السبت، 22 يوليو 2017

يوميات اسماعيل / ٤ بقلم / الروائي جمال قيسي

يوميات اسماعيل / ٤
 
 
( لازالت تتوجس خطاك. العماء ،،، توهم نفسك بطريق -المهم ،، شعور اللاشعور ،،امر يغمرك ،،
لعل ( حنبص ) قد نقل اليك بعض من طاقته بالحث،،،
لكل شيء ثمن ،،،عليك ان تتقبل العواقب ،،،طالما تبحر في القاع ،،
هذا الإحساس ،،العدمي ،،اكثر من رائع ،،)
سرقته ذكرى قديمة عندما انخرط ،،في احدى الطرق الصوفية ،،،وتذكر خيبته الكبيرة " ياخيبة الحلم الذي مد لي أذرعا " في محاولة يائسة للتوهم بمعرفة الحقيقة
( اللعنة ،،حنبص قدرته اكبر من ذلك الشيخ الأرجوز ،،- ترمي نفسك بالاقاصي ،،دون حسبة ،،تلك الأوقات ما أجملها ،،أهدرتها على غير وجه حق - اي مجنون يقضي بالبحث عن الحقيقة في الجبانة )
كان اللقاء الاسبوعي لحلقته الصوفية ،،،في يوم الخميس من كل اسبوع في مرقد ( الشيخ معروف الكرخي ) ،،يهم بالذهاب مبكرًا ،،قبل حضور شيخ الطريقة ،،،ويقضي اكثر من ساعة متجولًا ،،بين القبور،،يمارس لعبته الأرشيفية بقراءة الشواهد ،،وجملها المختصرة،،، اغلبها،،ولد في ،،توفي في،،،،،
،،( الناس علب معدنية ،،لحم معلب ،،
وهذا الدليل ،،تاريخان فقط ،،الانتاج ،،ونفاد الصلاحية ،،
وبالطبع اسم المنتج ،،مع فارق بسيط،،يضاف " كل نفس ذائقة الموت ،،،" ) ،
كان في حينها،، يرحل خياله بعيدًا ،،في استحضاره ،،لوقائع من حياة ،،كل ميت افتراضيًا،، كأنه يتناقل بين حنايا متاهة ،،تشعل في داخله البهجة والسرور والهيبة والرهبة الغير مفزعة ،،هو الموت الأبقى من الحياة ،، كأن تدخل مقبرة مثل الجنيد البغدادي،،
يكون يسارك مرقد يوشع بن نون ،،قبة وأقواس قديمة مفتوحة باتجاه الشرق فيها قبر عظيم ،، هناك روح عليا تأسرك ،،وتشعر انك جندي صغير بحضرة ملك جبار مع ان المكان متهالك وغير مبهرج ،،طابوق حجري موغل في القدم لكنك في عرش ملكي حقيقي يقابلك في الجهة الاخرى مرقد بهلول الكوفي الذي يبث عطرًا ،،ان من يرقد فيه رجل حقيقي ،،وقبل ان تدخل يمينًا الى مقبرة الجنيد يواجهك قبر ابو نؤاس ،،هيبة المكان تطرد الصورة الماجنة ،،( بالتاكيد تحول الى احد الصالحين ،،من عشرته في هذا الرواق مع الجنيد والبهلول وابو العتاهية ،،واخرين كثر ،،،) ومقبرة. الجنيد اشبه بالواحة بسياجها المستدير وكثرة النخيل والاشجار والزهور "روح وريحان " ،،تزيل عن روحك كل الادران التي علقت بك من المدنية الزائفة ،،يتوسطها مرقد الجنيد والسري السقطي ،،في مسجد صغير
اما. ابو منصور الحلاج،،والذي يستوجب منه الامر لزيارته الخروج من المقبرة ،،في طرفها الثاني من جهة معروف الكرخي بحكم الدور السكنية الفاصلة بين مرقده ،،والمقبرة
( ماذا ،،فعلت يا ابو منصور،،،الم يكتفوا بصلبك ظلمًا،،،ليمتد بك العقاب الى ان تنفى وانت ميت،،،اي قوم نحن - محترفين في الاقصاء - لأنك شغيل كادح ،،،بروليتاري إسلامي ،،،تم التنكيل بك ،،أردت ان تخبرهم بان الله ،،قريب جدًا من الانسان،،وليس بيروقراطي اشعري ،،،هو قابع في الآلام وآهات الفقراء وأوهامهم ،،وليس في جشع الأغنياء ،،او في ظلم السلاطين ،،،
انهض يا سلطان الزمان،،لترى،،،كم تبعك آخرين بنفس التهمة،،،هذا شقيقك ( فهد ) مثلاً،،،)
كانت المسافة كليومترًا تقريبًا بين طرفي المقبرة ،،الطرف الاول ،،يتربع فيها مرقد الجنيد والسري السقطي وبهلول الكوفي ويوشع بن نُون وابو نؤاس ،،والطرف الثاني معروف الكرخي والحلاج وابو الثناء ،،،وبينهما ،،يرقد كل تاريخ بغداد،،مع اغتراب البعض ،،في مقابر الهاشميين او المقابر المستحدثة ،،اما التموقع غربًا او شرقًا ،،شمالًا او جنوبًا ،،هذا امر فيه ،،تيه حقيقي ،،ما أن تدخل هذا الرواق،، هناك شيئان لامعنى لهما،،،الزمان والمكان،،، سُرَّة وجودية عمقها كون مطلق ،، شيء ما قطع الحبل السري بينها وبين الله،،، لكن بصمته لاتزال ظاهرة،،،غائرة فينا،،،
مكان السُرة فينا،،دليل ،،يتخطى الظرفية،، استذكار بحقيقتنا ،،قبل تشكل العوق،،،
الوعي عوق،،،التنكر للإله ،،سببه الوعي
( كل شيء تحكمه الظروف ،، يصبح حالة مستقلة بذاتها ،، ظاهراتية على نهج هوسرل ،،
اما الروح وحياتها،،،وتعالقها الكوني ،،،فانه أمر اخر،،،يتخطى كل زمان ومكان. ،،،
يتجه وعيك الى الداخل،،لتظهر هذيانك،،،
انت مجتر لعين
لأنك تطوي صحراء ،،أيامك ،،وأحلامك
يا اسماعيل ( خذ الكتاب بقوة ) ،،تمسك بما تبقى من وعيك،،،
لا تدعه يتداعى ،،، فقط جدار صمتك،،،
احفظ سيرة ،،المهمشين
لأنهم منك ،،وانت منهم
سيقولون . " اسماعيل منا آل البيت "
ثقلك النوعي،،سيودعك القعر،،
ليس مثلك ،،يطفو
لتتعشق مع آلامهم ،،
ومن قال ان حنبص يتألم ؟!!،،،،
ربما علينا،،ضميره مرهف
متورم إنسانيًا ،،
أليس ،،حنبص ،،اكثر قربًا بالإله ،،من ذلك الشيخ المتعجرف ؟!! ،،الذي يتصنع التواضع،،،مع انه مصعر الخد،،
متطاول أبله ،،،،
وانا الاسوء والأكثر حماقة ،،،لأني ،،أخضعت كلي،،،لهذا الهراء
الناس ثلاثة أصناف ،،لاغير،،،في تعاطيهم مع الحياة ،،، اما سلبي او إيجابي ،،،وبعض المتصوفة ،،او مدعيها ،،هم الأكثر سلبية،،تبرير وخضوع وشرعنة للاستغلال،،،
اما الصنف الثالث ،،وهم الأكثر نقاء،،،اشبه بالأوزان المعيارية المختومة ،،،هم حنبص وقبيلته ،،،الذين تصادفهم في كل مكان ،،العمال والكسبة ،،المهمومين برزق يومهم ،،والحصول على رغيف خبز ،من عرق جبينهم ،،ومع وجعهم ،،هم اكثر رفعة من الآخرين ،،لانهم متصالحين مع أنفسهم ومع الحياة،،
من شدة نقائم،،،رفع الله عنهم التكليف،،،والوعي الزائف الذي ندعيه ،،
يا اسماعيل ،،لازلت حلزوني التفكير،،،والسلوك
تريد ولاتريد،،،وبالنتيجة،،لاتحصل على شيء،،،)
يمر بنفس الأماكن ،،مع انه لا يشعر بالملل ،،من التكرار او تداعي الأبنية
،،،( بعض المنشأت المدنية تكتسب الروح،،سواء بريازتها،،او ارتباطها بلحظات تاريخية ،،مشرقة ،،إذًا القضية شرطية ،،ولكن هناك بعد خطير،،،وهو المضمون الجمالي وقيمته ،،وهذه تحتاج الى تأسيس وتراكم قيمي ،،الانسان هو القيمة العليا،،وهو من يكسب الأشياء أهميتها ،،وخاصة منها ما يرتبط ،،بهويته ،،وعندما لا تشكل الامكنة بيئة عدائية لوجوده ،،تتحول الى ملاذ روحي ،،
وحنبص ومن شاكله ،،هم الاثرى،،،،لانهم يشعرون بأنهم يمتلكون كل الامكنة في حيزهم،،،ولا تضيق الحياة بهم في مكان محدد،،،ملكية مطلقة ،،،فحنبص لا يتصارع مع الآخرين من اجل حيّز صغير،،او يفرد صبغة الملكية،،وإنما كل المكان له،، بمطلقه،،،ولا يتصارع من اجل لقمة العيش والملبس ،،او مكان النوم،،،فهي متوفرة له ،،تحصيل حاصل،،،،مهمته الكبرى التجوال والتمتع في حيزه الحيوي،،اشبه بالملك الذي يتفقد ارجاء مملكته،،،
وفق هذه الصورة ولدت المعجزة اليونانية ) ،
جمال قيسي / بغداد
فهد/ يوسف سلمان،،سكرتير الحزب الشيوعي العراقي والمؤسس الحقيقي له،،اعدم من قبل نوري السعيد بمحكمة صورية،،وعلقت جثته في ساحة المتحف لمدة يومين،،،
 
 
التعليقات 
 
 

Radhi Shakir  ربط راءع بين حلاجنا وفهدنا ، ومازالوا يمجدون السعيد، لان من علق وصلب الحلاج هو ذاته الذي علق فهد، ها انت تطرق بابا مهما في توثيق الحقاءق والمشاعر ، سلمت يدك
 
Jamal Kyse تحياتي استاذي العزيز،،،وشكرًا على توجيهاتك القيمة ،،والتي اعمل بموجبه

 
Shaker Radhi أستاذ Jamal Kyse انت مبدع من طراز خاص، وما اطرحه من آراء وملاحظات إنما تنبثق من رؤاك وتصورراتك، واسلوبك الذي يجمع ما بين فلسفة الأدب وواقعية اللغة، والتعمق في سبر أغوار مشاعر الناس من حولك، وفي كل زاوية من زوايا الحياة
 
 
 
آفاق نقديه جديدك البليغ من الناحيتين المنهجية والتوعوية،يكمن عميقا في قدرتك على توظيف الفكر بكل موسوعيته وشموله وتاريخه في سياق فعل سردي ابداعي ..
ومعلوم ان مثل هذا الالتفات العالي الهمة ليس سهلا من الناحية العمليه..
ولكن ما سهل مهمتك الكبيرة ويسرها هو ما اشار اليه الاستاذ الدكتور Shaker Radhi الموقر،والذي اختصر علينا طريق الشرح والتفصيل حيث وصف شغلك الروائي بانه توثيق للاحاسيس والمشاعر..انما اردنا هنا فكفكة هذا المفهوم الفذ بالقول ان الاستاذ الكاتب ابا سرى Jamal Kyse قد اذاب المفاهيم الفكرية النافرة بل الحادة الزوايا ،في ذات المفهوم الذي اشار اليه الدكتور راضي الجليل..
وهذا بالتحديد ما اردنا التنويه والاشارة اليه..
ان نهبط بالفكر العقلي والفلسفي المجرد والايديولوجي المعقد والتنظيري المعمق ،نهبط بها جميعا من ابراجها العاجية العالية الى قاع الحياة بحيث نحيلها الى كينونات حية حركية وفاعلة من خلال حل مادتها الخام في كاس المشاعر الإنسانية العامة ،بحيث باتت افعالا بشرية عادية ..اعتيادية..يمكن ان يفهمها او يتواصل معها الإنسان بجميع شرائحه..او حتى طبقات وعيه..بشكل بالغ السلاسه..
واذا كان كاتبنا الكبير قد اجرى مسحا سوسيولوجيا للبيئة البغدادية خصوصا والعراقية عموما في روايته المهمة الأولى ..نساء المجرة..فهو هنا ينطلق منها الى مبحث روائي وسياق حدثي حداثوي،اوغل عمقا واكثر اشتمالا على مجسات الشعور الانساني بكل خيباته واشراقاته واحلامه واماله واحزانه وافراحه في إطار من الحدث السردي المبطن باعمق احوال الفكر التنظيري والفلسفي الذي اشرنا اليه آنفا..
بقيت علينا الاشارة الجديرة الى ضرورة التركيز العالي خلال متابعة مثل هكذا انماط قصصية موغلة في اعماق الفكر في جانب والنفس في جانب والإجتماع في جانب،بعيدا عن اية ازمة او موقف مسبق ،حرصا على هذا النوع المطلوب من الانسجام المغني والمفضي الى اعظم مستويات تحقق طرفي المعادلة الابداعيه..
اذكر انني قرات مرة ظاهرة غاية بالغرابة:( ان الانجليز،وحتى النخبة الامريكية ،حين يقرؤون ..جيمس جويس.. كانوا ينودون وهم على مصاطب الحدائق العامة رواحا ومجيئا بنصف اجسامهم ،بالضبط كما يفعلون حين يقرؤون الانجيل!!..)
ذلك بحثا عن اعلى مستويات التواصل والإلتحام،بحكم كون نصوص هذا الكاتب بنية حمل مبركنة بمزاج هائل من الفكر والنفس والمجتمع ..
مسرور بك ومنك جدا اخي ابا سرى البارع..بارك الله يراعك ..قبلاتي على صدغيك..من اليمين ومن اليسار..ايها الغالي..والسلام..
 

Jamal Kyse سلمت لي اخًا وصديقًا وقبلهما أستاذًا ،،رائعًا،،،تحياتي

 
آفاق نقديه استغفر الله اخي وزميلي..هذا حقك ايها الكبير ابو سرى..
 
Jassim Alsalman يبدو ان كاتبنا وناقدنا المبدع اباسرى
قد اخذنا وبدون سابق انذار الى عالم مدهش هذا العالم الحنبصي الحلولي المفرط الذكاء القوي الحجة،،ويبدو ان اختلاف الافكار او صراعها بين مدعي الدين وفلسفة حنبص وبقية عناصرها البنائية عبر التجلي الذي يحصل على اطراف العا...عرض المزيد
 
Jamal Kyse ما أسعدني بك صديقي،،،،المهم انت بهذا التعليق قد أزلت قلقي على صحتك،،،وعودتك الحميدة ،،الناقد الكبير والصديق العزيز جاسم السلمان،،تحياتي

 
 
Naim El Moallem القمة العراقية/لافاق نقدية/المبدعة تستحق من كل تقدير واحترام. فهي صوى تضيء الطريق للمهتمين بالنقد الحديث اليساري الواقعي. وهي تاخذ بي المبتدئين. قتعرفهم///وتبذل فيذلك مجهودا جبارا/ تعرفهم على ماخفي عليهم في النص منوالغموض//الباطني والرمزية// وهكذا يتمكنون من فهم الواقعية اليسارية الجديدة التي تواكب حياة البلوتاريا. شكرا للمبع القيسي ولجماعة افاق نقدية وتحية شكر وعرفان

 
Jamal Kyse شكرًا استاذ نعيم الرائع،،،تحياتي

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق