الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

(سمير صالح بين شتاء العربات المدور ولغة الفرادة) قراءة نقدية بقلم / الاديب جاسم السلمان

(سمير صالح بين شتاء العربات المدور ولغة الفرادة) 
 
 
 
هو شاعر ومبدع متمرس دائما ما تضيع انفاسه المتسارعة في امواج لهاثها الحار يشهق ويزفر بعمق ليطرد من روحه الغدر والكابوس والكأس التي تعاند شاربها يتمترس بأعترافية في الخندق الصح دفاعا عن الحياة تنهمر فيه الطفولة وفوضى السكون منبهر بكل حزن جديد وبكل جرح جديد، من جيل الستينات الذهبي كان يعبث مع جان دمو وعقيل علي وفاضل العزاوي والكثير من المبدعين سواءا في بغداد او في مدينته الناصرية التي احبها حد الهيام وشوارعها التي يتسكع فيها حد الثمالة..
شتاء العربات المدور؛؛ قصيدة تضج موسيقى شعرية طاغية ومتنوعة هي شاملة بالوعي المشوب باللاوعي بالواقع الذي هو في جوهره اسطوري او الاسطوري الذي هو في جوهره واقعي صيرورة وذكاءا وجوهرا وروحا، هذا النص مغموسا في دواة خاصة واصابع شاعر تعزف على وتر الصورة والخيال مستلة من خواص الذهن وذهن الخواص هي دفء وهدوء صوت خفيض وفكر هادئ وعقل متأمل وقلب متصوف زاهدمنسجم مع أحزانه وأوجاعه .
القصيدة عند سمير صالح بنية كلية تقوم على الايقاع والصورة واللغة والمحافظة على الثوابت منفتخة شرهة مابينالتراث والمعاصرة كلها غموض شفاف يضع المتلقي في دائرة التأويل والدهشة وبعيدا عن التعثر كثيرا ما تضخ دمها وعرقها وايمانها لتكشف الوظائف الجمالية الخاصة وتخلع الصفات والحواس المعنوية عليها حيث الربط الانفعالي من جهة واللغة والصورة والخيال من جهة أخرى؛ حيث واجهنا بأول الأستفهامات ،
لماذا تسأل عن وجه النهار عن الموعد البربري؟
لم أختر؛
للثلج لونا
وللبرد صوتا
وفي رقصة الرمل موتا
وفيها يضئ
اذا تدحرج من شرفة الأرتباك
وقال له النزع
هلا اختصرت المسافة بعد الرقاد
وهلا منحت خيوط الفجيعة لون الرماد
تساءل معمق وبخاصية معبرة وقدرة واضحة في التجريدالمادي مع خصائص المعنوية المعيارية التي تستبطن وتحرر الحواس ومزاوجة غير المألوف والأرتداد الى اللا وعي وغللاته من الغموض الشفاف فهو مثل الثلج وصوت البرد فهو برئ مثل رقصة الرمل لانه ببساطة عبقري برقصة زوربا واجوائها وجنونها الساحرة!!
أن اجتياح فيض الشعر التلقائي والمهارة في صقل النص وتأسيسه اضافة الى حالة التمرد التي دائما ما تقدم عالم الضباب المبعث من فتحات المجاري وموسيقى الصخب المختنقة بالسعال تدحرجك ميتا والنزع ما أثقله من شرفة الارتباك أنها في المهب لانها تختصر المسافة وكأنها على ساريةمهملة تزامنا مع الفجيعة وخيوطها لانها هي المخافات والمقصلة لذلك أعتقد انها تتطلب فهما وقدرة ووعيا عميقا وكبيرا بسايكلوجية الشاعر ..
فكل المنازل تحت خواء القناني
وزحف الوجوه الاخيرة
تجر تعاويذها في الجراح المريرة
-لماذا اسقام على طحلب اليأس ضوء الجزيرة
وفي موكب الشيخ
في خطوة الشيخ
كل المنازل
كل القوافل
حتى حطام الهواجس
حين تعرت على مذبح الأحتمال
اقام بها الجرح مرة
وضاع بها الجرح مرة
تشبيه بلاغي مجنح والتي تكشف قراءة جديدة خلاقة تعيد تركيب الجزئيات المتناثرة باشكال مميزة ومعالجة عقدها وعمق اشكالاتها بذهنية نستطيع ان نسميها اتباعية أي وحسب فهمي المتواضع تستلم للمصطلح النقدي السائد وتتعامل معه بسهولة وعدم أكتراث . صرخة أخرى وتسآل آخر هذه المرة تحت خواء القناني وزحمة الوجوه وزحفها وتعاويذها البالغة الشر والتي توغل وتلغ في الجراح وتسلخ عنها دائما شفائها وبلسمها وأندمالها وابعادها عن لحظات الفرح الغرائبي والذي هو مولود من أعماقها لذلك نرى ان الجزيرة وضوئها واليأس وطحالبه وحدة الزمن هي لجة وحوارات الذات ازاء وجع الحياة اليومي الذي دائما ما نراه يتأهب للأنفلات من هذه المعاناة
،

نص مترجم للشاعرة اليزابيث جيننغز بقلم/ الترجمان الدكتور شاكر راضي

نص مترجم،
................
نقلا عن صفحة الاستاذ الدكتور شاكر راضي الجليل مع التقدير الكبير:




اليزابيث جيننغز (1926-2001) Elizabeth Jennings: من الشاعرات المميزات في مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. شكلت مع فليب لاركن وكينجزلي أيمس وتوم جن وآخرين حركة شعرية عرفت بأسم الحركة The Movement سعت الى العودة الى الكتابة عن حياة الناس اليومية بعيداً عن موضوعات اليوت وأودن وغيره من شعراء الحداثة ويمكن تسمية هذه العودة ب Anti- Modernist في شكل القصيدة ولغتها والواقعية في تناول شؤون الحياة والأبتعاد عن الرمزية والتلميحات الدينية أو الأسطورية. في قصيدة جسد واحد تتناول جيننغز موضوعاً إنسانياً يمر به جميع الناس، حين يشهد المرء والداه وهما يشيخان أمام عينية وتنطفيء شعلة الحب فيهما أو يعجزان عن التعبير عنها ، كأنهما نار خمدت أو حطام سفينة لفظه البحر: One Flesh
Lying apart now, each in a separate bed,
He with a book, keeping the light on late,
She like a girl dreaming of childhood,
All men elsewhere - it is as if they wait
Some new event: the book he holds unread,
Her eyes fixed on the shadows overhead.
Tossed up like flotsam from a former passion,
How cool they lie. They hardly ever touch,
Or if they do, it is like a confession
Of having little feeling - or too much.
Chastity faces them, a destination
For which their whole lives were a preparation.
Strangely apart, yet strangely close together,
Silence between them like a thread to hold
And not wind in. And time itself's a feather
Touching them gently. Do they know they're old,
These two who are my father and my mother
Whose fire from which I came, has now grown cold?
الترجمه..
................
جسد واحد :
--------------------
ترجمة: ا.د.شاكر حسن راضي
للشاعره إليزابيث جيننغز ( 1926-2001 )
---------------------
النص:
...............
ها هما يستلقيان
منفصلين الآن،
كل في سرير!!
هو يحمل كتابا،
تاركاً النور مضاء
الى وقت متأخر
هي مثل فتاة تحلم بالطفولة،
وبكل الرجال
في مكان آخر..
وكأنهما ينتظران حدثاًجديداً:
الكتاب الذي بيده
غير مقروء،
عيناها مثبتتان
على الظلال فوق رأسها.
بعد أن قذفتهما
قصة عشق قديمة
مثل حطام سفينة
يالبرودتهما !!!
وهما مستلقيان
بالكاد
يلمس أحدهما الآخر،
وإن فعلا،
فكأنه إعتراف
بوجود مشاعر
بسيطة
أو كبيرة
تواجههما العفة،
وهي وجهة
قضيا عمريهما
إستعداداً للوصول اليها
يا لغرابة إنفصالهما،
ويا لغرابة قربهما
من بعضهما
كأن الصمت بينهما
خيط
يريدان الأمساك به
لا أن يغزلانه
وما الزمن الأ ريشة
تداعبهما برفق
ترى،
أيعرفان أنهما عجوزان?!
هذان الأثنان ،
أبي وأمي،
من نارهما خلقت،
ها هما يبردان؟
 
 

الاثنين، 28 أغسطس 2017

نعي الفقيد الراحل المرحوم الشاعر الناقد تحسين

الاخ الناقد الاستاذ جمال قيسي المحترم..
.....
سانقل نص نعيكم الوفي النبيل فضلا عن جريدتكم افاق الى الصفحة ايضا كما وسننشره على صفحة الفقيد الكبيركذلك لما لهذا الرجل الخلوق العجيب التهذيب الاستاذ تحسين الحديثي الطيب رحمه الله تعالى من حضور واضح البصمة شاعرا مهما ايضا وليس ناقدا وحسب ،فالبعض يعلم انه في اطار الشغل النقدي،انما يلزم هنا ان نذكر بصمته الشعرية المعمقة القوية الحضور..
رجل عاش بسلام مفعما بالوداد والمحبة للجميع جامعا في بيته خلاصة عراقية تنأى بنفسها عن الافتراقات المازومة وتسمو على التشرذم المقيت..
فسلاما على روحك الطيب اخا وزميلا جليلا جديرا بالاحترام الكبير عزيزنا وفقيدنا الاستاذ الناقد المرحوم تحسين الحديثي..
وقبلة على جبينك اخي الاستاذ جمال قيسي،انك بادرت نيابة عنا جميعا بهذا النعي الفروسي النبيل،اطال الله في عمرك وعمر جميع زملاء النقد والابداع بالخير والمودة،والامان..تحياتي واحترامي الكبير..
غازي الموسوي
......
نص النعي..
...............
بمزيد من الاسى ،،،ننعى زميلنا الناقد تحسين ،،الذي وافاه الأجل ،،انا لله وانا اليه راجعون...
الناقد جمال قيسي
عن جريدة ا افاق نقديه. 

 

     

بلسم الحياة ببالغ الحزن والاسى العميق ...
نشارككم المصاب الجلل ...
لا تزال روحه الطاهرة بين أفئدتنا ...
ولما تزال بصمته الظاهرة بين اعيينا ...
رحل عن الدنيا ...
وكلماته لم تزل تسكن وجداننا ...
تلك اثاره الخالدة ...
عزاؤنا ، نعود اليها كلما افتقدناه .
رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى
والنعيم المقيم ...
والهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
وَإنَّا لله وانا اليه راجعون .
 
محمود سليم له الرحمة والمغفرة ان شاء الله

Mokhld Ali الى جنات الخلد الله يرحمه ان شاء الله

بلال الغساني انا لله وانا اليه راجعون عظم الله إجركم وغفر الله لميتكم والهمنا وإياكم الصبر
أحمد البدري انا لله وانا اليه راجعون وبمزيد من الأسى والحزن نعزي عائلة الشاعر والناقد تحسين والى رحمة الله الواسعة وجنات الخلد يا تحسين فقد كنت اخا وصديقا…… غفر الله لك واسكنك اوسع جناته

حسين ديوان الجبوري إنا لله وإنا اليه راجعون تغمد الفقيد الجنة وغفر الله له وادخله في رحمته عزائي لكل اﻻصدقاء بهذا المصاب الجلل ...الفاتحة

Mohemmed Algreri بارك الله فيكم أن شاركتمونا هذا المصاب رحم الله موتانا وموتاكم وموتى جميع المسلمين
 
آفاق نقديه الاستاذ محمودMohemmed Algreri العزيز..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
لاحدود لأسفنا بل ولحزننا مثلكم بالضبط ايها الاعزة الغوالي من اهل المغفور له المرحوم الاستاذ الناقد والشاعر الجليل تحسين رحمه الله تعالى واسكنه جنة رضوانه..
واعلم ايها الطيب ان
خالك النبيل هو اخ وزميل جليل عزيز جدا على قلوبنا جميعا..نرجوك من كل قلوبنا ان توصل مواساتنا وتعازينا الى جميع اهله وذويه وارحامه ..الهمكم الله تعالى جميعا الصبر والسلوان..ويكفي خالكم فخرا انه ترك في قلوب الجميع هنا اثرا ايجابيا طيبا ،والسلام..
 
Mohemmed Algreri الاستاذ. آفاق نقديه
الشكر الموصول لك وللجميع على مشاعركم النبيله والصادقه تجاه المرحوم وان تعازيكم ومواساتكم ستصل الى اهله ان شاء الله تحياتي اخي العزيز
 
غسان الحجاج انا لله وانا اليه راجعون
الى رحمة الله الواسعة ايها الاخ والصديق النبيل الشاعر والناقد تحسين  والهمنا الله وذويه الصبْر والسلوان
لا حول ولا قوة الله بالعلي العظيم



الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

يوميات اسماعيل /٧ بقلم / جمال قيسي

يوميات اسماعيل /
 
٧
استدرك أمر بعيد،،عندما التفت يساراً ،،تذكر انه يقف في باب السوق الضيق ( السراي) ،،وكثرة المارة المتعاكسين ،،لايسمح له بالوقوف والتأمل ،، تتداخل كل الأشياء ببعض تندمج،،،تتلاشى وتخلق مرة اخرى،، شيء ما يعيدها ،،اشبه بشريط الحامض الأميني ،، لعبة آلهية عويصة ابعد من أن تُدرك ،،لذلك تنحى جانبًا ،،باتجاه اليسار ،،وأمعن النظر في الممر بين بناية ( القشلة ) ومجمع المحاكم القديم ،،هذا الممر كان معبر الجسر الرئيسي ،،في بغداد،،منذ تأسيسها،،وحتى،،ان بنى الإنكليز جسر (العتيق ) ،،الذي زحف بعض عشرات الامتار،،ليفصل بين جامعي الوزير والآصفية ،،،
( إذًا عليك ان تعيد،،كل الإحداثيات طوبوغرافيًا،،،،لا لا
مثل هذه الحسابات لا تفلح ،،( حياة الروح ) لايمكن مقايستها بالارقام ،،،
لكن ،،عشرات الامتار فيها الشيء الكثير،،،،
أزمنة وأروقة ،،،تتلاشى فيها النهايات لروح التاريخ
ها أنت تقف على ،،ممر الجسر الحقيقي،،،
معبر من الوهم
الناس ومضات خائفة
وانت تتخطفك الذكريات
كل الامر برمته،، لاشيء وكل شيء
الفارق تموقعنا،،في الزمكان - يالها من لفظة ثقيلة - ( الملافظ سعد يا اسماعيل )
هنا اول،،بقعة ،،في فردوس ( علي بن الجهم ) ،،
ياترى ؟ ماذا رأت عيناه ؟
حتى نسى بداوته،،،
لا فرق اسماعيل،،مجرد عشرات الامتار،، و آلاف من الأرواح المهدورة
مثل هذه البقعة،،كانت حدًّا فاصلًا بين البداوة والتحضر
عليك ان تستعين،،ببوصلة حنبص ،،
فمثله لايخطئ،،أشبه بالطيور المهاجرة )
ومع ضخامة ،،بناية القشلة ،،الا انه كان يكرهها،،،مثلما يكره رمز اي سلطة ،،ولايطيقها
،،( هذا إذًا رأس الجسر،،كم مروا من هنا ،،وكم هي الرؤوس التي علقت على مداخله ،،لكل من عارض سلطان ،،،
آه ،،يا اسماعيل هذه البقعة هوة سحيقة ،،
ثقب آخر في تاريخنا ،،
ولمَ ،،؟!
نحن ثقوب،،،مزدوجة،،،
بَل اعداد لا نهائية من الثقوب المتصلة،،زينوفيًا
قوامنا ،،جدار اسطواني ،،من أوهامنا
نحيط به خوائنا،،
بعضنا من غفلته ،، يتحول الى صِمَام ،،باتجاه واحد،،،
وآخرين ،،متحاذقين ،،يشكلون صِمَام باتجاهين ،،،
اين يتوجه الامر هم معه ،،،
مكانهم في قلب القطيع،،،
دائمًا يظهر بينهم سامريٌ جديد،، ويضلهم ،،
ويصنع عجلًا من جلودهم،،،،
لن تنجو من الامر اسماعيل،،،حتى لو كنت من اصحاب " اليمين " او من ثلة الاولين
نأيت بنفس بعيدًا حتى اللحظة،،،،
" اليوم ننجيك ببدنك "
ولكن روحك،،،قد مسها الشغف
تطرفت قصيًا نجواك
دبت من اعماقك السحيقة مثل النوتي
مُذ كُنْت منزوٍ في السفينة
و( نوح ) منتفخ الاوداج
ولكنك طوفت في الأقاصي أخيرًا
،، برميل معبأ بالخواء ،،، )
وتذكر احدى قرائاته،،،عن قيام الحنابلة ،،بالقتل والتنكيل لأحد معارضيهم من الاشاعرة،،،على مقربة من البقعة التي يقف عليها،،،
( هنا،،،ربما بموقع مقهى الشابندر ،،،ولم لا ؟!! ،، لقد تكرر المشهد ،،والموقف ،،
انت تختلق المشاهد،،،،وتتلاعب وتنتقي،،،
هل يصح هَذَا ؟!
الانسان بفطرته منحاز،، ميال للتطرف،،جزء من الوحش الذي يكمن بداخله،،لم تقتلعه الحضارة ،،بل حدث العكس،،حولته الى مجرم ممنهج ،،من هنا يتفوق علينا حنبص ،،
اها،،اسماعيل،،ها انت تكتشف،،احدى ميزات تفوقه ) ،،
اتخذ مسيرته في شارع المتنبي،،هو يقسمه الى ثلاث عوالم ،،الاول من شارع الرشيد دخولاً حتى منتصفه ،،بسبب الأعمدة على الجانبين ،،والاخر ،،الذي بلا أعمدة ،،حتى مدخل سوق السراي ،،اما الثالث فيسميه المتنبي الأطراف ،،وهي الأزقة الفرعية ،،ويحب تسميتها بريف المتنبي ،،تماهيًا مع ريف دمشق
،،،
( هذه قضية كبيرة اسماعيل ،،،بالعراقي أطراف ،،إذًا هي ليست المركز او القلب ،،إنما الهامش العشوائي المتأخر ،،واذا سلمنا بفكرة ( سمير امين ) يجب ان يدفع ويجاهد أهل الأطراف ،،،لارضاء المركز ،،لارم ذات العماد
لكن المؤامرات ،،كلها تصاغ في الأطراف ،،،مزاغل للنيل ،،من الجوهر ،،،
الرذيلة ،،تختمر في الروح،،،ولكن أدوات التنفيذ ،،هي الأطراف ،،)
تسمر بين الأعمدة في منتصف الشارع،،وانهالت ،،،سيول الذكريات ،،جزء منه هنا ،،،لايزال عالق ،،كان مكان عمله ،،وربما احلى أيامه ،،يفترس من زاويته ،،توزع الضوء والظل،،،وبانوراما ،،السماء
،، ( يا اسماعيل. جميل. ان يتسمر الزمن في الذكرى ،،ضوء الشمس و الظل الذي تخلفه. الأشياء هي السطور الاولى لمدونة الزمن ،،محاولة منا للتشبث باللاشيء،،هي محاولة ،، لكنها مثيرة للشفقة
. " وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ " ،،،،
انا الآن ،،أقف في عمق اليمين والشمال بعيدًا عن ذات ،،في منطقة توحد وتلاشي ،،مجرد ذكرى
لو كانوا تحت أشعة الشمس،،،لما ناموا كل هذه المدة
لكن الغرض من كل الامر هو ان يستغرقوا ،،في الحلم الجميل ،،،
مع ان الإفراط بالشيء،،،يفقده لذته
الهروب من الم الحياة ،،،أحيانًا ،،يتطلب مثل هَذِه الغفوة ،،الطويلة )
ربما ان الأجواء في العراق لاتزال تحمل بصمة التخلق الاولى،،،كل الامور هوجاء،،وجامحة ،،ومتطرفة متقلبة ،،،كل الأشياء لازالت توحي بروائح الفطرة الاولى،،،هذا سر تعلقه به،،،مع كثرة الفرص التي اتيحت له بالمغادرة ،،،ربما هو الفخ ،،الذي وقع فيه غيره،،من الأنبياء ،،والأولياء ،،والطامحين ،،،وامثاله من الحالمين ،،،
( شيء ما يصيبك،،،مثل الادمان ،،هذا اللعين العراق،،،)
وسرت في رأسه ،،كلمات ،،صاحب الشاهر،،،
( ربما هي عزائك الوحيد،،،وقنوطك ،،ومقتلك من حيث لم تقدر ،،وإطار للجنون ،،،
" أيها الأسمر الشاعري
لماذا توهجت في الدفتر المدرسي
لماذا توهجت في أنا المبتلى
ما سقتني عيونك غير الصدى الأسمر
الشاعري " )
جمال قيسي / بغداد

بلا افق _ بقام / عليا عيسى

كلّما عبّدت الطريق
إليك
بأنفاسِ حلمي .......

اختنقتُ بالمسافة
وابتليتُ بوجعِ انتهاءِ الوقت
كانت السّكةُ بين عينينا
مزروعةً بألغام سوءِ الصدف
وإشاراتُ المرورِ
غير مفعّلةِ التنبيه
فغصَّتْ خارطةُ اللقاءِ بترجمةٍ خاطئةٍ
لمحطةِ وصولٍ حقيقيّة

انحرفَ مؤشرُ القدر
معلناً مواتَ الدفء مطافاً
لتبتلع عطرَ إنوثتي
دوامةُ العمر ........

عَجزَت حضارتُنا عن الاستدلال
على تاريخِ زرعِ الأمل
أُجهِضَت مواسمُ الصّبر
في رحمِ رسائِلِنا المصابةِ بشيخوخةِ العنوان
و دخلتْ بذورُ اللهفة في سباتٍ عقيمِ الفصولِ


ما علمْتُ أنّ القدرَ
علّقَ مقاصلَ الأحلام على طول جسدي
فشفتي وُلِدَت لتعاني من التّوحد
وصوتي مصابٌ بشللِ التفسير
بينما أطرافي
محكومةٌ بالصلبِ خارجَ أنوثتها

لن أبحث عنك بي
ففوق كتفي
علّقَ عزرائيلُ لافتةً خارجَ استيعابك:
الحذرُ الحذر ...
امرأةٌ مؤجلةُ الدفنِ تبحثُ عن قبرِ يليق !
#علياعيسى

تعقيب غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه الشاعرة عليا عيسى المبدعه..
لو قُيِّضَ لي ذات يوم ان ادرس هذا النص المهم..لصببت اهتمامي على نوع التحديث الكاشف عن الخلفية العلمية التي تقف من وراءه..
ولبينت تفصيلا،كيف تمكنت شاعرتنا من توظيف وعيها العلمي بشكل ابداعي سليم في مجرى العرض ااجمالي العام للن
ص،من دون اي إخلال ب(الشعرية) او التجاوز على أشراطها المعلومه..
وعلى العكس من ذلك تماما..فقد فرضت موهبتها الفياضة طقوسها على مفردات واطلالات العلم حتى اذابتها في ماء قصيدها المتحدر من اعلى منظومة في الوعي العصري الراهن باتجاه الملتقى..ملتقى النص مع المتلقي الكريم-.. تحياتي وبالغ اعتزازي..

السبت، 19 أغسطس 2017

قلوبٌ مَبثُورة . بقلم الشاعر / منذر الغباري

قلوبٌ مَبثُورة .
في اللحظة التي كانت خلالها في خِضمِّ الألم والقلق بعد ليالٍ طويلة من الأرق الكاسر قضتها وحيدةً على سرير المشفى المتهالك ، والميقاتُ الضّاغطُ يلقي بكلكلهِ على صدرها المثقل بالهموم فاجأها صوت الطبيب المشرف قائلاً :
- أيّتها الحاجّة الفاضلة عليك الاستعداد للمغادرة
- لماذا يا ولدي ? ...

- لأنّكِ تلقّيتِ كلّ ما يلزم من العلاج في حدود طاقة هذا المشفى الحكومي المجاني
… قالها ببرودٍ شديدٍ ثمّ غادرها بلطف

دَعَتْ أبناءها إليها ، خاطَبَتْهُم بثقة لا يشوبها شكٌّ أو ريبة :
- إنَّ الحربَ قَضَمَتْ والدكم ومنزلي وقَدَمَيَّ ، وإنِّي مدركةٌ تماماً مدى حُزنِكم عليَّ ومحبّتكم لِي، ولأنني أريدُ تحصيلَ بعض الإثابة من خلال بِرِّكم بي وإحسانكم إلي تحقيقاً لبعض أحلامكم ووعودكم السَّابقة ، فقد قَرَّرْتُ أنْ أُوَزِّعَ إقامتي بينكم بالتَّساوي...
فمنْ منكم سيحرز قصب السبق ليفوزَ باستضافتي أولاً؟
قالتها وهي تحدِّقُ إليهم والابتسامةُ تملأُ مُحياها المتعب الطيّب
قالتها ولمْ تكنْ تعلم أنّ ثلاثَتَهم ما زالوا مختلفينَ على شراء كرسيٍّ مُتحرِّكٍ لها، لا يتجاوز ثمنهُ ثمن قارورةَ عِطرٍ واحدةٍ من عشراتِ القوارير ِ التي يقدّمونها لزوجاتهم كلّ شهر… منذُ أنْ طَلَبتْ منهم دارُ العَجَزَة هذا الشَّرط أثناء تقديمهم الأوراق المطلوبة لإيداعها هناك.

15/8/2017
منذر الغباري
.

تعقيب غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه الادب الهادف الملتزم بالغايات الانسانيه..طريق خاطف التعجيل لتحقيق المعادلة الابداعية بين المبدع وجمهوره..فكيف اذا احكم الاداء،بحيث يوصل اراداته الفكرية عبر منجز ابداعي محترف وناضج الادوات بحسب جنسه الذي اختاره بنفسه..
الطريف في هذا السرد الطيب هو استخد
امه لاسلوب ( الصعقة اللدنية) ذات اللفتة المفاجئه..خاصة اذا كانت هذه اللفتة الصاعقة تحمل من الادانة والاحتجاج مايعلم المتلقي بحيثياته وتفاصيله..فكل منا يعلم الى اين وصل اهتزاز الثوابت القيمية في الواقع الاجتماعي المصاب بالهزال..بارك الله هذا الروح الطيب عزيزنا الاستاذ منذر الغباري..،والسلام..
 
رد منذر الغباري
منذر الغباري شكراً أستاذنا الغالي... شكراً لهذا التعقيب الجميل والمداخلة الرائعة من ناقد فذ نفتخر به في الأوساط الأدبية نتعلم منه لنرتقي بالأدب بكل جوانبه وفروعه على مستوى الساحة العربية والدولية.
لك كل الحب والاحترام والتقدير.. تحية تليق بكم

الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

الموناليزا يقلم / الشاعر محفوظ فرج

الموناليزا

 
لن تتكرر أبداً
نظرات الموناليزا
لن يتكرر ...

هذا الحب الغائر في سحنتك الحنطية
تبدينَ ملاكاً آشورياً يهبطُ من كلكٍ
في (أوروك )
ويغوي كاهنَ معبدها
وتخرُّ حواريُّ ( أريدو )
تحت عباءتِها
وتقولينَ تقدَّمْ
ألستَ قضيتَ العمرَ تناديني
أنْ أدخلَ دارتَكَ المحفوفةَ
بصفاءِ روافدِ دجلة
أوَليسَ المتمتنّى عندكَ
أَنّكَ حينَ تقولُ : عراق
تُغَنّيك الموصلُ زاخو والبصرة حتى الفاو
ذِه أنا ( بنتُ ديالى )
قلبي أنقى من جريانِ زلال خريسان
أعلى من قِمّةِ ( إيڤرست )
رَددَتُ على عينيكِ اسمَ الله
وباركني الرحمن
ومهما أخذَ المدُّ
مراكبَ ابن (الشرقاط )
وغازلها البحر الابيض هرباً من نير
الغارق في ماء التايمز
حتى قحفةِ رأسِه
ستعودُ محملةً بعتابا
وسترقصُ نورسةَ الغراف
على وقع خطى بنت ( الشطرة ) حين تدوسُ
على القصبِ البردي
وترى برقَ بياضِ الخدين
ستداعبُ في جنحيها آخرَ موجٍ
يتفاني في تربةِ ساحلهِ
وتردّدُ صوتاً
تجري منهُ العينُ دماً
بحنينٍ يتزلزلُ تل الصوان على من غابوا
يبوحُ ( لغزَّة ) ما يلقى
وتواسيهِ
تمشي فيميلُ النارنجُ على وقعِ خطاها
يهتَزُّ السعفُ البصريُّ
تأوي كلُّ عصافير( الكسرة )
خلف غصون اليوكالبتوز
لكي تتمعنَ في الشعرِ السارح
خلف الكتفين
وفي القَدِّ الممشوقِ
وفي البسماتِ حين تشيعها
بين العينين


قراءة نقدية بقلم غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه غناء مواز على ضفاف الموناليزا:
..........................................
في البدء هذا نص يليق بصاحبه تماما..ومقدما غاية الاحسان صديقي العزيز الاستاذ محفوظ فرج الغالي..
...
ومع ان مشاغلنا في غاية الاكتظاظ ،ولكن ما نراه يغرينا بالغناء الحزين الفرح معه على قدر جانب منه ،والمامة من دخيلته المثخنة بالاعماق التحليلية النائية..
..
بيد ان أكثر ما لفت نظري كيفية توسعة بحر الخبب الصعب المراس مطّا سلسا فمطّا رحبا فمطّا منسرحا حد التثاث غير البصير انه يقرأ نثرا،فإن التفت فايقاعيا،من دون ان يعرف الا القليل معنى هذا التحول الى كائن موسيقي يصعب عليه الخروج عن النغم الكوني المحيط به من كل جانب والمتصبب من اعماق دخيلته انصباب الإعتياد من غير تكلف حد القدرة على بناء حدث درامي وتصعيده ميثولوجيا بمزامنات وملاقحات عصرية تحيل وتؤول وتلتئم وتلتحم بالافصاحات الحضارية العراقية في مدمج تاريخي يمتد عبر تفاصيل الجغرافيا الوطنية متنفسا عبق التاريخ ومؤشرا في طريقه كل النكبات والفواجع والأماني الكبار في باناروما مبدعة بارعة مخلصة حميمة لامستقر لها الا قلوب الانقياء،ومهج الاسوياء..
وليتنا نتفرغ ذات يوم لمتابعة الحدث الدرامي والاسلوب الفني والعناصرالصريحة والدفينة والتلميحية والايحائية التي شكلت تفاصيل هذا النص الناطق بالجمال
انما ساقول مايلي ايجازا:
كنت امشي معك ومع خليقتك المدهشة خطوة فخطوة ،ولم استغرب قط حلول الروح الجبلي بنكهة البرتقال برائحة الكلك المنبعثة من استنشاقه الطويل لماء الفراتين واهوار الجنوب..ولم استغرب وجود هده الضيفة الهائلة الجمال ،التي تربعت على عرش قلبي بل وكنت منسجما جدا مع جمالك انت ايها التوحيدي النبيل،والداعية الاصيل..
ونعم لن تتكرر ابدا نظرات الموناليزا فقد تغيرت سحنتها الى امد لايعلمه الا صاحب نظر بعيد.....
تحياتي اخي استاذ محفوظ فرج الرائع..والسلام..


رد  الشاعر محفوظ فرج

MA FA ن تتضمخ قصائدي بعبير رحيق من كلماتك الأخ المبدع الشاعر المبدع والناقد النابه الأستاذ غازي أحمد ابو طبيخ لتنهض بالنص الى مكانته المستحقة فهذا مما يتشرف به النص وصاحب النص ويعده من الأوسمة الذهبية لأنها صدرت من تجربة شاعرية نقدية علمية وانطباعية في الوقت ذاته .
أن علو الهمة والعمل الدؤوب بصدر رحب في احتواء النصوص المقدمة لك بأريحية تدل على أصالتك أيها العراقي النبيل علو كعبك وقدرتك على التعامل مع المنجزات الإبداعية على الرغم من تنوع خطابها يجعلك بعيدا عن التكرار وذلك يدل على استيعاب للاتجاهات النقدية في الأدب
شكرًا جزيلا لك أيها الموقر وأدام الله تواصل إبداعاتك ورقيك تحياتي واحترامي

السبت، 12 أغسطس 2017

تحولات عناصر الخلق
بين المجس الموسيقي والهاجس (السيكولوجي)  العميق..
في قصيدة الشاعر غسان الحجاج..
..نيوب القحط..
..........................................

تكتظُّ
 مناسيبُ شجوني
بتزاحمِ آهاتٍ خرساءْ
تمكثُ
بسجون الصمتْ
كشعوبٍ
ضمّخها ادمانُ خنوعٍ ازليٍّ!!
صُلبتْ
في جوف الجبتْ
ستظلُّ تفورُ مواسمُ وجداني
الدائمةُ الحزنِ
الشاحبةُ الاحلامْ
وسبيلُ لقائكِ
يا عمري
مذبوح الخطوةِ
كالأيامْ....
يتعكّزُ
فوق سكاكين معاناتي
فالسعيُ اليكِ
كتمتمةِ الودقِ المهدورِ
من الغيم المنكوبِ
لقد خطفتهُ الريحُ الصفراءُ
 الماجنةُ اللبِّ
الحسناءُ الثوبْ..
ريحٌ
قد اوقدها الشيطانُ
لتأكلَ كلَّ بيادرنا
بنيوب القحطْ
فعروشُ بلادي
الملعونةُ
 ميزانُ الشرْطْ
والكفةُ
لن ترجحَ ابدا،
 حتى تشرع بالتلويح
وداعاً
آخر قطرة نفطْ
قلبي المشدوه
بقايا أجراسٍ
لكنيسةِ قداسٍ
ملقاةٍ فوق رمادٍ
سربُ امانٍ
ضيّْعَ اجنحةَ التحليقِ
وقهقهةٌ
تسري في قشة املٍ
حين يدغدغها الموجُ
وشامتُك المرصوفة
في اعلى الوجنة
ثقبٌ اسودُ
يطوي همس حمائم رمشي
افلتَ كوكبُ حظّي العاثرِ
 كالبندولِ
جزاءَ تعلّقهِ بخيوط الوهمِ
ليُطردَ
نحو الليلِ الداجي
روحي خِرْقةُ عَلَمٍ
 في أيدي بطلٍ
مصروعٍ
ابّان الحرب الأولى
تتناسل تلك الحربُ
 جحيمَ وباءٍ
مذ علّمَ قابيلَ
غرابٌ اسودُ
كيف يواري السوأةْ
من اين سينفذ نورُ الحبِّ
والظلماءُ
ضجيجُ
تطرّفِ عالمنا
المتأرجح
فوق الجرف الهارِ
فحتّامَ اناضلُ...
واليأسُ المنبوذ
افاعٍ
تلتفُّ
لتعصرَ
آلامَ صبابةِ صقْرٍ مجروحٍ
خطواتُكِ
نهرُ النيلِ الجاري
وانا اللبلابُ
على الضفتين
يُداري تسلُّقَ دهشتهِ
كيف ابادرُ
والاغلالُ حشودُ حياءْ
وانا
جذوةُ نار هزيمٍ
ظنّتْ وجهك غيمَ شتاءْ
مذ شُحنتْ
في الطيف
تراقصَ قلبي
يا حواءْ
فليس سبيلُ وصالٍ
 يربط
ذاكَ الجسرَ
المقصوفَ بطائرةِ الأعداءْ
مازالت ذاكرتي
تسألُ كالإزميلِ
 وتحفر
في أعماق ضميري المبحوحْ
الحبُّ
بلا ارضٍ تسند اقدامكَ
يا ولدي
اطلال قباءٍ
درستْها الريحْ
فالغربةُ
موتُ الاحياءْ
والموتى
ليس لهم
في رئة الحبِّ هواءْ
ما زلتُ
أعيشُ الندبةَ
في وطن الطوفانِ الأحمرِ
منتظرا نوحْ..!!!

غسان الحجاج 8/8/2017
***************
سنتابع في قصيدة الاديب غسان الحجاج ،عناصر الخلق التي سترافقنا على طول مشوار هذا النص الشعري الهاجسي المموسق،
ولكننا لابد من ان نذكر امرا غاية في الاهمية يتعلق بالجانب الموسيقي لهذا النص كمدخل للحوار وبشكل متسارع على الوجه التالي :
.....
البنية الموسيقيه للنص:
.............................
من الواضح بدء ان هذا القصيد الحر مكتوب على تفعيلة (الخبب)( فعلن ساكنة العين)  بزحافاتها وجوازات اشباعها( سيب..و) ومضايفاتها من ذات الدائرة ( شجوني..فعولن) من بحر المتقارب،ثم العودة الى الخبب نفسه مباشرة ( بتزا..فعلن) المتحركة العين وهو  زحاف الخبب كما يعلم المتابع الكريم..
ولما كان قد اختار التسكين في نهاية الفقرة او المقاصير الطويلة هنا وهناك،فإنه لم يكتف باستضافة المتقارب وحسب،وانما استضاف المتدارك ايضا..فهو قد وقف على مفردة..(خرساء ْ)،ليبدأ  بسطر جديد ومع كلمة ( تمكث ُ)..( فاعلُ).. وهذا زحاف المتدارك محذوف النون،فاصل التفعيلة ( فاعلن ) مثلما نعلم..ثم يعود الى الخبب ،وهو البحر المحوري الذي يتحرك بين ضفتي النص حتى الختام....
ومن الجدير بالذكر ان هذه الظاهرة في البناء الموسيقي،هي ما اشرنا اليه خلال دراستنا لقصيدة الاديبة Sara El Zein قبل فترة ليست بالبعيده..واعني قصيدة الدائرة العروضية ،التي تنتمي عروضيا الى منشأ موسيقي واحد..ولايشترط في مثل هكذا مضايفات الا وحدة الايقاع بعيدا عن اية فجوة موسيقيه..وهو امر لايجيده الا من حازوا على رهافة عالية في اذنهم الموسيقيه..
.....
مانوع وحدة الموضوع في هذا النص :
.........................................
وعودا على ذي بدء نؤكد اننا لم نركز على تحولات عناصر خلق النص لو لم نتلمس بكل وضوح وحدة موضوعته التي اخذت بعدا شعوريا على وجه التخصيص،فوحدة الموضوع كما نعرف ذات منحيين:
*وحدة موضوع فكرية ..
* وحدة موضوع هاجسيه..
ولهذين المنحيين شروحات لسنا بصددها الان..
ولكننا لابد من ان نشير الى إحالة النص على المنحى الثاني،الذي يتضمن في طياته من دون شك بعدا رؤيويا او فكريا ما..كما وان المنحى الاول مغمس  هو الاخر بماء الشعور والاحساس والهاجس الحيوي،والا خرج عن كونه ادبا..
فالفصل هنا في مجمله اعتباري بغاية الفهم واعتمادا على الصفة المتغلبه...
ومن الواضح ان هذا الامر يكاد يكون سمة عامة لكل مبدع بحسب طبيعة بنائه السيكولوجي..
ولانه فضل الخيار الثاني ،فسيكون لنا تلمسات نكشف من خلالها- وعبر ذات الهاجس- كيف تعاقب حدثه وعناصر بنيته المتصاعدة رويدا رويدا..
*
*
متابعةتحولات عناصر الخلق ..
.....................................يتبع.......................
بعد عظيم جهدٍ وطويل انتظارٍ، وصلَنا ديوانُ الحشد الموسوم (الى فتية القمح- تراتيل في حضرة الحشد المقدس) ضمَّ الديوانُ 73 نصاً لشعراء عراقيين وعرب تغنّوا ببطولات الحشد الشعبي وأشادوا بتضحيات العراقيين العظيمة في مواجهة الهجمة الظلامية الداعشية. الديوان من إصدارات منتدى أدباء وكتّاب المْدَينة ( ممثِّل اتحاد أدباء البصرة في القضاء)، وسيوزع -قريباً- في سوريا ومصر ولبنان والإمارات ودول أخرى إضافة لتوزيعه الرئيس في العراق. 
شارك من العراق الشعراء: 
1- أجود مجبل
2- إحسان الموسوي
3- أسرار العكراوي
4- اسماعيل الصياح
5- إياد الشاوي
6- باسم الحسناوي
7- باسم الشريف
8- جبرائيل السامر
9- جميل الجميل
10- جنان المظفر
11- حسن الجزائري
12- حسن سامي
13- حسن هاني
14- حسين القاصد
15- حسين ديوان الجبوري
16- حسين علي رهيف
17- حيدر خشان ياسين
18- زمن الجراح
19- زينب الخفاجي
20- زينل الصوفي
21- ستار الزهيري
22- سجاد السلمي
23- سيروان محمود
24- شاكر الغزي
25- صفاء الصحاف
26- صلاح حسن السيلاوي
27- ضرغام البرقعاوي
28- ضمد كاظم الوسمي
29- ضياء جاسم الخاقاني
30- عادل الصويري
31- عامر موسى الشيخ
32- عباس مازن عباس
33- علاء الجزائري
34- علي عبد السلام الهاشمي
35- علي مرتضى السندي
36- عمر صباح
37- غانم العيساوي
38- غسان الحجاج
40- فاضل عباس الحلفي
40- فرحان المرشدي
41- قاسم العابدي
42- قاسم والي
43- كاظم عبد النبي العلوان
44- كاظم مزهر
45- كريم القاسم
46- محسن العويسي
47- محمد باقر جميل
48- محمد السويدي
49- محمد عبد الكريم الشيخ
50- مرتضى التميمي
51- مصعب الخزاعي
52- مهدي النهيري
53- مؤيد نجرس
54- نوفل الحمداني
55- وسام الحسناوي
56- وهاب شريف
57- ياسين عقيل بدر
ومن الدول العربية الشعراء: 
1- ادريس الشعراني - المغرب
2- أسيل سقلاوي - لبنان
3- انتصار سليمان - سوريا
4- جميلة العروسي - المغرب
5- دنيا فاروق - مصر 
6- ربى مسلم - سوريا
7- صلاح محسب - مصر
8- عبدالله الشوربجي - مصر 
9- فاتحة معمري - الجزائر
10- محمد أبو الفرج - مصر 
11- محمد باقر أحمد جابر - لبنان
12- محمد محمد الحاضري - اليمن
13- محمد الزهراوي - المغرب
14- نائلة طاهر - تونس
15- نجاح إبراهيم - سوريا 
16- عبدالعزيز لوح- شاعر سنغالي يكتب بالعربية
.
طُبِعَ الديوان في دار أمل الجديدة - سوريا
التصميم : سجاد السلمي
خطوط: مرتضى الجصاني 
عدد الصفحات: 292 من القطع المتوسط 
.
ونتقدم بوافر الشكر والامتنان لكل من ساهم وشارك ودعم في إصدار هذا الديوان، لهم منا جميعاً وردة القلب.

الجمعة، 11 أغسطس 2017

الجريدة للدراسات النقدية لكننا لن نجد أجمل من هذا الخبر نفتتح به سير أعمال المجلة .خبر عن ابن بار لآفاق نقدية، عن شاعر دائما ما استحق التقدير .

الشاعر غسان الحجاج في أول إصدار له 
باكورة أعمال نتمناها ناجحة .

الأديب الناقد مصطفى النجار :العراق 
                            يكتب ▪▪



قراءات نقدية في اعمال الشاعر غازي ابو طبيخ ..
تمهيد ...
(( لا اظن أن احداً من المبدعين في هذا العالم المترامي , يستطيع الجزم بأنه خارج عن ضغط المرحلة التاريخية المحيطة به ...)).*
لعل هذه العبارة اكثر ما لفت انتباهي وشدّني بقوة لقراءة اشعار السيد غازي ابو طبيخ عندما كنت في  الخامسة والعشرين من عمري , كما  انني  لازالت الى الان  في طور  اكتشاف تلك المحطة من تاريخ الشاعر , او قل  انها مركز اهتمامي في اعماله الشعرية .
ليس ثمةَ ما يستوقف اي مبدع في هذا العالم المترامي الاطراف  اكثر من تداعيات  المحطة التاريخية المحيطة به , جلهم اذا لم يكن كلهم توقفوا في هذه المحطة ,  منهم من حاول ان يصنع تاريخاً خاصا به كماركس مثلا ومنهم من اخترع فكرة التاريخ اختراعاً كفوكو مثلا , حيث حاول ان يهرب من محطته التاريخية من خلال ما اسماه  الجينالوجيا , ذلك الوهمي البنفسجي اللون الذي اسكر فرنسا لفترة طويلة وربما الى اليوم .
ان التاريخ – المحطة التاريخية - نقطة الانطلاق التاريخي – سمها ما شئت – ان هذه النقطة هاجس مخيف يرتع بدفائن نفوس المبدعين , لأنه بالضرورة  مجس حضاري مهم لكل مبدع , من انا - ما الذي علي فعله - ومن ماذا انطلق - والى اين انتهي  - وما هي الجدوى ,  وبحسب فهمي  طبعا  ان كل من لم يجد تلك التساؤلات حاضرة في ذاكرته او قل في مفكرته – هكذا اصح , عند الاقدام على هذه الالة الثقافية الخطرة  فانه يلتاط بالادب التياطاً  ولن يدخل عالمه الواعي  فيكون مصداقا لقوله تعالى ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) وتنتهي رحلته في اول مطبات الاكتشاف والله اعلم في ايٍ من تلك المطبات الكثيرة   ؟.
يؤرخ لنا الفكر الديني اسس الانطلاق التاريخية بشكل جيد وواضح , ليس لأنه متصل بالله , بل لأنه موضوعي الى درجة ان يعطينا الجدوى في التفكير – التفكير المنتج للوعي , لأنه بالضرورة  يمنحنا مشروعاً يمتلك عناصر التفكير المشترك بين ابناء النوع البشري بمختلف ثقافاتهم وتوجهاتهم , أن هذه النقطة  بالتحديد , الانطلاق والجدوى منه , هو ما يعطي للعمل وجودا موضوعيا او موضوعانيا كما يعبر الماركسيون , هذا الذي نجح ماركس في توظيفه ايما نجاح  كما اشرت آنفا , انه استبدل المفكرة التاريخية العجوز ببواعث النهضة من جديد   ولكن على طريقته الخاصة .
ان ماركس استطاع ان يخلق تاريخاً لأوربا من اجل ان يعطيهم جدوى للانطلاق ,  ولولا ذلك لما تحرك عودٌ على شجرة كما نعبر, فهيجل لم يورث اوربا سوف فسلفة متهرلة – ميته – لن تنبض فيها الحياة لولم تكن فيها  نطفة الديالكتيك , لأننا – ومازلنا نتحدث عن نقطة الانطلاق – فان هذا يعني ان هناك مشروعاً , وبما ان هناك مشروع فمن البديهي ان يكون مخططاً له , وهذا يعني حركة واعية وهادفة و منتجة , وهذا ما يعطي لنا  ايضا واقعاً معياريا للحركة  العلمية والفنية او قل الابداعية  بعمومها (مع انني اتحفظ على كلمة الابداع وأفضل ان اطلق عليها اكتشاف) اي انها تمنحنا مرجعية  واضحة لكل ما ننجزه من اعمال على سطح هذا الكوكب , فحتى الاصوات لها شغل كما يقول شكسبير في رائعته الملك لير ( فليس الاصوات الخفيفة بخاوية القلب ما لم تضج عن فراغ) هذا الفارغ القاتل , هو ما جعلنا نستشعر ضاغط المرحلة التاريخية , ان هذا الضاغط يخبرنا بكل صراحة وربما بصبر كبير ان علينا ان نحدد الهدف او قل لنوجد هدفاً نتحرك بفلكه بدلا ان نحوم في واقع سيكولوجي مفرغ من نقاط الدلاله كذلك الذي اخترعه دريدا ليتخلص من الميتافيزيقيا  , حتى اننا بتنا لا نعرف انحن من يستنطق الكلام ام ان الكلام يستنطقنا ؟.
الشاعر غازي ابو طبيخ يحاول بكل صبر ان يعطينا جملة من النماذج عن الاتحاد الكوني بين الله والانسان , انه يحاول ان يصيغ لنا في هذه الباكورة من اعماله ما قد اكتشفته الروح النقية والتي اطلق عليها في كتاباتي ( الذاتية النقية ) من حجم لهذا الكون  المعجز وحجم مشروعه  العظيم ( الانسان الرب ) او ( الموكشا) بحسب الفكر الفلسفي الهندوسي .
ان تلك القدرة الاستكشافية على استنطاق الترابط الكوني قلما يتم العثور عليها في عالم الادب , لأنها تنتج في حواضن خاصة قادرة على خلق عناصر الترميز والدلالة بشكل قابل للاستهلاك في متاجر التفكير  الادبي المشترك.
ان اكثر ما قتل الموهبة – الموهبة البشرية عموما – انها غير قادرة على امتلاك لغة عمومية – لغةً غنية بعناصر التفكير المشترك , هذا ما نسميه في مباحث الفلسفة المعمقة –  بخاصية الارتباط  بالفلك الفعال , وياله من فلك عظيم .
في هذه المحطة الادبية , سوف  احاول ان اعيد صياغة الرسالة الادبية كما اعرفها انا لا كما هي معروفة , محاولاً ان اعطيها هدفا تنسال من خلاله  بعذوبتها المعروفة داخل عالم الواقع بعد ان أعتاشت على التغريب منذ نهاية  نهاية  عصر التبيلغ المسيحي وتحول  الادبي العالمي الى بديل روحي لتلك الامة المستضعفة المحرومة ( اوربا العجوز )  لعلها تنتج لنا عملا يساهم ببناء الحضارة البشرية في هذه البقاع الظمئة لعلنا نترع من مناهلها من جديد , لعلنا  نتمكن مرة اخرى ان ( نحيل احجار هذا الكون انهارا )( 2)
تنظيم إبراهيم النجار
والله ولي التوفيق 
------
• مجموعة اشعار لوامع الكهف والرقيم ص 7 .
(2) نفس المصدر اعلاه .

قراءات نقدية في اعمال الشاعر غازي ابو طبيخ ..
..1...
العنصر الكوني ..
ما الذي نعنيه من العنصر الكوني في الفكر وكيف يتم اعماله ؟.
يقصد بالعنصر الكوني مجموع الروابط الكونية التي تشكل بمجموعها الوحدة الكونية , الوحدة بمعناه المادي تارة والمعنوي تارة اخرى , وهذا ما يطلق عليه المناطقة الكل والجزء , فالكون وحدة مترابطة قانونيا من حيث البناء المادي ومعنوياً من حيث البناء المفاهيمي , وان اعمال العناصر الكونية في اي مادة معرفية يحتاج الى الوصول الى خيط من خيوط تلك الشبكة العملاقة والوقوف عليه خارجاً بما يتناسب والقدرة على الدلالة عليه عند اعماله على النحو الذي يتناسب مع المفكرة البشرية الاعتيادية او التخصصيه ووعيها لنتائج هذه الظاهرة .
من تلك العناصر المعنوية هي الجدوى , فكل ٌ منا يسأل عن جدوى وجوده على سطح هذا الكوكب , منا من اكتفى ببعض الاجابات المرقعة ومنا من لازال يحوم حول تلك البوابات المعرفية . فالفكر الديني يخبرنا بان الاصل هو العبادة-  ليست هذه العبادة التي نعرفها طبعا من الفقهاء , بل هي المعرفة ( حصراً) وهي ليست المعرفة الصوفية كما يصطلح عليها , بل هي معرفة اسس هذه الحضارة التي شاءت السماء ان توجدها على سطح هذا الكوكب اهدافها-  مسارات التاريخية  – مشروعها بلحاظ الكون كونها جزءٌ منه – والى آخره .
  والانسان كما هو معروف  هو من عهدت به هذه المهمة  وهذا الاخير هو ما يطلق عليه الطبيعة فلسفياً فتأمل هذا لطفاً .. 
لنسمع هذا ..
(( سألته عن الجدوى قال ...
أن سر الجمال الحقيقي يكمن في الطبيعة البكر وان سر الجاذبية فيه يتجلى في الانبهار الذي يوحد بين الخليقة )) (1) .
الطبيعة البكر , - الجاذبية – الانبهار .. هذا ما نسميه اعمال العنصر الكوني في النص . اي نص فلسفيا كان او فكريا ثقافيا او دينيا  وهذا  ما يعطي للنص صبغة كونية وليس غيره فتأمل لطفا..  وهذا لا يتم الا بعد اعماله بشكل واعي بحيث اذا تم استنطاقه كان قادراً على ربط المستنطِق بالواقع وليس بالفلك السيكولوجي الخاص بالمكتشف  .
الطبيعة البكر ..
كم هي نسبة الاكتشاف الذاتي الذي حققته البشرية تجاه ماهيتها , اي تجاه ما عرفت من خصائصها الذاتية – مالذي تحب – ما الذي تكره – لماذا تحب – لماذا تكره – ما قيمة ما عرفته – ما هو حجمه – ما هي نوعيته – ما كمية ما تبقى – وما هي نسبته بلحاظ الذي تعرفت عليه – وما الذي يجب ان نفعله كي نعرف ما تبقى وبأي طريقة – وكم نحتاج من مدة والخ ..
ان البكورية تعني بالضورة الفطرة البشرية - التكوين البشري - الصيرورة الاولى قبل التجربة  بحسب الخلقة او ( الدزاين ) كما يسميه هيدغر , اي ما نحن عليه بحسب الواقع وليس بحسب الخارج , فهناك فرق كبير بين عالم الخارج وعالم الواقع , الواقع هو حقيقة الشيء التي لن تتغير ابداً والخارج هو ما عليه الشيء الان بشرط البيئة وتأثيرها من جهة ووعيه للبيئة من جهة اخرى فقط ليس الإ ..
ان هذا العالم الواسع – عالم الذات هو ما اطلق عليه الطبيعة البكر – ياله من وصف فلسفي محكم ودقيق , وهو اهم عنصر في العناصر الكونية – حيث انه مرتبط بالالة الوحيدة المفكرة على سطح هذا الكوكب , فبقدر ما نعرف من هذا العالم - بقدر ما نفتض من بكارات خصائصه تفتح نافذة معرفية خارجية على خصائص الكون الام,  الذي يحتضن جزءنا البشري صفةً ومشروعاً .
الجاذبية – كان ايقاع عنصر الجاذبية بين هذه الاسطر عملا عبقريا ينم عن معرفة بخريطة المركب الكوني , ليس على سعتها , طبعا لا - بل بحسب العينة التي اقتفتها مفكرته بلحاظ ( عامل النقاء الذاتي ) وما اعنيه بالنقاء الذاتي هو انحياز الفكر عقليا بعد التخلص من دائرة التشويش الغرائزي وهذا ما يقع جزءيا في الغالب ومرحلياً.
الجاذبية هي ما يمنحنا واقعية الترابط الكوني شعوريا , ان هذا الانجذاب بين الجنس البشري ( الذكر والانثى ) ليس انجذابا جنسيا شهويا , بل هو ارتباط كوني يقع بين الاقرب فالاقرب من ذات الجنس مهويا , ان هذا الرابط – الجاذبية كما سماه شاعرنا – ليس عفوياً – ان له جذورا فلسفية مهمة لا يقع بحثها هنا بقدر ما يمكن التنويه عنها حفاظا على التعريف بالاكتشاف موضوع البحث ليس إلا .
هذا الذي يبررنا لنا انجذابنا الى الاشياء المحيطة بنا بيئيا , وعلى نحو الاجمال الانجذاب الى الطبيعة الخارجية كلما ازدادت جمالا وانتظاما , خصوصا اذا كان انتظاما طبيعيا غير مصطنعا .
الانبهار ..
الانبهار صفة لما يقع عليه الوصف لحاظيا بدقة عالية , الدقة التي يتفق عليها المركب الداخلي ( العقلي والنفسي ) وكلما كان التقارب بينهما اكثر في التوصيف والفهم , كان الانبهار اكثر , ان الانبهار فرع الاكتشاف , الاكتشاف بعنوانه الكوني , اي ان يكون الاكتشاف منطلقا من هذه الخلفية التي تكلمنا عنها , تارة يمكن ان يلاحظ هذا الانبهار او قل يلتفت اليه بلحاظ تلك العناصر وتارة يمر مرة السحاب كما يعبرون – وهذا الاول لا يحصل الا للملتفين وعيا – اي القادرين على توظيف تلك المعرفة بلحاظ آني , كما سوف نسمع في مبحث التوظيف .
يتبع ..
--------
(1) قراء في سفر التكوين ص 33
------

فاصل انتقالي ..
قبل البدء بمباحث  التوظيف  بحسب ما خطط له  , كان بودي اعطاء نبذة مختصرة وتعريف بعض الحيثيات ذات الصلة فيما يخص هذه  المحاولة و التي تهدف  لأستبدال الارضية القديمة للتفكير الادبي ومنحه صفة الموضوعية التاريخية بعد هذه الانتقالة الكبيرة التي حدثت في هذا المستوى من التفكير البشري والتي رفعت  سقف المباحثة الادبية من الميدان التربوي الى عالم الترف الترميزي  قبل ان يحين اوانه .
اقول ..
ان ما تقدم من مباحث وان كانت الصبغة التنظيرية طاغية عليها  وهذا ما لا يخفى على سليقة المختص , الإ انها في نفس الوقت كانت مدعمة بدليل حي لتجربة استكشافية ابداعية لأحد ارباب هذا الصنف من الفنون البشرية المهمة , وقد يحلو للبعض تسمية هذا الصنف من الاشعار – بالشعر الصوفي – وفي الحقيقة هذا التصنيف من اخطر التصانيف المفاهيمية التي لحقت بالآلة الادبية  العربية  عند بزوغ فجر الادب الوجودي , حيث انها حاولت ان تصنف الادب من اجل تدعيم ظاهرة  الفصل المفاهمي بين  ما يسمى ( الصيرورة التاريخية الذاتية ) وتداعيات ميتافيزيقا التاريخ على التفكير البشري , المهم ان الادب  العربي الحديث وخصوصا بعد دخول القصيدة النثرية بلمستها  الغربية  استطاع ان يفصل بين الظاهرة  المكتشفه ويصنفها دعما لقاعدة  الظاهرة المستقلة . كونها تستمد وجودها من رئة تاريخية  ذاتية منفصلة عن السياقات الكونية .
وقد نجح في ذلك ايما نجاح .
 وحيث يرى الاخوة القراء اننا قد اقمنا ما يمكن اقامته من دليل على هذا الايجاز الذي نحن فيه  , من ان عموم الظاهرة الاستكشافية البشرية انما لا تقرأ بصيغ او انساق تاريخية منفصلة , بل تؤخذ بلحاظ مشروع كوني , واذن فان كل ظاهرة أدبية  احترافية  او مبتدئة انما هي مظهر من مظاهر التجلي المعرفي , او قل استشرافا لتلك الشبكة الكونية الضخمة من العلاقات -  من جهة الناقد وموضوع النقد .
ثم اني ذكرت هناك , ان  تجربة القراءة التاريخية ليست فقط وليدة رحم ديني , بل كانت ايضا من بنات افكار الاطروحة الماركسية   وهذا ما  يبرر  اهتمام الكادر التنظيري والفكري في مدرسة  السيد محمد صادق الصدر  خصوصا بهذه الظاهرة الفكرية الواعية  بقضها وقضيضها  كما يعبرون من اجل ايضاح الفكرة  الدينية ذات الصلة انطلاقا من مبدأ المنهجة الحديثة    .
ولا يخفى ايضا من انني  قد اشرت في  مقدمة هذه المباحث التي لا اعلم كم ستطول مدتها , من انني اعطيت لمحة موجزة على اهم ثلاث ركائز لأي مشروع فكري , وهي العنصر والمثال والحركة , وقلنا هناك ان كل فكرة انما لا تكون مثمرة وقابله للتقدم اذا لم تكن على لوح المعايرة التاريخي , وبما ان لكل معايرة مرجعية صار من المفروض  ان يكون هناك هدف ,  ونقطة انطلاق , ولابد ان يحظى الهدف بمثال ما   كمرجعية للمعايرة , والخ ...
وهذا انما يمثل بحسب فهمي صورة واضحة لما نفهمه نحن في المدرسة الانفة الذكر من المشروع الكوني او الغرض من الخلق وغيرها , وبالرغم من دراستي لغالبية الفلسفات الاوربية ذات الصلة الا انني انطلق من اسس اسلامية  كما هو واضح , وهذه النقطة  قد تشكل احراجاً او عقبة امام تقبل هذا النوع من الطرح على اعتبار ما نال هذه الاطروحة من فشل تاريخي على مستوى التطبيق ولو انني اربأ بهذه العقليات النخبوية النزول الى هذا المستوى من التفكير ,  لأننا انما نأخذ  أي فكرة مشروع بلحاظ قانوني لا بلحاظ تطبيقي , والا لو انطلقنا من الفشل التطبيقي في التقييم لما وجدنا على هذا الكون مشروعا قابلاً للمباحثة او يستحق الدارسة , فكل  هذه المشاريع التي نراها اليوم انما تتغير بمجرد خروجها من لوح الرسم الى عالم التطبيق جذريا , ولعل التجربة الاسلامية قد حظيت بفرصة   تطبيقية في بداية نشوءها , تلك الفرصة اعطتها القدرة على الثبات امام المعايرة التاريخية  , الا اننا وفي هذا المستوى الذي نتحدث فيه لا يهمنا بالضرورة ان  ننطلق من تلك التجربة مع انني من انصار هذا النسق النقدي , بل ان نفكر في فهم طرق المعايرة القانونية  من حيث الدقة والتوظيف والاشتغال والشمول  لذا اقتضى  التنويه .


عنصر التوظيف 
في أعمال الشاعر غازي ابو طبيخ  ..
التوظيف الانتولوجي ( الانطولوجي )
ما هو عنصر التوظيف ...؟
يقصد بعنصر التوظيف  كما يفهم اصولياً   مجموع الوظيفة الدلالية في النص ,  وهذه الوظيفة تنقسم الى عدة اقسام اهمها قوة التوظيف الاصطلاحي والإيقاع الخطابي .
ويقصد بالأول :  انتقاء اللفظ  بلحاظ الدلالة البلاغية  للمعنى ..
ويقصد بالثاني : انسيابية الخطاب بحسب تفعيلة اللغة العربية ,  أي الارتحال السلس لسانياً داخل النص . وهذه الثانية مما يعز وجوده كثيرا هذه الايام نتيجة لهجر اللغة الفصحى والاتكاء على الدارجة , حتى عند كاتب هذه الكلمات .
 وهذه  الجهة الاكاديمية للتوظيف كما يعبر ..
لكنني لا اتناول النقد هنا من زاوية ادبية بحتةٍ كما يعبرون , فلا استطيع اضافة ما هو جديد خصوصا بوجود اساتذة اكفاء  ومتخصصين في ذلك الميدان , ولذا فان ما احاول القيام به هو النقد الفلسفي التحليلي للنص الادبي من اجل ان  ادفع به الروح بطريقة اخرى , اذا لعل هذه الطريقة اذا تم اعمالها مستقبلا ستكون جسراً  لارتحاله من الخواص الى العامة  مجدداً كما كان في  السابق ايام المعلقات  , عندما كان الادب  جزءاً من الخطابة اليومية , الخطابة بمعنى الخطاب التقليدي  العام .
وهذا قد يجعل منه أداة اكثر فاعلية في انضاج المستوى المعرفي وترسيخ المادة على مستوى الملكة اجتماعيا  وبحسب  المشروع الكوني , وهذا ما اسعى اليه بل ما سوف ابذل له كل ما يمكنني الله من قدرة   .
..أ...
اصل الوجود ..
قال الفلاسفة المسلمون  عند مناقشة الشق الانتولوجي بمعزل عن الدلالة الدينية , ان الضرورة العقلية الحاكمة على مجريات البرهان الواضح تقول , بان الكون  بهذا الانتظام وهذه الدقة العجيبة يجب ان يكون من صنع صانع ويستحيل ان يأتي من تلقاء نفسه , على اعتبار  ان احتمالية حصول هذه النسب الدقيقة في المنظومة القانونية للكون لا تمثل الا واحد من مليار تقريبا من حيث نسبة النجاح وفق منهج حساب الاحتمالات , وأطلقوا على هذا البرهان الدقيق برهان النظم الكونية , واحد امثلة هذا البرهان هو نسبة شعاع الشمس الداخل من الغلاف الجوي الى الكرة الارضية ونسبة الاوكسيجين في الهواء والنيتروجين والكاربون وعلاقتهما بالاستقرار البيئي  وغيرها .
وقالوا ايضا ببرهان الدور واثبتوا استحالته – وقالوا ببرهان التسلسل  , اذا لابد لتسلسل العلل من نقطة ينطلق منها وهذه المباحث فلسفية كلامية  .
وهناك العديد من البراهين  المبحوثة في العقائد الاسلامية , وهم بهذا اثبتوا ان للكون صانعا , وان هذا الصانع مدبر وحكيم وواعي لما يفعل جل جلاله ومن خلال ذلك صيغت البنية النظرية للمشروع الالهي في القرن  الماضي مدنياً على يد منظرو المدرسة الصدرية كما يطلق عليها   .
 وقدر أشر  المفكر السيد محمد الصدر  في كتابه اليوم الموعود بين الفكر المادي والديني كامل المبحث  الفلسفي والانثروبيلوجي للخليقة منذ بداية الخلق وانتهاءً  بظهور المنقذ بحسب العقيدة الاسلامية , كما ان الكتاب احتوى على كامل الحلقة النقاشية بين الفكر المادي المتمثل بالماركسية من جهة والفكر الديني المتمثل بأطروحته الموسومة بالتخطيط الالهي للكون   , وقد اعتنى كثيرا بمناقشة هذه الاطروحة على مستوى اعلى وأدق من سلفه محمد باقر الصدر , على اعتبار ان الماركسية اول اطروحة   مادية وربما اخيرها ممن استطاع ان يخرج من جبة الظاهرة البشرية المستقلة الى مستوى المشروع الكوني , وهذا يعني تطور الوعي الفلسفي البشري الى مستوى عالي جداً بلحاظ المشروع الكوني الذي يتنباه المفكرون الاسلاميون , حيث انه يرى ان المشروع الكوني يبدأ من نقطة الخلق الاولى ولتكن ( البك بان مثلا ) وتنتهي عند اخر حلقة من حلقات التربية البشرية في زمن المنقذ كما يؤمن به المسلمون  وهذا كله بلحاظ الغرض الالهي من الخلق .
وقالت الماركسية بطفرة الكون , وقد حاول الجهاز التنظيري الماركسي التخلص من تبعات هذا الاقرار إلا انه لم يستطع ذلك حتى في الجيل  الثاني من المنظرين ( تروتسكي وبليخانوف ولينين وغيرهم )  وهذا لا يعني انهم لم يكونوا قادرين على ايجاد البديل النوعي – طبعا لا , بل لأنهم  احكموا انفسهم بقاعدة الديالكتيك , وهذه القاعدة لا تعمل إلا على المركبات في حين ان الماورائيات من عالم البسيط , والفرق بين الاثنين ان المركب ينتج لنا ديالكتيكا تطورية , اما عالم البسيط فمتكون من عنصر واحد , فكان هذا  من اهم اسباب عدائهم المشهور للمثاليين القائلين بالميتافيزيقيا حتى من كان يميل الى هذا الاعتقاد ولوهمسا , كبليخانوف مثلا .
ومثاله ..
لنأخذ مثلا قانون الجاذبية , ان هذا القانون قد تم اعماله لدى مهندسي العصر  الاكدي والبابلي , الا انهم لم يكون يسمونه ( الجاذبية او الكرافيتي ) بل انه حصل على هذا الاسم اشتقاقاً من ظهوره الخارجي على المادة , كما انه – لاحظ عزيزي القاريء – غير ظاهر خارجا إلا بآثاره على المادة المركبة ( القلم والموبايل والإنسان وغيره )  وحينها اذا اردنا الانتقال لتعليل او كشف الحركة التاريخية او ( التاريخانية ) للوجود انما يجب ان نحلل كل مفاصله على اعتبار انه مشروع , كما فهمه الماركسيون ويعتقد المسلمون , فكيف نستطيع اعمال الاثر المارورائي اذا كنا لا نعترف به بالأصل او قل نتعامل مع آثاره فقط  , لأننا انما نبرر الحركة التاريخية كماركسيين وتطورها بدلالة قانونية , وهذا الدلالة التي ننطلق منها انما هي واقعه بلحاظ آثارها وليس بلحاظ نفسها , اليس من المتوقع ان يتطور القانون الكوني كالجاذبية او يتوقف عن العمل , هذا  اذا كنا نتعامل معه بنفس الصيغ المركبة أي ( ديالكتيكياً ), فكيف نستطيع دراسة تأثيره على الوجود اذا كان مجهول الهوية ذاتاً وكيف نستطيع ان نعطيه دوراً ثابتا بلحاظ المشروع  او قل إعماله كما  احاول انا اليوم صياغة دور الادب بطريقة مختلفة ؟.
طبعا حاول الماركسيون ايجاد حلول لهذه الاشكالية ولم تفلح امام النقد المحترف ,لأن هذه الاشكالية كانت ولا تزال من اكبر العقبات امام أي فكر تنظيري بهذا الاتجاه .. وللملاحظة – يصطلح  على القوانين الطبيعية لدى المدارس الاسلامية العرفانية بمصطلح ( العقل الساري في الوجود ) .
واما الوجودية فلم تناقش ما قبل الكينونة واكتفت بصياغة الانسان على اساس الظاهرة المستقلة , أي التحول التاريخي الاطرادي بين الانسان والتاريخ ,  وسبب هذا هو ايضاً الهروب من عقدة الميتافيزيقا , لأن الوجودية تبني اساسها النظري على الاصل التاريخي , وهذا ما دعى فوكو لاختراع الجينالوجيا , او  التناقل الوراثي التاريخي . لأن نفس المشكلة التي دعت هروب الماركسيين من  الميتافيزيقيا هي نفسها ما دعى الوجوديين الى ذلك وهي استحالة دراسة وفهم عالم البسائط  وآخرها محاولة لجاك دريدا والتي كتبت عنها فيما سبق وبينت هناك نقاط الضعف الكبيرة فيها من خلال دراسة نقدية لكتابه ( استراتيجية تفكيك الميتافيزيقيا  ).
إلا انهم وبالرغم من هذا حاولوا جاهدين تبرير وجود هذه البسائط وأثرها البالغ في الوجود المنظور لكن كل تلك المحاولات كانت تكريسا لمباحث عتيقة اكل عليها الدهر وشرب حتى انهم رجعوا الى الوجوديين الاوائل للبحث عن حل ولم يفلحوا بذلك  , الا ان هذا لا يعني عدم وجود لمعات لطيفة وذكية في هذه المفكرة العبقرية خصوصا عند نتيشه  وهيدغر , وان عبارة هيدغر الشهيرة ( الوجود هناك في هذا العالم ) خير دليل على ذلك , بل انها تصريح ضمني مهم حاول الوجوديون الجدد التخلص منه بعدة تأويلات ولم يفلحوا في ذلك .
لأننا اذا اردنا ان نناقش مفهوم البسيط – وهو بحسب  المنطق الفلسفي الاسلامي – المفهوم القانوني , سيكون من الصعب علينا  ان نناقشه خارج المركبات , لأن العقل البشري انما يقرأ خوارزميات الشكل تركيبيا ويفهمه على هذا الاساس  ويستحيل عليه ان يقرا العنصر الواحد بحسب آليته او ( الدزاين )  , لذا كان التواصل مع هذا الاله الذي يؤمن به المسلمون لا يتم الامن خلال الروح  على اعتبار ان الروح من سنخ البسيط , أي عنصر غير مركب , وهذه هي القصة باختصار ولمن اراد الاستزادة يراجع الكتاب اعلاه لأنه مخطوط بأيدي  تخصصية في هذه العلوم  وبالخصوص الدائرة السيكولوجية البشرية , مع العلم ان السيد لم يناقش الوجودية لأنه لا يعتبرها مذهب فلسفي بل مذهب ادبي وينتهي الخطاب كما فهمت منه  ضمناً .
....

اعمل الشاعر موضوع البحث الانتولوجي  على اكثر من شكل  على اعتبار انه ينطلق من ثلاث خواص  متعلقة بقراءة العناصر الكونية ..
الخصيصة الاولى – العقيدة – الثانية  التخصص  اللغوي  وما يلقي على النص من عمق بلاغي – الثالث الخلفية الفنية -  وتعني قراءة مسارات العقائد  خارج حدود العوالم الارضية الثلاثة الجسم والنفس والعقل .
وهذه الخصائص الثلاثة وفرت زخما كبيرا لقراءة النص الشعري خاصته من زاوية تحليلية فلسفية , إلا انه يختلف اكيداً عن نصوص  السيد محمد الصدر و الشيخ ابن عربي رحمه الله والشيخ الرومي  رحمه الله والحاج السبزواري وغيرهم  من علمائنا الكبار من حيث الافق النظري والمطاولة النفسية  , على اعتبار الاختلاف في قواعد النظر الى  تفرعات وحدود الظاهرة وإسقاطاتها الخارجية على ما سوف نسمع ..

لنسمع هذا ..
(( ما شرقت بالدمع إلا في محضر صلاتك القائمة 
صلاةٌ لا تعني بآلية الرسوم المتحركة 
بل تعني بتحويل الحدث من رئة القوة الى بانوراما الحياة )).
هناك ملاحظتين  رئيسيتين في هذا النص يجب الاشارة اليهما قبل الدخول في تفصيله ..
الاولى كلمة ( بالدمع ).
والثاني  تنوين الضم في (صلاةٌ) بحسب  النسخة التي بين يدي .
اما بالدمع فلا استطيع دمجها  مع النص بحسب  النسق الذي اعمل عليه ,   وإلا فسوف ينقلب السياق المعنوي للمقطع الشعري كله من الانتولوجيا  الكونية الى الدائرة الداخلية المصغرة , على اعتبار ان الباء جار للدمع فيكون الدمع واسطة للصيرورة  وهذا غير صحيح بل ومشكلة كبيرة على  المستوى العقدي ليس محل بحثها , على العموم هي مرتبطة بمباحث التعطيل ( نعوذ بالله ) , ولذلك سوف احاول ان اتخطاها واعتبرها جسرا للعبور من الخاص الى العام وننتهي , او نعملها عند قراءته ادبيا وهذا ممكن  .
وأما تنوين الضم  في كلمة (صلاة ) فيجب ان يكون للتنكير , أي تنوين فتح حتى يشمل عموم الظاهرة العبادية وليس الصلاة الفقهية وهذا هو الصحيح اكيداً , على اعتبار ان  الشاعر مسلم والإسلام يقول بأن كل تكليف شرعي انما هو عبادة سواءً كان مدنياً ( اجتماعيا – أداريا – فنياً ) او  عبادي محض كالصلاة والصيام والحج والزكاة ونحوها .
..
الاشراق في لغة الفلاسفة نوع من التجلي بين الخالق والمخلوق وبشكل آخر ايجاد الذات بالخالق فتأمل .....
ولذا  فيكون معنى المقطع ان لا وجود بدون صلة , وهذا ما يذهب اليه حكمائنا من  ان كل عمل غير متصل بالله فهو بحكم العدم فلسفيا  اعلى اعتبار  ان الحقيقة واحدة وكل ما يرتبط بها فهو حقيقي وما سواها فهو عدم بالمعنى الفلسفي , تماماً كما ننسب فعلا تطوريا لشيء غير ( الديالكتيك ) وهذا مستحيل بحسب الاطروحة الماركسية  ,  وانا قلت فيما سبق ان هذا الإعمال الشعري لا يمكن ان نجده في مكان آخر لهذه الخصوصيات الفريدة في التوصيف لاعتبارات شخصية  عند الكاتب .
لذا فأنه يثبت اصل وجوده من خلال الصلة فالصلاة ليست الا صلة , وبالمناسبة فأنا اقرأها دائماً بكسر الصاد لا فتحها من اجل انسيابية المعنى في ذهني .
وهذا التصريح ينقلنا الى الارتباط القائم بين العنصر و الشبكة الكونية كما مررنا عليها مسبقا , كما انه يعطينا نسق مفاهيمي  للانطلاق التاريخية للعنصر , حيث نسمعه يقول ( صلاةً لا تعني بالية الرسوم المتحركة – بل تعني بتحويل الحدث من رئة القوة الى بانوراما الحياة  )  وهو هنا ينطلق من ما ذهب اليه  الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام  في قوله ( اتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر )  بشكل واضح طبعا ..
ولكن ينبغي الالتفات الى كلمة ( الحدث ) الواردة في سياق المقطع , وما هو القصد من التحويل , لماذا ليس استخراجاً  ( بل تعني باستخراج الحدث من رئة .... الخ ).
هذا ما  سجلناه في مبحث سابق عن تطور الوعي البشري بلحاظ  تاريخي , عند التعرض  لخواص المبحث الانثروبيولوجي وضرورة  التخلص مما اسميته الترف الترميزي وهو بمعنى آخر( الشعر اللاحق على رتبة  وعي القائل  ) والذي سوف نفرد له بحثا مفصلا ان مكننا الله مستقبلاً.
وأذن فان خروج الحدث الكوني اياً كان شكله لعالم الواقع من رئة القوة تلك , انما تحولي وليس عياني الذات , أي يرتبط خروجه الى عالم الخارج بحجم الوعي الشخصي من جهة والتاريخي بحسب سياقاته , وهذا كله بلحاظ مشروع ما , ولذا اطلق عليه تحولا ولم يطلق عليه استخراجاً , ليوضح لنا ان الجوهر , جوهر الحدث الحقيقي ليس بالمتناول الطبيعي غالبا , بل انما يتم تحويله بصيغ مختلفة وكل بمقدار وعيه  لرئة القوة تلك  ووسائل النفاذ اليها .
لعل هذه اوضح   وابرز نقطة  لمحاكاة الظاهرة الانتولوجية في الكتاب الذي بين يدي ولعل ما سيطرحه علينا في المستقبل اكثر غناً وارسخ تجربة منه , والله ولي التوفيق .