قراءة الناقد /شاكر آل هيت في القصيدة الموعودة ( الى فتية القمح)
للشاعر جبرائيل علاء السامر
-------------------------------
خلُّوا المصاحفَ طُعماً في فمِ الرمحِ
ففتيةُ الله لا يمضون للصلحِ
-------------------------------
خلُّوا المصاحفَ طُعماً في فمِ الرمحِ
ففتيةُ الله لا يمضون للصلحِ
هم فتيةٌ آمنوا بالحرب برزخهم
إذ إنهم نضجوا في موسم القمحِ
وهم حُداةُ ليالٍ ضلَّ موعدها
فكلما أسرفتْ يأتون بالصبحِ
ووارثونَ لأرضٍ طينُها شرفٌ
لذا تراهم ندامى خمرة الجرحِ
للأرض منهم نبواتٌ مؤجلةٌ
منها لهم مالإسماعيلَ من ذبحِ
يهمهمون فراتاً حين تندبهم
ليزرعوا الأغنياتِ الخضرَ في الملحِ
من فرط مارشفوا من دجلةٍ هطلوا
ماءً ضحوكاً على أيقونةِ الشُّحِّ
هم أولُ الماء هم في الغيث أوسطُهُ
وفي كتاب الليالي آخرُ الشرحِ
يراودون إناثَ الغيم عن مطرٍ
ويطرقون حبالى النبعِ عن سَيحِ
ويرجمون شتاءً مرَّ عن خطأٍ
في دوحة النصر إذ يرمون باللفحِ
من أدمنوا نشوةَ الجوزاء خمرتهم
هل يأبهون لكأس الموت في السفحِ
أبي العراق بنوكَ السامقونَ أتوا
كي يرفعوا الهامَ رغماً عن يدِ الرمحِ
الكادحون أديمَ الصخر ياأبتي
من أوقدوا الماءَ من إيماءة القدحِ
الحاشدون نبوَّاتٍ بساحتهم
والواعدون بما في سورة الفتحِ
مروا خِفافاً وكان الجرحُ محتدماً
فأمطروهُ سماواتٍ من النفحِ
هبّوا سفيناً ودمعُ الأمهات شرا
عُهُ ودعْواتهنَّ الآيُ في اللوحِ
معتَّقون ونخبُ الأرضِ يشربهم
وعاشقون كما الصوفيِّ في الشطحِ
لم يرتقوا صُرُحاً إذ قاعُهم سَبَبٌ
فكلما هبطوا بانوا على الصرحِ
دماؤهم في وجوهِ الزهرِ غافيةٌ
تحكي ربيعينِ ماجفّا عن المنحِ
يستشهدونَ وتبقى روحهم قُبَلاً
على فمِ الوطنِ المصلوبِ بالنوحِ
قبل ان ادخل في جو هذه الترنيمة الكلثومية ان صح التعبير للأخ الشاعر المبدع جبرائيل السامر لابد من التنويه الى انني ومنذ زمن اطلعت على المطلع وبيت آخر على ما اظن، وحين طالبت الشاعر بالقصيدة كاملة اخبرني انها في ذمة احدى لجان المسابقات ولا يستطيع الإفصاح عنها او نشرها الان للأمانة الأخلاقية وشروط المسابقة التي تقتضي ذلك، لكنني بقيت في قلق بعدها وظل انتظاري مشوب بالخوف على الشاعر لأنني اعتز به كشاعر وكانسان وخشيتي هذه لم تكن من فراغ انما مطلع القصيدة فاجأني بكل صراحة واشرت مع نفسي عن ولادة نجم شاعر وبدر سيشرق نوره في ليل التناقضات الأدبية الغريبة والصرعات التي لاتعد ولا تحصى وكأننا في سوق لبيع الطيور، حيث بدا المشهد الادبي للأسف ينحو منحى اظنه ليس في صالح مستقبل الادب العربي وهذه وجهة نظري مبنية على أسس رصينة مستندة على حزن عميق لا يعلمه الا الله عالم الغيب ثم صاحب الألم الذي ما ان يرى نصا فيه روح ادب الا سارع الى تبريكه والشد من ازر مبدعه ونصح ان كان المبدع بحاجة لهذا النصح ومن باب التعديل ورفع الغبار عن حاجة النص الحقيقة الى مقومات نجاحه، في الوقت الذي يبكي دما لما يقرأ من تعليقات كمالية مبتسرة دامية قاتلة خارجة حتى عن الذوق العام في بعضها ظنا من أصحابها للأسف ان هذا هو الابداع، وخصوصا على صفحات الفيسبوك وتلك الالاف من عبارات المديح والثناء والشكر والتبجيل والمطالبة بالمزيد بل المخزي في اغلبها ان كتابها من الجهل انهم لا يعرفون من الاملاء ما يسعد ويريح القارئ فكيف بهؤلاء ان يكونوا هم المقيمين وهم من يحكم ويتحكم بالنصوص..
لا اريد ان اسهب في هذا المخاض المرير، واعود الى القصيدة والى الشاعر،
هناك نوعان من الشعراء، ( مع اختلاف الآراء حول ذلك المنطوق ) مطبوع ومصنوع، المطبوع الذي ولد كالملك ملكا بالوراثة حتى وهو لم يبصر الدنيا بعد، والمصنوع من نشأ محبا للأدب وبعد فترة قراءة ودراسة واستماع وتمحيص وتدقيق وتفحص مستغرقة سنوات كانت مخيلته قد استقرت على صنف معين من الادب يختاره وفقا لنوازعه ورغباته التي مالت نتيجة تلك الدراسة الى الشعر مثلا دون النثر ، وهنا سينجلي ويظهر الاختلاف بين الاثنين: المطبوع سيبدأ شاعرا ربما بسن الثانية عشر من العمر ويتدرج في عملية صقل مستمرة الى ان يكون بعد الخامسة عشر او السادسة عشر قد لاح ابداعه وبدا يسترعي اهتمام المتابعين، هذا سيكون في قادم السنين شاعرا والثاني ايضا سيكون شاعرا ولا غبار على مايكتبان، لكنهما يفترقان في نقاط تختص بروح الشعر وجرس القصيدة وبلاغة المعنى وانسيابة النظم واختيار القافية وارتجال المواقف والاحداث الى ما الى ذلك من عوامل التميز بين الاثنين..
هذا الامر ينسحب على المبدع جبرائيل السامر الذي ارى في نصوصه التي قرأت انه يتميز بأذن صافية نقية، ربما هناك ملاحظات بسيطة وتأشيرات موجودة وهذا امر صحي لا اختلاف عليه فهذه امور لم ينج منها حتى المتنبي، وفي مقصد الحديث هنا مايثبت ان كلامي هذا ليس رأيا منفعلا او هو افصاحة خضعت لمؤثرات عاطفية او ماشاكل لكن النص الذي امامي والذي اسميته بـ ( الكلثومية) لهو خير دليل على ان ما اقوله نابع من حقيقة قل ان يختلف عليها اثنان لثبوت عوامل الاقناع والبرهنة على الفرض الذي اقترحناه في البدء...
العنوان ( فتية القمح)!
عنوان ابداعي، يقينا لم يأت من فراغ او كان محض صدفة او جاءاعتباطا ابدا، ( فتية) كلمة بهذه الترتيبة من الحروف تعيدنا الى ان الفتوة ليست لها علاقة بالعمر وما شدني الى العنوان اولا ان الله سبحانه في محكم كتابه العزيز وصف اصحاب الكهف بالفتية وهم بلغوا من العمر مالايمكن ان يصفهم احد الا بالشيوخ او المعمرين، لكن الله اراد ان يرفع صفة العجز والشيخوخة ويبقي على شبابهم جسديا، وعلى عقولهم وعملهم وسلوكهم انهم ( نخبة)، ثانيا لم يجد الجواهري البليغ في وصف المتنبي العظيم الا ( فتى) حين قال : تحدى الموت واختزل الزمانا ...... فتى لوّى من الزمن العنانا.......... الم يكن في مقدور الجواهري ان يستخدم غير ( فتى)؟ بالتاكيد التساؤل مشروع لاثبات حقيقة قوة العنوان ووقعه على الناقد قبل المتلقي..
المطلع والبيت الثاني كأنهما بيت واحد في حروف مختلفة لتكرار كلمة فتية في الاثنين مما يثبت صحة ماذهبت اليه ان العنوان لم يكن كيفما اتفق انما كان الشاعر يبغي ذلك ويقصده وقد وفق فيه وهذا يحسب له، البيت الثاني من الجمالية انه ضمن الاية الكريمة (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) وقد تم توظيفها بالشكل السليم مع الاشارة الى وجوب التقويس وهذا سينتبه اليه زميلي المبدع جبرائيل بالتاكيد..
حتى البيت الرابع لو استبدل ( ووارثون) بـ ( هم وارثون) لما حصل اي خلل لا في الايقاع ولا المعنى، وهنا دور التكنيك وهذا مانقصده بحسن الجرس وسهولة وانسيابية الموسيقى والتعويض وامكانية الاستبدال للدلالة او للمعنى او للزيادة او النقصان،
البيتان السادس والسابع يؤكد صحة ماذهبنا اليه ( الفرات) وانت تصف العراق باشمله واحدا موحدا هل يجوز ان يكون لوحده دون حبيبته ( دجلة)؟ هذا متوقع والتوقع هذا ينسحب في الحديث الى موضوع آخر كموضوع التقفية الذي يعرفه الشعراء والنقاد وكيف ان الشاعر يجعل المتلقي قبل الناقد يقفي بنفس مايقفي الشاعر قبل ان يسمع من الشاعر عند الالقاء او التوقع لتلك التقفية عند القراءة، هذا جانب مهم قد لا يعرفه البعض، وما توقعته هنا كان امرا منسجما مع غائية القصد في القصيد المتسلسل والمترابط، هذا يحسب لصالح الشاعر ايجابيا، لو لاحظنا بدقة وعمق الى عجزي البيتين المذكورين السادس والسابع:
(يهمهمون فراتاً حين تندبهم
ليزرعوا الأغنياتِ الخضرَ في الملحِ
من فرط ما رشفوا من دجلةٍ هطلوا
ماءً ضحوكاً على أيقونةِ الشُّحِّ)
هذه معادلة جاءت بشكل موضوعي ومعادل وهو حالة إبداعية مميزة، انا هنا سأبدل العجزين الأول مكان الثاني والثاني مكان الأول ونرى: (يهمهمون فراتاً حين تندبهم........ ماءً ضحوكاً على أيقونةِ الشُّحِّ)
(من فرط ما رشفوا من دجلةٍ هطلوا............ ليزرعوا الأغنياتِ الخضرَ في الملحِ)
ومن ناحية ثانية ايضا يستوقفك ان المعنى في العجزين واحد وهذا تكنيك عالي وقوي، فانت هنا تستطيع ان تجري مقارنة بسيطة وبنظرة دقيقة ترى ان هذين البيتين كتبا بدافع فكري اكثر مما هو حالة حشو او تسطير لأبيات فقط من اجل الاطالة او القول، هنا : الفرات – دجلة / يكونون بسبب الفرات حين تنخاهم او حين تدعوهم او حين تطلبهم لامر جلل – بسبب كثرة ما ارتشفوا من دجلة كانوا مطرا او غيثا/ ليزرعو الخضار في الارض البور القاحلة – ماءا زلالا في ارض البور او القفار/
وملاحظة كلمتي الروي في ( الملح) و ( الشح) هما واحد وهذا ما اقصده في المعادل الفكري الواحد المشطور الى نصفين الاول بخصوص (الفرات) وكأن الشاعر فراتي الجذور والنشأة، الثاني بخصوص (دجلة) وكأن الشاعر دجلوي الهوى والمنشأ، هذا التسامي في الروح والبدن والهوى ليس من السهل توافره لدي اي منا انما هنا سيتصل القصيد بصاحب القصيد وهذا سلوك فني يرقى اليه الشاعر السامر..
لاحظ البيت الرديف للبيتين والذي يأتي مباشرة:
( هم أولُ الماء هم في الغيث أوسطُهُ
وفي كتاب الليالي آخرُ الشرحِ)
التسلسل هنا في المراحل والحفاظ على الانتقالات حسب تسلسلها هو التزام ينفي اي وجه للعبث في مثل هكذا قصيدة،
/ اول الماء – اوسط الغيث – آخر الشرح/ ياسلام كم هو جميل هذا البيت، وكثيرا ماكان التكرار مملا ومنبوذا بالنسبة للكتابة وعلى الصعيدين الشعري والنثري، لكنك هنا تطالب الشاعر بان يكرر ثالثة وأخرى، وتتمنى وترجوه لو اردف (هم اول، هم في الغيث، وهم آخر الشرح) آه، كم كان بودي ان تنزل هذه الـ ( هم) الثالثة، لكان للبيت صرخة ابداعية احسها انا الان وانا اردد البيت مع نفسي،
في عجز البيت التاسع (ويطرقون حبالى النبعِ عن سَيحِ) لا اتفق مع الزميل السامر مهما برر لي هنا استخدام ( النبع عن سيح – ع عن سيح) هذا العجز يجب معالجته اكراما لجمال العروسة البصرية التي احكم لباسها ومكياجها فارتقت هودج الصدارة بين موكب الجموع من القصائد لكن هناك من كان أدرى بفنون الماكياج والتزويق فأشار الى خلل بسيط يمكن تلافيه وهو عين (النبع) مع عين (عن) احسها تحتاج شيئا ما ساترك للاخ السامر النظر فيه كما انني اشدد على ضرورة مراجعة ( سيح) فجرسها ليس كما في ( الرمح، القمح، الصبح، الملح، الشح، الشرح، السفح، اللفح، الرمح، القدح، الفتح، النفح، اللوح، الشطح، الصرح، المنح، النوح) ويمكن ان اضيف اليها ( من ذبح) في البيت الخامس، وهنا يعود بنا التنبيه الى ( الشاعر الناظم) و ( والشاعر الفنان)، كثيرون الان ربما يعترضون على اعتراضي على كلمتي الروي فيما اشرت له آنفا، على اعتبار انهما لاتشكلان مثلبة او هنة او حتى ضعفا على الشاعر وانه اجاد استخدامها وهما في محلهما، كلام جميل خاضع لقوانين واحكام العروض، وليس عليه اشكال، لكنني اتمنى لو اقتنيت بدلة بنفس السعر من بدلتين يقينا سأختار ما يناسب جسمي وما اراه يريحني انا وليس مايريح الآخرين رغم ان البدلة واحدة ومن خاطها هو واحد والسعر أيضا واحد، لكن جمالية الأولى بالنسبة لي هي الافضل، ما المانع من ارتداء الافضل، هذا ما اعنيه في المعالجة وهذا غير منظور للعامة لكن يراه من يمتلك كاشفا يستخدم الاشعة تحت الحمراء، سيرى ان الجرس خرج في البيتين المذكورين لكنهما لم يخرجا لا عن الوزن ولا عن القافية، هذا سيناقشه الزميل السامر مع نفسه وقصيدته وهو صاحب الخلق وأجدر به ان يعجبه خلقه قبل غيره...
في البيت الحادي عشر
( من أدمنوا نشوةَ الجوزاء خمرتهم
هل يأبهون لكأس الموت في السفحِ)
التصاعد في هذا البيت باستخدام نقيضين بينهما ما بين الثرى والثرى بالضبط (نشوة الجوزاء) و ( السفح) شيء جميل يحمل ابعادا رؤيوية غاية في الجمال..
أي جمال واي اعتداد بالنفس والاهل في هذا البيت
( لم يرتقوا صُرُحاً إذ قاعُهم سَبَبٌ .... فكلما هبطوا بانوا على الصرحِ)
وكأن السامر هنا يستحضر الشاعر الجاهلي " بن عبد العزى الجهني" حين اراد ان يصف اهله وينصف اعداءه فقال:
(فجاءُوا عارضاً برداً وجئنا *** كمثل السيل نركب وازِعيْنَا)
هنا ترى المبدع السامر كيف ينصف سبب عدم الارتقاء لأهله في:
( لم يرتقوا صُرُحاً إذ قاعُهم سَبَبٌ) في حين يرقى بهم في العجز (فكلما هبطوا بانوا على الصرحِ)
جمالية التكنيك بل وحبكته في ديناميكية التلاعب بالمفردات التي لم أجد فيها الا نواة تدور حولها الكترونات في مدارات توحي ان صانع هذه القصيدة قد خبر هذا الجزء من فن الشعر...
وفق السامر في هذه المعزوفة التغلبية التي اعادتني الى كثير من قصائد كبيرة وفخمة لازمان مضت لكن آثارها لازالت قائمة الى وقتنا الحاضر، وما استخدام قافية الحاء بهذا الشكل المنساب في (فَعْلُنْ) ممتطيا بحر البسيط كمركب يوصله الى مقصده المنشود الا اختيارا ينم عن حرفة عالية ويعرف أي السفن يركب للإبحار وحسب الشواطئ والبحار..
لابد من تحية لشاعرنا السامر، متمنين مستقبلا ان يكون ابداعه متواصلا ويتحفنا بما يسعدنا على صعيد الشعر وهو اهل لهذا.....
تعقيب الناقد/غازي احمد ابوطبيخ
آفاق نقديه الشاعر ..صاحب النص اعلاه.. مدهش في رشاقتة تلقائي في تحديثه ،من غير تعسف تعبيري او موسيقي..
انما الذي اثار انتباهي بقوة هو أن كل بيت في هذه القصيدة المميزة يحمل من الانزياحات البلاغية ما يجعل منه صورة نابضة بالجمال والحيوية..
والذي يغلب على ظني أن الشاعر الناضج هو الذي لا يكتب الا بعد أن يعرف عن اية موضوعة سيتحدث كما ويتبلور في ذهنه هدفه الغائئ ولو بشكل (هيولي ) ..إذا جاز لنا التعبير..
الشاعر الحداثوي الحريص على وحدة موضوعته كواحد من الاشراط المعروفة يجب أن تنضج عنده الحالتان المشار اليهما آنفا ،والا اصبح مغامرا لغويا يخبط العشواء ،غير عالم الى اين تسير به مغامرته العمياء،خاصة في العمود الشعري..فسلاسة العمود وسهله الممتنع لا يعنيان فقدان ..الكونترول.. ابدا.. وهذا امر يختلف في كثير من تفاصيله عن تجارب الشعر الحر ،واعلى منه في الايقاعي والنثري.. ولهذا الموضوع مباحثه الخاصة به ،وليس هنا مقام التعريج عليه..
الجانب الثاني هو الايمان.. واذا كان هذا الاصطلاح غريبا على البعض فنحن نقصد به تحديدا :اعتقاد الشاعر بما يقول.. بغض النظر عن منطلقاته الأيديولوجية ،او تصوراته الفكرية..
اذن ..
*فإن نضج الشاعر حرفيا وموضوعيا ..
*اعتقاده بما يعبر عنه واعني (مصداقيته)..
*مستوى موهبته ..
*قدرته التحويلية..
*عفويته الواعية الفطينة التي تمسك العصا من الوسط فتسير الحدث الشعري بوعي مشرف من الاعلى ،بحيث لا ينقطع الطريق على التلقائية الحيوية..
*وعي الحداثة وهذا شرط مقترح ،فالملاحظ ان البعض يتوهم ان التحديث يعني ركل الجذور التراثية الاصيلة بالكامل ،بينا يعني في الحقيقة التأسيس عليها والانطلاق منها ..
هذه المحطات هي ما تلمسنا حضورها القوي التجليات في قصيدة الشاعر جبرائيل علاء السامر ..
طبعا كان من الممكن الذهاب الى فعاليات الاستشهاد المناسبة من النص ذاته علي كل محطة مما ذكرنا ..ولكن مستويات النجاح العالية التحققات فيه جعلته كله جميعا. وحدة تعبيرية تشهد على نفسها بالجمال الاخاذ ،والسلام..
انما الذي اثار انتباهي بقوة هو أن كل بيت في هذه القصيدة المميزة يحمل من الانزياحات البلاغية ما يجعل منه صورة نابضة بالجمال والحيوية..
والذي يغلب على ظني أن الشاعر الناضج هو الذي لا يكتب الا بعد أن يعرف عن اية موضوعة سيتحدث كما ويتبلور في ذهنه هدفه الغائئ ولو بشكل (هيولي ) ..إذا جاز لنا التعبير..
الشاعر الحداثوي الحريص على وحدة موضوعته كواحد من الاشراط المعروفة يجب أن تنضج عنده الحالتان المشار اليهما آنفا ،والا اصبح مغامرا لغويا يخبط العشواء ،غير عالم الى اين تسير به مغامرته العمياء،خاصة في العمود الشعري..فسلاسة العمود وسهله الممتنع لا يعنيان فقدان ..الكونترول.. ابدا.. وهذا امر يختلف في كثير من تفاصيله عن تجارب الشعر الحر ،واعلى منه في الايقاعي والنثري.. ولهذا الموضوع مباحثه الخاصة به ،وليس هنا مقام التعريج عليه..
الجانب الثاني هو الايمان.. واذا كان هذا الاصطلاح غريبا على البعض فنحن نقصد به تحديدا :اعتقاد الشاعر بما يقول.. بغض النظر عن منطلقاته الأيديولوجية ،او تصوراته الفكرية..
اذن ..
*فإن نضج الشاعر حرفيا وموضوعيا ..
*اعتقاده بما يعبر عنه واعني (مصداقيته)..
*مستوى موهبته ..
*قدرته التحويلية..
*عفويته الواعية الفطينة التي تمسك العصا من الوسط فتسير الحدث الشعري بوعي مشرف من الاعلى ،بحيث لا ينقطع الطريق على التلقائية الحيوية..
*وعي الحداثة وهذا شرط مقترح ،فالملاحظ ان البعض يتوهم ان التحديث يعني ركل الجذور التراثية الاصيلة بالكامل ،بينا يعني في الحقيقة التأسيس عليها والانطلاق منها ..
هذه المحطات هي ما تلمسنا حضورها القوي التجليات في قصيدة الشاعر جبرائيل علاء السامر ..
طبعا كان من الممكن الذهاب الى فعاليات الاستشهاد المناسبة من النص ذاته علي كل محطة مما ذكرنا ..ولكن مستويات النجاح العالية التحققات فيه جعلته كله جميعا. وحدة تعبيرية تشهد على نفسها بالجمال الاخاذ ،والسلام..
تعقيب الشاعر/غسان الحجاج
غسان الآدمي عندما تقرأ القصيدة وتعيش اجوائها وكأنك داخل أحلام اليقظة فلا تريد الانتهاء من القراءة وتتساءل عن السبب في هذا الذوبان النفسي ستلاحظ حينئذٍ ان الشاعر قام بتعبيد كل الطرق والمنعطفات في داخل القصيدة لأنه ببساطة مهندس الكلمات ومصمم الصرح الشعري اذ ان شاعرنا جبرائيل يؤمن بما يقول والصدق يجري في عروقه كالشلال المنهمر هذا الايمان الراسخ يتسلل بسهولة الى اذهان المتلقين وكأنهم يتجولون في متحف ثري بالتحف فلا ينتقلون من تحفة الى أخرى الا وعيونهم تنظر الى الوراء ونفس الشيء فكل بيتٍ هنا توأمٌ لما قبله وما يليه بناء ومعنى .اني أرى ضفاف دجلة والفرات تصفق بكفوف الأمواج لقامتك الشعرية شاعرنا المبدع جبرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق