الأحد، 8 أبريل 2018

اطلالة موجزة في ازقة النص..قصيدة " شرفة فجر" ... غسان الحجاج بقلم الاديب الناقد / شاكر الخياط

قصيدة " شرفة فجر" ... م.غسان الحجاج
..........
اطلالة موجزة في ازقة النص..
..........
أ.شاكر الخياط
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
النص:
......
بخدّكِ خالٌ حيَّر الفكر والحجا
فخدّكِ شمسٌ كيف يغفو بهِ الدجى
وخدكِ طوفان اللجين وإنما
رأيتُ نبياً في سفينته ِ نجا
توسّد مسبياً تماما كحالتي
فنارٌ وماء النور كلٌّ توهجا
وأخبرني الياقوت ُ ان مليكهُ
اسيرٌ بنهر الماس منذُ تتوجا
لواعجُ فرط الشوق تيار شهقةٍ
تحثُّ هزيم الدمع تعريشة الشجا
أعدْلٌ بتيهِ الوجْد ترسو نهايتي
بحثتُ سوى عينيكِ لم ألقَ مخرجا!
مراياهما تحكي النواقيسَ والصدى
تشكّلَ لون العين كوناً مزبرجا
عجبتُ وفي الانفاس اشباح دهشتي
أسحرُ العذارى صار فتكاً مدججا
فمن ثغرها سيفٌ ومن رمشها القنا
وليلٌ علا المتنين داجٍ تموّجا
على صخبي المحموم أنّتْ شواردي
فليليَ مجروحٌ وليلكِ قد سجى
تنبأتُ بالحرمان من طقس غربتي
تخذتُ سرابي في العرافة منهجا
اقلّبُ وجه الليل لا غير وحشتي
كريحٍ تبثُّ الروحَ جمراً مؤججا
وادركتُ ان الصبح القى وشاحهُ
ومن لونكِ الصبح النديُّ تبرّجا
فلا غرو ان الياسمين. مولّهٌ
غدا ثمل الأغصان حتى تأرّجا
غفوتُ على جنح الفراشةِ حالماً
بأرصفةِ الاطياف لقياكِ ترتجى
هي الأمنيات البيض احداق وجهتي
وحدسي سرابٌ بين واحاتهِ الرجا
.....
بين حين واخر يتحفنا الشاعر المبدع غسان الحجاج باعمال تملك التغيير والتنقل من موضوعة الى اخرى، وهذا بطبيعة الحال يسجل للشاعر، وديمومة هذا العطاء هي مقدرة وامكانية الشاعر على المتابعة والاستزادة المستمرة، حيث نراه في كل عمل شاعرا جديدا ونصا جديدا، في هذه القصيدة التي ارى انها جميلة.. اكتسبت جماليتها من نقاط تمثلت في انها خلت من المنغصات التي تجعلها ثقيلة على الاذن وعلى مسمع الايقاع، وسارت بترتيبة ايقاعية صافية، محاولات الشاعر ان يعيد قراءتها قبل النشر واضحة فهي مشذبة من الخلل، حاول هنا الابتعاد عما يثير الشك في بعض المفردات فكان الاستخدام دقيقا جدا وواضحا هنا بانه كان قد قصد القافية والبحر في اسلوب تعبيري مكين جعله يقف مع قصيدته قوي الموقف وهو باب وصفة من صفات التحدي حتى وان لم يقصدها لكن واقع الحال يشير بذلك... الاستخدامات الجديدة التي ماتعودنا عليها مسبقا توحي ان فترة الاستجمام اذا صح القول التي يمارسها الشاعر بين عمل وآخر ادت مفعولها بتعافي الاعمال تباعا وهذا منحى ايجابي ارجو الانتباه اليه، وغيره قد يقع في هذا الجو المتعب الذي يضعف من القصيدة بل ويجعل الشاعر يقول مالايريد بفرض المناسبات او الطواريء القسرية التي تجبر الشاعر نزولا عند اسباب كثيرة لايريدها ولا يسعى اليها بان يقول تواؤما مع حدث او ذكرى او مناسبة، هذا اخي الفاضل استاذ غسان مفصل يسترعي الانتباه بل اتمنى العمل عليه، فهو في الحقيقة بعد ايجابي مضاف الى صفات الشاعر التي ستنسحب الى صفات مضافة ربما نستطيع القول مكتسبة جنب الصفات الخلقية التي جبل عليها الشاعر..ورغم البؤس الواضح ونداءات التشاؤم وجلاء الحالات الشخصية الا انها كانت مادة جديدة، واستوقفني اكثر من استخدام اجدت في تطويعه لصالح العمل، فقد اجزت لنفسك ان تستخدم ( تَخَذْت) في موقع صحيح وهو ماسار عليه قبلك جبران خليل جبران في رائعته التي انشدتها فيروز- اعطني الناي وغني- (هل تخذت الغاب مثلى .. منزلا دون القصور) وكثيرون قبلك وهي لغة راقية يخطيء كثيرون في التعامل معها بالشكل الصحيح والموقع المناسب للاستخدام، جاء في التنزيل الحكيم وفي حديث موسى والخضر ، عليهما السلام ، قال : ( لو شئت لَتَخذْت عليه أَجراً )؛ قال ابن الأَثير : يقال تَخِذَ يَتْخَذُ يوزن سَمِعَ يَسْمَعُ مثل أَخذَ يأْخُذُ ، وقرئ : لَتَخَذْتَ ولاتَّخَذْتَ ، وهو افتعل من تَخِذَ فأَدغم إِحدى التاءَين في الأُخرى ؛ قال : وليس من أَخذ في شيء ، فإِن الافتعال من أَخذ ائتخذ لأَن فاءها همزة والهمزة لا تدغم في التاءِ, . قال الجوهري : الاتخاذ الافتعال من الأَخذ إِلا أَنه أَدغم بعد تليين الهمزة وإِبدال التاء ، ثم لما كثر استعماله بلفظ الافتعال توهموا أَن التاء أَصلية فبنوا منه فَعِلَ يفعل ، قالوا : تَخِذَ يَتْخَذُ ؛ قال : وأَهل العربية على خلاف ما قال الجوهري، ولا اظنك استخدمتها بدون الالف او اجبرت على استخدامها هكذا دون دراية، وهذا جانب مشرق ومفرح .. اتمنى على اخي الاستاذ غسان الذي انتظره منك انا شخصيا لايزال فيه الكثير وهو مستند الى معرفتي بامكانيتك، فارجو مستقبلا ان يكون الانتباه والتركيز على مثل هذه الامور الجيدة ان احتجت اليها، اضافة الى المتممات الاخريات لانجاح العمل، شخصيا اعجبتني القصيدة موضوعا ونظما واختيارات كنت قد وفقت فيها، لكنني لابد ان اثبت ماعليك كذلك، وهذا شان حميمي تعرفني انت عليه منذ التقينا، مثل هذه الاختيارات تحتاج الى مساحة اوسع في الطرح لانك قد تظلم الموضوعة التي تريد منك ولا تعطيها، ولا يعني الاختصار او الاقتضاب في قصر وايجاز العمل هو الصحيح او الاصح اطلاقا، دع عملك يقول ماشاء لا تظلم قريحتك على حساب المتلقي، فالاخير حر في ان يقرأ من عدمه، وهو حري به ان يصعد الى العمل لا ان احشر المفردة التي تصله بالسهولة مستثنيا عن اخرى احق بالاستخدام خشية ان لايفهما، ولديك امثلة في التراث الثر من الشعر مايغني عن الاستدلال ببعضها على سبيل معرفتها لدى الاغلب، دع المتلقي يسير اليك ويرتقي الى مفرداتك مثلما يريدك ان تأتيه وتنزل الى مايريد وهذا لايعني ابدا ان السهل الممتنع دائما هو المرغوب، لكل عمل حيثيات تختلف عن الاخرى التي هي صنف ونوع وليس متممات... اتمنى لك النجاح الدائم، وان تتحفنا بالجديد الذي نتوقعه منك على الدوام... هي اضاءة مختصرة ارجو ان اكون وفقت في ايصال ماينبغي وهو ما اريد..
محبتي..

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق