الجمعة، 29 سبتمبر 2017

العباس أبو الفضل بقلم / عبد الزهرة خالد

العباس أبو الفضل
----------



منذ اليوم الأول تلوذ كلماتي خلف ستائر الحياء
وحمرة الخجل٠٠
جئت إليكَ أقود قطيع التعابير ...

كقرابين لفجر ذكراك ٠٠
اسمكَ سيدي نهاية الرقم اقترن بمصرعكَ٠٠
كلها وقفتْ كحال أدمعي ترتعش إجلالاً وخشيةً
لأنك المنعطف الخطير فوق رمال الشريعة٠٠
تزاحمت الغصات٠٠
تراكمت الزفرات٠٠
تثاقلت الخطوات ٠٠
تعاقبت الدمعات ٠٠
دمعة تلو دمعة كالمداد تسجل حضورها على صفحات تأريخ المصرع٠٠
تسابق حوافر النطق لتجيز عن نفسها بالمصاب الجلل سفيرة عن دولة الحزن الباقية للأبد من نزوح الوتد ونزول العمود من خيمة الهواشم٠٠
كالقنا التي حملتْ رغم هاماتها رؤوس العظماء
يشتهي القلم أن يكون كتفاً، عنقاً ليقطر الدم على حمرته
وينشد على الورق أسطورة العقيدة تلتها منابر الأنبياء.
يتوارى نحرك.. مصرعك ..وكفاك..
ياسيدي من غربة الفلاة على أرض كربلاء بجوار شط الفرات ويتبرأ الضفاف من هول الجناة٠٠
يدخل البكاء مع الدمع بمفاتيح العشق دهاليز النبض بشرايين العمر لينتهي كالرقم الأخير من الأسبوع في اللقب السديد وتقلبه ، تغبطه ، تحسده باقي الأمم ..
لأنك سيدي أبو الفضل العباس..
----------
يجبرني المبدأ في الولاء أن أعرضَ نفسي على جسدك المسجى مقطعاً فوق ظمأ الفرات بمقياس حرارة الوفاء٠٠
هكذا عندما تستحي الأقلام أمام إنتصار نحرك في وصف المشاعر دون شريان الإيمان الأكبر لديمومة قلب السلام والإسلام٠٠
عجزتْ حتى الإبجدية من قلة إنحناءاتها وصغر حجم الرسائل أن تنتهي في خاتمة السطر وأنت اليوم الأخير في الأسبوع لأنك الخالد في الخافق تنبع من الأرض عند جفافها ينبوعاً تروي قوافل الشجن٠٠
٠٠أنت ياسيدي٠٠
موجود عندما يحدثنا الزمن
عن ( الحسين - زينب - القربة - الراية - الكف ) ٠٠
قد يعرض على أسطري قبلة الحياة قبل موتها الفضل والإحسان تعاين الملتقى مع كرامتك فوق شاطئ الفرات
سيدي ٠٠
ما دمت أنتَ أخر أسطورة في التضحية والإيثار ٠٠
لم يعد بعدك النصر ينتصر إلا بكفيك المقطعة
وقد ملأتَ ( القربة ) من نفسك الجود وتحمل فِي حضنك عروة الأخوة ٠٠
روحك ترفرف كالراية السباقة لتلاقي أبا الشجاعة حيدر الكرار
لا غرابة ٠٠ أحرفي قد تلتقي شهامتكَ في هذا اليوم
ومن عينيك تشع العقيدة مع إمتداد نور القرآن
فيك سيدي كل السمات والتضاد٠٠
ومن يتوق لقدوتك
كحفارٍ بأبرةٍ في صخرة العنفوان
دموعي كالعتاد
تديم معركة الطف
والروح تطير إلى قمر بني هاشم
تروم كتابة الولاء
بعبق الإيمان
كأي قصيدة على دم الأجساد
أفتش عن عمرٍ نافعٍ
يعلمني أقوالاً تشبه الأفعال
منْ يجرأ على الوصف
وأنتَ الطيف الثابت
على خيال عاشوراء
يتدرع بك درع الشهامة
ولوعة الغربة في العطش الأحمق
علامات الوقار والشجاعة
بانت على مقايس الرجولة النداء
لقد أتيت بكلمات
تتمنى حرارة الشوق تكوي المعاني
لتنضج كرغيفٍ ساخنٍ يشبع جوف الفقراء
والعيون تبصر عري المدى
بعد أشرعة
تهاوت على الرمال
أرادت تلوين السماء ٠٠
لك منا مثل وفائك٠٠
كولائك
فداك قلبي وقلمي
كيف يصنع الجزاء في فحوى الرجاء٠٠
------------
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٢٨-٩-٢٠١٧
 
 
تعقيب الناقد غازي احمد ابي طبيخ الموسوي
آفاق نقديه في البدء أقول:
نعم الوفاء أن تبتكر جديدك السردي الجامع بين الشعرية والخاطرة الوصفية والدراما ذات النفس الحكائي المتحد برهافته مع الحس الشعري البالغ التوتر..
ان استلهام التاريخ الروائي للحدث الواقعي بعيدا عن المباشرة التقريرية واكتفاء بمفرداته التي باتت
معلومة بذاتها حد خلودها في الذاكرة الجمعية بحكم دلالاتها العميقة على طبيعة هذا الحدث -الملحمة- جعل من هذا النص فعلا ابداعيا مبتكرا بالغ التاثير..
والذي اظنه ..بترجيح كبير..ان شعور اديبنا عبد الزهرة خالد بعظمة هذا المشهد العباسي النادر المثال كتفصيلية ذات اعتبار خاص من تفصيليات الحدث الكربلائي الملحمي التاريخي،هذه التفصيلية الضاربة في اقاصي الفخامة والمهابة والوقار الشخصاني المعبر عن اروع الضمائر الجمعية للايمان النقي الصلب قاد الى نوع من الاحساس بالحرج ..المعلن ضمنيا:
،،،
منذ اليوم الاول،
تلوذ كلماتي
خلف ستائر الحياء
وحمرة الخجل..
،،،
حد الشعور بتواضع الاداة التعبيرية بكل قواها الابداعية الفذة بإزاء شخص البطل القيمي العظيم في جانب ،وبموازاة الحدث التفصيلي كجزء ضخم من المشهد العجاب الهائل المروع ذي الاثار الاخلاقية المتصاعدة رويدا..
،،،
جئت اقود قطيع التعابير
كقرابين لفجر ذكراك
،،،
هذا الشعور بهوان اللغة او ضعفه عن خلق الكائن الابداعي المقابل او على الاقل الموازي كمحاولة لصياغة مقاربة تعبيرية من اي جنس كان ،هو..واعني الشعور بالتواضع الحقاني..الذي قاد الى هذا الطراز من الافعال الادبية التي يصعب فيها ترجيح جنس من الاجناس على الاخر..
طبعا ،محسوسة جدا يا استاذ عبدالزهرة العزيز حالة التقاط الانفاس ،واسترجاع لحظة البدء بغية الانطلاق من جديد في منتصف النص مما عزز احساسنا كمتلقين ..من نوع ما.. بلهفتك وربما حصول نوع من الانتظار الصامت،شحنا لاستكمال دورة حياة هذا السرد البديع الذي يتحرك على مجموعة من الحافات التعبيرية التي تتمناه جميعا
،لولا ارجحية شعريته الباذخة،التي اثبت فيها مبدعنا بما لايقبل الشك،انه كان يفكر بطريقة فنية انفعالية استشعارية ،وليست عقلية او تقريرية جافة ابدا،بل كان اثره واضحا حتى على رؤيتي شخصيا ،بدليل شدة انتباهتي ،وتوقفي الطويل نسبيا قياسا بتعليق متسارع على نص ابداعي مميز وحميم..تقديري الكبير..
 
رد الشاعر عبد الزهرة خالد
عبد الزهرة خالد بالغ الشكر والامتنان لهذه القراءة النقدية الرائعة للموضوع الذي أضاف للموضوع اطار من ذهب وجمالية في منتهى الروعة
تحيتي لك من الأعماق متمنياً لك الموفقية والنجاح الباهر..
سعادتي معرفة شخصكم النبيل..
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق