الخميس، 27 يوليو 2017

الروائي جمال قيسي في حوار الاقنعة والاسقاط المتبادل بقلم / الناقد غازي احمد ابو طبيخ الموسوي

الروائي جمال قيسي
في
حوار الأقنعة والاسقاط المتبادل:






 .............................
.............................
لم ينجح ناقد متخصص بالشان الابداعي الادبي والفني في تأويل الأحداث واستبطان الشخصيات والكشف عن الدلالات الفكرية والنفسية والإجتماعية كما نجح عالم النفس المعروف سيجموند فرويد عبر تحليله الفذ لروايات الكاتب الروسي الكبير فيودور دوستويفسكي ( الاخوة كارامازاوف وراسكولنكوف والرجل الصرصار) مثالا..
بيد اننا سنسلط الضوء هنا على تاويله العبقري لشخصيات واحداث ( الجريمة والعقاب ونعني ..راسكولنكوف..) لما لها من علاقة بدلالات شخصيات واحداث ( يوميات اسماعيل) التي نحن بصدد متابعتها للروائي الكبير جمال قيسي..
فقد اشتغل فرويد مع الجريمة والعقاب بمنهجية معاكسة او موازية لمنهجية دوستويفسكي ،ذلك لان الاخير عمل على منهج تفكيكي استعاري يستعصي كثيرا على المتلقي الإعتيادي،بل واستعصى كذلك على المحترفين من النقاد كما اسلفنا آنفا،حتى وضع فرويد راس سبابته على اسلوبية هذا الروائي الفذ في السرد من خلال فعلين باهرين:
1- التحليل الدقيق لكل شخصية من شخصيات راسكولنكوف المختلفة الى حد بعيد ظاهرا..ولسنا بصدد التفصيل هنا..
2-البحث الفاحص الدقيق عن الجذر (السيكولوجي والسوسيولوجي) لكل شخصية على حده ..
*فبماذا خرج في النتائج النهائية ?
خرج فرويد بالنتيجة المحورية التالية:
إن جميع الشخصيات الفاعلة في النص الروائي ليست الا تجليات للشخصية المحورية التي تحوم حولها كل الاحداث وكل الشخصيات ،ونعني شخصية ..راسكولنكوف نفسه!!..
بمعنى انه اشتغل بهدف لملمة صفوف الشخصية التي قام الروائي بتفكيكها بشكل عبقري بارع وغامض جدا ،فخرج بما لم يتوقعه احد من الباحثين اللهم الا خالق النص وحده..
وقد اثبت هذا الكشف الكبير عمليا بالادلة والمتابعة الحثيثة الثاقبه..
*فماهي الصلة بين المنهجين اذن :
...................
ونعني منهج الجريمة والعقاب ومنهج يوميات اسماعيل?..
وبعيدا عن الاسهاب غير المجدي في مثل هذا المجال المحدود نقول:
ان حلقة الوصل بين المنهجين تكمن في ان جميع الشخصيات الاساسية ذات صلة بالبطل المركزي بشكل او اخر..كما وان لها صلة اكيدة بالمؤلف نفسه في ذات الوقت..
فإذا كان دوستويفسكي قد عمّى علينا صلة شخصياته ببطله اولا وباعماقه الدفينة وذاكرته العميقة ثانيا،فإن القيسي قد اعلن عن وجوده بل وحضوره الفاعل والحيوي باعتباره الراوية المحوري،وإن كان كل من اسماعيل وحنبص مرايا شرائحية بالغة الذكاء يرى فيها كل ما امكنه الوصول اليه من اعماق نفسه في جانب ،واعماق مجتمعه بكل حيثياته وتفاصيله في جانب اخر..فكل منهما يمثل شرائح واسعة من المجتمع المحلي والعالمي ايضا..
ولكنها في كل الاحوال..واعني شخصيات واحداث اليوميات القيسية..شديدة الإرتباط بدخيلة الكاتب واعماقه الدفينة ..بحيث بات يتبادل معها المشاعر والاحاسيس والافكار من خلال حوارية شاءها ان تكون مشهدية تعج بالإسقاط المتبادل فكريا ونفسيا..فهو ..غير المسمى بأسم محدد في النص..عنصر الروي السارد،اما مراياه وعناصر حواره واستنطاقه فهما كل من اسماعيل وحنبص..ليخرج من كل ذلك بخطاب تحليلي معاصر بالغ الحداثة وفق منهج سردي بعيد كليا عن منهجية دوستويفسكي ذات الحبكة الروائية التحليلية النفسية ولكنها لم تخرج عن بنيوية القص المعروفه في ( المقدمة والتصعيد والازمة والانفراج والحل حتى الخاتمه) ..في حين كان منهج القيسي مختلفا تماما ،معتمدا بالاساس على اسلوبيتين بارعتين متوائمتين ومتوازيتين يتحركان معا سويا وفق بنيوية متقابله ومتحدة في نفس الوقت ،متقابلة في السرد ومتحدة في الغاية وهما:
1- ترجمة الحياة المُحدَّثة التي تقارب اسلوبية المجس الصحفي التي عمل عليها ذات يوم عميدنا الدكتور طه حسين في ..حديث الاربعاء..انما هنا عند القيسي فهي مشبعة مفعمة بانفاس ..ميللر.. مرة و..جويس.. مرة وكل مخزونه الثقافي الثر مرات ومرات..بما يخلق لنا فرادة جامعة مانعة قوية الحضور ،شاخصة للعيان..
2- القص الانثيالي الكاشف لكل ماحوله سلبا وايجابا بشكل باسل وجرئ من خلال الدفق الرؤيوي وحركة الشخصيات و(البيئة السردية الواصفة الحداثوية الاسلوب)..
شخصية الباحث المفكر ومرايا الحوار:
.............................
رب سائل يسال عن السر الذي يقف من وراء دخول شخصية الراوية بهذا الثقل الكبير المعبر عن الكاتب نفسه ?!.. نجيب بالقول:
ان وجود مثل هذه الشخصية في يوميات اسماعيل ..موضوع البحث..تستدعيه ضرورتان فكرية وابداعية في ذات الوقت:
1-محاولة جادة لتجديد فن السرد المعاصر من خلال اسلوبيات مبتكره..
2-إدارة الحوار الروائي من خلال خلق ( ربننة او كونترول يمسكان بدفة السفينة منذ البدء حتى الختام وفق نوع من ( الديكتاتورية المبدعه) حرصا على جانبين:
الاول: محاولة ضخ كل ما امكن من المخزون الثقافي الانسكلوبيدي عبر فعاليات الروي ذاتها ،وفق منطلقات فكرية وغائية يحرص الكاتب الكبير على ايصالها بدقة فكرية عاليه..
الثاني: الحذر الشديد من اية حالة للتشظي او التسيب في الخطاب السردي او امساك الشخصيات اوتصعيد الاحداث ،بحيث تتحرك جميعا وفق حرفنة جامعة مانعة وهادفة في نفس الوقت..
* مطالبة واحدة كنا نتمناها تتجسد في ضرورة بث اكبر قدر ممكن من الحركة والحيوية والفاعلية في شخصيتي الحوار المركزيتين الساندتين واعني اسماعيل وحنبص ،بحيث لانكتفي بالروي والوصف ونقل فكرة عنهما وانما ان يدخلا عمليا في مجمل الفعاليات الحركية الميدانية بما فيها الحوار المقابل..
مع اننا نلتمس العذر هنا للكاتب الكبير،كونه حريص على الايجاز في محاولة لعرض وجه التحربة الاول،موقنين ان اعادة خلق النص قبل طباعته ستمنحه الكثير من الاضافات التعميقية والحركية والتوسيعية ايضا..
كما ونعلم ان غايته الاساسية من طرح النص هنا هي محاولة لتلمس هاجس المتلقي نخبة واعتيادا،بحكم وعيه الكبير وصدره الحضاري الواسع..تقديري وبالغ اعتزازي..
غازي ابوطبيخ الموسوي



 
 
التعليقات
 

علي.ابو.ضحئ الجعفري تحليل عميق. لنص الاستاذ جمال.
 
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه الفنان المبدع والكاتب المسرحي العميق الاستاذ علي.ابو.ضحئ الجعفري العزيز..لو تعلم كم يسعدنا هذا التواصل الحميم..خالص الوداد وعميق الاحترام ،ايها الغالي..تحياتي..
 
جلال سعد استمتع بالقراءة التحليلة النقدية الكاشفة لمزيد من طبقات النص دائماً فلماذا لا تشبعونا بمزيد من هذه القراءات لمزيد من النصوص ولكم كل الشكر.. ؟
تقبلوا محبتى والتقدير
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه في حضور الوعاة المعمقين امثالكم حافز كبير يجعلنا نشعر بوجود ضرورة وجدوى لمثل هذه الحوارية الثقافية عزيزنا المبدع المميز الاستاذ جلال سعد الغالي..تحياتي وبالغ تقديري..
 
غسان الحجاج مقارنة تحليلية رائعة بين الأسلوبين لدوستويفيكي والقيسي في حوار الاقنعة والإسقاط المتبادل كما جاء بالعنوان الجاذب للمتلقي ولا اعتقد ان احدا سوف يكتفي بقراءة واحدة للاغتراف من السلسبيلُ الفكري النير الذي أجريته هنا من هتون وعيك الأدبي ...
دمت عميد افاق آفاق نقديه
مع فائق التقدير وأرق التحيات
 
Naim El Moallem الاستاذ الكبير الناقد/غازي الموسوي/سعيد انا بمعاصرة قامة عالمية عميقة الثقافة. تاخذناالى رواية//ديستوفسكي/الجريمة والعقاب. ويحيطنا الموسوي بدقائق نفسية كما انه يربط سلوكيات اسماعيل/عند /القص الكبير//القيسي///دون مجاملة نحن بحاجة الى امثال ///الافاق النقدية//فمن خلالهم نطل على العالمية. عند الواقعية الاشتراكية بمقارنتها بالا داب البورجوازية. في العالم ايضا. نتمنى ان يفسح المسؤولون عن القطاع الثقافي في العراق وغيره من تمكين /غازي الموسوي//من نشرهذه الاراء المؤسسة والتي تقعد لنقدنا العربي في قابل الايام/
 
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه الصديق العزيز والزميل الفاضل الاستاذ Naim El Moallem صاحب الرؤية المعمقة للمشهد الثقافي العربي ..اسعدنا كثيرا هذا الحضور المضئ ايها الاخ النبيل..نحن في الواقع ننتفع كثيرا بتواصلكم الواعي والمحترف معنا ،داعين لجنابكم بالخير العميم..كل الاحترام والمحبة ،والسلام..
 
حسين ديوان الجبوري جميل أن تشعر في الظﻻم هناك من يحمل المصابيح ليعطي اطﻻلة ضوء حتى ﻻ يتعثر من امثالي بعض منخفظات الطريق الطويل
هكذا ارى جهود السيد اﻻستاذ شيخ اﻻدباء غازي احمد ابوطبيخ عالية الجودة بالغة الدقة تشعر وانت تقرأ الكم الهائل من الجهد والتعضيد والمقارنة بين اﻻف
كار الفرويدية وبين افكار مؤلف الجريمة والعقاب وكيف استطاع ذلك العالم الكبير فرويد ان يفند الشخصيات اللاعبة في الرواية وكأنه هو من كتبها وليس من نقدها.
اما اخونا الكبير ابو سرى روائي من الطراز اﻻول ولكن حين تلتقي به شخصيا تجده متواضعا جدا ومن حسن حظي اني التقيته ذات يوم وسوف التقيه مرة اخرى لعملي القادم طبع ديواني اﻻول الخاص.
نرجع لما للرواية من تأثير على المتلقي وخاصة عندما تشعر بقرب هذه الشخصيات من المجتمع .
وهنا او من هنا يأتي دور الناقد الفصيح ان يزيل الستار عن بعض الغموض في الرواية فنينا وبناءا واستكماﻻ لشروط الرواية وهذا الفن النقد هو عباءة خاصة كما القاضي يرتديها في حالة النطق بالحكم وهذا انت سيدي الغازي الناقد الكبير.
تحياتي لعمﻻقي العمل راويا وناقدا
 
 
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
             آفاق نقديه
الاستاذ حسين ديوان الجبوري الذي يحلو لي كثيرا ان اختصك بتسمية ..الشاعر الطيب..وربما ستسنح لنا الفرصة لتبيان غايتنا من هذا المركب الجميل..شكرا لهذا التواصل ايها الاخ الحبيب والصديق الغالي..
 
Jamal Kyse ان تكون ناقدًا ،،تلك مشكلة كبيرة عندما تحاول ان تقرأ ،،احد نصوصك،،،وخصوصًا اذا كان النص من جنس السرد،،فمن من اين لك ان تمتلك الحيادية الصارمة،،،وهذا ما ما قام به ستاندال ،،وبروست،،،وحتى اليوت،،،انا وربما ،،دراسة استاذي غازي ابو طبيخ لبعض المقاطع من عمل روائي ،،في طور التشكل ،،كانت السبب لأفصح عن هويتي،،فأنا ناقد ادبي روائي بالدرجة الاولى،،تخصصي النقد السردي،،وعندما أعكف على قراءة بعض النصوص الشعرية،،،فانما اقرئها ،،وفق نظريات السرد،،من هنا عندما اكتب نصًّا روائياً ،،أبقى مثل التلميذ ،،لان شخصية الناقد الروائي تقبع في داخلي،،وانتظر،،رأي الآخرين ،،لكن يعتريني الخوف،،عندما يتصفح او يقرأ ناقد محترف ،،نصي ،،او روائي،،،ولا اخفي سرًا اني منذ ايام افتح ،،صفحة الاستاذ غازي ،،لأرى ،،درجة أدائي ،،والحمد لله يبدو اني نجحت،،وبدرجة لا احلم بها،،اما فيما يخص ،،الملاحظات التي ابدها،،،فحتمًا ستكون في الحسبان ،،
شكرًا سيدي،،،انا صاحب مشروع عراقي روائي ونقدي،،،أنحت أسلوبي ،،من اوجاع كل العراقيين،،،مع رؤية لكل الإبداعات العالمية،،سواء في المنلوج لدى الكبير ديستوفسكي،،او تيار الوعي لدى جويس ،،وفرجينيا وولف،،مع استحضار لأسلوب الرواية الحديثة التي تعتمد على الوصف،،،وفِي الرواية الكثير من الحوارات ،،ربما سأنشر مقاطع منها،،او عند الطبع،،،
كانت دراستك إكليل ورد،،توجت بها رأسي ،،وزادني شرفًا ورفعة ،،
 
  
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه
نحن محاصرون جدا بالميقات والمجال يا ايها الزميل المفخرة استاذ جمال العزيز..وتالله ما اخذنا من نصك الكبير الا شريحة واحدة حاولنا فيها الإجمال وليس التفصيل..فالاصل في المشروع كتاب كامل يختص بك وحدك..ليس لانك صديقي لا ..على الإطلاق..ولكن لانك تستحق ايها النابغ الخلوق الطيب..اساله تعالى ان يمنحك فرصة استكمال مشروعك الكبير الذي افهمه عميقا..لقد بذلت مجهودا هائلا في استكمال عدته وعدده..واظنه الان اصبح جاهزا للتحقق بإذنه تعالى..اسعدك الله الواهب بإنجازه كاملا اخي
وصديقي وزميلي الذي افخر به من كل قلبي،والسلام..
 
إياد الشاوي ليس هناك لحظة اروع من لحظة اقرأ ما تكتب استاذنا العزيز ، بهذا البيان واللغة المنسابة بلا تعقيد او تشتيت ، فقد امتزج ابداعك بابداع الاستاذ القيسي فكنتما بحران تلتقيان.
دمت بالف خير
 
غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه الغالي الودود الاستاذ اياد إياد الشاوي العزيز..ولا اروع من هذا التواصل الغالي على قلوبنا صديقنا المبدع الحميم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق