يقول النّفري : " كلما اتسعت الفكرة ضاقت العبارة " وهو قول – لعمري- صائبٌ , فالأفكار حين تكون عظيمة تعجز اللغة عن حملها . ومن يقرأ منهل حسن يُدرك أنه أمام شاعر أخذته الفكرةُ عن جوانب كثيرة في نصّه . ومن يريد إدراك نصّه عليه أن يقف عند محمولات هذا النصّ الفكريّة .
يبدأ منهل حسن نصّه برسم الواقع الذي نعيشه وبجملتين تغنيان عن الكثير من الكلام " الأرض مؤتزرة بحزام ناسف \ والعمر فتيل مشتعل " . ثم ينتقل للتأكيد على اللاجدوى من كل ما يحصل " ثلاث لبوات شرهة تطارد سلحفاة" .ثم يشير إلى تداخل الحابل بالنابل وعدم قدرتنا على التمييز بين الخير والشرّ , بين الأبيض و الأسود , فالكثير ممّن تقنعوا بالأبيض جاءت أفعالهم تشي بغير ذلك , وكم من أقوال ظاهرها خيروباطنها الدمار والهلاك . !!!
وعلى كلّ حال هو يدرك ذلك جيداً فهم " الأبيض والأسود " أغربةُ تسعى لهلاكنا " غرابان أبيض وأسود ينقران طوق النجاة ". وبمقتضى قانون " كَرْمَى" أو " الكارما" وهو قانون الجزاء . قانون الفعل ورد الفعل . قانون ماتزرع تحصد . ورغم أنّ الشاعر لم يزرع بل زُرِعَ له كما زرع لنا لكن علينا جميعاً أنْ نحصد . ولهذا يعلن براءته من الإنسان بالنسخ أو المسخ أو الفسخ أو الرسخ . المهمّ بالنسبة له هو الخلاص من نوعٍ متعبٍ مهلكٍ هدفه القتل و الدّمار .
(والنسخ : يعني انتقال النفس البشرية إلى جسد آدمي . والمسخ انتقالها إلى حيوان , والرسخ أنتقالها إلى نبات , والفسخ انتقالها إلى جماد . وقد فضّل الثيوصوفيون تعبير العود للتجسّد بديلاً عن التقمّص . والكلمة العربيّة الأكثر تداولاً هي التقمّص .).
الكون كلُّه غاضبُ من كلّه . والكلّ يصارع الكلّ والكلّ يعلم أنْ لا حياة له إلاّ مع الكلّ . مفارقات عجيبة يعيشها إنساننا اليوم في هذا الكون الفسيح الضيّق . هنا قتلٌ وهناك دمارٌ . البعض يقتات على دماء البعض , البعضُ يَغْنَى حين يَفْنَى البعضُ الآخرُ . اختلطت المفاهيم حدّ التعب . ماعدنا نمايز بين الأبيض والأسود ... الكلّ يسارع لهلاكنا . أغضبنا كلّ ما من حولنا ... أغضبنا السماءَ بكفرنا , والأرضَ بعهرنا وهذا البحرُ يموج هو الآخرُ غضباً و يسلبنا ما تبقّى من أمان حولنا .
أُعلِنَ النفيرُفخرجت الهوامُ بسمِّها القاتل والزواحفُ ( إشارة إلى الإنسان )فكثر التلاطم والتّزاحم و التّخاصم ... الهلاك قادمٌ والجمعُ غفيرٌ , وسفينةُ النجاةِ تضجّ بالزّحام . و الناسُ منهم من يبحثُ عن قِمّةٍ وآخرون يبحثون عن قُمّةٍيقتاتون منها ما يسدّ الرمق ويمسك الحياة .
ها..... جرسُ البدء يُقرعُ , والزّحفُ يسيرُ بعيون سكنها الرُّعبُ لذا بدت كعيون الأسماك ... القبطان نوح يعلن قدوم الطوفان ... والناقوس يُقرع . الناسُ تأكلُ بعضها , وإن أرادت خلاصاً فعليها أن تتعلم كيف تكون كالجنّ أو كالضوء في سرعتها للخلاص من مآزق الحياة وألغامها . والأفضل هو الخلاص من الجلد الآدميّ ... الأفضل أن نهجر ناسوت الإنسان بأيّ قميص كان لأنّ أعمارنا لا قيمة لها ما دمنا في هذا الثوب وأيامنا لا نشعر بها في عالمٍ عنوانه الطوفانُ .
إذا كان ابن سينا يرى أنّ النفس البشريّة هبطت من أعلى إلى أدنى بعد أن فقدت ثالوثها العلويّ , فإنّ منهل حسن أراد لهذه النّفس خلاصاً و انتقالاً من رابوعها السّفليّ إلى ثالوثها العلويّ.
يبدأ منهل حسن نصّه برسم الواقع الذي نعيشه وبجملتين تغنيان عن الكثير من الكلام " الأرض مؤتزرة بحزام ناسف \ والعمر فتيل مشتعل " . ثم ينتقل للتأكيد على اللاجدوى من كل ما يحصل " ثلاث لبوات شرهة تطارد سلحفاة" .ثم يشير إلى تداخل الحابل بالنابل وعدم قدرتنا على التمييز بين الخير والشرّ , بين الأبيض و الأسود , فالكثير ممّن تقنعوا بالأبيض جاءت أفعالهم تشي بغير ذلك , وكم من أقوال ظاهرها خيروباطنها الدمار والهلاك . !!!
وعلى كلّ حال هو يدرك ذلك جيداً فهم " الأبيض والأسود " أغربةُ تسعى لهلاكنا " غرابان أبيض وأسود ينقران طوق النجاة ". وبمقتضى قانون " كَرْمَى" أو " الكارما" وهو قانون الجزاء . قانون الفعل ورد الفعل . قانون ماتزرع تحصد . ورغم أنّ الشاعر لم يزرع بل زُرِعَ له كما زرع لنا لكن علينا جميعاً أنْ نحصد . ولهذا يعلن براءته من الإنسان بالنسخ أو المسخ أو الفسخ أو الرسخ . المهمّ بالنسبة له هو الخلاص من نوعٍ متعبٍ مهلكٍ هدفه القتل و الدّمار .
(والنسخ : يعني انتقال النفس البشرية إلى جسد آدمي . والمسخ انتقالها إلى حيوان , والرسخ أنتقالها إلى نبات , والفسخ انتقالها إلى جماد . وقد فضّل الثيوصوفيون تعبير العود للتجسّد بديلاً عن التقمّص . والكلمة العربيّة الأكثر تداولاً هي التقمّص .).
الكون كلُّه غاضبُ من كلّه . والكلّ يصارع الكلّ والكلّ يعلم أنْ لا حياة له إلاّ مع الكلّ . مفارقات عجيبة يعيشها إنساننا اليوم في هذا الكون الفسيح الضيّق . هنا قتلٌ وهناك دمارٌ . البعض يقتات على دماء البعض , البعضُ يَغْنَى حين يَفْنَى البعضُ الآخرُ . اختلطت المفاهيم حدّ التعب . ماعدنا نمايز بين الأبيض والأسود ... الكلّ يسارع لهلاكنا . أغضبنا كلّ ما من حولنا ... أغضبنا السماءَ بكفرنا , والأرضَ بعهرنا وهذا البحرُ يموج هو الآخرُ غضباً و يسلبنا ما تبقّى من أمان حولنا .
أُعلِنَ النفيرُفخرجت الهوامُ بسمِّها القاتل والزواحفُ ( إشارة إلى الإنسان )فكثر التلاطم والتّزاحم و التّخاصم ... الهلاك قادمٌ والجمعُ غفيرٌ , وسفينةُ النجاةِ تضجّ بالزّحام . و الناسُ منهم من يبحثُ عن قِمّةٍ وآخرون يبحثون عن قُمّةٍيقتاتون منها ما يسدّ الرمق ويمسك الحياة .
ها..... جرسُ البدء يُقرعُ , والزّحفُ يسيرُ بعيون سكنها الرُّعبُ لذا بدت كعيون الأسماك ... القبطان نوح يعلن قدوم الطوفان ... والناقوس يُقرع . الناسُ تأكلُ بعضها , وإن أرادت خلاصاً فعليها أن تتعلم كيف تكون كالجنّ أو كالضوء في سرعتها للخلاص من مآزق الحياة وألغامها . والأفضل هو الخلاص من الجلد الآدميّ ... الأفضل أن نهجر ناسوت الإنسان بأيّ قميص كان لأنّ أعمارنا لا قيمة لها ما دمنا في هذا الثوب وأيامنا لا نشعر بها في عالمٍ عنوانه الطوفانُ .
إذا كان ابن سينا يرى أنّ النفس البشريّة هبطت من أعلى إلى أدنى بعد أن فقدت ثالوثها العلويّ , فإنّ منهل حسن أراد لهذه النّفس خلاصاً و انتقالاً من رابوعها السّفليّ إلى ثالوثها العلويّ.
طوفان
............
............
الأرضُ مُؤتزرة
بحزامٍ ناسف
قنبلة
والعمر
فتيلةٌ مشتعلة
ثلاث لبوات شرهة
تطارد سلحفاة
غرابان
أبيض و أسود
ينقران
طوق النجاة
والمكان والزمان
ينذران بالطوفان
سماءٌ..كالحة
ينابيعُ غاضبة
والبحر يغزو بر الأمان
فحيح الريح..في الأذان
يُخرج الهوامّ والزواحف
تزاحم..تلاطم..تخاصم..
الجمع تائهٌ ..خائف
بين القمة واللقمة
يسيرون كسير النائم
عيونهم كعيون السمك
تيك..تك تيك..تك
يالها من لبوات شرهة
يُنذر الربان___ الطوفان.. الطوفان
والحمولة زائدة..حدّ التخمة
ناقوس الفُلك..يُقرع
والقلة القلة تسمع
تيك..تك تيك ..تك
لذا
توفيراً للوقت
بدأت. بدأت
بالتهامي
جلسنا اثنان
على كفتي ميزان
انا وظلي امامي
وعلى مائدة العشاء الأخير
أكلت لحمي
أوقدت النار في عظمي
ملأت جفني بحفنةٍ من ديدان
أكلت..أكلت حتى استقام
ضجرت تعبت
من أقدام السلحفاة
من مسارب الثعبان
لذا
عزمت الأمر قررت
وتوفيراً للوقت
أن أنسخ
أمسخ
أرسخ
أفسخ
أسلخ..قمصان الصلصال
وأهجر ناسوت الإنسان
فالأفضل الأفضل
بين النقطة والنقطة
أن أمشي بخط مستقيم
بين القمة والقمة
الأفضل أن أطير
بين متاهات الفخاخ والجدران
الأفضل أن أصير من عالم الجان
بين المطرقة والسندان
الأفضل أن أسير بسرعة الضوء
أن أُمسي سحاباً من دخان
وليكتب على شاهد رمسي
ولد بعام الجوع
مات بقيء وطمث الطوفان
عن عمر يناهز أيام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق