السبت، 9 يونيو 2018

لمحات من الحوار المباشر بين الناقد غازي احمد ابي طبيخ الموسوي والشاعر عبدالنور الهنداوي

لمحات...
من الحوار المباشر ،
بين الناقد والشاعر :
.................................
آفاق نقدية : العزيزة الغالية..
وانا اتصفح رأيكم تنازعني امتطاء الكلام الآسر الذي فيه كل هذا / رأي فيه من الخوف ما جعلني اقول أحقاً آفاق نقدية تراني هكذا؟
_ كل الإحترام _
.................................
الى الشاعر عبدالنور الهنداوي..
................................. ..نعم ايها المبدع الصادق..
إن الفارق بيننا وبين غيرنا ايها العزيز يتجسد محورياً في ان زاوية نظرنا لا تتسم بقسر المعطيات في جانب،كما ولاتفرض زاوية نظرها الخاصة في جانب اخر..
هذا يعني،انها زاوية نظر متحولة بحسب مناهج النصوص ذاتها..
مثلا..من يكتب على " لوكاتش" نذهب اليه من زاوية نظر لوكاتش،ونحاكم النص على اساسه..طبعاً هناك مشتركات اتفاقية،اهمها الانتماء الى "الادبية والشعرية"،فكلاهما لايمكن مطلقاً المساومة عليها او التنازل عنهما بأية حال من الاحوال..والامر ذاته ينطبق على زاوية نظر بريتون السوريالية ايضاً..فمن يكتب متداعياً حراً،لاتجوز معاينته من لوكاتش ،وانما نروح اليه من فرويد وبريتون ورامبو..مع اشتراط الشعرية والادبية الآنف..
هكذا نكون اكثر انصافاً واعتدالاً ومدنية وتحضراً..والا فسنكون من اصحاب (العقول الضيقة) التي يعبر عنها نبي النهضة الاوربية الحديثة " سافو نارولا"كونها عقول استاتيكية طاغية لاتقبل الحوار..
فإن كان هناك من لا يفقه طريقتك في البوح المنهمر الصادق..فذلك لقصور فيه،وليس في النصوص التي تحت المعاينة..والا فافضل كثيراً، لو اكرمنا بحسن اصغائه ،وتمام خلقه المتمدن النبيل..
نحن يا ايها الشاعر شكلانيون وتكوينيون ،بنيويون وتفكيكيون،وحتى بلاغيون في المبنى باحثون عن المعنى ايضا..اعني اننا قد ركلنا العُقَد منذ زمن بعيد..لا توجد لدينا اشكالية نفسية حينما يستدعي منا النص تفكيكا..وقد نلجأ الى غيره،في نص اخر يستدعي غير التفكيك مثلا..
ونحن حين ننظر الى مستوى النضج التعبيري المحتشد بدلالات الوعي الحداثوي،سنقف عندك طويلاً بكل احترام..ونحاول قراءة ماوراء هذه السطور الفخمة الناضجة السياقات باحثين عن المضامين والانساق،فإن عثرنا على مفاد كريم زاد تقديرنا وانحيازنا حد التوقير..وان حصل عكس ذلك ،كأن يكون النص الخاضع للمعاينة خزفياً استعراضياً مغامراً باللغة بحثاً عن معنى شارد علّ وعسى يرتطم به مصادفة ،فسنختار طريقين..
الاول : ان كان صاحب النص المجوف،الخاوي،رياضي الروح،مستعداً للاصغاء،باحثاً عن امكانات التطوير..فسنحاوره بكل اريحية ولطف ايضاً..
الثاني..ان كان صاحب النص ممن لاينتظر الا كلمة..(منووووررر..وراااائع..وماهذا المدهششش العجيييب) ولايحتمل الحوار العلمي الايجابي،فلسنا مضطرين لإيذائه نفسياً،خاصة وربما يحصل لنا ما لاتحمد عقباه ياصديقي.......
وفي مثل هذه الحال ،لانفرض انفسنا على احد..والصمت عن امثاله غنيمة مابعدها غنيمة..
يبقى الوجه الذي يخصك ياصديقي الغالي..
نحن باحثون عن الطاقات الابداعية الكبيرة التي ربما لايعرفها الكثيرون..وربما تكون مغمورة تحت ركام الزمن الجائر..وربما تعيش وسط هذا الضباب الكثيف الذي يتوهمه البعض ابداعاً..
لكن مثلنا من يرى نوره ولو كان قبساً او بصيصاً بعيداً في قاع العالم..
فليس معقولاً ان يسبقنا جدنا جلجامش قبل سبعة الاف عاماً الى اعماق العالم السفلي..او اعماق البحر..او اعماق غابات الارز..بينا مازلنا واقفين على سواحل الحياة بل هوامشها،وليس سواحل البحر حتى..
خلاصة الامر:
الموهوبون المغمورون المحاصرون بالميقات المضطرب المضطرم هم احق الناس علينا..لان الواهب هو الله..ومانحن الا خدمه،وليتنا نستطيع ذلك ولو بنسبة القطرة الى البحر..اذكر..بالمناسبة.. مقولة المعمدان .ع.:
" وما انا الا صوت صارخ في البرّية،مهّدوا طريق يسوع الناصري"..
افلا يحق لامثالنا ان نكنس الطريق بين اياديه بل وتحت اقدامه المقدسة..?!..
..............
النص موضوع الحوار:
...........................
ليس لنا إلاّ هذه الحياة
وللضرورة القصوى
أحاور صمتي // قاتلاً و قتيلاً
وأضع النار في وجهي // نيابة عن الخلود
نمت في الأزقّة
وابتغيت إثارة الأماكن المخصّصة لردم القطيعة
كنت صامتاً
أرصّع الورق / بالنعاس / وبالأشياء المفضوحة
كنتُ
أمام عرشنا الذي ينتظر نبض القلب
وأصابعنا المدقوقة بالتراب
هي شهوة تغوص في الصباح
أهرّب الرموش / وأصوّت مرتقبا // زائرة تمرّ
ويلي من المنفى
ومن أفق ينسكب في الرايات / لمجيء الدم / واستنهاض
الأعراف أمام الشحوب // والرؤس المنخفضة
عين الله التي لا تنام
تلوّح في لحمنا / كي تنير ما لُكْتُ من الطيور الفاخرة ،
وغبارها
جئت معبّأ بالشمس
وظهري دريئة / لما تقوله البراري
هكذا صارت الشجرة جسدي
ألملمها
وأحيانا
أخرج فيها للزمان وللضوء
أنام عميقا فيها
أسميّها بأسماء خَلَت من الفصاحة
وأعتذر منها لأنها اقتربت من الفجيعة
منذ ولادتي
وأنا أتخذ شكلاً ليس له علاقة بالبدن
ومثلما اندحرت أمام الحجارة
صرت أشبه الوراء
وكثيراً / أشبه الجمرَ
وقرع الفضاء الخارجي
كان ياما كان موج / وشمس غائرة بالمنِّ والسلوى
وما إلى هنالك من غبار التيّه
وكان // كلام / فيه نعاس // ونشيج يهرّ أمام أجساد حامضة
صورة على شكل حمامة
أودعها تارة
وتارة أطلب منها أن أكون مثلها
وأتكئ على سجادة منبسطة الأساطير
هي لغة تلادغها الأطلال
حيث أنت أبها القلب
شمس تفرّ
وقلبك قلبي يسيل باللذة المشتهاة
حيث لا أسئلة
فقط /// أماكن ممسوحة بالغياب
ففي كل فم
قتيل
ورؤيا // هجرت بهجتها
وصراخ ينتفض //
وأوثان تهاجم الشفاه بغتة
منهية انطفاء الأجوبة
لآغتصاب المعادن
حتى التوقف قليلاً أمام الخطوات
أشدّ برودة من أسئلة لا تهم
آه يا يد مبلّلة بالورد
المطر /باب / مفتوح / على بقاياي
وكفايتي من الخصوبة؟
ظفائر عجزت عن الإفصاح / ومداعبة الصمت
أشياء أعرفها كالزلزلة / وإيقاظ الحطب / وأستذكار الخطيئة
وضجيج الحركة
والسلاح الذي له طعم النزوات ، والصور المكرّرة
هي عبثية الخيال //
وتباين الأسباب / والحديث مع حجارة من ما قبل التاريخ
جبال كسولة
ووراء
أشبه بالقضاء والقدر
قتلى
وسياسات طواّفة // وإيقاع
وجاذبية مثل مجزرة
لقد طعنت أصابعي بالطين
وأضئت الدهاليز للعربدة
وتحدثت قليلا
قليلا جدا / باسم الأمكنة
فقط لدي فم واحد لاتّقاء الموت
أضعه بين يدي
أشاركه لحظة الأبعاد
أنحني أمامه / كما لو أنني غريب
يا ويلتي
كم جربّت انكسار الروح/ وبكاء حبيبة فرغت للتوّ من إلقاء تمائمها
محاولاً / تكثيف اللغة في قلبي
وشاهداًعلى بلاغة الإدمان
وحدي
واصلت ترميم أصابعي
وعبرت نهراً آلمه المسير
وحدي
فضحت عشقك يا شام بالسرّ
وبمستواي مرة أخرى
أقسم أنني وحدي
نزحت إلى الغفران
ورائحة الله
في القصائد التي ماتت / تكمن رائحتي
في لحظة البهاء/ هاهي صيحة مبحوحة // راقمة لمعتها
في النهوض
كل منّا يتجسّس على ثورته
يضيع في عروته الوثقى
سكارى / ونجلو رموز العقول الباطنة المولغة بالعراء
جُملنا البيضاء
في أسوار مدننا / اللاهثة صوب الطيران / لتحطيم ما تبقّى
من فصاحة الحق
في الأعراف التي حولتنا باتجاه اليأس
في لثغة الشعراء وأنين الفضاء الخارجي
_ با بلادي
يا أيتها البعيدة / المكدّسة في اللغة / والنار
ليس لي معرفة بالغياب
ولم أتعلّم بعد // ما / متعة التحرير وجحيم اليقين
_ يا بلادي
علمني الطير أن أتشابه مع خطوتي
لتكسير العرب
قايضت أشيائي / بأشياء لا أعرفها
واستبدلت رمادي
بأمي .. وبالآثام / وأسرّة الماء/ وطبقات الشعراء
هكذا ضغطت بيدي على وجه الماء
وكشفت عن سيقان الضحايا // وعن
جثث طافحة بالجغرافيا
ها أنا الآن أبحث عن تسوّل / وكهنة تغتسل بأقفاصها
ويلي
من عبث يختفي / ويستبدلني بأسئلة عن اللغز
منذ ولادتي
وأنا أرتجف
وأوزع بكائي على كل الأصابع الذكية
أنت أيها المجد
فوق الذرا المهولة
وأكثر أمانا من قسوة الأفكار
هذا ما وددت غسيله أمام الأشجار الضيقة
وأمام مجيء اللذة والكواكب السيارة
لا رهان بعد اليوم
لا أعراف حتى أتجاهلها
_يا بلادي
يا أجمل ماء
يا تفاحنا الذي كان رواية
قبل يوم أمس
عنفّت سياستي
ودققّت بالجذور
وضربت وجهي بما أملك من ضحايا
هي ظلالتي
جوعها الذي أناديه
أعتصم بالرياح / وبالهاويات
وأشتري أغاني شديدة البساطة
وأواري جفافي
خلف تراب ليس له بلاد
يا بلادي
وأنا أحاول أن أتكرّر كالغيم
عبأت فمي بالملح
وقلت
كن كما كنت
واحداً
واحداً
مثلما كنت طريداً
قادماً
للأمام
......................
رد الشاعر:
..............
آفاق نقدية :
مرة أخرى / لكم التحية والشكر في مفهوكم ورؤبتكم للمعايير والأطر التي يُكتشف فيها النص / ولأن الجلبة الثقافية هذه الأيام، هي كما لو أنها لعبة المومياء والدمية. ولأن رأيكم الذي طرح هو في لبّ الأرض الأدبية بدءاً من جورج لوكاتش ودريدا وباختين وفرويد وبروتون حتى السوريالية الجديدة.
آفاق نقدية الحبيبة: لن أستعيدفي هذه اللحظة الراهنة .. تلك الصور السوداوية لواقع الحال الإبداعي بمعناه الأعم. ولأنكم" توضحون " ماهية النصوص وتكتشفون أيضا، المستوى الإبداعي وحتى البنيويّ، إنما تعيدون صياغة بل قراءة النصوص مرة اولى وثانية وثالثة لكي لا يعيش المتلقي ذاك التصدّع الدراماتبكي في تقييم النص وأيضا في القراءة وفي الرؤى
في الرؤى التي طرحتها " آفاق" لا يوجد منتصر لديها سوى النص الإبداعي الحقيقي. لأن الشعر هو الطفل اليتيم الذي لم يتوفر له إلى الآن الناقد الذي يعطي رأيه حياديا. فحين سئل بروتون عن " ما هو الشعر" أجاب بسرعة : وقال الشعر هناكَ / أي في خصوصيته الشعرية وليس ان تكتب وتكتب / وهذا ما كان في رأيكم الواضح المهم، وإن دلّ إنما يدل على دراية معمّقة في فرز أشياء الشعر / اقول أشياء الشعر، لأنه الشكل الأمثل لتراكمية الأشياء حسبما يقول : باختين. مما جعلني أعرف ما هو المطلوب من قصيدتي وكان ذلك في رأيكم أيضا
ماذا نفعل إن لم نحيا لرؤية الغد؟ لا الوقت ولا المسافة يكسران الروابط / وايضا لا يوجد أسهل من تصديق القصائد السيئة وكما قلتم
( منور _ هائلة _ تسلم الأنامل _ سلمت يمناك الخ)
لقد أمضيت حياتي وأنا أتساءل ماذا يمكن ان يحصل لما أكتبه بل ماذا يحصل لقصيدتي /
ودائما وأبدا أغوص في عمقها لأقول لها: المنطق لا ينطبق على، الكل واعتقد جازما أن أكثر الشعراء والكتاب والمثقفين الذين أعرفهم او التقيتهم يضعون أقنعة متنوعة وكثيرة، يتسترون ورائها كي لا يواجهوا الحقيقة حقيقتهم المرّة بطبيعة الحال
آفاق نقدية : شكرا كبيرة لكم وكل الإحترام لرأيكم الفارع الطول العميق / شكرا....

.................................
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق