الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

ما يسمى " قصيدة نثر" خطأ لغوي يجب تصحيحه - بقلم الناقد / شاكر آل هيت

ما يسمى " قصيدة نثر" خطأ لغوي يجب تصحيحه...
 

في باديء الامر قد يتصور البعض خطأ بطبيعة الحال ان من يكتب الشعر العمودي ويبدع فيه ملتزما بنهج اصبح هوية لكاتبه هو كلاسيكي بمفهومه اي متطرف او متزمت او ربما متخلف، وهذا المفهوم يتعدى الى التجاوز في احيان كثيرة على شخصيات ورموز اثرت الساحة الادبية العربية والعراقية بنتاجات سجلها التاريخ الادبي، من الشعر الجاهلي وقصائد المعلقاتمرورا بالمتنبي، والمعري، والرضي وآخرين لايقلون ابداعا عنهم وصولا الى السياب ونزار ودرويش والفيتوري والملائكة ولست منتهيا ( على سبيل المثال) لا الحصر..
في مقارنة بسيطة مع مانحب نحن وما نكره مع شعوب الدنيا التي تفتخر بنتاجات مبدعيها وعلى مر العصور وخير دليل وبرهان على هذا مايضمره ويكنه شعب انكلترا وكل البريطانيين الى شخص "شكسبير" ونتاجه الثر... التقيت مرة احد المهتمين بالنقد الادبي وهو ايرلندي الجنسية.. كنت اسبل عيوني مرات كثيرة وهو يتحدث، كنت اتحسر واتمنى الكثير وهو يتحدث عن برناردشو او راسل او ديكنز..كان بودي ان افتح الزمن لامد الوقت كما اشاء واتحدث له بما يكفي ويغني عن كل ما ابدع العراقيون ممن اعرفهم وشواهدهم لازالت باقية.
ان كان هؤلاء كلهم على الاطلاق يحترمون نتاج ادبائهم بل ويحفظون الكثير، فلماذا نجتهد نحن في محاولة للابتعاد عما يحترمه الاخرون في ادبنا وفنوننا؟؟
في انتباهة بسيطة لاتتجاوز خمس ثوان لمصطلح (قصيدة نثر) ماذا سيجد المتأمل؟؟
كيف يمكن للشعر ان يكون نثرا وهناك مايميزه عن النثر؟
وكيف يمكن للنثر ان يكون شعرا وهناك مايميزه عن الشعر؟
ان دلالات اللهاث وراء مايسمى (قصيدة نثر) لهو استسهال واضح لما يقيد ويلزم المبدع في كتابة الشعر العربي ( العمود والحر) على حد سواء... والا كيف يجرؤ بعض المتفيهقين الى التزام النثر كوسيلة عليا للتعبير ظانين انها اسهل من الشعر في حين ان هناك من النثر مايرتقي الى مصاف الشعر او يفوقه بكثير..ولو سلمنا جدلا ان النثر اسهل..حسنا لماذا سمي نثرا؟ اليس لانه لم يلتزم القافية او البحر او الوزن والايقاع...الخ ؟ اذا كيف يجمع الشعر مع النثر في تسمية مقرفة لاتليق بالتطور الادبي ضمن تطور الحياة ومستلزماتها..
من يدعي ان هذا النوع يعتبر حالة رقي واقتراب من الغرب في بعض مما نشتاق الى تقليده فهم مخطؤون ايضا..لان الشعر لو كتب كما يكتب الشعر الانكليزي مثلا او غيره لفقد واحدة من اهم مميزات الشعر العربي واقصد به الصدر والعجز دون الاخريات من المقومات على رغم اقترابه في بعض الاحيان مما يلزمنا في الشعر سواءا العمود او الحديث...
ان من ينعت المتصدين الى هذا النهج الخاطيء بالمتزمتين او المتخلفين او انهم لايسايرون التقدم وانهم ليسوا ( يساريين او علمانيين) فهم واهمون ولا شان لما يذهبون اليه من هذه التفاهات ، بل هم لايعون ماذا يقصدون من اليسار او العلمنة..
في ذات الوقت الذي يدهشني ان كل المناصرين او المؤيدين لهذا الفهم الخاطيء الجديد والغريب على ادبنا الرائع، اغلبهم لايجيد فن الشعر...
واتحدى من يكتب قصيدة عمود واحدة او يكتب قصيدة حر واحدة وبشكل مبدع عارفا بفنون الشعر العربي ان يسمح لنفسه ان ينخرط مع ثلة ظنت خطأ ان التبرج في اللباس يمكن ان يكون تبرجا في الادب او الفن وهذا جوهر المشكلة.
ذات يوم طرق بابي احد الذين يريدون نشر ديوان شعر ليطلعني على مجموعة شعرية ويرى رأيي بها لكي يذهب بها الى الطبع، الشخص هذا كان في المرحلة الثانية كلية، بدأت اقرأ المكتوب وانهيت قراءتي في اقل من ربع ساعة لما سماه هو الديوان الاول! قلت له : هذا ديوان شعر؟ قال نعم، قلت : لكني لم أر شعرا، ابتسم كمن يستهزيء مما قلت او معبرا عن رفضه القاطع لرأيي هذا واصر على ان ماكتبه شعر، قلت: حسنا متى بدأت الكتابة؟ قال : هذا اول عمل شعري لي، قلت: يعني لم يسبق لك ان كتبت قصيدة مثلا عمودية او قصيدة تفعيلة؟ قال بالحرف الواحد ضاحكا وليس مبتسما :" هذه ذهب زمانها، الان الساحة استاذ عبارة عن " قصيدة نثر"، قلت : طيب، اين هي "قصيدة نثر"؟ قال: اذا ماهذا الذي قرات؟ اغلق خلفه الباب خارجا دون ان اراه بعدها، لكنني سمعت انه طبع بالخير والسلامة ديوانه الثالث !!
ما اردته من هذا هو التذكير بحقيقة يجب ان ينتبه اليها المعنيون بهذا الشأن، وهذا الشأن الذي اقصد يشمل اساتذة الادب من درجة بروفسور الى المتتبع البسيط، وان يجدوا حلا مناسبا ومعقولا او على اقل تقدير مقبولا لدى الاغلبية ان لم نقل الاعم،
مايسمى " قصيدة نثر" خطأ لغوي لايصح ابدا، هذا ليس رأي، انما هذا مبدأ، وهناك اكثر من سؤال يدور حول الاصرار على الاستمرار بالتسمية دون وعي الامر الذي اراه متعمدا بل ومدفوعا، والدفع هنا ان احتجت يوما للادلاء به قبل ان اموت فسأفعل، اما الان فانا ساترك الامر الى من يهمه الامر في انتباهة لاتأخذ من احدهم اكثر من ساعة، وادعوهم كذلك الى اعلان مصدر التسمية لانه ليس من المنطق ان يكون هناك جنين بلا اب، واذا سلمت مع "المدعين" جدلا، حسنا، من هو الاب الشرعي لهذه التسمية؟؟؟ سؤال اراه مشروعا لانني عندما أُسأل من هم اصحاب المعلقات الذين تقدسهم اقول لهم الشعراء الذين نعتز بهم ونفتخر بهم ما حيينا، وان سُئلت من هو صاحب العروض؟ اقف اجلالا وأكبارا وأنا اصدح بان الشيخ الجليل والعالم العارف الرائد الخليل بن احمد الفراهيدى، وهذا ما يجعلني انتشي بكل الاهاب وانا انتظر السؤال الآخر: من صاحب الشعر الحر؟ ياسلام، ياسلام كم نحن عظماء بهذه الاعمدة والقامات والاعلام التي لاتُطال، وكم انا سعيد وانا ابنهم ازداد فخرا كل يوم وكل ساعة حين اتنفس من هوائهم واشم عبق قصائدهم وأنا اتنقل بينهم ( فالى اي جنبيك تميل)، فاستل من روحي عبيرها، وأرفع راسي الى السماء وانا اجيب، انه الاستاذ والمعلم والكبير المبدع بدر شاكر السياب،
حسنا ألا يحق لي بعد هذا السمو ان اتوجه الى صاحب السؤال مستفسرا( من هو صاحب ماتسمون" قصيدة نثر"؟ انا طبعا لا اعرفه وبودي لو اعرفه..
الباب الثاني في الحديث، انا اقول: يجب ان يكون النص الذي لايمتثل للعمود او التفعيلة (نص نثري)، اليس هو الأنسب؟؟ اذا كان الجواب كلا لمن يناصرون ذلك المسمى، فما فهمهم لمعنى النثر؟ ام ان تصورا ما ربما يخالجهم ان النثر اقل شأنا من الشعر؟ واذا كان هذا فاقرأ على الادب السلام..
السؤال هذا انتظر الاجابة عليه بالادلة، لاننا لايمكن ان نختلف على تسمية فقط، ومجرد تسمية تلغي امامنا عشرات العشرات من النصوص الادبية التي تأخذ شكل النثر وهي جميلة وجميلة جدا وفيها مايمكن الوقوف عليه نقدا وهي نصوص نثرية قابلة للتطور، وهذا على ما ارى يكفي للمبدع، فهو مبدع ان شاء شعرا او شاء نثرا، اما التزمت بهذا الشكل لما لايناسب الكيان او الشكل او الجنس الادبي دون فهم مسبق فهذا باطل، هناك ملاحظة يجب ان ينتبه اليها من اراد الحوار، ان الجنس الادبي في الكتابة ليس الزاما على اي كاتب، والكاتب حر فيما شاء وارتأى، على ان يترك الامر للمعنيين وقد يشاركني اخي الاستاذ غازي الموسوي فيما طرحه علينا احد زملائنا قائلا ( انا لا اعرف الاشكال والاجناس الادبية، انما لدي حالة شوق تشدني الى الكتابة، فأنا سأكتب وأدع التسمية لكم) كلام جميل، وليس عليه غبار، والى هذا الحد نحن نتماشى مع الموجود والمطروح من نصوص، وأبدا واطلاقا، لايمكن لناقد ما ان يصف من يكتب نصا نثريا انه غير مبدع، ومن يكتب الشعر بنوعيه ( العمود او الحر) هو المبدع، لان هذا بهتان وهو باطل لايقبله انسان، هذا راينا، ليس لدينا عليه اضافة،
ولمن اراد ان يعرفه بالتمام نقول ( نحن مع اي نص مهما كان شكله،( شعرا عموديا، او شعر تفعيلة، او نص نثري، متضمنا انواع النثر ان شاء المبدع)، لكن الاشكال الذي نحن بصدد محاولة تغييره الى الاصح الاسلم والمنطقي المقبول ان تسمية ( قصيدة نثر) خطأ لغوي لايمكن ان يُقبل والانسب ايجاد لفظة تليق بالنص وتعطيه كينونته المفقودة او المستعارة ظلما..
 
تعقيب الناقدة  / نائلة طاهر
 
 و مازال المد الأدبي العربي متواصلا اديبنا مادام في امثالك من النقاد الذين لا يتركون شبهة يمكن أن تتوه معها الأجيال الحاضرة واللاحقة.تحديد المفاهيم ضروري وشرحها أكثر يأتي أكثر أهمية حتى يجلو الضباب ويضع الأطر في أماكنها الصحيحة ورغم موقفي من قصيدة النثر فإني اسمع لاستاذي أكيد .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق