في النّظم أيضاً :
لا يعني بحال من الأحوال أنّه إذا أعجبتنا كلمة في حالة التّنكير في موضع ما أعجبتنا في كل موضع تأتي فيه ولا إذا كانت في موضع التعريف أو التقديم والتأخير أو غيره من مواضع الكلمة . لأنّ تغيّر الموقع قد ينفي أهميّتها بشكلها الذي استحسنّاه سابقاً وذلك لأنّ الكلمة تأتي أهميّتها بما قدّمت من معنىً في موضعها هذا أو ذاك .
لاحظ مثلاً قول إبراهيم ابن العبّاس :
فلو إذْ نبا دهرٌ وأنكرَ صاحبٌ
وسلّطَ أعداءٌ وغاب نصيرُ...
تكون عن الأهواز داري بنجوةٍ
ولكنْ مقاديرٌ جرت وأمورُ
تجدْ رونقاً وطلاوةً وحسناً وحلاوةً ، وإن بحثت عن السبب تجدْهُ في تقديم الظّرف ( إذْ) على عامله ( تكون ) .ُثمّ إن الشاعر قال ( تكون ) ولم يقل ( كان ) ثمّ نكّرَ الدّهرَ لأنّه لا يريد دهراً بعينه وهذا ما يجعل المعنى أكثر قوّةً وأمكنَ في النّفس من التعريف لو عرّف الكلمة . وهذا كلُّه يجعل البيتين بهذا الحسن وذاك الرّونق .ولو فعل غير ذلك لفقدنا هذا الجمال فيهما .
قال ابن البوّاب :
وإنْ قتل الهوى رجلاً
فإنّي ذلك الرجلُ
انظر الآن إلى جمال التنكير ( رجلاً) فهو يريد أيّ رجلٍ عاشقٍ ثمّ انظر إلى اسم الإشارة ولامِ البعد فيه للإشارة إلى ذلك الرجل الّذي كان، منذ قليلٍ ، نكرةً فجمع كلَّ الرجال بعد التعريف فيه .
ومن جمال النّظم المزاوجة بين معنيين في الشَّرط وجوابه .
قال البحتريّ يصف بني تغلب في تحاربها :
اذا احتربت يوماً ففاضت دماؤها
تذكرتِ القربى ففاضت عيوُنُها
فليس الاحترابُ وحده في الشّرط بل الاحتراب وفيض الدّماء ، وليس تذكّرُ القربى في الجواب بل تذكّر القربى وفيض الدّموع . وهذا يدخل ضمن اتّحاد الأجزاء .
ومنه في التّشبيه عندما نشبّه شيئين بشيئين . قال الفرزدقُ :
والشّيبُ ينهض في الشّباب كأنه
ليلٌ يصيح بجانبيه نهارُ
فالشّباب ( الشعر الأسود ) يشبه اللّيل ، والشّيب فيه كالنّهار . فقد شبّه شيئين بشيئين . ولم يكتفِ بتشبيهٍ أحاديّ الجانب .وهذا دليلٌ أنّ جمال الكلمِ يأتي من النّظم وليس من اللّفظ .
تعقيب الناقد/غازي أحمد ابوطبيخ
خالص التقدير لما تقدمه من عطاء ثر يا أ.اسامه حيدر الفاضل.. واقعا.. نحن جميعا هنا بأمس الحاجة اليه.فكلنا في صميم المتابعه ،وآن فاجأك صمتنا في الجزء الاول ،فلقد فاجأتنا دهشة الفرح بما نقرأ،خاصة مع دقة وعمق البحث وجدته وضرورته معا. شكر الله سعيك ،وزادك في البسطتين خيرا كثيرا والسلام..
أسامة حيدر كل الشكر لكم أخي غازي أحمد أبو طبيخ مع فائق الاحترام والتقدير .
تعقيب الناقد/جمال قيسي
Jamal Kyse هذا مقال تحليلي مهم،،،وأخاذ بنفس الوقت،،ما أشبهك سيدي بالناقد الكبير يوسف اليوسف،،،عاشت يديك،،تحياتي
الحوار الادبي الجميل بين الناقد جمال قيسي والكاتب أسامة حيدر
أسامة حيدر أعتزّ برأيك أخي جمال . ( أخّاذ في الوقت نفسه . عاشت يداك ) ههههههه هذا لا يمنع أنّك أخطأت ووجب التّصحيح . دمت بخير .
Jamal Kyse وبالمناسبة ياسيدي على ( طاري ) أخاذ ،،انا بطبعي غير مجامل،،،وإنما استذكرت الاستاذ يوسف اليوسف،،،عندما قرأت مقالك،،امتاز بالمنهجية والاسلوب الشيق،،،
أسامة حيدر يرضيني ألاّ يكون في نفسك ضيقٌ سببته لك . لك كلّ الودّ .
Jamal Kyse أسامة حيدر ابداً سيدي،،العلم والأدب ،،والتعامل معهما،،،والاختلاف بوجهات النظر،،لا يسبب ضيق ابداً،،،
أسامة حيدر هذا ما أرجوه فعلاً . وأرجو أن تتفضل عليّ بقبول صداقتي على صفحتك إن لم يكن لديك مانعٌ .
Jamal Kyse أسامة حيدر ياسيدي أتشرف بك،،،صديقا عزيزاً واخاً كريماً،،
آفاق نقديه بارك الله بكما معا.. فلقد اسعدتماني اسعدكما الله تعالى.. نعم هذه هي روح الحوار المتحضر .. تحياتي..
أسامة حيدر نرجو للجميع سعادة لا تضاهيها سعادة وخيرا عميماً . وشكرا لآفاق آفاق نقديه .لمسايرتها هذا الحوار ونشر بعضه على صفحتها .
آفاق نقديه وسنكمله بخاتمة المسك اخي أ.احمد العزيز.. اعاد الرحمن عيده عليكم وانتم بخير عميم.
تعقيب الشاعر /جبرائيل السامر
بحث مقتضب ورائع أعادنا لنظرية النظم عند عبدالقاهر الجرجاني حيث يقول (إن الألفاظ لا تثبت لها الفضيلة وخلافها في ملائمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها أو ما أشبه ذلك مما لا تعلق له بصريح اللفظ ومما يشهد لذلك أنك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع ثم نراها بعينها تثقل عليك وتوحشك في موضع آخر)، تلك النظرية القديمة التي لازالت ترفد علوم النقد الحديثة ونظرياته بأسس متينة، إذ يرى بعض النقاد إنها نظرية متكاملة تضاهي ماطرحه النقاد الغرب وعلماء الألسنية في العصر الحديث من نظريات ومنهم عالم اللغة تشومسكي.
شكرا أستاذ أسامة لبحثكم القيم
.
تعقيب الشاعر /جبرائيل السامر
بحث مقتضب ورائع أعادنا لنظرية النظم عند عبدالقاهر الجرجاني حيث يقول (إن الألفاظ لا تثبت لها الفضيلة وخلافها في ملائمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها أو ما أشبه ذلك مما لا تعلق له بصريح اللفظ ومما يشهد لذلك أنك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع ثم نراها بعينها تثقل عليك وتوحشك في موضع آخر)، تلك النظرية القديمة التي لازالت ترفد علوم النقد الحديثة ونظرياته بأسس متينة، إذ يرى بعض النقاد إنها نظرية متكاملة تضاهي ماطرحه النقاد الغرب وعلماء الألسنية في العصر الحديث من نظريات ومنهم عالم اللغة تشومسكي.
شكرا أستاذ أسامة لبحثكم القيم
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق