الأحد، 11 سبتمبر 2016

أسامة حيدر-آفاق نقدية وادبية - شيماء زعرور وقصيدة الومضة – الدّهشة

شيماء زعرور وقصيدة الومضة – الدّهشة :
بقلم /الكاتب أسامة حيدر

قصيدة الومضة أو الدّهشة – كما يحلو للبعض تسميتها – هي مشهدٌ أو إحساسٌ شعريٌّ أو موقفٌ سريعٌ يُصاغُ بألفاظ قليلةٍ وهي لونٌ من الشّعر المتّسم بالتّجديد . هي اقتصادٌ في اللّفظ محكومٌ بحياة العصر . روّادُها كُثرٌ : مظفّر النوّاب ، أحمد مطر، أدونيس وغيرهم ....
البعضُ لا يتقبلها ويرى فيها تقليداً للشّعر الإنكليزيّ أو اليابانيّ ، والبعضُ الآخر يرى فيها امتداداً للحداثة في القصيدة العربيّة . وهي تتّسم عموماً بالتّفرد والخصوصيّة والاقتصاد في اللّف...
ظ و الصّورة .
وكما يتمايز شعراء الشّعر التقليديّ أو شعر التفعيلة أو شعر النّثر فيما بينهم يتمايز شعراؤها فيما بينهم أيضاً فمنهم المبدع المحلّق ومنهم المقلّد الّذي مازال يتخبط لا يلوي على شيء .
ومن خلال متابعتي لشعرائها حظيتُ بشاعرة تونسيّة صغيرة عمراً كبيرة ٍ في عطائها الشّعريّ وهي الشّاعرة شيماء زعرور .
تشابكت عند شاعرتنا الحالة الوجدانيّة وتراكمات ثقافيّة أتت من خلال قراءاتها والتي تظهر جليّاً في نصوصها ، إضافة إلى خيال مبدع محلّق . وهذا كلُّه خلق نصاً رائعاً مكثفاً يعطيك بكلمات قليلة ما كانت تعجز عن تحقيقه نصوص بعشرات الأبيات أو المقاطع المعتمدة على الاسترسال السردي ورومانسيّة طافحة .
تقول في إحدى ومضاتها : أبكي / وانقر على صورتي الضّاحكة على جداري الفايسبوكي..... الكلُّ يخونني / حتّى الوجه الّذي خلته لي .
باختصار هنا أرادت نقل حالة من الألم والحزن ( إحساس ) بسبب خيانة الكلِّ ( موقف ) .
وتقول في أخرى : " الغريب أخ الغريب " / يا صاحبي / لا تسبق زماني / تريّث قليلاً / سأحمل تابوتي وألحقك .
الحقُّ أنّ هذا النصّ يختصر الكثير من الكلام ويوجزه ويرسله للعقل فيعمل فيه ، يهزّه كثيراً ثمّ يدعه غير متماسك " الغريب أخ الغريب " كلنا اليوم غرباء في أوطاننا عن أوطاننا ، غرباء في مشاعرنا وأحاسيسنا ، غرباء في انتمائنا ، غرباء عن أنفسنا في الكثير من الأحيان . ومادام الغرباء أخوة في زمن التشتّت و الضّياع لكل شيء جميل ، فالموت مصير محتوم .
وفي ومضة أخرى تقول : هي ليلى / أضاعت قيسها / وأضاعت فرصة أن يأكلها الذّئب .
في الحكاية " قيس أحبّ ليلى " وفي حكاية أخرى " أراد الذئب أن يأكل ليلى التي حملت الزّاد إلى جدّتها في الغابة . وأنت بين الحكايتين تقف حائراً في خاتمتها " أضاعت فرصة أن يأكلها الذئب " .
- أهي عقوبة ليلى التي فقدت حبيبها إلى الأبد ؟
- وهل هي فرصةٌ ألاّ يأكلها الذئب ؟ !
نعم . هي فرصةٌ لنا جميعاً ( مادمنا فقدنا الحبّ حب قيس لليلى ) أن نُسارع إلى الموت لأنّ الحياة لم يعد لها قيمة . شيماء من خلال نصّها رمت حجر الفكرة في بحيرة المعنى واتّسعت الدّوائر دوائر المعنى ، وهذا دور قصيدة الومضة / البرق/ إضافة إلى إحداث علاقات جديدة بين الكلمات غير معهودة وغير منطقيّة .
لن أطيل كثيرا لكنّ الموضوع يستحق منّا وقفة متأنية للنظر في هذا اللون الشعريّ المبهر للعقل ، وأنا على يقين أنّ الكثير لايؤمنون به لكنّي على يقين أيضاً أنّه سيحتلّ له مكانة تحت الشمس ليست بالضيّقة أبداً .
 
تعقيب الناقد/ غازي احمد ابوطبيخ
 
آفاق نقديه وأنا معك أخي..بل ومع الومضة ذاتها ايضا..
لكنني اتحسب كثير من هذا الاستسهال الذي كاد أن يأكل الأخضر واليابس..
فكيف وهذا الطراز الرائع فعلا،يحتاج الى موهبة حقيقية ،ووعي نوعي، وبلاغة لا تتسنى لمن هب ودب..

أما خياراتك الدقيقة أخي أ.أسامه حيدر.. فلقد كانت في محلها حقا.. شيماء زعرور.. تعرفنا عليها من خلالك.. ولقد عرفتنا على مبدعة حقيقيه..
شكرا لكل ما قدمته من افاضات معمقة حتى الآن.. مع خالص الود ،وعظيم التقدير..
 
تعقيب الناقد/جمال قيسي
Jamal Kyse التطور بين ،،الحقيقة والتضليل
ليس هناك من يستطيع ان يقف بوجه التطور والمتغيرات،،،ومن يفعل ذلك ستتخطاه الحياة،،،ولكن للتطور شروطه وأدواته ،،،انه نتيجة طبيعية للتغيير،،وللجدل والصيرورة،،وياخذ سمة التقدم،،ان كان يحمل نتائج إيجابية ،،،وهو الحيّز المحايث،،
للعملية التاريخانية،،،اي عندما يكون الانسان بصفته الواعية،،عنصراً وشرطاً ضرورياً،،في عملية التغيير،،سواء كان فاعلاً،،،او مفعولاً به،،،
وفي عودة لموضوع الومضة او الدهشة،،،او حتى قصيدة الهايكو،،،رغم الفارق اذ ان الاخيرة تتكون من بيت واحد،،لكنه من سبعة عشر مقطع،،وهذا ما يتلائم مع ميكانزيمات ،،اللغة اليابانية،،،وتطبيقه على اللغة العربية اشبه بزرع عضو جديد في الجسم،،فلا يتلائم مع مؤشراته العضوية،،،فيقوم الجسم بلفظه،،،او ان الجسم برمته مصيره الموت،،،
للشعر كخطاب،،،معنى،،،وللمعنى. مظهران،،،المعنى الذي يريد نقله قائل الخطاب ،،والمعنى الذي ينقله الخطاب فعلاً،،وهما مايوازي وظيفتي الهوية والإسناد ،،لدى بول ريكور،،،وهناك التعقل الصوري (notice) ،،والتعقل المضمون الخالص للقصد ( noemaitc ) حسب ظاهراتية هوسرل،،،ولا اعرف هل استطاعت القصيدة الومضة ان تحقق اي من الشرطين،،،
وهنا يقفز أمامنا سؤال فلسفي مهم ،،ما فائدة الفن ؟
هذا اذا اعتبرنا ان الشعر فن،،وهو ما. تعارفنا. عليه،،والفن كخطاب هناك رسالة ومضمون وقصدية،،،ومن ثم تاؤيل،،قائم على مجمل الرسائل التي يحملها الخطاب،،،ولا اعرف اي رسالة تنقلها إلينا ،،قصيدة ليلى،،،،التي يحاول الاستاذ اسامة حير،،ان يقحمها في وعينا،،،ومن هي ليلى وما شأننا بقيس ،،ان تحابوا،،،او تفارقوا،،،وليذهبوا الى الجحيم،،،لكننا اهتمامنا بهم واعتمادنا حكايتهم،،بسبب توثيق وجدهم وشغفهم شعرياً،،لينقلوا لنا سردية إنسانية ،،،مموسقة،،،ولا كان بالإمكان ان نهتم بها او نعتمدها تراثياً،،لولا البعد الإنساني ،،،اما من يأتي اليوم بكلمات مبتسرة،،على شكل أحجية سمجة،،،،ويعتبرها فن،،،فهذا اهدار قيمي وتفريط،،،وسفه،،وماذا يعنيني ،،ان كانت ليلى اصابتها الكآبة،،،بسبب تعليقات الفيس بوك،،،او انها خرجت من الحمام،،،او دخلته،،،انها دائرة اللامعنى،،،الكلمة المرادفة للاغتراب،،،وأفول للفعالية الانسانية،،،
من جانب اخر،،اللغة العربية،،فيها من البلاغة،،تتخطى ،،معظم اللغات المعروفة،،فأنت ان أردت ان تكتب قصيدة في الشعر العربي،،لايمكن ان تستخدم فعالية لغة اخرى،،والقضية ببساطة الاختلاف البنيوي،،،حتى الكلمات القليلة،،،في الجملة الخبرية،،لامعنى لها الا ظمن السياق،،،ونأخذ مثلا ماورد. في القران الكريم (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

لايوجد اقصر من هذه الجمل الخبرية،،،ولكن لنؤشر ما نريد ان نقوله،،،
هو الذي يبدأ الخلق،،،اذا عزلنا كونه كلام الله،،،يصبح بلا معنى،،،الا بالتاكيد في الجملة الخبرية الثانية والثالثة والرابعة،،،ان ما اريد ان اذهب اليه يجب ان يكون هناك سياق،،،فيه تأشير للفعل وزمنه،،وعلاقته بي كمتلقي،،،والا هو اهدار ،،واسفاف،،،وشئ ،،بلامعنى وغير ذات قيمة،،،ولا اعرف لماذا يريد منا الاستاذ اسامة حيدر،،،،التأمل والوقفة،،،وما هو الإبهار ،،ربما لعقله،،،ولكني متمسك بوعيّ،،،وأي شمس تلك التي لاتوضح لنا صورة الأشياء ،،،حتى العالم الافتراضي،،القائم على رمزي الديجيتال ( صفر- واحد ) ،،لامعنى لها كوظيفة بدون ان تكون في سياق العبارات الخوارزمية،،،
لا اعرف هذه السفسطة الى اين ستؤدي بِنَا ،،،وهل للشعر ضرورة مثل هذه الحالة،،عندما يفقد المبنى،،،وهوامية في المعنى،،،لنلغي كل شيء،،،حتى أنفسنا ،،ونقول اننا نواكب الحداثة او ما بعدها،،،وهذا ابعد من ذلك،،انه ليس تفكيك ومابعده،،انه تهشيم وعزل،،،وتعسف،،،والغاء،،،وتلاشي،،،
 
رد الكاتب/ أسامة حيدر
 
أسامة حيدر أخي جمال القيسي لك مودّتي واحترامي وكلّ الحبّ . لن أردّ لأنّك نفسك لا تعرف ما تريد . ولم تعطنا جملة مفيدة إلاّ أنّك لم تُبهر بالنصّ ولم يعجبك وهذا أمر طبيعيّ فالنّاس اختلفوا حول الرسول الأعظم بين مصدّق ومكذّب . والأمر لم يكن بحاجة لهذا المعروض كلّه . كان بإمكانك الاكتفاء بإظهار رأيك صراحة دون إطناب وكفى اللّه المؤمنين شرّ القتال . دمت بخير ورغد وهناء .
رد الناقد/ جمال قيسي
 
 Jamal Kyse تحياتي أستاذ ،،أرجو ان لا تأخذ الامور على محمل شخصي،،،ويا ريت توضح لي ماهي الجملة المفيدة،،،،،،ومثلمات قلت حضرتك،،ربما انك لم يعجبك كلامي،،،فأنا من جيل المتعضيات،،،وتركنا الفهم والتطور،،،لهذا العالم الذي لايعرف ماذا يريد،،طبعاً بمفهومنا نحن،،،لكم دينكم ولي دين،،،تحياتي سيدي
 
تعقيب الناقد/غازي احمد ابوطبيخ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق