرب إلى عقل القارئ من خلال التحكم في ردات فعله كلما تدرج المعنى نحو الاقناع .فديوجين كان يبحث عن رجل نبيل يسطع بالحقيقة ،والشاعر كان ينتظر يدا تأتي بالخلاص لمدينة تنطق أحجارها و تحترق مدنها وزياتينها في لحظات ذهول من ساكنيها ،ذهول قد يتمناه المرء لحظة حلم صاخب لا يتحول ابدا الى كابوس .وككل شاعر أصر شاعرنا على أن تكون ذاكرته ملتحمة بإرادته فجعل من ذاته الخاصة السراج المنتظر .وحين تمنى أن يعلق هو على سماء مدينته لم يكن يقصد سوى الإشارة إلى أن ما حواه عقله المستنير وما جعل روحه تسمو كفيل بأن يعم بعده السلام ،لكننا لا نعرف ان كان ذلك السلام روحيا أو ماديا أم هو كما اراده الشاعر مزيجا من الاثنين وقد يتوقف ذاك على مدى الٱستجابة للرؤية .فلكل شاعر استشرافي رؤاه الخاصة ولكل قصيدة قدر لا يحدد من التورية والتغيير خاصة مع القصائد التي تبلغ فيها مستويات التحديث أقصاها .
نص الشاعر:
...............................
مازلتُ أسمعُ الصدى:
،،،
*
بعض الأحجار
ناطقة
مثل جدران مدينتنا
القديمة
اسمعها بالقلب
من الجهة النازفة
فبيني وبينها
طريق مسكونة
بالأمال الصادية
روح تحمل
فانوس ديوجين
وليس من شمس
في نهارات القلق،
الانفاس
معقودة الأحلام
ب"فردوسها المفقود"،
هي تتدلّى
كالعنقود
بانتظار لحظة حالمة
بيد بيضاء صادقة
بيضاء
بلون البرق
إنّ العنقود
في مواسم القطاف
والهواجس
تتبركن رويداً
في أفئدة الرعاة
الرعاة المغنون
على شفاه السواقي
مازلت أسمع الصدى
فأهتف من هناك
-يامدينتي العتيدة،
يا ام البساتين الفقيدة
ويا حسرة روحي
المخنوقة
لازالت آمالي سادرة
ان اسطع
في سمائك
من جديد
شمساً
واغنيةً
وزهرة لوتس...
أن تعزف أناملي
على اغصان
زيتونة بيتنا القديم
بيتنا المثخن
بذكريات السنين
أغنيةً
تُزهرُ على أنغامها
الدماء القانية
من بين حبات
التراب المضمّخ
بدموع الثكالى
ورداً
وأطفالاً
وعصافير....

تعقيب الاديبة الاستاذة بسمة ابو النصر الفاضلة Bassma A BoAlnasr (مصر الشقيقة) على نص رسالة نثرشاعري للاديب غازي احمد الموسوي

تعقيب الاديبة الاستاذة بسمة ابو النصر الفاضلة Bassma A BoAlnasr (مصر الشقيقة) ، مع الشكر وعميق التقدير:
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
والله مااصبح الصبح حتى لمحت عيني نثرية الاديب السامق كنخيل العراق الخالد الذي لن تثنيه رياح دخيل او مغتصب وان مال فأنه يميل عليه لتؤدبه سعفاته الباقية الخضراء الشديدة الجمال والصلابة ...روعاتك سيدي
وأديبنا المغموس حبره ومداده بالألم بنزف شذي الياسمين والجوري .. لأفتقاده الحبيبة وبغيابها يتداعي كل شيء بنظره..
فماعاد القمر يضيء وماعادت السماء بالغيث تمطر ...وماعاد الحمام والبلابل تغني وماعاد الموج بالبحر يجدد لهوه وماعاد يلثم الشاطيء ولا مد ولاجزر
كل شيء بالغياب غريق وماعاد شذي الياسمين يجري بالعروق
ماعادت الامدامع العين ومحابر
دم أسود يدون الآلام...يرسل صرخة ....لعلها يوما تعود ....
وماهذه الجميلة التي يبث شوقها
ويكتب لوعتها ...ويطري ثناء عليها ...ان هي الا وطن يعشعش
بقلبه ودم يجري بعروقه ولكنه نفر
وبعد برغم اقرب الأشياء اليه كالدم يجري بالوريد ...ولكن هناك غربة شديدة ...تغربت هذه الجميلة وهي بقلبه ...وغاب جمالها ...ماعاد ينظرها كما السابق
وكأنها السراب ...فلقد اغتصب حضورها الزمن الغاصب ...ولم يعد هناك الا صرخة مفجوع ...او نداء غريق ....
تلك أحاسيسي تجاه جميلتك
ايها الجميل ليس الحرف بل المعاني الرائعة النازفة الحارقة
التي الهبت نزف قلوبنا وعيوننا
علي جميلتكم ...شكرا سيدي المبدع الرائع الذي لن افيه بحرفي المتواضع حقه ابدا ...فمعلقاتك ...وجمال ماتكتب ياخذنا دوما لعالم الادباء الكبار وكأننا نعود لزمن المتنبي والبحتري .. ونسعد جدا وتبتسم قلوبنا لأنه مازال هناك من يرصف شعرا ونثرا .. مازال هناك باسقين مثلكم سيدي المبدع غازي احمد ابوطبيخ.... يدونون نقدا وتحليلا للقصائد... مازال هناك من يعتبر ان الحرف هو غذائه وشرابه ،ودمه الذي يجري بعروقه..فينبض قلبه بل وشذي عطره المعتق... ومنها يغزل ثوبه القشيب...وبها تفيض بحور مشاعره وأحاسيسه حبا وعشقا وحزنا والما وشجنا ووطنا ...يغزل
حروفه لتضيء سماء الأدب...ضياء شمس حروفه الذهبيه ...وبالمساء
ابداع خيوط حروفه الفضية فيطلع علينا قمرا بدرا ساطعا .. ننتظره دوما لنرتوي من دفء شمسه ...وجمال ضياء بدره الذي يلقي على مسامعنا قصائد معلقاته الرائعة التي تعلق علي وجه السماء ...فتتكثف حبات المزن غيثا ...ليروي كل القلوب
كل العيون ...كل وجدان البشر
لله درك سيدي .. لله درك مبدعنا
وعميدنا ...عميد آفاق نقديه .. وآفاق كل من ينتظر زخ غيثك
وكلنا منتظرون ....نشعل الشموع
اما انا فأنتظر وبيدي اجمل قطوف
الياسمين لكم الرائع الجميل أستاذ
الجيل غازي الموسوي.. تحياتي..
……………………
رسالة نثرشاعري…………
(2015)
""""""""""""""""""""'''""""''''""'''
بيننا
برهة كثيفة
من الازمنة المكتظّة بالافتراق
يا حبيبة الشاعر..
بيننا بعدُ
لغة خرساء
كوجوه الثكالى العربيات
في الاونة الاخيرة....
سلي اباك السماويّّ
توأم الروح أنكيدو
عما حدث في (سانگ بيست )..
لوكان اليوت معنا
لاستبدل الارض الخراب
بدهاليزها العنكبوتية العتيقة!!
بيننا كل القادمات
من شرانق التخلف
وتماثيل القبح الشرقيِّ النخرة.....
يا ابنة اخي .....
انت في اقصى بقعة من الضوء
لا تراها عيون العميان
والرازحون تحت حائط الم.............وووت
الاول..............
الثاني...........
والثالث؟!
"وكفى بنفسكِ اليوم "
علينا ..
نعم علينا..
حكما عادلا و"حسيبا"..
البراءة صوت الملكوت
وها انذا اسمع صوتك
من بعيييييدٍ
يفترع البحار السبعةَ
من جديد:
-يا ايها العراقي العظيم
يا ايها المذبوح كالعادة
من الوريد
الى الوريد..................
يا ايها العربيُّ الباكي
حد انفلاش العظام.....
ألمضمخ بالعَنْدمِ الدموي
حتى حدود العرافة القديمة!!
هذا انت
وها نحن معا
في وسط البريق القرمزي!!
أسمع صوتك العجيب
ودقات قلبي
تردد الخطاب بالوحيب
ان كنت تريديننا
أنْ نشهد على جمالك
من حيث انت
فقد فعلتِ...
وان كنت تريديننا ان نرعويَ
فلم تفعلي ابدا ابدا...
قولي لحبيب قلبك الضياء القصي
بالنيابة عنا
-يا ايها الشاعر المتغرب
قد سلمتْ ابعادُك...
وطاب فكرك وعمادك
او طاب خيارُك
وطاب عنادُك................
بينا نجلس في "كير الصفار"
نكرع كؤوس النار
فسلاما من قلب الجحيم
الى قلب الفردوس.......
الفردوس الموجود
"الفردوس المفقود"
أنْ افيضي علينا بعض السلوى
وصَلَ السيلُ الزُّبا
لكنَّ القلب مسكون بالعروق
العروق الضاربة
في اقصى بقاع اوروك
اوروك المحبوبة
اوروك المنكوبة!!؟
تلك اذن صرخة المفجوع
ونداء الغريق!!
فهل تسمعين النداء
ايتها الجميلة النائية
في اخرة الدنيا .....

قراءة نقدية لقصيدة (رسالة نثر شاعرية )للشاعرغازي احمد ابوطبيخ بقلم الاديب عبد الله شبلي من المغرب

على هامش أرشفة رسالة نثر شاعرية. غازي احمد ابوطبيخ
…ارشيف………………
……………………
رسالة نثرشاعري…………
(2015)
""""""""""""""""""""'''""""''''""'''
بيننا
برهة كثيفة
من الازمنة المكتظّة بالافتراق
يا حبيبة الشاعر..
بيننا بعدُ
لغة خرساء
كوجوه الثكالى العربيات
في الاونة الاخيرة....
سلي اباك السماويّّ
توأم الروح أنكيدو
عما حدث في (سانگ بيست )..
لوكان اليوت معنا
لاستبدل الارض الخراب
بدهاليزها العنكبوتية العتيقة!!
بيننا كل القادمات
من شرانق التخلف
وتماثيل القبح الشرقيِّ النخرة.....
يا ابنة اخي .....
انت في اقصى بقعة من الضوء
لا تراها عيون العميان
والرازحون تحت حائط الم.............وووت
الاول..............
الثاني...........
والثالث؟!
"وكفى بنفسكِ اليوم "
علينا ..
نعم علينا..
حكما عادلا و"حسيبا"..
البراءة صوت الملكوت
وها انذا اسمع صوتك
من بعيييييدٍ
يفترع البحار السبعةَ
من جديد:
-يا ايها العراقي العظيم
يا ايها المذبوح كالعادة
من الوريد
الى الوريد..................
يا ايها العربيُّ الباكي
حد انفلاش العظام.....
ألمضمخ بالعَنْدمِ الدموي
حتى حدود العرافة القديمة!!
هذا انت
وها نحن معا
في وسط البريق القرمزي!!
أسمع صوتك العجيب
ودقات قلبي
تردد الخطاب بالوحيب
ان كنت تريديننا
أنْ نشهد على جمالك
من حيث انت
فقد فعلتِ...
وان كنت تريديننا ان نرعويَ
فلم تفعلي ابدا ابدا...
قولي لحبيب قلبك الضياء القصي
بالنيابة عنا
-يا ايها الشاعر المتغرب
قد سلمتْ ابعادُك...
وطاب فكرك وعمادك
او طاب خيارُك
وطاب عنادُك................
بينا نجلس في "كير الصفار"
نكرع كؤوس النار
فسلاما من قلب الجحيم
الى قلب الفردوس.......
الفردوس الموجود
"الفردوس المفقود"
أنْ افيضي علينا بعض السلوى
وصَلَ السيلُ الزُّبا
لكنَّ القلب مسكون بالعروق
العروق الضاربة
في اقصى بقاع اوروك
اوروك المحبوبة
اوروك المنكوبة!!؟
تلك اذن صرخة المفجوع
ونداء الغريق!!
فهل تسمعين النداء
ايتها الجميلة النائية
في اخرة الدنيا .....
*****
أ ترانا حقا نسمع صرخة المفجوع ؟ أ يخترق أذاننا المثقوبة بأدران الخطايا والمتسخة بملوثات الذنوب نداء غريق؟
ذاك الذي يستنجد ، يستجدي دون سامع ولا مجيب ، محال ذاك أن يكون ، ولا أظن الجميلة النابتة بعيدا في أقاصي الدنيا تستجيب ، أو تلتفت لتعين ، لتمد حبلا ، لتنجد غريقا وتسحب سجينا.
لكني سيدتي الحبيبة استدرك وأقول ، أ في القلب بقية عروق ضاربة ؟ أ تستطيع النياط تحمل ذاك العبث المقيم في دنيانا المظلمة ، لعل اوروك المحبوبة نفسها ، اوروك المنكوبة ذاتها تستيقظ من رماد فتنتج انقاذا بعد أن أثمرت ضياعا وفقدا.
نحن في أمس الحاجة إلى الفرح ، سيدتي ، إلى السلوة ، بل إلى ملهاة تلهينا عن قسوة الملحمة التي اعلت شأن المحرمة بعد أن أصرت على تناسل المفزعة و المفجعة ، واقتلعت جذور الحبور و قطعت رقاب المرحمة .
كيف تكرع كؤوس النار ، والشاعر المغترب يفكر سالما ، طيب الفكر ، يرسل مخيلته المطواعة لتجول بين خياراته الطيبة ، فتعود غانمة مكتنزة وفي عناده حلاوة ونداوة ؟
ان اللغة عادة تفهم دون أن تقال ، هي علامات وتشفيرات تقرأ على وجوه الثكالى العربيات ، لكنها مع هذا الوجع والنحيب الذي يخالط أنظارنا السقيمة كل يوم، ونحن في تساكن غريب مع فضائيات الدم والفضيحة ، تصبح اللغة خرساء لا تنطق ، وإذا نطقت فهي لا تفيد ، إنها نفسها لغة الخشب في الآونة الأخيرة ، كل هذا الفجع والوجع والتناسل اليومي للفزع هو نقيض رسائل السماء ، هو خلاف الفضيلة ، تلك التي يناضل التاريخ والأسطورة معا لتوريتها للناس ، لجعلها قمينة لنشر التعمير بالصالحات ، والقضاء على التخريب والتدمير.
في الأخير ، حق لي أن أتساءل أيتها القصيدة ، أيها الروي الحابل بلاغة ، أيها المجاز الذي يبني المعاني حرفا حرفا بين ثنايا الكلمات الرصينة ، لم الغياب ؟ لم تتركون هذا الفراغ قاتلا ؟ لم المواربة ؟ لم تختفي كل هذه الأشياء دفعة واحدة عن الشاعر وتجعل الأزمنة المكتظة بالفراق تتسيد وتجعل حبيبة الشاعر تتغيب ؟
هو السؤال هكذا كتب عليه أن يبقى بابا مشرعا يبحث عن الداخلين فيه ، ليبحثوا عن المعرفة والحقيقة ليبلغوا العرفان والإشراق ، وما أظنهم ببالغيه ، هكذا هو الإنسان كتب عليه أن يبقى هكذا تائها هائما ، يحمل القيم ولا يطيقها ، يتبناها دون أن يبنيها.
عبدالله شبلي استاذ اللغة العربية كلميم المغرب

تساؤلات قصيدة بقلم الشاعر احسان حامد الموسوي البصري

تساؤلات
حائم منذ ألف
كالناعور
حول ذاتي النائية
شئ واحد لايغيب عن مخيلتي
سؤال كظيم
هو المطرقة
وجمجمتي السندان!!
تسكن الرعود ولايستكين
إلام تستعمرني
مقامع خوفي الأزلية ؟
ويستعبدني
أرشيف
الوصايا الخانقة ؟
ماعدت أطيق
ماتصنعه بي كل يوم
لسنا ننسى بالجمع
أنا والآخرون
أنا وحروف الكلم النازفة
كل الجهات
في مهب القلق
حتى هذا القلب المثقوب
حتى حبيبة رؤاي المجنحة
كلنا
في حومة الرهق
والسادرون
يحتفون برعافي
ويلعقون دمي الطازج
بلذة
القرش الجائع
إنما لم يحن الأوان بعد
أيها...........
أنتم واهمون كثيرا
فأنا الأرض
وأنا الانسان
وأنا التأريخ
بل
أنا البركان الساكن
وقاب قوسين
بعد ميقات يوم معلوم
من الانفجار ..

إحسان الموسوي البصري
---------------------------------
رؤية نقدية:
أ.رنا جابر
"""""""""""""""
ساتكلم باختصار عن الصورة
في قصيدة الاستاذ احسان الموسوي،فأقول:
الشعر صناعة وجنس من التصوير حسب قول الجاحظ..
وحديثا قالوا ان الصورة هي الوسيلة الفنية الجوهرية لنقل التجربة في معناها الكلي والجزئي،
لان الشاعر كما قيل نبي قومه يرى مالا يرون، اي انه يمتلك القدرة على نقل المعاني المجردة الى صورة حسية تجعل المتلقي يتخيل الحدث
ومن هنا ،جعلنا الاستاذ الموسوي ندور معه في معركته الصاخبة ونسمع صوت المطارق ..
مااروع هذه الصورة ..السؤال..وأي سؤال هذا ..هذه الاستعارة البديعة..المطرقة اللحوحة التي لاتنفك تطرق باب العقل ..
اسئلة لحوحة تمشي ازاء جدار الخوف في مجتمع بات الخوف حارسه الشخصي
لقد سبقك الكثيرون الى هذه الصورة_____الكلمة تنزف___ أنسنة الكلمة وجعلها ذات عروق تضج بالدماء
لكنك تفوقت عندما جعلتها في مهب القلق..جميلة جدا هذه الصورة وماتلاها
رؤاي المجنحة...والكل..رؤية الجمع من خلال روح وتقلبات الشاعر الذي هو في النهاية عين مجتمعه الراصدة ..
السادرون.. سيظلون خارج حدود الوعي يتخبطون في التيه تجذبهم رائحة الدم..وووو يالوجعك الكبير
لكن الاستاذ الموسوي يختتم قصيدته __وطالما كانت خاتمة القصيدة برأي اغلب النقاد هي الاهم والتي تصنع الدهشة__
اختتم قصيدته بصرخة رفض
انا الارض..الخلق الارادة والتاريخ وانا الانسان
عندما نكون في مرتبة انسان يحق لنا ان نقول
توقفواااا فبعد ميقات يوم معلوم سيكون النشور
الاستاذ الموسوي ..ابدعت..
الاستاذة رنا جابر
طرابلس- ليبيا

