الجمعة، 8 سبتمبر 2017

انت...ذات اللحن - قصيدة عطش في نهر نائلة طاهر بقلم الاديب الشاعر جاسم السلمان

انت...ذات اللحن 



 قصيدة عطش في نهر نائلة طاهر .
الاحتكام هنا غالبا مايكون للنص وحده وللمستقبل وحده ايضا، ومن هنا نقول وبكل حيادية أن هذا النوع المرتدي جلبابه الواسع والفضفاض ماهوالا من لب وحداثة وجوهر الشعر الحقيقي لانه كالحياة يتجدد ويتقد عبر الممرات الذهنية المعقدة والمتنوعة ويخطو خطوات اكثر غرابة واكثر شمولية لابراز ادوات تشكيلته الجمالية وصيرورتها الذكائية المعروفة عربيا(الجوهروالروح) ومادام الشعر هو الشعر لاغير فنحن سنلهث وراء اسراره وجياده وسيمفونياته واندهاشاته المثيرة الفزاعة للابداع والمبدع.
وانت ذات اللحن؛ تخلع ردائها من اول لافتة اوالتفاتة لترينا ان كذا مرة غصت الآمال بهذيانها فعفت عن قاتل الاخ".. يبدو أن هذا العفو ذو غصة موشحة موحشة ومشبعة بالتأثيرات النفسية ، وماينتج عن ذلك العفو من خلق انفعالات ذات مداليل مجربة استدعت الشاعرة أن توظفها ارضاءا للصالح العام والنفس والرغبة لسد الحاجة الذاتية واسكات صوت العمق واستثماره لتحقيق الغاية حتى وان كان هو قاتل الاخ فلربما كان هو الحبيب وهنا تسكن العبرات فيالها من رحلة ضغائن فيها من مشاهد التحمل والارتحال العبئ المضني ،
ان رحلة الشاعرة تتفتح على مدار واسع في الحياة سيما ان الحديث عن الوحش الذي هو القتل حيث ان هذا المدار يشكل لنا لوحة رحبة التصوير تجسد كل الهواجس ومايعتر الشاعر من احساس ورغبة عبر الصراع الذي ينسجم بالصورة ومعطياتها وعلى وفق حالاتها وظروفها فكانت تصويرا دقيقا جسد الهموم ومأساة القتل مع تبين حالات الانفعال النفسي للشاعرة والمتلقي مع المؤثرات الاجتماعية والثقافية والتفاوت الزمني بينهما..
هذا اللحن فأعزفه
اظن...
لانحتاج لقناع
ولالواقيات الشمس
صديق أنت ...
لكل المجرات التي
تحتمي بها الشهب المتمردة
هي وحدها
تمنحك السر الأعظم
تخفي خطاياك الحميمة
ترسلك من جديد
نجما قمرا مترنحا
أو حتى جمرة ثاقبة؛
أظن ان هذا اللحن مرهق فكيف يعزفه وهو لايستطيع التوهج في لحظة العاطفية علما أنه لايحتاج للاستئذان فكل السكون مذبوحا على ربابة الجرح، ان هذا العالم ياصديقتي صناعة مشتركة مابين الرب والانسان وهما دائما على طرفي نقيض طريقة تعاملهما عصامية بأمتياز يوهمنا الالم على انه لحظة سعادة محتفية بأبداعها وبأمتزاجها مع عوامل تخترق الحضور وتفتح المكنون ؛ ومادمت انت الصديق فلماذا تنمو هذه الفرقة بيننا وتتعقد طقوس الدخول الى عالمنا الغامض فالشهب المتمردة والسر الاعظم وخطاياك الحميمة لازال يتردد صداها من فوق اسطح البنايات والقامات والايدي والارجل والعيون والجسور والافواه تعال نرمي اجسادنا في شط البحر ونتخلص من الصوم وأدراننا الضالة حيث نستيقظ ونطلق سراحنا ونطفئ جمرتنا الثاقبة ونمسح عن الذاكرة صدأ الحياة ونعيد لكل شئ حيويته وفهلوته وكم هو جميل ان نقاوم المآسي بالفرح حتى ولو كان هذا الفرح مفتعلا هي دعوة غارقة وطالعة من اساطير المجرات تراسل ممتع يلملم اطراف اللوحة لتصل الى آخر مديات الحلم وآخر التمترس في الخندق دفاعا عن الحياة ؛ وهكذا يكون الأختمار في المحنة ولادة جديدة ويكون السر الاعظم هو كالاتي ان تعود لي لأتحد بك ونعود معا نجمة وقمرا .
بالنهاية...
يداك التي طالت كثيرا
ستأخذ الكل اليك
المنحني والساجد
والذي افرغ خمرته لتوه
في حمأ زيتوننا
ورغيفنا الجاف
ولاتنسى...
وانت تغير اسم المدن
التي شيعتها اليك
مواسم الغيلة
انت تعزف ذات اللحن
بداية النهاية هي نفسها الايدي التي تعزف ذات اللحن وتندمج في اجوائه ومفرداته وسحره وحلمه وتتشبث بعدم رحيل اللقاء وعدم رحيل المحبة العاشقة وأزاء هذا الالم الذي يحوم في لجة الذكريات وحوارات الذات والتي افرغت حمولتها في حمأ الزيتون والرغيف الجاف هذه الممارسات السوريالية انتزعت منذ الوجود المشترك وماقبل الولادة الاولى والوجود الجنيني هكذا قالت لنا شهرزاد وهكذا تقول عيون اللبوة عندما كانت تراه يغير اسماء المدن وربما منذ سنوات طويلة حيث كانت تحسه بغموض يشبه الضجيج ويشبه الى حدما مواسم الغيلة وحركة الاشياء وعدم ثبوتها لتعزف من جديد ذات اللحن ،
اعتقد ان النص هنا لايبتعد عن فحوى القصة وشفافيتها واستخدامها فنا مجاورا لشقيقها الشعر من حيث الاهتمام بتجديد الاثر لضرورات موضوعية مقتبسة من الفعل اليومي والحدث الواقعي والجملة القادرة على تجاوز اللغة المعيارية وارتياد ملكوت اللغة الشعرية مع تحرير الحواس وطرد غير المألوف،
ان القيم الانفعالية الخاصة تعزز مكان اللغة والصورة والخيال .. اما الاعتذار من العناق الحزين يشكل الرد المناسب لعيون امراة مازالت في جنائن اوهامها المتطرفة وفي اعماقها الحمى تطفئ سيكارها في هديل الحمام الذي قبل الاصنام وأنسكب في هدوء يؤرخ للنوم والصنوبر ومنحوتاته المثيرة للجدل والعندليب الذي كان معبئا بالسحر يتلم حول بعضه خوفا من يد الزمن حيث بح صوته بالنشيد الموغل بصدور العشاق وفي ذات الخريف الذي شكل حواجز وجدران مابين حلم وحلم ومابين شكل وشكل كنا نريد الفرح والحب ندفع سنوات العمر ثمنا لخداع النفس والامراض المزمنة حتى يضيق النفس والحزن يأخذنا الى غناء آخر الليل لتتحول الاشياء الى مزاد يفترس الادغال والاراجيح والحدائق . فنشعر بالغربة مابين الوجوه المالوفة ولحنها القاتل لكل المجرات الممتلئة بالزيتون والرغيف ..
ومرةأخرى قالت لنا شهرزاد لقد كتب علينا الشقاء
يا سليمى؟!!
جاسم السلمان/بغداد
 
نص الشاعرة نائلة طاهر
تصدير:
"كذا مرة
غصّت الآمال بهذيانها
فعفت عن قاتل الأخ"
~~~~...

عنوان القصيدة :
أنتَ..ذات اللحن
-----
هذا لحنها فاعزفه
أظن...
لا تحتاج لقناع
ولا لواقيات الشمس
صديق انت...
لكل المجرات التي
تحتمي بها الشهب المتمردة
هي وحدها
تمنحك السر الأعظم
تخفي خطاياكَ الحميمة
ترسلك من جديد
نجما ..قمرا مترنحا
أو حتى جمرةً ثاقبة
.
.
بالنهاية...
يدك التي طالت كثيرا
ستأخذ الكل إليك
المنحني والساجد
والذي أفرغَ خمرتَه لتوّه
في حمأ زيتوننا
و رغيفنا الجاف
ولا تنسى ...
وأنت تغير اسمَ المدن
التي شيعتها إليكَ
مواسم الغِيلة
أن تعزفَ ذاتَ اللحن
.
.
أظن ...
علي الآن أن أعتذر
لذاك العناق الحزين
في جنائنِ أوهامكَ المتطرفة
للحمام...
الذي قبّل أصنامك
للصنوبر...
ِ المعتقَلِ بين الأقدام
للعندليبِ....
الذي اختنقَ بالنّشيد
في صدورِ العشّاق
ذاتَ خريف..
(نائلة طاهر )
 
 
التعليقات
 
حسين ديوان الجبوري تحليل وضع النقاط على الحروف وغصت في اﻻعماق تماما حتى اخرجت الغالي والنفيس ايقظت الروح الغافية على حافة حلم قديم طرز مسامات النبض انقباضا وانبساط .
سلمت اﻻنامل اخي الكريم وصديقي العزيز استاذ جاسم السلمان تحياتي لك
 
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه لقد شنقت انفاسنا بهذا السفر الموازي التحليلي العميق يا استاذ Gassim AL-Salman الباذخ الرهافه..
كنا في الواقع على مسمع ومراى من مشهد بانورامي مكتمل العرض ،اروع مافيه انه لم يغادر او ينسى -وهو يتصاعد رويدا الى خاتمته -رفيقة حواره لحظة واحده..حتى لكأن الف
عل التحليلي المستقرئ كان مخامرة غاية في الحلول والاحاطة معا..وهذا ماجعلنا نتعقبك دراميا،لشدة قربك شخصا ومشاعر من انفسنا،اعني وضوح رؤياك الثائرة على كل الاصعده..بوركت ابا ليث الحبيب..تقديري ومحبتي..
 
Jamal Kyse يالفخامتك سيدي،،،ويالحظ،،،صديقتنا واختنا نائلة ،،،بهذا الترف الفكري المسؤول ،،،والرؤية العميقة،،،سلمت يديك سيدي،،،،وربنا يعطيك العافية،،،
 
نائلة طاهر أديبنا العزيز
سأبدأ من حيث انتهيت مع اختلاف في الحالة النفسية بيننا فأنت اكيد انتهيت بهدوء ووضعت قلمك في راحة المحارب بينما انا ابدا في ظل تسارع كبير النبض ،فليس هينا مخاطبة العظماء وترويض الأفكار الصاخبة .
انتهيت أديبنا بكتب علينا الشقاء يا سليمى، وأ
راك محقا أكثر مني ففي الديوان الأول لي كنت أقول كتبت لي الحياة وجاءت القصائد كلها في هذا السياق ،أما قصائد الديوان الثاني و انت ذات اللحن واحدة منهم فحقا كان لابد من تصديرها بكتب علينا الشقاء يا سليمى. ..ببساطة لأن كل حياة في هذا الكون يعقبها الموت (رغم أني لست من دعاة الموت ولا من المنشدات لنشيد جنات الخلد ) الموت المحيط بنا أديبنا فظيع وقبيح والحزن الموغل في قلوب العشاق كما قلتَ هو حزن قاتل للحب لذاك اللحن الجميل الذي تشدو به العصافير في الربيع .لكن الربيع لا يدوم إذ لا بد أن يأتي خريف ما يمر سريعا ويأخذ معه كل تلك الأوهام المعتدلة أو المتطرفة ...
في عالمنا هذا صار الوجود نفسه وهم ،لم يعد هناك يقين واحد القوانين تتغير والشرائع تحّور .نحن نسبح في دماء اول جريمة ..ولازلنا نمارس نفس الفعل القبيح الذي يقصينا عن الحب عن نور الشمس ويقذف بنا في ظلامية الكره .
مسيرة كل فرد منا مسيرة مفترضة إلى الحياة بكل مباهجها ونقائها لكن الذي يحدث هو العكس ،فهذا الكون حدد نظامه سلفا فلماذا يسير عكس النظام لماذا السير إلى الخلف هو نتيجة ومنهج وهدف؟
هو ذات اللحن الذي اختزلته في قصيدتي من خلال زاويتي الخاصة التي لا تتغير ابدا ولكنها زاوية تكبر وتسع كل الكون .
بودي مواصلة السفر معك ولازلت أرغب في ذلك ولحظة الصفاء هذه ربما لن تتكرر ثانية ،فمع كتاباتك أشعر أن المدى بعض أجنحتي كما قال الأستاذ غازي لكن تبا للوقت .
تقديري لا ينتهي أخي العزيز على ما منحته لنا من متعة التفكير.
نائلة طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق