الثلاثاء، 22 مايو 2018

سكرة الحزن.. بقلم الشاعر/ غسان الحجاج

عراقٌ انا من ثروة الحبِّ لا النفطِ
تشظى من الاوجاع قلبي ومن سخطي

تناهبني الوجدان منذ تبدّدتْ
امانٍ رماها الوأدُ في برزخ الضغطِ

ترنحتُ سكراناً من الحزن دميةً 
فبالله يا حسناء لا تقطعي خيطي

تحنُّ مجاديفي لتقبيل موجةٍ
يدايَ بموجِ الليلِ تنهيدةُ المشْطـِ

خذيني انا المسروق في كلِّ ساعةٍ
ولا تقلقي فالصبُّ من روحهِ يعطي

ابو الانبياءِ الطهْر محرابُ وحيهمْ
وسجادةُ الكرار والسيدِ السبْطِ

عراقٌ.. المْ تنجبْ ليوسفَ اخوةً 
سوى الجاحد الكذاب او محض منحطِّ !

وجوهكم الألوان من كلِّ ارقطٍ
عجافٌ تمصُّ الخير من لونيَ الحنطي

زرعتم يباس اليأس في منبع الندى
فصار مخاض الفجرِ ليلاً من القحطِ

رقصتمْ على الارزاء والشعبُ راقصٌ
واصبحتمُ والشعبَ كالفأرِ والقطِّ

أآلهةٌ انتم ؟ أنحنُ عبيدكمْ؟
عجيبٌ جراح العبد تلتذُّ بالسوطِ!

سنينٌ وداء الصبر ينخرُ في الحشا
وحنجرة التصريح ضربٌ من الخرطِ

فسادٌ مشى في النهر حتى تبدلتْ
خرافاتُ فحوى النهر بالسمكِ (البلطي)

فمن بيئة الضوضاء قد حيكَ وكرهم
وكم ضاعت الاوراقُ في لعبةِ الخلطِ

سأجزمُ بالحرمان مستقبلاً لنا
لانَّ جوابَ الشرطِ يجزمُ بالشرطِ

بححتُ انادي الموت من ذلة الهوى
تعالَ سريعا ايها الموت لا تبطي

فما عادَ يعنيني الوجود بذي الدنا
بحيث انتهى قبل ابتداءاتهِ شوطي

الميتا معنى وظاهراتية زكية المرموق قراءة في نص من قتل الغابة ؟ ،،، أ.جمال قيسي



تمتاز تجربة زكية المرموق ،،،بنهج ،،عجيب ،،فهي تضفي الاطر فوق الاطر،،،وحلقة تتداخل بحلقة،،في توظيف ،،وصفي ،،لمشاهد عدة ،،بالمجمل اي من هذه المشاهد لايؤدي الوظيفة المباشرة للمعنى،،وإنما تستبدل الوظيفة بطريقة فذة ،،لتدخل القارئ او المتلقي ،،في فوضى الصورة ،،التي تجيد اثارتها،،وحالما ينجلي الغبار عن ،،اول موقف تستدرك المعنى،،،هذه المحترفة تجيد التلاعب ،،في ذهن المتلقي ،،لتخلق عوالم تحكمها بصرامة،،زكية المرموق،،شاعرة ربما يصح القول عنها،،بأنها ظاهراتية ،،وهذا قول ادق في التوصيف ،،من كون الأسلوب وصفي وفق اُسلوب الرواية الجديدة ،،اذ انها تعتمد من خلال الوصف استدعاء ،،السياقات المضمرة ،،وهو الذي يدحض الرأي القائل بعدم عمق شعر زكية المرموق ،،انا شخصيًا كقارئ ،،اعتبرها رائدة في مضمارها ،،واقف حائرًا كناقد في تنسيب ،،شعرها،،مع اني استخدم توصيف الظاهراتية الشعرية ،،وسبب حيرتي،،هو انني لا أستطيع تنسيبها الى التفكيك،،او البنيوية التوليدية ،،مع ان نصوصها تنطوي على مثل هذا الامر،،،لكنه ليس بالانطواء الصريح ،،اذ ان الإطارية ،،التي تنتجها ،،بحكم تركبها وتشاكلها ،،تنتج فائض المعنى ،،،مثلا لنأخذ
" تقول الصحراء لآخر قافلة مرت من هنا
ماشردتني سوى الذاكرة
لازلت أبحث عن دمي في الريح
وعن ورثتي
لكن النهر لايعود أبدا
من حيث أتى "
تستنطق الصحراء ،،في توصيف مزدوج ،،للهجرة الافريقية الى أوربا ،،وفي لوم مزدوج للذاكرة،،،اي بمعنى التراث المتحجر على عتبة الازمنة الغابرة،،،ومن الضحية ؟ ،،انه الانسان العالق هناك،،،او المغامر في رحلة محفوفة بالمخاطر،،الى عالم النور ،،أوربا ،،الصحراء تنطق بالموروث،،،الثأري ،،وذكريات العصور الزاهية،،هي لم تتقبل الانكفاء ،،،في هذه الاطر المتداخلة إنما ،،تتحدث زكية المرموق عن الحراك الاجتماعي والتاريخي،،لشعوب المنطقة،،ولحظات الاحتضار لهذهالشعوب التي تأبى الاعتراف بذلك،،،
هناك تكمن أهمية زكية المرموق ،،،في إنجازها. الشعري،،،العمق انت مسؤول عنه،،كمتلقي،،
في المقطع الوصفي المتراكب والمكمل ،،،تشير الى تاريخانية هذه الصحراء العامرة بحقول الألغام ،،في الحرب الكونية ،،واللافظة لابنائها،،هذه الاوطان ارض منفى واقصاء،،وتاريخ دموي،،،تأبى ان تغير سيرتها ،،،
" ظهري حقل ألغام
صدري يعج بالنازحين
والعالم تاجر أعضاء 
بشرية "
حياك الله ايتها المرموقة،،،،
جمال قيسي / بغداد
من قتل الغابة؟
كأي كلام عابر بين أحد
ولا أحد
أقتفي أثرك
وأقول للهواء
ما أبعدك!
أتمدد في ليل عينيك
بالهديل اقطف رمان صوتك
أتشتت في محبرة
وأقول للمسافة
ما أوجعك!
كل الذين دخنوا دمي
دلقوا دمهم في لعبة نرد...
المشهد الآن بدون حبكة
الجمهور لا يحمل واقيا
ضد العبث
وحينما تضجر الكراسي
يابكيت
تأكل النص
فتبلع الستائر الخشبة
ترى هل هناك باب خلفي للحكاية
أيها الببغاء؟
تتساءل رصاصة جائعة
وهي في طريقها الى المدرسة
أيها الديك
حينما يحضر الجواب حصة الدرس
بكل حقوله
قبل أن يولد الجواب
يأكل الصباح لسانه
من يدري الآن ماذا يحمل الحلزون وهو يقتحم خلوة
العاصفة
بيتا
خوذة
ورما
ام حجارة؟
مرعب ما تدسه وصلات الإشهار في الوسائد
وعدد المسبحات في التكايا
أكبر عدد من عدد الدراويش...
يالله
توشوش جثة للسماء حينما نامت الجدران
من يستبدل الحصير بريش
اليمام
هو من قتل الغابة.
الصقيع
شرفة صدئة
وامرأة في اقصى زاوية على الورقة
تحرس عشب الفكرة
من قنافذ اليقين.
تقول الصحراء لآخر قافلة مرت من هنا
ماشردتني سوى الذاكرة
لازلت أبحث عن دمي في الريح
وعن ورثتي
لكن النهر لايعود أبدا
من حيث أتى
*

بيان قصائد نانو Nano Poems مشروع للتجريب في حساسية اللغة أسعد الجبوري

لم يكن الشعر متحفاً ولا الشاعر قطعة أثرية تُحفظ في صناديق زجاجية.فالشعر ضد العرض كبضاعة، وما كان الشاعر استعراضياً إلا في حالات مديح الآخر أو قضمه هجاءً. لقد حاول الجاهليون أن يجعلوا من اللغة قبيلة ،دون أن يتمكنوا من ذلك. لأن اللغة لا تكون خيمة لأحد بالمطلق. فهي ضد السكن في منزل ثابت.
وإذا كنا نتحرك في مجرى التاريخ اللغوي بقوة التخيل، كبناة نصوص ومفجري معانٍ، فإننا لا نميل إلى استعمال المكابح في أثناء أعمال التأليف، لئلا تتعود الحرية على الكسل، فتمتلك التبريرات لوضع الخطوط الحمر ما بين مفردة وأخرى، فتصاب النصوص بالأذى القمعي.
كما وليس كمثل التوقف على تلال اللغة قتلاً لأعمال التخييل وفرص الإبداع.التوقف أو الوقوف هناك، يأخذ معنى توقف الدم في شرايين الجسد.وتالياً فهو عمل يشبه قص الأجنحة منعاً للطيران إلى ما وراء الأقفاص الجاهزة وقوالب الكتابة المُعَدة سلفاً. والشعر العربي الذي أسرف في التبجيل وفي التقليد وفي النوم الطويل في كهوف اللغة وأبارها السحيقة، بقي مخلصاً للوراثة التي ما زال يعتاش على حطامها وفضلاتها السلفية التي تعكس حالات اليأس والخذلان والارتهان لمنجزات الفعل الشعري الماضوي، كونه تعبير عن هوية مكان وزمان في آن واحد.
القداسة هنا تتضح جلياً. فبعدما خمد الشعر العربي بفعل التخدير القسري القدري، واستسلم لإرادة التراث،ظل حراكه قيد المساحات الضيقة، ويمشي بأقدام مُعوقة أنهكها المخدر الكتابي القديم، فيما الشعر أصلاً جزء من حركات الطيران.فعل من أفعال الانفلات ولا ينتمي إلى عار التوقف في موقف السلف أو في موقف رامبو أو في موقف الباص!!
التلامس المهني مع حركات شعرية عالميةنلم يخدم المخيلة الشعرية عربياً، ويأخذها إلى مجال جوي آخر، أبعد من نص الهايكو وأكثر فتنة من رامبو وسان جون بيرس. الغالبية العظمى من شعراء العربية كانوا من الهوامش. يهمشون نصوصهم تارة بالتبعيةوتارة بالتناص مع شعراء أجانب هم بالأصل خارج التغطية وعليهم علامات لا تخدم الشعر بحركاته التطورية.
لذا.. كان الشغف بنصوص قصائد الهايكو مثالاً يؤكد على أن الانغماس بهذا النوع من الكتابة إنما يؤكد على أن العقلية الشعرية العربية جزء من ذاكرة زراعية. أو هي في عمقها طين لطبيعة صامتة. فالهايكو الياباني شعر ينبت ويموت في ذات المكان الطيني. ومن النادر أن تجد منه نصاً ينبت على ورق أو يطير بعيداً الحقل.
في اللغة -أية لغة- ثمة فضلات مختلفة. ثمة جدران وحيوانات وكائنات متعددة الجنسيات مختلفة المذاهب متوابة الاتجاهات الفنية.فاللغة بدءاً ماء في مجرى الروح، ومن الصعب نقله إلى مكان آخر.فأن تجرأ أحد بوضع ذلك الماء في أكواريوم أو برميل،فانه سيفقدنا حساسية حركتها بصرياً.يفقدنا جماليات الفيض والسيلان.والنقل بالتالي هو حجز. اعتقال للغة ومحو لتفاصيلها. كل لغة تعيش ردحاً أطول، هي لغة تحاول عدم التفريط بمخلوقاتها الداخلية. فما من لغة دون سلالة أو بذور جينية خاصة بمفرداتها كما أدرك.
لقد حاول عبر سنوات ومن خلال تجاربي الشعرية، الخوض في اللغة عميقاً. اقتحامها في نومها ومناماتها. تبديدها وممارسة أشرس أنواع اللعب بالخلايا الخاصة بها. كنت أدرك بأن اللغة تفكر بالمؤلف في أثناء الكتابة. وتعلمت أن أزج نفسي في لحظة تفكيرها بي كشاعر يحاول الدخول في مجرى فكرها المعقد بنا وبما يحيط بنا من كائنات وأفعال. مرة ظننت بأن أجمل ما في اللغة هي حيواناتها الملتهبة الشراسة. فتلك الحيوانات صعبة المراس، لكنها كانت تتحمل عبْ عمليات نقل الأفعال والدلالات والمجاز من منطقة إلى أخرى ومن نص إلى آخر. وإذا كان المؤلفون يقوم بالعمل نفسه مع بداية كل نص، إلا أنهم لا يجيدون ذلك العمل بمثل إخلاص حيوانات تعايشت مع أسباب نمو عوالم اللغة الداخلية لأن اللغة ما كانت كلمات وحسب، بقدر ما هي أرواح سحرية تعمل في تيه مطلق.
لا في كل ذلك من أجل تحقيق منجز شعري خارج سيطرة الذهنيات القائمة. وكان من آخر تلك الأفعال الشعرية التجريبية، التمرس على كتابة ما هو أبعد من الهايكو وأشد اختصاراً من أي حجم شعري في العالم،إلا وهو التجريب على صياغة مشروع عربي شديد الكثافة وشاسع الدلالات والمعاني، حيث بناء كل نص أو قصيدة لا يتعدى خمس كلمات، لأن اللغة العربية قابلة لأشد التفجيرات. قابلة للتجريب بمختلف مكوناتها البلاغية والمجازية، وذلك عندما تتم السيطرة على باطن اللغة لا الركض على ظهرها مثلما يفعل الكثير من الشعراء راهنا.
هنا نقدم نماذج من ((قصائد النانو)) هدفاً للسيطرة على حركات التصحر التي تحاول ضرب الشعرية العربية ومشروعاً للتأسيس عليه:

السلام يبدأ من النفس أولاً حبيب السامر

للحديث عن السلام وخصوصيته في النفس البشرية وما توارثناه من مفاهيم مترسبة في دواخلنا ،تعيد الى اذهاننا انه الاطمئنان الى ازالة عوالق الصراعات والخصومات والتشبث بمفهمومية القيم الراسخة والعادات والمواقف التي تربينا عليها بدءً من العائلة الصغيرة التي تبنى على اساس متين من الاحترام المتبادل واعطاء الحرية وتبادلها مع الاخرين من خلال اساليب ممنهجة تقتضي تبادل الآراء وعدم اللجوء الى فرض الرأي بالقوة والتركيز على اعطاء فسحة من الحوار ، كي تتجسد مفاهيم الحياة المتاحة بحرية .
من هنا ،لو توسعنا اكثر لنشمل في حديثنا المفاهيم العريضة مع وسع الرقعة للمجتمع ، منطلقين من تعريف المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي ( عِش ودع غيرك يعيش ) هذا يعني ،ان تمنح لنفسك وتدعها تعيش بسلام ،إذن دع لغيرك فسحة متقابلة من السلام لينعم بهدوء وراحة بال مطمئنة في عالم يسوده الضجيج المتصاعد، ولنتذكر جيدا ان الهدوء والركون الى السلام هما نعمة بشرية هائلة تنطلق من خلالها الامور الميسرة في المناجي الاجتماعية والاقتصادية الأخرى بروح متفانية بعيدا عن ثقافة الخصام والنظر من خلال الزاوية الضيقة لحريات البشر، والاقرار بالثقافات المتعددة والدخول في حوارات منفتحة للوصول الى غايات الانسجام .
ولو نظرنا الى القابلية البشرية في تحويل الاشياء الرديئة الى امور نافعة والعمل على تعزيزها من خلال السلام والطمأنينة على فعلها المثابر دائما، منطلقين من مفهوم الطبيب النفسيّ الألمانيّ ألفريد إدلر، وتركيزه على تحويل اثار الحروب المتعاقبة الى بناء جديد ونشر روح التسامح والعمل على تعميم حالات الجمال ،كما لو تطرقنا الى بعض نصوص الميثاق التأسيسيّ لليونسكو في ديباجته ومنها(لما كانت الحروب تتولّد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تَبني حصون السّلام).
وفقا لما تقدم نجد من النافع ان نستلهم الدروس والعبر من واقعنا المعيش لننطلق من خلاله في رسم بؤر الحياة المعطرة بأزاهير السلام لينتشر عطرها الى العالم ، وكما قيل سابقا ان المحافظة على النجاح والفوز اصعب من افوز نفسه ، وتجري الحالة ايضا على ان المحافظة على نتائج السلام واشعاعه الدائم على حياتنا بنور متجدد ، يستوجب ان نغرس له الف فسيلة محبة كي تنمو من ماء محبتنا وتدر ثمارها على الناس جميعا، كما ان الانسان المسالم والذي يتمتع بقدر كبير من المحبة ينظر الى قلوب الاخرين وهي تشع فرحا وحياة بسيطة مفعمة بالحب والجمال ، هكذا يتمتع المجتمع ببؤرة اشعاع منيرة ينتشر ضوء المحبة فيها بشكل متسارع ليعم الجميع لأن السلام والمحبة عملان تربويان ينبعان من الروح ،والأجدر بنا المحافظة عليهما من خلال العمل الدائب لمراعاة ظروف تمتعهما باتجاه غرس المفهومين الدالين على نشاط الجمال وترسيخه اكثر، وما يتمناه من السياسيين ان يبتعدوا عن ممارسة دورهم تجاه اشعال الحروب وبث روح التفرقة والطرق على اوتار تزحرح السلام وتهدم مفاهيم المحبة، ويحاولوا ان يرّسخوا مفاهيم الأمان والحرية والاطمئنان الى فتح نوافذ الجمال لو استطاعوا الى ذلك سبيلا.

التفعيلة المفكرة عند ريم البياتي.. للناقد/ غازي الموسوي

واضح ان هذا النص الذي بين ايدينا الان طويل نسبياً ،على قصيدة حرة،مكتوبة على عروض بحرالكامل( متَفاعلن)بجوازاته المعروفة،ولكن السبب الذي قاد الى هذا الامتداد يكمن في ما ضخته شاعرتنا من المحمولات العميقة على مستوى ثلاثي الابعاد:
*موضوعة النص واطروحته ومفاده..
*الحشد الشعوري والعاطفي الكثيف..
*محاولات الشاعرة المتكررة لتفجير طاقات وصور وتراكيب قصيدة التفعيلة المعتادةتوسيعاً لقدراتها على استقبال اكبر قدر من المفاد الفكري والرؤيوي والشعوري..
إن رهافة الإذن الموسيقية موهبة كبيرة لاينبغي ابداً التفريط بها،بل ينبغي تطويعها وترويضها لكي تكون ذات متسعة مرنة وسلسة متفاعلة مع روح العصر ،غير متنازلة عن تجربة زمنها في اخر لحظاته الراهنة التي يعيش او تعيش المبدع..ة،في حومانتها،بغاية التعبير عنها بمثل ما تحاوله شاعرتنا -صاحبة هذا النص-بحدب دؤوب وعزم حثيث،خاصة والملاحظ على الاجمالي العام لقصائد هذه الشاعرة ان خطابها الادبي يكاد يتخصص بالتعبير عن الروح الوطني والقومي بشكل يعبرعن نوع نادر من الشعور بالمسؤولية الثنائية التاريخية والابداعية في آن واحد..
أختي أ.ريم البياتي الفاضلة..تقديري الكبير..
................................
معاجن الاعمار:
ريم البياتي
.......................
من ألف عامٍ
قد عشقتُ غمامةً
تأتي مساءً
عندما تأوي الخليقةُ
للمنام...
فأمد كفاً كي أصافحَها
وتمد غرّتها
لتلقي بالسلام
هي ألف عامْ
ماعدت أدري ربّما
تلك الذوائبُ
قد غزاها الشيبُ
أو ضاعتْ
على مزقِ القميصِ
وأوغلتْ
بين البطينِ
وبين أوردةٍ سقامْ
ماعدت أعلم حين تأتيني
أتأتي
كي تغازلَ فاقتي
أم ذاك
مذ ولجتْ خيوطُ الروحِ
سم الإنعدامْ
هو ذاك ما صارتْ اليه غمامتي
من ألف عامْ
....
نثر الهلالُ ضفيرتيهِ
على حقولِ الغيمِ
في كبدِ السماءْ
فبدتْ كأغمارِ السنابلْ
متراقصاتٍ
حولَ ساقِ الليلِ
لاتخشى المناجلْ
وأطلّ وجهُ غمامتي
لا لم يكن مثل الغمامْ
ذاك الذي يأتي إليّ
مسامراً
من الف عام
بل كان وجه الله
مثل الله
ينبض بالمحبة والوئام
لا مثل ما قالوا
بأن الله يمسك سيفه
ويجز أعناق الانام
ورأيت في عينيه
ذاك الحب
في أحداق أمي
إذ كنت محموماً
وتلمس جبهتي
وتنام عند وسادتي
سبَّحت للوجه
الذي ملأ السماءْ
وأزاح ارزاء العناءْ
فتزاحمت في خافقي
كل المسائلْ
رباهُ
ذاك قميصيَ البالي
سألقيه على كتف الغمام
هو كل أمتعتي...
إليك...
خذه لِيُدْفِئَ منكبيك
ألقيته يوما دثارا للصغير
لكنَّ نابَ البرد
بعض خصال والينا الامير
يسري كذئب
في خيام المدقعين
خذه وألقيه دثارا
فوق كتف الزمهرير
شمسا تظل على المدى
تعطي الضياء
لأصدقائي الطيبين
ويعود أطفالي الصغار
من الغياب
من خلف أسوار المدافن والخرابْ
متعانقين كما تعانق
لهفةُ الصحراء
أسرارالجداولْ
.....
بالأمس قالت جدتي
إن الاله يبارك الخبز المغمس بالندى
فوق الجبين
وأنا وأهلي
مذ خلقت البر
نسقيه الندى
ونريقُ
فوق معاجن الأعمار
دمعا من وتينْ
حتى استباح القحط
كل شعابنا
ماظل في التنور
يارباه
من حطب
وذاك النمل يأتي
تحت جنح الليل
يبحث عن طحين
هم كسرتان من المرار
خبأت إحداها هناك
يقال أن النمل يخشى
من مصاحبة الجرار
وهنا بكفي كسرة
خذها
كفافاً للجياع الصائمين
في كل يوم
يوقد النمرود
والمسحوق من اهلي
(ابا الضيفان)
فاجعلها سلام البائسين
.......
رباه اغفر جهل أسئلتي
لكنني..
من ألف عام أو يزيد
مازلت أبحث عن جواب
مازلت أسكن
في زواريب المذاهب
في زوايا الاغتراب
مازلت
أرسم وجهك القدسي
في رئتي
إذا حل المساء
وأخطأت عنقي الحراب
فأراك قربي
مثل مصباحي الوحيد
ووجه أمي
والرغيف
هو أجمل الأسماء
ماحملته أمي
وأطهر الصلصال
ماكانت بلادي
أنا مثل عشب السفح
أنمو في الربيع
وعندما ياتي الحريق
أموت صادي
ومتى أحب
يضق رحاب الكون
أن يحوي ودادي
في ناظري
أراك نورا أقتفيه
وفي فؤادي
هو ذاك
عشق الحر للأحرار
يارباه
لاأرجو رغيفا
أو قميصا
رغم جوعي
رغم بردي
كل ما أرجوه
يارباه
أن تحنو
وتسكن في خفوقك
مااسميه بلادي

نزيف الروح .. للشاعر/ زكريا عليو

ﻻ تقرأْ جراحَــك لظــلامٍ 
لا يســمَعُك… … ...
لن يبكــيكَ النــهار 
لملمْ صــديدَ أنيــنِها
معزوفــةً للغدِ
عقــاربُ الوقتِ ماضــيةً
وعجلاتُ الأيــامِ
تدهــسُ الغافلــينَ… ..الحالــمينَ
بضــوءٍ يتســرّب من شــقوقِ النوم
ماحكَّ قلبُــك…… .. .غيرَ نبــضِك
أنت من تصــنعُ ابتســاماتِــك
لوّنْ فراشــاتِها… . بشــغفِــك
امــضِ في غنــائِك
وﻻ تنتــظرِ المصــفقين
… ..… ★★★… .....
آهٍ… . يا صديقي
لــيتَ لي كذبــةً
تهــدهدُ جراحي
علَّــها تغفــو
قبــلَ نزيــفِ الغــروبِ
لــيتَ لي صــلاةً
تنقــيني مــني
لأغدوَ حمــامةً بيــضاءَ تغــني
أرتــقُ بــــها… …
ثقــوبَ الضــوءِ
بــعد أن… ....
أقــلِّمَ أظافــرَ لــيلٍ
على مشــانقِه صُلــبَ النــدى
وكــم طــالَ رقــادُه
لــيت لي حيــاةً بــلا دمــوعٍ……
وﻻ وعــــود
قلــبيَّ الصــغيرُ كــبرَ كــثيراً……
قبــلَ الربيــع
وأضــحت خفقاتُه صــفراءُ بلــونِ
الخريــف
…… … ★★★… … ..
أيــا صــديــقي… .. يا بضــعاً مــني
مســافرٌ أنــا… .…
مــوجةً تحمــلُ الدمــوعَ المــهاجرة
أســكبُها ..…
للصــدى… ... والريــح
على شــواطئٍ تضــجُّ الشــّمسُ نوراً
بهــا
أزرعُ وردةً ﻻ تــراها الجــراح
وﻻ يخــنقُ عــبيرَها الدُخــان
مســافرٌ كالسّــنونواتِ
نحــو ســماءِ دفءٍ
وفي ذاكرتِــها حــنين ٌ
لأغصــانِ ِ الغــرام ِ
وشــرفاتِ العبــق
أســرقُ البريــقَ مــن عــيونِ
العــاشــقـين
لأكــتبَ قــصــيدةَ الحرمــان ِبالآهات
كــفاكِ يــاروح
تكســَّرت نغمــاتي
لــم يبــق فــي شــرايينــي
مــكانٌ للــطعــنات
ﻻ لــن أعــود َ إلى أســاي
جــفَّ الغــديرُ
ولــم أزلْ عــلى ضــفافِ الســاقية
نســيَ الزمــانُ أريــجَ أمــنيتــي
هــجرتنــي الفصــولُ
ولــم يــمتْ في داخــلي
لــحنُ الأمــانــي
وســوفَ أشــدو رغــمَ نزفــي
كــي أعــودَ إلى ترانيــمِ الحيــاة

صحفيون عراقيون في معرض الذاكرة ــ محمود الهاشمي (ابا محسن) بعيون اهل المهنة

ولد محمود الهاشمي في محافظة بابل في احدى قرى الشارع السياحي الرابط بين قضاء الحمزة الغربي ومركز الحلة في الرابع من شهر نيسان عام 1954 وفي اليوم الذي غرقت به بغداد بسبب فيضان نهر دجلة ..
ولد لاسرة دينية اشتهرت بالعلم والزهد والتقوى .. أنتقل والده في ستينيات القرن الماضي الى بغداد واستقر في كلية الزراعة جامعة بغداد الكائنة في ابي غريب وهناك كبر وترعرع .. دخل المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة بعدها انتقل بصحبة العائلة الكريمة للسكن في حي العامرية وفيها أكمل الاعدادية وتخرج من كلية التربية ــ قسم اللغة العربية في سبعينيات القرن الماضي ..
كان أهتمامه الاول في الادب مبكرا وكذلك الشغف بمهنة الصحافة حيث نشرت له العديد من القصائد والنقد خلال مرحلة الجامعة في المجلات التي تعنى بالادب سواء العربية أو العراقية ومنها مجلة (الطليعة الادبية) ومجلة (البيان) الكويتية بالاضافة الى الصفحات الادبية في الصحف المحلية مثل (الجمهورية) و(الثورة) .. كما وانشغل بكتابة التحقيقات والحوارات ايضا والنقد في مجال المسرح .. فهو اذن صحفي وشاعر وكاتب وناقد ..
بعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 شغل الهاشمي مناصب عديدة في ادارة الصحف والمجلات العراقية حيث ترأس صحيفة (الرحاب) الصادرة عن التحالف الملكي الدستوري ثم شغل منصب مدير تحرير صحيفة (الدعوة) الصادرة عن حزب الدعوة تنظيم العراق وعلى مدى اربع سنوات ثم سكرتير تحرير صحيفة (العدالة) الصادرة عن المجلس الاعلى بعدها سكرتير تحرير صحيفة (المواطن) التابعة لاسرة بحر العلوم ثم مدير تحرير صحيفة (صوت العراق) الصادرة عن التيار الصدري ..
كما شغل الهاشمي منصب مدير تحرير صحيفة (الاحرار) الصادرة عن مؤسسة السجناء السياسيين ومدير تحرير مجلة (مزارات) الصادرة عن الامانة العامة للمزارات في ذات الوقت عمل مستشارا أعلاميا لعدد من مؤسسات الدولة ..
خلال ادارته للصحف اعلاه يكون الهاشمي قد كتب العشرات من الاعمدة والمقالات السياسية ومازل متواصلا في كتابتها حتى اللحظة سواء في الصحف العراقية أو العربية وفي المواقع الاخبارية ومراكز الدراسات العالمية كما أجرى العشرات من اللقاءات والحوارات مع الوزراء والنواب وقادة الكتل السياسية ..
بعد عام 2003 عمل في مجال التحليل السياسي ومستضاف من جميع القنوات الفضائية العراقية وأغلب القنوات الفضائية العربية الاخبارية وكذلك بعض القنوات العالمية التي تبث باللغة العربية ..
من طرائف العمل الصحفي بعد ترؤس الهاشمي صحيفة (الرحاب) وبعد ايام من الاحتلال كان انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة فكان يعمل على ضوء المشكاة (اللاّلة) ليلا ويفترش حديقة المنزل حتى أنجز يوما جميع الصفحات وحررها ودخل الى المنزل ليعاود مراجعتها فتفاجأ بالمشكاة قد أنقلب نفطها على الاوراق واحترق ما أحترق منها ..
ومن طرائف الصحافة ايضا أن الهاشمي أجرى حوارا مطولا ولاكثر من ساعة مع وكيل وزير الخارجية العراقي ايام الجمعية الوطنية لبيب عباوي .. ويبدو أن جهاز التسجيل لم يعمل لضعف البطاريات فسأله الهاشمي أن يعيد الحوار فقال له عباوي : ليس لدي وقت وحاول أن تجهز نفسك جيدا قبل أن تجري أي حوار .. فخرج الهاشمي وكان تحديا كبيرا حيث وضع الاسئلة التي سألها اياه أمامه وبدأ يتذكر أجوبته ويكتب ثم حررها جيدا وانزلها بالصحيفة بعد يوم وارسل له نسخة منها في اليوم الثاني فأتصل به عباوي وقال : كيف كتبت الحوار وقد قلت أن جهاز التسجيل كان عاطلا .. فأجابه الهاشمي وللطرفة : استاذ .. الجهاز عاطل ولكن عقلي ليس بعاطل ..
يعمل الهاشمي الان كمستشار أعلامي لاحدى المؤسسات الاعلامية وأمين سر المرصد الوطني للاعلام بالاضافة الى تواصله في الكتابة لمراكز الدراسات العربية والاجنبية ..
له تحت الطبع كتاب بثلاثة أجزاء بعنوان تحت عنوان (العملية السياسية في العراق (2003 ــ 2017) .. كما صدرت له عدة كتب عن المزارات في العراق وديوانا شعريا ومجموعة قصص قصيرة ..
مازل الهاشمي يرى في الصحافة مهنة شاقة وجميلة .. وفيها رسالة كبيرة لخدمة الوطن ويرى في العاملين بها هم اصدقاء سواء التقوا او لم يلتقوا ..
محبتنا للهاشمي انسانا وقلما وعلما عراقيا يشار له بالبنان والمحبة موصولة للجميع ..
التوقيع | صادق فرج التميمي (ابوهبة)

الاشتقاق عمود اللّغة العربيّة .. للناقد أسامة حيدر

اللغة العربية من أهم اللغات بسبب احتفاظ ألفاظها بأصولها الاشتقاقية . وليس هذا موجوداً في أغلب اللغات إن لم نقل كلها . 
والاشتقاق من أدق علوم العربية وأنفعها . وهو أخذ الشيء من الشيء كضَرَبَ من الضرب شرط اشتراكهما في المعنى والأحرف الأصول وترتيبها وهذا النوع هو الأصل ويسمى الاشتقاق الصغير أو الأصغر . وثمّة أنواع أخرى للاشتقاق كالاشتقاق الكبير والإبدالي والكبار .
وقد انقسم علماء اللغة إلى قسمين : فقسم قال باشتقاق كل مفردات اللغة , والآخر قال ببعضها دون بعض . وقد أجاز مجمع اللغة العربية التوسع في الاشتقاق شرط عدم التعارض مع اشتقاق آخر :
1- أكثرت العرب من الاشتقاق من أسماء الأعيان كالذهب والجمل والخشب والحجر فقالت : ( تذهّب . تجمّل . تخشّب . تحجّر ) ومن الكهرباء والبلّور ( كهرَبَ . بلوَرَ ) .
2- واشتقت العرب من أسماء الأعضاء فقالت : رأَسَهُ إذا أصاب رأسه .
3- كما اشتقت من أسماء الزمان فقالت : ( من الصيف أصافَ فلان , وذلك إذا دخل في الصيف . وأخرفَ إذا دخل في الخريف .......).
4- كما اشتقت من أسماء المكان فقالت  خَرْسنَ فلان إذا أتى خراسان ,وأنجد إذا أتى نجداً , وأعرق إذا أتى العراق ) .
5- واشتقت من أسماء الأعلام ( تأَمْرَكَ إذا انتسب إلى أمريكا . )
6- واشتقت من الأسماء المعرّبة فقالت : ( تَأَكْسد من الأكسدة , وتمغنط من المغناطيس .)
7- واشتقت من الأعداد فقالت : ( أحّدته أي حسبته واحداً , وثنّيْتَه أي جعلته اثنين ).
8- واشتقت من الأصوات فقالت : (جأْجَأَ فلان بإبله إذا دعاها للشرب بقوله : جِئْ جِئْ ).
9- واشتقت من الحروف فقالت : ( سوَّفَ فلان إذا قال : سوف أفعل . أو لوْليْتَ لي من قولك " لا " . )
10- ثمة اشتقاق النحت: وهو اشتقاق كلمة من كلمتين أو فعل من جملة أو اسم من اسمين كقول العرب ( بسمل فلان أو حمدل أو حوقل ..... أو قولهم هذا الرجل عبشميٌّ أي من عبد شمس . ....هذه برمائيّة أي : تسير في البر والماء .....).
وفي اللّغة ما هو شبيه بالاشتقاق وإن لم يكن على تسميته, وأقصد أخذ الأفعال المزيدة من الأصل . ويصير لكل فعل مزيد المعنى الرئيس للفعل مع المعنى المضاف بعد الزيادة .وفي ذلك كلّه توسعة للناطقين بالضاد وأخص الشعراء والأدباء ممن يتعاطون بالكلمة وأغلبهم لايدرك هذه الخصيصة من خصائص اللغة ولا يعيرها اهتماما , رغم أنها من الإيجاز تارة والإيحاء تارة, وفي النهاية هي من لغتنا التي نعتزّ بها كلّ الاعتزاز .
10'5'2017

طاووس الادب العربي.. للناقد/ جمال القيسي

تضج الأصوات ،،في ذاكرتي،،ربما في هذا الموقع من العمر،،والرفض القاطع لواقع الحال بحكم تقدم العمر،،على مايبدو،،لازال هناك أقبال على الحياة،،نوع من التشبث،،وبطبيعة الحال،،ترافقني قناعة ،،وتيقن ،،بانه لايمكن العودة القهقري ،،وطالما يؤرقني السؤال الجوهري،،ماهو المصير،،والى اين المآل،،ومن المؤكد،،ان لا أجابة،،وانا مشحون بروح متمردة،،وشعور بالغبن،،باني لم أحقق ،،كل ما رغبت به،،وانا لم استسلم للقناعات الدينية،،،كل هذا الامر بدأ معي مبكرًا ،،قبل حينه،،منذ عقد او اكثر،،فالبحث عن الخلود وهو ضرب احمق،،او المصير،،وهو مجهول،،وكل مجهول يزيد من الامر سوءً،،ولايساعد ابدًا ،،ولا اخفي سرًا ان الامر ازداد تعقيدًا ،،مع نوعية الوعي الذي تضخم عندي بعد ان تراكمت قرائاتي ،،وازدادت نوبات احلام اليقظة،،للهروب من الواقع المرير،،والذي اجزم انني فاشل بامتياز بالاندماج فيه،،نعم فاشل لأنني حالم كبير،،مريض في الوهم،،وهذه الدوامة زادت من العذابات،،وأكثرت من زياراتي لعوالم الكتب،،ألج عالم هذا وذاك،،أعيش معهم ،،بكل ماللكلمة من معنى،،
في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي،،وبعد تهافت الأحداث السياسية،،منها غزو الكويت،،والحصار الاقتصادي على العراق،،الى اخر هذه الحماقات التي أشرت فشلنا كمجموع،،او كقطيع ضال،،سار بفوضى للسقوط،،من اعلى قمة الى وادٍ سحيق،،وكان ما كان ،،اكتشفت اني عالق ،،وسط هذا القطيع،،أقول هذا لست انني كنت الأفضل ،،او انه كانت لدي الشجاعة الكافية ،،للاعتراض ،،،على الاقل لأخرج من عنق الزجاجة،،،بل خائب بين الخائبين ،،لكني كنت مدرك ما حولي،،ولدي تصور كامل عن ما ستؤل اليه الامور،،، لبست ثوب العيش،،على قولة عمر الخيام،،اشتغلت لكي أعيش،،او أوهمت نفسي بذلك،،وقدرت ان اشتغل ببيع الكتب،،على رصيف شارع المتنبي،،دخل محدود،،مع رغبة جامحة للاستغراق بأحلام اليقظة ،،لا أنكر. ان هذا العمل. ساعدني على قراءة الآلاف من الكتب،،لكن المؤلم لحالم مثلي،، هو انني كنت اغرق في المتون،،واتقافز. بين السطور،،واعيش الآلام ،،التي يتكبدها ،،مؤلفوها ،،أنسى الكثير منها،،الا ان بعضها ،،هيهات ان يتركك بسلام،،يعلق معك ،،يكبلك،،ويسرق لبك،،لانه يداعب الشعلة الإلهية. التي تكمن في وعيك ،،في ذلك الزمن المعسر،،او كنت أحسبه كذلك،،لان الايام تكشفت،،عن ان تلك الايام،،هي احلى ما مرق. من العمر ،، وفي ردة فعل طبيعية ،،انهمكت في قراءة كتب التراث،،والتي نشئت بالأساس. وانا امقتها،،لأَنِّي مؤمن بالحداثة وبالمشروع الغربي،،جملة وتفصيلاً ،،كان غزو الكويت،،وضرب العراق عسكريًّا ،،مدعاة للمراجعة العميقة،،تهشمت الصورة الجميلة،،وهذا المشروع الحداثي الغربي،،هو قاتل بدم بارد ،،لشعوبنا،،وسارق جشع لكل مواردنا وفي مقدمتها البشر،،بالاضافة الى جريمته السابقة ،،التي لايمكن إغفالها ،،وهي صناعته ودعمه للانظمة الاستبدادية الكارثية،،و مداهنته للنفطيين ،،الذي اسهموا بفائض ثروتهم الى تمزيق ،،كل القيم الاخلاقية وكل ما هو جميل ،،
كانت كتب التراث الملاذ الآمن ،،لشاب خائب مثلي ،،آه ،،كم رددت عبارة طاغور ( يا خيبة الحلم الذي مد لي أذرعا ) ،،تعمقت وأوغلت ،،
كانت الوقفات تزيد،،تطرفت ،،مثل الأعمى ،،تلبستني عقدة التصالح مع الماضي،،في نهاية الامر اصطدمت ،،بجدار سميك،،قائم في ذاتي،،تراص وارتفع دون ان. اشعر،،انه جدار القراءات السابقة،،وانا في غمرة اعتناقي للسلفية الاسلامية ،،وبعدها التصوف،،لم يغادرني صوت كارل ماركس،،ولا إريك فروم ولا ماركيز في متاهته،،او الرفيق الرفيع الشأن هيرمان هيسه ،،كيف لي. ان أنسى المادية التاريخية،،او بؤس الفلسفة،،او محاضرات بوليتيزر ،،وانا بين يدي شيخ هارب من القرون الوسطى،،ليتحدث معي بسذاجة ،،عن الجوهر والعوارض ،،أصببت في أذني وقرًا حينها ،،واستعدت. كل ( الانسان بين المظهر والجوهر ) لأريك فروم،،استفقت من غيبوبتي ،،وحكمت على كل كتب التراث ،،بالترهات ،،لكني اكتشفت لاحقًا اني كنت غير منصف بحكمي،،فأي خطاب يتم عزله عن. سياقه التاريخي ،،يفقد روحه،،فكل خطاب في تاريخانيته يمثل جوهر عصره،،اما ،،انا عندما تلبستني حالة الاحباط والفشل والخطل ،،والعمى،،لأعيش ،،في زمن مضى،،فقد اي مبرر وجودي ،،كنت انا بالمكان الخطأ،،،بخيار أضل الاتجاه ،،وها انا الان،،لا أقول ،،اني على صواب. لكن على. الاقل متساوق مع زمني،، غير. ان في النفس الكثير من الاعطاب،،
ولا أنكر ،،ان اول من نبهني ،،لليقظة من الوهن الذي تلبسني ،،هو زكي مبارك ،،هذا الألق الساحر ،،في عالم الادب العربي،،كانت حصيلتي ان تعلقت،،بالبعض،،منهم الجاحظ ،،وابو حيّان التوحيدي،،والشابشتي في كتاب الديارات،،ميزة هؤلاء،،انهم ،،ارواح كبيرة،،وعي لايمكن ان تحتويه سياقات ظرفية،،إنما ،،يسيرون في الخلود،،لانهم في كل مكان وزمان،،اقوالهم حية،، وفي التاريخ الحديث،،لن تجد مثلهم. سوى زكي مبارك،،،مالذي يجمع بينهم،،؟ ومالذي يميز زكي مبارك عن غيره في الادب ؟ ،،هذا الطاووس البهي،،
يحضرني في هذا المقام ،،ما ذهب اليه تيزيفان تودوروف " الفكر الأدبي له فضائل خاصة ، فما يعبر عنه من خلال الحكايات او من خلال الصيغ الشعرية يتجاوز القوالب التي تهيمن على الفكر في زماننا او على يقظة مراقبتنا الاخلاقية الذاتية التي. تمارس قبل كل شيء على الاقوال التي نصل الى صوغها بوضوح ،،،الفكر الأدبي. يهز جهاز تأويلنا الرمزي ،،"
أقول مالذي يميز النص الأدبي. الحي والخالد. فقط ثلاثة أمور أساسية ،،، الصدق والايمان بما تكتب،،والشجاعة والجرأة في التعبير ،،والحريّة ،،
كل هذا تلمسه بالنص الخالد،،وهو ديدن زكي مبارك ،،هذا العملاق المحدث في النقد الأدبي ،،الذي لا نظير له،،
( يتبع )

ومضة على ومضة: بإزاءالشاعر الفلسطيني أ.معتز أبوشقير.. للناقد/ غازي الموسوي


النص:
.......
أخبرتك،
أني لن أرحل أبداً
وأنا صامتْ ..
هذا الولدُ الهمجيُّ
سيحتل شوارعَ شِعري
ويبلّل جدرانَ الدنيا
بظلال عويلي
أخبرتُكِ،
حين تجفُّ
على "فوهة" الناي الأنغامُ
أجفُّ وحيداً ..
أنبض وحدي
مثل فراشاتٍ زرقاء
تموتُ،
على أطراف (الراين) وحيدةْ ..
.................................
نقول:
ليس سهلاً أن يتحول العروض الى وحيب دم يجري تلقائياً في عروق النص..
من يقرا هذا القصيد سيظنه سرداً بعيداً عن الموسيقى..
لكنه ليس مموسقاً وحسب ،وانما مكتوب على واحد من اكثر البحور الشعرية حركيةً ،ونعني به بحر الخبب..فعْلن..ساكنة العين..مع جوازاتها..
لكن كيف روّضه الشاعر حد السلاسة والدفق العفوي في سردية شعرية مميزة حقاً..
ومع ان شاعرنا ،لايريد التشدد في موضوعة العروض،انما لانجد بأساً من استبدال مفردة .."فوهة"..الناي.. ب "شفة" الناي مثلا،من اجل استمرارية الايقاع بدفقه الرائع المتواصل..
.
هذا هو التمكن الذي نبحث عنه جدياً،في القصيد الموزون..بحيث لا نحس بقعقعة الموسيقى ،ولا بجلاجلها التي تكاد تضعف كثيراً من شان المبنى الجمالي او المعنى العميق..بينما تمكن شاعرنا من عبور هذا المفترق ،بملكة وشاعرية وتلقائية تستحق منا وقفة اكثر تفصيلا،لولا ضيق المجال:
*
اخبر..فعْلن..
تك ان..فعِلن..
ني لن..فعْلن..
ارحل..فاعلُ..
ابدا..فعِلُن..
وانا..فعلن..
صامت..فاعلُ..
هذٱل..فعلن..
ولدل..فعلن..
همجي..فعلن......الخ
*
فما اروع هذا السلسال الموسيقي المتخفي ببراعة شاعر واضح الرسوخ..تقديري..

أهلاً بالصباح: ................ نص شعري للشاعرة السورية ريتا سقاف .. وطالعة نقدية للناقد/حميد العنبر الخويلدي

لن أضعف ..ولن أتنازل..
عن دقائقَ محسوبةٍ من عمري...
لن أدعَ عبثَ الأيَّام يؤذي قلبي..
ولن أدعَ دخانَ الحاضر..يلوثُ نقاء روحي...
سأبقى أزهو بها..
حرةً..طليقةً..
وسأبقى أنا كما أنا..رغم اختلاف ملامحي...
سأحفر على صخرِ اﻷيَّام بصمةً...
هي ومضةٌ تقول للآخرين ...
هنا كانت انثى تهوى الحياة.
ريتا
وانثى كانت تهوى صباحكم ...صباحكم خير
................................

نص المطالعة النقدية: 
................................ 
مرنة لغتك ياسيدتي...تلعبين كما تشاءين، نضجك براءاتك تنسكب 
انسكابا عفويا.. ياريتا..
ولرب سؤال يتسلل...اي الكيفيات التي أوصلت بك إلى هذي المرونة إلى هذي العفوية اللفظية، 
ان لا تكلّف باستدعاء اللفظة لتتلبس بطانتها في المعنى، تجدها وقد ركبت 
مآل موازنتها مع المبنى، فبين المبنى والمعنى ناموس من التطابق النسبي، 
تحكمه الطبيعة اولا وفق ضرورات الحاجة وسد العوز..وتحكمة الذات تقديرا منهاثانيا، ظنا منها أنها التي تعين الصورة الممكنة والتي توسع البهاء في الوجود...
ريتا ...تستجلب طينتها بكل سلاسة 
لتحدث خليقتها التعبيرية..
اي سر وصلت له،؟
اي احداثيات ؟
في الاستمكان الواقعي ان اللغة مخلوقات معنوية موجودة، منها المادي ،ومنها القيمي والنفسي والتاريخي والعلمي والاشراقي المعرفي...ومنها بقدر تفاصيل الوجود وكلياته، معادلا موضوعيا لا يقبل النقص والزيادة..
فكيف وماهي الاسلوبية التي يصل بها المبدع الفنان، خاصة التعبيري لفظا. بأن يعطينا سلة مملؤة بالمفردات وكامل نظمها القاموسية 
والمجازية.
هل هو التوالد الجيني، أو استنساخ السلالات في ذهنه ورفوف ذاكرته...،
ام هو غرس بذور خاصة بتقنية خاصة نجني بها ثمرات لغة ملونة تنتج ديباجات ملونة نتدرب عليها، 
نعم لا هذا ولا ذاك وبمثل ما ذكرنا انما هو للافتراض والجدل القاءم.
لابد ..
فالذي نوعز به في البحث لنصل إلى الغاية المرجوة،ومعرفة السر الحقيقي 
وراء هذا ..
نعم نشخص أولا...ان هناك موهبة مودعة بالجثمان الطيني، محمولة باكمامها وكواتمها، قل انت في الذات 
في الروح. في الشعور واللاشعور المفتوح على المطلق، في الجسد تحت الفؤاد في الحشا، انا لا اعرف.
انما هي مخزون غيبي منه ثرٌّ ومنه دونه. منه عبقريٌّ ومنه دونه. وكما طرح الزمن صوره وامثولاته، في فلان وفي غيره .لا اريد ان أسمي، انما اخدم غرضي الفكري،
اذن موهبة غزيرة موهبة عبقرية ودون منها كذلك،مثلها كمثل ينبوع الأرض. هذا غزير وفير على زمكانه. وهذا شحيح او متوسط الضخ، 
بعد ذلك مقابل الموهبة في الجسد الكلي،نجد المَلَكَة او أدوات التعبير 
وهذا حاصل جهد وحركة اختزالية بين الجامع والمانع، سواء على مستوى أدوار استحالة التجربة الذاتيةللمبدع او خبرة الإلمام الحرفي 
المكتسب في المجهود أثناء الوقت الكلي للتجربةوالانسان،
المبدع اول مايشرع بحركة اِلْفة مع اللغة.. تعارف مباديء أولية.. تعايش ارادات وتنامي رغبة لابد،مبنية على الحب الجامح..التشجيع،التشويق
هنا تبدأ التحولات في التجربة شيءا فشيءا مثلها مثل النبتة او ثمرة البرتقال،قداحة بيضاء معطرة،حتى مكوّرة خضراء اللون الى ان تتكامل تحولات البنية، خضراء اكبر فأكبر ثم تفتح لونها صعودا إلى النضج النسيجي في عصيرها وخلاياها ولونها الاصفر جدا..كانت قد وصلت إلى مصيرها الجامع من تجربة الكون والوجود وحسب جنسها برتقالة صفراءمتكاملة من جنس الحمضيات. وهكذا جار على كل الخليقة بتفاصيلها صغيرها وكبيرها، 
مثل ذلك هو مثل المرور على جسد اللغة فيك.. ناموس تصيّري يمر على هيولا الغزالة ويمر على طينة اللغة ،كذلك التحولات في المشهد تجري على الملكة ، طوال ما انت ساع ومتواصل مع تجربتك.
فالذي أوصل ريتا. إلى هذا المستوى اللائق من التعبيريةالعالية الإعتبار في وجهة نظري، أنها مرت بأدوار استحالة التجربة الخاصة بالمَلكات اللغوية،تعارفا وتعايشا واختزالا للنوعي على حساب الكمي الرث، 
وان ضمن ما قدرنا مستوى الموهبة 
الفوارة الضخ في مناجم الجسد كمادة خام ساخنة مشتعلة إلى حد..
هذا يفسر لي مخزون هذي المرأة المبدعة. والتي كان علي لوتمنيت،
كنت اخصص اين هي الآن وبأي حقل. ولكن اكتفي بهذا القدر من الملحوظات...عذرا على الإطالة 
وشكرا، استهوتني النتاجات ولابد من 
إشارة...شكرا ثانية وعذرا

الكاتب عقل العويط يكتب مقدمة الجزء الثاني من كتاب - بَرِيدُ السَّمَاء اِلافْتِراضيّ - ((الفراديسُ برائحة شعراء الكآبة والجنس والانتحار)) دومينو على طاولة بلا حدود عقل العويط

في "بريد السماء الافتراضي" هذا، يفتح الشاعر والكاتب والناقد أسعد الجبوري الأبواب الشعرية الموصدة، المتعلقة بالشعراء الراحلين الذين يضمّهم كتاب حواراته هذا، مشرّعاً إياها على الثقافة المعرفية الواسعة والمتنوّعة أولاً، ثمّ على صفحاتٍ من التاريخ الأدبي في ماضيه وراهنه، أزمنته والأمكنة، ليضع بريده تحت سقف الخيال، والحلم، والسؤال، والاحتمال، والحرية.
أرى أن ما يقوم به أسعد الجبوري في هذا الصدد، لا ينفصل عن هواجس الشعرية الكونية التي تتطلّب المثول في الهواء الطلق، حيث تتلاقى أمزجة النسائم والعواصف والغيوم، وحيث تتداخل، وتتلاقح، فيصير الإلمام بهذه الأمزجة، والاجتهاد في تبيّن مكوّناتها وخصائصها، شرطاً مضافاً إلى ما يتطلّبه الانصياع لسلطان الموهبة والحدس والرؤيا.
يمعن أسعد الجبوري في حواراته الشعرية الافتراضية، الكونية النطاق، مع شعراء كبار، معلومين ومجهولين، إمعاناً معرفياً وثقافياً وحدسياً، مطواعاً، ينمّ عن اطلاعٍ موسوعي دقيق، وعن تمرّسٍ بالشعرية العالمية، وعن ذكاءٍ وعمق وإدراك ولطافة. فهو لا يفوته جوهرٌ أساسي، مثلما لا يفوته تفصيل. وبقدر ما يلاحق الشعراء الراحلين في حيواتهم الشخصية، والعامة، كما في تجاربهم الأدبية، وعلاقاتهم بالذات والآخر والكائنات والأشياء والعالم، يعتمد الرصانة التوثيقية التي تغطّي اهتمامات هؤلاء الشعراء، وميولهم وانتماءاتهم الأدبية والنقدية، مثلما يعتمد التذكير بأهمية الخفة التي تأخذ بالحوارات إلى مطارح تأويلية في تجربة كلّ شاعر، غير متوقعة وغير منظورة.
لا يركن الجبوري في حواراته هذه، إلى منجَزٍ معرفي ونقدي. وإذا كان لا يركن، فهو، والحال هذه، لا يطمئن إلى حقيقةٍ شعرية ونقدية ثابتة، ولا يكتفي بأيّ حقيقة. كأنه يفضّل أن يبدأ تجربة التعرّف على كلّ شاعر، من جديد، معيداً استيلاد هذا الشاعر الذي يحاوره، كأنه لم يولَد من قبل، مستنبطاً منه ما لم يُستنبَط، أو ما لم يُعرَف عنه.
لا أغالي في ما أنا أزعمه عن هذه الحوارات. لقد قرأتُها كلّها، ونشرتُ قسماً منها في "النهار". وكنتُ كلّما عكفتُ على حوارٍ للجبوري مع شاعرٍ راحل، أوروبي، أو أميركي، أو آسيوي، أو أفريقي، أو عربي، حديث أو قديم، أروح أكتشفه، كما لو أني لم أكتشفه من قبل. هذه الدهشة التي ترافق الحوارات، ليست دهشةً مفاجئة أو مجانية (على طريقة السورياليين) فحسب، بل هي دهشةٌ اكتشافية، واستكشافية، تلتقي الأغوار المنسية والمجهولة أو المهملة، فتصير هذه الأغوار المكتشفة جزءاً من التراكم المعرفي المتعلّق بصورة هذا الشاعر أو ذاك.
يستنبط الجبوري مفاتيح "أخرى" للمعرفة الحوارية، ويراكمها، فينضمّ بأسئلته وبأجوبته إلى جوقة أهل العرفان الشعري في العالم، متقمصاً أرواح هؤلاء الشعراء، وأجسادهم، وهواجسهم، وتخييلاتهم، وافتراضاتهم، وأسئلتهم، وكوابيسهم، وأحلامهم المتحققة والمجهضة على السواء.
هذا التقمّص، إنما هو تقمّصٌ معرفيّ، من شروطه الأساسية أنه ليس مفتعلاً، مصطنعاً، أو زائفاً. حتى ليملأني الاعتقاد أن مَن يطرح الأسئلة قادرٌ على إيهام القارئ بأنه يُزيل الحواجز المفترضة بين عالم الأحياء وعالم الموتى. فالشعراء الذين يحاورهم الجبوري ليسوا موتى. بل هم أمامه، أحياء يُرزَقون. ينصتون إلى أسئلته، وينصت هو إلى أجوبتهم، وكلّما حاول أحدهم الفرار أو التملّص من سؤالٍ محرج، سارع هو إلى وضعه أمام سؤالٍ آخر، إن دلّ على شيء، فعلى البداهة والتساوق والذكاء والانسجام المعرفي والنفسي بين طارح الأسئلة ومتلقّيها.
بل أكثر. يضع الجبوري نفسه في موضع كلّ شاعر، كأنه يعيشه، ويجسّده، لا في الوجود الملموس فحسب، بل خصوصاً في الوجود الشعري. وهذه مهمةٌ بالغة الدقة والأهمية. لأن ذلك ينمّ عن القدرة التواصلية، وعن التواطؤ بين السائل والمجيب. إذ ليس من السهولة في شيء أن يتحقق هذا التواصل، لأن شرطه الأول والأخير، خروج صاحب الأسئلة من حدود ذاته، ليعانق الآخر في عوالمه كلّها.
يمكنني أن أذهب إلى الأبعد، لأقول إن هذه الحوارات لا تمليها على الجبوري فروضٌ أدبية، أو صحافية، أو نشرية. إنها، على ما يتراءى لي، تعبيرٌ عن لذّة جوّانية عميقة تجتاح طارح الأسئلة لتصل إلى الشاعر المتلقّي الأسئلة ومستجيبها. وهي لذّةٌ مزدوجة، لذّة الصحافي ولذّة الشاعر، متحققةٌ، مبتهجة، جارحة، منتشية، سكرانة، وغير آبهة بما يجري من حولها. وهي، عندما تبلغ هذا المرام، فإنها تصير وليمة انخطافية، حتى لأكاد أقول صوفية.
لا يهادن الجبوري في أسئلته. لا يكتفي بالأسئلة التي تدغدغ "أنا" الشاعر، بل يستفزّ، ويناكف، ويتهم، وينتقد، ويحرّض، ويكشف عن المخبوء. وفي النتيجة يحقق المبتغى، مبتغاه هو، ومبتغى الشاعر، ومبتغى القارئ على السواء.

يسعدني أن أكتب هذا التقديم، للتعبير عن النشوة التي لطالما شعرتُ بها وأنا أقرأ تلك الحوارات، وأساهم في إيصالها إلى القارئ، داعياً قرّاء الشعر والشعراء والنقاد إلى الاشتراك في هذه الدومينو على طاولة تربطُ السماءَ بالأرض. فهي تستحق أن تكون مقامرة جماعية.
------------------------------------------------------------
السيرة الذاتيّة
عقل العويط:شاعر وناقد وصحافيّ وأستاذ جامعيّ، وهو رئيس تحرير ملحق النهار الثقافيّ في بيروت. يدرّس الأدب الحديث والصحافة في جامعة القديس يوسف في بيروت. أصدر الى الآن عشر مجموعات شعريّة، وتُرجِمت قصائده الى الفرنسيّة والإنكليزيّة والإسبانيّة والإيطاليّة والألمانيّة.

السبت، 19 مايو 2018

الاشتقاق عمود اللّغة العربيّة: بقلم / الاديب اسامة حيدر

الاشتقاق عمود اللّغة العربيّة:
* * *
اللغة العربية من أهم اللغات بسبب احتفاظ ألفاظها بأصولها الاشتقاقية . وليس هذا موجوداً في أغلب اللغات إن لم نقل كلها . ...

والاشتقاق من أدق علوم العربية وأنفعها . وهو أخذ الشيء من الشيء كضَرَبَ من الضرب شرط اشتراكهما في المعنى والأحرف الأصول وترتيبها وهذا النوع هو الأصل ويسمى الاشتقاق الصغير أو الأصغر . وثمّة أنواع أخرى للاشتقاق كالاشتقاق الكبير والإبدالي والكبار .
وقد انقسم علماء اللغة إلى قسمين : فقسم قال باشتقاق كل مفردات اللغة , والآخر قال ببعضها دون بعض . وقد أجاز مجمع اللغة العربية التوسع في الاشتقاق شرط عدم التعارض مع اشتقاق آخر :
1- أكثرت العرب من الاشتقاق من أسماء الأعيان كالذهب والجمل والخشب والحجر فقالت : ( تذهّب . تجمّل . تخشّب . تحجّر ) ومن الكهرباء والبلّور ( كهرَبَ . بلوَرَ ) .
2- واشتقت العرب من أسماء الأعضاء فقالت : رأَسَهُ إذا أصاب رأسه .
3- كما اشتقت من أسماء الزمان فقالت : ( من الصيف أصافَ فلان , وذلك إذا دخل في الصيف . وأخرفَ إذا دخل في الخريف .......).
4- كما اشتقت من أسماء المكان فقالت خَرْسنَ فلان إذا أتى خراسان ,وأنجد إذا أتى نجداً , وأعرق إذا أتى العراق ) .
5- واشتقت من أسماء الأعلام ( تأَمْرَكَ إذا انتسب إلى أمريكا . )
6- واشتقت من الأسماء المعرّبة فقالت : ( تَأَكْسد من الأكسدة , وتمغنط من المغناطيس .)
7- واشتقت من الأعداد فقالت : ( أحّدته أي حسبته واحداً , وثنّيْتَه أي جعلته اثنين ).
8- واشتقت من الأصوات فقالت : (جأْجَأَ فلان بإبله إذا دعاها للشرب بقوله : جِئْ جِئْ ).
9- واشتقت من الحروف فقالت : ( سوَّفَ فلان إذا قال : سوف أفعل . أو لوْليْتَ لي من قولك " لا " . )
10- ثمة اشتقاق النحت: وهو اشتقاق كلمة من كلمتين أو فعل من جملة أو اسم من اسمين كقول العرب ( بسمل فلان أو حمدل أو حوقل ..... أو قولهم هذا الرجل عبشميٌّ أي من عبد شمس . ....هذه برمائيّة أي : تسير في البر والماء .....).
وفي اللّغة ما هو شبيه بالاشتقاق وإن لم يكن على تسميته, وأقصد أخذ الأفعال المزيدة من الأصل . ويصير لكل فعل مزيد المعنى الرئيس للفعل مع المعنى المضاف بعد الزيادة .وفي ذلك كلّه توسعة للناطقين بالضاد وأخص الشعراء والأدباء ممن يتعاطون بالكلمة وأغلبهم لايدرك هذه الخصيصة من خصائص اللغة ولا يعيرها اهتماما , رغم أنها من الإيجاز تارة والإيحاء تارة, وفي النهاية هي من لغتنا التي نعتزّ بها كلّ الاعتزاز
.
10'5'2017

التفعيلة المفكرة عند ريم البياتي بقلم / غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

التفعيلة المفكرة
عند
ريم البياتي:
.....................
واضح ان هذا النص الذي بين ايدينا الان طويل نسبياً ،على قصيدة حرة،مكتوبة على عروض بحرالكامل( متَفاعلن)بجوازاته المعروفة،ولكن السبب الذي قاد الى هذا الامتداد يكمن في ما ضخته شاعرتنا من المحمولات العميقة على مستوى ثلاثي الابعاد:
*موضوعة النص واطروحته ومفاده..
*الحشد الشعوري والعاطفي الكثيف..
*محاولات الشاعرة المتكررة لتفجير طاقات وصور وتراكيب قصيدة التفعيلة المعتادةتوسيعاً لقدراتها على استقبال اكبر قدر من المفاد الفكري والرؤيوي والشعوري..
إن رهافة الإذن الموسيقية موهبة كبيرة لاينبغي ابداً التفريط بها،بل ينبغي تطويعها وترويضها لكي تكون ذات متسعة مرنة وسلسة متفاعلة مع روح العصر ،غير متنازلة عن تجربة زمنها في اخر لحظاته الراهنة التي يعيش او تعيش المبدع..ة،في حومانتها،بغاية التعبير عنها بمثل ما تحاوله شاعرتنا -صاحبة هذا النص-بحدب دؤوب وعزم حثيث،خاصة والملاحظ على الاجمالي العام لقصائد هذه الشاعرة ان خطابها الادبي يكاد يتخصص بالتعبير عن الروح الوطني والقومي بشكل يعبرعن نوع نادر من الشعور بالمسؤولية الثنائية التاريخية والابداعية في آن واحد..
أختي أ.ريم البياتي الفاضلة..تقديري الكبير..
................................
معاجن الاعمار:
ريم البياتي
.......................
من ألف عامٍ
قد عشقتُ غمامةً
تأتي مساءً
عندما تأوي الخليقةُ
للمنام...
فأمد كفاً كي أصافحَها
وتمد غرّتها
لتلقي بالسلام
هي ألف عامْ
ماعدت أدري ربّما
تلك الذوائبُ
قد غزاها الشيبُ
أو ضاعتْ
على مزقِ القميصِ
وأوغلتْ
بين البطينِ
وبين أوردةٍ سقامْ
ماعدت أعلم حين تأتيني
أتأتي
كي تغازلَ فاقتي
أم ذاك
مذ ولجتْ خيوطُ الروحِ
سم الإنعدامْ
هو ذاك ما صارتْ اليه غمامتي
من ألف عامْ
....
نثر الهلالُ ضفيرتيهِ
على حقولِ الغيمِ
في كبدِ السماءْ
فبدتْ كأغمارِ السنابلْ
متراقصاتٍ
حولَ ساقِ الليلِ
لاتخشى المناجلْ
وأطلّ وجهُ غمامتي
لا لم يكن مثل الغمامْ
ذاك الذي يأتي إليّ
مسامراً
من الف عام
بل كان وجه الله
مثل الله
ينبض بالمحبة والوئام
لا مثل ما قالوا
بأن الله يمسك سيفه
ويجز أعناق الانام
ورأيت في عينيه
ذاك الحب
في أحداق أمي
إذ كنت محموماً
وتلمس جبهتي
وتنام عند وسادتي
سبَّحت للوجه
الذي ملأ السماءْ
وأزاح ارزاء العناءْ
فتزاحمت في خافقي
كل المسائلْ
رباهُ
ذاك قميصيَ البالي
سألقيه على كتف الغمام
هو كل أمتعتي...
إليك...
خذه لِيُدْفِئَ منكبيك
ألقيته يوما دثارا للصغير
لكنَّ نابَ البرد
بعض خصال والينا الامير
يسري كذئب
في خيام المدقعين
خذه وألقيه دثارا
فوق كتف الزمهرير
شمسا تظل على المدى
تعطي الضياء
لأصدقائي الطيبين
ويعود أطفالي الصغار
من الغياب
من خلف أسوار المدافن والخرابْ
متعانقين كما تعانق
لهفةُ الصحراء
أسرارالجداولْ
.....
بالأمس قالت جدتي
إن الاله يبارك الخبز المغمس بالندى
فوق الجبين
وأنا وأهلي
مذ خلقت البر
نسقيه الندى
ونريقُ
فوق معاجن الأعمار
دمعا من وتينْ
حتى استباح القحط
كل شعابنا
ماظل في التنور
يارباه
من حطب
وذاك النمل يأتي
تحت جنح الليل
يبحث عن طحين
هم كسرتان من المرار
خبأت إحداها هناك
يقال أن النمل يخشى
من مصاحبة الجرار
وهنا بكفي كسرة
خذها
كفافاً للجياع الصائمين
في كل يوم
يوقد النمرود
والمسحوق من اهلي
(ابا الضيفان)
فاجعلها سلام البائسين
.......
رباه اغفر جهل أسئلتي
لكنني..
من ألف عام أو يزيد
مازلت أبحث عن جواب
مازلت أسكن
في زواريب المذاهب
في زوايا الاغتراب
مازلت
أرسم وجهك القدسي
في رئتي
إذا حل المساء
وأخطأت عنقي الحراب
فأراك قربي
مثل مصباحي الوحيد
ووجه أمي
والرغيف
هو أجمل الأسماء
ماحملته أمي
وأطهر الصلصال
ماكانت بلادي
أنا مثل عشب السفح
أنمو في الربيع
وعندما ياتي الحريق
أموت صادي
ومتى أحب
يضق رحاب الكون
أن يحوي ودادي
في ناظري
أراك نورا أقتفيه
وفي فؤادي
هو ذاك
عشق الحر للأحرار
يارباه
لاأرجو رغيفا
أو قميصا
رغم جوعي
رغم بردي
كل ما أرجوه
يارباه
أن تحنو
وتسكن في خفوقك
مااسميه بلادي

قراءة اسلوبية في أنطولوجيا الحيدر بقلم الاديب الناقد /غازي احمد ابي طبيخ الموسوي

قراءة اسلوبية
في أنطولوجيا الحيدر:
.................................
كنّا بٱنتظارٍ مشوبٍ باللهفة جدياً لمثل هذا النص وذلك لسببين:
الاول: ...
لغاية الفصل الضروري بين منهجين يكتب عليهما (النص النثري)،فقد شاع كثيراً استخدام اصطلاح السرد على جميع ( قصائد النثر)وهو وهم كبير في الواقع ..
ذلك لأن هذا اللفظ تحديداً لايصح الّا مع النص الذي تنطبق عليه اشراط السرد ذاتها ،تلك المتعلقة بعوالم ومناخات التأليف الروائي والقصصي والمسرحي والدرامي عامة..ثم حين نستلهم بنيتها بوعي ودربة ومران من اجل صياغة نص شاعري او شعري او رؤيوي وفق اشراطه المعلومة،عند ذاك يمكن لنا اطلاق اصطلاح السرد الشعري على اي نص تحت المعاينة،كهذا النص الرائع إنموذجاً..
الثاني :لم يكن هذا النص الذي بين ايدينا مجرد مثال شكلي عابر..وإنما كان جديداً في بنيته وفي اسلوبه وفي مناخاته وعوالمه..بما ينطوي عليه من الخصب والرؤى الدفينة والشاعرية المعمقة ..
أمر آخر نود الإشارة اليه:
ان طبيعة هذا النص الإجمالية شكلاً ومضموناً تشي بأن شاعرنا عبدالعزيز الحيدر ،لم يتوقف بقراءاته ومطالعاته واستلهاماته عند حدود المنجز العربي والشرقي ،وانما تعداه الى متابعة المنجز الغربي والامريكي الى حدود المخامرة والقدرة على الاستلهام الحيوي المائز..
ولاريب اننا نطمح ان نقرأ له ما يشتمل على مناخات محليته الخاصة التي ستطبع نصوصه بطابع الخصوصية البالغ الضرورة..
ختاماً..تجدر الإشارة الى ان مخيال شاعرنا بأفقه الواسع،قد تمكن من صنع قناع استعاري اسلوبي فخم ودفين وتغريبي،ولم تكن بعض المحطات الغرائبية عن النص ببعيدة ايضاً، للإلماح بما وراءٍ سيكولوجي اجتماعي وفكري بعيد المدى..وهذا ما يعطي لهذا النص اعتباراً كبيراً..
خلاصة القول : ليس كل نص نثري سرداً،الا بأشراط السرد المعلومة ،والسلام..
.................................
النص:
........
مراجعات اميلي في انطلوجيا السرد العربي:
.................................
العزيزة أميلي.... لقد جاؤوا الأمس بالعربة
هربت إلى الغابة ....

لم أترك أثرا
وقفوا أمام البوابة الأولى بما يكفي
ثم أمام الباب الداخلية .... نزل طفل صغير بمعطف أحمر..... طرق الباب بما يكفي
خلف الأشجار هلعا....
كنت أردد صلاة ودعاء
كل ما أعرفه إنك ومن هذا البعد الزمكاني .. أرسلت العربة بنية طيبة
مثل الأشباح الصديقة
لا أدري ما ينقصكم هناك ....
هل هو الهواء النقي؟
أم المطر؟
أم علب الألوان ؟
لكننا هنا الآن نملك أدوية كثيرة.. ومعدات علاج منوعة
نحن لا نملك قلوبا صحيحة النبض....
الحب عملة صعبة التصريف ...
أثر من الماضي...
تحياتي أميلي.... وعندما يحين الموعد.. فأنا سأكون بصدري العاري أمام البوابة الأولى في مواجهة الشمس... ستدركين عندها إني مستعد لركوب العربة وإن خوفي من همهمة الخيل لم يعد له أثر
....
ملاحظة ..... لا أخبار عن انتصار
لقد قطعت كل أتصال بيننا منذ سنه.... غاضبة... طفلتك الرقيقة صارت صلبة
سألت عنها مرة أو مرتين ... ذهبت إلى الغابة بحثا عنها..... كانت جهمة ...
أعطتها إحدى الساحرات أنفا طويلاً ... عالياً ... صلباً ومغلقاً... لذلك لم تعد هي.......
في إنتظار ردودك أقلب الورق في المدفئة بأصابع من حديد...
.................................
- أميلي : أميلي دكنسن الشاعرة الأكثر توغلا في الروح المغتربة.
- انتصار: انتصار دوليب... الشاعرة الأمريكية ذات الأصول الشرق أوسطية المعاصرة أسيرة الصوفية...

الخميس، 17 مايو 2018

قراءة اسلوبية في أنطولوجيا الحيدر



ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، و‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏




كنّا بٱنتظارٍ مشوبٍ باللهفة جدياً لمثل هذا النص وذلك لسبب:
الاول: 
لغاية الفصل الضروري بين منهجين يكتب عليهما (النص النثري)،فقد شاع كثيراً استخدام اصطلاح السرد على جميع ( قصائد النثر)وهو وهم كبير في الواقع ..
ذلك لأن هذا اللفظ تحديداً لايصح الّا مع النص الذي تنطبق عليه اشراط السرد ذاتها ،تلك المتعلقة بعوالم ومناخات التأليف الروائي والقصصي والمسرحي والدرامي عامة..ثم حين نستلهم بنيتها بوعي ودربة ومران من اجل صياغة نص شاعري او شعري او رؤيوي وفق اشراطه المعلومة،عند ذاك يمكن لنا اطلاق اصطلاح السرد الشعري على اي نص تحت المعاينة،كهذا النص الرائع إنموذجاً..
الثاني :لم يكن هذا النص الذي بين ايدينا مجرد مثال شكلي عابر..وإنما كان جديداً في بنيته وفي اسلوبه وفي مناخاته وعوالمه..بما ينطوي عليه من الخصب والرؤى الدفينة والشاعرية المعمقة ..
أمر آخر نود الإشارة اليه:
ان طبيعة هذا النص الإجمالية شكلاً ومضموناً تشي بأن شاعرنا عبدالعزيز الحيدر ،لم يتوقف بقراءاته ومطالعاته واستلهاماته عند حدود المنجز العربي والشرقي ،وانما تعداه الى متابعة المنجز الغربي والامريكي الى حدود المخامرة والقدرة على الاستلهام الحيوي المائز..
ولاريب اننا نطمح ان نقرأ له ما يشتمل على مناخات محليته الخاصة التي ستطبع نصوصه بطابع الخصوصية البالغ الضرورة..
ختاماً..تجدر الإشارة الى ان مخيال شاعرنا بأفقه الواسع،قد تمكن من صنع قناع استعاري اسلوبي فخم ودفين وتغريبي،ولم تكن بعض المحطات الغرائبية عن النص ببعيدة ايضاً، للإلماح بما وراءٍ سيكولوجي اجتماعي وفكري بعيد المدى..وهذا ما يعطي لهذا النص اعتباراً كبيراً..
خلاصة القول : ليس كل نص نثري سرداً،الا بأشراط السرد المعلومة ،والسلام..
.................................
النص:
........
مراجعات اميلي في انطلوجيا السرد العربي:
.................................
العزيزة أميلي.... لقد جاؤوا الأمس بالعربة
هربت إلى الغابة ....

لم أترك أثرا
وقفوا أمام البوابة الأولى بما يكفي
ثم أمام الباب الداخلية .... نزل طفل صغير بمعطف أحمر..... طرق الباب بما يكفي
خلف الأشجار هلعا....

كنت أردد صلاة ودعاء
كل ما أعرفه إنك ومن هذا البعد الزمكاني .. أرسلت العربة بنية طيبة

مثل الأشباح الصديقة
لا أدري ما ينقصكم هناك ....

هل هو الهواء النقي؟
أم المطر؟
أم علب الألوان ؟
لكننا هنا الآن نملك أدوية كثيرة.. ومعدات علاج منوعة
نحن لا نملك قلوبا صحيحة النبض....
الحب عملة صعبة التصريف ...
أثر من الماضي...
تحياتي أميلي.... وعندما يحين الموعد.. فأنا سأكون بصدري العاري أمام البوابة الأولى في مواجهة الشمس... ستدركين عندها إني مستعد لركوب العربة وإن خوفي من همهمة الخيل لم يعد له أثر
....
ملاحظة ..... لا أخبار عن انتصار
لقد قطعت كل أتصال بيننا منذ سنه.... غاضبة... طفلتك الرقيقة صارت صلبة
سألت عنها مرة أو مرتين ... ذهبت إلى الغابة بحثا عنها..... كانت جهمة ...

أعطتها إحدى الساحرات أنفا طويلاً ... عالياً ... صلباً ومغلقاً... لذلك لم تعد هي.......
في إنتظار ردودك أقلب الورق في المدفئة بأصابع من حديد...
.................................
- أميلي : أميلي دكنسن الشاعرة الأكثر توغلا في الروح المغتربة.
- انتصار: انتصار دوليب... الشاعرة الأمريكية ذات الأصول الشرق أوسطية المعاصرة أسيرة الصوفية...