قراﺀة في المجموعة الشعرية " عتاب البنفسج " للشاعرة رنا صالح الصدقة بقلم الاديب :أحمد السيد


قراﺀة في " عتاب البنفسج "
بقلم :أحمد السيد
عنوان لافت ابتكرته شاعرتنا المبدعة رنا صالح الصدقة لمجموعتها الشعرية هذه ..
و إن كان ( عتاب ) ما لا يعقل خيال استعاري فلم ( البنفسج) تحديدا ؟
نعم .. إن أوراق هذا النبات تتجسد في أشكال قلبية : كل ورقة قلب أو شبه قلب .. و لذا - و كما لدينا طيور نطلق عليها عصافير الحب - فهذا النبات هو الجدير بأن يكون نبات الحب ..
نبات معمَّر يقاوم مختلف الظروف ..
نبات قديم عرفته أساسا قارات الحضارات ( آسيا و أفريقيا و أوروبا ) ..
نبات جميل وديع بلونيه الأساسيين البنفسجي و الأبيض ( فضلا عن ألوان أخرى أقل انتشارا )
و عليه تتخذ الشاعرة السورية المتألقة من هذه الرمزية الموحية قناعا لوجدانياتها الذاتية في الحب و مقاومة المصاعب .. توكيدا لهويتها النقية في البوح الإنساني من قلب ينبض بحب الحياة
🌟مصادر التجربة الشعرية 🌟
ه------------------------------
يمكن إجمال مصادر التجربة الشعرية لأي شاعر بالمصدر الثقافي ( القراﺀات التكوينية ) و المصدر الواقعي الحياتي ( من خلال اكتنازه للانفعالات صدى لما يعيشه ) و المصدر الذاتي الإبداعي الذي يجترحه الشاعر بمخيلته و تحليقه في سماوات جديدة
و بالمصدر الأخير يتمايز المبدعون
على أن قسما من منظّري الأدب يغالون فيزعمون أن كل نص هو وليد العديد من النصوص التي تمثّلَها المبدع من هُداته في طريق الإبداع .
و لذلك تم اقتراح ( التناصّ ) في دراسة المنتج الأدبي في بدايات النصف الثاني من القرن المنصرم لاجل فحص الرقائق النصية المتداخلة المكونة للنص الجديد .
و الحق يقال : إن صاحبة هذه المجموعة - على ما تشي به نصوصها من قراﺀات شعرية عديدة - قد هضمت قراﺀاتها و تمثّلتها تمثلَ النبات ( البنفسج مثلا ) للماﺀ و التراب و الشمس و الهواﺀ .. فلن تجد هذه المكونات في النتيجة .. و هذه الكيمياﺀ الشعرية المحوّلة تحسب لها .. فأستاذ أبي نواس مثلا طلب من هذا الشاعر العباسي أن يحفظ نحو مئة ألف بيت - لعل في ذلك مبالغة - على أن ينساها جميعا حين يشرع في قول شعره الذاتي ..
تثقّفْ لتمتلك الأدوات
ثم اكتب نبضك الخاص
و من تجليات التناص النادرة هنا :
- الاقتباس من القرآن الكريم :
تقول رنا الصدقة :
على شفا جُرُفٍ هارٍ تؤرجحني
- تضمين مقولة للإمام الشافعي :
تقول :
يزيد بقوله أزداد حلماً
- مجاراة فائية ابن الفارض الشهيرة ( قلبي يحدثني بأنك متلفي / روحي فداكَ عرفت ام لم تعرف )
تقول الشاعرة :
أنتَ الحبيبُ عرفتَ ام لم تعرفِ
- و مع محمود درويش صاحب ( احن إلى خبز امي و قهوة امي .. )
تقول رنا في قصيدة عن الأمومة ايضا :
إني أحنّ إلى فنجان قهوتِنا
و لو تأملنا ديوان شاعر عباسي كالمتنبي و أبي نواس مثلا لوجدنا نماذج للتناص أكثر و أجلى
فالصوت الذاتي هنا هو الطاغي .. و لكن لا مهرب من التأثر الناتج عن الإعجاب و الثقافة القرائية
🌟اللبنات العروضية المكونة لهذا البناﺀ البنفسجي 🌟
ه------------------------------
- جل قصائد المجموعة موزونة وفق بحور الشعر العربي المعروفة ( و عدد هذه البحريات ثمان و عشرون قصيدة )
و تتمتها قصيدتان تفعيليتان لافتتان موضوعيا ( إحداهما عن الأب و الاخرى عن الأم )
فهل تحرّر الشاعرة من صرامة نماذج الخليل مردّه عصف الانفعال الذي لا يحده قالب و هي تجأر بانتمائها للوالدين ؟
و هاتان القصيدتان التفعيليتان لا يربطهما فقط الانفعال ( مشاعر البنوة ) فقط بل ينضاف إلى ذلك وحدة التفعيلة الكاملية ( متفاعلن ) فتطول الأسطر او تقصر كامواج البحر وفق الدفق الشعوري .. و تتنوع القوافي وفق الدلالات
و اما القصائد البحرية فبنيت على أربعة بحور خليلية حسب .. و هذا حسابها :
- البسيط : اثنتا عشرة قصيدة
- الكامل : إحدى عشرة قصيدة
- الوافر : اربع قصائد
- الطويل : قصيدة واحدة
و نحن نعلم أن هذه البحور مما كتب عليه أصحاب المعلقات .. فالنتيجة ان ذائقة الشاعرة الموسيقية ضاربة الجذور في أعماق الشعر العربي و في تربة عصور ازدهاره ..
و اما الرويّ :
فلا نجد نصا واحدا من هذه القصائد الخليلية بقافية مقيدة ( ساكنة الروي )
كل القوافي هنا مطلقة .. و اختيار إطلاق حرف الروي دليل اقتدار و مهارة و ليس على قاعدة الوجوه الإذاعية القائلة : سكِّنْ تسلمْ
و أما دلالات أحرف الروي المحدودة التي بنت عليها الشاعرة قوافيها فتشير - مما تشير إليه - إلى الحدّة الانفعالية بإيثار الكسرة في احد عشر نصا و تجنب حروف الهمس ما خلا أربعة نصوص يضاف إليها وصل الروي بالهاﺀ في ثلاثة نصوص فاحرف الروي جهرت بها الشاعرة معبرة عن وطأة المعاناة الشخصية و هي جزﺀ من المعاناة العامة في سنوات كتابة هذه المجموعة .
و لا يتعارض هذا مع الميل الموسيقي للتنغيم و الترنم ( النون روي خمسة نصوص ) فالأمران متداخلان : القوة و النغم
🌟 قوس قزح البنفسج 🌟
ه------------------------------
و قد علمنا ان البنفسج قناع حب :
حب لشريك الحياة
و حب للأم
و حب للوالد
و حب للبنت
و حب للابن
و حب للاخت ( حقيقة أو مجازا )
و حب للوطن : الشام
و حب للمدينة : النبك
و حب لاهل العطاﺀ في صورة المعلم المربّي
و حب لاقطارنا العربية : السودان نموذجا
.....

فالحب هنا موشور يظهر العاطفة الواحدة بألوانها المتعددة
و على الوان الحب هذه جميعا قصائد في المجموعة تجذّر هذا العنوان الرائع : عتاب البنفسج
بصورة عامة قصائد المجموعة وجدانيات ذاتية و هموم عامة تقرؤها الذات الشاعرة و غزليات و مشاعر أسرية و انتماﺀ وطني إلى الشأم و إلى النبك و إلى البيت . فهي صورة للزمان و المكان المحددين بنفس بشرية في غاية الإحساس
🌟 المطالع البارعة 🌟
ه----------------------------
عرف شوقي بنبوغه الفذ في استهلال قصائده . و لرنا الصدقة هذه الموهبة الدعائية .. فالشاعر الذي يستهل نصه ببيت جميل يشد انتباه القارئ لمتابعة النص في زمن يكثر فيه الشعراﺀ و يتضاﺀل - نسبيا - عدد القراﺀ .
تقول شاعرتنا في مستهل إحدى قصائدها :
منْ حرقةِ الوجدِ أم من غصةِ العبرِ
اركان روحي تداعت ساعة السفرِ
تسأل :
امن حرقة الحزن ام نتيجة الاختناق بالدموع و النشيج مالت الروح إلى الانهيار وقت السفر ؟
كلام ليس كأي كلام .. !
🌟 البراعة .. البراعة 🌟
ه------------------------------
و ليست هذه البراعة في المطالع حسب .. إنها أيضا في معمار النص إذ تقول في القصيدة نفسها :
أزرار عمري خطايا في يدي ألمي
فهل يُباعَدُ زرٌّ عن عُرا القدرِ ؟
فالقدر يمسك بتتالي عمرها إيلاما إمساكَ العروة بالزر
و في الصورة ما سماه أجدادنا بمراعاة النظير - و هو من سمات قصائد الشاعرة : ورود ألفاظ من حقل دلالي واحد خدمة لفكرة مختلفة -
فثمة ازرار و عرا و يد .. إلخ و مرد ذلك مخيلة خصبة و شاعرية متميزة .
و في ختام قصيدة اخرى تقول :
عذراٍ فإنَّ دموعي بللت ورقي
ضاعت حروفي و جفّت كلُّ أقلامي
هكذا يجل الرزﺀ عن وصف يدق - كما تغنى شوقي ذات يوم - فالشاعرة في ختام نص عن الأم تختنق بعبراتها و تحجم اقلامها عن الكتابة و تفلت منها اللغة و تبتل الأوراق بالدموع ليكون ماﺀ العينين أبلغ و أكثر تعبيرا عن الحزن الذي لا يكتب و لا يقال .
🌟 الخيال الشعري 🌟
لا تتعمد شاعرتنا المبالغات التخيلية و لا محاكاة الأوائل .. إن التعبير الشعري هنا لا بد أن يحظى بصدق المبدع بغية التأثير الوجداني في المتلقي .
و تمثيلا لذلك يمكن أن نتلقى قصيدة الشاعرة ( همسات عاشقة ) و فيها مثلا :
موج الحياﺀ - لتستريح من العنا -
عند السواحل يستقلّ جنوني
ينشقّ بحريَ فاتحا أحضانه
لقوافل قبطانها يحييني
خيال بحري - بري في وقت واحد : فللحياﺀ موج يصل السواحل و يواصل اندفاعه عبر جنون الشاعرة
فالجنون يحمل هذا الموج
او بالانتقال إلى الدلالات : تتخلى العاشقة عن الهدوﺀ ( الحياﺀ ) إلى العصف ( الجنون )
و ينشق بحر العاشقة حبا مستقبلا قوافل العطاﺀ الغرامي بقيادة الحبيب ( قبطان الحب )
هذا الخيال الكلي يتكرر في غير موضع من هذه المجموعة البديعة
🌟التشكيل اللغوي 🌟
ه----------------------------
و تتعامل الشاعرة مع الجملة العربية و التركيب اللغوي و التأليف الخطي تعامل فنان مع عجينته : يشكلها كيف شاﺀ :
بليلى كنتَ مجنوناً كقيسٍ
و عنترةً بحبّكَ كنتَ تشدو
أليس التراتب التأليفي في النثر أن يقال :
كنت مجنونا كقيس بليلى
و كنت عنترة تشدو بحبك
🌟 1/1🌟
من المعهود أن يعبر الشاعر العربي عن محبوبته بكناية المذكر أحيانا .. فيقول إبراهيم ناجي مثلا :
يا حبيبا زرت يوما أيكه
...
و قصده : يا حبيبة
و هذا المذهب شائع في الشعر العربي منذ القديم ..
و لكن شاعرتنا المجيدة تسجل هدفا في مرمى الشعر . فقد تعود إليها الضمائر كأنها شاعر لا شاعرة ( من باب التغليب )
و لعلها - في القصائد التي ظهرت فيها هذه التقنية - تتقمص شخصا تتحدث بلسانه كما كان يفعل نزار قباني حين يتقمص شخصية المرأة ليتحدث بصوتها و ينقل همومها .
🌟 و في الختام 🌟
ه-------------------------
إن الشعر العربي اليوم يشهد فورة في تعدد أصواته و غزارة إنتاجه . و تقتحم المرأة العربية بكل جدارة ديوان العرب و جامع فنونهم .
و ما كل من نشر يستحق أن تميل إليه هامات الإعجاب فتنصت الآذان و تتطلع العيون و تخفق القلوب .
.
لا بد من الغربلة
و الشاعرة السورية رنا صالح الصدقة - ضمن كوكبة مماثلة من الشواعر - تستحق الاهتمام و تلقّي تجربتها المتميزة لصالح الإبداع حرصا على فن العرب القولي الأول
حلب في
2019/8/3م
.....
الغلاف من تصميم الأستاذ محمد نذير الترك


السبت، 20 يوليو 2019

الشعر والجنون: بقلم الاديب الناقد جمال قيسي

الشعر والجنون:
::::::::::::::::::::::

الناقد جمال قيسي
""""""""""""""""""""""""""""""""""
تلقيت دعوة كريمة من الشاعر ( محمد نصر ) بالانضمام الى مجموعة ( نحن المجانين ) ، 
مع اني شديد التحفظ على سمة المجانين التي ،،التزمتها المجموعة،،لكنني اعتبرها نوع من التهويل الشاعري ،لذلك سأغض الطرف عن السمة والاكراهات التي تسببها ، لأَنِّي اعتبر الأدب وعمليته الإجرائية ،،هو منتهى تطرف الوعي بالحكمة ، مع انها حكمة مقيدة بالإفلاس. المادي،،النص الأدبي. هو حمولة من الخيبات التي تتراكم جراء الفشل الموضوعي التي تواجهه الانا ، تجوال في ارجاء اللاشعور للبحث عن المقموع والمحبط والمسكوت عنه قسرًا ،،وهي منطقة مطلقة الأبعاد ،،ومن يستطيع أن يغرف من هذه المنطقة ،،ويشكل الصور المعبرة،،بالتأكيد هو ليس مجنون ،،ربما محتال وموارب،،وهذه صفة العقلاء ،،الاحتيال والمواربة مرادفة. للذكاء ،،لنأخذ الموضوع من زاوية اخرى،،الجنون ،،على الاقل نشخصه باتجاهين ،،الأول ، مرض عضوي يصيب الجهاز العصبي ،،وخلايا الجهاز العصبي ليس لها قابلية التجديد ،،وهذا الأمر يخرج الإنسان الواعي. من سمة العقلاء،،والاتجاه الثاني هو الذهان ،،أي بمعنى فقدان الهوية،،يعني فشل الانا ،،واحباطها إزاء الآخر والواقع الخارجي،،وكلا الأمرين لا ينطبق على الأديب ،،لذلك أشدد على سمة الجنون باستخدامها الشاعري ( البوطيقي ) الشاعر او الفنان بشكل عام هو مايعول عليه في الموضوع الهوياتي للجماعة، هو من يمتلك الرؤية لتثبيت شرعية الوجود للجماعة في صراعها إزاء الجماعات الاخرى ، وان كان احيانًا يتخذ مسرب التهكم على جملة مظاهر الحراك الاجتماعي ،،مثلما فعلت ( رزيقة بوسليم ) عندما اتخذت مؤخرة النملة من اجل تدوين الوقائع ،،او ( سعاد الخطيب ) التي ارادت ان نمضي معها الصيف في سروال داخلي،،او ( رماح بابو ) والحاوي الذي يرتدي (تي شيرت وقبعة ) ،،سأتكلم هنا قبل ا شرع في غاياتي النهائية ،،وهي طبيعة الإحالات السيمولوجية ،،لبعض الأعمال الأدبية. ومنها الاعمال التي ذكرت ،،او التي سأكتفي بالتطرق الى عناوينها،،لكن قبل هذا،،سأحاول قدر المستطاع التعريف للشعر،،ليس اصطلاحيًا ،،وإنما اجرائيًا ،اي بمعنى الوظائف التي يمارسها خطاب الشعر،،هذه الوظائف التي تتم داخل النص بنوع من خلق عالم ميتافيزيقي ، نستطيع ان نقول انها نوع من الرؤية، والاستشراف ، وهنا يكمن الإبداع. كلما كانت الرؤية تشكل منطقة مشتركة للانسانية ،فالشعر بالرغم من انه نوع من التجريد باستخدام الإمكانات القصوى في اللغة ،بل احيانًا هو تشكيل لغة اخرى مغايرة الى اللغة الاستعمالية التواصلية ، مع ملاحظة أن بعض النصوص تتخذ العكس من خلال توظيف اللغة الاستعمالية بشكل مفرط ، ولا يقيم وزن الى اللغة المعيارية ( تجربة دارين نور مثلا ) ،،
لكن يبقى ان نقول ان الشعر حامل لقضية الإنسان وهمومه ولاينفصل عن صراعه الوجودي وأحلامه وقلقه ، هو خطاب منصص بتشوفات ميتافيزيقية يحمل كل مايعتمل داخل الانا من تساؤل وقلق واحلام وأحزان ورغبات واحباطات ، أشواق وانكسارات ،،اذًا هو سيرة الروح الانسانية في مشوارها الطويل. عبر التاريخ ،،هو تورخة المشاعر إزاء واقع مرير وقمع الآخر ،،والزاوية الأخطر في خطاب الشعر،،هما ظرفي المكان والزمان ،،المكان من حيث هو شخوص مادي، لا وجود له دون الوعي ، على سبيل المثال، هناك شجرة سقطت في الغابة، لا معنى لهذا الحدث دون وجود وعي يشاهد ويشخص ، ومن ثم يحدد أهمية هذا الحدث من عدمه ، اذًا هناك ترهين بين المكان - الوعي ، أما الزمان فهو تزامن الايقاع مع البنية اللاشعورية للانسان ،،وهنا اصبح لدينا تزمين او تحيين ،،اعرف ان الموضوع معقد ،،لكني ساحاول ان ابسط،،البنية اللاشعورية للإنسان هي اللغة ،،من خلالها تتكون لدى الإنسان الإمكانية التصورية للعالم ،،وهذه البنية اللاشعورية تتكون لدينا على شكل إيقاعات يتكيف معها وعينا لاشعوريًا ، نحن نتوقع اللحظة القادمة من خلالها ،،سواء تحققت ام لا ،لذلك اي إيقاع شاذ عن توقعنا اللاشعوري سيصيبنا بالنفرة،،لذلك نحن نتفاعل مع قصيدة التفعيلة لأنها تحقق التزمين ،،وننفر من القصيدة المترجمة،،ونشعر بثقل تقبلها،،وكذلك قصيدة النثر التي تفتقد الى التنبير والتزمين،،نحن لا نتقبل الهايكو لأنها لا تتوافق مع بنيتنا اللاشعورية،،أنها لا تتطابق مع زمننا ( تك- توك ) الذي يشتغل به جهازنا الداخلي ، لكل لغة في العالم لها تزمينها الخاص، هذا الكلام يخص الادب ولا يشمل الموسيقى او الفن المرئي ، ساقرب الصورة ؛ بعد جهد حثيث لسنوات حصلت على نسخة من رواية عوليس لجميس جويس، ومنذ اقتنائها ولحد اللحظة وهي فترة تخطت العشرين سنة،،لم استطع تقبلها او فهمها ، حتى أصابني. الاحباط. والشك،بقدراتي ، عللت الامر بسبب الترجمة، لكني قارنت الامر في قراءة للأرض اليباب ل ( ت س إليوت ) ترجمة عبد الواحد لؤلؤة ،التي لم استسيغها على الإطلاق فيما عشقتها وفهمتها بترجمة يوسف اليوسف،،لكن عوليس حتى بترجمة اخرى لم أتقبلها ،،ثم قرأت السيدة دالاوي لفرجينيا وولف،،وحدث معي نفس الأمر ،،فعكفت على دراسة اُسلوب تيار الوعي ،،وخلاصة الأمر،،أن جيمس جويس استخدم البلاغة أقصى ما يمكن ،،بلغته الانكليزية ،، حتى الجناسات ،،وتنبيرات الحروف ، تمكن من توظيفها ، سلاحه الشعري (البوطيقي ) ، اللغة ،،والأدق. توظيف التزمين ، لكن هذا ليس نهاية الامر، فهناك أعمال بأسلوب تيار الوعي، تعتمد على التأويل ، وتفاعل القارئ ،،مثل ثلاثية صموئيل بيكيت ،التي تأخذك كل جملة فيها ، اذًا المشكلة الأساس تكمن بقضية اللغة وكونها بنية لاشعورية،،ما أردت الذهاب اليه ان مفردات اللغة تمتلك موسقة وتنبير ،،تتناسل عندما توظف في سياقات اوسع مثل الجملة او النص ،،هذه المفردات والسياقات،،تعمل وفق نظام يترسخ فينا منذ بواكير وعينا ، لذلك احدى اهم خصيصات الشعر،،هو موائمة موسيقاه مع النوتة المحفورة في بطانة وعينا ،،بشكل بنية لاشعورية ، والا هو خطاب لا يحقق أي إجراء يعود بفائدة عملية ،،فقط تحفيز المشاعر وتلطيفها،،أي فائدة روحية وجدانية ،،تنعكس لاحقًا بتشكل وتوجيه المزاج العام ، منطقته روح الجماعة ،،وبيان لحياة الروح ، لذلك الكثير يستهجن قصيدة النثر او الهايكو او النانو ، طيب،،ننظر من زاوية اخرى ، هناك في أي خطاب و الشعر منه ،،محمولات وتشفيرات ، لغرض تسويقها كقضية ، يتبناها الشاعر، ويبثها ، حتى لوكانت وجدانية فردانية بحت ،،فإنها بالضرورة ستوشي بهموم الجماعة وقلقهم وأفراحهم ،،وقضية وجودهم في هذا العالم،،نحن هنا نتكلم عن فائض المعنى وفق توصيف بول ريكور ،،هذا الفائض سيتسلمه القارئ ويتفاعل معه،،وربما يتبناه ويطوره ،،اذًا هناك عملية خلق جديدة،،نوع من التركة المورثة الني تنمو ،،في عالم اليوم بعد دخول عامل التواصلية ،،اصبح العالم بلا حدود جراء الانفتاح الغير مقيد، وجراء انهمار هذا السيل الجارف من المعلومات التي نتلقاها مجبرين ،،بحكم التقانة والفضاء الاتصالي،،تغير إيقاع. الحياة،،بات متسارعًا لدرجة مخيفة ،في هذا التسارع فقط والتغير الحاد تكمن شرعية المحاولات الحداثوية في الأدب والفن. عمومًا ،،انه التلاعب بالزمن ،،وعملية التزمين بحاجة الى إعادة تنظيم نفسها لتستوعب المجريات ،
الموضوع واسع. وعميق ويحتاج الى جهود نقدية كبيرة تتفوق على قدرة فرد او باحث ،،يبقى هناك ثلاث قضايا عالقة ،،سأتطرق. لها على عجالة ،،أولها قضية التغريب ،،وهي لُب الفكر الماركسي وربما أهم تشخيص لجوهر الحضارة،،أقول إن إنساننا العربي والشاعر او الفنان يعاني من التغريب المركب،،تغريب عن العمل والهوية ، وهو ما تفصح عنه نصوص (نحن المجانين ) ،وكذلك قضية النزعة التدميرية جراء شعور الانا بالمحاصرة والتطويق من الآخر الغربي ،،فتنزع النصوص الشعرية الى نوع من جلد الذات،،والقضية الأخيرة هي سيمولوجيا العنوان،،كلنا نعرف ان العنوان هو نص مستقل نوعا ما ،،لكن هذا النص. هو احالة الى محمولات النص الام ،،لكن هناك جانب مهم على الشاعر أن يفهمه أن عتبة النص. هو نوع من الاتفاق المبدئي التي يتم بين كاتب النص والقارئ،،من خلاله سيتم تقبله من عدمه بالنسبة للمتلقي ،،وكما يقول المثل الشعبي المصري ( الملافظ سعد ) ،،على الشاعر ان لايشتط بعيدًا في الايغال بتسفيه الوقائع ،،لأنه بذلك يفقد زمام المبادرة كونه صانع رؤية ،،اتمنى ان يكون كلامي لايغضب الاصدقاء،،
جمال قيسي / بغداد



نص شعري ** أقول لكم** بقلم الشاعر محمد حمدان

مع الشاعر محمد حمدان
والمرحلة ااموسيقية في " ماذا أقول":
""""""""""""""""""""""""""''''''''''''''''''"""""""""""""""""...
متابعة القراءة
محمد حمدان
** أقول لكم**
***********
أمس ِ حادثته ُ
أمس ِ حادثني
وبكينا معاً جرحنا
كيف حالك ؟
حالي كحال الوطن ْ
*****
فاتني أن أو ِّدعه ُ
فاته ُ أن يودِّعني
لم نكن نقرأ الغيب َ
لكنه --اليومَ-- يقرأ من دفتر الغيب ِ
أشعارنا
ثم يهتف لي بوحه ُ
--والصَّبا جاء يحضنني--
كيف حالك ياصاحبي ؟
كيف حال الوطن ْ ؟
*****
آخرون َ ،
على شاطئ البرتقال قضَوا نحبهم
لم أسلِّم على الطرقات التي
سلكوا وعرَها
غير أني رأيت ُ جناح البراق يلوِّح
لي
وقرأت رسائلهم في رموش السديم الذي
طاف حول غزالاته ِ وهو يسألني :
كيف حالك يا صاحبي؟
كيف حال الوطن ْ ؟
*****
عاشقون َ ،
انتهى شوطُهم ،
عاشقين َ مضَوا
خلَّفوا فوق خدِّ المرايا الخجولة ِ
تفاحَهمْ
نقشوا بيدراً من حروف أحبَّتهم
في جبين الصخور ،
على صفحات الصنوبر والسرو ِ ،
بين أفاريز تلك القناطر ِ ،
غابوا بعيدا ً
....بعيداً
ولكن َّ شمسهم ُ
ماتزال البريدَ الذي يودِعُوهُ أشعَّتهمْ
في الصباح ِ
وينتظرون الغروب َ
على جمر لوعتهم
يسألون قطار النوى :
كيف حال " الحبايب" من بعدنا ؟
كيف حال الوطن ؟
*****
هل أقول لهم ؟ :
مات فينا ربيع الفصول ِ
ولم يبق َ إلا الخريف ُ الذي
عاد يحمل أوراقه ُ حطباً
وبقايا كفن ْ
هل أقول لهم ؟ :
بؤسنا
-- منذ دهر ٍ من التيه ِ--
باق ٍ على حاله ِ
كلما غيَّب الفجر من دربنا
وثناً
عجن الليل من طينه ِ
ألف َ تاج ٍ لألف ِ وثن ْ
*****
أيها الأصدقاء ُ !
أقول لكم :
طيلسان ُ السواد ِ يلف ُّ المدينة َ
لكنَّ عين َ"اليمامة"ِ تبصر ُ خلف َ
جدار ِ الظلام ِ قباباً من الكُحل ِ
كانت رياح ُ الجنوب ِ تقطِّرها
راية ً...رايةً
نجمةً...نجمةً
ليمر َّ على روح أطفالنا برقُها
فيراقص ُ ضحكتهم ْ
ويسامر ُ ألعابهم ْ
ويشد ُّ العزائم َ
حتى إذا كبروا
وكبرنا جميعاً بهم
حان موعدنا مع "طبولِ الخليلةِ"
في الموسم المرتجى
هاااا...رياح ُ الجنوب ِ اللواقح ُ
هبَّت سراعاً على رونق ِ
الأرض ِ
تُحيي خصوبة َ أرحامنا
ثم تبعثكم من زمرُّ دِها
ثم تحملكم مطراً
وعنابرَ قمح ٍ
يجدِّد أفراح َ هذا الوطن ْ
*****
لن أقول َ لكم أيها الأصدقاء ُ :
وداعاً ،
ولكنني سأقول لكم ْ :
تصبحون على وردة ٍ
زرعتها الطفولة فينا ، وفيكم
سياجاً
لعيد ِ
الوطن ْ
******************************
(* )
طبول الخليلة :
معتقد شعبي فحواه أن السماء تزف ُّ الشهداء والقديسين
بموكب من نور يرافقه قرع الطبول والمزاهر .
******************************
محمد حمدان
*************