الخميس، 29 سبتمبر 2016

فخ نائلة طاهر،،،،،والإشكالية الحداثوية في اللغة العربية - بقلم الناقد / جمال قيسي

فخ نائلة طاهر،،،،،والإشكالية الحداثوية في اللغة العربية
 
تطرقت في مقال لي حول تحليل قصيدة كريم عاشور،،لعدة قضايا،،ومنها قضية ( الحداثة وما بعدها ) ،،وهل هناك امكانية ان تجري هذه القضية في الجسم الحيوي للغة العربية ،،،خاصة بعد النتاج الأدبي المتراكم الذي ينحى بهذا الاتجاه،،،وكم تمنيت ان تمر المسألة مرور الكرام،،،ولكن الأديبة نائلة طاهر كانت لي بالمرصاد،،،وسرعان ما ألقت شباكها علي ،،،وقبل الخوض في غمار الموضوع سأوضح بعض الأُطر التي سرت عليها في المقال السابق والتي سوف اعمل عليها في هذا المبحث ،،
١- المبحث الحالي والسابق لا تحكمهما الشروط الأكاديمية ،،وذلك لعدم امكانية ذلك الامر لمثل هذا الأحكام في النشر على مواقع التواصل الاجتماعي،،ولكنه محكم علمياً ومنهجياً،،،والكل يعرف،،،مثلاً اذا انا نشرت صورة وتعليق بسيط متكون من عدة كلمات يلاقي من التفاعل والإعجاب الكثير،،عكس المواضيع الطويلة او العلمية ،،وهذا الامر يتركنا في مأزق حقيقي ،،وسؤال مؤرق،،مافائدة اي موضوع مهما كان ان لم يجد المساحة الكافية او الضرورية لكي تظهر فعاليته،،او ان يؤدي وظيفته،،والوظيفة هنا الاطلاع عليه من قبل أوسع شريحة ممكنة من القرّاء ،،،وهذه الأزمة واضحة على النتاج الأدبي المابعد حداثوي،،،وهو سبب الإقبال والتعاطي مع قصيدة النثر والنانو والومضة ،،او الخاطرة،،،وكلنا نعرف سبب شهرة الكاتبة اللامعة احلام مستغمني ،،هي الخواطر،،قبل اقدامها على السرد الطويل،،،
٢- انا من مزاولي اللغة العربية،،،ولست متخصصاً بها،،وهو الامر الوحيد الذي ندمت عليه في حياتي،،لذلك من يجد في مبحثي بعض الاخطاء او الضعف ،،اتمنى ان يلتمس لي العذر،،،رغم انه ذنب لا يغتفر،،،
٣- ان ماسوف أتناوله في غاية الأهمية والخطورة،،من ناحية النتائج،،،لذلك انا وحدي أتحمل كل التبعات،،،وسلفاً اعترف بالتقصير،،،
في اشكالية اللغة،،،والفكر
طرحت الأديبة طاهرة نائل ،،موضوع في غاية الخطورة،،ورغم تغليفها الذكي للسؤال والذي مفاده هل الفكر يسبق اللغة ام العكس،،والذي ينطوي على السؤال الحقيقي،،،هل الله هو من علم آدم اللغة،،،ام انها نتاج تطور وعي الانسان وحاجياته ،،وهنا لابد من التعريج على مبحث هو عن أصل نشأة اللغات،،،وهو موضوع عويص جداً،،،وسوف لن نتطرق له الا من باب التلميح،،،يذكر الكتاب المقدس في منحى أسطوري ،،وهو إطلاق الاسماء على الحيوانات من قبل آدم بتكليف من الله ( سفر التكوين 11,19-20) ثم مرحلة الطوفان واستقرار سلالة نوح واولاده سام وحام ويافث ( سفر التكوين vIII ) وأخيراً تأتي مرحلة بابل ومنها تنوعت اللغات،،،مع الأخذ بعين الاعتبار ان اليهود قد كتبوا معظم أسفارهم وزادوا عليها بعد السبي البابلي ،،،وهنا الرواية لا تمتلك اي أساس متين ،،،وكذلك وردت ما يشابهها من رواية في القرأن الآية ٣١ من سورة البقرة،،،او هكذا يُظن
،،وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)
ومع ان الروايتين مختلفتين بالتمام والكمال،،،وحتى نستوضح الرواية القرأنية ،،لابد من توطئة تاريخية مبسطة لكي نعود على ما ذهبنا اليه،،،
يعود عصر التأسيس الثقافي الاسلامي الى نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجري،،وهو عصر بداية التدوين والانتقال من الثقافة الشفاهية الى المدونة باستثناء القران ،،الذي جرى تدوينه في صدر الاسلام ،،في هذا الأثناء ،كانت الدولة الاسلامية الفتية واسعة الإرجاء ،،وامتزجت بثقافات متعددة وعريقة ،،نتيجة دخول شعوب كثيرة في الدولة الجديدة،،لذلك هناك فترة زمنية تقترب من القرنين ،،اعتُمد فيها الشفاه في نقل الموروث،،ومن الطبيعي جداً،،ان تلعب الثقافات العريقة الوافدة دوراً رئيسياً في التأسيس ،،ومنها وأهمها ،،الروايات الإسرائيلية التي ألقت بظلالها على تفسير القرأن ،،وخاصة القصص القرآني ،،،ولقداسة النص ،،وهو ما تبعه من تقديس على كل شيء متعلق به في التفسير،،،واغلب الروايات التي اعتمدت بما يخص القصص فيها تسلل واضح للاسرائيليات ،،،وكان اول تفسير مدون وواسع هو تفسير ابن جرير الطبري ،،الذي يعود الى القرن الثالث الهجري،،،وهكذا تبعته اغلب التفاسير باعتماد الروايات ،،من جيل الى جيل،،،ومنها روايات لايقبلها عقل ولا منطق،،،ورغم المحاولات التي جرت على اعادة النظر في بعض الروايات ،،الا انها باءت بالفشل لأسباب عدة،،،ومع ذلك هي محاولات بائسة ،،كان الغرض منها الاساءة اكثر من محاولة قراءة حقيقية ،،وآخرها لنصر حامد ابو زيد،،ومحمد عابد الجابري،،،ولقي الاول ما لقي،،واكتفى الجابري بمحاولة خجولة بسبب ارتباطه بالسعودية،،،،
ان ما اريد ان اذهب اليه ان اللغة العربية هي اكثر اللغات اثراءً ،،وذات بنية بلاغية لا حدود لها ،،فان رأيّ ،،في الآية ،،ان الله عرف آدم على اسماء الأنبياء من ذريته ،،،وهم ابطال المسرح الجغرافي ،،،الديني في الشرق الإبراهيمي ،،،وليس الاسماء التي على ضوءها ولدت اللغات،،،ولي أسبابي العلمية في هذا الامر،،،،
هناك قضيتين مهمتين،،سأتناولها،،واتمنىً على القارئ ان يطيق معي صبرا،،،،،
لقد ذكرت في مقالي السابق بان اللغة هي وسيلة هيمنة ،،تُمارس الاستبداد بشكل او بأخر،،،وهو ما ذهب اليه نيتشه الأب الشرعي لما بعد الحداثة،،،وهو الجانب الوظيفي الذي تمارسه اللغة ،،،وحاولت قدر الإمكان تخطي الصرامة العلمية،،،وخاصة منها النتائج المهمة التي توصل اليها دي سوسير ،،،ولكني سأذكر ما يخدمنا في هذا المحفل،،اذ اعتبر اللغة عبارة عن وحدات لها وجودها بذاتها تعتمد في هويتها على اندادها ، فالمحل الذي تمثله وحدة ما سواء كانت صوتية او معنوية في النظام اللغوي هو الذي يحدد قيمتها،،،،اي بمعنى لايكتمل ولايفهم معنى الكلمة الا في السياق،،،وبما ان الكلمة او المفردة في اللغة العربية تحمل أحياناً اكثر من معنى بل يتجاوز العشرة من المعانيفي بعض الأحيان ،،ولا يمكن تحديدها الا في السياق،،،و في نفس السياق يذهب دريدا الى ان اللغة قوى لانستطيع السيطرة عليها حتى عندما نستخدمها استخداماً شديد الوعي ،،وبالتالي إن منظومة لغوية ما ( الشيء الذي يعني ليس فقط مفرداتها بل ايضاً نحوها وتراكيبها ) تؤثر في طريقة رؤية اَهلها للعالم وفي كيفية مفصلتهم له وبالتالي في طريقة تفكيرهم ،
،،
في الآية ٣ من سورة المائدة : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾ .
وردت كلمة دينكم،،،ومن ثم ديناً،،،،وكل واحدة لها معنى ووظيفة ،،،لان التكرار لا يتلائم مع القدرة البلاغية القرأنية العالية،،،فالاولى ،،بمعنى اليوم اكملت لك سلطتكم التي ستواجهون بها العالم ،،وهي متمثلة بسلطة اللغة واكتمالها ،،،وهي نعمة ،،وبما ان مصدر هذه النعمة هو الله ،،فهي غير قابلة ،،للتغير او التحديث،،لان لا كلام بعد كلام الله،،،اما المعنى الثاني فهو واضح ،،،،
وفي تعريف لامع وذكي للمرحوم عمر فروخ،،عندما عرف معنى عرب،،،قال العرب مدرك لغوي،،،ولا مفهوم للمكون العربي بمعنى الأمة من ناحية الحراك الاجتماعي والتاريخي قبل الاسلام،،،إذن هي أمة تكونت بمعناها الحقيقي مع القرأن،،،ومن هنا نؤشر على قضية التجارب الأدبية الغربية ،،وعدم انسجامها مع الجسم اللغوي العربي ،،وهو ما سوف نتعرض له في القضية اللاحقة،،،،( يمكن الرجوع الى لسان العرب في معنى كلمة دين ) ،،
ان المفارقة المتولدة بين العقل العربي والغربي ،،هي مفارقة عميقة ،،،سببها الجوهري في طريقة عمل الاليات او المسلمات الاولى لانطلاق العملية المفهومية،،،وهنا نحتاج الى بحوث مطولة ولكني سأختصر الامر،،
في بدايات القرن الثالث الهجري،،قام المأمون الخليفة العباسي ،،،بتبني الفكر المعتزلي،،ومحاولة تعميمه على الأمة الاسلامية،،،من خلال المناظرات ومن ثم القوة،،،وانتهت هذه المحاولة بشكل تعسفي،،،في عصر المتوكل،،،رفض فكر المعتزلة جملة وتفصيلاً،،،بل ان شعارهم الأساس كان العدل والتوحيد،،في محاولة منهم لإثبات اسلامهم الذي كان موضع شك،،،والقضية ببساطة انهم اصطدموا في أشكال معرفي ،،لم يستطيعوا الخروج منه،،ولان الفكر المعتزلي قائم على المنطق الأرسطي والفلسفة الإغريقية ،،،وفعاليته الفكرية بين. الدال،،،والمدلول ،،،،قائمة على اعتبار الدال مادي،،،،،،والمدلول ،،ميتافيزيقي ( ليس بالضرورة دينياً ) ،،،وهذه الفعالية هي أساس الفكر الغربي برمته حتى اللحظة،،،ونذهب بالدال هنا فيما يخص الأركان المقومة للعقل ،،او مجموعة الاواليات ( الميكانزيمات ) ،،التي ينطلق منها العقل الجمعي ،،للمجموعة،،وهي بمثابة المرجعية الام ،،،ولنرى بماذا تشاكل المعتزلة،،،مع بقية المسلمين،،،في الاسلام ،،أركان الإيمان ،،هي ( الإيمان بالله،،ورسله ،،وملائكته ،،وكتبه،،وبالقدر خيره وشره،،واليوم الاخر ) وكما ورد في الآية ٣٦ من سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً)،،،
وإذا اخذنا ( الله ) ،،هو مفهوم غيبي،،،ورسله هم اموات وبحكم الغيب،،،وملائكته ،،مفهوم غيبي،،،والقدر خيره وشره غيبي ،،،واليوم الاخر ،،مفهوم غيبي،،،،يبقى فقط كتبه،،،وهو كلام الله ،،وهو نص مثبت ،،بكتابة،،،وهو الدليل المادي الوحيد الذي حاولوا التشبث به،،،خاصة ماعرف عنهم بترجيح العقل على النقل ،،والحس والقبيح بمسألة القدر،،،فكانت دعواهم بان القرأن مخلوق ،،له الجسم المادي ليكون بذلك دال مادي حتى تستقيم ،،رؤيتهم التي تستند الى الفكر الإغريقي ،،وعارضوا فكرة كونه كلام الله المنزل على نبيه،،،،ولا نريد ان ندخل اعمق من هذا في مباحث علم الكلام،،،ولكن الاشاعرة والماتريدية وهم المعارضين للمعتزلة آنذاك ،،،كان تبنيهم الدال والمدلول كالآتي ،،،دقيق الكلام،،،،للشاهد. وهو مايوازي الدال،،،،وجليل الكلام وهو للغائب ويوازي المدلول. طبعاً والاثنان غيبيان،،على اعتبار القرأن ( دقيق الكلام ) ،،ذات بعد ميتافيزيقي وفق رؤيتهم ،،،لذلك فعالية المفهومية عند العقل العربي،،قائمة على الغيبية ( الميتافيزيقيا )
من هنا يجب ان نفهم ان اللغة العربية متكاملة النمو عند مزاوليها،،،غير قابلة للتغير او التطوير،،طالما ارتباطها بالقران ،،،ولا يمكن الفصل بينهما،،،ان. ما نريد ان نذهب اليه ان النتاج الأدبي،،هو نتاج رؤية صاحب الخطاب ،،بمحددات لغته وتصورها،،،وكل محاولة تأخذ منحى التحديث هي عبارة عن تجديف،،،،مصيرها الفشل،،،ممكن ان يحدث تطور في طرق التعبير والتصور،،،لكن ضمّن سياقات المرجع الام ،،وهو القران ،،،،
فقط أردت ان اوضح،،ما تخطيته في مقالي السابق،،،ولكن الأديبة نائلة طاهر،،،كما قلت نصبت لي فخ العودة،،من اجل التوضيح،،ولازلت ،،عند رأيّ،،،بموجب ما ذكرت أعلاه ،،،وغيره مما لم يتسع المقام هنا له،،ان كل محاولات مابعد الحداثة وحتى الثورة المعلوماتية لن تغير ،،،شيء وتبقى هذه المحاولات جسماً غريباً على الثقافة العربية،،،
جمال قيسي / بغداد
 
تعقيب الناقدة / نائلة طاهر
 
 أجمل ما في الأدب أن تتحلى بالأدب والقيسي خير تجسيد لهذه المقولة هو تقبل ما أسماه فخا برحابة صدر عالم و أثبت أن قبول استفزاز أدبي ما سيكون سببا لتدفق معرفي غزير وصراحة هذا ما كنت أهدف إليه .كان فخا ذهبيا براقا أدار الأعناق وحفز الفكر جعل القيسي والأساتذة شاكر وغازي بالبداية يستنفرون فنفوز بجزء من علومهم الشاسعة. ثم تواصل السيل والنتيجة زخم فكري تواجد به بعض الأعضاء و أحد اساتذتي من تونس واتسعت الدائرة بذلك وهذا املي .
يا قيسي ما ورد ببحثك أوفى الموازين وما على القارئ سوى النهل من عذب فراتك المراق بهذه المقالة وانا من منهم .

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

ما يسمى " قصيدة نثر" خطأ لغوي يجب تصحيحه - بقلم الناقد / شاكر آل هيت

ما يسمى " قصيدة نثر" خطأ لغوي يجب تصحيحه...
 

في باديء الامر قد يتصور البعض خطأ بطبيعة الحال ان من يكتب الشعر العمودي ويبدع فيه ملتزما بنهج اصبح هوية لكاتبه هو كلاسيكي بمفهومه اي متطرف او متزمت او ربما متخلف، وهذا المفهوم يتعدى الى التجاوز في احيان كثيرة على شخصيات ورموز اثرت الساحة الادبية العربية والعراقية بنتاجات سجلها التاريخ الادبي، من الشعر الجاهلي وقصائد المعلقاتمرورا بالمتنبي، والمعري، والرضي وآخرين لايقلون ابداعا عنهم وصولا الى السياب ونزار ودرويش والفيتوري والملائكة ولست منتهيا ( على سبيل المثال) لا الحصر..
في مقارنة بسيطة مع مانحب نحن وما نكره مع شعوب الدنيا التي تفتخر بنتاجات مبدعيها وعلى مر العصور وخير دليل وبرهان على هذا مايضمره ويكنه شعب انكلترا وكل البريطانيين الى شخص "شكسبير" ونتاجه الثر... التقيت مرة احد المهتمين بالنقد الادبي وهو ايرلندي الجنسية.. كنت اسبل عيوني مرات كثيرة وهو يتحدث، كنت اتحسر واتمنى الكثير وهو يتحدث عن برناردشو او راسل او ديكنز..كان بودي ان افتح الزمن لامد الوقت كما اشاء واتحدث له بما يكفي ويغني عن كل ما ابدع العراقيون ممن اعرفهم وشواهدهم لازالت باقية.
ان كان هؤلاء كلهم على الاطلاق يحترمون نتاج ادبائهم بل ويحفظون الكثير، فلماذا نجتهد نحن في محاولة للابتعاد عما يحترمه الاخرون في ادبنا وفنوننا؟؟
في انتباهة بسيطة لاتتجاوز خمس ثوان لمصطلح (قصيدة نثر) ماذا سيجد المتأمل؟؟
كيف يمكن للشعر ان يكون نثرا وهناك مايميزه عن النثر؟
وكيف يمكن للنثر ان يكون شعرا وهناك مايميزه عن الشعر؟
ان دلالات اللهاث وراء مايسمى (قصيدة نثر) لهو استسهال واضح لما يقيد ويلزم المبدع في كتابة الشعر العربي ( العمود والحر) على حد سواء... والا كيف يجرؤ بعض المتفيهقين الى التزام النثر كوسيلة عليا للتعبير ظانين انها اسهل من الشعر في حين ان هناك من النثر مايرتقي الى مصاف الشعر او يفوقه بكثير..ولو سلمنا جدلا ان النثر اسهل..حسنا لماذا سمي نثرا؟ اليس لانه لم يلتزم القافية او البحر او الوزن والايقاع...الخ ؟ اذا كيف يجمع الشعر مع النثر في تسمية مقرفة لاتليق بالتطور الادبي ضمن تطور الحياة ومستلزماتها..
من يدعي ان هذا النوع يعتبر حالة رقي واقتراب من الغرب في بعض مما نشتاق الى تقليده فهم مخطؤون ايضا..لان الشعر لو كتب كما يكتب الشعر الانكليزي مثلا او غيره لفقد واحدة من اهم مميزات الشعر العربي واقصد به الصدر والعجز دون الاخريات من المقومات على رغم اقترابه في بعض الاحيان مما يلزمنا في الشعر سواءا العمود او الحديث...
ان من ينعت المتصدين الى هذا النهج الخاطيء بالمتزمتين او المتخلفين او انهم لايسايرون التقدم وانهم ليسوا ( يساريين او علمانيين) فهم واهمون ولا شان لما يذهبون اليه من هذه التفاهات ، بل هم لايعون ماذا يقصدون من اليسار او العلمنة..
في ذات الوقت الذي يدهشني ان كل المناصرين او المؤيدين لهذا الفهم الخاطيء الجديد والغريب على ادبنا الرائع، اغلبهم لايجيد فن الشعر...
واتحدى من يكتب قصيدة عمود واحدة او يكتب قصيدة حر واحدة وبشكل مبدع عارفا بفنون الشعر العربي ان يسمح لنفسه ان ينخرط مع ثلة ظنت خطأ ان التبرج في اللباس يمكن ان يكون تبرجا في الادب او الفن وهذا جوهر المشكلة.
ذات يوم طرق بابي احد الذين يريدون نشر ديوان شعر ليطلعني على مجموعة شعرية ويرى رأيي بها لكي يذهب بها الى الطبع، الشخص هذا كان في المرحلة الثانية كلية، بدأت اقرأ المكتوب وانهيت قراءتي في اقل من ربع ساعة لما سماه هو الديوان الاول! قلت له : هذا ديوان شعر؟ قال نعم، قلت : لكني لم أر شعرا، ابتسم كمن يستهزيء مما قلت او معبرا عن رفضه القاطع لرأيي هذا واصر على ان ماكتبه شعر، قلت: حسنا متى بدأت الكتابة؟ قال : هذا اول عمل شعري لي، قلت: يعني لم يسبق لك ان كتبت قصيدة مثلا عمودية او قصيدة تفعيلة؟ قال بالحرف الواحد ضاحكا وليس مبتسما :" هذه ذهب زمانها، الان الساحة استاذ عبارة عن " قصيدة نثر"، قلت : طيب، اين هي "قصيدة نثر"؟ قال: اذا ماهذا الذي قرات؟ اغلق خلفه الباب خارجا دون ان اراه بعدها، لكنني سمعت انه طبع بالخير والسلامة ديوانه الثالث !!
ما اردته من هذا هو التذكير بحقيقة يجب ان ينتبه اليها المعنيون بهذا الشأن، وهذا الشأن الذي اقصد يشمل اساتذة الادب من درجة بروفسور الى المتتبع البسيط، وان يجدوا حلا مناسبا ومعقولا او على اقل تقدير مقبولا لدى الاغلبية ان لم نقل الاعم،
مايسمى " قصيدة نثر" خطأ لغوي لايصح ابدا، هذا ليس رأي، انما هذا مبدأ، وهناك اكثر من سؤال يدور حول الاصرار على الاستمرار بالتسمية دون وعي الامر الذي اراه متعمدا بل ومدفوعا، والدفع هنا ان احتجت يوما للادلاء به قبل ان اموت فسأفعل، اما الان فانا ساترك الامر الى من يهمه الامر في انتباهة لاتأخذ من احدهم اكثر من ساعة، وادعوهم كذلك الى اعلان مصدر التسمية لانه ليس من المنطق ان يكون هناك جنين بلا اب، واذا سلمت مع "المدعين" جدلا، حسنا، من هو الاب الشرعي لهذه التسمية؟؟؟ سؤال اراه مشروعا لانني عندما أُسأل من هم اصحاب المعلقات الذين تقدسهم اقول لهم الشعراء الذين نعتز بهم ونفتخر بهم ما حيينا، وان سُئلت من هو صاحب العروض؟ اقف اجلالا وأكبارا وأنا اصدح بان الشيخ الجليل والعالم العارف الرائد الخليل بن احمد الفراهيدى، وهذا ما يجعلني انتشي بكل الاهاب وانا انتظر السؤال الآخر: من صاحب الشعر الحر؟ ياسلام، ياسلام كم نحن عظماء بهذه الاعمدة والقامات والاعلام التي لاتُطال، وكم انا سعيد وانا ابنهم ازداد فخرا كل يوم وكل ساعة حين اتنفس من هوائهم واشم عبق قصائدهم وأنا اتنقل بينهم ( فالى اي جنبيك تميل)، فاستل من روحي عبيرها، وأرفع راسي الى السماء وانا اجيب، انه الاستاذ والمعلم والكبير المبدع بدر شاكر السياب،
حسنا ألا يحق لي بعد هذا السمو ان اتوجه الى صاحب السؤال مستفسرا( من هو صاحب ماتسمون" قصيدة نثر"؟ انا طبعا لا اعرفه وبودي لو اعرفه..
الباب الثاني في الحديث، انا اقول: يجب ان يكون النص الذي لايمتثل للعمود او التفعيلة (نص نثري)، اليس هو الأنسب؟؟ اذا كان الجواب كلا لمن يناصرون ذلك المسمى، فما فهمهم لمعنى النثر؟ ام ان تصورا ما ربما يخالجهم ان النثر اقل شأنا من الشعر؟ واذا كان هذا فاقرأ على الادب السلام..
السؤال هذا انتظر الاجابة عليه بالادلة، لاننا لايمكن ان نختلف على تسمية فقط، ومجرد تسمية تلغي امامنا عشرات العشرات من النصوص الادبية التي تأخذ شكل النثر وهي جميلة وجميلة جدا وفيها مايمكن الوقوف عليه نقدا وهي نصوص نثرية قابلة للتطور، وهذا على ما ارى يكفي للمبدع، فهو مبدع ان شاء شعرا او شاء نثرا، اما التزمت بهذا الشكل لما لايناسب الكيان او الشكل او الجنس الادبي دون فهم مسبق فهذا باطل، هناك ملاحظة يجب ان ينتبه اليها من اراد الحوار، ان الجنس الادبي في الكتابة ليس الزاما على اي كاتب، والكاتب حر فيما شاء وارتأى، على ان يترك الامر للمعنيين وقد يشاركني اخي الاستاذ غازي الموسوي فيما طرحه علينا احد زملائنا قائلا ( انا لا اعرف الاشكال والاجناس الادبية، انما لدي حالة شوق تشدني الى الكتابة، فأنا سأكتب وأدع التسمية لكم) كلام جميل، وليس عليه غبار، والى هذا الحد نحن نتماشى مع الموجود والمطروح من نصوص، وأبدا واطلاقا، لايمكن لناقد ما ان يصف من يكتب نصا نثريا انه غير مبدع، ومن يكتب الشعر بنوعيه ( العمود او الحر) هو المبدع، لان هذا بهتان وهو باطل لايقبله انسان، هذا راينا، ليس لدينا عليه اضافة،
ولمن اراد ان يعرفه بالتمام نقول ( نحن مع اي نص مهما كان شكله،( شعرا عموديا، او شعر تفعيلة، او نص نثري، متضمنا انواع النثر ان شاء المبدع)، لكن الاشكال الذي نحن بصدد محاولة تغييره الى الاصح الاسلم والمنطقي المقبول ان تسمية ( قصيدة نثر) خطأ لغوي لايمكن ان يُقبل والانسب ايجاد لفظة تليق بالنص وتعطيه كينونته المفقودة او المستعارة ظلما..
 
تعقيب الناقدة  / نائلة طاهر
 
 و مازال المد الأدبي العربي متواصلا اديبنا مادام في امثالك من النقاد الذين لا يتركون شبهة يمكن أن تتوه معها الأجيال الحاضرة واللاحقة.تحديد المفاهيم ضروري وشرحها أكثر يأتي أكثر أهمية حتى يجلو الضباب ويضع الأطر في أماكنها الصحيحة ورغم موقفي من قصيدة النثر فإني اسمع لاستاذي أكيد .

 

الكتابة لغة أو فكرا؟ بقلم الناقدة/ نائلة طاهر


الكتابة لغة أو فكرا؟
:::
 
ضمن تحليله لقصيدة كريم عاشور أورد الناقد جمال القيسي اعتذارا للشاعر و لندى الأدب .الاعتذار بالنسبة لي ليس سوى هو فتح  لمسار آخر للحوار قدمه الناقد القدير بأدب وتواضع أوجد شرعية للحديث عن فرع متصل بالموضوع المتناول .ألا وهو اللغة .طبعا جمال القيسي كناقد يستند إلى أرضية صلبة تتصل بالفلسفة ،وهو ما يضع كل كتاباته في خانة علمية لا مجال لاستسهال الرد عليها لكني سأوجز واترك لباقي النقاد حرية الخوض في هذا الموضوع وتقريب المفاهيم لقراء آفاق نقدية .
الموضوع هو اللغة في الكتابة وهي القضية التي كانت قد أثارت جدلا واسعا بين الفلاسفة قديمهم وحديثهم وهو السؤال الذي ينبني عليه أي جدل فكري : هل اللغة تسبق الفكر أم العكس ؟هذا هو الموضوع الذي أردته محورا للرد لإثراء الحوار أو بمعنى أدق أخذته من بين موضوعات مختلفة تفضل الناقد القدير بالإشارة اليها وتحليل بعضها .
الكاتب عامة- بنظري' لا تعنيه الدلالة اللغوية للغة وإنما خدمة لاغراضه الأدبية لابد من أن يكون على دراية بالدلالة الفلسفية لها . والطرح الفلسفي اختلف في تحديد المرتبة التي نضع بها الفكر واللغة .لكن أكبر الفلاسفة مثل "لالاند " و"هيجل" قدما طرحا يؤكد أن اللغة أداة تعبير عن الفكر .وقد ذهب ديكارت إلى أكثر من ذلك حين أخذ مثالا عن الصم والبكم وقدرتهم على التعبير عن أفكارهم رغم افتقارهم للغة ، واعتبر أن الفكر جوهر روحي واللغة جوهر ممتد .هنا أصل إلى غاية مقالي وهو مشروعية اللغة أو الفكر في قصيدة النثر وكان الناقد القيسي في تحليل له لقصيدة الشاعرة وسام الأحمد أشار إلى نقطة هامة وهي ضرورة توفر الصور الشعرية وعدم الاعتماد على اللغة فقط لخلق نص جدير باهتمام فكري .والناقد على حق اذا ما نظر لأي نص نثري كمتذوق وحتى كناقد، فهو يستند إلى تجربة فكرية واضحة المعالم تعطي تحليله طابع المفاهيم لكن إذا اعتبرنا اللغة رموزا فإننا بالرمز نجد الفكر وباللغة نفسها علينا أن نحدد ملامح الفكر المذكور ،فالرمز حامل للفكر كما للغة .والصورة كما قال "رولان بارت ":دائما ما تكون غامضة فهي ليست كما نراها فعلا" هنا الصورة ينقلها العقل أم اللغة ؟حتما اللغة ، وهنا تتأتى لكاتب قصيدة النثر مشروعية يستمدها من حرية الفكر وبالتالي تحرره من قوالب اللغة الجامدة .و يقول" بارت " بنفس السياق -(اللغة ليست زادا من المواد بقدر ما هي أفق) هذا الأفق الذي تسبح فيه الحداثة نفسها ، وبما اني انتصر لقصيدة النثر فقط واعتبرها الزاد المعرفي الحاضر والقادم فإني أذهب إلى مدى أوسع وهو أن شاعر قصيدة النثر هو نفسه ذاك الأفق اللامحدود هو الفكر المغلف باللغة .لهذا يجوز له من الحرية ما لا يجوز لأحد وحده، يجرح اللغة ويسيل دمها ليعيد حقنه بالفكر والعكس ، شاعر قصيدة النثر هسهسة الفكر واللغة معا . فما الحل إذن وشاعر النثر بات ك نبي مجهول مريدوه قلة والمهاجمين كثر ؟
نحن بحاجة إلى جيل جديد من النقاد جيل ينسى ارتباطه السيسولوجي والنفسي بالخيمة والجمل نحتاج جيلا من النقاد يأخذ الأدب على أنه مادة علمية . وهذه الدعوة قديمة أثيرت من بدايات اشتغال أشهر كتاب قصيدة النثر بالرد على معارضيهم لكن للأسف النظريات المؤطرة للأدب الحديث قليلة ولازالت الحداثة مصطلحا محرضا على الهجوم فقط فمن أطلق على بودلير صفة *الشاعر الرجيم * لم يعترف إلى الآن بمحمود درويش أو بأدونيس كشاعر يمثل الإطار التاريخي للأدب العربي ، حتى مناهجنا التعليمية لازالت تصر على قيس وعمر بن أبي ربيعة والمتنبي كمحاور هامة رغم اهترائها وعدم توافقها مع العصر أو حتى الأخلاقية فما معنى أن نلزم الطالب بالقراءة عن الخمريات أو الغزل؟ أليس هذا تغييب صريح للعقل ؟
الكتابة لغة العقل الخالص و حتى ان اختلفت النظريات المحيطة بها فالاختلاف هالة ضرورية للتطور .


تعقيب الناقد / شاكر آل هيت
 

Shakir Al Hit الاستاذة ندى الادب المحترمة،
في البدء كان العنوان هل الكتابة لغة او فكر ؟
وقد سعدت جدا بالعنوان والمقدمة وكنت اتمنى متى انتهي لكي اثني على ما اقترحه قلمك النبيل، وما جاء من ادلة وطرح موضوعي مهم اعادنا الى سبعينات القرن الماضي وتجولنا بين الفلاسفة والا
دباء والعلماء حيث كانت الحياة عبارة عن قراءة واطلاع ثم كتابة وابداع كأنعكاس موضوعي لما تم استلهامه وتناوله من أمهات الكتب على اختلاف مواضيعها ومفاهيمها، وكم كان بودي ان استمر بالتأمل والاغتراف من معينك الذي لا ينضب وانت تطرقين موضوعا غاية في جماليات النقاش والحوار وهو فلسفي ادبي علمي في آن واحد ( هل اللغة تسبق الفكر أم العكس)، وقد زادني شوقا تأكيدك سيدتي على ان اللغة هي (( اداة تعبيرية عن الفكر)) كما قال القدماء وأكبر الفلاسفة مثل "لالاند " و"هيجل" بعد عناء كبير من التفكير، وهذا الراي يقينا انا معه واتفق بعد طول متابعة استمرت لسنين، وقد بدأت قريحتي المتواضعة وحافظتي تتهيأ لكي تكون معك واحدة من أدوات الحوار ونجاحه،،
لكنني فوجئت بعد هذا بتحول وجهة الموضوع الى منحى آخر جعلني اتوقف كثيرا امامه وهو قضية توفر الصورة الشعرية فيما يسمى ( قصيدة نثر) واستغرب ايما استغراب ان نطرح موضوعا يحمل وجهين أساسيين متناقضين لا يلتقيان الأول هو بهرج الشعر واساس الابداع فيه وهو ( الصورة الشعرية) وأهمية توافرها لكي يكون المكتوب شعرا، وهذه الصورة بدونها سيرتبك مشهد القصيدة او هيكل الشكل الشعري وهذا منحى مهم جدا وهو صحيح وايجابي التواجد بل ضروري الوجود،
لكن الامر حمل منحى آخر وهو ( قصيدة نثر) والتي لا أساس بنيوي لها ولا ارتباط بالصورة الشعرية اطلاقا، على اعتبار ما بني على خطأ فهو خطأ، والخطأ هنا هو التناقض الشديد في التسمية ( قصيدة نثر) والتي لا يمكن ان تستمر بهذا الشكل مالم يوضع حل مناسب ومتفق عليه بالاقناع والعلمية وليس بالتهويل الإعلامي لموضوع لازال الامر مختلف فيه ولم يتم التوافق او الاتفاق عليه ، وما استرعى انتبهاي ماجاء في النص: ((ضرورة توفر الصور الشعرية وعدم الاعتماد على اللغة فقط لخلق نص جدير باهتمام فكري)) وهنا اقول كيف يمكن توفر الصورة الشعرية بدون الاعتماد على اللغة، او بماذا ساكتب هذه الصورة الشعرية وكيف سيتم التعبير عنها، انا الان مربك جدا من هذا الطرح ولم اجد مخرجا منطقيا له على رغم محاولتي ايجاد ولو مسوغ او منفذ مهما كانت ضآلته وكان حجمه لكي استمر بالحوار حول جوهر هذا الطرح الذي اشم فيه خطورة بالغة اذا لم يعاد النظر فيه ثانية من وجهة نظري، وربما اكون مخطئا، لم لا ؟ ولعل من دواعي سروري وابتهاجي تصحيح ذلك الخطأ بجهدكم والاخرين لا بأس...
ثم تذهبين سيدتي الى اختلاف في الطرح بين ليس اكثر من نصف سطر وبعد تأكيدك على مايسمى ( قصيدة نثر) تثمنين وجهة نظر الاستاذ الناقد جمال القيسي في ماتقولين (والناقد على حق اذا ما نظر لأي نص نثري كمتذوق وحتى كناقد) وهنا اثبت مالم تنتبهي اليه اساسا، وهو ( النص النثري) ولماذا لانلتزم بهذا المصطلح المنطقي والمقبول والذي فرض نفسه عليك وعلى دواخلك بقوة دون ان تستطيعي ابعاده او الغاءه والذي لاغبار عليه؟؟ ولو كنت مقتنعة بان مايسمى ( قصيدة نثر) ذا تأثير عالي وكبير في نفسك لما ذكرت ( النص النثري) وهذا مايؤيد كلامي ان تلك التسمية لم تستند على اساس علمي، وانا هنا وفي معرض احتجاجي الكبير والمعروف والواضح للكل وليس الان انما منذ ان ظهرت هذه التسمية العرجاء والى هذه اللحظة وسأبقى ماحييت على هذه القناعة الراسخة اتحدى من يسند لي بالدليل هذه التسمية الى اي من لغات العالم تستطيع تحمل هذا التناقض غير المبرر في المصطلح المفروض قسرا، وعندما اقول كل لغات العالم فلي من الحجة مايدحض من يخالفني لكنني انتظر هنا من يأتيني بمصدر اجنبي واحد ومن اي مشرب كان يؤكد ان في لغات العالم مصطلح كهذا، عند ذاك سارفع يدي واستسلم دون نقاش،،
انظري سيدتي الى ماكتبت حضرتكم وتمعني فيه جيدا (فالرمز حامل للفكر كما للغة .والصورة كما قال "رولان بارت ":دائما ما تكون غامضة فهي ليست كما نراها فعلا" هنا الصورة ينقلها العقل أم اللغة ؟حتما اللغة ، وهنا تتأتى لكاتب قصيدة النثر مشروعية يستمدها من حرية الفكر وبالتالي تحرره من قوالب اللغة الجامدة)
ممكن اتعرف على قوالب اللغة الجامدة؟؟ وكيف يمكن لما يسمى (قصيدة نثر) ان تكتب واللغة جامدة؟؟ لا ادري هل العربية التي حملت ارقى موروث خالد عرفه الانسان الى يوم الدين ( القرآن الكريم) بجامدة؟؟ ام ان ( قصيدة النثر) يجب كتابتها بالطلاسم والرموز او لغة اخرى بعد ان الغينا لغتنا الجامدة؟؟

 وفي محطة اخرى ليست بعيدة عن سابقتها اقرا مايجب تفسيره لانه يحمل خللا فكريا خطرا ينبغي التوضيح بقولك (وبما اني انتصر لقصيدة النثر فقط واعتبرها الزاد المعرفي الحاضر والقادم فإني أذهب إلى مدى أوسع وهو أن شاعر قصيدة النثر هو نفسه ذاك الأفق اللامحدود هو الفكر المغلف باللغة .لهذا يجوز له من الحرية ما لا يجوز لأحد وحده، يجرح اللغة ويسيل دمها ليعيد حقنه بالفكر والعكس ، شاعر قصيدة النثر هسهسة الفكر واللغة معا . فما الحل إذن وشاعر النثر بات ك نبي مجهول مريدوه قلة والمهاجمين كثر ؟)
كيف تطالبين بالغاء اللغة وهي ليست مهمة في الصورة الشعرية بالنسبة للشاعر وتعودين في نفس السطر الى انه الفكر المغلف باللغة؟؟ هذا يحتاج الى تفسير واضح،
سؤال مهم قبل ان انتقل الى ماتبقى من نصكم وهو كيف استساغت اذنك (شاعر النثر)؟ لا اعرف اي تناقض هذا في التسمية، الم يكن الاجدر بمن دعوا لهذا الموضوع ان يجدوا تسمية تليق بطرحهم تتوافق والعقل البشري العربي بالخصوص لان الموضوع لايشمل اية امة سوانا؟؟
الكل يعرف من هو واضع علم العروض، ومن هو او من هم رواد الشعر الحر، لكنني لا اعرف من هو صاحب هذا المصطلح، واتمنى ان اعرفه لكي استطيع اعادة النظر فيما كتبت وربما اصل الى مصادر تزيدني خبرة واطلاعا الى فطحل الادب وجهبذ الشعر الحديث..
المقطع الأخير (نحن بحاجة إلى جيل جديد من النقاد جيل ينسى ارتباطه السيسولوجي والنفسي بالخيمة والجمل نحتاج جيلا من النقاد يأخذ الأدب على أنه مادة علمية . وهذه الدعوة قديمة أثيرت من بدايات اشتغال أشهر كتاب قصيدة النثر بالرد على معارضيهم لكن للأسف النظريات المؤطرة للأدب الحديث قليلة ولازالت الحداثة مصطلحا محرضا على الهجوم فقط فمن أطلق على بودلير صفة *الشاعر الرجيم * لم يعترف إلى الآن بمحمود درويش أو بأدونيس كشاعر يمثل الإطار التاريخي للأدب العربي ، حتى مناهجنا التعليمية لازالت تصر على قيس وعمر بن أبي ربيعة والمتنبي كمحاور هامة رغم اهترائها وعدم توافقها مع العصر أو حتى الأخلاقية فما معنى أن نلزم الطالب بالقراءة عن الخمريات أو الغزل؟ أليس هذا تغييب صريح للعقل ؟)
كيف سمح قلمك المهذب هذا القول؟؟
الجيل الجديد الذي نحتاجه من النقاد هم من يحملون روح الماضي المشرق للأدب العربي الرائع، وليس جيلا ينسى ارتباطه بالخيمة والجمل، فهما اصل ومن ينسى اصله لا مستقبل له...
ليست هناك أي علاقة بما تفضلت به فالحداثة لا تكتمل الا بدرويش ومن سار على نهجهم، والرجاء عدم التزمت والقاء التهم جزافا دون اثبات، فمن يتفق معك ان محمود درويش لا يمثل الاطار التاريخي للأدب العربي؟، ومن اين جئت بهذا الفرض الذي لا وجود له؟، ،
وهل يجوز هذه الإهانة بحق المتنبي وعمر بن ابي ربيعة ؟ وكيف يصح هذا الكلام سيدتي الفاضلة ان ما جاء به المتنبي والمناهج التي ندرسها متهرئة، هل يجوز هذا؟؟؟ انا اشك في هذا النص جملة وتفصيلا، واعلن احتجاجي ومعارضتي له برمته، وارجو اعادة النظر فيما كتب لأنه خطير جدا..
وانا هنا اصر واجدد اصراري على عدم الاعتراف باي نوع او شكل من اشكال الشعر عدا ( العمود والشعر الحر) ولا شعر غيرهما..
وانا اصر على ان المتنبي وغيرهم من ( المتهرئة) مناهجهم على حد قول الكاتبة هم افضل ممن يدعي التطور والحداثة كذبا لا دليل ولا برهان على ما ادعى...
 
رد الناقدة / نائلة طاهر
 

 أستاذي الذي علمني:
كان سبب مقالي ورود اعتذار من الناقد القدير جمال القيسي حيث اختلفنا على تقييم قصيدة وسام الأحمد حيث قال إنه قرأها كمتذوق لا كناقد وأشار إلى افتقارها إلى الصور الشعرية و وجود إيقاع موسيقي جميل وطبعا الاختلاف كان على استعمال مفردات قلت انه قصيدة النثر تجيزها مثلا كتف القصيدة مع كل التضاد الذي بالمفردة وغيرها مما ورد بالقصيدة له بفكر الشاعرة ما يعذرها هذا باختصار .فرديت من حيث أهمية اللغة لشاعر النثر وسألت سؤال فلسفي قديم اللغة أو الفكر أهم ؟
بإيجاز حاولت امرر كم فكرة وطلبت تدخلكم أن امكن للاستفاضة.
مرة يا أستاذي اضافوني لمجموعة محترمة جدا من حيث إمكانيات أعضاءها الأدبية اول ما دخلت وجدت دعوة تكفير لشاعر جزائري انتصر لدرويش و مما أذكره جيدا قولة أديب مهم منهم أن ***قصيدة النثر باااطل باطل*** ودعوة لطرد الشاعر وغيره. واعلم أن أدونيس وبعض شعراء قصيدة النثر لا يعترفون بهم كشعراء.
بالنسبة للغة أشرت إلى أن اللغة كدلالة لغوية لا تعني كاتب النثر وإنما كدلالة فلسفية واستشهدت ب رولان بارت حين قال إنها أفق أي أنها أوسع من أن تضع في قالب دلالي ما وفي أمثلة عديدة حتى في استعمالات الحروف فما يعني هنا لا يعني هناك حين تتغير الحركات أو موقع الحروف .و أشرت بالآخر أن الكتابة فكر مغلف باللغة أو العكس و قلت أن الأمر يشبه الدورة الدموية يضخ القلب الدم بالجسد ثم يعود إليه .اللغة والفكرة جوهر متصل واحدة جوهر روحي والآخر مادي كما قال ديكارت.
خطئي عدم الاشتغال على الرد كمقالة كاملة لا بد من تفسير وتحليل كل الجوانب المحيطة بالموضوع وعزائي أنها رد على القيسي لكن بمقام علمي كمجموعتنا كان الواجب التروي .(حتى بهذه اللحظة انا ارد دون تركيز كبير لأنه ليل و جلوسي ع النت قليل بالليل لكن مستحيل اترك الرد على أستاذي للغد).
حين انتصر لقصيدة فهذا أمر يخص ذائقتي فقط وليس نكرانا لموروثنا الشعري العربي من عصر الجاهلية إلى الآن وربما هذا بسبب دراستي للأدب المقارن الغربي منه فقط .وبحكم عملي رأيت مناهج الدراسة بالثانية ثانوي عندنا منها باب للخمريات والغزل واعتبرت حسب رأيي الشخصي فقط أن هناك خطأ حين ندرس مراهق بهذه السن هذه المواضيع .في حين لاوجود ابدا لشعراء قصيدة النثر في كتبنا التعليمية .
هناك اجحاف كبير مني حين قلت ننسى ارتباطنا السيسيولوجي بالموروث الثقافي (الخيمة والجمل )كان الأصح اني أدعو إلى إيجاد مكانة للحداثة وللشعر الحديث كرديف للشعر الجاهلي بمناهجنا.
خلاصة الموضوع أستاذي لا جدال أن اللغة حاملة للفكر و لا ننكر أن كاتب النثر غير معترف به عند الكثير كشاعر
أعلم أن حجتي ضعيفة وكان من الواجب التأني بردي حتى افسر جيدا مقاصدي لكن ضيق الوقت حائل
لك احترامي دائما فكرا وشخصا.
 
تعقيب الناقد / غازي أحمد ابوطبيخ
 

آفاق نقديه اعلم روعة ادبك وجمال تهذيبك أ.ندى الأدب الموقره..
وتعلمين قبل غيرك ما لهذا الرجل وأعني الاستاذ شاكر الهيتي من اثر كبير في الساحة الثقافيه.. فضلا عما قدمه هنا من عطاءات ثرة أراك ذاكرة لها وفية لمفادها ،وهذا ما عهدناه فيك مذ عرفناك..
أما ما تم التطرق
اليه من المحاور الاساسية ،فلا أظن أن فيها ما يبعث على الاستغراب ،حتى أن الاستاذ شاكر لم يكن مستغربا ايضا ،وقد لاحظته يحاور بلغة المربي الكبير والمثقف الراسخ والناقد الجهبذ ،لأنك لم تقولي امرا جديدا على مجريات الحوار في هذه الموضوعة التي طال الحوار حولها منذ عصر النهضة وبدايات حركة الترجمة حتى هذه اللحظة الراهنه..
ولكنك وبحسب ردك الأخير وقعت في خطأ فكري ولغوي معا بأستخدامك لمفردة ..مهترئ.. او إهتراء.. ذلك لان هذه المفردة يا سيدتي لا تنحصر بالخلل اللغوي وانما تنسحب على عقيدتك الفكرية الأدبية والنقديه..
طبعا لا أنكر أن مثل هذا التعبير موجود هو الآخر في الساحة ،ومبعثه عقائد فكرية سياسية في الاصل..ولكنه ترسب في أذهان كثير من المبدعين للاسف الشديد..وبالاجمال ان معظم اصحاب هذا التعبير ،ولا أقول الرؤية ،لأنها لا ترقى مطلقا ،هم ممن يعجزون اساسا عن كتابة الشعر المموسق بطرازاته المختلفه ،وهذا يعني انهم لا يملكون اذنا موسيقية ابدا،رغم محاولاتهم المتكرره،وفشلهم المتكرر.. فيرتدون عاجزين ناكصين على أعقابهم ،مرددين مثل هكذا تعابير غير علمية اطلاقا..
ولايخص هذا التأشير من يمتلكون القدرة علي ممارسة الامرين معا..
ولقد اثبت السياب قدرته على كتابة العمود ،اثباتا لقدرته ،ودفعا لٱحتمالية
اتهامه بالعجز،وهذا ماحصل فعلا
..انما اسكت جميع المتقولين بكتابة العمود وبقوة كبيره. ،
فمن يمتلك القدرة على كتابة الموزون من كتاب النص النثري ،اقوى موقفا حتى في الدفاع عن منجزهم الإبداعي النثري..وهم غير مقصودين بالاشارات اعلاه..
و لكن كل هذا الحوار لا يقلل من قيمة واعتبار مقالك ،وعلى العكس من ذلك تماما ،فلولا اهمية هذا المقال وجدية المحاور التي اثارها ،لما اخذ منا جميعا كل هذه الاطالة في الحديث..
ولكن مثلك ياسيدتي اعلى مقاما وارسخ ابداعا من الاضطرار الى هذه المفردة العاجزه.. فما قدمت من اعمال ابداعية راقية وعميقة يدل على علو كعبك ،ورفعة ابداعك وخصب موهبتك،ثم ان تجاربك العمودية الناجحة وتجاربك الحرة الناجحة مازالت في ذاكرتنا حية تحظى بتقديرنا العالي..
كما وأن تعليقاتك الإيجابية الراقية على نصوص العمود الشعري كلها شهادات لصالح رؤيتك الدقيقة وأخرها قصيدة الشاعر المميز أ.جبرائيل السامر..
من هنا فإن الموقف من التراث الأدبي والمعرفي عموما لا يخضع عندنا الى مبدأ التقديس الاعمى ،وكأننا امام حضارة طوطمية ،كلا،انما هذا الموقف ينبع من عظمة الموروث وقوة تأثيره على عموم الأدب العالمي.. وتكفينا عبارة المستشرق الفرنسي المنصف الشهير جاك بيرك التي يقول فيها( لو أقمنا برجا للادب العالمي لتربع ابو الطيب المتنبي على قمة هذا البرج)..
انما يكفينا ايضاحك ،ولطف ادبك ،وجميل تخلقك ونبيل تذكرك ،فأنت المبدعة الرائعة التي نعرف..ونقدر..
اما الجزء المتعلق بٱصطلاح (قصيدة النثر)او( الشعر المنثور)او (شاعر النثر)فهذه مادة للحوار لا اظن نهاية قريبة لها لاختلاف زوايا النظر اليها.. لكن الواضح إن وجهة نظر الاستاذ شاكر تتلخص فيما يأتي:
(الناقد شاكر الهيتي لا يتقاطع مع النص النثري كجنس ادبي ابدا،ولكنه يتقاطع مع اصطلاح (قصيدة النثر)واصطلاح( شعر النثر)واصطلاح( شاعر النثر)..لٱعتقاده ان مثل هذه الاصطلاحات تحدث ارباكا وتناقضا،فالنص الذي تحت النظر ..مثلا.. اما ان يكون نثرا او يكون شعرا..انطلاقا من المتعارف عليه في الاصل الاتفاقي.. كونه.. ومعه تاريخ طويل.. ،يعتقد جازما ان الشعر مرتبط بالموسيقى حصرا.. وإن اي كلام غير موزون فهو نثر بلا شك عنده..كما و يتساءل عن سر اصرار الناثر على تسمية ما يكتبه شعرا،ويطلب بكل أريحية اجابة مقنعة على هذا السؤال الذي ما فتئ يطرحه منذ عرفته?
ولا ارى بأسا من هكذا حوارات جادة بل مهمة جدا،كونها تزيح الكثير من الضبابية التي تراكمت مع الايام على طبيعة واصطلاحات هذه المفارقة الادبية المثيرة للجدل..
لافتين الانظار الى مشروعية الإختلاف بل جمال التنوع في وجهات النظر.. ذلك لأن مثل هذا الاعتقاد يمنح الكثير من الحرية كما ويوسع مساحة الحوار وبالتالي مساحة الابداع..مع أننا في الواقع ننأى بأنفسنا بعيدا جدا عن استبعاد اي جنس او طراز عن الابداع،ولا نجد ضرورة في هجوم شكل علي شكل ،فجميعها مطروح لمن يريد التعاطي ..وكل منها حقق منجزات كبرى لا سبيل لنكرانها على الاطلاق..
أما موضوعة الاختلاف فواردة ولكن شرطها سعة الصدر وحسن تقبل الآخر ،مهما كان رأيه مختلفا ،لكن بعيدا عن الكلمة النشاز ،وكل ما يقود الى الإستفزاز..
ولا ريب أن لجميع المبدعين الوعاة الذين يزاولون كتابة النثر الفني المركز كما يسميه الرائد حسين مردان ..وجهة نظر ..في الاصطلاح وفي اسباب ودواعي احالة النص النثري على الشعر..و ليتنا نسمعها او نقرأها..وهذا ما يتمناه الأستاذ شاكر و ينتظره بفارغ الصبر بشرط القدرة على الاقناع.

شكرا لكما معا،أ.ندى الادب المبدعة الفاضلة.. مؤكدين عليك بضرورة إعادة النظر في التعبير غير الدقيق الذي وقعت به في مقالتك،واعني تحديدا كلمة (متهرئ)..وقد فعلت بلطفك المعهود ..لكننا نطلب حذفها من النص الاصلي عن طيب خاطر..
كما وندعوك ايضا لإعادة النظر بطبيعة رؤيتك للتراث العربي الكبير الجميل..ومثلك من يستحق ان ينظر بعين الانصاف وانت الواعية المعمقة..
وشكرا كبيرة بحجم قامتك اخي الاستاذ
Shakir Al Hit الباحث الكبير،على كل ما أوردته جنابك في هذا المقال النادر..
وأظن انني سأفزز قلبك بين الفينة والفينة لكي تتحفنا بمثل هذا الدر المنثور.. والسلام..
 
رد الناقدة / نائلة طاهر
 
 طبعا أديبنا غازي لا أشك مطلقا في الأمانة العلمية التي اتصف بها أستاذي شاكر فهو لا يتهاون ابدا مع تحديد الخطأ وتشخيصه واعلم بحوثه القيمة في القصيدة المؤتلفة وهي مفتاح رده .وأنا بصدد مراجعة كل الآراء والوقوف لحظة تأمل بكل ما ورد فيها واجب مهني ومعرفي
.
اكباري لعظيم حضوركم
 
تعقيب الاديب / Laith Aldakel

Laith Aldakel قصيدة النثر نتاج المدينة الحديثة بكل قسوتها وفوضاها وتداعي قيمها..انها ليست ترفا فكريا ليمدح الناص الحاكم والقصر الملكي .اكثر الشعراء الذين كتبوا فصيدة النثر هم في الهامش من المدينة الغاطسة في وحل الزيف..لم يعد ابنص العمودي والحر يفي بمتغيرات مرعبة تحري في العالم.. ولذا النص الشعري يتطور حاله حال متغيرات المجتمع الضاغطة..
 
 
تعقيب الشاعرة / زكية المرموق
 
Zakia El Marmouke القصيدة المعرفية
تعتمد اللغة كالية لتبليغ الفكرة
وهذة مقومات القصيدة النثرية
 
تعقيب الأستاذ الجامعي التونسي/ د. مالك خالد
 
في إطار الحوار حول مقال الأديبة ندى الأدب أ.(نائله طاهر) الخاص بالموقف من النص النثري أو (قصيدة النثر)وردنا تعقيب معمق من صديق جليل واديب كبير واستاذ جامعي تونسي يحمل شهادة الدكتوراه، ولأهمية هذا التعقيب وبعد الاستئذان من جنابه الكريم سننشره ادناه كما وردنا نصا مع التقدير والاحترام الكبير:
*****************************
نص التعقيب الدكتور مالك خالد:
…………………
(كلنا نعلم ما للجبال من روعة وشموخ فهي الارتفاع و الكبرياء والشموخ والصمود .لكن هل كل هذه الصفات من شأنها أن تجيز لنا قتل البحر ؟
الأستاذة نائلة طاهر بجملة بسيطة دعت إلى قطيعة تامة مع موروث ثقافي عربي يتجسد في القصيدة العمودية متبنية بذلك موقف أنسي الحاج الأكثر تطرفا في موقفه الرافض للتقليد خلافا لادونيس الذي أعلن موقفا في نهاية السبعينيات أكد فيه (إن كتابة قصيدة نثر عربية أصيلة يفترض بل يحتم الانطلاق من فهم التراث العربي الكتابي واستيعابه بشكل عميق وشامل ويحتم من ثمة تجديد النظرة إليه وتأصيله في أعماق خبرتنا الكتابية اللغوية وفي ثقافاتنا الحاضرة ) وموقف أدونيس هذا برأيي ليس تداركا وإنما تراجعا عن عقد أخلاقي جمعه ورفاقه المؤسسين لمجلة شعر التي معها بدأ التأسيس التاريخي والنقدي لقصيدة النثر والذي من بين روافدها القطع مع السلفي الماضوي.
نعود لموقف أنسي الحاج القائل (جذوري الشعرية عربية ،وليست لها علاقة إطلاقا بالقصيدة الأجنبية ) هو ينفي عن شعره صفة التبعية للغرب لكن لم ينف أبدا ولا يستطيع أحد أن يصف شعره بالكلاسيكي القائم على الوزن والقافية والموضوع المحدد مسبقا .وهنا يفتح بابا آخر لتحديد ماهية تلك الجذور وتحديد حمضها النووي ،قد يزج بمسألة العروبة والإسلام بالموضوع و نحن نبتعد عن إثارة هذا الموضوع الآن حتى لا يشرد الحوار بنا .
هل نقتل البحر وهل تكتمل الصورة الجمالية للطبيعة دونه ؟تلك هي المسألة .نائلة طاهر تذهب إلى أقصى اليسار إسوة بأنسي الحاج الداعي للقطع مع التراث وافهم دواعي الأستاذة فهي ستكون بذلك مثلها مثل نازك الملائكة تتبنى الفكرة القائلة أن قصيدة النثر (تفتقر إلى الأصالة العربية ) رغم أن الأستاذة كاتبة لقصيدة النثر ورغم نفي كل كتاب النثر لهذه التهمة التي تقلل من قيمة قصيدة النثر في الأدب العربي. وما على نائلة طاهر سوى البحث مستقبلا على دلائل تشير إلى صحة موقفها المبني أساسا على قاعدة بقصيدة النثر تدعو إلى "قتل الأب" والقتل هنا المقصود منه القتل المعرفي كما قال ماركس (التلميذ الحقيقي هو الذي يقتل أستاذه ) و (نسيان المعرفة ليس نوعا من الجهل بل هو تجاوز صعب للمعرفة) هذه القاعدة موجودة مع جملة قواعد أخرى في كتابة هذا النوع من الشعر مثل التجاوز المادي للزمان،،، للمكان،، الاختلاف،، و ايجاد لغة مختلفة ناقلة للصور الشعرية . لكن هل القتل هو بمعنى الهدم وإقصاء الموروث اللغوي والديني والاسطوري؟ هل نغيب شعراء الجاهلية بدعوى عدم توافقهم مع العصر ؟ لا أظن الأستاذة نائلة تذهب إلى الأقاصي هكذا وهي تعلم أن المكان الذي ستحتمي به سيكون قطبا متجمدا ، صقيعا لا حياة به .ولذلك كان لابد للأستاذة أن توضح أكثر هذه النقطة حتى لا تثير جدلا أوسع لم تُرده ولا كان من ضمن قناعاتها الأدبية ،نهدم كما اتفقنا أستاذة نائلة لكن فعل الهدم مترافق مع البناء أو إعادة البناء ، نهدم المكان (الخيمة التي ذكرتِ) وبنفس الوقت نفتح المكان على العالم ونجعله أكثر امتدادا وانتشارا في المدى .نكسر الزمن ونخلق زمنا ذاتيا منفلتا من الزمن الموضوعي متمردا لا نستطيع رصده كزمن أدونيس (من اليد إلى التاريخ ومن التاريخ إلى هباء البدايات).و البدايات هنا متفق عليها وقد شكل المتنبي و البحتري وأبو تمام وغيرهم جانبا هاما بها والأستاذة على قناعة تامة بذلك لكن خطأها الوحيد هو كتابة تلك الجملة المثيرة دون أن تهتم بالتوضيح أكثر فسقطت في ثقب التأويل .لكني اتفق معك أن قصيدة النثر هي زبد الوعي وان اعتبرها البعض شاذة فإن الشاذ اذا أصبح محل درس يصبح الشاذ الذي يقاس عليه ويهتدى به.)..
شكرا لهذه الإسهامة النفيسة
استاذنا الفاضل
تقبل مناخالص الود وعظيم التقدير





تراجيديا الوجود وارهاصات كريم عاشوربقلم/الناقد جمال قيسي

تراجيديا الوجود وارهاصات كريم عاشوربقلم/الناقد جمال قيسي
 
للنص مغاليق عدة،،،وطرق وعرة،،لا يُفضي ،،عن محمولاته ،الا بعد ان تستكشف مساحته التمثلية ،،وإعادة تركيب ابعاده،،وقد تفلح في ذلك ،،وأحياناً كثيرة ،،تذهب مجهوداتك الى غير وجهاتها ،،ومع ان النص الذي ينتمي الى ما بعد الحداثة لا تحكمه قواعد معيارية،،بحكم عملية النفي والاقصاء الذاتوي ،،بيد انه حتى يتعدى مساحة كاتب النص الى مساحة المتلقي،،لابد من ان تحكمه شروط وجودية،،ربما لاتنتظم،،عمومياً،،ولكن وجودها ضروري،،،وأول هذه الشروط ،،لابد ان يفضي النص ،،الى قضية بالإمكان تداولها بين الكاتب والملتقي ،،بعملية التناص،،،ورغم ان مساحات التمثل تكون واسعة الإرجاء ،،لذا يتوجب الاستغراق في الدلالات ،،وخاصة المنظومة الرمزية،،،لكي تتكشف لك المدلولات،،،او ان تفصح عن بعض مراميها،،ورغم ان المدلولات،،( وهي المعاني والصور التي يراها المتلقي،،من قراءته للنص،،وبالضرورة تختلف من متلق الى اخر ) ،،هي فعالية منفلتة في الشعر لما بعد الحداثي،،بقدر انفلاتها لدى منطقة المدلولات،،وحتى لا يكتنف الغموض ،،عن ما أسلفنا ،،سنبسط الامر قدر الاستطاعة مع المقايسة او التطبيق على النص الخطير لكريم عاشور المعنون ( قصائد فوتوغرافية ) ،،ولا حيلة لنا في الامر،،،اذ ان كل النظريات النقدية لما بعد الحداثة،،تحكمها مثل هذه المصطلحات والمفاهيم ،،،
ان الحداثة التي بلورها عصر الانوار هي نتاج سيسوثقافي ،،لزلزال الثورة الفرنسية،،التي اصبح العالم بموجبها غير العالم ،،فكان النتاج الفلسفي لهيجل خاصة في قضية حياة الروح ،،والفينومينولوجيا ،،،ومقالة كانت الشهيرة ( مالتنوير ) ،،الخطوط العريضة ،،لمشروع الحداثة ،،( طبعاً هنا نتحدث عن الحداثة ومابعدها،،كفكر وثقافة،،وليس فترة زمنية ) ،،في الوقت ذاته كان هناك ممسوس متطرف شكاك،،اسمه فريدريش نيتشه،،فيلسوف ألماني غاضب،،،لم تثنه الكشوفات الجديدة،،عن تأسيس عملية تقويض كبرى للحداثة،،،وهي في أوج قوتها وزخمها البكر،،،ومنطلق فكرته في غاية البساطة والخطورة اذ يعتبر ان اللغة هي نوع من سلطة الاستبداد يمارسها صاحب الخطاب من اجل الهيمنة على المتلقي،، والسلطة هنا لاتنحصر بفرد،،بل في جماعة والمثقف هو اداة لهذه السلطة،،وهنا اللغة ليست المفردات وإنما المفاهيم والرسائل التي يحملها الخطاب ،،لذلك كان نهجه ،،على ان عملية تحررنا من هذه السلطة ان نلجأ الى نحت مفاهيمنا الخاصة،،ولا نتقبل ما يملى علينا،،تطور الامر بشكل لافت خاصة بعد إنجازات السويسري دي سوسير اللغوية التي افضت مع جهود الشكلانين الروس الى البنيوية،،ومن ثم مابعد البنيوية في التفكيك،،وما فكرة دريدا و رولان بارت لقاموس الدلالة الا توسيع لفكرة نيتشه ،،لتضرب عالم الادب حتى الأعماق ،،ومن ثم الشرخ الكبير الذي احدثه بيكاسو في الفن،،،لقد أخذ العالم وجهة جديدة ،،ليس نافية للمرحلة السابقة فحسب ومتنصلة عن كل ما مضى،،بل وموغلة في الفردانية ،،وفي اللامعنى ،،واللاجدوى،،،بمسمى العبث،،والتكعيبية والتجريد،،والسوريالية،،الى اخره من موجات التوسانامي،،،النيتشوي ،،،لقد أفلتت المعايير،،،ليس هناك نموذج يمكننا التأسيس عليه،،او الانطلاق منه،،لقد ضاعت منا حتى نقطة ارخميدس ( يذهب ديكارت الى انه نجعل عقلنا صفحة بيضاء نسطر عليها فكرتنا ،،ولكن قبل هذا يجب ان نفترض نقطة معينة ننطلق منها ،،ونعتبرها مرجعيتنا في عملية التأسيس،،وسماها نقطة ارخميدس ) ،، وقطع. منا خيط أرْيان ،،لنتدبر امرنا في المتاهة ،،وهذا العصر المابعد حداثوي ،،المتساوق مع فعالية العقل الغربي في نتاجه الثقافي،،انتهى في شهر آب لعام ١٩٩٥ ،،مع عصر ثورة المعلومات،،،ليفتتح عهداً جديداً بالمرة،،ومن نتاجه النانو في الادب والومضة ،،وربما قصيدة النثر،،الى اخر المسميات،،،وليس لنا ان نحكم عليه ،،والا اتُهمنا بالرجعية والتخلف،،،ومن هذا المنطلق اقدم اعتذاري للناقد( اسامة حيدر) والأديبة (ندى الادب) ،،لأَنِّي دخلت معهم في منطقة تناقض،،،ولي عذري،،وعلى قدر ما هم محقين،،،،الا انني كنت اركز على قضية اساسها ثابت في وعيّ،،الا وهي فكرة الاغتراب،،والتي انتبه لها وشخصها ماركس ،،بأنها النتيجة المحايثة لتطور الرأسمالية،،،مقابل فكرة الانتاج لديه ،،،وقد أساء الشيوعيين تفسيرها،،وحطموا جوهر الفكر الماركسي ،،،إذاً الإخوة النقاد كانوا محقين في تشخيصهم للنتاج الظاهري،،فيما كنت اذهب انا الى الجانب الجوهري،،،والى الميكانزيمات المولدة للصيرورة الهوامية في النتاج الأدبي ،،اتمنى انني لم أولد الملل للقارئ،،،ولكن لا مناص من هذه التوطئة المبتسرة،،،قبل الشروع في رحلتنا مع كريم عاشور،،،وسيرى القارئ ،الأسباب التي دعتنا لمثل هذ الامر،،ولكن هناك امر اخير لابد من الإشارة اليه ،،لقد اسلفت ان النتاج الفكري والثقافي الغربي متساوق مع الحراك الاجتماعي التاريخي له،،،في حين ان حراكنا التاريخي كعرب،،مختلف تماماً وان كل تجارب الحداثة ومابعدها ،،تبقى غريبة عن الفكر العربي الاسلامي،،،ليس لخلل فيه او فيها،،،وإنما تكمن الاشكالية ،،في قضية جوهرية ،،وعتبة لا يمكن تخطيها،،الا وهي اللغة،،فاللغة العربية متكاملة ،،عند مزاوليها،،ومن غير الممكن ان يطرأ تغيير او تحديث فيها،،لارتباطها بالمقدس ( القرأن ) ،،حيث لايمكن الفصل بينهما،،ومن هنا يمكن تأشير التطورات الحاصلة في كل اللغات العالمية بما يتوائم مع كل عصر،،في حين العرب يبحثون عن توائم اي عصر مع المقدس،،وقد لا يحصل وهو امر كثير الحدوث،،لذلك تظهر الإشكاليات الكبرى،،،مع مواكبة التغيرات الحاصلة،،،وهذا مبحث لا مجال بتداوله ،،هنا ،،،
نعود الى قصيدة كريم عاشور،،،،وفي رأي المتواضع وربما محدودية اطلاعي،،،اعتبرها افضل نتاج ثقافي يبوح عن الإشكاليات التي أشرنا اليها،،،،وسوف نلقي نظرة عليها على شكل فقرات،،،،
١- يعتبر زينون ( فيلسوف إغريقي سبق أرسطو بمئة عام ) ،،ابو الفيزياء الحديثة ( النانو والصغائر ) ،،عندما اعتبر حركة الجسم عبارة عن سكونات متلاحقة،،ففي كل وضعية في حركته يحكمه زمان ومكان ،،اي ان حركة الجسم اشبه باللقطات الثابتة،،لكل مكان وزمان في حيّز الحركة ،،وهو الامر الذي اوحى الى ظهور السينما من خلال جمع اللقطات الثابتة الجزيئيّة ،،وعند تحريكها تبدو ،،انها مستمرة ،،في حين رفض هذه الفكرة جملة وتفصيلاً أرسطو ،،من خلال اعتبار الاستمرارية هي مؤشر الحركة،،ولاتزال كبرى النظريات الرياضية قائمة على وجهة نظر أرسطو ،،في حين لم تفلح مع فيزياء الصغائر،،،يلاحظ هنا ان كل لقطة لها زمنها الخاص السكوني،،،وهو لُب المحور الزمني للبنيوية وما بعدها،،،ومدى انعكاس هذا التصور على الادب المعاصر برمته،،،،منها تطبيقات قصيدة النثر والنانو والومضة،،،،ولكن لنرجع الى صديقنا كريم عاشور وكيفية تطبيقه على قصيدته ،،
الصورة افضل مني
فهي زمن واقف على ورقة
اما انا
فورقة بلا زمن
في المقطع أعلاه ،،يحدد عاشور ،،ظرفي الزمان والمكان،،،وسكونية تامة،،على طريقة زينون،،،ومطابقة مع كل النتاج الحداثي وما بعده،،وحتى العصر المعلوماتي،،،هنا منتهى التكنيك،،،ولست ابالغ،،اذ من يمعن النظر يستشف ما نذهب اليه،،،،هذا في جانب،،اما الاخر،،فهو يعلن ان الوقائع ،،ظاهراتية ،،هي الحقيقة الثابتة،،مع اهدار لاي شيء اخر عداها،،،هو هنا مثال حي لتطبيق فلسفة هوسرل وهابرماس،،،وإعلان ،،عن الفجيعة التي تنبأ بها ماركس،،،وسنعود لاحقاً لنكمل هذا الامر مع الصورة الشاملة،،،،
٢- يطبق كريم عاشور نظرية زينون وافتراضاتها الثلاث،،،بشكل محكم،،،ففي تكنيك غريب ،،تتكون القصيدة من مقاطع ،،اشبه بلقطات الفلم السينمائي ،،لموت الانسان المعاصر بسبب تموضعه في القبر الذي صنعته الحضارة،،جراء إصابته بالمرض العضال ( الاغتراب )
٣- يتعامل كريم عاشور بتجربة استفتاحية،،،من خلال جعل اللحظة الذروة واللقطة النهائية في وسط القصيدة،،بحيث تفضي كل لقطات القصيدة الى هذه البؤرة ،،،المكثفة ،،،
لا اذكر منه سوى انه
دسني في إطار
ثم علقني على الحائط
ومضى
هل هناك ابلغ من هذا الكلام،،انه سؤال الانطولوجيا ( الوجود) المهم،،،بل الأهم ،،،،
يخبرنا ،،عاشور ان كان هناك اله فقد خلقه وعلقه على الحائط،،وقد اهمله العمر كله،،،صورة لايميزها هذا الاله بين الحشود،،،او انه قد تناساه،،كواقعة ساكنة،،لاقيمة لها،،،او ان هذا الاله العابث مشغول بأمر ،،اخر،،هذا المقطع بالإجمال ،،يناظر إلقاء حجر ببركة ساكنة ،،انه المركز والحلقات المتكونة ،،هي المقاطع الاخرى ،،،
في الصورة الشاملة للقصيدة،،،بمفردات قليلة تمكن كريم عاشور،،من طرح مشاهد شتى ،،هذه المفردات ،،الصورة،،الزمان،،الإطار ،،،وكأنها تشكيل احتمالية عددية،،من ثلاث ارقام،،،استطاع الشاعر ان يغطي سؤال الوجود،،بطرحه على الوقائع،،،وكذلك الملفت للانتباه استخدامه الصمت البلاغي في بعض المقاطع بمهارة عالية،،ولا اعرف هل ان صديقي،،مطلع بعمق لكل ما ذكرنا،،ام انه كتب القصيدة بعفوية وهو ما أرجحه ،،ولا اقصد هنا الصدفة الا ان حسه الشاعري المرهف تمكن من استيعاب معطيات العصر،،وطروحاته،،وهنا نقصد معنى الشاعر،،،بكامل الوصف،،،الميتافيزيقي الرائي،،وهنا سبب تعلقي به ،،،فقط ملاحظة ،،لو انه استخدم إطار فضي بدلاً من الخشبي ،،لاكتملت الصورة العبثية لحياة الانسان فالكل الى زوال،،ميسور الحال الذي في الإطار الذهبي،،والمتوسط ،في الفضي ،،والمعدم في النحاسي،،،ربما للشاعر رؤية اخرى،،،،
 

 
 
 
تعقيب الاديبة/ Lale Hope
 
Lale Hope سلمت عزيزي لهذه الدراسة والشرح المفصلين والتي أمتعتني وفتحت آفاقاً لي في معنى نقدك ومدى إلتحامك بل وتقمصك لروح الشاعر لتصف لنا كل هذا، وهو أمر بالغ الصعوبة بل مدمر أحياناً لمشقة كل ذلك التقمص لروح الألم، وخاصة في نصوص الصديق كريم المترعة بالغربة. أما بالنسبة لإختياره إطار من خشب، فلذي فكرة، لربما هي مادة الطبيعة الآيلة للزوال، ولكن بالرغم من هذا هي من تسع الإنسان من مهده الى لحده ورفيق الغربة الوحيد. حتى انه صنفه في الوسط بين معدنين، ميزه وأعطاه بعداً آخراً، على ماأظن. تحياتي وإمتناني لكل ماتثرينا به
 
 
تعقيب الناقدة/ نائلة طاهر
 
الكتابة لغة أو فكرا؟
:::
 
ضمن تحليله لقصيدة كريم عاشور أورد الناقد جمال القيسي اعتذارا للشاعر و لندى الأدب .الاعتذار بالنسبة لي ليس سوى هو فتح امسار آخر للحوار قدمه الناقد القدير بأدب وتواضع أوجد شرعية للحديث عن فرع متصل بالموضوع المتناول .ألا وهو اللغة .طبعا جمال القيسي كناقد يستند إلى أرضية صلبة تتصل بالفلسفة ،وهو ما يضع كل كتاباته في خانة علمية لا مجال لاستسهال الرد عليها لكني سأوجز واترك لباقي النقاد حرية الخوض في هذا الموضوع وتقريب المفاهيم لقراء آفاق نقدية .
الموضوع هو اللغة في الكتابة وهي القضية التي كانت قد أثارت جدلا واسعا بين الفلاسفة قديمهم وحديثهم وهو السؤال الذي ينبني عليه أي جدل فكري : هل اللغة تسبق الفكر أم العكس ؟هذا هو الموضوع الذي أردته محورا للرد لإثراء الحوار أو بمعنى أدق أخذته من بين موضوعات مختلفة تفضل الناقد القدير بالإشارة اليها وتحليل بعضها .
الكاتب عامة- بنظري' لا تعنيه الدلالة اللغوية للغة وإنما خدمة لاغراضه الأدبية لابد من أن يكون على دراية بالدلالة الفلسفية لها . والطرح الفلسفي اختلف في تحديد المرتبة التي نضع بها الفكر واللغة .لكن أكبر الفلاسفة مثل "لالاند " و"هيجل" قدما طرحا يؤكد أن اللغة أداة تعبير عن الفكر .وقد ذهب ديكارت إلى أكثر من ذلك حين أخذ مثالا عن الصم والبكم وقدرتهم على التعبير عن أفكارهم رغم افتقارهم للغة ، واعتبر أن الفكر جوهر روحي واللغة جوهر ممتد .هنا أصل إلى غاية مقالي وهو مشروعية اللغة أو الفكر في قصيدة النثر وكان الناقد القيسي في تحليل له لقصيدة الشاعرة وسام الأحمد أشار إلى نقطة هامة وهي ضرورة توفر الصور الشعرية وعدم الاعتماد على اللغة فقط لخلق نص جدير باهتمام فكري .والناقد على حق اذا ما نظر لأي نص نثري كمتذوق وحتى كناقد، فهو يستند إلى تجربة فكرية واضحة المعالم تعطي تحليله طابع المفاهيم لكن إذا اعتبرنا اللغة رموزا فإننا بالرمز نجد الفكر وباللغة نفسها علينا أن نحدد ملامح الفكر المذكور ،فالرمز حامل للفكر كما للغة .والصورة كما قال "رولان بارت ":دائما ما تكون غامضة فهي ليست كما نراها فعلا" هنا الصورة ينقلها العقل أم اللغة ؟حتما اللغة ، وهنا تتأتى لكاتب قصيدة النثر مشروعية يستمدها من حرية الفكر وبالتالي تحرره من قوالب اللغة الجامدة .و يقول" بارت " بنفس السياق -(اللغة ليست زادا من المواد بقدر ما هي أفق) هذا الأفق الذي تسبح فيه الحداثة نفسها ، وبما اني انتصر لقصيدة النثر فقط واعتبرها الزاد المعرفي الحاضر والقادم فإني أذهب إلى مدى أوسع وهو أن شاعر قصيدة النثر هو نفسه ذاك الأفق اللامحدود هو الفكر المغلف باللغة .لهذا يجوز له من الحرية ما لا يجوز لأحد وحده، يجرح اللغة ويسيل دمها ليعيد حقنه بالفكر والعكس ، شاعر قصيدة النثر هسهسة الفكر واللغة معا . فما الحل إذن وشاعر النثر بات ك نبي مجهول مريدوه قلة والمهاجمين كثر ؟
نحن بحاجة إلى جيل جديد من النقاد جيل ينسى ارتباطه السيسولوجي والنفسي بالخيمة والجمل نحتاج جيلا من النقاد يأخذ الأدب على أنه مادة علمية . وهذه الدعوة قديمة أثيرت من بدايات اشتغال أشهر كتاب قصيدة النثر بالرد على معارضيهم لكن للأسف النظريات المؤطرة للأدب الحديث قليلة ولازالت الحداثة مصطلحا محرضا على الهجوم فقط فمن أطلق على بودلير صفة *الشاعر الرجيم * لم يعترف إلى الآن بمحمود درويش أو بأدونيس كشاعر يمثل الإطار التاريخي للأدب العربي ، حتى مناهجنا التعليمية لازالت تصر على قيس وعمر بن أبي ربيعة والمتنبي كمحاور هامة رغم اهترائها وعدم توافقها مع العصر أو حتى الأخلاقية فما معنى أن نلزم الطالب بالقراءة عن الخمريات أو الغزل؟ أليس هذا تغييب صريح للعقل ؟
الكتابة لغة العقل الخالص و حتى ان اختلفت النظريات المحيطة بها فالاختلاف هالة ضرورية للتطور .
 

الاثنين، 26 سبتمبر 2016

زقاق بلا صبايا - بقلم الشاعر/ وليد المسعودي

زقاق بلا صبايا

-1-
نعيتهما معا
وجهي
والدهون . ...

حيث الصبايا
ترسل القبلات
وحيث الله
يحسب القسمات
حيث العيون
تغرقان
في اللهاث والانتظار .
وجهي اليوم
كغيمة
تعشقها الجمرات
أو زقاق
بلا صبايا
حافيات اقدام
يركضن والحرير
يرسل الندى
والعبير .
نعيتهما
لقوام يشد الربيع
وبدايات
يركض خلفها الاخضرار .
-2-
أيتها الرياح
سجنك متسع
يعدو خلفي .
أيتها الحروب
أنا العصفور
جناحاي مثقلان
بالخوف
ايتها الآلهة العطشى
للدماء
انا العشب الصغير ،
دمعة
في عيون اليتامى .
هل أستطيع
أن أزف قلبي للعشق
نجمة ترقص
في ملهى البكاء
هل استطيع
أن أدحرج السنوات
دونما وجع
يرفرف
دونما حسرات
هل أستطيع
أن اغازل الربيع
ألملم الطرقات
كنسمة غافية
بين ثنايا الياسمين
والنرجس .
آه .. وبكاء
انه الفيض والتجلي
لدم يطوف
بين الناس
وانتظار يحز القلب
وعيش على رفرفة
الرقاب والأنفس
وشوق يخاف البدايات
ويهمس للاخضرار : -
هناك
بأقصى المدائن
دفقي يسيل
مع الظلمة والنار
مع اتساع الرهبة
في نهر يغني
مع ارتفاع الخوف
في حقل من الازهار
 
تعقيب الناقدة/ نائلة طاهر
 
ندى الأدب تجليات حرف ومعرفة وفكر هي قصيدتك أعجبتني الهالة الوردية التي رافقت مفردتاك رغم انكسار الأجنحة و عجزها عن قطع سلاسل الخوف انتصرت للطبيعة وانطلقت منها ثم كان الإياب مغازلا لمدائن تغفو على وجع وآثار دم أسود .جمعت تناقضات ارادتها الطبيعة ومن قبلها آلهة الكون .

رد الشاعر /وليد المسعودي

Walid Masody شكرا عزيزتي ندى الادب على متابعتك وتعليقك الجميل ، القصيدة تتحرك ضمن ذاتية واضحة تحمل درجات من التحدي والرغبة في التغيير من جهة و الانكسار والاصابة بواقع مثقل بالخوف والحروب والدماء ، حيث تنتهي جميع التحديات في النهاية امام قوى دموية تستهلك الانسان والطبيعة والمجتمعات . ان من يفيض ويتجلى في نهاية القصيدة هو "داعش"بالوانها وتعددها حيث دم يطوف ، وانتظار يحز ، وعيش على رفرفة ، وشوق يخاف ، انها قصيدة رثاء لذات تركض خلف البدايات لجسد يشد الربيع ، ولكن النهايات دائما ما تصيبنا بالخيبة والتراجع ، وهذه النهايات هي عطبنا التاريخي الذي لا نستطيع تجاوزه ، عطب الافكار المحولة الى وقائع في غاية القطع مع الاخرين وانهاء وجودهم المادي والمعنوي ، مع كل الحب والتقدير

الأحد، 25 سبتمبر 2016

مقالة -في الصّورة الشّعريّة بقلم الاديب/ أسامة حيدر

في الصّورة الشّعريّة :(1)

لنْ أتناولَ في هذه العجالة أنواع الصّورة الشعريّة لكنّي سأتناول لطيفةً أو أكثرمن لطائفها :
ثمّة صورٌ كثيرةٌ تُطالعنا فيما أنتجته قريحة الشعراء ، ولكن يتفاضلُ الشعراء في الصّورة كما يتفاضلون في المعنى ودقّته ورونقه .
فثمَّ صورٌ مبتذلة كقولنا : رأيتُ أسداً ، ونريد رجلاً يشبه الأسدَ ، وبحراً ...... ونبحثُ دائماً عن صورةٍ حسنةٍ لطيفةٍ عالية الطبقة ، ولا تكون كذلك إلاّ إن جاءها اللّطفُ من كلِّ حدْبٍ .
انظروا إلى قول الشّاعر :...

سالت عليه شِعابُ الحيِّ حين دعا ... أنصارَه بوجوهٍ كالدنانير
فمن الواضح أنّه أتى على معان كثيرةٍ من خلال هذه الصّورة :
1- هو مُطاعٌ بين أهله وعشيرته .
2- يسرعون إلى نجدته حين يدعوهم .
3- يكثرون حوله حين يناديهم لحرب ، ويزدحمون حواليه حتّى يغصَّ بهم المكانُ .
4- هم كالسيل يتدفّقُ من هنا وهناك .
ثمَّ انظر إلى قول الآخر :
اليوم يومان مذْ غُيِّبْتَ عن بصري ..... نفسي فداؤك ما ذنبي فأعتذرُ
أمسي وأصبحُ لا ألقاك واحَزَنا ...... لقد تأنّقَ في مكروهيَ القدرُ
( يريد أنّ اليوم تضاعفَ طولُهُ عليه بسبب البعاد فصار كيومين )
ولطفُ الصورة في قوله : ( لقد تأنّقَ في مكروهي القدرُ )
1- القدرُ يؤلمُ شاعرنا أشدَّ الإيلام .
2- القدرُ تجمَّلَ إيغالاً في ألمه .
3- القدرُ لا يحسبُ للمحزون ( الشاعر) أيَّ حساب ولا يأبه لمشاعره الحزينة لذلك تأنَّقَ لحزنه .
إذاً كلما ازدحمت المعاني في الصورة كانت أكثر روعةً وجمالاً من صورة تعطيك معنى ذاجانب واحد لا أكثر . هي أسرارٌ في الصُّورة أيّاً كان نوعها لا نطالعها في الكثير ممّن نقرأ لهم اليوم .
قال الشاعر عمر أبوريشة :(2).
مأتم الشمس ضجّ في كبد الأفـــــــــــــــق وأهوى بطعنة نجلاء
فأطلت من خدرها غادةُ الليـــــــــــــــــــــــل وتاهت في ميسة الخيلاء
الصورة هنا كلية .الشمس تودع يومها ، والليل يطعنها طعنة قاتلةً بقدومه ، وقد استطاع الشاعر أن يحول الظاهرة الفيزيائية إلى حالة إنسانية فالشمس مهزومة أمام عظمة الليل . وإن خيال الشاعر الاسترجاعي وخياله التوليدي قد منحنا صورة رائعة غير مسبوقة والأهم من ذلك كلّه كيف استطاعت الصورة هنا أن تعكس الحالة النفسية التي يعيشها الشاعر وهي حالة الحزن و الألم. والموضوع نفسه تناوله شاعرٌ آخر هو خليل مطران عندما تحدث عن الشمس الغاربة :
و الشمس في شفق يسيل نضاره فوق العقيق على ذرا سوداء
مرّت خلال غمامتين تحــــــــــــدراً وتقطّرت كالدمــعة الحـــمراء
الصورة الشعرية الناجحة تحوّل ،وبلا تناقض، مظاهر العالم الخارجي إلى تجربة إنسانيّة تمتزج فيها ذات الشاعر بعناصر هذا العالم وتعكس في الوقت ذاته أحاسيسه ومشاعره تجاه محيطه وعالمه ..

السبت، 24 سبتمبر 2016

قصيدة الجندي المجهول بقلم الشاعر/ كريم عاشور

قصيدة الجندي المجهول
--------------------

انتهت الحرب
وما زالت تلك الخوذة تلبس رأسي
اما القلب
فتحول طبلاً ينقره جنديٌ مجهولٌ
يأكل من قصعة خوفي
ويبثُّ بياناً ينعقه في طبلة أذني
ما زلت اخفُّ الى دائرة التجنيد صباحا
امشي ال (يس يم )
نحو (النهضة )
اصعد في حافلة (الريم )
الى حيث البصرة
لأقص شريط الموت الفاصل
ما بين الجنة والجبهة
ما بين الحب وبين الحرب
هل قلب ذاك القابع في صدري
ام طبلة حرب !؟
 
تعقيب الاديب/ جبار الأسدي
 
Jabbar Jabbar Alsaedy الاحبة،،القصيدة،،،لصديقي الذي حملني أخي أبو سرى Jamal Kyse,,غيابه،،،،
والصورة لي ،،،وجدت،،شباكا،،في القمامة،،،،وظننت،،انها،،لوحه،،هو شباك،،حروبنا،،المشرعة ،،على مصراعيها،،منذ ولدنا...فالتقطت،،،الهشيم،،،والشرائط،،التي تحاول،،سد الوجع،،،
طاب مساؤكم جميعا
 
تعقيب الاديب/ Laith Aldakel
 
Laith Aldakel وانا اصعد لجبهات الموت في السليمانية..وكانت الانفال مشتعلة..كان معي صديقي وليم فوكنروكتابه رواية ..الصخب والعنف..كنت اقراء وابكي للصخب في حروق الحقول والقرى الكردية المهجورة..سلاما لقلبك الابيض صديقي Jabbar Jabbar Alsaedy
 
 
تعقيب الناقد/ غازي احمد أبو طبيخ
 
آفاق نقديه لمن يا ترى نتوجه بالسلام ؟!..والثلاثة ساعيا من بعيد وناشرا من قريب وشاعرا في صميم الصميم كلهم جميعا رادة سلام..أ.جمال..أ.جبار..أ.كريم..السلام عليكم.. وفي البدء,نشكركم معا على هذه الهدية النفيسة بحق,كونها سجلت فرادة نوعية اقل مايقال عنها أنها مدهشة حقا.. ترى ماهي اسباب هذه الدهشة الفاجعة الماتعة؟! ان اول مظاهر هذا القصيد تكمن في هذه البساطة التعبيرية الخادعة -اذا صح لنا التعبير-فمن يقرأالنص للمرة الاولى يتوهم انه بازاء منشور قريب القاع سهل التناول ..لكنه سرعان ما يتكشف عن حقائق ابداعية وتقنية ورؤيوية باهرة فعلا,ولست اكيدا ان الشاعر قد قصد كل ما سنبينه في هذه المتابعة العاجله؟!,اذ يبدو انه قد كتب النص بحلولية كامله,بل كتبه وهو يمشي باتجاه موقف السيارات !! *كيف يمكن لنا ان نتصور امكانية شخصنة الرتابة وكأننا نراها من خلال مفردة بشرية عراقية ؟! *كيف يمكن لنا ان نرى هذا التسليم بل(الاستسلام) بل(الانقياد )العجيب من خلال ضمير جمعي لشعب كامل..اليس الشاعر والفنان الحقيقيان ضميرا جمعيا.. لقد جعلنا الشاعر نرى كيف تمت عملية استلاب الارادة الانسانية بطريقة هائلة القسوه..وهاهو الانسان يتحرك باتجاه الموت بقدميه كمن فقد السيطرة على التخيل حتى..امكانية تصور اي احتمال للخلاص..الانسان هذا الكائن العبقري الثمين واثمن راس مال في الوجود تحول الى مجرد اداة ممنوعة عن التفكير الا با(يس يم)وحسب..فاي نوع من الاستلاب هذاا؟.. كلنا يتذكر الفلم االصامت الكبير ل شارلي شابلن,وكيف يتحول فيه العامل الانسان الى مجرد الة داخل المصنع لاتختلف عن المفل و(البرغي),حتى بات يتحرك بنفس الطريقة الالية التي تتحرك بها تفاصيل الماكنه؟! ثم لم هذا التسليم للموت..مادمنا نعلم اننا ذاهبون الى الموت ..هل هناك ما هو اكثر ارهابا وارعابا من الموت نفسه.. وكلنا يتذكر الرواية التاريخية التي تروى باتجاهين:بغداد خلال العهد المغولي.اوطهران خلال العهد الافغاني.. يحكى ان جنديا محتلا عاد من احدى الحانات ليلا فصادف في طريقه مجموعة من الشباب يتجولون في الطريق..هو بمفرده اعزل من كل سلاح..وفوق كل ذلك كانت الثمالة بادية عليه..فضلا عن كونه غريبا عن الارض..بينما كانو عصبة ,فضلا عن كونهم ابناء الارض..قال لهم :ماذا تفعلون هنا ؟!..قالوا نتمشى يا سيدنا..قال :الاتعلمون ان هذا ممنوع..قالوا لا..قال اذن يجب ان تموتوا..فلم ينبسوا ببنت شفه..قال ضعوا رؤوسكم على هذا الرصيف..فوضعوا رؤوسهم فورا..قال :انتظروني ,لأنني ساذهب الى المعسكر من اجل أن اجلب سيفي لكي اذبحكم به جميعا..ولم يعد الا وجه الفجر الى نفس المكان ويالها من مفاجأة عجيبة غريبة لم يتوقعها ابدا..اذ كانت انوف بعضهم تنزف من طول فترة السجود..فذبحهم عن بكرة ابيهم وعاد من حيث اتى..؟؟؟!! ***وما يساعد على عرض متبنيات النص الدفينة الغائره هو ان شاعرنا العاشور الكبير قد تمكن.. بذات سهله الممتنع الذي يشكل نوعا من انواع الابتكار هنا ..,تمكن من تحقيق عرض مسرحي جوال من شخصية واحدة وعلى خشبة مسرح هائلة المساحة تبدأ مع اول سطر في النص ولكنها لم تنته مع ختام حروفه ابدا بل ما يزال العاشور.. المكتظ بأحزان شعب كامل ..يعرض مشهده الدرامي جوالا في صدر كل واحد منا..وكأنه يرسم بنا دائرة طباشير عراقية بل عربية هذه المره..!!! ***وثمة ظاهرة أخرى لا بد من الاشارة اليها ايضا..ونعني بها هذه الوحدة الايقاعية التي اكتنفت وأطرت النص من اوله الى اخره في ذات الوقت.ايقاع بطيئ لا يماثله الا كورال التشييع الثقيل.وكأني به يحاكي بدقة لا متناهية رتابة المشهد الخانقه..وانا اعلم يا استاذ جمال قيسي ويا استاذ جبار السعيدي ان صاحبكما العاشور المحتشد بنا جميعا كان متحدا تمام الاتحاد مع مشهده المسرحي الرؤيوي البليغ رغم براءته الخبيئة المتخمة بالايحاءات اللماحة الواخزة في اقصى مكامن الاعصاب المخدره..من هنا كان الصدق الشعوري والعقدي وسيلة وغاية في ان واحد ..وكان الاستاذ كريم العاشور ساطع الحضور بهما معا بقوة شديدة التاثير,بعيدة المدى. .تحياتي وبالغ تقديري ..
 

الجمعة، 23 سبتمبر 2016

تجربة اسمها الموت،،وحفريات كريم عاشور بقلم الناقد/ جمال قيسي

تجربة اسمها الموت،،وحفريات كريم عاشور
 
 
في تقاويم تبحث لها عن تواريخ ،،وخرائط تمتلك مفاتيح،،ولكن لا ارض ،،بالإمكان المقايسة معها،،الا في عالم كريم عاشور،،وعالمه ليس غريباً عنا قط،،وإنما هو يراه من بؤر ،،عدساته التي لايملكها احد اخر ،،بقدر بساطة الكلمات الا انه يثقلها بحمولات ،،لا نقوى على فك اسرارها،،ليس لانها أحجية ،،بل لانه يقف في المركز وفي كل الأطراف والإرجاء ،،في اللحظة عينها،،إفصاح ،،اليم،،ولحظات صدق،،تحتوي الوجود،،نظرة للحياة،،من حيّز الموت،،اركيولوجي ،،للوجود من منطقة... النفي،،والعدم،،يجعل من الموت شاهداً على الحياة ،،،وليس العكس،،الصورة بالمقلوب،،عبث الحياة ،،مقابل صرامة الوعي في منطقة الموت،،،الأموات شهود على خطل الحياة،،وفعالية واعية على اللاجدوى،،يعيد الاعتبار للحل الابدي،،ازاء منفى الحياة العبثي،،في هذا التقابل،،تكون منطقة الموت هي الخلاص ،،امام تعاسة معيشة،،هو اشبه،،بالمتنقل او المتحول،،من جهة الحياة هو نبي منبوذ،،ومن جهة الموت اله مسلوب الخلود،،عالق في البرزخ،،ولكنه برزخ زجاجي يطل على الجنبين،،يمارس علينا الخديعة ببساطة كلماته،،ويلقي خلف ظهورنا اسفاراً ثقيلة،،اشبه بطريقة عمل ادفارد مونش،،التعبيرية،،بساطة في الرمز واللون ،،وعمق لانهاية له للفجيعة الانسانية،،
كل عمل إبداعي ،،يبحث له عن مساحة للتمثل،،في عقل المتلقي،،وان لم يجدها،،فان العمل معطوب،،بوسائله،،وإعلان عن الفشل،،والمدهش في كريم عاشور،،يزودك بالمساحات الشاسعة،،حتى لتظن،،انه لامساحة هناك،،انها آفاق أوسع من مداركنا النسبية،،في عنوان أخاذ للكاتب تينسي وليامز لمسرحيته الذائعة الصيت،،عربة اسمها الرغبة،،،عند كريم عاشور رغبة اسمها الموت،،،او موت اسمه الرغبة،،،ومفاتيح خرائطه في منتهى الدقة،،هو يذهب الى سوق البالات،،ليعلن عن اللاجديد بالإمكان استخدامه،،الحياة مستنفذة لدرجة التكرار،،وسوق البالات تعبير عن التاريخ المحنط،،،الفاقد للفعالية ،،،
القميص وهو ما يغطي اعلى الجسم حتى الرقبة اي صندوق الجسم الذي يحتوي القلب،،لعاشق ميت،،،وهو رمز عن موت القلب والحب فيه،،موت مشاعر الانسان على العموم،،،اما البنطال،،والذي يغطي عضو التكاثر،،،يرمز للعقم ،،،والقبعة يتناظر،،فيها مع صموئيل بيكت،،للتعبير عن فقدان العقل والحكمة في الحروب الطائفية،،،اما الحذاء المتروك،،هو عبثية الحروب التي قوضت كل معالم الحياة ،،،ويتصاعد اخيراً،،الى قرار شنق نفسه،،في غمرة اللاجدوى واللامعنى ،،،والسأم،،،،،والتحريض على الانتحار
وأخيراً دعوة من عالم المنفى ،،الموت،،لمراجعة جريمة الحياة،،،وعبثها،،،
ماذا أقول سيدي،،لم تترك لي قدرة ،،على امكانية التعبير في إيفاء حقك،،،أخذتني ،،لمديات بعيدة في العمق،،والوجود،،في تجربتك الفريدة ،،اتمنى ان يدرسها اي شاعر ،،او مشتغل بالأدب ،،وكيف تحمل الكلمات وتشحن طاقتها ببساطة ومنهجية،،
 
 
 
رائحةُ الموت
..............
اقتنيتُ ملابس مستعملة
من سوق ( البالات)
(قميص ،بنطال ، قيعة ، حذاء ، ربطة عنق )
ثم جلسنا سوياَ من اجل التعارف
كان القميص
لعاشقٍ مات من الحب
أما البنطال فلرجلٍ ثري لم ينجبْ أطفالا
وقضى كمدا
القبعة قطع رأس صاحبها
لأسبابٍ طائفية
الحذاء تركه جندي ذهب الى الحرب
ولم يعدْ
ربطة العنق صارت مشنقةً لرجل
كان يعاني من الضجر
.
.
احتضنتها وبكينا معا
ثم قررتُ ان ألبسها جميعا
في عيد ميلادي القادم
كريم عاشور 
 
 
 

 

جبرائيل علاء السامر (زهر الملح سم على نصل الرماح ) قراءة نقدية بقلم الناقدة/ نائلة طاهر

جبرائيل علاء السامر
(زهر الملح سم على نصل الرماح )
............................
 
هل لاحظتم شاعرا يرجم المعنى بحروفه ويجعل القارئ رهين الصفاء والمروة.. يجعله يلهث وهو يتابع من الحرف الأول إلى الحرف الأخير بالنص ؟هل كان الشاعر يعبأ بالإرهاق الذي يصيب قارئه بعد اتمام القصيدة ؟أكاد أجزم أن السامر تقصد كل ذاك بل قد كان حريصا وهو يكتب على شحذ كل قدراته والتسلح بكل معارفه ليُخرج نصه في إطار بالغ الخصوصية. فالاستعارت التصريحة والمكنية رداء لكل ما كتب و هو ما أعاد للأذهان نمط الشعر الجاهلي وبنفس الوقت لم يحد ابدا عن الحداثة في الشعر ، وتلك هي معجزة النص برأيي فأن يقع نظرك على قصيدة تخالها لأبي فراس أو للمتنبي من حيث البناء اللغوي ثم ومن نفس اللغة والترميز تحيلك إلى السياب مثلا:
سلاما بلاد اللظى و الخراب
و مأوى اليتامى و أرض القبور
أتى الغيث و انحلّ عقد السحاب
فروى ثرى جائعا للبذور
و ذاب الجناح الحديد
على حمرة الفجر تغسل في كل ركن بقايا شهيد
و تبحث عن ظامئات الجذور
و ما عاد صبحك نارا تقعقع غضبي و تزرع ليلا
و أشلاء قتلى
و تنفث قابيل في كلّ نار يسفّ الصديد
و أصبحت في هدأة تسمعين نافورة من هتاف :::::
أو أحمد مطر
بَكى مِن قَهْريَ القَهرُ
وأشفَقَ مِن فَمي المُرُّ
وَسالَ الجَمْرُ في نَفْسي
فأحرَقَ نَفسَهُ الجَمرُ!
بِكُلِّ خَلِيَّةٍ مِنّي
لأهلِ الجَوْرِ مَحرقَةُ ُ
تُزمجرُ : مِن هُنا مَرّوا.
وإنّي صابِرٌ دَوماً على بَلوايَ
لَمْ تَطرُقْ فَمي شكوايَ
لَو لَمْ يَستَقِلْ مِن صَبْريَ الصَّبْرُ!
وَلَستُ ألومُهُ أبَداً
:::
هؤلاء من الاعلام الأدبية التي سبقت علاء السامر و تركت لجيله الأرضية الخصبة لزرع جديد .والزرع جاء مختلفا لا هجينا ولا نسخة لأحد بل جاء أراد له الطين الشريف الذي ضم أبناء العراق بلد حضارته لا تُنسى ولا تذبل ولا يجف فراتها أو دجلتها.
ما لفت انتباهي أيضا أن الشاعر كان رؤوفا بالفتية حتى وإن اجتمعوا على الحرب فقد حرص على أن ما سيترك من بعدهم ليس دمارا بل بناءً أو غرسا وهذا لا يخفي الحماسة التي بقلب الشاعر الشاب ولا رغبته في إعلاء قيمة الفخر بتلميح ذكي لا تصريح فج العزاء الوحيد في ذلك أن ما مر من لفح كان مرورا خاطئا وحياد عن مسار لا يلبث أن يعود لسماواته السامية .
لست ألوم السامر ابدا على روح التفاؤل بقصيدته كما لا ألومه على استخدام مفردات حارقة توحي بالخضرة لا بالرماد ..لست ألومه أبدا ان أراد للشاعر الساكن به أن يختلف وان يقفز على تجارب المخضرمين ويفرض تجربته الشعرية الخاصة بالاقناع وبالدعوة إلى صلب القديم على الحديث وتغميس الملح بالزهر ليكون المذاق فريدا حارا يوقظ الحواس ومن قبلها العقل.
::::::
 
 
الى فتية القمح
 
خلُّوا المصاحفَ طُعماً في فمِ الرمحِ
ففتيةُ الله لايمضون للصلحِ
هم فتيةٌ آمنوا بالحرب برزخهم
إذ إنهم نضجوا في موسم القمحِ
وهم حُداةُ ليالٍ ضلَّ موعدها
فكلما أسرفتْ يأتون بالصبحِ
ووارثونَ لأرضٍ طينُها شرفٌ
لذا تراهم ندامى خمرة الجرحِ
للأرض منهم نبواتٌ مؤجلةٌ
منها لهم مالإسماعيلَ من ذبحِ
يهمهمون فراتاً حين تندبهم
ليزرعوا الأغنياتِ الخضرَ في الملحِ
من فرط مارشفوا من دجلةٍ هطلوا
ماءً ضحوكاً على أيقونةِ الشُّحِّ
هم أولُ الماء هم في الغيث أوسطُهُ
وفي كتاب الليالي آخرُ الشرحِ
يراودون إناثَ الغيم عن مطرٍ
ويطرقون حبالى النبعِ عن سَيحِ
ويرجمون شتاءً مرَّ عن خطأٍ
في دوحة النصر إذ يرمون باللفحِ
من أدمنوا نشوةَ الجوزاء خمرتهم
هل يأبهون لكأس الموت في السفحِ
أبي العراق بنوكَ السامقونَ أتوا
كي يرفعوا الهامَ رغماً عن يدِ الرمحِ
الكادحون أديمَ الصخر ياأبتي
من أوقدوا الماءَ من إيماءة القدحِ
الحاشدون نبوَّاتٍ بساحتهم
والواعدون بما في سورة الفتحِ
مروا خِفافاً وكان الجرحُ محتدماً
فأمطروهُ سماواتٍ من النفحِ
هبّوا سفيناً ودمعُ الأمهات شرا
عُهُ ودعْواتهنَّ الآيُ في اللوحِ
معتَّقون ونخبُ الأرضِ يشربهم
وعاشقون كما الصوفيِّ في الشطحِ
لم يرتقوا صُرُحاً إذ قاعُهم سَبَبٌ
فكلما هبطوا بانوا على الصرحِ
دماؤهم في وجوهِ الزهرِ غافيةٌ
تحكي ربيعينِ ماجفّا عن المنحِ
يستشهدونَ وتبقى روحهم قُبَلاً
على فمِ الوطنِ المصلوبِ بالنوحِ
 
جبرائيل علاء السامر
 
 
 
تعقيب الشاعر/حسين ديوان الجبوري
 
حسين ديوان الجبوري قراءة نقدية ممييزة لقد قرأت القصيدة اكثر من مرة واستذوقت شعرها كما استذوق رغيف الخبز الحار .
اما نقدك ست ندى اﻻدب كان منصفا فطنا يليق بك ناقدة كبيرة ويليق به شاعر كبير رغم انه شباب اﻻ ان شعره يرتقي فوق شعر الشيوخ تحياتي لك ست ندى اﻻدب
 
تعقيب الشاعر/ سليم راؤول أسمر

سليم راؤول اسمر عندما أقرأ هكذا قصيدة..احاول ان ارى اين تاخذني... ماذا يريد الشاعر ان يقول لي مما لم يخطه يراعه..
هنا..اعتقدت لوهلة انني في سوق عكاظ..!..انها لغة متمكن من العربية
تتسابق بين يدي قريحته ايسر اساليب التعبير باجزل الكلمات ان شاء دون المساس بالانسجام الع
ام للتعبير و انسيابيته و يتهادى عمود الشعر سلسا مطواعا تحالف و تالف مع الكلمات..و من اجمل صور الفخر بلغة هادئة يقرأ المرء:
و هم حداة ليال ضل موعدها
فكلما اسرفت يأتون بالصبح..
يهمهمون فراتا حين تندبهم
ليزرعوا الاغنيات الخضر في الملح..
من ادمنوا نشوة الجوزاء خمرتهم
هل يأبهون لكأس الموت في السفح؟
انني اشكر كلا من صاحبي النص و النقد على روعة ما قدماه..
 
تعقيب الناقد/غازي احمد ابوطبيخ
 

آفاق نقديه احسنت سيدتي احسانا كبيرا..
 
تعقيب الناقدة/ دنيا حبيب
 
دنيا حبيب يكفي أن ذكرتينا -من خلال النص- كيف تكون -وكيف حقق الشاعر- "المعادلة الصعبة" "معجزة النص".. بين الحداثة وبين الأصالة.. وهذا قمة ما نرنوا إليه..