الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

قراءة نقدية لنص الشاعرة عليا عيسى ( تموز المباغت) بقلم / الاديبة ايناس الداود


قراءة نقدية لنص الشاعرة عليا عيسى  ( تموز المباغت) بقلم / الاديبة ايناس الداود
 
 
إيناس الداود عذرا منك سيدتي دعيني اليوم أُلبسُ قلمي عباءة العين الفاحصة ودعيني أغوص في أعماق قصيدتك لأستخرج لؤلؤها المخبأ بين الحروف
سأبدأ بالعنوان (تموز المباغت)
ونحن كما نعرف أن تموز هو الاسم للإله ديموزي الذي وقعت الإلهة عشتار في حبه ونزلت من أجله إلى العالم ال
سفلي لإنقاذه...
وللاسم هنا رمزيته فالرجل في قصيدة الشاعرةهو ليس أي رجل إنما هو رجل بصفات الآلهة
فمن يستحق عشتار كتموز..
تبدأ المقطع الأول

أَلبَسْتُ تثاقلَ خطواتِي
للطريقِ
....و مضيتُ
أرتطمُ
بأيامٍ مصلوبةٍ على حجارةِ الأرصفة
بينما
صورُ فرحٍ
هاربةٌ من قبضةِ الزمنِ
تُشيحُ بوجهها
عن أفولِ وقتي

وكأن شاعرتنا قد أنهكها المسير فارتدت قدماها لعنة التردد وأصابها الوهن لكنها قررت المضي بالرغم من كل ذلك ..
لم يكن الطريق معبداً بالفرح ..كانت تطالعها من بين
مفارقه ذكرياتها المرة التي عبّدت الطريق بجراحها
تباغتها بين حين وآخر إطلالات خجولة لفرح عابرقد فرَّ من براثن الوقت..
يلقي نظرة عابرة على حطام عمرها ثم لايلبث أن يشيح بنظره بعيداً...

أبتلعُ كسرَ خاطرِ العمرِ
و أعومُ
خارجَ جسدي
عند منعطفٍ
سكنَهُ لهاثُ أصابعٍ ألهبها حينا
لقاءٌ و سلام
ااااه ....
واخزٌ السيرُ فوق (بَلّانِ) الذاكرة

تحاول مغالبة مشاعرها فماتجد من سبيل غير الخروج من لجة الجسد الذي ضاق بروحها...
لكن الذكريات تقتحم باحة شعورها عنوة..وهنا شاعرتنا
استعارة مفردة البلان لترمز إلى ألم الذ كريات
وعدم صلاحيتها لأن تستعاد مرة أخرى

فجأة تسرب ليوقظني
حضوره
حذارِ ...!
انتشلني
من الاصطدام بحافلةِ موتٍ
دفءُ صوتٍ
سقطَتْ معهُ على وجهي السّماء
تناثرتُ سنونواتٍ عائدةٍ
تصفرُ لريحِ الربيعِ

كريشةٍ خالفَ ثِقَلُها الجاذبية
طرتُ
طرتُ مع هبوبِ عطره
أخذتُ أطوي الجهاتِ بيننا
و أحزمُ العمرَ
إزارا لفستانِ نبضٍ
يليقُ بالصدفةِ

تقفل الشاعرة بوابة السوداويةوالتردد في المقطع الثاني ليحمل المقطع الثالث بارقة أمل تحملنا على جناحيها..فحضور ذلك المنتظر يوقظ دهشتها.. .

وهنا استخدمت الشاعرة لفظة تسرب وكأنه الماء المتسرب ليعيد الحياة إليها..أو الضوء المتسرب من شقوق ضياعها فيضيء عتمة يأسها..
كل مظاهر هذا الحضور المفاجئ تحمل لها أملأ بنجاة

وياله من عمق في الشعور..كيف يكون لصوت من نحب كل هذا الوقع في أرواحنا
وما أبلغها من عبارة(دفء صوت .. سقطت معه السماء على وجهي)
كم أثرت هذه العبارة في نفسي أنا شخصياً...
وكما استخدمت (سنونوات عائدة)
لِما لطائر السنونو من رمزية وخاصة لدينا نحن في الريف فإن رؤيته تبشر بقدوم فصل الربيع
إذن قدومه أوقد ربيع عمرها...
تتابع في المقطع الرابع ...تنقلنا إلى عوالم سحرها بولادة ربيع حبها وما أجملها من صور استخدمتها ..
كيف يقلب الحب عوالمنا فنتحول إلى أشخاص آخرين ...وتغدو قوانين الفيزياء معطلة كلياً..
ونغدو نحن غير خاضعين لها..
وهذا ماوظفته بكل براعة.

وتتابع في المقطع الخامس بنفس الروحية
كيف حوّلها الحب إلى مخلوق آخر ..حيث ارتدت روحها أجمل المشاعر...
فالحب في نظر الشاعرة يعيدنا إلى فطرتنا الاولى
وبراءتنا الأولى ويطيح بكل شيء خططنا له أو ننوي افتعاله.. وخاصةً عندما يقتحمنا بغتةً وبدون استئذان ويحتلنا بدهشته...
وهذا مافعل الحب معها..

في المقطع الأخير..
يمد شبح مخاوفها عنقه ويحاول كتم أمالها المحبوسة في قوقعة الأمنيات

لكنه يمطرها بابتسامة التموزية التي تنطق بألف لغة
أن زمن غيابه ولى إلى غير رجعة..
لاجماً كل مخاوفها..
معلنا عودته لإحياء يباسها..
هنا استحضرت الشاعرة الإله تموز بكينونته ..
كيف لا وهو الذي بغيابه تغيب الحياة عن الأرض وتعلن ولادته في الربيع عودة الخصب والحياة إلى الكائنات
أعتقد أن هذا ما أرادت شاعرتنا استحضار..
وختاما..
هذه قراءتي المتواضعة لنصك الرائع ..
ولتعذريني لأني غير متخصصة في النقد..
هي محاولة بسيطة لمقاربة معانيك العميقة أيتها الرائعة..
حاولت جاهدة..ويكفيني شرف المحاولة..
تهت في بحر انزياحاتك العميقة..
وحرصت على اصطياد لآلئها بما مكنتني به شباكي ...

تحيتي لك غاليتي ساحرة المحبرة الرائعة بنصوصها كما دوما..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق