السبت، 23 سبتمبر 2017

مصافحات بقلم الشاعر / ثامر سعيد آل غريب

مصافحات
ثامر سعيد
...............

مأخوذاً بالمصافحاتِ
أتوضأ بنقائها...

حتى حفظت كفي
خطوطَ كفوفٍ غريبةٍ .
أصافحُ الأوراقَ ، القلوبَ ، الألوانَ ،
رؤوسَ اليتامى ، العطورَ ، الأقلامَ ،
الضجيجَ ، أحلامَ العاشقين ، البروقَ ،
الندى ، فناجينَ القهوةِ ، النجومَ ،
العواصفَ ، التحفَ ، سوراتِ الحزنِ والجنونِ ،
الزهورَ ، الوسائدَ تنضحُ بالدموعِ ،
المناضدَ مضرجةً باللقاءاتِ ، الأغصانَ .
الترابَ يشخبُ بالحنين ، التوابيتَ تمرُّ مسرعةً
الشبابيك وعينيكِ .
وحين أتعبُ أصافحُ الفراغَ !
أصافحُ الليلَ بالهذيانِ
وحين أصحو
أرى على السريرِ
رجلاً ينزفُ
وقصيدةً تتضورُ من الألقِ .
أصافحُ المتسكعينَ على أرصفةِ الجوعِ
أقرأُ الخبزَ الحافي
فتشربني الأزقةُ البائسةُ
وخيالاتُ المدمنين .
أصافحُ الهاتفَ ..
في الثالثةِ بعدَ الأرقِ
لقد غادرتِ النقطةُ الخضراءُ شريطَ الماسينجر
فيشيحُ الحائطُ بوجههِ عني ،
عليَّ الآنَ إذن أن أناقشَ نيتشة عن طبائعِ النساء .
أصافحُ الأسرارَ وأطمرُ البئر .
أصافحُ القوادين وبغاياهم
وأصلي صلاة العِفّةِ والنقاء .
في تكاياهم أصافحُ الدراويشَ
فأنسقُ على سجادةِ الوجدِ فوضى الفصولِ .
أصافحُ المسجونينَ في زنازينَ الوقتِ
يحصونَ تجاعيدَ الليلِ وينسونَ غضاضةَ النهار .
أصافحُ عمالَ النظافةِ
يكنسونَ حزنَ البلادِ
والباحثاتِ في القمامةِ عن لونِ الحياة
وأكرعُ كأسي
فتحلقُ كفي بيضاءَ فوقَ رؤوسِ الدائخين .
أصافحُ الصمتَ ..
كي لا تضيعُ القصيدةُ من فمي
ويداهمني قملُ الكلام .
أصافحُ العطشَ ..
رغمَ تصريحِ السماءِ
عن تباشيرِ المطرِ
بعد أن وهنتْ ثقتي بملائكة الغمام .

أصافحُ نفسي كي أراكِ
فلا يعانقني سوى الهواء .
أصافحُ ..
أصافحُ ..
وأصافح .
لكن ..
من أين أجيءُ بماءِ النّارِ
لأطهِّرَ كفي
لو صادفَ أن صافحني بغتةُ
الخونةُ والمنافقون ؟

تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
آفاق نقديه سوناتا ...
على وقع
..مصافحات ثامر سعيد..

------------------------
في مسرح مابعد الحداثة نحتاج الى ضربة صاعقة اخيرة ايضا يا ايها الشاعر الذي لم تكسر ازقة الحياة المعاصرة الكاسرة موسيقاه ابدا..فما اغربك يا ايها الغريب....
انا فقط احببت ان اسأل عن قدرة البعض على حسن استمكان ايقاعك المتواتر من راسك حتى اخمصيك..
انزل اذن،
نزولا حرا فلست ممن يحتاجون الى مظلة بعد الان..
اللحظة الراهنة تحتاج الى كل عيونك الظاهرة والمخبوءة تحت بشرتك السمراء المتخمة بتوابل شارع الهنود البصري الاقدم..
هكذا تكون اياديك التي صافحت كل دقائق الحياة والطبيعة وسيكولوجيا الجمع الخير والشرير مليئة بالعيون الكاشفه..
هذه المقاربة الشعرية المتوترة التي زحزحت القص عنها لتحتل مكانه مستخدمة عصاه السحرية وآلياته الذكية ،لغاية في نفس..ثامر الغريب..ربما يكون قد قضاها الان بطريقة دراماتيكية فائرة ثائرة لاتقبل باي شكل من اشكال السكونية التي قد تداهم شاعرا مبركنا بالشاعرية حد الخصب النووي..اذن .."اقتلوني ومالكا..وليكن الطوفان!!
واي طوفان ابداعي شبك بيد واحدة مالا تحتمله اليدان معا ،وجمع مالا يجتمع الا في مثل هذه الباناروما المنثالة في نوع من التداعي الحر المؤطر بالوعي الخفي البعيد عن انظار المتربصين ..انت شاعر ثائر اخي ،وانا منحاز الى نغمة قلبك اخي ،متراصف شرعيا مع انحيازاتك الحقانية لانسانيتك المرهفة ومن خلالها للانسانية الراعفة الطيبة ..هذه تحية تليق بروحك النقية،والسلام..


ثامر سعيد آل غريب وليس لي إلا أن أرد التحية بمثلها ولا أقول بأحسن منها فأقول بجملتين اثنتين : لقد كنت يا سيدي وما زلت أفضل من يغوص في قصائدنا بعين القناص الماهر. تلتقط بشبكتك متقنة النسج ما نظهر وما نبطن. سلمت أستاذنا الجميل وبوركت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق