الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

المنظور الثنائي في فهم النص الادبي(ابن قتيبة وابن طباطبا) بقلم الاديبة بلسم الحياة

# المنظور الثنائي في فهم النص الادبي #
# ابن قتيبة وابن طباطبا #
*********************************
الارتكاز على ثنائية اللفظ والمعنى ...
كان هو منظور ( ابن قتيبة ) في معالجة النص الادبي ...
صحيح انه في بعض المواضع يتحدث عما اسماه :
ب ( معجز التأليف وعجيب النظم )
وهو يبحث بلاغة القران ،
او يشير الى بعض خصائص بنية الشعر ...
كما تتمثل في كونه محروساً...
( بالوزن ، والقوافي ، وحسن اللفظ )
لكن الاساس الثنائي المحكوم بالمعنى واللفظ ...
تظل قاعدته في مقاربة النص البليغ .
- ومن هنا لا يكاد يوّلي البنية العامة اهتماماً ...
ولا يظهر ولعاً بالحديث عن تلاحم الأجزاء في النص ...
وعن ضرورة الانتظام المتكامل لعناصر البنية ...
ليتحقق لها سهولة المعاطف ... وسلاسة النظم ...
كما قرر / الجاحظ ...
- ولعل / ابن قتيبة / يحتل مرتبة أدنى منه ...
الا ان اهتمامه المستمر بالمعنى ، وتبنيه منظوراً قيماً ...
يؤسس عليه رءاياً في جدوى الخطاب ...
قد يشفع له في مباشرة الشعر ...
من زاوية اضربه الأربعة ... كما يرى .
- ولعله قصد باهتمامه بالقيمة إكمال النقص ...
في نظرية / الجاحظ ...
التي اولت صورة المعنى الاهتمام الاول ...
واعتبرت البحث في اخلاقية المعنى ...
ميداناً غير الحكم على الشعر او النص البليغ عموماً ...
اذ ان جوهره الصياغة الجميلة للمعنى ...
وليس المعنى في ذاته .
- مدخلنا الى قراءة مقاصد / ابن قتيبة من المعنى واللفظ
رأيه في بيتي شعر ( للمرقش ) ...
يوردها من جملة أمثلته للضرب الرابع ...
الذي يراه أدنى اضرب الشعر الأربعة ...
وهو الذي ( تاخر معناه ، وتأخر لفظه )
يقول بعد ان يورد البيتين معَّلقاً :
( والعجيب عندي من الأصمعي ...
اذ ادخله في متخيره ، وهو شعر ليس بصحيح الوزن ...
ولا حسن الرّوي ولا متخير اللفظ ، ولا لطيف المعنى ) .
- وحشده مصطلحات الوزن والرّوي واللفظ ...
في مقابل المعنى في نقد انموذج شعري ...
تنتفي منه جودة المعنى واللفظ معاً .
- ويسعف في تبين قصده من هذين الركنين الأساسيين ...
اذ يستنتج ( طه احمد ابراهيم ) من تعليق / ابن قتيبة
انه يريد ( باللفظ ، التأليف والنظم )
كما يريد ( بالصياغة كلها ، بما تضمه من لفظ ووزن وروي )
ويريد ( بالمعنى ، الفكرة التي يُبين عنها البيت او الأبيات )
- فالصياغة تفرز باعتبارها محصلة تشكيل المعنى ...
كما تتجسد في اللفظ والوزن والروي ، عند نثرها فكرة .
وسيمكننا رأي / ابن قتيبة في الفكرة المنثورة من تصور رأيه في المعنى الذي يتنزل عنده في مستويين :
١- مستوى قيمي اخلاقي
*******************
يشكل محصلة تصوره وظيفة الشعر
٢- مستوى صوري
***************
يبدو مضمناً في اللفظ ( الصياغة )
وكمال الخطاب الأدبي لديه هو في :
تعاضد قيمة المعنى وأخلاقياته ...
وخلابة الصياغة ونضارتها .
- اذ يجمل الموقف في تعليقه على شعر يورده بانه :
( كثير الوشي ، لطيف المعاني )
- يكشف كمال الجودة في الطرفين في الضرب الاول
الذي ( حسُن لفظه وجاد معناه )
عن اعتماد / ابن قتيبة :
على الصياغة الجميلة والمعنى الاخلاقي معاً .
فالتعليقات التي يرسلها عقب ما يورده من نماذج ...
لتشخيص هذا الضرب ، تدل على هذا المنطلق ...
اذ يقول اثر النموذج الاول :
لم يقل في الهيبة شيئ أحسن منه ...
وعقب الثاني :
لم يبتدئ احد مرثية باحسن من هذا ...
وعقب الثالث :
يذكر رواية عن / الأصمعي فحواها :
ان هذا ابدع بيت قالته العرب ...
والبيت / لابي ذؤيب هو قوله :
والنفس راغبة اذا رغّبتها
واذا ترَّد الى قليل تقنع
- اما تعليقه عقب النموذج الرابع ...
الذي يجسّم ثقل الهرم على نفس الشاعر فهو قوله :
ولم يقل في الكبر شيئ أحسن منه ...
لتنتهي أمثلة هذا الضرب بقول / النابغة :
كليني لهمَّ يا اميمة ناصب
وليل أقاسيه بطيئ الكواكب
- ثم يرسل رأيه في انه :
( لم يبتدأ احد من المتقدمين باحسن منه ولا اغرب ) .
فاذا كانت الصياغة الجميلة حسب رائ / ابن قتيبة
تكفل لهذه النماذج ومثيلاتها ...
الانضواء تحت المظلة الشعرية ...
فان فائدة المعنى وجدواه أخلاقياً ...
تكملان قالب الصياغة الحسن ...
الا ان ( الطابع الحكمي ) والمباشرة في الخطاب ...
قد تقللان من شعرية هذه النماذج ...
مثل بيت / ابي ذؤيب السابق ذكره .
- ولا ريب ان هذه الصفة ،
لم تكن لتمنع ابن قتيبة من إقرار أسبقية مثل هذه النماذج
ذلك ان الموقف عنده مشروط :
برؤية اخلاقية في وظيفة الشعر ...
حيث تتبؤا لديه هذه الوظيفة مكانة سامية .
- ويولي / ابن قتيبة المعنى ذاته ...
في إطار ما عرف به من :
صدق او اقتصاد ... او غلو ومبالغة وإسراف ...
الى جانب ما يمكن ان يحتويه من عيوب اخرى ...
مثل اخطاء الشعراء عموماً ...
ولكن موقفه من القضية غير حاسم ...
فهو في بعض المواقف ينتصر للإفراط مثلاً ...
اذ يرى ذلك ( جائزاً حسناً ) ...
ولعل ذلك كان نتيجة ( لدفاعه عن اعجاز القران الكريم
وذلك لابطال الراي المجحف المعادي لكريم القران )
ولكنه في مواضع اخرى يقر بعيب هذا المنحى في القول ،
ويسعفنا الضرب الذي :
( جاد معناه وقصرت ألفاظه عنه )
في تدقيق ثنائية / الصياغة والمعنى ...
ذلك ان ( القيمة الاخلاقية ) :
هي التي تكفل لنماذج هذاالضرب جودة المعنى
في حين تقصر ( الصياغة ) عن تحقيق الإبانة اللائقة .
ومن أمثلة هذا الضرب قول / لبيد بن ربيعة :
ما عاتب المرء الكريم كنفسه
والمرء يصلحه الجليس الصالح
اذ يعَّلق على هذا البيت بقوله :
( هذا وان كان جيد المعنى والسبك ...
فانه قليل الماء والرونق ) .
- ولعل مباشرة الخطاب ، والقالب الحكمي الصارخ ...
والمستوى العقلي الواضح ...
كانت كلها عوامل وراء جفاف هذا البيت من الماء والرونق
حسب رائ / ابن قتيبة .
- لكن الاحتكام الى امر خارج عن خصائص الصياغة ذاتها
دفع البيت الى التدني الى الضرب الذي ...
( فسد معناه ولفظه ) .
- وإحساس ابن قتيبة بضعف الصياغة في هذا الضرب ...
صريح في تعليقه على بيت / النابغة
مصوراً فزعه من وعيد / النعمان
خطاطيف حجن في حبال متينة
تمد بها أيد اليك نوازع
اذ يقول :
( رايت علماء يستجيدون معناه ...
ولست ارى ألفاظه جياداً ، ولا مبينة لمعناه ) .
ونحسب في قوله ( ولا مبينة لمعناه ) ...
اقتراباً من خصائص الصياغة ذاتها ...
واقراراً بتولد المعنى منها ...
مما سيعطي لثنائية اللفظ والمعنى ...
خاصية العنصرين المتلاحمين في البنية الموحدة ...
يتضح ذلك كما يبدو لنا في الضرب الذي :
( حسُن لفظه وحلا )
فاذا انت حاولت سبر أغواره فلم تجد فائدة في / المعنى
- ويمثل لهذا الضرب بأبيات الحج المعروفة ...
ثم يختمها بهذا التعليق :
هذه الالفاظ كما ترى ...
أحسن شيئ مخارج ومطالع ومقاطع ...
وان نظرت الى ما تحتها من معنى ... وجدته .
ولما قطعنا ايام مِنى ... واستلمنا الأركان
وعالينا إبلنا الانضاء ... ومضى الناس
لا ينتظر الغادي الرائح ...
ابتدأنا في الحديث ...
وسارت المطي في الأبطح ....
- ان إقرار ابن قتيبة بحسن صياغتها ...
يدعمه الإقرار بحتمية المعنى ...
ولكن مقابلة هذا المعنى المبطن في الصياغة ...
بقوله نافياً عن هذا الضرب والقصد ( الفائدة في المعنى )
ابانة ثنائية عن ثنائية المنظور ...
الذي يحتكم اليه في بحث المعنى ...
اذ ان المعنى الذي تفرزه الصياغة ...
لا يؤكد سبقاً جودته ...
انما المسالة تجلوها فائدته ، اي قيمته :
من حيث يتنزل في إطار ...
تصور اجتماعي وأخلاقي ... لقيمة الشعر
- ولذلك تكون النماذج الباقية كلها ...
التي يضربها لهذا النمط في الغزل ...
ومنها قول الشاعر / جرير :
( ان العيون التي في طرفها حور )
تؤكد هذا المنحى ، الذي يقر بتولد معنى في صياغة خلابة
لكن منزلته ( دونية أخلاقياً ) ...
ولعل هذا هو الذي دفع / احسان عباس ... للاستنتاج :
ان المعنى عنده :
( قد يعني الصورة الشعرية مثلما يعني الحكمة ) .
**************************
اعداد # بلسم الحياة #
**************************
**********
تعقيب الناقد/ غازي احمد أبو طبيخ
 
 أتصور ،أن مادة تأسيسية كهذه ،يجب ان تكون جذرا ومنطلقا لثقافة اي ناقد عربي سواء على صعيد طرائق الفهم او جذور الاصطلاح النقدي .. ولعل ما يلفت النظر ويبهر المتابع هذه القيمة العلمية التي نظر لها النقاد العرب الاول ،حتى لكأن توصلاتهم من مبتكرات الوعي النقدي الحديث..شكر الله سعيك ونفعنا بك أ.بلسم الحياة الفاضلة.. خالص الشكر وعظيم التقدير..سيدتي..
ملاحظه:
******
اعتقد ان حفظ مثل هذه المادة في مجلتنا مسألة مفيدة جدا.. حفظكم الله ورعاكم..
 
تعقيب الاديبة /بلسم الحياة
وشكر الله جهودكم القيمة ومتابعتكم الغَّراء ونفعنا بكم ...
ودمتم سيدي الكريم ووالدي الحبيب / غازي الموسوي
النبع الزلال الذي نستقي من فيوضاته ، عبق الريحان .
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق