الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

تدرجات الوجع،،،،في جحيم ( جاسم السلمان ) بقلم / الروائي الناقد جمال قيسي

تدرجات الوجع،،،،في جحيم ( جاسم السلمان )
 
 
في العملية الفنية،،وبالذات الفنان التشكيلي،،الألوان ،،هي تعبير عن ما يتجول في ارشيف النفس،،من معطيات ،،وتجربة نفسية واجتماعية وتاريخية ،،فالالوان ليست تجسيد مجرد،،وإنما تعبير ،،خاص وبصمة لكل فنان ،،والشاعر فنان يرسم بالكلمات ،،ألوانه إيحائية ،،فإما ان تكون ألوانه زاهية مبهجة،،،او حادة قاطعة،،لذلك هذا النص ،،ابعد مايكون ،،عن الرقة والرومانسية،،،وإنما اشبه بالسيوف القاطعة،،،هو امتداد،،لمكونات العقل الجمعي ،،العراقي ،،في تجليات التخيل،،قضية الإزاحة الشعرية ،،والإحالة في النص العراقي،،،هي تقالبات حادة،،بحواف كنصل شفرة الحلاقة ،،
وهذا لايقلل،،من العملية الشعرية،،وإنما بنى النص في جانبه الوصفي،،هو يتعامل مع معطيات واقع ،،مثقل بتاريخ تراجيدي،،مع بعد نفسي بضمير جمعي ،،شعوري ولاشعوري ،،يمتاز بجلد الذات ،،منذ نزول ديموزي ،،الى العالم السفلي،،ليتراكم ،،،بأثقال اخرى،،،منذ واقعة الطف،،والغزو المغولي،،ونوبات الاستعمار،،والاستبداد،،،،سبق ان قارنت بمقالة،،بين السياب،،ونزار قباني ،،والفرق في العملية الوصفية ،،التي يتناولها النص الشعري،،وشتان بين الاثنين،،بين ارض قاحلة جدباء،،،وجنة تحفها الأشجار ،،،بين ارض طاردة ،،تتوالد فيها الكراهية ،،وأرض جاذبة،،ممهدة للحب ،،،
القصيدة العراقية،،،هي بيان للخلق،،،ومواجهة للمصير،،،لان عملية الخلق لازالت قائمة،،،والإله ،،يبدو انه لم يتم مهمته ،،على هذه الارض،،حتى اللحظة ،،هناك شأن اخر،،،من يتمعن ،،في هذا الجو،،،حتما سيستشعر،،ويتحسس ،،رائحة الخلق الاولى الممزوجة بالخمر الالهي ،،الكل من مر على هذه الارض منهمك ،،في هذه العملية التي تتفوق ،،على كل التصورات،،،يتلبسه الم ،، مخاض الخلق ،،يسحقه التضارب الحاصل ،،من جراء ذلك،،
الاقدار تتوالد هنا،،لكنها تتخطى الانسان ،،وإنما هو جزء من وقود في أتون هذه العملية الكبيرة،،،
لذلك كان الشاعر العراقي،،متفوق ،،في تدرجات الوجع،،هو يتقن ويبتكر،،،اناشيد الوجع،،،قصة ،،بدأها ،،ولدي آدم،،ولكنها في ديمومة،،لن تنتهي،،الا بنهاية هذه الارض ،،،،وجاسم السلمان ،،هو ابن كل خذه الأوجاع ،،،ووريثها ،،
لنأخذ الملفوظات الموجعة ،،ونؤشر تدرجها ( وحشة آهلة ، يضطهدها ، غربة ، ارتعاش ، راعفات ، أغنية ذبيحة ، رائحة السواد،،تغطى بأحزانه ، شكلها المستطير ، الكي. لوجعي. ، غيلان الالم ، حفنة تراب ، وشلة من العمر ، فأس الحطاب ، بعد منتصف الموت ، واحات من سراب ، الجاهلية الباسلة ، اللص الذي سرق رأسي ،،،،،،الخ )
انها مشاهد ( flash back ) ،،لفلم مرعب ،،،،،
في الملفوظات ،،موسيقى الوجع الانساني ،،ونشيد الالم ،،،،الذي يكاد يطبق على الانفاس ،،،،انها ثقافة الالم والوجع ،،والحقيقة العارية ،،التي جردها الظلم ،،من محتواها الآدمي ،،،،لا تصلح في هذه الارض ،،الكلمات الرقيقة ،،الحب،،هو سوناتا ،،،تغلغل السكين ،،،وكما قلت ،،هنا المخاض للوجود،،،والشعراء على هذه الارض ،،كورال ،،يردد الآم هذا المخاض العسير،،،،لأنك لو تابعت السياب وآلامه،،،وعادل سعيد،،،ونور السعيدي،،وحميد الزاملي،،،وكريم عاشور،،،،لعرفت ،،جاسم السلمان،،انه احد ،،منتسبي التيتان ،،العراقي،،،
ومجدد ،،كبير في قاموس الالم العراقي،،،،لايمكن ان تفهمه الا وانت ،،،تتجرع ( المسيح ) * مع ( مزة ) من التمر الزهدي،،،،
جمال قيسي / بغداد
أيلول - ٢٠١٧
* المسيح / عرق عراقي
(تعويذة لجسد رديف)
________________________________________
خذيني
ففي القلب وحشة آهلة
يضطهدها الحنين،
ممهورة
بين غربة وأرتعاش،
تصهل الخطايا راعفات
تمل الكهولة من مسكها
مذ حمل العمر حقائبه..وحط
كنت
رقصة لاتستريح
أغنية ذبيحة
وآخر سلطان لم يظهر بعد
وجمع غفير
لن يغادر رائحة السواد،
وماتبقى من تخمة ذكراك
تغطى بأحزانه.. وارتحل؛
لأنك أمرأة أعشقها
كضياعي المدور
ولأنك آخر الكي لوجعي
وألف من المتاهات
وليس سوى غصة .. راعفة
ودربا فسيحا
من الهوى والهديل
وميلاد وطني اللذيذ
ودمي والفرات
ومسقط الرأس
والخمرة التي فقدت شهيتها
ماعادت تثير غرائزي
أدور في نهاية المطاف
أتداوى بالآجل
كي تلبس العصافير
بدلة العيد،
وشكلها المستطير
مستوفيا للشروط،
وليس ثمة
غيلان الألم،
وأنت
وحنيني المحارب
تتدفون على جمري اللاهب
وأنا ووحشتي الفخمة
كان معي
في آخر المشوار حفنة من تراب
ووشلة من العمر
ومواعيد ماتت على العهد
خبئتني عن فأس الحطاب؛
حيث تجئ النساء
أنوثتهن مرمر
وتعويذة للبيوت
التي تفيأت ظلالها
تحملني .. وأحملها،
ويغمرنا .. الحلم
فيسكن لحاء خوفي
ويولد من جسدي رديف
يطوف الماوراء
يدثر عافيتي
بعد منتصف الموت،
بغيمة مخصية
تغرقني على مهل
وتلبس صحراءها واحات من سراب
حيث تضج المواسم
في هذه الجاهلية الباسلة؛
وأنت
واللص الذي سرق رأسي
ينحاز للسكين
ايها المذبوح بها
عمري؛
خذيني من فمي
فليس من
مناص؟!!!
جاسم السلمان /بغداد
21/9/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق