الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

(نقد النقد) الجزء الثاني - بقلم الاديب جاسم السلمان

(نقد النقد)




لامجال للشك بان مساهمة النقد والناقد هي من أجل القضاء على العقم النصي ان صح التعبير ثم البدء بعملية الخلق الجديد وتبيان شأن المقدرة وتنحيف الغث والسمين وبالتالي اظهار الهاجس الانساني المجيير لصنف الابداع وعزله عن مخاوفه واحاسيسه بالغبن واللامبالاة ؛ لان البعض يجعلون من النص مسبحة يتسلون بها ويتناغمون مع اصوات حباتها خاصة اذا كانت حباتها من الصدف الهجين الذي يطقطق بصوت عال ويجلب الانتباه ؛ في المقابل يراها اصحاب النص ان هذه المسبحة تقطر وجعا ودما كأنها نوافذ مفتوحة تتواطئ مع الريح العاصف
وترقص سورتها رقصة اعصار لتدمر الجذور اليافعة وبعمد وسبق أصرار ؛ هكذا يتقمص البعض ملامح المرحلة بنسل هابط وجدل عاري لايرحم حتى نشأة الحلم . لذلك لابد من الانقلاب للاطاحة بهذا النظام الصنمي وأطلاق سراح الادب وعنوانيه المختلفة؟
انهم يغتالوننا شكلا ومضمونا وكأن هذه الجغرافية العظيمة هي حكرا وماركة مسجلة كما هي الان السياسة واحزابها الديماغوجية الهابطة .
ان الادب بشكل عام والشعر بشكل خاص تعبير انساني عن رؤى وهموم وتطلعات انسانية وكذلك جميع الفنون الابداعية الاخرى فمتى ماوصل هذا التعبير بصدق وحرك في اعماق النفس ودواخلها نكون قد نجحنا في تحقيق الغاية. وحتى نصل الى عمق التجربة الانسانية وتصبح العملية الابداعية مؤهلة للانتشار لان انتشار الموضوعات في الحياة لم يعد بأمكانه ان يتحكم تلقائيا في تحديد واختيار تلك المنظومات لدرجة يصبح معها عاجزا عن تميز الشئ من خلال تسميته ؛ ومع ذلك فأن هذا التمايز يمكنه ان يكون بمستويات متباينة ويؤمن بروح متعالية تشيع في المدى وتشكل الالهام وقوة تلقائية للغة والاحساس تنظر الى ذاتها مرارا وتكرارا على انها مجهولة وغريبة بعيدة عن الغموض عن موقعها وصورها دون أن تفقد القدرة على التحليل ومشاركة الآخر في سكوته مع استمرارية التواصل الحميم والتأمل في التفاصيل التي هي بيضة القبان المدهشة والتعبير عنها بطرق حالمة خيالية وصوفية ومن خلال عين الذات المراقبة فالمراقبة هنا توضح الحضور وتضخ الخلق والتعبير والانثيال. أذن هو زمن مسترجع النظر فيه يتحول من مستوى ثابت الى مستوى آخر أي وعي موضوعي يتجسد وجودا شاخصا ذا هيمنة فاعلة تشارك الطبيعة في جل مشاهدها حتى تخضع لها الذات(الفطرة)بعيدا عن العواطف والاحلام والكوابيس .
لقد اصبحت قطوسنا المجسدة رموزا مركبة وإيحاءات مفتوحة لان الوصول اليها سلس ولامعرقلات تعرض تلك الرؤى لنقل الهاجس الداخلي بشواهده التعبيرية ودلالات شخوصها التي توفر لنا الانطباع الكافي بشأن المقدرة على التعبير وبالتالي اظهار الهواجس الانسانية والانزواء الى عالم خليط من السرية والبوح بمعنى اشد اقترابا الجذب الى منظومة الجماليات من رصانة المعاني وهيبة الاشكال وثراء المشهد ومداهمة الرغبات والدوافع الاخرى وتوفير شروط الوجود لتوقير النفس وطمأنة الروح واعطاء الرضى مما يدفع بها كليا الى الاصالة هذا الانغماس وثبة في الاتجاه الصحيح تتمتع بمقدار كبير من الفطرة واتساع نطاق الوعي عبر سلسلة من الاحتياط الجمالي والفني المستند والمستنتج الابداعي الذي حصل في مجمل الميراث الحضاري وعناصره المفرطة بجمالية الاداء وطرافة الاجواء والقدرة على سبر أغوار ماهو موجود وخلق صيغة الديمومة للوجود الواعي لان موت القيم وانحلالها يؤدي الى العدمية . وفهم العالم يعني بناء الخلق وخلق الانسان المتفوق على انه كل لا متناهي في تدرج الاصول والقيم والابداع المخمور والذي دائما ما يسهل عملية المخاض ويفيض ولادة وتحرر وانطلاق بكل مايجيش فيها من طلاسم وسحر يملئان كل الاجواء جنونا شهيا معمدا بماءه المقدس عابثا بكل الاحلام الضالة ليمارس شقاوة الابداع وليغير المعروض ويحطم الغير الجاد من المألوف ويذوب على النحو الذي يوحي به كصورة تتوسع عبر كل استعارة ذاكرة تشحن بطرق مبتكرة مبتعدة عن ذروة التقليد وهذا هو الالتحام الذي نريد التحاما صافيا متألقا وبالمفهوم الواضح الغير مشفر وفي غمرة الالتصاق بالمسلمات وبحكم تقديسنا للمسلمات والتي نتلقفها مختارين غير مجبورين وطبعا هذا هو النمو والنضوج في الاسلوب وهذا هو الهم النبيل ..!!!
 
نعم هذا هو الهم النبيل يعني لنا الحياة والكون لأنهما العالم الروحي الذي لايمكننا العيش بدونه وهو الحبل السري الذي يربطنا بمحيطنا الخارجي ؛ وهو طفرة واظهار محاسنها وسجاياها الأيجابية من خلال أرادة مأخوذة بشم واستنشاق الحرف الأنيق والألتقاط الذكي للغة بكل تناقضاتها حتى تتخطى القدر الكافي من الرزانة والطمأنينة وتكون حلما مطلقا مباح وركنا حصينا مشغولا بالحرف والصورة والأخراج لرسم برامج وخطط وسياسات كخليط معماري يصوغه الذوق وهو بمثابة الزرع في رحم البراري يتبختر أنى ...يشاء ولايغادر تلك الايقونة كنظام يعمل وفق قواعد وأصول متعددة تقوم على التفرغ للعمل مانحا المزيد من المعرفة ويمتد لأحترام الحقوق وان لايقنن ضمن تنظيمات ذات طبيعة بيروقراطية عادة ما تخضع للمسألة والنقد والتقيم الأمر الذي يشتمل على قدر واسع من الاختلاف وعدم الاتفاق .
وكأن الأحداث والأفكار هنا محصورة في عدسة مجهر يرتبك فيها النظر ويغوص في اعماق جزئياتها وأعلى مستوياتها وفق هرم محكم تتوزع فيه القوة والسلطة تصور وتمسرح اصطفاف المواسم وحصادا يملئ سلاله بمهرجانات تنثر خبز الله ساخنا على الفقراء ثمه تعيد اكتشاف الأمل ومذاقه السرمدي والتواصل الدؤوب على زيادة انتاجية الدونمة الفكرية وانتشالها من وطئتها وتسريع خطوات التقدم العلمي والفني والدقة في هذا الخصوص مسألة مهمة جدا وحبل متين لمسك الفهم الذي يتميز بالبساطة والعفوية دونما تعقيد ومحاولة ابلاغ الفكرة من غير غموض وابهام وقضية ايجاد المعادلات المعبرة عن مجرى الاحداث والمساهمة في بلسمة تلك الجراح من خلال قطب المعادلة في نقاط الضوء التي وجدت لها طريقا بين جدران عالمنا من خلال عمق الموضوع وروعة الاسلوب وأخضرار الحلم ومساهمته في الشفاء واتخاذ الموقف الواضح من السكون والأنزواء نحو الذات بوجهها الاناني .
أن اسشراف ضوء شموسنا يعضد المساهمة والتطلعات المعبر عنها من حيث امتلاك المؤشرات الفنية الواضحة والناضجة الدالة على نضوج الرؤية ونبل المساهمة وحيويتها وأمتلاكها للخصوبة لجميع فن وطرق حيثياتها والعبرة التي تكمن في الكيف الرصين الصادق والسيطرة والاستحواذ عما ورسوخا وبذر بذور المستقبل في الحاضر ووسط هذا الخضم الهائل من التجارب والافكار نستطيع أن نتمسك بالنموذج مهما كانت ثورته لانه سيأتي بالضوء في التغيير واعطاء الهوية من خلال التمرد على الاساليب والانتاج السائد وخلف موقف مرتهن باللحظة وامكانية مواجهة تلك التجارب دون تغيير شكل العلاقات التي تحكمها مع استثمار الشروط المتوفرة موضوعيا أذا تركنا التعقيدات السايكلوجية جانبا لكي يكون هناك استطرادا مثاليا؛ ولما ننظر لما حولنا فكأن للفراغ لونا ورائحة تلتصقان بهما في أفق وجودة الانسان ليحعل له الاولوية في مجال الكشف المعرفي لاعلاقة له بنظام زمني محدد الا زمن وجوده في عمق الفكرة القابضة على الاشياء والاشكال والتشكيلات البديعة لزهرة ثابته في نهار حلم وموسيقى لاتعزف الا لذاتها وسبك عباراتها ثم نشر واعادة مفرداتها كمادة غنية وحدث فاصل يتم فيه الحرص على الرؤى الشمولية الواسعة التركيز على مختلف الجوانب وبأعلى المستويات والانتاج الفكري لحشد الحقائق وتسلسلها وترابطها وغزارتها لتبقى تفيض حيوية وحماسا وطموحا مشروعا والهرب بنا الى زمكان يحبذنا وعمرا يظل لأثر رجعي ؛ وهذا بالمجمل ليس أمرا جامدا بل عملية حية منفلة من المأزق وبعيدة عن الوقوف في الطابور الطويل والانتظار الممل والمقرف لعمليات التفتيش ولوائحها الكمركية؟!!!
_اذن ماذا نريد؟
_والى أين نريد أن نصل؟
وكما اسلفنا الأدب هو الهم المتزن من خدمة وديمومة الأهداف والسلوكيات البناءة ذات الأطر المحلية والقومية الغير محددة على انها تصل الى مستوياتها العالمية وتوسيع حركة النموذج المحلي وتحوله الى ظاهرة ديناميكية جديدة تتحقق من خلالها السرعة والكثافة وأنتشار المعلومة ذات الخليط المعماري من الثراء والذوق الهائم بالتفكير وعمق التركيز وصد كل مبرقع ومحنك وغث يحتج على انتهاك حرمة الروح والذات والامل والتأمل واسرار الاكتمال في الاشياء والقدرة على النفاذ الى الواقع االمعمق والموضوعي والتعبير عنه بكافة السبل المتاحة تثويرا لهذا الواقع نفسه من خلال القدرة على الفهم الجدلي للانسان والتاريخ والمجتمع مع استمرارية القدرة على فهم القيم الجمالية والحس الابداعي البديهي المتمدن المتخم والملتحم بالحقول المعرفية كأحسن ما يكون مع التمسك المنشد الى الخصوصية الحضارية والثقافية مع الاهداف والأبعاد والانتشار والتأثير على الشخصية والهوية والحرية ومن ثمة سلامة الاجواء وتجدد الدماء واستمرار استكمال الاشياء .
وحتى لايكاد يكون هنا وهناك وجودا للمرهم يجب ان لايكون هناك جرح يلغم ويعطب بالخفاء بفضل نظام الغنائمية المذهبية والزبائنية السياسية الجاعلة من رأس الانسان كمان يعزف بأوتار غليظة مدهونة بأبداعة المسفوح امام خيبات مغتصبي حقه ولايبقى له غير امتداد هزيل وقسط من هواء ملوث يتأمل لغة التراب تلامس واقعه بقوة وواقعه الحلمي يجسد موجداته بعد اعادة تركيبها على اشكال غرائبية كواقع جديد مع تباين انغراس انياب الزمن وتقطيع أواصر الصلة الكامنة منذ الازل ليتغرب الوجود ويتحول الى زمن صامت تتحكم فيه القوى النافذة وتلغي المسافة الفاصلة بين الذات وماحولها وتحولها الى معاقل تابعة مطيعة يمارس عليها بهلوانيات اللعب الاكروباتيكي وخنق الافكار وجعلها سبايا لعالم مليئ بالتناقضات وصورها المكرسة في تفكيك الكافي من الرزانة والمحتويات والذاكرة لجعلها مثقوبة وهي تواجه الواقع المأزوم وتلتمس طريقها بصعوبة للخروج من هذا الواقع المر وتجريف مديات واسعة مع احداثها وحركتها والتي دائما ما تصدر من دون معرفة الأزمات التي أكلت وشبعت من جرفها ورغم خدشها للذوق والمحيط والخطاب اللاعقلاني العديم الخجل والاحترام بأرهاصات غريبة لاغنى عنها في المشاركة وفرض وجهة نظر تبرر ذلك الجموح والسلوك والتصرف تلك هي بركات المنهاج المبتكر الذي جسد الاتجاه الفكري والتخصص في وحدة الموضوع وعدم التلاشي بين اكثر من سبيل ميزة عدم التقاط الانفاس كمد البحر يوائم البدايات ومنطق المخاض ليجتهد في ابتداع رؤى جديدة تمتلك المقدرة على التعبير بما يحقق القبول ويباغت الفعل ويملئه محبة وجمالا ليشكل جوهر العلامة وشرط وجود طلبا للنجاة كسحابة تزدحم بعبق الأمل لتبقى الدنيا على قيد الحياة وتفصح عن شفيرة الانتماء ثم تستعيد باكورة البداية وتصطنع لها ابعادا رمزية وأصالة في صيغ الفرد تصطحب تلكم الطقوس ومايحيطها من ابواب الأدب ومايصاحبها من أختراعات وأكتشافات كانت بيئات صعبة تتحرش بالانسان لذلك لاشئ مرتب . وعلينا ان نخلق الترتيب ونرفع مشوار القساوة الجاثم على انفاسنا ونبدد القرار بمغامرات صامدة على البقاء تتحدى الانماط المركزية وتتحول الى بانوراما تفك الأشتباك والأستقراء المحمل بفاليون الروتين ؛ وونشد للطرب الأصيل والفهم الرصين حتى نجد الامتداد المريح بين هذه المفاهيم .. أذن لابد من الخطوة الاولى من الألف ميل ولكل ازمة حل؟!!!
شكرا لأفاق نقدية ومبدعيها من نقاد وأدباء وشعراء لتحملهم طروحاتنا التي ربما تجاوزت المألوف . لكن لسعاتنا النحلية لورودكم الجنبذية ستنتج حتما عسلا مصفى يزيد الطاقات ويوسع الأذهان ويعمر الخلايا ويكون غذاءا ملكيا بامتياز...@
جاسم السلمان /بغداد 20/9/2017
 
 
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي آفاق نقديه لاتشكر من يتوجب عليهم شكرك اخي وحبيبي الاستاذ جاسم السلمان الطيب..ولقد اتفقنا قبلا ان افاق جداريتكم اولا..وما تضخونه فيها هو وقود ديمومتها ،ونعم سيستحيل وقود هذه الديمومة الى عسل مصفى كما تفضلتم ايها الباحث الكريم..ولقد تذوقنا منكم جميعا كل ما يثلج الصدر ويريح البال ،جزاكم الله عنا كل خير اخي وصاحبي الاستاذ Jassim Alsalmanالعزيز،تحياتي والسلام..

حسين ديوان الجبوري كل ما تفضلت به من اول حلقة الى اﻻخيرة انه جهد متميز وواضح للعيان وكل هذا يصب في خدمة اﻻدب واﻻدباء .
ماذا اقول بعد اخي اﻻستاذ اللامع الجامع المثقف الحصيف والباحث المتيقن واﻻديب ذو الراية الخفاقة وﻻ تعلو عليها راية .
سلمت يمينك ما اسفرت عن افكارك النيرة والبالغة اﻻهمية .

دائما الى اﻻمام والنحاح حليفك دائما.. تحياتي للغالي استاذ جاسم السلمان

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق