الاثنين، 5 سبتمبر 2016

ذكرى ونسيان بقلم الاديبة أم وفاء قوادري

ذكرى.. و نسيان
في غفلة من الزمن، احتبَس الشوقُ وجَال في القلب الوَهَن، مرَّت تتخطَّر كحمامة، زَفَّت النَّسَمات إليه ريحَها، فوَقَفَ ينتَظِر ونارُ الوَجْدِ تتأجَّج في الجَوَى، لمَحته من بعيد، وعلى نهر نظَراته الشاردة، سَكبَت ابتسامةً، ترامَتْ على وَجْنتَيْهَا خَفَرًا.
تعثَّرَتْ ثَمِلةً لِمَرْآهُ، وتعثَّر قدرُهما في الحُظْوة بالوصل الحلال
شابَّةٌ باسمةٌ حالِمةٌ، خرجَتْ مِن خِدْرها، ترمُقُ بلابل الدَّوْح إذ غرَّدَت، وتَرنُو إلى سِرْبها النائي في الأفق البعيد.
هو ابن العائلة المُحافِظة، خَلوقٌ ذو استقامة، به مواصفات الشاب الذي تهفو إلى كَنَفه الأنثى، فارسُ الأحلام ولا رَيْبَ، قَصَدَ أهلَها فاستأنَس وسَلَّم، إلَّا أنَّ البابَ بقيَ مُوصدًا في وجهه، وإنْ دقَّه حينًا بعدَ حين.
وتَتوالى السِّنُون تَتلوها السِّنون، تَحضُن بدفئها ألمَ النَّوَى، وتمحو خَرِيرَ الذكريات، عشرون سنةً أو ما يزيد، وتَلْقاه مِن بعيد، تتساءلُ في قَرارة نفسها: "أذاك هو؟ إي والله هو، بلحمه وشحمه ودمه!".
ما حَرَّك اللقاءُ فيها شيئًا، فهي بنتُ اللحظة الحاضرة، وفي صمتٍ تقاطَعَا، والطريقُ خالٍ إلَّا منهما، ما زال على أدبه وحيائه، ما نَبَسَ ببِنْتِ شَفَةٍ، فالحياء إِهابُ النَّفْس وحِصْنُها الحصين.
أتُراه لم يعرفْها؟ كلا، بل عرفها.
أتغيَّرت؟ أجَل تغيرت، هي الآن أكثرُ مِرَاسًا للحياة، وأكثرُ شبابًا وتألُّقًا.
تعرف جيدًا أنْ لا شيءَ يستحق الدموع، وأنَّ نسيان المواجع سِرُّ كل نجاح.
عرَفَتِ الرجل وكيف يصبح حَمَلًا وديعًا في لحظةٍ ما، ويستأسد في باقي الأوقات، يملؤه الكِبر والأنا، فينسى قلبه عند خوضه معترك الحياة.
وعرفَتْه قلبًا كبيرًا يحتوي المواجع والآهات، يَغُضُّ الطرْف عمَّن سواها متى ما أخلصَتْ، فيَخْمُدُ كبركان يَحْسُنُ الحذرُ من ثَوْرته، والاستعدادُ لها ترقُّبًا وتيقُّظًا في كل حين.
• • •
وتصطفُّ الأحرفُ متجافيةً، تنأَى وقد سلاها العناد، تلتفت إلى بقاياه في خاطرها، تمحو الذكرى، وتَلِجُ عالَم النسيان.
كبُرْعُمَةٍ غَضَّةٍ، رَسَمَكَ القَدَرُ في خيالها، زرَعكَ في كِيانها مخلوقًا مثاليًّا، رأتْ في ابتسامتك أحلى نغْمة إعجاب، وفي نظراتك زهْو الروح وإشراقَها، وفي هَمْسِكَ الدافئ حنينًا للحضن والاحتواء.
لم تتجاوَزَا حدود التخاطر والإعجاب مِن بعيد، وما حدثَتْكما النفْسُ بما سوى ذلك؛ فتقاليد البيئة صارمة، وحُسْن التربية كان لكما خيرَ وِجاءٍ.
ما أكثرَ ما ردَّدَتْ شريطَ الأحداث، مِن أولِ نظرة وأولِ لقاء، متسائلةً في حيرة وتعجب: "لِمَ وكيف وقَع ما وقع؟!".
لِتَجْزِيَ لها الحياة جوابًا مُحَيِّرًا يحتاجُ إلى ألْف جواب، كطلسمٍ مِن طَلاسِمِ الغيب وأسراره.
هي الأرواح تشف وتسمو في عوالِمِها، جنودٌ مجنَّدَة، تتعارف فتتآلف!
أمَّا نحن، فنلتقي ونَنْتَشي فرحًا، تَخْفُق القلوب واجفةً مزهُوَّةً بالانتماء.
يحل الربيع فجأةً، وترحل المتاعب والأحزان.
أمَّا نحن، فنَغرَق في أحاسيسِنا، نُنَمِّقُها، نُثْقِل كاهلها بألْف عنوان وعنوان.
لا.. لا عناوين ولا تنميق هناك، في عالم شف وانكَشَف، تتراءى فيه السرائر، مُعلِنةً دَيْمُومةَ الحب وأبدية اللقاء.
ثم ماذا؟
 تلاشَى الوَهمُ الجميل، سَلَبَها القدَرُ بفِراقك هَدْأةَ الليل، وهَجْعة الأصيل، لكنَّها سَلَتْ بقدَرٍ جميل خبأه صبرُها والرضا، لتترفق كبرياؤها بسذاجتها التي بكَتْك، حين تنبَّهَتْ أنْ لا شيءَ يدوم، سوى العِفَّة وصَوْن النفْس.
• • •
أنصتَتْ لصدى صوت تردَّد مِن تلك السنين:
أتَشِي بقلب أحبَّك، وتترُكُه للحنين؟
 للتَّسكُّع في دروب الذكرى!
ينخره الوجعُ، ويَنْكَؤه الأنين!
• • •
أُخالِجُ رُوحي، ما الذي يُنجي؟
 سوى أنْ ألوذَ ببابك لحظةَ صفاء.
لكسرِ جُمُوح النفس؛ تلك الرَّعْنَاء.
تعقيب الشاعرة/ وسام الأحمد
سرد جميل بغايه الروعة لايخلو من التشويق والعبارات الآسرة ...
صباحك كجمال حرفك
تقديري
أم وفاء قوادري ولك مني أجمل عبارات الشكر.. بوركت سيدتي
تعقيب الاديبة/Suhair Khaled
 ولكن يبقى الصراع قائما
تعقيب الناقد/غازي احمد ابوطبيخ
مايلفت النظر بقوة في هذا النص (الضيف النبيل)،هو اسلوبه.. وكلنا يعلم مقولة الناقد الكبير ..تومسون.. (الاسلوب هو الانسان)..
وأسلوب هذا النص يتجلى محوريأ فيما يأتي:
هناك هدف قيمي سامي يكمن عميقا في قلب مبدعتنا الكبيره.. دعونا نسميه ..الاطروحه.. وجهة النظر.. الفكرة.. الموضوعة..كلها كما اتصور تؤدي الغرض.. هذه الاطروحة تحتاج الى بنية حمل تناسبها.. تسهل مهمة ايصالها الى هدفها،وهدفها غاية بالوضوح،وهو الانسان الاخر.. النص اذن رسالة المبدعة الى المتلقي.. النص اذن وسيلة وليس غاية من اجل تحقيق معادلة (انا والاخرون)..
من هذا المنطلق نستطيع ان نتلمس اسلوب الكاتبة الواضحة الخبرة والعميقة التجربة ،والمعمقة الاداء..
ترى على اي الأجناس الادبية نحتسب النص ?
هذا السؤال تأتى من كون كاتبتنا المبدعة قد جمعت الى بنية النص اكثر من جنس ادبي ولو بالمضايفة الاسلوبية الفطينة ،ولكنها بالتأكيد اعتمدت اساسا على التأطير والتبويب القصصي المشبع بروح التلميح الاخلاقي والقيمي بشكل يستغل بالمعية عالية قدرة القص الجاذبه،بحيث لايكون الوعظ ثقيلا او مضجرا ابدا،حتى اذا استقرت رحلة الحدث والشخصيات على منطقة الوسط لم نلحظ الا عقدة فكرية اكثر منها ازمة قصصيه ..
حتى الانفراج او الحل كان بنفس الاتجاه.. بل كانت الخاتمة مضايفة نوعية أخرى اقرب الى روح الشعر منها الى السرد او الاسلوب الحكائي الذي بدأ النص به في المقدمة حتى الوسط.. وبالشعر او روحه نكون قد خرجنا بعمل يعتمد نوعا من الشمول الابداعي المبرمج والهادف..
كل مضايفة اسلوبية في هذا النص المثير للانتباه كانت مقصودة ولكنها غير متكلفه..مقصودة ولكن الكاتبة قد هيأت لها بطريقة حصيفة واضحة الخبره..
من هنا اقول :
إن كاتبا لايملك مثل هذه الخبرة في سياقة دفة الاحداث والامساك الذكوان للشخصيات ،لا ريب سيوقعه في اللبس والارتباك والتخبط بين الاجناس الادبيه ..
لكننا الآن بإزاء كاتبة تعرف حرفياتها جيدا وتسوق اسلوبها الشامل بمكنة فارهة من مجموعة اساليب واجناس دائبة ذائبة مع بعضها لتخرج منها جميعا بإجمالي اسلوبي واضح الفرادة ،بالغ الخصوصيه..
وهذا هو الكشف ..
هو الجديد المضمخ بروح الاساليب التراثية الدفينه.. وليست شموليات المقامة الاسلوبية عنها ببعيدة ابدا..
زميلتنا الفاضلة أ.أم وفاء قوادري المبدعة.. اجدت ،سيدتي..
أم وفاء قوادري كل الشكر والتحية.. لقد غمرتموني بفيض من الكلمات.. أسرت فلبي وهزت مشاعري.. وشعرت أنني صغيرة جدا أمام هذا المدح الجميل.. صدقا لكم أعياني البحث عمن يعرفون للإبداع معناه، وللحرف قيمته.. وها أنا الآن -بفضل الله ومنه- في موقعي الصحيح بينكم.. فكلماتكم الرائعة هذه.. هي توجيه راق لي.. يضعني في المكان اللائق الذي طالما حلمت به.. ويأخذ بيدي اتقاء العثرة والزلل.. بوركتم على التشجيع.. كل التحية والتقدير
آفاق نقديه مكانك حيث استحقاقك الكبير ،والابداع الجيد يفرض نفسه ، ولقد كنت مبدعة واضحة الإجادة ،سيدتي..
 تعقيب الاديبة/ بلسم الحياة
هذا الأسلوب الشيق الماتع المانع ...
هو في الحقيقة ما نحتاج اليه لإثراء الأدب ...
بتحفة المولود والنبض المفؤود
اما الى اي جنس ادبي ينتمي ؟
 فهو جامع شامل لأسلوب الخاطرة والخطاب الحداثي
 الذي ينضوي على غايات ادبية اخلاقية ...
كأسلوب تربوي تعليمي أكاديمي ...
يتسلل الى القارئ المتلقي بشفافية رفيعة المستوى
 وليبقى النصح والتوجيه والارشاد مستتراً ...
وهذا من جماليات الأسلوب الفني الراقي الابداعي .
الاديبة الفاضلة / ام وفاء قوادري
 تقديرنا الكبير ...
لهذا المشهد الثقافي العالي .
أم وفاء قوادري كلماتك تاج على رأسي.. فقمن بي أن أفخر وأتيه.. خالص التحية والشكر سيدتي
تعقيب الاديب/حسين ديوان الجبوري
 
 حوارية جميلة ورائعة تدل على صنعة محترف كلماتك كنسيم الربيع تعالت في امواج بحر شواطئه خضر المساكن تحياتي لقلمك الرقيق الشيق اﻻنيق ست ام وفاء مرة اخرى نورتي في بيتك اﻻدبي الكبير تحياتي لك مع التقدير.
أم وفاء قوادري ولكم مني خالص التحية والشكر والتقدير.. سيدي الكريم الفاضل.
تعقيب الشاعر/احمد البدري
نص قصصي مكثف ببلاغة اللغة يحوي اسلوب متفرد يسوق القاريء للمتابعة بلذة وشغف….سلمت يداك اديبتنا
تعقيب الشاعر/ غسان الادمي
ان أداة الرؤية الواضحة التي استخدمتها الاستاذة الفاضلة أم أم وفاء قوادري كأشعة الشمس التي تتخلل بين ظلال الأشجار لتفصح لنا عما يدور في خلجات ابطال هذا النص الشيق من خلال بث اُسلوب لغة التخاطر التي لا يفقهها الا العاشقون حتى وان قيد حروف هذه اللغة الحياء والعفة ..
فعفة المرأة كالدرة المكنونة في جلباب صدفتها وحياء الرجل كالشمس التي تختبئ خلف الغيوم وعندما تقف الاعراف بينهما وتصبح فاصلاً برزخياً يفصل بين الحب العذري الذي لا تشوبه شائبة عندها تصبح الأفئدة بين مطرقة الاعراف و سندان الحياء والصبر اللاذع ..
احسنتِ واجدتِ بهذا النص الماتع استاذة ام وفاء قوادري
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق