الجمعة، 23 سبتمبر 2016

جبرائيل علاء السامر (زهر الملح سم على نصل الرماح ) قراءة نقدية بقلم الناقدة/ نائلة طاهر

جبرائيل علاء السامر
(زهر الملح سم على نصل الرماح )
............................
 
هل لاحظتم شاعرا يرجم المعنى بحروفه ويجعل القارئ رهين الصفاء والمروة.. يجعله يلهث وهو يتابع من الحرف الأول إلى الحرف الأخير بالنص ؟هل كان الشاعر يعبأ بالإرهاق الذي يصيب قارئه بعد اتمام القصيدة ؟أكاد أجزم أن السامر تقصد كل ذاك بل قد كان حريصا وهو يكتب على شحذ كل قدراته والتسلح بكل معارفه ليُخرج نصه في إطار بالغ الخصوصية. فالاستعارت التصريحة والمكنية رداء لكل ما كتب و هو ما أعاد للأذهان نمط الشعر الجاهلي وبنفس الوقت لم يحد ابدا عن الحداثة في الشعر ، وتلك هي معجزة النص برأيي فأن يقع نظرك على قصيدة تخالها لأبي فراس أو للمتنبي من حيث البناء اللغوي ثم ومن نفس اللغة والترميز تحيلك إلى السياب مثلا:
سلاما بلاد اللظى و الخراب
و مأوى اليتامى و أرض القبور
أتى الغيث و انحلّ عقد السحاب
فروى ثرى جائعا للبذور
و ذاب الجناح الحديد
على حمرة الفجر تغسل في كل ركن بقايا شهيد
و تبحث عن ظامئات الجذور
و ما عاد صبحك نارا تقعقع غضبي و تزرع ليلا
و أشلاء قتلى
و تنفث قابيل في كلّ نار يسفّ الصديد
و أصبحت في هدأة تسمعين نافورة من هتاف :::::
أو أحمد مطر
بَكى مِن قَهْريَ القَهرُ
وأشفَقَ مِن فَمي المُرُّ
وَسالَ الجَمْرُ في نَفْسي
فأحرَقَ نَفسَهُ الجَمرُ!
بِكُلِّ خَلِيَّةٍ مِنّي
لأهلِ الجَوْرِ مَحرقَةُ ُ
تُزمجرُ : مِن هُنا مَرّوا.
وإنّي صابِرٌ دَوماً على بَلوايَ
لَمْ تَطرُقْ فَمي شكوايَ
لَو لَمْ يَستَقِلْ مِن صَبْريَ الصَّبْرُ!
وَلَستُ ألومُهُ أبَداً
:::
هؤلاء من الاعلام الأدبية التي سبقت علاء السامر و تركت لجيله الأرضية الخصبة لزرع جديد .والزرع جاء مختلفا لا هجينا ولا نسخة لأحد بل جاء أراد له الطين الشريف الذي ضم أبناء العراق بلد حضارته لا تُنسى ولا تذبل ولا يجف فراتها أو دجلتها.
ما لفت انتباهي أيضا أن الشاعر كان رؤوفا بالفتية حتى وإن اجتمعوا على الحرب فقد حرص على أن ما سيترك من بعدهم ليس دمارا بل بناءً أو غرسا وهذا لا يخفي الحماسة التي بقلب الشاعر الشاب ولا رغبته في إعلاء قيمة الفخر بتلميح ذكي لا تصريح فج العزاء الوحيد في ذلك أن ما مر من لفح كان مرورا خاطئا وحياد عن مسار لا يلبث أن يعود لسماواته السامية .
لست ألوم السامر ابدا على روح التفاؤل بقصيدته كما لا ألومه على استخدام مفردات حارقة توحي بالخضرة لا بالرماد ..لست ألومه أبدا ان أراد للشاعر الساكن به أن يختلف وان يقفز على تجارب المخضرمين ويفرض تجربته الشعرية الخاصة بالاقناع وبالدعوة إلى صلب القديم على الحديث وتغميس الملح بالزهر ليكون المذاق فريدا حارا يوقظ الحواس ومن قبلها العقل.
::::::
 
 
الى فتية القمح
 
خلُّوا المصاحفَ طُعماً في فمِ الرمحِ
ففتيةُ الله لايمضون للصلحِ
هم فتيةٌ آمنوا بالحرب برزخهم
إذ إنهم نضجوا في موسم القمحِ
وهم حُداةُ ليالٍ ضلَّ موعدها
فكلما أسرفتْ يأتون بالصبحِ
ووارثونَ لأرضٍ طينُها شرفٌ
لذا تراهم ندامى خمرة الجرحِ
للأرض منهم نبواتٌ مؤجلةٌ
منها لهم مالإسماعيلَ من ذبحِ
يهمهمون فراتاً حين تندبهم
ليزرعوا الأغنياتِ الخضرَ في الملحِ
من فرط مارشفوا من دجلةٍ هطلوا
ماءً ضحوكاً على أيقونةِ الشُّحِّ
هم أولُ الماء هم في الغيث أوسطُهُ
وفي كتاب الليالي آخرُ الشرحِ
يراودون إناثَ الغيم عن مطرٍ
ويطرقون حبالى النبعِ عن سَيحِ
ويرجمون شتاءً مرَّ عن خطأٍ
في دوحة النصر إذ يرمون باللفحِ
من أدمنوا نشوةَ الجوزاء خمرتهم
هل يأبهون لكأس الموت في السفحِ
أبي العراق بنوكَ السامقونَ أتوا
كي يرفعوا الهامَ رغماً عن يدِ الرمحِ
الكادحون أديمَ الصخر ياأبتي
من أوقدوا الماءَ من إيماءة القدحِ
الحاشدون نبوَّاتٍ بساحتهم
والواعدون بما في سورة الفتحِ
مروا خِفافاً وكان الجرحُ محتدماً
فأمطروهُ سماواتٍ من النفحِ
هبّوا سفيناً ودمعُ الأمهات شرا
عُهُ ودعْواتهنَّ الآيُ في اللوحِ
معتَّقون ونخبُ الأرضِ يشربهم
وعاشقون كما الصوفيِّ في الشطحِ
لم يرتقوا صُرُحاً إذ قاعُهم سَبَبٌ
فكلما هبطوا بانوا على الصرحِ
دماؤهم في وجوهِ الزهرِ غافيةٌ
تحكي ربيعينِ ماجفّا عن المنحِ
يستشهدونَ وتبقى روحهم قُبَلاً
على فمِ الوطنِ المصلوبِ بالنوحِ
 
جبرائيل علاء السامر
 
 
 
تعقيب الشاعر/حسين ديوان الجبوري
 
حسين ديوان الجبوري قراءة نقدية ممييزة لقد قرأت القصيدة اكثر من مرة واستذوقت شعرها كما استذوق رغيف الخبز الحار .
اما نقدك ست ندى اﻻدب كان منصفا فطنا يليق بك ناقدة كبيرة ويليق به شاعر كبير رغم انه شباب اﻻ ان شعره يرتقي فوق شعر الشيوخ تحياتي لك ست ندى اﻻدب
 
تعقيب الشاعر/ سليم راؤول أسمر

سليم راؤول اسمر عندما أقرأ هكذا قصيدة..احاول ان ارى اين تاخذني... ماذا يريد الشاعر ان يقول لي مما لم يخطه يراعه..
هنا..اعتقدت لوهلة انني في سوق عكاظ..!..انها لغة متمكن من العربية
تتسابق بين يدي قريحته ايسر اساليب التعبير باجزل الكلمات ان شاء دون المساس بالانسجام الع
ام للتعبير و انسيابيته و يتهادى عمود الشعر سلسا مطواعا تحالف و تالف مع الكلمات..و من اجمل صور الفخر بلغة هادئة يقرأ المرء:
و هم حداة ليال ضل موعدها
فكلما اسرفت يأتون بالصبح..
يهمهمون فراتا حين تندبهم
ليزرعوا الاغنيات الخضر في الملح..
من ادمنوا نشوة الجوزاء خمرتهم
هل يأبهون لكأس الموت في السفح؟
انني اشكر كلا من صاحبي النص و النقد على روعة ما قدماه..
 
تعقيب الناقد/غازي احمد ابوطبيخ
 

آفاق نقديه احسنت سيدتي احسانا كبيرا..
 
تعقيب الناقدة/ دنيا حبيب
 
دنيا حبيب يكفي أن ذكرتينا -من خلال النص- كيف تكون -وكيف حقق الشاعر- "المعادلة الصعبة" "معجزة النص".. بين الحداثة وبين الأصالة.. وهذا قمة ما نرنوا إليه..
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق